فلسطين في الكتاب والسنة

    
الشيخ الدكتور عبد الغني التميمي رئيس هيئة علماء فلسطين

المقدم: عمر الجيوسي.

تاريخ الحلقة: 3/12/2009.

 اليوتيوب:

المقدم: أعزائي المشاهدين سلام من الله عليكم, هي أرض الأنبياء المباركة وأرض معجزة الإسراء والمعراج وقبلة المسلمين الأولى وهي الآن قضية القضايا والجرح الأعمق وهي دائماً مسرح الحضارات وبوابة النصر ومؤشر العدل والسلام، فلسطين تاريخ ونبوات فكر ورجال فقه وتأصيلات شرعية، أعزائي هيا نؤمن بقضيتنا ساعة, إلى هنا ولا أبعد فالكل مدعوون, مشاهدينا الكرام يسرنا أن نتناول موضوع فلسطين في النص الشرعي وفي الواقع المفتوح على المستقبل، وللحلقة الأولى من برنامجكم الجديد فقه القضية وهي بعنوان فلسطين في الكتاب والسنة

أما ضيفنا اليوم فقد جمع الدراية الشرعية والموهبة الشعرية الشيخ الدكتور عبد الغني التميمي رئيس هيئة علماء فلسطين في الخارج أهلاً بك سيدي

الضيف: حياكم الله

المقدم: بداية ورد في القرآن الكريم أسماء مدن أومناطق مثل سبأ مصر مدين الأحقاف إلى آخره وبكة هل ورد ما يشير إلى فلسطين

الضيف: الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين، أما بعد

فإنني ابتداءاً يشرفني أن أتكلم في هذه القضية وفي جوانب فقهية من هذه القضية بالذات، هذه القضية المحورية المركزية وهي قضية الأمة وأم القضايا وهي الجرح الدائم والمزمن لهذه الأمة الجرح الذي في الجبين بل الجرح الذي في الفؤاد لهذه الأمة، قضية فلسطين، أما السؤال الذي تفضلتم به دكتور عمر فلا شك أن فلسطين جاء ذكرها مجملاً في القرآن الكريم في أكثر من خمسة مواضع أو ستة مواضع في كتاب الله سبحانه وتعالى وأشار إليها بأوصافها، أوصافها الجليلة، وأوصافها الكريمة، فمثلاً في سورة الأعراف بقوله تعالى: (وَأَوْرَثْنَا القَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا) آية 137

فهي أرض بارك الله تعالى فيها على خلاف عند بعض المفسرين على أنها فلسطين أو مصر حتى لا نجزم أو نقطع بأمر في هذا الجانب في سورة الإسراء في مستهل السورة كما نحفظ ويحفظ المسلمون: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى المسْجِدِ الْأَقْصَا الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَه) آية 1

أي باركناه، وباركنا حوله، نعم، أيضاً ذكر البركة هنا، أيضاً في سورة الأنبياء ذكرت في موضعين: (وَنَجَّينَاهُ وَلُوطاً إِلَى اْلأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالمَينَ) آية 71  للعالمين، وهذا يشعرنا أن البركة ليست خاصة بأهلها فقط بل إن بركتها تعم العالمين سواء ممن نزلوا فيها أو ممن تنالهم البركة من أهلها، وهذا الحقيقة يعطي أهلها دورا كبيراً في إيصال هذه البركة

المقدم: ونحن سنتناول هذه البركة إن شاء الله

الضيف: نعم نعم أيضاً في سورة الأنبياء في ذكر سليمان عليه السلام

المقدم: عليه السلام

الضيف: قال الله تعالى عن الريح: (تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الِّتِي بَارَكْنَا فِيهَا) آية 81  باركنا فيها، وفي سورة سبأ: (وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قَرىً ظَاهِرةً) آية18

المقدم: تركيز على البركة

الضيف: إي نعم جعل بين قرى اليمن وقرى سبأ (مملكة سبأ) وبين بلاد الشام وفلسطين أي متقاربة بحيث لا يحتاج المسافر ما بين هذين الموقعين إلى زاد

