خاص هيئة علماء فلسطين

    

 دراسة أصولية تحليلية تطبيقية

الباحث: برهان مازاك جامعة قطر

المُلخَّص

يهدف هذا البحث إلى تحليل الأقوال التي استدلت بالقياس في بعض المسائل المعاصرة، ثم البحث عن مدى انطباقها مع الشروط والأركان التي يصح بها القياس، وكذا يهدف إلى بيان الأخطاء الواردة في أقوال العلماء المعاصرين التي تنتج من القياس الفاسد، وإلى كيفية معالجتها من خلال النظر إلى قوادح القياس. وذلك عن طريق الاستقراء بتوظيف المسائل الفقهية للوصول إلى مثبتها، وعن طريق توصيف المسائل وتحليلها بما يقرّب إلى ما يُسهِّل الاطلاع على المقارنة بين القياس الصحيح والقياس الفاسد. وخلص بعد عرض المسائل الفقهية المعاصرة إلى بعض النتائج التي تميز بين صحيح القياس من فاسده وإلى بعض الضوابط والركائز التي يتوجب التركيز عليها.

الكلمات المفتاحية: الاستدلال بالقياس، المسائل المعاصرة، العلة

المقدّمة

الحمد لله الذي وهبنا نعمة الإسلام، والصلاة والسلام على الدليل الهادي إلى سواء السبيل، محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه بإحسان، وبعد:

لا شك أن الحوادث والنوازل تتجدد يومًا بعد يوم، وكل أفعال المكلفين لها حكم في الشريعة الإسلامية إلى يوم القيامة، ونصوص الشريعة محصورة ومحدودة؛ فلذلك حصلت الضرورة على أن يكون القياس من الأدلة الشرعية حتى يقضي حاجات الناس.

ومع ظهور كثير من المستجدات والمحدثات في عصرنا، وزيادة حاجة الناس إلى معرفة الحكم الشرعي لها، أدى إلى أن يفتي بعض أهل العلم أو بعض المؤسسات الدينية في هذه المستجدات. والدليل الذي يستخدمه هؤلاء القوم في أغلب الأحيان هو القياس، وله الأركان المعلومة والشروط اللازمة التي تحتاج إلى الحساسية العالية والدقة المركّزة لتطبيقها تطبيقًا صحيحًا، وإشكالية البحث تنبع من هذا السياق على النحو الآتي: هل تتحقق مستلزمات القياس في الفتاوى المعاصرة؟  لأنّ من لم يراع هذه المستلزمات والمتطلبات فسيدخل إلى دائرة لا يضبطها ضابط، ولا يحكمها ميزان، ثم يبدأ بالفتوى على هواه لاكتساب تقدير الجماهير.

فلذلك أهمية البحث في نقطة تصل إلى صيانة الأمة من اتباع علماء السوء وتنبيهها على وقوع الحرام والشبهات، وهذا لأن الإفتاء له منزلة عظيمة، ويتوقف عليه معرفة الحلال والحرام. فلما كانت منزلتها عالية صارت التنبيهات والتوجيهات فيها في مثابة الفرض الكفائي بل هو نفسه.

رسم هذا البحث حدوده بتحليل بعض المسائل الفقهية المعاصرة التي استدل عليها بالقياس، ولن يخوض في تعريف الفتوى وشروطها وآثارها وشروط المفتي وإلخ …

وتشكل هذا البحث من مبحثين وخاتمة على النحو الآتي:

المبحث الأول: تعرض الباحث لتعريف القياس، وأركانه، وشروطه، مختصرًا وخاليًا عن الاختلافات العلمية العميقة؛ لأنها ليس من صلب البحث.

المبحث الثاني: تطرق إلى تطبيق مستلزمات القياس على مسائل فقهية معاصرة، وتحليل عناصر القياس،  ومدى نسبة الخطأ والصواب في هذه المسائل في ضوء المقررات التي وضعها علماء الأصول.

وأخيرًا الخاتمة، والتوصيات، واشتملت على أهم النتائج التي وصل إليها الباحث على حسب استقرائه وتتبعه واطّلاعه. نسأل الله أن ينفع به الجميع.

المبحث الأول: القياس في علم أصول الفقه

القياس هو المصدر الرابع من مصادر التشريع المتفق عليها، بعد كتاب الله، وسنة رسول الله، والإجماع. والعمل به من ضرورات التشريع، إذ إن الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة محصورة، وحوادث الحياة غير محصورة، فالنصوص الشرعية قاصرة عنها ولا تفي بها، فكان لا بد من مصادر أخرى يلجأ إليها المجتهدون في استنباطهم للأحكام، ولذلك جعل الله تعالى القياس هو هذا المصدر الذي تسد به الحاجة، وتستوفى به الأحكام. فهو من أوسع المصادر التشريعية فروعًا، وأكثرها تشعبًا، وأدقها مسلكًا، ولولاه لتوقفت حركة التشريع الإسلامي وجمدت، ولوقع الناس في الضيق والحرج، إذ يجدون أنفسهم أمام حوادث ولا أحكام لها، قال الإمام الجويني : “القياس مناط الاجتهاد وأصل الرأي، ومنه يتشعب الفقه وأساليب الشريعة، وهو المفضي إلى الاستقلال بتفاصيل أحكام الوقائع مع انتفاء الغاية والنهاية، فإن نصوص الكتاب والسنة محصورة [مقصورة]، ومواقع الإجماع معدودة مأثورة، فما ينقل منهما تواترًا فهو المستند إلى القطع وهو معوز قليل، وما ينقله الآحاد عن علماء العصور ينزل منزلة أخبار الآحاد، وهي على الجملة متناهية، ونحن نعلم قطعًا أن الوقائع التي يتوقع وقوعها لا نهاية لها”[1]. يؤكد الإمام الجويني على أهمية القياس في خلود الشريعة، ودوره في الإجابة على المسائل المستجدة، ومواكبة تطور الحياة، وأن من أحاط بالقياس علمًا فقد حصل على ملكة من ملكات الاجتهاد، وامتلك أداة من أدوات التفكير الراشد، والفقه الواعد.

المبحث الأول : القياس وأركانه وأنواعه:

المطلب الأول: تعريف القياس لغة واصطلاحًا

أولًا: تعريف القياس لغة: للقياس في اللغة معنيان رئيسان يدور حولهما معظم إطلاقاته، وهما:

1. التقدير: قال ابن منظور:” قاسَ الشَّيْءَ يَقيسُه قَيْسًا، وَقِيَاسًا، واقْتاسه، وقَيَّسه؛ إِذا قدَّره عَلَى مِثَالِهِ، فهنَّ كما جاء: بالأَيْدي مُقَيِّساته، … مُقَدِّرات ومُخَيّطاته”[2] وأيضًا قال الجرجاني:” القياس: في اللغة عبارة عن التقدير، يقال: قست النعل بالنعل، إذا قدرته وسويته، وهو عبارة عن رد الشيء إلى نظيره”[3].

2. المساواة: فقد استعمل الأصوليون القياس بهذا المعنى في كتبهم حيث جاء في كشف الأسرار “يُقَاسُ فُلَانٌ بِفُلَانٍ، وَلَا يُقَاسُ بِفُلَانٍ؛ أَيْ: يُسَاوِيهِ وَلَا يُسَاوِيهِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ: خَفْ بِإِلْحَاقِ كَرِيمٍ عَلَى عِرْضٍ يُدَنِّسُهُ … مَقَالُ كُلِّ سَفِيهٍ لَا يُقَاسُ لَكَا”[4].

ثانيًا: تعريف القياس اصطلاحًا: وردت في كتب الأصوليين تعريفات كثيرة للقياس ومنشأ اختلاف عبارات الأصوليين في تعريف القياس ينبع من اختلافهم في أن القياس هل هو دليل مستقل كالكتاب والسنة أو هو عمل من أعمال المجتهد فلا يتحقق إلا به؟

تعريف الفريق الأول: وهو “حمل معلوم على معلوم في إثبات حكم لهما أو نفيه عنهما بأمر جامع بينهما من إثبات حكم أو صفة أو نفيهما عنهما”[5].

