الحلقة 23 الإعداد السلوكي والمعنوي

    

الشيخ بسام كايد

د. منجد أبو بكر

د. عمر الجيوسي (المقدم): السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم مشاهدينا في كل فلسطين وفي كل مكان، يسمع القائد خالد بن الوليد جندياً يقول ما أكثر الروم وأقل المسلمين، فيرد عليه بسرعة بل قل ما أكثر المسلمين وأقل الروم إنما تكثر الجنود بالنصر وتقل بالخذلان، ونابليون بونابرت يحسب أن قيمة المعنويات بالنسبة للقوة المادية تساوي ثلاثة على واحد، ومن المعلوم أن القيادة المتميزة ترفع المعنويات، فماذا عن قياداتنا الآن ومن يرفع معنوياتهم؟ مشاهدينا متابعينا في الحروب القديمة كان الجيش هو المسؤول الأول والأخير عن إحراز النصر، أما في الحروب الحديثة فقد أصبح الشعب كله مسؤولاً عن إحراز النصر وخاصة بعد تطوير القوة الجوية واختراع الأسلحة النووية والدعم اللوجستي، وبالتالي أصبحت أهمية المعنويات في الشعب كأهميتها في الجيش سواء بسواء، أعزاءنا لرفع المعنويات لا بد من عوامل وعلى رأسها الدين خصوصاً بالنسبة للعرب حيث يقول ابن خلدون: “إن العرب لا يحصل لهم الملك إلا بصبغة دينية”، ولرفع المعنويات لا بد أن يكون دور لهيئات العلماء وللدعاة ولدوائر التوجيه السياسي، مشاهدينا النصر يرفع المعنويات وفي نفس الوقت الروح المعنوية العالية من أهم عوامل النصر، ولو افترضنا أن المعنويات هي نتائج فإن علينا أن نذهب إلى المختبر النفسي الذي يشكل السلوك لنرى ما السلوك المتوقع للجيل لو لم يستطع أحد تحرير القدس عبر تاريخنا، وفي المقابل نبحث عن قاموس الإعداد عن السلوكيات التي يمر بها الشاب الفلسطيني كي يصبح مقاوماً واضعاً تحرير الأقصى هدفه الأسمى، ونسأل عن حياة مقاومين في فلسطين رغم اعتقال الأب أو استشهاده يكون للأم أثناء غياب أزواجهن في الغزوات دور كبير، مشاهدينا الإعداد السلوكي والمعنوي هو عنوان حلقة اليوم ونستضيف عضوي هيئة علماء فلسطين في الخارج الشيخ بسام كايد والدكتور منجد أبو بكر، حياكم الله ضيفين عزيزين على هذا البرنامج على خطوات صلاح الدين، شيخ بسام دعنا نبدأ معك في موضوع المعنويات لا أعرف كيف معنوياتنا بداية هذه الحلقة، بداية ما يجري للأمة يعني، معنويات أصلاً هي كلمة إنجليزية (moral) كانت بمعنى القوة الأدبية أو الروحيات وتطورت عندما دخلت في قسم التوجيه المعنوي في الجيوش وصارت يعني تتحدث عن المعنويات بمدلولاتها الواسعة، ما علاقة المعنويات بالإعداد؟ بالإعداد قبل الجهاد يعني؟

الشيخ بسام كايد (الضيف): بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد النبي الهادي الأمين وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته الغر المحجلين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم وفقنا لما تحبه وترضاه يا رب العالمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الوهم وأكرمنا بنور الفهم بكرمك يا أكرم الأكرمين، بداية اسمح لنا أن نوجه شكراً لهيئة علماء فلسطين في الخارج القائمة على هذه السلسلة من البرامج في وقت عز فيه النصير، في وقت قل فيه أو ضعف فيه المعين، في وقت نحن بأمس الحاجة لمن يعمل على رفع معنويات أمتنا التي تكالبت عليها الأمم كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام: “توشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها” في هذا الوقت نحن بأمس الحاجة إلى مثل هذا النداء للأمة، من خلالكم نوجه نداء وتحية إلى هذه الأمة العظيمة، الأمة التي اصطفاها الله سبحانه وتعالى واختارها لتكون الأمة الوسط، أن تكون هي الأمة التي تحكم بين الناس “وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً” ومن خلال التحية للأمة نوجه التحية إلى شعب فلسطين، رأس حربة هذه الأمة في الجهاد في مقارعة الصهيونية العالمية، وتتبعها من خلفها الصليبية العالمية وكأنها تُبعث من جديد في حرب صليبية جديدة على الإسلام والمسلمين تقود كبرها أمريكا ومن خلفها، نوجه تحية إلى شعبنا المرابط في فلسطين، إلى شعبنا المشرد المرابط والمحافظ على قيمه وعلى معتقداته وعلى كل ما يشرف هذه الأمة في مخيمات وأماكن لا تصلح لعيش الآدمي، جعل منها قلاعاً للعلْم والثورة والصمود والدين والإسلام إن شاء الله.

د. عمر الجيوسي (المقدم): جزاكم الله خيراً، الآن السؤال علاقة المعنويات بالإعداد يعني معنويات وإعداد علمان متقاربان يعني؟

الشيخ بسام كايد (الضيف): المعنويات كما ذكرت حضرتك هي بالأصل كلمة أجنبية لكن المفهوم عندنا موجود أصلاً، النبي عليه الصلاة والسلام عندما كان في مكة وكان مضطهداً في مكة هو وأصحابه الكرام كان يرفع من معنوياتهم حتى في أشد حالات الضيق، حتى في أشد حالات البؤس وهو مطارد من مكة إلى المدينة، في هجرته يقول له يا سراقة بن مالك ستلبس سواري كسرى وتاجه، كان يزرع الأمل في قلوب أصحابه الكرام، عندما التقى بعدي بن حاتم الطائي “يا عدي لعله يكون قد منعك أن تدخل في الإسلام ما تراه من فقر ما تراه من فاقة ما تراه من خوف أن الناس تكالبت علينا، يا عدي لئن طال بك الزمان لترينّ الظعينة تسير من صنعاء إلى حضرموت لا تخشى إلا الله” يقول عدي في نفسه وأين دعار طي؟ أين دعار طي؟ يكاد لا يصدق ذلك ولكن قالها في نفسه، يا عدي الفقر الذي تراه لعلك ترى الرجل يخرج ملء كفه ذهباً أو فضة لا يجد من يأخذه، وكانوا في حالة فقر شديدة، يزرع الأمل عليه الصلاة والسلام في قلوب أصحابه، في الخندق وهو يضرب الصخرة الله أكبر فُتحت بلاد فاس فُتحت بلاد الشام، هذه المعنويات التي زرعها في قلب أصحابه قبل الحرب، عندما بدأت أول معركة، أول معركة قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض، زرع فيهم الأمل ورفع من معنوياتهم حتى أن أحدهم كانت التمرة في فمه لم يبتلعها، قال بيني وبين أن أدخل الجنة أن آكل هذه التمرات واقتحم ومضى إلى الجنة، عمير بن الحمام، عبد الله بن رواحة الذي ترددت نفسه وخاطبها:

 أقسمت يا نفس لتنزلنّ لتنزلنّه أو لتُكرهنّ.

 قد أجمع الناس وشدوا الرنة.

 مالي أراكِ تكرهين الجنة.

