ضيف الحلقة: الدكتور محمد سليم العوّا الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
المقدم: عمر الجيوسي
تاريخ الحلقة: 14/1/2010
يوتيوب:
https://www.youtube.com/watch?v=Z5nErZJ2O-s&list=PLH5y7ZzK7PCDYbfA2BMO0kx__qv6qtOe9&index=7
المقدم: السلام عليكم, مشاهدينا الأحباء أخوة الإسلام، حين يكون الفارق بين الموت والحياة هو فتوى، وحين يشكل توقيع اتفاق مع الصهاينة على بناء جدار فولاذي هو إبادة جماعية لأهل غزة، وحين يفتي العلماء بحرمة بناء هذا الجدار وبأنه من أعظم الذنوب وبأن كسر الحصار من أوجب الواجبات الشرعية، وحين تصطدم قوافل الإغاثة الإنسانية بجدار فولاذي محروس بجنود المسلمين، وحين تصل الأموال التي وعد بها العرب لإعادة إعمار غزة وتتحول فجأة إلى بناء الجدار ليمنع الغذاء والدواء وحليب الأطفال من الوصول إلى من دافعوا عن شرف الأمة وحدهم، حين يحصل كل ذلك ألا يخشى هؤلاء من وعد الله سبحانه وتعالى للمظلوم {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيدًا}
أعزائي المشاهدين نرحب بالدكتور محمد سليم العوا ضيف هذه الحلقة في هذا اللقاء وحلقة اليوم بعنوان أحكام الجدار الفولاذي
دكتور محمد سليم العوا أهلا بك رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
الضيف: أهلاً بك.
المقدم: أهلاً بك في قناة القدس.
الضيف: الله يحيك.
المقدم: وفي برنامج فقه القضية.
الضيف: أهلاً وسهلاً.
المقدم: دكتورنا، الإسلام لم ينشئ حدوداً وحواجز بين الناس، أنشأ علاقة أخوة ضخمة متينة عميقة ينبني عليها واجبات تميز المسلمين عن غيرهم من الشعوب، كل ذلك وفق أساس البر والتقوى، أين يقع الجدار الفولاذي في عالم الأخوة الموجودة في القرآن والسنة؟
الضيف: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وبعد، فهذه القضية التي نتحدث عن فقهها اليوم، من القضايا التي يقول عنها العلماء إنها قضية حادثة، يعني تحتاج إلى تجديد اجتهادي، إلى اجتهاد بحسب مقتضيات الزمان والمكان، والحال الذي وقعت فيه القضية، هذه القضية لانظير لها في الماضي حتى نتطلع إلى آراء الفقهاء الأقدمين، ونقول قالوا كذا ينبغي أن نفعل كما يقول أو نقول كما قال
المقدم: لهذا مهمتكم صعبة
الضيف: طبعاً طبعاً، ليست مهمة هذه الحلقة فقط، وإنما مهمة كل طلاب العلم والعلماء في العالم، في هذه القضية الصعبة، ذكرت في أول حديثك أن الإسلام لم ينشئ حدوداً, طبعا، لأن الدولة التي وجدت في عصر الإسلام كانت دولة المسلمين كافة يأتونها من أجزاء الأرض فيصبحون من أبنائها يدخلون إلى المدينة في زمن الرسول وبعد زمن الرسول في دولة الخلفاء الراشدين وإلى دار الإسلام في طول دولة الخلافة وعرضها بما في ذلك الخلافة العثمانية فيصبح الراجل في أي دار فيصبح الرجل في أي بقعة من الإسلام في الدولة الإسلامية وبلدي التي أعرفها جيداً مصر فيها قبرصي وفيها بوسنوي وفيها سوداني وفيها الشامي وفيها الحلبي وكلهم مصريون أصلاء لأنهم جاؤوا طبعا فيها النجدي وفيها الحجازي وفيها المدني وفيها المكي هؤلاء كلهم جاؤوا من أنحاء الأرض واستقروا في مصر وأصبحوا من أهل مصر ومثل ذلك في فلسطين وسوريا والأردن والعراق وكل بلد في الدنيا
المقدم: مسرح الحضارات هذه المنطقة
الضيف: المنطقة دي كانت منطقة متاحة لأنها جاءت إسلامية وحكمها الدولة الإسلامية، لم تكن تعرف التقسيمات الوطنية والقطرية، والتقسيمات الوطنية والقطرية جاءت من بعد انهيار الخلافة الإسلامية العثمانية وبعد اتفاقية سايس بيكو أو سايكس بيكو كما يقول الفرنسيين والإنكليز التي قسمت المنطقة إلى هذه الدول الطارئة التي أرادوا أن يجملوا صورتها فقالوا عنها إنها دولة قومية وهي ليست دولة قومية هي دولة وطن دولة أرض محدودة لأن القومية هي قومية العرب فأنا دولتي يجب أن تكون هي دولة السوري والفلسطيني والأردني والعراقي وكل العرب، الدولة الحالية اسمها دولة وطنية دولة الأرض دولة الوطن دولة محدودة النطاق بأرض معنية حدودها شمال جنوب شرق غرب، ولو كان يتاخم هذه الحدود دول أخرى، وهذا هو الواقع كل أبنائها ينتمون إلى أميات بل أكثر من ذلك، القبائل مقسومة في بين رفح المصرية ورفح الفلسطينية مثلاً، العائلات مقسومة وليس فقط القبائل السودانية كذلك السعودية واليمن كذلك السعودية والإمارات كذلك وكل هذه
المقدم: دكتور عفواً الحدود التي رسمتها الدول الاستعمارية كما ذكرت هناك حدود نفسية وحواجز نفسية نتجت عنها، فما الحكم الشرعي في الاعتراف بهذه الحدود؟