تعريف الفريق الثاني: بأنه “مساواة محل لآخر في علة حكم له شرعي لا تدرك من نصه بمجرد فهم اللغة”[6].

من الصعب أن نرجح أحدهما على الآخر بسهولة؛ فتعريف الرازي يفضل على تعريف ابن الهمام بأنه لم يهمل دور المجتهد في عملية القياس، وبأن الاكتفاء في تعريف القياس بكونه دليلًا نصبه الشارع دون التعرض للدور الذي يقوم به المجتهد؛ تجميد للجهود التي يبذلها المجتهد، وتغاض عن المهمة التي كلف بها القائس، وأما تعريف ابن الهمام فيقوى على تعريف الرازي؛ لقلة الاعتراضات التي وجهت إليه.

المطلب الثاني: أركان القياس

أركان القياس أربعة: الأصل، والفرع، والعلة، والحكم، ولا يتحقق القياس إلا بتوفرها. وسنطرق إلى كل ركن من الأركان، وسنذكر الشروط ضمن الأركان مختصرة.

الركن الأول: الأصل (المقيس عليه): عرّفه الفقهاء بأنه: “محل الحكم المشبه به”[7]  وعرفه المتكلمون بأنه: “النص الدال على ثبوت الحكم في محل الوفاق، كخبر الواحد في تحريم الربا مثلًا.”[8] وإن النزاع في هذه المسألة لفظي يرجع إلى اللغة؛ فهي تجوز إطلاقه على ما ذكرنا في أعلى النص، ولا يكون القياس صحيحًا إلا بتوفر شروط لا بد من اعتبارها في الأصل[9].

الركن الثاني: الفرع (المقيس): الفرع هو المحل المشبه به [10]؛ أي: الذي يراد ثبوت حكم الأصل فيه على رأي جمهور الأصوليين. وقد ذكر الأصوليون للفرع شروطًا ومعظمها مفهوم؛ إما من شروط العلة، أو من شروط حكم الأصل[11].

  الركن الثالث: العلة، اختلف علماء الأصول فيها على أقوال كثيرة لا يسع المقام لسردها جميعًا؛ لذلك سنقصر كلامنا على ذكر واحد راجح عندي؛ لكونه أسلم التعريفات وأقربها إلى الصواب. وهو “إن العلة الوصف المعرف للحكم”[12]، والمراد بكونها وصفًا (وصفًا ظاهرًا منضبطًا مجاوزًا) معرفًا ما ينبني عليه الحكم ويثبت به[13].

الركن الرابع: حكم الأصل: والمراد بحكم الأصل؛ الحكم الشرعي الثابت في الأصل بنص أو إجماع، ويراد إثباته للفرع بوصف جامع معتبر شرعًا. وفي اصطلاح جمهور الأصوليين هو خطاب الله، المتعلق بأفعال المكلفين، بالاقتضاء، أو التخيير، أو الوضع”[14].

المطلب الثالث: أنواع القياس

ينقسم القياس من حيث الحكم الثابت في الفرع إلى ثلاثة أقسام[15]:

1-  القياس الأولوي: ويسمى القياس الجلي، وهو ما يكون الفرع فيه أولى من الأصل بالحكم؛ لوضوح العلة وظهورها فيه.

وذلك كتحريم الضرب للوالدين قياسًا على تحريم التأفيف؛ فإن الضرب -وهو الفرع- أولى بالتحريم من التأفيف، وهو الأصل، وذلك لكون الأذى الذي علل به حكم الأصل أشد ظهورًا في الفرع منه في الأصل.

2- القياس المساوي: وهو ما تكون العلة فيه متساوية الظهور في الفرع والأصل، وذلك كقياس إحراق مال اليتيم على أكله في التحريم بجامع: الإتلاف في كل منهما من غير وجه حق، ولذلك تساويا في الحكم ، ويسمى هذا القياس أيضًا بالقياس الجلي.

فالقياس الجلي ما كانت العلة فيه في الفرع أشد ظهورًا منها في الأصل، أو مساوية له في الظهور.

وكما يسمى بالقياس الجلي يسمى بالقياس في معنى الأصل.

3- القياس الأدون: وهو ما سوى هذين القسمين من الأقيسة التي شاع استعمال الفقهاء لها ، وهو ما كانت العلة فيه في الفرع أخفى منها في الأصل، أو احتمل عدم وجودها فيه، وذلك كقياس التفاح على البر في تحريم بيع بعضه ببعض متفاضلًا. فقد ثبت النص عن رسول الله في تحريم بيع البر بالبر إلا مثلًا بمثل، يدًا بيد، ثم قسنا عليه التفاح، فحرمنا بيع بعضه ببعض متفاضلًا بجامع الطعم في كل إذا عللنا به، إلا أن الطعم في البر أشد ظهورًا منه في التفاح وأولى .

ويحتمل أن تكون علة الأصل هي القوت، دون الطعم، وعند ذلك لا يكون حكم الربوية ثابتًا في التفاح على هذا التقدير.

ولذلك كان الحكم في الفرع أدون من الحكم في الأصل، لأدونية العلة.

المبحث الثاني: تحليل بعض المسائل المعاصرة التي استدل عليها بالقياس

كلما مر الزمان تحدُث للناس حوادث جديدة تستدعي الاجتهاد؛ لسدّ حاجاتهم؛ لأن الشريعة شاملة لجميع أنواع المصالح الدنيوية والأخروية؛ لأنها وضعت لمصالح العباد، وواضعها خالقهم أعلم بأحوالهم ومصالحهم كما جاء في الكتاب المبين {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14] لذلك؛ فإن الأحكام الشرعية تصلح لكل زمان ومكان، والذين يبلغون رسالة الله وحكمه في هذا الزمان هم العلماء والمفتون، وهم يوقعون حكم الشريعة نيابة عن الله عز وجل، وهؤلاء حينما نزلت النازلة ينظرون أولًا إلى النص؛ إن وجدوا فيه حلًا يفتون بحسب ما جاء به النص، وإن لم يجدوا يستنبطون ويجتهدون وفقًا لضوابط الشريعة وقواعدها الكلية، وأكثر ما استعمله الفقهاء في حل النازلة هو القياس، وكلام الإمام الشاطبي يؤكِّد ذلك المضمون حيث قال: “الوقائع في الوجود لا تنحصر؛ فلا يصح دخولها تحت الأدلة المنحصرة، ولذلك احتيج إلى فتح باب الاجتهاد من القياس وغيره، لا بد من حدوث وقائع لا تكون منصوصًا على حكمها، ولا يوجد للأولين فيها اجتهاد”[16]. وسنورد في هذا المبحث بعض المسائل الفقهية المعاصرة التي استدل عليها بالقياس، ودراستها في ضوء الأركان، والشروط التي وضعها الفقهاء لتحقيق القياس صحيحًا ونافذًا.

المطلب الأول: قياس نقل الدم على اللبن الناشر للحرمة

إن نقل الدم لم يكن معروفًا في أيام النبي صلى الله عليه وسلم، ولا في عهد السلف الصالح، ولذا لم يتحدث عنه الفقهاء المتقدمون، وإنما هو أمر من مستجدات الطب، وقد اتفق الفقهاء المعاصرون على جواز نقل الدم من شخص سليم إلى آخر مريض في بعض الحالات الضرورية، ولكنهم اختلفوا في نشره للحرمة، وإيجابه لحرمة المصاهرة، وفي هذه المسألة يوجد قولان متباينان:

القول الأول: ذهب جمهور العلماء من المعاصرين إلى أن نقل الدم لا يكون سببًا من أسباب نشر الحرمة، ولا يوجب المصاهرة، وصدرت الفتاوى من المجتمعات الفقهية واللجان الشرعية على وفق هذا القول[17]، وكذا قرّر ذلك المجمع الفقهي بإجماع أعضائه[18].