د. عمر الجيوسي (المقدم): طيب جزاك الله خيراً دكتور بسام، دكتور منجد في الموضوع الذي ذكره دعنا في الجيش المشهد المهيب الذي ذكره الشيخ بسام، الحروب القديمة كان الجيش هو المسؤول الأول والأخير عن إحراز النصر مثل فريق كرة القدم الناس تنتظره حتى يحقق النصر، لكن الحروب الحديثة أصبح الشعب بشرائحة كلها مسؤولاً عن إحراز النصر خصوصاً بعد تطور الأسلحة الحديثة اللوجستية والإعلامية، وحتى القدرات الجوية والحواسيب وإلخ، نريد منكم تسليط الضوء على اهتمام الإسلام بالتوجيه المعنوي للشعب وللجنود.

د. منجد أبو بكر (الضيف): بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم اشرح لنا صدورنا ويسر لنا أمورنا واحلل عقداً من ألسنتنا يا رب العالمين، قبل أن أشرع بالإجابة عن سؤالكم يعني أوجه تحية لأهلنا في فلسطين ولكل أهلنا في مشارق الأرض ومغاربها، ولعلنا في هذا اللقاء نتحدث عن  المعنويات غير أننا نقبس من أهل فلسطين ومن جهادهم حقيقة، هم يرفعون معنوياتنا وهم يعززوننا، وهم يعني الذين يمارسون هذا المعنى عملياً وإن كنا نقرؤه وندرسه ونشاهده، غير أنهم يمارسونه في كل يوم، فأسأل الله عز وجل أن يبارك فيهم وأن يحفظهم وأن ينصرهم وأن يلحقنا بهم في صفوف المجاهدين، اللهم آمين، في الحقيقة أن يعني القرآن الكريم عندما يتنزل على قلب الحبيب صلى الله عليه وسلم ويعلن قضية عظمى هي مسألة خلافة الإنسان لله عز وجل في هذه الأرض هي خطاب لكل إنسان، والجندي إنسان قبل أن يكون جندياً ولذلك قال الله عز وجل “إني جاعل في الأرض خليفة” فالخطاب عام وربنا عز وجل يخاطب كل إنسان، وهذا المعنى ينسحب على المجاهد وينسحب على الطفل الصغير الذي سيكون مجاهداً، وينسحب على المرأة التي تربي المجاهد، وينسحب على الشيخ الكبير الذي يعزز هذا المعنى في أولاده وفي أحفاده، لذلك نجد هذا المعنى في كتاب الله عز وجل كثيراً يتكرر وكثيراً يتردد، وكذلك في سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك لا نجد مثلاً أن النبي صلى الله عليه وسلم يخصص خطاباً للجيش وخطاباً للناس، لاحظ مثلاً الله عز وجل يقول: “وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئاً إن الله بما يعملون محيط”، يخاطب المجتمع لأن الجندي إنما يأخذ قوته وعزيمته من أمه ومن أخيه ومن أبيه ومن محيطه، فإذا ما وجد مثل هذا المعنى في أمته جميعاً سيتعزز وسيتقوى وسيشارك أيما مشاركة، لذلك انظر ربنا يقول “الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت” وهذا المعنى كان يركز عليه صلاح الدين ونحن على خطى صلاح الدين رحمه الله ورضي الله عنه، كان في قبيل حطين يقف أمام الناس وأمام الجند ويقول لهم لا تقاتلوا عني وقاتلوا في سبيل الله، يستحضر قول الله عز وجل “الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت” لذلك نجد هذا المعنى وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم، لذلك هذه مسؤولية أراد القرآن وأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعلها في عنق كل مسلم، لذلك لاحظ كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر، الذي يكون اليوم صغيراً هو جندي الغد وفي مرحلة من المراحل ربما تكون أنت لست في خندق القتال لكن ينبغي أن تتهيأ لتكون في خندق القتال، لذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: “من لم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق” لذلك حقيقة هذا التقسيم يعني ربما لم يؤكد عليه القرآن ولم تؤكد عليه السنة لأن الأمة كل الأمة مطالبة بهذا المعنى من الجهاد ومن تدعيم المجاهدين ومن تعزيز هذه الروح الجهادية في هذه الأمة.  

د. عمر الجيوسي (المقدم): نعم جزاك الله خيراً، شيخ بسام كايد يعني في موقف خالد يعبر عمّا نريد قبيل معركة اليرموك عام 13هـ خالد بن الوليد يسمع جندياً يقول (ما أقل العرب وما أكثر الروم) فردّ عليه خالد، وجيد أنه سمعه فقال: (بل قل ما أكثر المسلمين وأقل الروم، إنما تكثر الجنود بالنصر وتقل بالخذلان)، أيضاً نابليون بونابرت يعد أن قيمة المعنويات بالنسبة للقوة المادية تساوي الثلث مادياً والثلثين معنويات، وبالتالي أسألك يعني هذا القائد نابليون بونابرت، وهذا القائد خالد بن الوليد، هناك قيادات متميزة ترفع المعنويات لا أدري حال قيادتنا الآن، وقيادات ضعيفة تحطم المعنويات، قياداتنا الآن من يرفع من معنوياتهم؟

الشيخ بسام كايد (الضيف): لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، إنا لله وإنا إليه راجعون، إن كنت تقصد بها القيادات الزعامات الرؤوساء الملوك الأمراء…

د. عمر الجيوسي (المقدم): النوعين.

الشيخ بسام كايد (الضيف): أنا لا أرى فيها…

د. عمر الجيوسي (المقدم): يعني هناك قيادات أيضاً رفعت معنويات الأمة.

الشيخ بسام كايد (الضيف): يعني الصنف الأول لا أرى فيه إلا قول النبي عليه الصلاة والسلام: “تأتي بعدي سنوات خدّاعات يؤتمن فيها الخائن ويخوّن الأمين، ويُصدّق الكاذب ويُكذّب الصادق، وينطق في الأمور الرويبضة، قيل وما الرويبضة يا رسول الله؟ قال: التافه، وفي رواية الحقير يتكلم في أمور العامة”، يتصدر فيها الفسقة، يتملك فيها الظلمة، إن كنت تقصد هؤلاء فهؤلاء قد تُودع منهم، أما إن كنت تقصد قادة الجهاد وزعماء الجهاد ومن اصطفاه الله سبحانه وتعالى لقيادة هذه الأمة فهؤلاء هم من يعملون على رفع معنوياتنا، إذا نظرتَ إلى القيادات العلمائية الشيخ أحمد ياسين بكرسيه بشلله بمرضه رفع الأمة كل الأمة، الدكتور عبد العزيز الرنتيسي بعلمه بثقافته بأدائه المتميز رفع من مستوى الأمة.  

د. عمر الجيوسي (المقدم): بمعنوياته.