المقدم: حتى بالتوزيع الجغرافي لا يوجد ما يحجز اليمن عن الجزيرة عن فلسطين

الضيف: نعم حتى التوزيع الجغرافي، أيضاً في سورة المائدة يقول الله سبحانه وتعالى عن موسى عليه السلام قال لقومه: (يَا قَوْمِ ادْخُلُواْ الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ)آية21 وهنا ذكرت بوصف القداسة يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة هنا ذكرت بوصف القداسة نعم

المقدم: ونعلم أيضاً أن موسى عليه السلام تمنى أن يموت قريباً من فلسطين

الضيف: هذا ذكر في صحيح البخاري أنها كانت أمنية لدى النبي الكريم كليم الله موسى عليه السلام وهو أحد أولي العزم من الرسل كانت أمنية عنده أن يدنى من الأرض المقدسة قدر رمية حجر، ولعل الله سبحانه وتعالى استجاب دعاءه حيث إن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (لو كنت ثم لأريتكم قبره عند الكثيب الأحمر) نعم فالأوصاف التي ذكرت في هذه البلاد المباركة

المقدم: ممكن أن نلخص هذه الأوصاف دكتور

الضيف: نعم والحقيقة أود أن أقول بأن بعض هذه الأوصاف تشترك فيها بلاد الشام أيضاً فهذه البركة وهذه القداسة أيضاً تعم منطقة بلاد الشام فالأوصاف

المقدم: وهل فلسطين السبب في هذه البركة لكل هذه المنطقة

الضيف: فلسطين هي المركز وهي شامة الشام كما يقال وهي أساس فيوضات هذه البركة وذلك لكثرة الأنبياء الذين بعثوا في هذه الأرض المباركة فعندنا الأوصاف، الأرض المباركة، التي باركنا فيها للعالمين، الأرض المقدسة، القرى التي باركنا فيها، فمحور البركة والقداسة في الحقيقة تعدد في وصف فلسطين وهنا أحب أن ألفت النظر إلى أن مكة على فضلها وهي أفضل البقاع لكن ذكرت مكة بلفظ البركة مرة واحدة، وهذا اللافت للنظر في حين أن فلسطين ذكرت بلفظ البركة، وتعددت فيها هذه البركة عدة مرات تصل إلى خمس أو ست مرات، السر في ذلك والله أعلم ليس لأن فلسطين أفضل من مكة ولكن تعدد البركة بتعدد الرسالات فالقرآن الكريم يشير بأن الرسالة الخاتمة في مكة بينما رسالات سابقة كانت متعددة تمثل هذه موجودة أين, في فلسطين، ففلسطين كانت مسرحاً لهذه الرسالات ومهداً لهذه الرسالات العظيمة وهذه البركات فيما بعد التي استتبعت هذا الخير العميم

المقدم: طيب دكتور ممكن نوضح للجمهور ما المقصود بالبركة وما مجالات هذه البركة ؟

الضيف: نعم الحقيقة أن هناك منها ما هو حسي ومنها ما هو معنوي، وقد أشار المفسرون والعلماء إلى الأمرين، إلى الأمر الحسي أي بركة بالثمار, بركة في الأشجار بركة في الأنهار بركة في الحيوان, بركة في الإنسان, بركة في يعني هذه الأشياء والمنتوجات المختلفة، ثم البركة في حقيقة هذه الأرض لأنها أرض النبوة هنا بركة حسية تتعلق ببركة المنتوجات والثمار والحبوب والأنهار والمياه حتى اعتدال الهواء واعتدال الجو وما إلى ذلك ثم بركة معنوية تتعلق

المقدم: عفواً في البركة الحسية هل المقصود أيضاً في سورة التين والزيتون هو ذكر شيء من هذا بالتخصيص في بلاد الشام

الضيف: نعم أحسنت، أشار القرآن الكريم إلى هذا التين والزيتون هذا يشير إلى أرض الشام وأرض فلسطين التي هي منبت هذه الشجرة وشجرة تخرج من طور سيناء

المقدم: وطور سنين أيضاً وهذا البلد الأمين، مكة، يعني

الضيف: نعم هذا البلد مكة نعم وأشار إلى الديانات

المقدم: نعم هذه البركة الحسية أما المعنوية

الضيف: المعنوية فهي التي أشرنا إلى أنها معدن الأنبياء، هي محراب ذكريا عليه السلام، ومحراب يحيى، ومهد المسيح، ومسرى المصطفى صلى الله عليه وسلم، وهي مهد للرسالات، رسالات متعددة