الضيف: هذا الذي يعني لو تركتني لأوصلتك إليه، تنظيم الدولة في الإسلام، تنظيم دولة غير دولتنا المعاصرة غير دولتنا الوطنية، فيجب أن يجتهد اجتهادا مناسبا لقيام الدولة الوطنية، لا يجوز لعلماء المسلمين أن يأتوا ويقولوا والله نريد أن نهدم جميع الحدود ونلغي جميع القيود ونتحول إلى دولة واحدة، هذا كلام لن يتحقق وستقف أمامه عوائق عملية ونظرية لا تحصى، فليس من الحكمة أن تطالب بما كان في الماضي أن يعود الآن في الحاضر، لأن عودته الآن دونها خرط القتاد, من الذي تفعله الذي تفضلت به، الآن الحدود النفسية الحدود الشعورية، الحدود التي تجعلني أشعر بمناسبة مباراة كرة، أن الجزائر ليس أخاً لي في العروبة والإسلام بل هو عدو يقاتلني في الملعب، هو كذب شعور كاذب يأتي من العصبية الممنوع هو العصبية وليس الممنوع هو الوطنية الممنوع هو التعصب القاتل وليس الممنوع هو حب الأوطان وفداؤها والعيش في ظلالها، هناك شعور أنه يجب أن يفرق المسلم العاقل بينهما بل يفرق بينهما، العاقل أياً كان دينه أو مذهبه، الشعور بالوطنية والانتماء للوطن الذي أنت منه والشعور بالتعصب ضد الأوطان الأخرى ولو كان أبناؤهم إخوانك وأبناء عمومتك، الدولة القائمة الآن لابد أن تكون لها حدود هذا بغير شك ولابد أن تكون على هذه الحدود نقاط تفتيش تسمح بالدخول المشروع وتمنع الدخول غير المشروع من غير شك، لكن لا يجوز أن تمتد هذه القيود إلى أبناء القومية الواحدة أبناء الأمة الواحدة أبناء اللسان الواحد، هذا ينبغي ألا تكون بينه وبين أي دولة عربية قيود، الذي فعله الأوروبيون على وجود القوميات العديدة عندهم أكثر من خمسين قومية، إنهم فتحوا الحدود بعد أربعين سنة من الحرب العالمية الثانية، ونحن نزيد إغلاق الحدود كل يوم، هم يتكلمون مئة لسان، ونحن نتكلم لساناً واحداً، وهم أزالوا الحدود ونحن لم نزل الحدود بعد، وهذا المطلب المشروع لنا كعلماء مسلمين
المقدم: الأصل أن الحدود هذه هي لحماية الناس من الأعداء ومن المتسللين، لكن هناك كما ذكرت الجمارك وهناك المعابر، هناك بالنسبة للجمارك تحديداً، دكتور هي من المفروض أن تكون لغير المسلمين ونحن مقابل ذلك ندفع الزكاة وربما بعض الجوانب المبررة من الضرائب، هل من حكم شرعي لإقامة المعابر والجمارك والجوازات والتأشيرات
الضيف: الأصل أن الجمارك اسمها في فقهنا القديم العشور، والعشور تأخذ من التجار غير المسلمين إذا كانوا يأخذون من تجار المسلمين عندما يذهبون إلى بلادهم، يعني أن الأصل فيها المعاملة بالمثل، الآن تحولت الجمارك في الدول الوطنية في العالم كله إلى مصدر من مصادر الموارد المالية للدول القائمة بصرف النظر عمن يدفعها وعلى ما تدفع، ففي كثير من البلاد الإسلامية والعربية تدفع الجمارك حتى على الخمور، تؤخذ الضرائب من تجار المخدرات، بعد أن تحكم عليهم المحاكم الجنائية بالعقوبات، يقدرون لهم مبلغا قد كسبوه في تجارة المخدرات من يوم ما اشتهر بها إلى أن حكمت عليه المحكمة، ويطالبونه بضرائب على التجارة القاتلة، التجارة غير المشروعة، تجارة المخدرات، هذا كله لا يجوز شرعا وهذا المال محل شك لكن الحاصل أن الجمارك لم تعد حتى محلا للمعاملة بالمثل، فهناك دول ترفع القيد الجمركية عن البضائع القادمة من كل أنحاء العالم، وهناك دول تفرض قيودا جمركية على سلع قادمة من بلاد معينة دون بلاد معينة، وهناك آلاف الاتفاقات الثنائية بين الدول لتنظيم هذه المسألة، فأخذها جملة واحدة وتطبيق حكم العشور كله عليها، كما كان مطبقا في الماضي، أمر غير دقيق فقهيا
المقدم: دكتور، نحن يهمنا المعابر الآن المقامة والجمارك والتأشيرات
الضيف: كلمة معابر غير موجودة إلا على أرض فلسطين ومصر، مفيش مكان تاني فيه معابر، الأماكن الأخرى فيها نقاط تفتيش جوازات، أما المعابر هذه موجودة فقط في الأرض بين غزة ومصر، المعابر التي تسيطر عليها إسرائيل ومعبر رفح الوحيد الذي تسيطر عليه مصر.
المقدم: رؤيتك الشرعية ورؤيتكم الشرعية
الضيف: طبعا مش رؤيتي أنا, الحكم الشرعي في هذه المعابر كلها إنها غير جائزة شرعا,
المقدم: غير جائزة
الضيف: طبعا الواجب هو أن تكون هناك نقطة حدود يدخل منها الناس بطريق مشروع ويخرج منها الناس بطريق مشروع, هذه النقطة مفتوحة للكافة إلا من عليه شبهة أو جريمة, واحد لما يروح لمطار القاهرة أو مطار بيروت ثم يكون مشتبهاً به يرجعونه, يقولون له متأسفين دون أن يؤذوه أو يسجنوه أو يعتقلوه فيردونه ردا جميلا, وكذلك هذه المنطقة, ليه هذه المنطقة من العالم تبقى كالسجن له بوابات يحكمها العدو ستة أو سبعة لا أعرف, وواحدة تفتحها مصر إذا أرادت, لماذا دون مناطق العالم, لا توجد منطقة في العالم عليها معابر يسيطر عليها الغير إلا غزة هذا طبعا أمر غير مشروع كله من أوله إلى آخره, ومعبر رفح المسمى معبر رفح التي تسيطر عليه مصر بموجب اتفاقية المعابر التي مصر ليست طرفا فيها, يجب أن يتحول إلى مركز جوازات حدودي, يدخل منه أهلنا الفلسطينيون ويرجعون ويدخل منه المصريون إلى غزة ويرجعون, هذا هو الوضع الطبيعي له.