الشيخ بسام كايد (الضيف): بمعنوياته نعم، هؤلاء قادة يقودون الأمة للنصر، ومن خلفهم لا نستثني بعض الملوك أوالأمراء يبقى هناك من فيه بعض الخير، هؤلاء القادة لا نحتاج أن نرفع من معنوياتهم، هم الذين يعملون على رفع المعنويات كما ذكر دكتورنا الكريم، نحن وإياهم نسيج واحد وِحدة واحدة، القادة قد يكون في مجال العلم، قد يكون في مجال السياسة، قد يكون في مجال العسكر، في مجال الاقتصاد، هذا التشكيل القيادات من هذا الشكل القيادة الجماعية، الآن تتميز الأمم بقيادات جماعية، بقيادات متعاونة متكافلة على كل المستويات، فإذا التقت هذه الأمور ممكن أن ترفع الأمة وترتفع معنويات الأمة بالشعب، انظر إلى قيادات حماس في فلسطين كيف أن الشعب الذي قبِل أن يموت بكل الطرق وبأبشع الطرق صمد وثبت، شعاره ونشيده إنا لله وإنا إليه راجعون، لا حول ولا قوة إلا بالله، حسبنا الله ونعم الوكيل، شعب يردد في وسط المأساة حسبنا الله ونعم الوكيل يُلزم القائد أن يتصدى للمعركة ويواجه ويكون مشروعه الشهادة، القائد الذي يكون مشروع شهادة يوطّن نفسه على أنه سيكون شهيداً بإذن الله تعالى يجد من خلفه شعباً يعشق الشهادة ويعشق المضي إلى الله سبحانه وتعالى.

د. عمر الجيوسي (المقدم): جزاك الله خيراً، نذهب إلى قائد ديني في الحروب الصليبية الذي هو أوربان الثاني، أوربان له خطبة شهيرة يعني كانت ضمن مؤتمر لمدة عشرة أيام في فرنسا من أجل تجييش الناس وهو عراب الحروب الصليبية في ذلك الوقت، كان يدرك أهمية الروح المعنوية رغم أن خطابه كان يشتمل على قدرات خاصة في الخطابة أو المعنويات، ولكنه كان يشتمل أيضاً على أكاذيب وشعارات كثيرة أيضاً، خذنا إلى تلك النقطة التاريخية.

د. منجد أبو بكر (الضيف): الحقيقة يعني إن البابا أوربانوس الثاني يعني هو فعلاً يعدونه وحتى الآن يذكرونه ويعظمونه، بل ذكره مايكل هارت في كتابه (الخالدون المئة) ولعله كما أذكر صنفه الرقم خمسين، أنه من الخالدين ومن العظماء الذي ينبغي أن يذكرهم التاريخ وأن يحفظ سيرتهم لما كان لهم من أثر كبير في إحياء هذا المعنى في مجتمهعم.

د. عمر الجيوسي (المقدم): هو وضع النبي صلى الله عليه وسلم في المرتبة الأولى وهو غير مسلم.

د. منجد أبو بكر (الضيف): نعم وله أسباب ذكرها وهو يقول في كتابه (وأنا لا أود أن يكون محمداً في هذا المقام، إلا أنه يُكرهني بصفاته وعظيم فعله في نفع البشرية جميعاً وبأثره وببقاء منهجه حتى الآن)، أوربانوس أو أوربان الثاني كان هو البابا في إيطاليا في روما، وكان استلم البابوية لمدة تقريباً أحد عشر سنة، وكان حريصاً على أن يحيي معنا أو أن نعيد قبر عيسى إلى _كما يزعمون أنه مدفون في بيت المقدس_ أن يعيده إلى حوزة الصليبية وإلى حوزة النصرانية، فبدأ يطوف في أوربا وتحديداً كان يركز في إسبانيا لأن إسبانيا كان لها حروب كثيرة مع المسلمين ولهم خبرة في حرب المسلمين، وأخذ خبرة كثيرة منهم، وجمع النصارى في الثامن عشر من نوفمبر من عام 1095م الذي كان يصادف يوم الأحد الثامن عشر من ذي القعدة من عام 488هـ في كليمنت في فرنسا، وبدأ يتكلم وهو كان خطيباً مفلقاً ذكياً لبيباً قارئاً للتاريخ، وبدأ حقيقة ينسج ما بين حق بباطل ويحفز همم الناس، وكان يخاطب الأغنياء والأمراء قبل أن يخاطب الفقراء ويحفز ويدعو الجميع، ويبدو أنه كان صادقاً لذلك نجح في فكرته واستطاع أن يؤلب كل أوربا لتخوض حرباً ضد الإسلام والمسلمين، وأعاد إحياء الحروب الصليبية، في الحقيقة يعني مما كان يذكره ليؤجج مشاعرهم وهذا الجانب المعنوي الذي أيضاً هو أدرك قيمته لتحريك الناس، كان يقول لهم العرب يبولون على قبر عيسى، العرب يدوسون على قبر عيسى، لذلك غورو عندما جاء وهو يدرك هذا المعنى بعد الحرب العالمية الأولى جاء إلى دمشق وداس على قبر صلاح الدين ليحرك هذا المعنى الذي رباه فيهم ذلك البابا أوربانوس، أيضاً مما كان يذكره لهم أنّ من يفعل ويخرج للجهاد في بيت المقدس ليحرره من أيدي المسلمين سيغفر له ما تقدم من ذنبه، ومن هنا نشأت فكرة صكوك الغفران حقيقة من هذا البابا، وكانت في أصلها فكرة مقصودة دينية حقيقية للتحفيز على الجهاد ثم أصبحت تجارة في ما بعد هذا صكوك الغفران، لذلك كان ومما فعله أنه يجب أن ينقش كل جندي الصليب على صدره ليعزز فيهم أننا نذهب إلى القتال في سبيل عيسى صلى الله عليه وسلم، لذلك انظر هذا المعنى كان يحرص عليه وهو الذي يتكرس في نفوس الصليبيين حتى الآن، ونحن لا نقصد النصارى كدين نقصد الذين يريدون حرب الإسلام والمسلمين منهم، لأننا حقيقة على وثاق معهم والقرآن حثنا على أن نحسن إليهم، لكن أقول حقيقة يعني انظر مثلاً سلالزار كان حاكم البرتغال في وقت الاحتلال الفرنسي للجزائر، وضجت أوربا بعض الحقوقيين وبعض الذين يناضلون عن حقوق الإنسان لهذا الاحتلال وللثورة الجزائرية، فقال لهم ماذا تفعلون؟ كيف تدافعون عن الثورة الجزائرية؟ إذا انتصرت الثورة الجزائرية سينتصر الإسلام، وإذا انتصر الإسلام سيعود العرب في حملات جديدة كالتي فعلوها في القرن السابع.  

د. عمر الجيوسي (المقدم): يعني ما أشبه اليوم بالبارحة.

د. منجد أبو بكر (الضيف): بالضبط، وهذا الذي صرح به جورج بوش.

د. عمر الجيوسي (المقدم): كثير من المعلومات في صلب هذا الموضوع المعنوي، ولك كتاب في الأمل والرجاء ممكن أن نستفيد أيضاً من هذا الأمل والرجاء نعم، ولكن معنا فاصل الآن ونرجع لكما ضيفي الكريمين، مشاهدينا فاصل قصير انتظرونا بعده إن شاء الله.