المقدم: وربما مركز الطائفة المنصورة

الضيف: وفيما بعد، نعم، ستكون من الأرض التي يثبت عليها الطائفة المنصورة، ويثبت عليها ملاحم من أجل الإسلام, فهذه البركة حقيقة تتمثل في كونها، لذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية (لا يحصى كم من الأنبياء والصحابة والصالحين دفنوا في أرض فلسطين) عاشوا على ظهرها ودفنوا في بطنها

المقدم: وهل حركة سيدنا إبراهيم من العراق إلى فلسطين وحركة الأنبياء جميعاً باتجاه فلسطين يشير إلى ذلك أيضاً

الضيف: يشير إلى ذلك، لذلك سميت مهاجر إبراهيم عليه السلام، ومحراب زكريا ويحيى، ومهد المسيح، ومسرى المصطفى صلى الله عليه وسلم، فهي ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بأعظم الرسالات، وبمعظم الرسالات في هذه الأرض

المقدم: إذاً هذا الاستدراج والتدرج في الموضوع يجعلنا ننتقل بموضوع الأنبياء إلى كيف ينظر اليهود إلى يهود بني إسرائيل؟ فهم يعتقدون أن لهم حقاً دينياً، وحقاً تاريخياً، طالما أن سليمان وداود والكثير من الأنبياء من أبناء يعقوب بعثوا إلى بني إسرائيل فهل هذا يعطيهم الحق في الادعاء أن هذه الأرض لهم

الضيف: لربما يأتي الكلام على هذا، وهو أولاً أن اليهود لا يعتقدون بنبوة داود، ولا بنبوة سليمان عليهما السلام، بل يعتقدون أنهم من ملوك بني إسرائيل وليس من أنبياء بني إسرائيل، بل إنهم يعتقدون أن داود عليه السلام من الملوك الفاسدين، وسليمان كذلك، وأكبر دليل على هذا أن داود بزعمهم هذا بين قوسين، هو دبر مؤامرة لقائده قائد الجيش (أوريا) حتى يبعثه في مقدمة الجيش ليموت ويقتل من أجل ماذا؟, من أجل أن يتزوج بزوجته من أجل أن يأخذ زوجته، ودبر له هذه المؤامرة وكان السبب أن داود عليه السلام، طبعاً كل هذا بزعمهم هم، وهم يفترون على الله، ويفترون على رسله، بزعمهم أنه صعد إلى السطح فوجد امرأة أوريا تستحم على السطح فأخذه جمالها وبهره جمالها، فخطط، وقاتلهم الله على هذا التحقير لداود عليه السلام، الذي يقول الرسول صلى الله عليه وسلم فيه بأن أفضل القيام قيام داود وأفضل الصيام صيام داود، أعبد الناس كان، وحتى إنه كان عندما يقرأ الزبور يسبح ويهلل، تسبح معه الجبال، الجبال تردد معه، لجمال صوته، وشدة خشوعه، وتأوبه إلى الله سبحانه وتعالى

المقدم: دكتور، هم إجمالاً أصلاً بنظرتهم لله عز وجل ينظرون أن للكون إلهين: إلهاً خاصاً ببني يهود اسمه يهوه، وهو باطش ظالم جبار، حسب ما يزعمون، فإذا كانت هذه نظرتهم للإله فهم لا يحترمون التوراة أصلاً، كل ما ينظرون إليه أقوال الحاخامات، وأراك تستخدم لفظة يهود، والله أعلم، في استخدامات القرآن بدأت بتاريخ معين كان يطلق عليهم لفظة بني إسرائيل وبعد انحرافهم وتحريفهم صار يطلق عليهم يهود، هل هذا صحيح

الضيف: صحيح وفيما بعد صهاينة، والصهيونية تمثل القومية اليهودية، وتمثل حقيقةً خليطاً من الإنجيلين وبعض اليهود