المقدم: دكتور أنت في فضائية رأيناك تقول بأن الأنفاق لاتستخدم أبدا لتهريب الأسلحة والمخدرات وبينت أسباب لذلك
الضيف: ولا أزال أقول ذلك
المقدم: نعم والجانب المصري يقول, هذا من حق السيادة, لمنع تهريب المخدرات والأسلحة, هل هناك حقيقة لذلك, هل هناك تهريب أصلا؟
الضيف: خليني أكلمك كقانوني, أولا من حق كل دولة أن تحمي حدودها ما دامت تعمل ضمن حدودها ولا تنال من أرض الآخرين أو من حقوقهم
المقدم: هذا هو الشرط
الضيف: هذا الشرط أن لا تنال من حقوقهم, شرط بغير نص, شرط بمقتضى العقل والمنطق والفقه القانوني, واتفاقيات العالم بالقانون الدولي كلها محدودة, بحق الآخرين, لايجوز أن يكون حقك عدواناً على حق الآخرين, الثانية أن الأنفاق التي كانت بين غزة ومصر والتي أرجو أن يكون لا زال منها ما يكفي لسد رمق أهلنا في غزة بالضروريات التي يحتاجون إليها, رغم الجدار الفولاذي ورغم غيره, هذه الأنفاق لم يستخدمها أهل غزة قط, وأنا أحدد هنا أهل غزة لم يستخدموها قط لا لتهريب أسلحة ولا لتهريب مخدرات لسببين, السبب الأول هم أحوج لطلقة رصاص وإلى كل مسدس 8ملم, لأنهم يقاتلون عدوا يريدون أن يستخدموا ضده كل أنواع القوة, فمن أين لهم بتهريب السلاح داخل مصر, هم عندهم مصنع سلاح يدخلوا السلاح منه إلى مصر, هم يأتي لهم سلاح ممن يدعمونهم أزيد من حاجتهم, فقطعة السلاح التي تباع بدولار فرضا, هم يشترونها بمائة دولار أو بخمسين دولار, لأن العالم يعرف أنه إذا باع للفلسطينيين سيتعرض لعقوبات وإلى اضطهادات وإلى, فهم ليس عندهم مش رغبة ليس عندهم قدرة حتى وإن كان عندهم رغبة, فهم غير قادرون على تهريب السلاح إلى مصر, إلا إذا كانت إسرائيل تستخدم بعض هذه الأنفاق لتهريب السلاح إلى مصر, وهنا هناك قضايا كثيرة ضبطت ومعروفة في مصر والناس المشتغلون بالقانون يعرفون تفاصيلها ضبطت فيها السلاح جاي من إسرائيل لمصر, هذا من أيام الإرهاب, حتى السلاح الذي كان يستخدم بالإرهاب كثير منه ضبط وهو سلاح إسرائيلي, فكان يأتي إلى مصر من إسرائيل أما أهل غزة فهم برآء من هذه التهمة, قصة المخدرات أيضا قصة إسرائيلية, غزة ليس فيها زراعة مخدرات, لا يوجد واحد في غزة يزرع مخدرات, ولو وجد لأعدمه أهله, أهله مش الحكومة سواء كانت الحالية أو المقالة مشروعة أو غير المشروعة, أهله يعدموه الناس عندهم كرامة لايقبلون أن يكونوا تجار دمار, فالتهمتان تهمتان باطلتان.
المقدم: طيب دكتور في موضوع السيادة التي تتكلم عنها الحكومة المصرية, بس سؤالي من منظور النظرة الشرعية ما معنى السيادة وما مقتضياتها؟
الضيف: خليك حتى في منظور السيادة العالمية, القانون الدولي والسياسة الشرعية متطابقان
المقدم: نركز طبعا من جهتنا في هذا البرنامج على الشرع.