حياكم الله من جديد مشاهدينا على خطى صلاح الدين بصحبة الشيخ بسام كايد عضو المكتب التنفيذي لهيئة علماء فلسطين في الخارج، وكذلك الدكتور منجد أبو بكر عضو هيئة علماء فلسطين كذلك، شيخ بسام يعني أوربان الثاني أو أوربانوس كان يشكل دائرة ما تسمى الآن دائرة التوجيه السياسي، كل جيش أو كل يعني فصيل مقاومة له دائرة توجيه سياسي، يعني ما دور هذه الدائرة يعني أو هذا القسم؟

الشيخ بسام كايد (الضيف): الحقيقة له عدة مهام، المهام الأولى زرع الأمل في نفوس الشعب والجيش، ثم التخذيل والتهوين من مشروع العدو ومن قوة العدو، بعد ذلك أن يؤكد للجندي بأن أهله ومن يترك خلفه محفوظون عند الدولة، أيضاً هو ماض إلى لقاء الله سبحانه وتعالى ويذكر له ما أعد الله للشهيد حتى أنه يصبح الإنسان إذا كان التوجيه بدرجة عالية جداً كأنه يرى الجنة رأي العين، لذلك ترى الشهيد يمضي إلى الله عز وجل وهو مبتسم ضاحك، ترى ابتسامة الشهداء مما تنعش القلب، ما الذي أضحك هذا الشهيد؟ إنه ما أعده الله له، ما رآه بنفسه، وهذا ما يُفترض بالدائرة السياسية أو دائرة التوجيه أن تؤكد على هذه المسائل، أن هذا الجهاد الذي نحن نسير فيه من مضى منا يمضي شهيداً ومن يعيش بعده يعيش سعيداً فله الخير وله الأمل، ولا يخشى على عياله لا يخشى على أهله، أيضاً يرفع لهم من مهمة هذا المشروع نحن اختارنا الله سبحانه وتعالى لنكون قدره، اختارنا لنكون أداة التنفيذ، نحن الخلفاء استخلفنا الله سبحانه وتعالى لنكون خلفاءه في الأرض، هذه مهمة سامية نحن نقوم بمهمة الأنبياء، ما نقوم به ليس أمراً عادياً نحمل رسالة السماء بمهمة الأنبياء بأداء يرضي الله عز وجل ويرفع معنويات من خلفنا بإذن الله تعالى، هذا الأمر من أهم الأمور التي تدفع بالناس للإقدام وللعطاء للجهاد.

د. عمر الجيوسي (المقدم): ولذلك  يعني في بعض الأقسام يسمونها دائرة التوجيه السياسي والمعنوي، وهو يعتمد على الآخر، طيب لو رجعنا إلى لقطة من أيام صلاح الدين الأيوبي أو قبل، ابن خلدون يقول أن العرب لا يحصل لهم الملك إلا بصبغة دينية، وصلاح الدين الأيوبي كان قائداً سياسياً ومحنكاً سياسياً ورجل حرب، ولكن في نفس الوقت له خطة معنوية عالية طالما هو أصلاً ناجح ومعنوياته عالية بالتالي يجب أن تكون الجيوش من خلفه معنوياتها عالية، ما النصوص الشرعية التي يستحضرها القائد أو التي استحضرها صلاح الدين حتى يرفع من معنويات جنوده وشعبه؟

د. منجد أبو بكر (الضيف): في الحقيقة أخي الكريم يعني لأهمية هذا المعنى وكما قال ابن خلدون، لذلك نحن نلاحظ الدولة النورية والدولة الصلاحية التي ذكرها أبو شامة في كتابه الروضتين وهو من أهم الكتب التي تلخص ذلك التاريخ حقيقة بشكل دقيق وبشكل مفصل، ولعله يعني تفوق على ابن الأثير في كتابه الكامل، لأن ابن الأثير كان زنكياً وكان يحمل على صلاح الدين كثيراً.

د. عمر الجيوسي (المقدم): ووالده كان في القصر الزنكي يعني.

د. منجد أبو بكر (الضيف): بالضبط لهذا.

د. عمر الجيوسي (المقدم): هو منحاز لنور الدين.

د. منجد أبو بكر (الضيف): نعم، لذلك حقيقة يعني أبو شامة تعقب هذه المرحلة بشكل دقيق، ويقول أنه أنشأ نور الدين ومن بعده صلاح الدين أكثر من 24 مدرسة علمية في مصر وفي القاهرة وما حولها لإعادة إحياء هذا الدين في قلوب الناس، وكان هذا مقدمة لزوال الدولة الفاطمية التي كان يحرص نور الدين ومن بعده صلاح الدين على زوالها، ومن فضل الله عز وجل يعني كان هذا الزوال، الحقيقة يعني صلاح الدين كان على نهج أستاذه وشيخه نور الدين، ولعل نور الدين يعني مما يُذكر له وكان يروي أحاديثاً بسنده وكان من شيوخه ابن عساكر.

د. عمر الجيوسي (المقدم): هل هو مسند؟

د. منجد أبو بكر (الضيف): نعم نعم رحمه الله، وكان يعني أذكر قصة عنه يعني في سياق إجابتي أنه عندما حاصر الصليبيون دمياط وكان فيها صلاح الدين رحمه الله، اغتم نور الدين أيما اغتمام رضي الله عنه ورحمه لحصار بلد من بلاد المسلمين، فأراد مَن حوله أن يدخلوا شيئاً من البسمة والبهجة إلى قلبه، فقالوا إنما سمعنا أنك تروي الحديث المسلسل، مسلسل الابتسامة بسندك يمكن أن ترويه لنا؟ وربما يعني ليس مقاماً أن أتكلم عن هذا المصطلح في علم الحديث، لكن…

د. عمر الجيوسي (المقدم): طبعاً لمن يعرف ما معنى الحديث المسلسل.

د. منجد أبو بكر (الضيف): الحديث المسلسل يعني النبي عندما قال له ضحك، والصحابي…

د. عمر الجيوسي (المقدم): كلمة أو إشارة.

د. منجد أبو بكر (الضيف): نعم كلمة أو إشارة، وكان ينبغي على نور إذا ما روى مثل هذا الحديث أن يبتسم وأن يضحك، لكنه ما ابتسم البتة، فقالوا له يعني نسيتَ شيئاً من الحديث قال أعرف ما تقصدون أن أبتسم، والله إني لأستحيي من الله أن أبتسم ودمياط تحاصر من الصليبيين، لذلك هذا المعنى استطاع فعلاً أن…

د. عمر الجيوسي (المقدم): هذا نور الدين؟

د. منجد أبو بكر (الضيف): نور الدين رحمه الله، لذلك يعني مما يُروى عنه يعني استطراداً لأهميته حقيقة في تحريك هذا المعنى في نفوس الجند، وهذا المعنى الذي كان يقبسه صلاح من شيخه نور، من شدة غمّه كان يبكي كثيراً ويقوم الليل ويدعو الله عز وجل أن يفرج كرب المسلمين، فكان له إمام وقاضي في مسجده فرأى النبي في المنام صلى الله عليه وسلم، قال له بشر نور الدين أن الصليبيين سيخرجون من دمياط، فقال له لن يصدقني يا رسول الله اجعل لي علامة لنور الدين، وكان نور الدين رحمه الله قبل سنة من هذا الحدث حاصر حصناً في حلب واشتد الحصار وكاد أن ينهزم، يقول رضي الله عنه فمرغتُ وجهي في التراب وقلتُ اللهم إن هؤلاء أعداؤك يشير للصليبيين، وإن هؤلاء أولياؤك يشير للمسلمين، اللهم انصر أولياءك على أعدائك، اللهم لا تنصر كلباً مثلي إنما تنصر دينك، وهذا من إذلاله لنفسه.