استدل أصحاب القول الأول بظاهر النص والسنة:

أولًا: أن الرضاع قد حرم بالنص الذي ورد فيه خاصة فقال الله تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: 23]، وانتقال الدم من شخص إلى آخر لا يسمى رضاعًا لغة ولا شرعًا ولا عرفًا[19].

ثانيًا: استدلوا من السنة بالحجامة، حيث كانت الحجامة منتشرة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ومن المعلوم أنه قد يدخل دم المحجوم إلى جوف الحاجم، خصوصًا إذا لوحظ أنه يوجد من يحجم في مجلس واحد في أكثر من موضع من جسمه، فلو كان دخوله فيه يوجب حرمة المصاهرة لبيّن النبي عليه الصلاة والسلام هذا الحكم فيه، وحذر الحاجم منه؛ لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة إليه لا يجوز، ولم ينقل عنه عليه الصلاة والسلام شيء من هذا القبيل مع أنه وارد قوي، فدل على عدم نشره للحرمة[20].

القول الثاني: ذهب بعض المعاصرين إلى أن نقل الدم من شخص إلى آخر ينشر الحرمة، ومنع ابتداء الزوجية بينهما، أو بقائها إذا كان بين الزوجين[21]، وقد سئل الدكتور محمد مروس المدرس الأعظمي العراقي عن هذه المسألة، فأجاب ما يدل على أنه من المائلين إلى نشر الدم للحرمة، فقال ما نصه: “ما لم تكن المحرمية قائمة قبلًا بولادة من أبوة أو بنوة؟؟! فإن الشك يراودنا في حصولها بسبب نقل الدم، بل قد يزداد الشك إذا تزوج المتبرع أو المتبرعة.. من المتبرع له أو لها. أو ابنة أحدهما..، أو ابن الآخر.. أو بين الابنين دمويين…إلخ”[22]. وعمدتهم في هذا القول هو القياس، فقاسوا نقل الدم على الرضاع بقياس الشبه فهو الوصف الشبهي الجامع فيه أن لكل من اللبن والدم تأثيرًا في تكوين الخلايا ونموها؛ حيث إن اختلاط دم إنسان مع إنسان آخر يفعل في الجسم نفس فعل دمه الأصلي في التغذية والنمو ودوام الحياة، فإذًا نستطيع تشبيه الدم بالحليب بقياس الشبه (لأن الفرع يلحق بالأصل بجامع يشبهه فيه)[23]، فكلاهما يدخل في الجسم وهو حال فيه، فتقلب جزء منه لا يمكن تفرقته[24]، يعني القول “بحرمة دموية أشبه بالحرمة الرضاعية” أمر واضح، إذا كان الدم من المعلوم للمعلوم حيًا أو ميتًا، وهذا لا يبعد عن ظواهر النصوص وحكمة التشريع التي هي مظنة العلة.

       ولا بد لمناقشة صحة هذا القياس والتأكد من وجود علة الحرمة بالرضاع في الدم من استعراض أقوال الفقهاء في تعليل تحريم الزواج بالرضاع، ثم مقارنة ذلك المعنى مع ما ذكروه في الدم من الأوصاف، وقد تحدّث الفقهاء عن علة تحريم الزواج بالرضاع في معرض كلامهم عن تعليل حكم السعوط باللبن، هل هو محرم للزواج كالرضاع أم أن حكمه يختلف عنه لفقد علة الرضاع؟ وسأعرض هنا بعض النصوص من كتبهم لنتمكن من المقارنة:

قال الكاساني: “ويستوي في تحرم الرضاع الارتضاع من الثدي والإسعاط والإيجار؛ لأن المؤثر في التحريم هو حصول الغذاء باللبن، وإنبات اللحم، وإنشاز العظم، وسد المجاعة؛ لأن به يتحقق الجزئية، وذلك يحصل بالإسعاط”[25].

ويقول صاحب المغني في معرض تعليله للتحريم بالسعوط: “لأن هذا؛ أي السعوط يصل به اللبن إلى حيث يصل بالارتضاع، ويحصل به من إنبات اللحم وإنشاز العظم ما يحصل من الارتضاع، فيجب أن يساويه في التحريم”[26].

ويلاحظ في هذه النصوص كلها أن معتمد القوم في تعليل ثبوت المحرمية بالرضاع هو حصول التغذي باللبن، وكون اللبن ينبت اللحم وينشز العظم، وألحقوا الإسعاط بالارتضاع من الثدي؛ لوجود العلة نفسها فيه.

تحليل القياس:

وإذا فرّقنا قياسهم إلى عناصره فيكون الأمر كالآتي:

الأصل: الرضاع، والفرع: نقل الدم، وحكم الأصل: ثبوت الحرمة بالنقل، والعلة: وجود التغذية.  وبالنظر إلى هذه العناصر يمكننا القول:

  1. {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ…إلخ} [النساء: 23]، ثم حرمت الآية بعدها المتزوجات من النساء، وهي قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 24]، وجاء في الآية الأخيرة قوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: 24] فحصرت الآية تحريم النكاح في ثلاثة أشياء لا يتعدى إلى غيرها، وهي: النسب، والمصاهرة، والرضاع، وأحلت ما عدا تلك الأشياء الثلاثة، وعلى ذاك يكون أي قياس من شأنه تعدية الحرمة إلى غير ما ذكر من الأسباب الثلاثة مخالفًا لنص الآية؛ لعدم دخوله فيما ذكر، ولكون النص واردًا على الرضاعة دون غيره.

الرضاع مما لا مجال للاجتهاد فيه؛ لأنه من المقدرات، فأشبه الأمر التعبدي، فلهذا لا يصح القياس عليه.

  • [27]، وههنا العلة موجودة في الفرع، لأن الدم مغذٍّ كاللبن، حيث إن الدم “يحمل المواد الغذائية الأولية التي تمتصها الأمعاء إلى الخلايا المختلفة لاستعمالها في إنتاج الطاقة اللازمة لنشاط الجسم”[28]. ولكن هنا يوجد فرق دقيق، وهو أن صفة التغذية مختلفة فيهما؛ لأن اللبن شراب معتاد يحتوي المواد الغذائية، أما الدم فليس بشراب يشرب معتادًا، وحينما خرج من جسم الناس يُعدّ من النجاسة، وهذا يدل على أن الدم لا يعد شرابًا عرفًا مع أنه يحتوي المواد المغذية.

الترجيح:

                بعد استعراض أدلة الرأيين، ومناقشة قياس القائلين بثبوت الحرمة بالدم أرجح أن قياس نقل الدم على الرضاع في إثبات المحرمية بين الناقل والمنقول إليه قياس فاسد، وذلك لما أورده الجمهور عليه من القوادح القوية من الفروق والنقض، ولعدم مساواة علة الفرع لعلة الأصل في عينها مهما حاول القائسون إثبات الاشتراك بينهما، لأنه من المعلوم طبيًا أن حليب الأم لا يحل محله أي شيء من المغذيات في تكوين جسم الرضيع وتقوية خلاياه، والصبي الذي أكمل المرحلة المعينة للارتضاع يكون أقوى من غيره من الأولاد المحرومين من لبن الأم كليًا أو جزئيًا، والقياس الذي افترقت فيه علة الفرع عن علة الأصل يسمى قياسًا مع الفارق. وإذا كان إعطاء اللبن عن طريق الحقن لا يتحقق فيه معنى الإرضاع، ومن باب أولى أن لا يتحقق في الدم المحقون معنى الرضاع؛ لأن إعطاء اللبن إلى أحد عن طريق الحقن أقرب إلى معنى الرضاع من نقل الدم إليه؛ لكون المعطى شيئًا واحدًا، وإنما اختلفت طريقة الإعطاء، أما الدم فالمختلف فيه هو المادة، فيكون تأثيره في الفرق أكثر.