الضيف: المقتضى الذي توجده السياسة الشرعية وهو متفق مع القانون الدولي, أن تكون لك حقوق وحماية أرضك, وحقوق وحماية الناس المقيمين على هذه الأرض, بجميع الوسائل المشروعة, معنى المشروعة إيه, التي لا تضر بجارك لذلك أنا معترض على الجدار, وقلت كثيرا الفتوى بالجدار لا توجد بنص لا يوجد بالقرآن الكريم أو السنة النبوية نص يحدد لنا أن هذا الجدار محرم وهذا الجدار غير محرم, مفيش كده لكن في مصلحة ومفسدة, في مضرة ومنفعة, فما يجلب المضرة ممنوع وما يجلب المنفعة مشروع, ما يجلب المنفعة مشروع وما يجلب المفسدة مشروع, ماذا يفعل الجدار, لأفترض جدلا أن هذه الأنفاق هي المصدر الوحيد للسلاح والمخدرات, طيب أنت وقف على الأنفاق وفتش يلي خارج, هو جايلك من هناك مش طالع من عندك, إذا لقيت سلاح ومخدرات أقبض عليه ووديه لمحكمة الجنايات, والقانون المصري يعاقب على جلب المخدرات بالإعدام بالمناسبة, ويعاقب على جلب السلاح بعقوبات تصل إلى 10سنوات, فأنت أمسك يلي جايب سلاح ومخدرات, أما يلي جايب زيت وسكر وماء وملح وحليب للأطفال, فأنت تكافؤه مش تمسكه وتقبض عليه, ثانيا الجدار أنت عرفت صورته, قطعة من الفولاذ سمكه ليس كبيرا ومقسم إلى قطع متساوية, وتنزل لعمق معين بالأرض, لكن قبل هذا العمق هناك مجرى من الماء المالح, هذا المجرى سيدمر التربة والمياه الجوفية, التربة السطحية في مصر والمياه الجوفية في سيناء وفي غزة, وأهل غزة كلهم يعيشون على المياه الجوفية على الآبار, فإذا لم توجد مياه جوفية قابلة للشرب فهذه جريمة بحق أهل غزة كلهم, وجريمة بحق أهلنا في سيناء, المصريين في سيناء لأن أبارهم أيضا ستلوث بالمياه المالحة, فالجدار مضاره أضعاف منافعه, ومنافعه يمكن تحقيقها بطريق أخرى, وهو ضبط المخارج من هذه الأنفاق وبالمناسبة الأنفاق ليست سرية الأنفاق معلومة للكافة ورجال الأمن وقوات الأمن والجهات الرسمية في مصر تعرف مواقعها نفقا نفقا, ولما أرادوا إغلاقها في أيام الحرب أغلقوها ولما أرادوا فتحها فتحوها, فعندهم ألف وسيلة غير بناء هذا الجدار
المقدم: دكتور, الدكتور القرضاوي كان يقول مصر حرة وهي حرة في سيادتها على بلدها, لكنها ليست حرة بالمساعدة على قتل إخوانها وجيرانها, اسمح لنا أن نخرج خارج الجدار بفاصل,
مشاهدينا الكرام فاصل قصير انتظرونا بعده
المقدم: أهلا وسهلا بكم من جديد مشاهدينا الكرام في هذه الحلقة التي نتناول فيها أحكام الجدار مع الدكتور محمد سليم العوا أمين عام الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين, دكتور قبل الفاصل كنت سألتك عن كلام قاله القرضاوي عن حق السيادة الذي لا ينتقص من حق الجار في غزة.
الضيف: كلامه من حيث المبدأ صحيح من حق كل دولة أن تحمي سيادتها وتدافع عنها إذا انتهكت أو إذا خيل إليها أنها انتهكت, لكن هذا الحق يقف عند الإضرار بالآخرين, لا يجوز أن يكون للإضرار بالآخرين, أنا لا أريد أن أصل إلى مبلغ القول أن هذا قتل لأهلنا بفلسطين, ليس قتلا ولا حاجة والجدار مسألة بسيطة سوف يقضي عليها الزمن والحدود تفتح وستبقى الوسائل لا يعدمها المقاومون الجاهدون وأهل غزة الصامدون لن يعدموا الوسائل, أنا أريد أن أطمئن الذي أشاروا على حكومتنا المصرية ببناء الجدار أن شورتهم لا نتيجة لها وأريد أن أطمئن أهلنا بالحكومة المصرية أن هذا الذي أنفقوا فيه الأموال والجهود وجلب علينا المشاكل من العالم, انتقادات ولوم وتوبيخ للمصريين
المقدم: دكتور كيف يتحقق هذا الكلام يعني هي مسألة مرعبة بنظرنا
الضيف:لم يقع بالتاريخ كله أن حاول أحدهم أن يظلم شعبا أو أمة أو جماعة من الناس إلا أوجد الله لها مخرجا, إن الله إذا أغلق بابا فتح نافذة, هذه عبارة حفظتها من فيلم اسمه صوت الموسيقى قالتها راهبة وهي عبارة صحيحة جدا الله تبارك وتعالى أرحم بعباده من أن يتركهم فريسة لظالمين فهو يوجد لهم حتى في أحلك الظلمات منفذا يدخل منه النور والضوء والماء والهواء ويعيشون ويناضلون ونحن لسنا أول من يتعرض لهذا بالتاريخ, التاريخ كله يشهد بهذا, فأنا مش خايف على أهلنا بغزة ولا خايف على المقاومة أن ما يجيلها سلاح, ولا خايف على المقاومة ضد الصهاينة أنها تهزم لأن هذا الجار موجود هذا لن يحدث, الخوف على الذين يقيمون الجدار, الخوف على الذين يساهمون بحصار أهلنا, ليس قتلهم فهم لن يقتلوا إن شاء الله
المقدم: الخوف عليهم بالدنيا أم بالآخرة؟
الضيف: الاثنين, الدنيا والآخرة, الله تبارك وتعالى يقول{ كَذَلِكَ الْعَذَابُ } عندما أصبحوا فوجدوا الأرض محروقة, الحديقة التي تركها لهم أبوهم محروقة, {كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ} فالخوف عليهم بالدنيا والآخرة, أنا فعلا بغاية الإشفاق عليهم, وأشعر أن واجبي كطالب علم أن أنبههم على ما يفعلون بأنفسهم بالدنيا وعليهم بالآخرة, في الدنيا ملحوقة, لكن في الآخرة إذا انتهى الأمر في الدنيا فليس هناك مفر, السيادة المصرية لا يمكن أن تمتد إلى إيذاء الفلسطينيين سواء بالمياه المالحة أو بمنع دخولهم وخروجهم, طبعا الأنفاق ليست طريقا مشروعا للدخول لكن الضرورات تبيح المحظورات, وضرورة الحصار الخانق على أهل غزة الذي يستمر من يوم ما استولت حماس, أو انفردت حماس بحكمها حتى اليوم, هذه ضرورة تبيح المحظور وهو دخولها من المعابر, بل كانت تبيح محظورا سهلا جدا والتخلص منه يسير, وهو فتح بوابة رفح, فتح معبر رفح, والحكومة المصرية تقول والقانون الدولي يعترف حالات الضرورة ويقرها, تقول بأنه في حالات الضرورة لا أستطيع أن أغلق المعبر بناء على طلب من السلطات الدولية, السلطات الدولية تطلب أو الأمريكان أو الإسرائيليين, لأن نحن غير مقيدين باتفاقية معبر رفح,