د. عمر الجيوسي (المقدم): ومرغ نفسه بالتراب كما يفعل الكلب فعلاً.

د. منجد أبو بكر (الضيف): ومرّغ نفسه بالتراب رضي الله عنه وأرضاه، فقال النبي لذلك الشيخ قل له _وهذا الكلام كان في نفس نور لم يخبر به الناس_ قال له: قل له هذا الكلام الذي قاله نور منذ سنة تقريباً، فذكر الشيخ نفس الكلام لنور الدين ولم يذكر كلمة كلب حياء من مقام نور الدين وكان له هيبة رضي الله عنه وأرضاه، قال والله ما أكملتَ العلامة حتى قال له كلمة كلب، فهذا المعنى استطاع فعلاً أن ينشره نور الدين وأن يعززه في نفوس جنده، وكان على رأس جنده صلاح الدين الأيوبي رضي الله عنه وأرضاه، لذلك صلاح الدين كذلك كان يقرب منه الشيوخ والعلماء، حتى… 

د. عمر الجيوسي (المقدم): طيب نحن تناولنا هذه الجزئية كثيراً في موضوع العلماء، دعني آتي للعلماء في شيء عملي، اسمح لي شيخ بسام أنت عضو مكتب تنفيذي لهيئة علماء فلسطين رعاة هذا البرنامج، الآن الناس في الملمات عبر تاريخنا ينظرون للعلماء ماذا يقولون ماذا يفعلون كيف معنوياتهم، وهم قادة في الأخير هم قادة، هيئة علماء فلسطين في الخارج هيئتكم يعني لها دور في رفع المعنويات، ولكن هذا الدور إلى الآن يعني ليس معروفاً بعد، له خمس سنوات تقريباً من التأسيس، يعني ماذا عن هذا الدور في رفع المعنويات سواء العلماء وبالتخصيص هيئة علماء فلسطين؟

الشيخ بسام كايد (الضيف): جزاك الله خيراً، قبل أدخل بذلك أثارني فضيلة الدكتور بنور الدين محمود هذا الرجل الذي كان بينه وبين الله سر، وأخذ هذا السر صلاح الدين الأيوبي أيضاً مما اقتبس منه، فنرجع إلى موضوع القادة كيف ترتفع معنويات القادة؟ صلاح الدين الأيوبي رغم أنه يرفع معنويات الناس إلا أنه قصاصة صغيرة تأتيه من فتاة مقدسية فيها ثلاثة أبيات من الشعر أقامته ولم تقعده، أرسلت له بثلاثة أبيات:

يا أيها الملك الذي لمعالم الصلبان نكّس.

 جاءت إليك ظُلامة تشكو من البيت المقدس.

كل المساجد طُهّرتْ، وأنا على شرفي أُدنّس.

فلما وصلت الأبيات إلى صلاح الدين قام ولم يقعد، وأقسم كما حصل مع نور الدين محمود ألا يبتسم والقدس مغتصبة والقدس محتلة، وصلاح الدين أيضاً مما رفع معنوياته، التقى بمجموعة من النساء الكرد وعرفنَ أنه صلاح الدين الأيوبي وسألنَه أأنت جاد بتحرير بيت المقدس؟ فعندما أخذن عليه العهود بذلك أخرجنَ زجاجات من العطر، بعض نساء الكرد يجمعن أفضل العطور عندهن لتطهير بيت المقدس من دنس الصليبيين، يعني كانت الأمة هكذا هذه العجائز وهذه الأطفال، إن كانت الأمة هكذا والقائد كصلاح الدين فلا بد من النصر، نعود إلى الهيئة وإلى دور العلماء، الذي يقود الأمة على مدار التاريخ إما العلماء وإما الأمراء، فإذا صلح العلماء والأمراء صلحت الأمة وإذا فسد العلماء فسدت الأمة، يا معشر العلماء يا ملح البلد ما يصلح الملح إذا الملح فسد، والأمراء نحن نرى حالهم بقي الهم على العلماء، وأول من يحمل هذا الهم هم علماء فلسطين، إن الأمة كل الأمة تنظر إلينا ما نزلنا في بلد وعرفوا أننا من فلسطين إلا وتمسكوا بنا، يريدون أن يتباركوا منا، يريدون أن يقتبسوا منا شيئاً من الصلابة، نعوذ بالله سبحانه وتعالى أن نضعف أمام هذا الأمر أن يدخل إلينا الشيطان من ذلك، تجلس في أي بلد شئت عربي أو أجنبي بلد مسلم إذا عرفوا أنك من فلسطين يتمسّحون بك، يريدون منك ماذا نفعل، وأنا أتكلم عن العلماء المسلمين فكيف بعوام المسلمين، هنا مسؤوليتنا الكبرى خاصة كهيئة علماء فلسطين في الخارج على مستوى العالم، ما الدور الذي نقوم به؟ نحن نحمل هم القدس، نحمل هم الأمة، نعمل على تجييش الأمة، رفع معنوياتها، نوضح الامور، نصدر الفتاوى، نعمل على تثبيت الناس، لكن أين الأثر؟ ماذا تظن بهيئة وليدة على مستوى الأمة ماذا تظن أنها ستفعل؟ وإن كانت فعلت بإذن الله تعالى الكثير وقدمت الكثير، وليس هذا البرنامج هو الوحيد، الآن أنت تؤسس لتاريخ إسلامي بعنوان فلسطين، تستجلب من كل الدنيا على خطى صلاح الدين على خطى نور الدين، تستصدر حالات الجهاد كلها تستنسخها وتأتي بها لتربطها ربطاً محكماً بمسألة فلسطين، تستحضر الحملات الصليبية وأعداء الإسلام لتقول هكذا هزمونا ثم هكذا انتصرنا، هذا البرنامج من ثمار وغيره الكثير، وإن شاء الله سبحانه وتعالى يعيننا على أن نقدم ثماراً عملية، وأن نكون في مقدمة الصفوف وأن نكون من العلماء الشهداء إن شاء الله في هذا الميدان.

د. عمر الجيوسي (المقدم): جزاك الله خيراً، يعني رفعتَ معنوياتنا وحقيقة أن الشكر موصول لكل فريق البرنامج يعني ففي عدد ضخم من الناس خلف الكواليس الآن يعملون نعم، دكتور هناك نقطة عامة يجب أن نتكلم فيها سريعاً يعني، هناك ميادين كثيرة للنصر ليس فقط الجهاد والمعنويات الخاصة بالمجاهد والمقاتل والحرب إلخ، في ميدان العمل في ميدان العلم في ميدان الإعلام في ميادين الحياة كلها هناك يتسرب ويتسلل إلى الناس شعور بأننا أمة فاشلة وليس لها مكان بين الأمم، فمتى تشرق الأرض بنور ربها؟ ما المطلوب لإعادة هذه المعنويات لفصائل ومفاصل هذه الأمة؟

د. منجد أبو بكر (الضيف): في الحقيقة أخي الكريم يعني مما ينبغي أن نحرص عليه إحياء المنهج القرآني والنبوي في هذه الأمة ابتداء، وإذا ما نظرنا إلى فعل النبي صلى الله عليه وسلم النبي كان يشتغل على محاور متعددة صلى الله عليه وسلم، فمثلاً عند هجرته بعد بناء المسجد قام ببناء سوق للمسلمين ليعزز الجانب الاقتصادي صلى الله عليه وسلم، في الحديث كما أخرج الطبراني دخل النبي إلى مسجده فوجد حلقة تقرأ القرآن، والحديث من رواية… 

د. عمر الجيوسي (المقدم): طبعاً هذا السوق أحرقه اليهود فيما بعد.