المقدم: الصهيونية المسيحية

الضيف: بعض اليهود المتصهينين والإنجيليين، فلا شك أنهم لا صلة لهم بالأنبياء، أنبياء بني إسرائيل ولا بإسرائيل عليه السلام الذي هو يعقوب نفسه، ولذلك من الأخطاء التي من المفروض أن تمحى من ألسنة المسلمين أن نصف إسرائيل، أنها إسرائيل، أو أن هذه الدولة المسخ، أن نصفها أنها إسرائيل، فهي ليس لها هذا الشرف، شرف الانتماء إلى يعقوب عليه الصلاة والسلام، والشاهد من هذا أنهم لا يتورعون لا عن انتقاص الذات الإلهية ولا عن انتقاص الأنبياء بل ليس انتقاص الأنبياء وحسب, قتل الأنبياء يقتلون الأنبياء بغير حق

المقدم: نعم، دكتور إجمالاً هم ينظرون بفخر أن الله عز وجل بعث لهم كثرة من الأنبياء، يعجبني قول الشعراوي (إن المريض الميؤوس من حالته يجتمع له مهرة وكثرة من الأطباء)، وبالطبع هذا ليس مدحاً لهم، إجمالاً، نستأذنك في فاصل

المقدم :أهلاً بكم من جديد أعزائي المشاهدين ضيفنا اليوم الدكتور عبد الغني التميمي رئيس هيئة علماء فلسطين, دكتور قبل الفاصل تناولنا آيات، ودلالات هذه الآيات في تأصيل ورود فلسطين في القرآن الكريم، وصفاتها وأوصاف البركة والقداسة وغيرها، الآن في مشهد مهيب في أعظم مشهد في التاريخ وهو المكان الوحيد الذي اجتمع فيه الأنبياء والمرسلون، وكان هذا الاجتماع، تحديداً في بيت المقدس، ماذا تستنبط وكيف تشاهد هذا المشهد؟

الضيف: الحقيقة كما تفضلت لا يكاد الإنسان يستطيع أن يصف مدى الهيبة والعظمة التي تحف هذا المكان، وقد أم فيه المصطفى صلى الله عليه وسلم، سيد ولد آدم، وقد أم فيه الصفوة المختارة من عباد الله سبحانه وتعالى، فصلى بالأنبياء جميعاً إماماً في بيت المقدس، أو في المسجد الأقصى، وهذا ثابت في الحديث، وهذا في الحقيقة مما تنفرد به أرض فلسطين

المقدم: حتى عن مكة المكرمة

الضيف: حتى عن مكة، فقد شرفها الله تعالى، عن مكة وعن المدينة المنورة، فإن فلسطين لها خصائص تخصها بعينها ومن هذه الخصائص، أنه ما اجتمع الأنبياء والرسل، لنبينا صلى الله عليه وسلم، في مكان، في غير هذا المكان، الذي هو بيت المقدس من أرض فلسطين المباركة، فهذا ولا شك خصيصة تجعلها تحتل مكانة عظيمة ومكانة عالية وكبيرة في نفوس المسلمين، لأنها المكان الوحيد الذي صلى به الرسول صلى الله عليه وسلم إماماً بجميع الأنبياء, أي فخر وأي شرف أعظم من هذا

المقدم: هذا من زاويتنا هل يمكن أن نشاهد كيف، أو تتوقع، أن يكون النصارى ينظرون لهذا المشهد طالما أنه أيضاً قريب من الأماكن التي تخص ميلاد عيسى عليه السلام

الضيف: لا شك أن النبوات والرسالات هي في الأصل تخرج من مشكاة واحدة، والدعوة إلى جميع الديانات أهل الكتاب وغيرهم إلى أن يؤمنوا برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، لأنه هو خاتم الأنبياء والمرسلين، وكان صلى الله عليه وسلم، يجل جميع الأنبياء ويذكر جميع الأنبياء بالخير ويقول (لا تطروني)، ويقول (لا ينبغي لعبد أن يقول أنا خير من يونس بن متى)، ويقول: (لا تفضلوني على الأنبياء)

المقدم: رحم الله أخي عيسى

الضيف: رحم الله أخي عيسى، ورحم الله موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر، فهو صلى الله عليه وسلم كان يجل جميع الأنبياء، بل إن الله تعالى قد أمره (فبهداهم اقتده) فهو على الخطى

المقدم: طيب، دكتور لو ركزنا على مشهد المحراب في المشهد الذي ذكرته، الرسول صلى الله عليه وسلم يؤم الأنبياء، جميع الأنبياء والمرسلين، هل هذا يعطي الأحقية للرسول صلى الله عليه وسلم وأمته ومن يتبع من أهل الكتاب هذا النبي