المقدم: هو فعلا في اتفاقيات بين مصر والمجتمع الدولي
الضيف: لا, في اتفاقيات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل والاتحاد الأوروبي, هي اتفاقية واحدة اسمها اتفاقية المعابر, تقول بأن المعابر في قطاع غزة تسيطر عليها السلطة الفلسطينية والحكومة المصرية, السلطة الفلسطينية في جانب غزة والمصريين في جانب مصر فيما يتعلق بمعبر رفح فقط, أما المعابر الأخرى فالإسرائيليون من جانب الأراضي المحتلة والمصريون من الجانب الآخر مثل معبر كرم أبو سالم وإلى آخره, نحن هذه الاتفاقية لم نوقع عليها ولسنا طرفا في هذه, وتقول أيضا يوجد على المعبر قوات دولية وكاميرات تصور الداخل والخارج حتى ترسله إلى إسرائيل إن كان في خطر على إسرائيل, الأوروبيون انسحبوا, طبعا ما انسحبوش بمزاجهم, في تخطيط عالمي أن تترك الناس في غزة يموتوا جوعا, فينسحبوا فيقفل المعبر لأنه مافيش حد يصور بالكاميرات, ومصر تقول ما بقاش في طرف ثالث, فإذا كنت يا مصر لست طرفا أصلا بهذه الاتفاقية ولست ملزمة بها أصلا
المقدم: دكتور, الناس هناك خلف الجدار في غزة لا يهمهم هذه التفاصيل, يهمهم أن يسألوا عن حليب أطفالهم عن أدويتهم عن أجهزتهم الطبية, ما حكم ذلك من الناحية الشرعية.
الضيف: منعه حرام, منع الطعام والماء وحليب الأطفال والأدوية والاحتياجات الضرورية زي الكيروسين والبنزين, هذه احتياجات ضرورية الآن لا تقوم أمة بغيرها, منع أي شيء هو ضروري للحياة حرام, ولو كان الممنوع منهم ليس أخوك العربي المسلم, الممنوع منه حتى عدوك, أن تمنع عنه ما يشرب وما يأكل لأنك لا تقتل قتلا جماعيا, أنت بتحارب ونحن هنا لسنا بحرب نحن هنا مع إخواننا وأهلنا, فهذا كله حرام.
المقدم: هناك مسألة حساسة وتحتاج إلى بيان حكم شرعي وهي أنه أحيانا يتم التحقيق مع بعض الجرحى الذين نزحوا بسبب الحرب وخرجوا للعلاج مضطرين
الضيف: القانون المصري لا يبيح التحقيق مع جريح أو مع مصاب أو مع مضروب أو مع معذب, القانون المصري يمنع هذا, ويجب على النيابة العامة أن تتأكد من حالة الشخص الذي تستجوبه, وتقول شخص طوله كذا عرضه كذا بوجهه ندبة كذا أو علامة كذا شعره قصير, يجب أن يثبت هذا في أول التحقيق وان حالته الصحية تسمح له بالتحقيق, فإذا كانت حالته الصحية لا تسمح بالاستجواب فإن الاستجواب باطل لا يجوز قانونا ولا يجوز شرعا, أما الذي يأتيك بغرض العلاج أو بطلب العلاج وتحقق معه لتعرف منه معلومات تؤذيك أو تؤذي بلدك فمن واجبك أن تعرف لكن بعد أن يخف بعد أن يتعالج ويبقى كويس بعد أن يصبح قادرا على الرجوع إلى بلده بحريته وإرادته المستقلة, أما بحالة المرض فلا يجوز سؤاله, لا يجوز التحقيق معه ولا يجوز استجوابه, هذا ينقل إلى المستشفى ليعالج فقط.
المقدم: دكتور هناك جريمة في الواقع العربي القريب من مصر, وهو إمداد هذا العدو الصهيوني بالغاز بالإسمنت وبعض المقومات الأخرى, ما حكم ذلك أيضا؟
الضيف: هذه جريمة أكبر من جريمة بناء الجدار, ونحن في المحكمة الإدارية العليا الآن ندافع عن موقف الذين يطالبون بإلغاء القرار الإداري الذي سوغ للحكومة المصرية مد إسرائيل بالغاز, ونرجو أن يهدي الله المحكمة وتقضي بالحق ولا تصل إلى كلام لا يؤدي إلى نتيجة فعالة بإلغاء القرار الإداري الذي سوغ للحكومة إمداد إسرائيل بالغاز, وأنا اعتقد أنه منذ أبرمت كامب ديفيد وقلت هذا الكلام منذ زمن, أن أي تطبيع مع إسرائيل أي بيع لها أي شراء منها حرام شرعا, والمشتري منها والبائع لها آثم وسيحاسبه الله تعالى على ذلك, وأنا لا أنسى يوما كان في بيتي الشيخ محمد مهدي شمس الدين رحمة الله عليه, وكان من عادته أن يطلب لقاء خاصاً بالشباب أبنائنا وبناتنا وهكذا, فكنا ببعض اللقاءات المختلفة نعمل لقاء خاصاً يأتي إليه الشباب, فجاء الشباب وكان معهم عدد من طلاب الجامعة الأمريكية من أبناء أصدقائنا وأقاربنا وهكذا, فواحد منهم سأله حكم التعامل مع إسرائيل, فقال له أنت مالك ومال التعامل مع إسرائيل, فقال له أبي يعمل بضاعة ومصانع ويبيع ويأتي له ناس من إسرائيل ويصدر إلى إسرائيل هل هذا يجوز ولا لا؟ فقال له, قل لأبيك إن الله يعذبه على هذا بالنار, تعبير الشيخ مهدي شمس الدين رحمة الله عليه, خلصت الجلسة ومشوا الشباب وبقيت أنا والشيخ مهدي, فأول ما رجعت من توصيل الشباب, أوصلتهم وعدت إلى مجلسنا, بصيت له فضحك وبص لي وقال طبعا أنت يا فلان تريد أن تسأل على عبارة الله سيعذبه على ذلك بالنار, فقلت له طبعا, من أين نستطيع أن نقول له أن الله يعذب على هذا بالنار أو, فضحك وقال إن هؤلاء لا يفهمون إلا بِكَي النار, كل هؤلاء يدخنون ألم ترى أصابعهم صفراء أكيد تلسعوا بالكبريت وتلسعوا بالسيجارة, فأنا أحرمه وأخوف منه وهذا هو منطقنا نحن, نحرم كل تعامل مع إسرائيل لدولة أو لحكومة أو لشعب أو لفرد هذا كله محرم.