        المطلب الثاني: قياس وضع اللولب في الرحم على العزل

يمكن للمرأة أن تحمل إذا وصل المني للرجل إلى إحدى بيوضها (البويضة)، وتحاول وسائل منع الحمل لمنع ذلك من خلال الحفاظ على البويضة وعلى المني متباعدة بعضها عن بعض، أو من خلال إيقاف إنتاج البويضات. إحدى وسائل منع الحمل هي اللولب (IUD)[29] (الذي يسمى أحيانا لفيفة).

مسألة وضع اللولب نوقشت بين العلماء المعاصرين، ومنهم من ذهب إلى جوازه، ومنهم من ذهب إلى عدم جوازه إلا في حال الضرورة الشديدة، وقبل سرد أقوال العلماء في هذه المسألة لا بد أن نبين حكم الأصل (وهو العزل)، والأصل في العزل هو الإباحة بشرط رضاء الزوجة وإلا  فهو مكروه[30].

اختلف العلماء في مسألة وضع اللولب في الرحم على قولين:

القول الأول: لا يجوز إلا في الضرورة الشديدة، وهو قول ابن باز[31] ، والشيخ أبو عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس[32].

استدل أصحاب القول الأول:

1- بالنصوص القرآنية حيث وَرَدَتِ النصوصُ القرآنية مبيِّنةً أنَّ كثرةَ نسلِ الأمَّةِ سببٌ لعِزَّتها وقوَّتها حيثُ امتنَّ اللهُ عزَّ وجلَّ على بني إسرائيل بذلك فقال: {وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا } [الإسراء: 6]، وقال تعالى ـ فيما قَالَه شعيبٌ عليه السلام لقومِهِ: {وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ} [الأعراف: 86] ولا يُعْدَلُ عن هذا الأصلِ المقاصدِيِّ إلَّا عند تَعذُّرِ تحصيله لوجودِ مسوِّغٍ شرعيٍّ.

2- بنص الحديث حيث حض النبي صلى الله عليه وسلم على تكثير سواد المسلمين فقال:” تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم”[33].

3- بالمصلحة الشرعية حيث إن تنظيمَ النسلِ والتباعدَ بين الولاداتِ بَلْهَ تحديد النسل أمرٌ ينافي مَقاصِدَ الشريعة مِن تكثيرِ النسل وعمارةِ الأرضِ وتكثيرِ سَوادِ المسلمين[34].

القول الثاني: يجوز برضا كل من الزوجين فلا مانع منه. وهو قول أ. د. أحمد الحجي الكردي[35] (خبير في الموسوعة الفقهية، وعضو هيئة الإفتاء في دولة الكويت)، وهكذا ورد في موقع (إسلام ويب)[36].

واستدل أصحاب القول الثاني:

1- بقوله تعالى {وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا} [الكهف: 80]، وجاء في تفسير ابن كثير “أي يحملهما حبه على متابعته في الكفر، قال قتادة: قد فرح به أبواه حين ولد، وحزنا عليه حين قتل، ولو بقي لكان فيه هلاكهما، فليرض امرؤ بقضاء الله فإن قضاء الله للمؤمن فيما يكره خير له من قضائه فيما يحب”[37].

دل ذلك على أن مصلحة الوالدين مقدمة على مصلحة الأولاد، ولا يؤثر على هذا الاستدلال كونه شرع من قبلنا؛ لأنه شرع لنا، فيما لم ينسخه شرعنا على الراجح في علم الأصول.

2- بالقياس على العزل[38]، والراجح في العزل هو الجواز.

3- بالمعقول: إذا تضرر الأصل بمصلحة الفرع، وجب تقديم مصلحة الأصل على الفرع، ومقرر في الأصول: إذا عاد الفرع على الأصل بالإبطال؛ فالفرع يكون باطلًا.

تحليل الاستدلال بالقياس:

وإذا فرّقنا قياسهم إلى عناصره فيكون الأمر كالآتي:

الأصل: العزل. والفرع: وضع اللولب في الرحم. والحكم: الجواز. والعلة: تنظيم النسل، ودفع الضرر عن الأسرة.

نظرًا إلى هذه العناصر يمكننا القول:

1- إن الأصل في هذه المسألة منصوص عليه[39]، وغير متفرع عن أصل آخر، وحكمه الذي شرع قبل ظهور اللولب ثابت غير منسوخ، ولا إشكال في شروط الأصل.

2- إن حكم الفرع غير منصوص عليه بداية، وإذا نظرنا إلى علته، فهي مطابقة ومساوية لعلة الأصل التي هي تنظيم النسل.

3- العلة تنظيم النسل: وهي تدخل تحت أحد أعظم مقاصد الشريعة ألا وهو حفظ النسب، وذلك مثلًا: قد يفكر الأبوان في عدم إنجاب الأطفال، بالنظر إلى أن مستوى المجتمع منخفض من الناحية الأخلاقية والاقتصادية. فإذًا العلة ثبتت بالمعنى الإجمالي، وهي أيضًا ظاهرة منضبطة.

4- لم نجد خللًا في شروط القياس، فتكون النتيجة أن يعطى الفرع نفس حكم الأصل، وهو الجواز مع الكراهة لما يترتب عليه من المحاذير الشرعية والأمور الجانبية المؤذية للمرأة.

المطلب الثالث: قياس عقد التأمين التجاري على نظام العاقلة

التأمين التجاري: ويقال عنه أيضًا التأمين ذو القسط الثابت، وهو التأمين الذي تقوم به شركات التأمين المعاصرة وفق عقد تبرمه الشركة مع الأفراد وتتعهد بموجبه بضمان الخطر المبين في العقد الذي يتعرض له المؤمّن له بأن يدفع له مبلغًا من المال، أو إيرادًا مرتبًا أو أي عوض مالي آخر في مقابل قيامه بدفع قسط دوري ثابت محدد في عقد التأمين، فإن لم يقع الحادث فقد المؤمن حقه في الأقساط، وصارت حقا للمؤمِّن[40].

وعقد التأمين نظام حديث لم يكن معروفًا عند الفقهاء المتقدمين، ونقل إلينا من الغرب مع ما نُقل من قوانين وأنظمة، ولما انتشر في العصر الحديث تناوله العلماء المعاصرون بالكتابة والتأصيل، واختلفوا فيه بين محرّم ومجوز على ثلاثة أقوال:

القول الأول: ذهب عدد كبير من العلماء المعاصرين إلى عدم جواز عقد التأمين التجاري[41].

واستدلوا على ذلك بما يأتي من السنة والمعقول:

أولًا: اشتماله على غرر: الغرر ما طوى عنك علمه، خفي عليك باطنه وسره، وهو تردّد بين أمرين أغلبهما أخوفهما[42]، وعقد التأمين من عقود الغرر، وهي العقود الاحتمالية المرددة بين وجود المعقود عليه وعدمه؛ لأنّه مشتمل على غرر فاحش بشكل ظاهر لا يجادل فيه عاقل، كما أنه من عقود المعاوضة؛ لانعقاده بين عاقدين يأخذان مقابلًا لما يدفعان، والغرر يفسد عقود المعاوضة؛ لكونه منهيًا عنه، والأصل في النهي عن الغرر حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: “نهى رسول الله عن بيع الحصاة، وعن بيع الغرر”[43].

                والغرر الموجود في التأمين التجاري غرر كبير فاحش؛ لأنه يتعلق بحصول العوض ومقداره؛ لأن مبلغ التأمين الذي وقع العقد عليه قد يحصل عليه المستأمن وقد لا يحصل؛ لأنه لا يعلم هل سيقع الخطر المبين في العقد أو لا يقع؟ ويقع الغرر في مقدار العوضين؛ لأن المستأمن يجهل مقدار ما سيأخذ، والشركة تجهل مقدار مجموع الأقساط، فهو إذًا عقد على مجهول القدر، كما يتضمن عقد التأمين الغرر في الجهل بأجل العقد، وذلك لأن محل عقد التأمين -وهو الخطر المبين في العقد -لا يعلم متى سيقع على فرض وقوعه لاحقًا، وذلك كما في التأمين العمري، حيث تلتزم الشركة بدفع  مبلغ التأمين عند وفاة المستأمن، وهو أجل بمجهول[44].