الضيف: لا شك إذا لم يعن هذا في المشهد، فماذا يعني في الدرجة الأولى، يعني هذه الحقيقة وهي أن الأمة أصبحت هي أمة القيادة والريادة وأن هذه الرسالة الخاتمة، هي الخاتمة والمهيمنة على جميع الرسالات، وجميع الأمم، فالقيادة انتقلت من بني إسرائيل إلى أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ولهذا الله عز وجل يكرر هذا ويؤكد هذا بقوله: ( كنتم خير أمة أخرجت للناس) فمشهد صلاته صلى الله عليه وسلم بجميع الأنبياء

المقدم: صلى الله عليه وسلم

الضيف: معنى ذلك أن القيادة انتقلت إلى هذه الأمة, الأمة المتأخرة في الوجود والمتقدمة في الفضل، ثم يشعر أيضاً بأن هذه المقدسات وحدة واحدة، كما نقدس مكة ونقدس المدينة نقدس القدس، ولا انفصال بين هذه وهذه، فهذا ربط عقدي بين هذه المقدسات التي هي مقدسات الأمة ربط القرآن بين البيت والأقصى رباطاً أبدياً لم يكن ذاك خياراً عربياً لم يكن ذاك شعاراً مستعاراً أجنبياً، كل من فرق بين البيت والأقصى فقد كذب القرآن أو خان النبي صلى الله عليه وسلم

المقدم: إذاً نحن في المقدمة، ما ظلمنا عندما قلنا من أهل الدراية الشرعية والهواية الشعرية، على كلّ، دكتور، ننتقل إلى موضوع، أن هذه المنطقة أرض فلسطين هي أرض المحشر والمنشر، ما معنى المحشر؟ وما معنى المنشر؟ ما دلالة ذلك؟ إذا تكرمت

الضيف: نعم المحشر أرض الحشر، والمنشر الأرض التي ينشر منها العباد ويبعثون، والحقيقة فيما يتعلق بأرض المحشر والمنشر، جاء في القرآن الكريم إشارة لهذا في بداية سورة الحشر، وسميت سورة الحشر، وأن الله سبحانه وتعالى أخرج بني النضير من ديارهم لأول الحشر: (هُوَ الّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوْا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الحَشْرِ) آية2

فأول الحشر هنا، بعض العلماء، يقولون إن أول الحشر وهو حشرهم الأول كان في خيبر، ثم الحشر الثاني في فلسطين، أي التجمع الكبير سيكون في أرض فلسطين، وبعضهم يقول إن حشرهم الأول في فلسطين، لكن الحشر الآخر، هو في الآخرة يحشر لجميع الناس

المقدم: دكتور عفواً, هل الحشر يرتبط بالحديث في نفس المشهد (لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود) الكلام عن المعركة الفاصلة في كتب النصارى، وكتب اليهود، وكتب المسلمين، هل هذا الحديث يفهم منه أن نحن نستريح، إلى أن ننتصر، وهو وعد من الرسول صلى الله عليه وسلم، وهل هذه جدلية أصلاً بين العلماء، هل حدث مثل ذلك ؟

الضيف: لا شك يعني، أنه في الحقيقة نسمع مثل هذه الآراء، وأنا شخصياً، ناقشني عدد من الناس، يحملون مثل هذا الفكر وهو فكر غريب وفكر عجيب أن يفكر به إنسان مسلم

 المقدم: ماذا يعتقدون

الضيف: أن يحمل إنسان مسلم مثل هذا، يعتقدون بأنه طالما أن اليهود سيقتلون وأن الحجر والشجر سينتصر للمسلمين، وما شابه ذلك، ما في داعي أن نجاهد وما في داعي أن نعد، وأن نهيئ أنفسنا لقتال أعداء الله، أو تحرير أرضنا، أو إخراج أعدائنا من الأرض التي اغتصبوها, وهذا فكر في غاية السقم مع الأسف، يعني، لو كان هذا الفكر فيه شيء من الصحة لأبطلنا الجهاد ولم يكن للجهاد أي معنى، ما له داعي

المقدم: وهو يناقض حديث الرسول

الضيف: لأن الله تعالى يقول: {ليظْهِرَهُ عَلَى الدِينِ كُلِهِ}

المقدم: ويناقض حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي)