المقدم: دكتور حوصر النبي صلى الله عليه وسلم وهو سيد بني آدم بلاشك في شعب بني هاشم والصحيفة التي علقت بهذا الموضوع وشروطه كانت علقت في جوف الكعبة, والآن هذا مكان ديني عظيم وهو الأعظم عند المسلمين, الأزهر يستغل الآن, بعيدا عن موقفه السابق الموقف الريادي, هل استغلال الدين أو بعض المؤسسات الدينية في هذه الأيام ضد الأمة يكون بقصد أو من غير قصد أو له تبعات تخوف؟
الضيف: شوف, خليني أقولك أنه ليس من الضروري أن تكون الدولة المصرية ولا الحكومة المصرية ولا الخارجية المصرية ولا الأمن المصري ولا ضابط شرطة, ليس ضروريا أصلا أن يكون أحد طلب من شيخ الأزهر هذه الفتوة, ليس ضروريا, قد يكون شيخ الأزهر هو قرر أن يتكلم بهذا الموضوع من عند نفسه, وزمان قصة قديمة عندما قابل الحاخامات الصهاينة في مصر, وأنا كتبت مجموعة من المقالات طلبت إبداء الحكم الشرعي, ما أعرفه قلت للعلماء ومن يعرف خلاف ذلك فليبين ولم يبين أحد شيئا, فسكتوا والسكوت هنا معناه القبول بما قلت, ليس الاعتراض عليه, كتب يقول أنه هو كان مضطرا للقائه, فنحن استعلمنا, استعلمنا من الجهات الرسمية التي كانت معنية بوجود هذا الحاخام في مصر بذلك الوقت, فقالت كلها بفم مليء صادق, لم يطلب أحد منه أن يقابل ولم يقل له أحد منهم قابله, هذا أمر من جانبه هو, فالبيان الذي صدر وقيل بأنه عن مجمع البحوث, ثم بعض أعضاء مجمع البحوث أعلنوا أنهم لم يناقشوا شيئا ولم يعرض عليهم, أخونا الجليل العلامة الشيخ الراوي قال في حلقة الشريعة والحياة مع الشيخ القرضاوي أنه لم يكن حاضرا في الجلسة أصلا, فالكلام أنه أعضاء المجمع بالإجماع هذا كلام غير دقيق, قد يكون البيان الذي قرأه فضيلة الشيخ الطنطاوي شيخ الأزهر ورئيس مجمع البحوث الإسلامية, قد يكون بيانا من عند نفسه, وليس ضروريا أن تكون الدولة طلبته منه, لكن مع ذلك طلب الفتوة من الأزهر في الأمور التي فيها شبهة إما أن يقول الأزهر فيه كلام يرضي الله ورسوله والمؤمنين وإما أن يسكت, أما أن يقول كلاما كالكلام الذين قيل في بناء الجدار والكلام الذي قيل في مناسبات أخرى سابقة, فهذا كلام يقلل من قيمة المشيخة, ويقلل من قيمة مجمع البحوث, والذين يسكتون من أعضاء مجمع البحوث من أصدقائنا وإخواننا وأحبائنا سكوتهم خطأ, ينبغي عليهم أن يخرجوا للعلن وللشعوب ويقولوا نحن لم نقبل هذا البيان, نحن لم نناقش هذا البيان ولا يصدنهم عن ذلك خوف الناس فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول (لا يكن أحدكم إمعة, قالوا وما الإمعة, قال يقول انا مع الناس إن أحسن الناس أحسنت وإن أساؤوا أسأت, ولكن وطنوا أنفسكم إذا أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا أن تجتنبوا الإساءة), هذا الذي يطلب من إخواننا في المجمع
المقدم: أرجو أن لا يكون كما جاء في سورة الأعراف { أَمْ أَنتُمْ صَامِتُونَ } هذه رسالتك بلغتها لهم.
الضيف: إن شاء الله لايكونوا من الصامتين وأنا أعرف أن بعضهم تكلم لكنه تكلم سرا
المقدم: نعم جزاك الله خيرا, نتوقف دكتور مع فاصل آخر
مشاهدينا فاصل قصير ونعود إليكم مرة ثانية إن شاء الله.