ثانيًا: تضمنه للربا بنوعيه: وجه ذاك أن حقيقة عقد التأمين التجاري بيع نقد بنقد، حيث يتفق المستأمن مع شركة التأمين على أن يدفع قسط التأمين مقابل أن يأخذ عوض التأمين عند حدوث الضرر، ومبلغ التأمين المتعاقد عليه لا يخلو في الغالب من أن يكون أقل أو أكثر مما دفعه المؤمن له، وفي هذه الحالة يتحقق ربا الفضل لعدم تساوي البدلين، وكذا ربا النسيئة لتأخر أحد البدلين عن مجلس العقد، وإن كان المبلغ مساويًا له -وهذا قليل جدًا -يتحقق ربا النسيئة فقط؛ لعدم قبض أحد البدلين في المجلس، وهذا؛ لأن عقود التأمين لا تخرج عن الصرف، إذ هي بيع نقد بنقد كما هو واضح من تعريفه، وعقد الصرف يشترط فيه التقابض مطلقًا سوء اتحد الجنس أو اختلف[45].

ثالثًا: تضمنه للميسر والقمار: إن عقد التأمين التجاري يتضمن القمار والميسر، بل هو نوع منهما، وقد حرم القمار والميسر في الإسلام، ووجه تضمنه للقمار والميسر: أن عقد التأمين معلق على خطر محتمل الوقوع، حيث ليس بإمكان أحد من المستأمن والمؤمن أن يعرف إن كان سيحصل على العوض أم لا؛ لأن تحصيله متوقف على حدوث خطر، وهو بهذا المعنى يشبه الميسر والقمار؛ لأن المقامر لا يستطيع أن يحدد هل سيحصل له العوض أو لا يحصل، إذ حصوله على العوض متوقف على كسب اللعب، وهو احتمالي كما أن حصول العوض في عقد التأمين احتمالي، فأشار الشيخ محمد بخيت المطيعى إلى هذا التشابه بينهما قائلًا: “عقد التأمين عقد فاسد شرعًا، وذلك لأنه معلق على الخطر، تارة يقع، وتارة لا يقع، وهو قمار معنى”[46].

والخلاصة أن عقد التأمين مشتمل على الغرر، والربا، والقمار، فكيف لا يكون محرمًا وقد اجتمعت فيه كل هذه الأمور؟

القول الثاني: ذهب فريق من العلماء المعاصرين إلى أن عقد التأمين التجاري عقد صحيح[47].

واستدلوا لما ذهبوا إليه بما يأتي من المنقول والقياس:

الأول: إن الآيات والأحاديث حثت على التعاون والتكافل في المجتمع الإسلامي، فقال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2]، وقال رسول الله عليه الصلاة والسلام: “مَثلُ المؤمنينَ في تَوادِّهم، وتَعاطُفِهم، وتَراحُمِهم، مَثلُ الجَسدِ، إذا اشتَكى منه عُضوٌ تَداعى سائرُ الجَسدِ بالسَّهرِ والحُمَّى”[48].

وجه الاستدلال بهما: أن الآية والحديث أفادتا أنه يجب التعاون والتكافل والتضامن بين أفراد المجتمع المسلم، وجميع صور عقد التأمين حققت الصورة المثلى من صور التعاون على البر والتقوى، فيجوز التعامل به، كما أنه عقد جديد لم يتناوله نص شرعي، ولا يوجد في أصول الشريعة ما يمنع جوازه، والأصل في العقود هو الإباحة[49].

دليلهم الثاني: القياس: وهو عمدتهم في جوازه، قالوا: إن في أحكام الشريعة من العقود ما يصلح أن يكون مستندًا قياسيًا لصحته، فقاسوه على أشياء مختلفة من الفقه الإسلامي، قاسوه على نظام العاقلة، وعلى المضاربة، وعلى الجعالة، وعلى ولاء الموالاة، وعلى ضمان خطر الطريق، إلا أنني لن أقف عند كل من هذه الأقيسة مراعاة لضيق المقام، فسأكتفي بدراسة قياسهم عقد التأمين على نظام العاقلة ومناقشته؛ لكون ذلك أهم قياس عندهم فنقول:

تطلق العاقلة على الجماعة التي تغرم الدية، وهم عشيرة الرجل أو أهل ديوانه؛ أي: الذين يرتزقون من ديوان على حدة، أو الموظفون في دائرة واحدة[50].

ويقصد بنظام العاقلة أنّه إذا جنى أحد جناية قتل غير عمد بحيث يكون موجبها الأصلي الدية لا القصاص، فإن دية المقتول توزع على أفراد عاقلة القاتل الذين يحصل بينه وبينهم تناصر عادة، وهم الرجال البالغون من أهله وعشيرته، وكل من يتناصر بهم، فتقسط الدية عليهم في ثلاث سنين، فتهدف الحكمة فيه إلى غايتين:

الأولى: تخفيف أثر المصيبة عن الجاني المخطئ، الثانية: صيانة دماء ضحايا الخطأ عن أن تذهب هدرًا؛ لأن الجاني المخطئ قد يكون فقيرًا لا يستطيع التأدية، فتضيع الدية. وقد اتفق الفقهاء على مشروعية نظام العاقلة في القتل الخطأ[51].

أمّا قياس عقد التأمين على نظام العاقلة فيقول الشيخ الزرقا في تقرير ذلك: “إن نظام العواقل في الإسلام أصله عادة حسنة قائمة قبل الإسلام في توزيع المصيبة المالية… وقد أقر الشرع الفكرة؛ لما فيها من مصلحة مزدوجة، جعلها إلزامية في جناية القتل؛ لأن فيها مسئولية متعدية بسبب التناصر، وذلك بعد إخراج حالة العمد منها… فما المانع من أن يفتح باب لتنظيم هذا التعاون على ترميم الكوارث المالية وجعله ملزمًا بطريق التعاقد والإرادة الحرة كما جعله الشرع إلزاميا دون تعاقد في نظام العواقل؟”[52].

فيكون وجه الشبه والجامع بين عقد التأمين ونظام العاقلة على ما فهم من النص المذكور هو التعاون على تحمل المسئولية المالية، وتخفيف أثر المصيبة عن المصاب عن طريق توزيع العبء المالي على الآخرين وجعله إلزاميًا كما جعله الشرع ملزمًا في نظام العاقلة، والمصلحة التي يراها الشرع الإسلامي في نظام العاقلة يمكن تطبيقها على نطاق واسع بطريق التعاقد أو المعاوضة التي يدفع فيها القليل لصيانة الكثير، وسنحلل هذا الاستدلال بعدما أن نبيّن القول الثالث.

القول الثالث: ذهب فريق آخر من العلماء المعاصرين إلى التفريق بين أنواع التأمين؛ فأجازوا بعض أنواعه كالتأمين على الأموال، ولم يجيزوا بعضها الآخر كالتأمين على الحياة، ومنهم من توسع في صور الجواز، ومنهم من ضيق فيها[53].

استدل هؤلاء لجواز التأمين على الأموال ببعض ما استدل به المجيزون للتأمين التجاري مطلقًا من كونه من باب التعاون والوفاء بالعقود، وكون الأصل في العقود الإباحة، واستدلوا لتحريم التأمين على الحياة ببعض ما استدل به المانعون للتأمين التجاري مطلقًا من كونه قمارًا ونوعًا من بيوع الغرر، ومتضمنًا للربا بنوعيه[54].