الضيف: ويناقض الأحاديث، ويناقض القرآن الكريم، يعني لو الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو يعلم أن هذا الدين سينتشر وأن هذا الدين سيظهر، على الدين كله، ولو كره الكافرون، لماذا يعد ولماذا يجهز, ولماذا يقتل أصحابه في بدر وفي أحد وفي غيرها؟ يعني في الحقيقة فكر لا يستحق أن يرد عليه لكنه، مع الأسف, يحمله بعض الناس في دعوة إلى القعود، وفي دعوة إلى نوع من الهزيمة الداخلية والإحباط، وما شابه ذلك، لا أحد يقول مثل هذا، وفيه نوع من العلم والعقل، أن نترك الجهاد لأن الله عز وجل سيظهر الإسلام، وسيظهر الدين، وسيظهره بالرجال

المقدم: نعم

الضيف: وليس بسحر بكلمة سحرية, سيظهر الدين بالرجال، والدماء، ويحمله رجال ويضحون من أجله ويقاتلون

المقدم: هؤلاء الرجال يبدو في الحديث نفسه لهم شرطان حتى يقول المسلم

الضيف حتى يقول الشجر والحجر يا مسلم يا عبد الله

المقدم: يا مسلم يا عبد الله، شرطان، طيب نرجع إلى هذين الشرطين بعد فاصل قصير، أعزائي الكرام فاصل قصير ونعود بإذن الله

المقدم: أهلاً بكم من جديد، ما زلنا مع الدكتور عبد الغني التميمي رئيس هيئة علماء فلسطين، وما زلنا في موضوع الحديث النبوي، في موضوع الرسول صلى الله عليه وسلم وانتقال الرسول الكريم إلى الرفيق الأعلى، هل من تسليط الضوء على دور الصحابة وبعض من جاء بعد الصحابة في موضوع اهتمامهم بمركزية هذه المنطقة وبخصوصيتها

الضيف: لا شك، دكتور عمر والإخوة والأخوات المشاهدين والمشاهدات، منذ الحدث الذي أشرنا إليه، وهو صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم في المسجد الأقصى، أو في بيت المقدس، هذا إشارة واضحة وجلية للأمة أن تتخذ هذا مقدساً من مقدساتها، وتجعله مقدساً من مقدساتها وتفتديه بأرواحها، وتفتديه بأنفسها، وبمالها، وبغير ذلك، وهذا الفهم فهمه الصحابة رضوان الله تعالى عليهم ولذلك سلطوا الضوء وركزوا تركيزاً واضحاً على فلسطين، كمحط مركزي للفتوحات ومنطلق ينطلقون منه إلى فارس، وإلى الروم، وإلى أطراف الأرض جميعاً، فهذا إشارة واضحة كانت من الرسول صلى الله عليه وسلم، عندما صلى بجميع الأنبياء، بل الإشارة بالقرآن الكريم بالربط بين المسجد الأقصى والمسجد الحرام {مِنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إلى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ}

المقدم: دكتور خلينا نقدم عقارب الساعة سريعاً، ننتقل من النص الشرعي إلى الواقع المفتوح على المستقبل، قبل ذلك نريد أن نذكر السادة المشاهدين، بأننا مازلنا في انتظار اتصالاتكم على الأرقام التي تظهر أمامكم على الشاشة، دكتور بالنسبة لموضوع الواقع الذي نعيشه الآن، اليهود يعتقدون أن الأرض لهم، وينظرون إلى المسألة بنوعين الحق الديني، والحق التاريخي , الحق الديني يمكن أنت تطرقت له قبل قليل بشيء من الإيجاز ولكن هم اليهود جاؤوا أصلاً 80% من اليهود في أرض فلسطين جاءوا من جنوب روسيا وشمال القوقاز مناطق الخزر، ثانياً هم لحد الآن يعتمدون على الهجرة والاستيطان ومن الناحية الدينية أيضاً هم انحرفوا وحرفوا وقتلوا الأنبياء وأساؤوا، فبالتالي هم ليسوا أتباعاً لعقيدة التوحيد، وتاريخياً ليسوا امتداداً لسلالات إنما هم عبرانيون، مروا لفترة من الزمن، أما الفلسطينيون فقد بقوا في أرضهم رغم كل ما جرى