د. منجد أبو بكر (الضيف): نعم، من رواية ابن عمر دخل النبي فوجد بعض أصحابه يتدارسون القرآن وبعض أصحابه يتدارسون في علوم رُوي في بعض علوم الفلك وغيرها، فجلس إلى الذين يدرسون العلوم صلى الله عليه وسلم ليحثهم على هذا المعنى، أننا أمة الشمول، أننا أمة إنما أخرجنا الله وبعثنا الله عز وجل لنحي الأرض قبل أن نحي الآخرة، لنحي الدنيا قبل أن نحي الجنة، لذلك انظر أخي مثلاً في سورة الكهف وسورة الكهف حقيقة مما ينبغي أن نتنبه إليها في إحياء هذا المنهج، لاحظ سورة الكهف تتكلم من عنوانها تتكلم عن كهف مظلم مخيف موحش غير أنه كان بداية الإصلاح لكل الدنيا، والسورة بترابطها تتكلم عن الفتية ثم تتكلم عن صاحب الجنتين مع المؤمن، وتتكلم من بعدها عن موسى صلى الله عليه وسلم وتختم بذي القرنين، لكن انظر الجوانب التي تتكلم عنها هذه السورة، بدأت بالفرد وأن ينجو بنفسه وأن يعد نفسه فكانت نجاة أصحاب الكهف، نجوا بأنفسهم، ثم تتكلم عن الاقتصاد وكان المؤمن الذي سأل الله عز وجل أن يرزقه خيراً من جنتي صاحبه الكافر، وهذا لطلب الدنيا وهذا ما ينبغي أن يحرص عليه المؤمن، المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير، ثم جاء موسى صلى الله عليه وسلم ليطلب العلم صلى الله عليه وسلم، وانظر إلى هذا التكامل في هذه السورة، فإذا ما تحقق للأمة هذا التكامل في إحياء الفرد ثم الاقتصاد ثم العلم سيأتي دور ذي القرنين إن شاء الله وتعود الأمة إلى عزتها وإلى بأسها، والحقيقة هذا المنهج القرآن يركز عليه كثيراً ويعلمنا…

د. عمر الجيوسي (المقدم): ورسم لكل قصة محورها منها محورها وسفينة نجاتها.

د. منجد أبو بكر (الضيف): بالضبط، لذلك القرآن لاحظ يعني يؤكد على أن هذه سنة لله في الدنيا لا يمكن أن تتخلف البتة، “قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كانت عاقبة المكذبين، هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين، ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون”، لذلك انظر ماذا يقول الله “ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار ثم لا يجدون ولياً ولا نصيراً، سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلاً” وعبر بسنة الله قال سنة الله مفعول مطلق، يعني كأنه يقول سنّ الله سنة ليؤكد أنها لا يمكن أن تتبدل ولا يمكن أن تتحول، هذا المعنى أيضاً الذي كان يقبسه صلاح الدين وهو يسعى لتحرير بيت المقدس لذلك لاحظ مثلاً شيخه عبد الرحيم البيساني وهو من فلسطين كان شيخاً ومن أقرب المقربين لصلاح الدين الأيوبي رحمه الله، عندما حاصر عكا ثلاث سنوات جاءه خبر وفاة ابنه ولم يتغير ولم يتبدل، وفاة ابن أخيه تقي الدين وكان من أحب الناس إلى قلبه، يقول الراوي ولم نعرف أنهم ماتوا إلا من غيره إلا أنه أسبل دمعتين من عينيه رحمه الله، ولكن بقي رابط الجأش في حصار عكا، أرسل رسالة إلى شيخه وكان في مصر أننا يعني تأخر النصر ولم تُفتح عكا…

د. عمر الجيوسي (المقدم): طيب هذه القصة لأننا تأخرنا عن الفاصل كما تأخر النصر في هذه اللحظة، نعود لك دكتور منجد لكن بعد الفاصل، مشاهدينا انتظرونا بعد الفاصل.

حياكم الله من جديد مشاهدينا على خطى صلاح الدين بصحبة الشيخ بسام كايد والدكتور منجد أبو بكر، دكتور منجد قاطعناك في لقطة جميلة في قصة الشيخ البيساني مع القائد العظيم صلاح الدين، نرجع لك.

د. منجد أبو بكر (الضيف): الحقيقة يعني صلاح الدين رحمه الله حاصر عكا ثلاث سنوات وتأخر النصر كثيراً، وأرسل رسالة إلى شيخه يقول إنما تأخر النصر لذنوبنا فماذا تأمرني؟ وهذا من أدبه ومن تواضعه رضي الله عنه وأرضاه.

د. عمر الجيوسي (المقدم): بماذا تأمرني؟

د. منجد أبو بكر (الضيف): بماذا تأمرني بالضبط.

د. عمر الجيوسي (المقدم): القائد يطلب من العالم.

د. منجد أبو بكر (الضيف): نعم القائد يطلب من العالم لأن العالم ينبغي أن يكون مقدماً متصدراً، وربنا أنزل آدم عالماً “وعلم آدم الأسماء” ما أنزله قائداً، فكتب له بقصاصة قال له كفى بلسان السيف الأحمر بالجهاد مستغفراً، يعززه أنك إن شاء الله لا تذنب بالعكس يعني أنت صاحب الجهاد، وأراد أن يعزز همته وأن يقوي من معنوياته رحمه الله، ولذلك كان يتمنى صلاح الدين أن يذهب إلى الحج ولكن شغله الجهاد عن الحج لبيت الله عز وجل، عاش 57 سنة رضي الله عنه وأرضاه وما حج بيت الله، لكن كان يؤمن طريق الحجاج رحمه الله.

د. عمر الجيوسي (المقدم): نور الدين عاش 58 وعماد الدين 44.

د. منجد أبو بكر (الضيف): نعم، سبحان الله فكان يريد أن يحج، فأرسل له أيضاً رسالة قال لا تحج إنك _وهذا كان بعد فتح بيت المقدس_ إنك إن خرجت من بيت المقدس لعل يعني الصليبيين تشتد عزيمتهم…

د. عمر الجيوسي (المقدم): يعني بقي مرابطاً؟

د. منجد أبو بكر (الضيف): نعم بقي مرابطاً ولم يحج رضي الله عنه وأرضاه، وكان سبب موته أنه خرج لاستقبال الحجاج يتمسّح بهم ويتلمّسهم ويشمّ رائحة مكة والمدينة، وأصيب بالحمّى ومات رضي الله عنه وأرضاه بأثر الحمى، ونلاحظ حقيقة يعني ملحظاً في نور الدين وفي صلاح الدين كما صُنّفا بأنهما سادس وسابع الخلفاء الراشدين كما صنفهم ابن الأثر وابن جُبير كذلك الأندلسي، نلاحظ أنهما ما ماتا قتلاً وإن كان يتمنيان ذلك رضي الله عنهما.

د. عمر الجيوسي (المقدم): مثل خالد بن الوليد.

د. منجد أبو بكر (الضيف): بالضبط، وكان يبكي نور الدين بكاء شديداً…

د. عمر الجيوسي (المقدم): ولذلك سمي الملك الشهيد.