تحليل الاستدلال بالقياس:

وإذا فرّقنا قياسهم إلى عناصره فيكون الأمر كالآتي:

الأصل: نظام العاقلة، والفرع: نظام التأمين التجاري، وحكم الأصل: مشروعية نظام العاقلة في قتل الخطأ، والعلة: هي التعاون على تحمل المسؤولية المالية، وتخفيف أثر المصيبة عن المصاب عن طريق توزيع العبء المالي على الآخرين بجعله إلزاميًا كما جعله الشرع ملزمًا في نظام العاقلة.

1. عند تدقيق النظر في وجود هذه العلة في الأصل، نرى أنه تعليل صحيح بالنسبة إلى الأصل؛ لأن نظام العاقلة يقوم على التناصر والبر بين أفراد العائلة، ولا ترجع العاقلة فيه على الجاني بشيء، ولا تأخذ منه عوضًا، أما بالنسبة للفرع فلا نجد هذه العلة متحققة فيه؛ لأن عقد التأمين مبني على التجارة والمعاوضة، ويسعى إلى تحقيق الأرباح للمساهمين، وليس الهدف منه سوى استغلال الشركة للمتعاملين معها، ولا يمت إلى التعاون الذي جعلوه مناطًا للحكم في الأصل بأي صلة.

2. إن بين نظام التأمين، ونظام العاقلة عدة فروق أساسية في جوهرهما يتعذر معها إلحاق أحدهما بالآخر، ومن أهم تلك الفروق ما يأتي:

* إن العاقلة أسرة يربطها الدم، وتربطها الرحم الموصولة، وأما نظام التأمين فلا يُربط الأطراف فيه بشيء سوى التعاقد القائم على المنفعة والاستغلال.

* إن القدر الذي يتحمله الفرد من أفراد العاقلة يختلف باختلاف الأحوال المادية لهم، فلا تتحمل العاقلة ما يجحف بها، أما في عقد التأمين فالمقدر على الشركة يؤخذ حتمًا إذا وقع الخطر سواء كانت غنية أو فقيرة.

3. بعد تحليل موجز لهذا القياس: يمكننا القول بأن هذا القياس فاسد الاعتبار لمخالفته للنصوص الصحيحة الناهية عن بيع الغرر، والغرر والمخاطرة في عقود التأمين من الأمور الواضحة، وكذا بأن عدم وجود علة حكم الأصل في الفرع قادح قوي يكفي وحده لإفساد القياس، وقد تكون فكرة التعاون في نوعي التأمين التعاوني والتبادلي صحيحة، أما التأمين التجاري فخرج عن هدف التأمين، ودخل إلى دائرة التعاون والتكافل بين أفراد المجتمع.

4. إن وجوب الدية على العاقلة مما يمتنع ثبوته بالقياس من الأحكام، وذلك لكونه غير معقول المعنى، واختصاصه بالعاقلة؛ إذ الأصل في الشريعة أن كل مكلف مسؤول عما كسبته يداه، وما خالف القياس فغيره عليه لا يقاس.

بيان القول الراجح:

بعد استعراض أدلة كلا الطرفين ومناقشة قياس عقد التأمين على نظام العاقلة أرى أن الرأي الراجح هو ما ذهب إليه أصحاب القول الأول من عدم جواز عقد التأمين التجاري بجميع صوره، وذلك لقوة أدلتهم، ولفساد قياس المجيزين له مطلقًا لقوة الاعتراضات الواردة عليه، والخلاصة كما يأتي:

أولًا: إن هذا القياس فاسد الاعتبار لمخالفته للنصوص البارزة الناهية عن بيع الغرر، والغرر والمخاطرة في عقود التأمين من الأمور الواضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، بل إن الغرر فيها أظهر وأبين من بعض العقود التي نهي عنها لتضمّنها غررًا، مثل بيع الحصاة، وبيع اللبن في الضرع، والطير في السماء وغيرها، كما أن مخالفته للنصوص الناهية عن الربا بنوعيه، وعن الميسر والقمار، وبيع الدين بالدين مما تقدم ذكرها ظاهرة جدًا بحيث لا يسع أحدًا إنكاره، وفيما استعرضناه من أدلة المانعين منه مطلقًا من النصوص، ووجه استدلاهم بها ما يغنينا عن إطالة القول هنا.

ثانيًا: ما أوردوا عليه من عدم وجود علة حكم الأصل في الفرع قادح قوي يكفي وحده لإفساد القياس، وقد تكون فكرة التعاون في نوعي التأمين التعاون والتبادلي صحيحة، أما التأمين التجاري فخرج عن هدف التأمين، وهو التعاون والتكافل بين أفراد المجتمع، ولو سلمنا بوجود علة الأصل في الفرع نوعًا ما تمشيًا مع قول القائسين بأن عقد التأمين فيه تعاون أيضًا على تخفيف المصيبة في بعض فروعه نقول لهم: إن هذا لا يكفى لصحة القياس، لأن من شروط صحته مساواة علة الفرع لعلة الأصل، ومن أوتي الفقه والفهم الثاقب يلاحظ أن التعاون الموجود في نظام العاقلة يختلف اختلافًا بارزًا عن التعاون المزعوم في عقد التأمين على التسليم بوجوده فيه، لكونه هو الهدف الأساسي من تشريع نظام العاقلة، بينما الهدف الأساسي في عقد التأمين هو التجارة وكسب الأرباح، أما التعاون فيه فلن يكون له وجود إلا في هامش الأهداف.

ثالثا: ما ذهب إليه كثير من الأصوليين من أن وجوب الدية على العاقلة بما يمتنع ثبوته بالقياس من الأحكام، وذلك لكونه غير معقول المعنى، واختصاصه بالعاقلة، إذ الأصل في الشريعة أن كل مكلف مسؤول عما كسبته يداه، وهو الذي يتحمل نتيجة أخطائه، ولا يؤاخذ غيره بفعل ارتكبه هو كما دل على ذلك قوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164]، ووجوب الدية على العاقلة مخالف لهذه القاعدة العامة؛ لأن فيه تحميل المكلف نتيجة ما لم يباشره هو من الفعل، وما خالف القياس فغيره عليه لا يقاس.

الخاتمة

          أهم النتائج التي توصل إليها البحث:

1. إن القياس هو الذي يكفل للشريعة الإسلامية مرونتها وكفاءتها لمواكبة المستجدات، ويحقق للشريعة الشمول والبقاء في حكم الحياة، وبه يتنزه الفقه الإسلامي من الاتصاف بالجمود، وهو من أهم ما تتحقق به عالمية هذه الشريعة المتمثلة في كونها صالحة لكل زمان ومكان.

2. أهم نقطة ينبغي النظر فيها أثناء التحقيق، هي البحث عن المطابقة بين الفهم المتبادل للشروط التي وضعها العلماء المتقدمون وبين عناصر القياس للنوازل بعد فصل العناصر.

3. المسائل التي نوقشت في هذه الدراسة، كانت بمثابة تطبيق شروط القياس عليها ومدى صحة تسمية المسألة قياسية.

4. أما المسألة الأولى (قياس نقل الدم على اللبن الناشر للحرمة) فوصلنا إلى أنه قياس فاسد؛ لأن العلة ليست جامعة بين الفرع والأصل.

5. أما المسألة الثانية (قياس وضع اللولب في الرحم على العزل) فوصلنا إلى صحة إعطاء الفرع نفس حكم الأصل وهو الجواز مع الكراهة؛ لتحقق شروط القياس.

6. أما المسألة الثالثة (قياس عقد التأمين التجاري على نظام العاقلة) فوصلنا إلى فساد هذا القياس.