الضيف: نعم لا شك، وإلى هذا أشارت حتى التوراة التي بين أيديهم أشارت إلى أن
 إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وهم الذين يزعمون أنه من أنبيائهم، وأنه على رأس أنبيائهم، وهو بريء منهم إبراهيم عليه السلام (مَا كَان إِبْرَاهِيم يَهُودِياً ولاْ نَصْرَانِياً) فإبراهيم عليه السلام، بنص التوراة، يقول الله عز وجل بأنه أعطي هذه الأرض أرض كنعان لك ولنسلك, أرض كنعان الكنعانيون عرب كانوا قبل إبراهيم عليه السلام، هذا شيء تاريخي ثابت، واضح، ولا يحتاج إلى نقاش، لولا أن اليهود قوم بهت، محرفون، يعني يزيفون التاريخ، ويزيفون الوعي، يزيفون كل الحقائق التي تكون واضحة كوضوح الشمس، فلا حق تاريخياً لليهود في هذا، فأرض فلسطين كانت أرضاً للعرب قبل إنشاء دولة إسرائيل بأكثر من 15 قرناً بأكثر من 1500سنة كانت هي أرضاً للكنعانيين، ثم انقطع، نعم اليهود أسسوا لهم دولة على أجزاء من فلسطين، وليس على كل فلسطين، على أجزاء من فلسطين ولم تعمر هذه الدولة وعاشت فترة قصيرة، وهذه الدولة عاشت في ظل داود وسليمان وداود وسليمان نحن أحق بهما منهم، فهما نبيان وهم لا يقولون بنبوتهم، يقولون سليمان كان ساحراً وكان سحره في خاتمه، وإذا شلح الخاتم بطل سحره

الضيف: نعم فهم يفترون على الله ويفترون على رسله, الآن يدعون أنهم يطالبون بهيكل سليمان أين هيكل سليمان؟ الرسول صلى الله عليه وسلم

المقدم: هم يختلفون بذلك أصلاً

الضيف: نعم، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (لما بنى سليمان المسجد) سليمان نبي كريم، ما كان يبني هياكل للشعوذة والخرافات, كان يبني مسجداً، وأشار النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث في مسند أحمد وفي حديث النسائي حديث عبد الله بن عمر (أن سليمان عليه السلام لما بنى المسجد في بيت المقدس دعا الله بخصال ثلاث: حكم يوافق حكمه وملكاً لا ينبغي لأحد من بعده وأنه من جاء إلى هذا المسجد لا يأتي إلا للصلاة فيه، أن يخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ) هذا في مسجد وليس في هيكل

المقدم حتى إن اليهود في مشاهير كتابهم مثل (أرثر كسلر) يقول لا يحق أصلاً، يعني شرعاً، في دينهم العودة إلى هذه الأرض، وحتى ديفيد وايت زعيم طائفة ناطوريا كورتا حراس المدينة يحرم ذلك أيضاً

الضيف: هي طائفة “ناطوري كارتا” تصل إلى مئات الألوف أو مليون أو تزيد هذه الطائفة تعتقد، وقد التقيت بعدد من الحاخامات منهم في لندن وناقشتهم ووجدت أن بعضهم يكتب على ثوبه (فلسطين حرة)

المقدم: وهو حاخام

الضيف: نعم، وهو حاخام، فقلت لهم ما هذا ؟ قال نعم فلسطين حرة هذه دولة إسرائيل هذه دولة مارقة، هذه دولة كافرة، دولة مجرمة، لا حق لها في طرد الفلسطينيين، وفي تعذيب الفلسطينيين، الفلسطينيون هذه أرضهم وهذا حقهم فالعجيب أن بعض هؤلاء الحاخامات يكون أكثر وضوحاً من بعض حكامنا أو بعض يعني القادة في ديارنا مع الأسف

المقدم: نعم، حتى رأينا حاخام يمزق جواز سفره , على كل ، اسمح لنا دكتور باتصال معنا من الكويت المتصل