المقدم: أهلا بكم من جديد في هذه الحلقة مشاهدينا الكرام وهي بعنوان الجدار الفولاذي وأحكامه, وضيفنا الأمين العام للاتحاد العالمي للعلماء المسلمين الدكتور محمد سليم العوا, دكتور سؤال الحلقة الرئيسي هو فتوى تحريم بناء الجدار, في المقابل هناك البعض القليل الذي أفتى بوجوب بناء هذا الجدار بحجة أن بعضهم يقول بأن هذا الجدار يحمي من تسلل المجرمين والإسرائيليين بعضهم قال لكي لا تكون سيناء وطنا بديلا للفلسطينيين بعضهم قال بأن لا دخل لهم بالسياسة وأين تكون المصلحة ثم شرع الله, نريد الرأي الواضح في موضوع رأي الشرع في حكم بناء الجدار, حرام أم حلال؟
الضيف: طيب, الآراء يلي أنت ذكرتها هي محتاجة إلى تدقيق, المصلحة حيثما تكون نعم ثم شرع الله, إيه المصلحة, أنا قلت في كلامي السابق أن المصلحة إذا افترضت لا تتحقق إلا بإجراء مكمل وهو فتح معبر رفح, إذا كان الفرض أن مصلحة مصر لا تتحقق إلا ببناء الجدار تحت الأرض من الفولاذ, فالمصلحة العامة للأمة والمصلحة العامة لمصر ولأهل فلسطين لا تتحقق ولا تكتمل إلا بفتح معبر رفح, أنت أقفلت علي المنافذ الذي اخترعتها أنا وكلفتني مئات الآلاف من الدولارات لأصنعها أو ملايين الدولارات لأصنعها, حتى أستورد الطعام والغذاء والماء والدواء أقفلتها, افتح لي الباب واعمل ما شئت بجدارك, الذي حدث أن الجدار يعمل والباب مقفل, بوابة رفح مغلقة فهذا وجه الخطأ, الذي يفتى بتحريمه, التحريم ليس لبناء الجدار, التحريم لمنع أهلنا في غزة باستيراد الحاجيات الضرورية التي لا طريق أمامهم باستيرادها إلا من مصر, أنا هذا اختلافي عن فتاوى إخواننا بالوجوب أو بالتحريم, المسألة غير متعلقة بالجدار المسألة متعلقة بالحصار, المسألة مش متعلقة بالبناء المسألة متعلقة بالإنسان, الذي هو من بنيان الله ملعون من هدمه, فأنا أرى أن الخطأ الحقيقي والإثم الحقيقي يتمثل في منع أهلنا بغزة من مقومات الحياة الضرورية, أما بناء الجدار أو عدم بنائه, فإذا اتخذ الإجراء الحقيقي وهو فتح معبر رفح فخليهم يبنوا بدل الجدار خمس جدران وراء بعض متتابعة, ما عندي أي إشكال, أما إذا ظل المعبر مفتوحا فالخطأ هنا ليس بناء الجدار, الخطأ ما يترتب عليه من استكمال الحصار, فنحن ضد الحصار والحصار حرام بغير جدال, والأمر متعلق بالمصلحة والمفسدة كما قلت لك, ليس متعلقاً بنصوص صريحة بالحلة والحرمة, ولاشك أن المصلحة والمفسدة يختلف بها الرأي لسببين, نقص المعلومات أو كمالها, نقص الفقه أو كماله, فإذا استكمل الإنسان آلة الفقه وكانت المعلومات التي بين أيديه كاملة, يستطيع أن يفتي بناء على المصلحة أو المفسدة, أما إذا كان كلامه مجرد ترديد لكلام الغير فيقع بموقع القائلون بالوجوب
المقدم: دكتور لم نسمع يوميا انتقاداً شرساً لعلماء الأمة ربما كما تعرض له من أفتى بحرمة بناء هذا الجدار, مثل الشيخ القرضاوي الذي تعرض لهجوم شرس في الإعلام هذه الأيام, لصالح من يتزامن ويتخندق هذا, الفتوى بهذه الطريقة يقف الناس ضدها ويشهرون ويشوهون سمعة العلماء.
الضيف: الفتنة هذه متكررة, حصل في مناسبات سابقة وسيحصل في مناسبات لاحقة إن الذين يقفون مع الحق سيجدون ناس يقفون مع غيره, الذين يقولون افعلوا ما أمر الله به, يكون أمامهم ناس يقولوا ما يهمكم افعلوا ما يأمركم الشيطان به, هذا إجراء عادي وطبيعي لكن شدة الهجوم وحماس الإعلام الذي يهاجم سببه أن هذا جاء على العرق الموجع, على الجرح الذي يؤلم, أنت تذكر أننا بدأنا بقصة اسمها الجدار الفولاذي ثم انتقلنا منه إلى الجدار فقط ثم انتقلنا منه إلى المنشآت العسكرية ثم انتقلنا إلى تسميتها المنشآت الهندسية, ما سر هذا التغير بالتسمية, سر هذا التغير بالتسمية محاولة الذين يقومون ببناء الجدار تخفيف وقع الأمر على الأمة, لأن العلماء الذين أفتوا وهم لا يحصون عددا, بأن هذا يؤدي إلى الإضرار بأهلنا في فلبسطين, ومن ثم حرموا بناءه, وإن كنت أنا بقولك أنا بحرم الحصار مش الجدار, حرموا بناءه أشعلوا روح الحماس بالأمة كلها, وإشعال روح الحماس بالأمة كلها ضد هذه المسألة ليست من مصلحة الذين يقومون بها, فوجهوا إعلامهم ووجهوا كتائب منتقديهم الذين قالوا الحق, الذي قاله القرضاوي هو الحق والذي قاله العلماء المحرمون هو الحق, وإن اختلفت الأسباب بيننا وبينهم, اختلف التسبيب لكن الحكم في النهاية أنه عمل غير جائز.
المقدم: دكتور وأنت المتخصص بالقانون والشريعة, هناك سياسيون ونواب في مصر تقدموا بدعوة ضد الحكومة المصرية بسبب بناء هذا الجدار من أجل إزالته وهذا بحجة أنه يتعارض مع القوانين المصرية ومع القوانين الدولية ومع فتوى محكمة العدل الدولية التي قضت على الجدار العازل في الضفة الغربية سنة 2004 أيضا بعدم شرعيته وباعتباره جريمة وإبادة جماعية, وأنت متابع طبعا أين وصلت هذه الدعوى.