قائمة المصادر والمراجع

المراجع باللغات الأجنبية:

1.http://www.alifta.net/Fatawa/FatawaChapters.aspx?View=Page&PageID=315&PageNo=1&BookID=16

 2. Shuster، Carl N (2004). “Chapter 11: A blue blood: the circulatory system”. In Shuster, Carl Jr؛ Barlow, Robert B؛ Brockmann, H. Jane. The American Horseshoe Crab. دار نشر جامعة هارفارد. صفحات 276–77. ISBN 0-674-01159-7. مؤرشف من الأصل في 24 يناير 2020

3. http://www.nhs.uk/Conditions/contraception-guide/Pages/iud-coil.aspx

4. https://binbaz.org.sa/fatwas/22193

5. http://www.aslein.net/showthread.php?t=5492

6. https://www.islamweb.net/ar/fatwa/22784/


[1] عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن محمد الجويني، أبو المعالي، ركن الدين، الملقب بإمام الحرمين، البرهان في أصول الفقه، تحقيق: صلاح بن محمد بن عويضة، (دار الكتب العلمية، ط1، 1418 هـ – 1997 م) ج2 ص3.

[2] محمد بن مكرم بن على، أبو الفضل، جمال الدين ابن منظور الأنصاري الرويفعى الإفريقي، لسان العرب، (دار صادر، ط3، 1414 هـ) ج6 ص187.

[3] علي بن محمد بن علي الزين الشريف الجرجاني، كتاب التعريفات، تحقيق: ضبطه وصححه جماعة من العلماء بإشراف الناشر (دار الكتب العلمية، ط1، 1403هـ -1983م) ص181

[4] عبد العزيز بن أحمد بن محمد، علاء الدين البخاري الحنفي، كشف الأسرار شرح أصول البزدوي، (دار كتب الإسلامية، د.ط، د.ت) ج3 ص267.

[5] أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي الملقب بفخر الدين الرازي، المحصول، تحقيق: الدكتور طه جابر فياض العلواني، (مؤسسة الرسالة، ط3، 1418 هـ -1997 م) 5/5 .

[6] أبو عبد الله، شمس الدين محمد بن محمد بن محمد المعروف بابن أمير حاج، ويقال له: ابن الموقت الحنفي، التقرير والتحبير على تحرير ابن الهمام، (دار الكتب العلمية، ط2، 1403هـ – 1983م) ج3 ص117

[7] أمير بادشاه، تيسير التحرير، ج3 ص275.

[8] الزركشي، البحر المحيط، ج7 ص95.

[9] اختلف نهج الأصوليين في دراسة تلك الشروط. وسنتبع لنهج عامة الأصوليين علمًا بأن جميع تلك الشروط ليس بمسلم بها لدى الأصوليين كلهم، فمنها ما اتفقوا في القول بها، ومنها ما اختلفوا فيها، وسنذكر ما اتفقوا عليه احترازًا عن الإسهاب في الكلام؛ أن يكون الحكم ثابتًا في الأصل وغير منسوخ : يشترط في الأصل أن يكون حكمه الذي قصد تعديته إلى الفرع ثابتًا ومستمرًا في الأصل، وألا يكون الأصل فرعًا لأصل آخر: يشترط في الأصل أن يكون حكمه ثابتًا بالنص أو الإجماع، لا بالقياس، وأن يكون حكم الأصل حكمًا شرعيًا: يشترط في حكم الأصل أن يكون حكمًا شرعيًا عمليًا قد ثبت بكتاب أو سنة أو إجماع؛ لأن الغرض من القياس الشرعي إنما هو بيان الحكم الشرعي، وألا يكون معدولًا به عن سنن القياس: يشترط أن لا يكون حكم الأصل مستثنى عن قاعدة القياس المستمرة، وأن يكون حكم الأصل متفقًا عليه؛ لأن حكم الأصل لو كان ممنوعًا عند الخصم لاحتاج القائس إلى إثباته عن توجه المنع عليه، فينتشر الكلام، فيفوت المقصود، ينظر: أبو المظفر، منصور بن محمد بن عبد الجبار ابن أحمد المروزى السمعاني التميمي الحنفي ثم الشافعي، قواطع الأدلة في الأصول، تحقيق: محمد حسن محمد حسن إسماعيل الشافعي، (دار الكتب العلمية، ط1، 1418هـ، 1999م) ج2 ص114، وأبو حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي، المستصفى، تحقيق: محمد عبد السلام عبد الشافي، (دار الكتب العلمية، ط1، 1413هـ – 1993م) ص324 ، والطوفي، شرح مختصر الروضة، ج3 ص303.

[10] تقي الدين أبو البقاء محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن علي الفتوحي المعروف بابن النجار الحنبلي، شرح الكوكب المنير، تحقيق: محمد الزحيلي ونزيه حماد، ( مكتبة العبيكان، ط2، 1418هـ – 1997 مـ)ج4 ص15.

[11] هناك عدة شروط للمقيس، ومنها :كون العلة الموجودة في الفرع مثل علة الأصل: يشترط أن تكون هذه المثلية من غير تفاوت لا في الماهية ولا في القدر، ومنها: كون حكم الفرع مساويًا لحكم الأصل فيما يقصد من عين أو جنس؛ أي: لا يفترقان في عين الحكم ولا فيجنسه، ومنها: خلو الفرع عن المعارض الراجح أو المساوي لعلة الأصل؛ أي: يشترط لثبوت الحكم في الفرع أن لا يوجد في الفرع وصف معارض لعلة الأصل يقتضي ما اقتضته علة الأصل، ومنها أن لا يقوم دليل قاطع من كتاب أو إجماع على خلافه: يشترط لحكم الفرع أن يكون خاليًا عن نص من كتاب أو إجماع يصادم حكم القياس أو ينافيه، ينظر: الآمدي، الإحكام في أصول الأحكام، ج3 ص250، ابن النجار، شرح الكوكب المنير،ج4 ص15.

[12] الآمدي، الإحكام في أصول الأحكام، ج1 ص128.

[13] ولا بد من أن توفر العلة بعض الشروط ليصح بها القياس، ومنها: (أن تكون باعثة)؛ أي: أن تكون مناسبة: يشترط أن تكون العلة مشتملة على حكمة قصدها الشارع من تشريعه الحكم، ومنها: أن تكون العلة مطردة بمعنى أنه لا يتخلف الحكم عند وجود العلة بل كلما وُجدت العلة وُجد الحكم، ومنها: أن تكون ظاهرة جلية لا خفاء فيها، ومنها: أن يكون وصفًا ضابطًا لحكمه: يشترط أن يكون الوصف الذي نعلل به الحكم وصفًا منضبطًا في نفسه؛ أي يستوي بالنسبة لجميع الأفراد، ومنها: أن تكون العلة متعدية يعني ما يمكن وجودها في الأصل والفرع، ومنها: ألا تعود العلة على أصلها بالإبطال؛ أي: يشترط في صحة العلة أن لا تعود إلى أصلها الذي استنبطت منه بالإبطال، ومن المعلوم أن ذلك لا يكون إلا في الأصل، ينظر: سعد بن ناصر بن عبد العزيز أبو حبيب الشثري، شرح مختصر الروضة في أصول الفقه، (د.ط، د.م، د.ت) ص809، الزركشي، البحر المحيط في أصول الفقه، ج7 ص171، مظفر الدين أحمد بن علي بن الساعاتي، بديع النظام (أو: نهاية الوصول إلى علم الأصول)، تحقيق: سعد بن غرير بن مهدي السلمي (جامعة أم القرى، د.ط، 1405 هـ – 1985 م)ج2 ص580.

[14] الطوفي، شرح مختصر الروضة، ج1 ص254.

[15] المروزى، منصور بن محمد- قواطع الأدلة في الأصول، 2/126، العطار- حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع، دار الكتب العلمية بيروت، بدون تاريخ الطبعة، 2/266، النملة، عبد الكريم- المهذب في علم أصول الفقه، مكتبة الرشد-ط1، 1999م، 4/1924-1925.

[16] إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي الشهير بالشاطبي، الموافقات، تحقيق: أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان، (دار ابن عفان،1ط،1417هـ/ 1997م) ج5 ص39.