المتصل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

المقدم: وعليكم السلام أخي

المتصل: مساء الخير

المقدم: سامعينك تفضل يا أخي

المتصل: بسم الله الرحمن الرحيم { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} أريد من العالم تفسير هذه الآية وهل تدل على أن اليهود قتلوا رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام, والشيء الثاني لم تذكروا تحرير الأقصى في آخر الزمان و {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ }ما تفسيرها

المقدم: على كلٍ، دكتور، يعني، شكراً أخي نايف، هو يسأل أسئلة شيء من ضمن الحلقة وشيء من خارجها, ولكن نأخذ السؤال وهو تحرير الأقصى, يعني هل تبشر الأخوة في موضوع تحرير الأقصى, وهو وعد نبوي

الضيف: لا شك أن هذه الأمة هي أمة الجهاد وأمة العزة والكرامة ونحن أملنا وثقتنا بالله كبيرة وفلسطين، يعني بفضل الله سبحانه وتعالى، انتقل الشعب الفلسطيني نقلات كبيرة جداً، في طريق تحرير الأقصى وفي طريق تحرير فلسطين من هذه التهمة الطاغية

المقدم: يعني في مؤشرات على الأرض أم أنتم كعلماء وشعراء يعني

الضيف: لا الحقيقة، هناك مؤشرات، من عايش الشعب الفلسطيني في الثمانينات وفي السبعينات وفي بداية الاحتلال، كان يظن أن الشعب الفلسطيني انتهى وخلاص أصبح ليس في درجة التطبيع بل أشد من التطبيع في درجة الذوبان، ثم لما بدأت الانتفاضة في 87

المقدم: دكتور راح نجي لحلقة كاملة من مبشرات النصر إن شاء الله

الضيف: بإذن الله

المقدم: دكتور عندنا سؤال في القضية الفلسطينية  كقضية مركزية للأمة، قد كانت قضية إسلامية، وتقلصت بالمراحل التي تعرفها يعني هل بعد ما ضاقت على الناس، بهذه البشرى بأن فلسطين سترجع، إلى آخره، وقد هاجمها القريب والغريب، هل من واجب للتعاطف, هل من واجب شرعي للتعاطف مع هذه القضية الفلسطينية وما هي المراحل التي مرت بها ؟

الضيف: لا شك أنه من بديهيات الإسلام ومن قواعده وأصوله انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، إن كان ظالماً، ترده عن ظلمه، وإن كان مظلوماً أن تكون غوثاً له، على من ظلمه، وعوناً له على من ظلمه الشعب الفلسطيني شعب مظلوم، اعتدي عليه , اعتدي على أرضه، اغتصبت أرضه شرد في الأرض، كان شعباً آمناً يعيش في بلاده، جاءت هذه التهمة من شذاذ الأفاق من كل أنحاء الدنيا اجتمع لهم مكر الصليبية ومكر الصهيونية ومكر الشيوعية، وما إلى ذلك حتى مزقوا هذا الشعب على النحو الذي سبق، فأصبح من واجب إخوانهم، الواجب الشرعي، ومعنى واجب شرعي معناه أن الإنسان يأثم إذا لم يفعل

المقدم: بكلمة لكل فئة دكتور الواجب الشرعي ما هو واجبكم كعلماء؟

الضيف: لا شك على العلماء واجب كبير وواجب شرعي واضح وهو توعية الناس في تعبئة

المقدم: عملياً يعني

الضيف: في تعبئة الناس

المقدم: عملياً هل لكم هيئات

الضيف: لا شك هيئة علماء فلسطين في الخارج، تعمل على عدة أساليب وعدة آفاق في سبيل تأصيل هذه القضية، وفي سبيل إيضاح هذه القضية، من الناحية الشرعية فعندنا لجان متخصصة سواء في الفتوى، سواء بالعلاقات العامة، سواء في مجالات مختلفة، وتقوم بدورها إن شاء الله

المقدم: على كل، دكتور, ولضيق الوقت نقول كما هي المقولة (آمن أنت بفكرتك أولاً، آمن بها حد الاعتقاد الحار، حين إذٍ فقط يؤمن بها الناس )

أعزائي بالختام نشكر ضيفنا الدكتور عبد الغني التميمي رئيس هيئة علماء فلسطين بالخارج أما أنتم مشاهدينا فنستودعكم الله على أمل اللقاء بكم في الأسبوع القادم, مع تحيات فريق البرنامج وتحيات محدثكم عمر الجيوسي.