الضيف: الدعوة لسه مرفوعة جديد وأنا أظن أن قرار رفعها لم يكن قرارا صائبا, لأن القضاء المصري مستقر على أن الأعمال المتعلقة بحماية حدود البلاد هي من أعمال السيادة التي تسأل عنها الدولة باعتبارها سلطة حكم وليس باعتبارها سلطة إدارة, نحن نذهب إلى القضاء الإداري في الأعمال الإدارية, زي القرار بتاع الغاز القرار بتاع الغاز قرار إداري, تخول شركة كذا ببيع كذا هذا قرار إداري, إغلاق مطار القاهرة لمدة ستة أشهر مثلا, أو بمنع السياح الذين جاءوا من السويد مثلا, من أي بلد في الدنيا, مثلا منع المواطنين من البلد الفلاني بدخول مصر هذا قرار سيادي, هذه لا يجوز أن تعرض على القضاء وإذا عرضت على القضاء يجب عليه أن يحكم بعدم اختصاصه, وفي دخولها بنطاق أعمال الحكم وليس بنطاق أعمال الإدارة, والمثل المضروب لأعمال الحكم هو الحدود والجيش والأعمال الدولية والأعمال المحلية هذا المثل التقليدي في كتب الفقه وفي أحكام القضاء, أنا لا أرى أن الدعوة هذه ناجحة, وهي ستحدث ضجيجا في مصر وربما خارجه أكثر مما في مصر, لكن العمل الناجح هو التوعية الشعبية, العمل الناجح هو حث المصريين
المقدم: هذه الدعوة ألا تصنع رأياً عاماً؟
الضيف: تصنع رأياً عاماً باتجاه غير صحيح, تصنع رأياً عاماً باتجاه الإدانة باتجاه الكراهية, أنا عاوز أعمل رأيا عاما باتجاه مواجهة الجدار بمزيد من التواصل, مواجهة الجدار بمزيد من محاولات التهريب إلى غزة, مواجهة الجدار بمحاولة المزيد من إرسال الأموال والسلع إلى غزة, اختراع النوافذ, لنفتحها
المقدم: على هذا الموضوع القرآن سجل فقط لمصر دورها في تزويد فلسطين بالقوت والطعام في سورة يوسف في سنين القحط والجدب, سجل التاريخ الحديث لمصر تقديم الشهداء تلو الشهداء في أكثر من أربع معارك, كيف تعيد مصر دورها القيادي والريادي في الأمة العربية, وهو سؤال كبير؟
الضيف: هو سؤال كبير لكن جوابه يسير, نحن عندما قررت مصر أن تخوض حرب أكتوبر حرب رمضان 1393 أكتوبر 1973 استعددنا للحرب سنة واحدة انقلبت كل الموازيين فيها, إذا صلح الراعي صلحت الرعية, أنا ما عندي إشكال أن مصر تستعيد هذا الدور بين عشية وضحاها, الإشكال مش باستعادة الدور الإشكال بالأضرار العاجلة التي ستلحق أهلنا والتي يجب إما أن نمنعها وإما أن نقللها, إن لم نستطع منعها ينبغي أن نقللها, وبالمناسبة أنا سمعتك بالمقدمة تذكر أن هناك اتفاقا مع الصهاينة لبناء الجدار هذا غير صحيح, وذكرت قصة الأموال العربية التي جاءت لدعم إعادة البناء في غزة فتحولت إلى بناء الجدار أيضا هذا غير صحيح
المقدم: هذا تعبير أدبي
الضيف: أنا فهمت كلامك في الجزء الثاني, أما بالجزء الأول بتاع الاتفاق, لا ليس هناك اتفاق,
المقدم: ربما سرا دكتور
الضيف: الصهاينة فوجئوا ببناء الجدار كما فوجئ العالم, لكنهم ولأنهم يراقبون حدودهم معنا 24 ساعة في اليوم, وسألوا عن هذه الأعمال التي يقوم بها عمال من شركة المقاولون العرب التي قامت ببناء جميع المنشآت العسكرية بمصر, عرفوا هذا وشرح لهم فسربوا الخبر لصحافتهم ونشروه, لكن الجدار قرار مصري خالص لم يتدخل به أحد ربما أرضى آخرين وأسعد آخرين وأولهم الصهاينة, الذين قرروا أن يقيموا جدارا آخر على حدودهم معنا من جانبهم هم, يعني هم الآن قرروا أن يقيموا جدارا مماثلا للجدار المصري على الحدود بين الأرض المحتلة ومصر, لأن هذا أعجبهم فقد تستغل أرضهم لتهريب أشياء تضرهم.
المقدم: دكتور سؤالنا الأخير, المعروف علميا أن كثرة الضغط يولد الانفجار, هل تعتقد أنه مع كثرة الضغط على الشعب الفلسطيني سيضطر إلى مزيد من المقاومة من أجل صموده؟
الضيف: أنا أكيد أن الشعب الفلسطيني سيستثمر كل جهد ممكن لمزيد من المقاومة ليس فقط في الفصائل الموجودة حاليا وأهمها حماس والجهاد والجبهة الشعبية وكتائب صلاح الدين وكتائب الأقصى, إنما ستنشئ فصائل جديدة لم يسمع بها أحد وقوى جديدة لا يعرف كيف يرصدها أحد, وستؤدي إلى نتائج مثل التي أدت إليها تلك القوى أول نشأتها لأن سنة الله في الأرض أن يتدافع الناس{ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ } فهؤلاء القوم المرابطون في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس كما اخبر الرسول صلوات الله وسلامه عليه لن يعدموا وسيلة للجهاد بعد وسيلة وجيل للجهاد بعد جيل حتى ينتصر الحق وينخذل الباطل بإذن الله.
المقدم: جزاك الله خير دكتور محمد سليم العوا أمين عام الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أهلا بك, وشكرا لكم مشاهدينا الكرام, أملين أن نكون قد وفقنا لفتح باب للفرج من هذا الجدار الفولاذي شكرا لكم في أمان الله.