د. منجد أبو بكر (الضيف): صحيح كأنما يستحضر قولة خالد رضي الله عنه وأرضاه (ما في جسدي موضع إصبع إلا وفيه ضربة سيف)، لكن لاحظ كأن الله عز وجل أراد أن يبين لنا أنهما من سيوف الله المسلولة ولا يمكن لبشر أن يقتلهما، فماتا بمرض رضي الله عنهما.

د. عمر الجيوسي (المقدم): طيب شيخ بسام يعني النصر يرفع المعنويات والمعنويات أساس للنصر، كيف ترى هذه المعادلة؟

الشيخ بسام كايد (الضيف): بداية النصر هبة من الله سبحانه وتعالى.

د. عمر الجيوسي (المقدم): نريد شواهداً صراحة منك.

الشيخ بسام كايد (الضيف): وما النصر إلا من عند الله، إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم، فالنصر ليس بالجيوش ولا بالقادة ولا بالعتاد، هذا كله مقومات للنصر ومقدمات وأسباب للنصر لكن النصر من الله سبحانه وتعالى، قد تُهزم الأمة بمعصية بذنب بمسألة لا تعرف ما حقيقتها، “إن تنصروا الله ينصركم”، “إن ينصركم الله فلا غالب لكم”، والنصر قد يكون بقلة، الله سبحانه وتعالى نصر نبيه وقالها في القرآن الكريم “إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا”، من كان الله معه رفع معنوياته، نعم لا بد، “إلا تنصروه فقد نصره الله” إذن هو نصْر في هذا الميدان والهجرة إذا أخذتها هي معركة على كل المقاييس، معركة أمنية معركة سياسية معركة اجتماعية اقتصادية على كل المقاييس، أيضاً النموذج الذي ضربته بدأنا بفلسطين في عمليات استشهد قادة استشهد رجال، عمليات استشهادية مع كل عملية كانت معنوياتنا ترتفع إلى عنان السماء، إذا تفجّر…

د. عمر الجيوسي (المقدم): وحبوب سنبلة تموت تملأ الوادي سنابل.

الشيخ بسام كايد (الضيف): نعم “كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة” هذا نموذج المجاهدين، هذا نموذج الذي ينفق في سبيل الله فكيف بنموذج الذي يستشهد في سبيل الله.

د. عمر الجيوسي (المقدم): دكتور منجد في نفس السياق دعنا، موضوع غزة أثار فينا لقطة تاريخية في عهد صلاح الدين، كانت والدته وهو طفل تروي له قصة ما قبل النوم، وحقيقة هناك مشروع رائد للدكتور محمود الرجبي يعني هذه القصص يضعها في برنامج تطبيق معين على الأجهزة الذكية يعني، وصارت برنامج أكثر من 500 قصة يعني لا أريد أن أعمل دعاية لهذا المشروع لكن حقيقة يستحق أن نتناقله في بيوتنا، هذه القصص التي تقرؤها الأم لصلاح الدين الأيوبي هي قصص عن عماد الدين زنكي، تحدثه عن بطولات وأساطير هذا الرجل الأساطير الحقيقية، وتقص عليه سير الخلفاء الراشدين، ماذا عن دور الأم في الدور المعنوي  لإعداد جيل التحرير؟

د. منجد أبو بكر (الضيف): في الحقيقة أخي الكريم يعني القرآن حتى هذا الأمر ما تركه، بل سطره ربنا في كتابه الكريم وكانت ربما أعظم عائلة في كل القرآن الكريم أنشأتها أم في سورة آل عمران، عمران كان قد توفي، الزوجة رضي الله عنها هي التي استطاعت أن تؤسس هذه الأسرة المباركة، عندما أحست حركة في أحشائها قال ربِّ إني نذرت لك ما في بطني محرراً وهذه تربية قبل أن يولد الصغير، تُسمعه هذا المعنى تلفظه لفظاً وتصرخ به صراخاً ليسمع هذا المعنى ليتربى عليه قبل أن يخرج إلى الدنيا، فكانت مريم رضي الله عليها وأرضاها، وكان هذا المعنى _يعني ونتكلم عن خطى صلاح وهذا قبل صلاح لكن كان على خطى بيت المقدس_ وكانت أم مريم تريد من وليدها القادم أن يكون خادماً للمسجد الأقصى، وكرامة…

د. عمر الجيوسي (المقدم): فتقبل مني يعني ترجو.

د. منجد أبو بكر (الضيف): نعم نعم فتقبل، بل وتعتذر إلى الله رب إني وضعتُها أنثى، وليس الأمر بمقدورها لكن هذا من تمام أدبها مع الله عز وجل.

د. عمر الجيوسي (المقدم): وكثير من النساء في فلسطين نذرْن أولادهن.

د. منجد أبو بكر (الضيف): بالضبط، لذلك لاحظ يعني فجاء من نسلها عيسى صلى الله عليه وسلم، ويحيى صلى الله عليه وسلم، ونسيبها زكريا صلى الله عليه وسلم، هذه الأسرة المباركة إجلالاً للمسجد الأقصى، فالأم إذا اشتغلت بالمسجد الأقصى إذا ربت أولادها على هذا المعنى ستكون أسرة مباركة إن شاء الله، لذلك انظر أم صلاح الدين رضي الله عنه وأرضاه بل المستشرقون يكتبون عن كرمه وبذله ويتعجبون من ذلك، صلاح الدين عندما فتح بيت المقدس معلوم أنه قال للصليبيين اذهبوا فأنتم الطلقاء، وكان الفداء لكل صليبي عشرة دنانير، وكان كثير منهم فقراء، فكان يدفع من جيبة للفقراء ليحررهم وليطلقهم.

د. عمر الجيوسي (المقدم): مع أنه مات وليس لدية سوى 46 درهماً.

د. منجد أبو بكر (الضيف): 47 درهماً.

د. عمر الجيوسي (المقدم): واحد ذهباً و 46 فضة نعم.

د. منجد أبو بكر (الضيف): نعم رحمه الله، فكان جواداً كريماً هذا المعنى كانت أمه تربيه عليه، يُروى في التاريخ أنه يوماً أعدت له لحم ضأن وكان يحبه جداً، وهذا في صغره رضي الله عنه وأرضاه، فعندما نضج الطعام وكان يتهيّأ لأن يأكل منه وذكر لأمه أنه كم يحب هذا الطعام فقالت هذا ليس لنا، هذا أعددتُه لفقراء المسلمين، أما نحن فسنأكل خبزاً ناشفاً، فرضي الله عنه وأرضاه تربيه أمه على هذا المعنى من الكرم.

الشيخ بسام كايد (الضيف): لن تنالوا البر.

د. منجد أبو بكر (الضيف): وقالت له فعلاً قول الله عز وجل “لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون” لذلك فعلاً الأم مدرسة إذا أعددتها أعددتَ جيلاً طيب الأعراق، والنبي صلى الله عليه وسلم لذلك يقول: “استوصوا بالنساء خيراً” صلى الله عليه وسلم للمنزلة الكبيرة التي ينبغي أن تتبوأها المرأة وأن تتبوأها الأم، لذلك الخنساء رضي الله عنها وأرضاها كانت تجاهد مع النبي، أم عُمارة كانت بجنب النبي صلى الله عليه وسلم، فكان للمرأة دور كبير، هي نصف المجتمع من حيث العدد وهي تنجب وتربي النصف الثاني، ولذلك ينبغي فعلاً أن تتبوأ مكانها الصحيح ومقامها الذي أراده القرآن والنبي صلى الله عليه وسلم.