[17] ينظر: صقر: عطية، موسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام، (القاهرة: مكتبة وهبة، ط2، 2006م) ج1 ص419.

[18] وعليه أكثر جمهور المعاصرين، المجمع الفقهي التابع لرابطة علماء المسلمين في دورته الحادية عشرة منعقدة بمكة المكرمة:

http://www.alifta.net/Fatawa/FatawaChapters.aspx?View=Page&PageID=315&PageNo=1&B

[19] صقر، موسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام، ج1 ص419.

[20] المرجع السابق.

[21] المرجع السابق.

[22] محمد: عصمة الله عنايت الله، الانتفاع بأجزاء الآدمي  في الفقه الإسلامي، (جامعة ام القرى – كلية الشريعة، ط1، 1987م) ص197.

[23]الغزالي، المستصفى، ص316

[24] ينظر: الأعظمي، محمد محروس الأعظمي، ظهور الفضل والمنة في بعض المسائل المستحدثة في نقل الأعضاء وعلم الأجنة، ص38 ،1421ه- م2000

[25] الكاساني، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، ج5 ص93.

[26] ابن قدامة، المغني،ج11 ص313.

[27] انظر: صفحة 15

[28] Shuster، Carl N (2004). “Chapter 11: A blue blood: the circulatory system”. In Shuster, Carl Jr؛ Barlow, Robert B؛ Brockmann, H. Jane. The American Horseshoe Crab. دار نشر  جامعة هارفارد. صفحات 276–77. ISBN 0-674-01159-7. مؤرشف من الأصل في 24 يناير 2020

[29] اللولب (IUD) (جهاز داخل الرحم، أو لفيفة) هو جهاز صغير على شكل حرف T مصنوع من البلاستيك والنحاس والذي يتم تركيبه في الرحم لمنع الحمل. وهو فعال بنسبة أكبر من 99٪. (المرجع: http://www.nhs.uk/Conditions/contraception-guide/Pages/iud-coil.aspx) 2015-01-15.

[30] ينظر: الكاساني، بدائع الصنائع، ج3 ص614، وشمس الدين محمد بن أبي العباس أحمد بن حمزة شهاب الدين الرملي، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، (دار الفكر، ط3، 1404هـ/1984م)ج7 ص113، أبو محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة الجماعيلي المقدسي ثم الدمشقي الحنبلي، الشهير بابن قدامة المقدسي، المغني، ( مكتبة القاهرة، د.ط، د.ت)ج7 ص298، أبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد القرطبي، البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة، تحقيق: د محمد حجي وآخرون (دار الغرب الإسلامي، ط2، 1408 هـ – 1988 م) ج18 ص151.

1https://binbaz.org.sa/fatwas/27365

[32] الفتوى رقم: ١٠٢٢، الصنف: فتاوى الأسرة – عقد الزواج – الحقوق الزوجية، الجزائر في: ٨ جمادى الثانية ١٤٣٠ﻫ،https://ferkous.com/home/?q=fatwa-1022

[33] أخرجه أبو داود في “النكاح” باب النهي عن تزويجِ مَن لم يَلِدْ مِن النساء (٢٠٥٠) مِن حديث مَعْقِل بن يسارٍ رضي الله عنه. وأخرجه أحمد (١٣٥٦٩) مِن حديث أنس بن مالكٍ رضي الله عنه بلفظ: “تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ، إِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الأَنْبِيَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ”. والحديث صحَّحه العراقيُّ في “تخريج الإحياء” (٢/ ٥٣)، وابن حجرٍ في “فتح الباري” (٩/ ١٣)، والألبانيُّ في “الإرواء” (٦/ ١٩٥) رقم: (١٧٨٤).

[34] https://ferkous.com/home/?q=fatwa-1022

[35] http://www.aslein.net/showthread.php?t=5492

[36] https://www.islamweb.net/ar/fatwa/22784/

[37] الصابوني: محمد علي، مختصر تفسير ابن كثير، (دار القرآن الكريم، بيروت – لبنان، ط7، 1981م) ج2 ص431.

[38] يوسف حسن نجلاء عبد الباسط عبد الله، وسائل منع الحمل حقيقتها، وحكمها، وآثارها، (مجلة العلوم الإسلامية العدد(23)، السنة (7)،pdf) ص45.

[39] سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العزل، فقال: “لا عليكم أن لا تفعلوا، فإنه ليس من نسمة قضى الله لها أن تكون، إلا هي كائنة”، وابن ماجة أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني، وماجة اسم أبيه يزيد، سنن ابن ماجه، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، (دار إحياء الكتب العربية) أخرجه ابن ماجه في كتاب النكاح في باب العزل، رقم الحديث: 1926، صححه الألباني، حكم حسين سليم أسد : إسناده صحيح.

[40] انظر: الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، ج5 ص107.

[41] وعلى رأسهم الشيخ محمد بخيت مفتي الديار المصرية سابقًا، والشيخ محمد أبو زهرة، والدكتور وهبة الزحيلي، والشيخ الشنقيطي وسائر كبار العلماء، وهو ما عليه مجمع الفقه الإسلامي. ينظر لأقوالهم: محمد الأمين الضرير، الغرر في العقود وآثاره في التطبيقات المعاصرة، ص50، ومجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد:2 ص384.

[42] انظر في تعريفه: ابن نجيم، تبيين الحقائق،ج4 ص80.

[43] أخرجه مسلم (1513)، وأبو داود (3376)، والترمذي (1230) واللفظ له، والنسائي (4518)، وابن ماجه (2194)، وأحمد (7411)، خلاصة حكم الحديث: صحيح.

[44] انظر: الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته،ج5 ص109.

[45] انظر: السالوس: علي أحمد، الاقتصاد الإسلامي والقضايا الفقهية المعاصرة، (بيروت-مؤسسة الريان، ط1، 1998م) ص477

[46] جاء هذا الكلام في رسالة “السوكرتاه” للشيخ التي كتبها للإجابة على ما سمعه في ذلك، انظر قوله في المعاملات المالية المعاصرة، ص103.

[47] ومن هؤلاء الشيخ عبد الوهاب خلاف، والشيخ علي خفيف، والأستاذ محمد الزرقاء إلخ… ينظر: مصطفى أحمد الزرقا، نظام التأمين حقيقته والرأي الشرعي فيه، (مؤسسة الرسالة/بيروت،ط1، 1404ه) ص27.

[48] أخرجه البخاري (6011)، ومسلم (2586) باختلاف يسير، وأحمد (18380) واللفظ له، خلاصة حكم الحديث : إسناده صحيح على شرط الشيخين.

[49] عمر بن عبد العزيز المترك، الربا والمعاملات المصرفية في نظر الشريعة الإسلامية، (بيروت-دار العاصمة، ط2، 2009م) ص407.

[50] الجصاص: أحمد بن علي أبو بكر الرازي الجصاص الحنفي، شرح مختصر الطحاوي، (دار البشائر الإسلامية – ودار السراج، ط1، 2010م) ج5 ص413.

[51] انظر في حكمه: ابن عابدين، رد المحتار، ج6 ص640، الشربيني، نهاية المحتاج، ج7 ص369، الدسوقي، حاشية الدسوقي،ج4 ص281، البهوتي، كشاف القناع، ج5 ص512.

[52] مصطفى أحمد الزرقاء، نظام التأمين حقيقته والرأي الشرعي فيه، (مؤسسة الرسالة/بيروت، ط1، 1404ه) ص60-61 بتصرف يسير.

[53] ومنهم الشيخ محمد بن الحسن الحجوي الفاسي، والأستاذ أحمد طه السنوسي، والشيخ بعد الله بن زايد آل محمود إلخ… ينظر: عيسى عبده، العقود الشرعية الحاكمة للمعاملات المالية، (دار الاعتصام، ط1، م1977) ص138.

[54] المرجع السابق.