د. عمر الجيوسي (المقدم): فتح الله عليك ما شاء الله، شيخ بسام ما الأثر المعنوي لو لم يكن في تاريخنا فاتحون للقدس أو محررون للقدس، يعني لو لم يكن عمر بن الخطاب لو لم يكن صلاح الدين الأيوبي، ما السلوك المتوقع؟ ما المعنويات المتوقعة لو بقيت القدس تحت سيطرة الاحتلال دائماً؟

الشيخ بسام كايد (الضيف): مع إجلالنا واحترامنا وتعظيمنا وتقديرنا الكبير لخليفتنا الثاني أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، الذي هو أول فاتح الذي استلم مفاتيح بيت المقدس، وصلاح الدين الذي فتحه وطهره ولكنهما نتاج من نتاج هذا الدين، النبي عليه الصلاة والسلام غرس المسجد الأقصى في نفوس أصحابة غرساً للرجال والنساء والأمراء والفقراء، المرأة الضعيفة لما تطلب منه الفتوى أفتنا يا رسول الله عن المسجد الأقصى، قالت فإن لم أستطع أن أُحمل إليه _امرأة ضعيفة_ قال أهدِ إليه زيتاً يُسرج في قناديله فإن من أهدى إليه زيتاً كمن أتاه، ربط الأمة بسراج الزيت، سراج الزيت ما مقدار الزيت في هذا السراج؟ كأن النبي عليه الصلاة والسلام يطلب من كل بيت أن يكون للمسجد الأقصى نصيب في هذا الجانب، وأما القائد أبو عبيدة بن الجراح يا رسول الله إذا ضاقت بنا الدنيا ماذا نفعل يا رسول الله؟ قال عليك ببيت المقدس، قال فإن لم أستطع إن لم آتيه _وهو القائد_ قال: فابذل وأحرز دينك ابذل مالك، رسالة إلى التجار، رسالة إلى أصحاب الأموال ابذل مالك وأحرز دينك، لما مرّ بالصحابي الكريم الذي ضاقت عليه الدنيا شدّاد، مالك يا شداد؟ قال ضاقت بنا الدنيا قال سيُفتح بيت المقدس، عندما ذكر بيت المقدس انفرجت أساريره والأحاديث والروايات في ذلك كثيرة، قول علي لصاحبه يا صعصعة بن صوحان يأتي زمان يقول فيه الرجل يا ليتني تبنة أو في تبنة في لبنة في سور بيت المقدس، يتمنى الرجل أن يكون تبنة في بيت المقدس، فإذن بيت المقدس زرعه الله فيه.

د. عمر الجيوسي (المقدم): أظن اسمه صعصعة بن دوحان.

الشيخ بسام كايد (الضيف): نعم، وذكر فضيلة الدكتور الكريم ذكر كيف أن النساء كانت تنذر ما في أرحامها، ومر مرور الكرام بيحيى الذي سأل والده الله سبحانه وتعالى أن هب لي من لدنك ولياً يرثني، ماذا يرث منه؟ نعود لبداية السورة قال إني خفت الموالي من ورائي، خاف على المسجد الأقصى من اليهود، فالمسجد الأقصى جزء من عقيدتنا ومن ديننا، فالدين موجود لو ضاعت القدوات، من الذي أحضر عمر بن الخطاب؟ أبو بكر كان يرسل القادة ويوصيهم ببيت المقدس عندما قال لخالد أختم بهذه الكلمة (أعجل إلى إخوانك) وكان خالد يفتتح بلاد فارس رستاقاً رستاقاً مجموعة من المدن والقرى، قال: (أعجل إلى إخوانك في الشام فوالله إن قرية واحدة من قرى بيت المقدس أحب إلىّ من رستاق من رساتيق العراق) فالقادة موجودون في ظهر الغيب.

د. عمر الجيوسي (المقدم): جزاك الله خيراً، سؤالنا الأخير للدكتور منجد في هذه الحلقة يعني عندنا محاور كثيرة ومواقف، لكن الوقت دائماً…، نأخذ مثالاً تطبيقياً من الجانب الآخر الصهاينة يعدون أولادهم إعداداً علمياً نفسياً سلوكياً إعلامياً كما تريد كل أنواع الإعداد، في المقابل يعني نريد أن تعطينا فكرة سريعة عن إعداد الصهاينة لأولادهم، أيضاً في المقابل هنالك سلوكيات ومعنويات يتربى عليها الشاب المقاوم في فلسطين يضع هدفه الأسمى هو الأقصى.

د. منجد أبو بكر (الضيف): بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، في الحقيقة أدرك اليهود هذا المعنى حقيقة واستطاعوا أن يربوا جيلاً كاملاً على إرادة البقاء في فلسطين وفي المسجد الأقصى، وربنا حدثنا عنهم عندما قال الله عز وجل: “إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون” فالحقيقة يعني هذا المعنى من إحياء القدوات هو معنى مشترك بين كل المناهج، ولا بد في كل منهج أن يكون هناك قدوات، لذلك هم يحتفلون بغولدمائير حتى الآن ويحتفلون…

د. عمر الجيوسي (المقدم): باروخ غولدشتاين.

د. منجد أبو بكر (الضيف): كذلك، يحتفلون بكل هؤلاء، وقلت لك يعني البابا الذي كان سبباً في الحروب الصليبية حتى اليهود يحتفلون به لأنه هو كان مقدمة لرجوعهم إلى فلسطين، لذلك انظر مثلاً في القرآن الكريم يعني أكثر من ثلث القرآن في القصص ويقول الله لمحمد صلى الله عليه وسلم “نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنتَ من قبله لمن الغافلين” فكان إحياء الأمة من غفلتها بالقصص، لذلك “لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثاً يُفترى” وعندما اشتدت الأزمة على النبي صلى الله عليه وسلم عندما كان في الشعب أنزل الله على محمد سورة يوسف صلى الله عليه وسلم لتكون رفعاً لهمته وشدّاً لأزره صلى الله عليه وسلم، فحقيقة يعني هذا الإحياء للأمل في نفوس الناس هو أول ما ينبغي أن يتحرك، لذلك حتى نحن ربنا كيف يحثنا على عمل الصالحات؟ يقول لنا انظروا هناك جنة، يحرك فينا هذا المعنى، بقدر الجد تُكتسب المعالي ومن طلب العلا سهر الليالي
تروم العز ثم تنام ليلاً يغوص البحر من طلب اللآلي.

د. عمر الجيوسي (المقدم): طيب أكرمك الله، إن شاء الله هذه الحلقة في ميزان حسناتكم كما ذكرنا في بداية الحلقة وفي ميزان حسنات فريق البرنامج، ومشاهدينا باسمكم نشكر ضيفينا الدكتور منجد أبو بكر عضو هيئة علماء فلسطين في الخارج، وكذلك نشكر عضو المكتب التنفيذي لهيئة علماء فلسطين في الخارج الشيخ بسام كايد، دمتم في أمان الله وهذه تحياتي وتحيات المنتج أحمد العكلوك السلام عليكم.