العظماء الثلاثة ج1

    

الحلقة 1

الدكتور عماد الدين خليل والدكتور محمد موسى الشريف

لمشاهدة الحلقة:

https://www.youtube.com/watch?v=vyiPFOeMbW8&list=PLH5y7ZzK7PCBHWfVeDLcBGgcf0t‎5ou2de‎‏ ‏
الدكتور عماد الدين خليل و الدكتور محمد موسى الشريف

لتحميل الحلقة وورد:

عمر الجيوسي (المقدم): مشاهدينا في فلسطين وفي كل مكان السلام عليكم وأهلا بكم إلى برنامجكم الجديد على خطا صلاح الدين.

صلاح الدين ومن معه فتحوا العالم وأسقطوا تيجان الباطل، ودكّوا عروشه، أقسموا ألا يستظلوا بجدار حتى يأخذوا بثأر القدس، كانوا قادة للجيل وجنوداً لله، كانوا أشد أعداء الصليبيين، كانوا علماء ورياضيين ومفكرين مضوا على خطا الرسول الكريم وعلى خطا ابن الخطاب في فتح بيت المقدس، ونمضي نحن على خطاهم طوال حلقات هذا البرنامج، نقدم ونحن واثقون أننا نستطيع أن ندخل مرحلة التحرير حين يقودنا قائد يقترب من العلم كقربه من الجهاد، مشاهدينا هذه الحلقة الأولى والخطوة الأولى في برنامج على خطا صلاح الدين، ويصحبنا في هذه الحلقة الكاتب والناقد والأديب والمؤرخ الأستاذ الدكتور عماد الدين خليل، ويصحبنا كذلك عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين والمشرف على موقع تاريخ دوت كوم الدكتور محمد موسى الشريف، كم أنا سعيد أن ضيفيّ الدكتور عماد الدين خليل والدكتور محمد موسى الشريف، فأنا أعيش في هذه الحلقة بين قطبين من أقطاب التاريخ والمستقبل أيضاً.

أريد أن أبدأ معك دكتور عماد، من أهم الذين رسموا لنا خطا التحرير هم ثلاثة، عماد الدين الزنكي وولده الملك العادل نور الدين، وكذلك صلاح الدين الأيوبي، هم ثلاثة وهي ثلاث خطوات نركز عليها في هذا البرنامج طوال حلقاته، التربية، الإعداد، التحرير، سنسير في البداية بتعريف بهؤلاء العظماء الثلاثة، بم تعرفهم؟ أصولهم؟ من أين جاؤوا؟ هل هم أكراد؟ هل هم أتراك؟ هل هم من أطراف أذربيجان؟ هل هم عرب كما قرأت بعض الآراء؟ يعني نريد أن نعرف من هؤلاء الثلاث؟

الدكتور عماد الدين خليل: بسم الله الرحمن الرحيم، وأفضل الصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه، في الحق نحن عندنا في المنظور الإسلامي ما يمكن تسميته بالأممية الإسلامية، لا تفريق بين عربي وكردي وتركماني، الكل سواء، خاصة إذا كانوا في مناصب متقدمة ويقدمون خدمات واسعة لهذه الأمة، فالأممية الإسلامية اعترفت بحقوق الجميع وأعطت الفرص للجميع على الإطلاق لأن يصعدوا إلى القمة، وأن يمثلوا دوراً خطيراً في تاريخ هذه الأمة، فكل من عماد الدين الزنكي، وابنه نور الدين محمود من التركمان الذين قدموا بمعية السلاجقة إلى المشرق ومنها إلى العراق، واستقروا هناك يعملون في وظائف عديدة، بما فيها ولاية الموصل التي تولاها عماد الدين الزنكي على مدى عشرين سنة، من خمسمئة وواحد وعشرين هجرية، إلى خمسمئة وواحد وأربعين، ابنه امتداد له أيضاً من السلالة التركمانية، أما صلاح الدين فهو من سلالة كردية قادمة من شمال إيران من أذربيجان الإيرانية، من قرية (دُوين) الكردية، وهؤلاء حقيقة يمثلون ضلعاً من أضلاع المقاومة الإسلامية للغزو الصليبي، مضافاً إليه بعد ذلك الشراكسة المماليك الذين جاؤوا من جنوب روسيا، وكان يقال هؤلاء وحدهم لم يكونوا يفعلوا شيئاً لولا الجماهير التي كانت تعينهم من العرب أنفسهم، من الأكراد، ومن الأتراك، ابن الأثير عندما يتحدث عن أية غزوة يغزوها واحد من هؤلاء يقول: (خرج فلان، خرج عماد الدين الزنكي، خرج نور الدين محمود، خرج صلاح الدين ومعه العرب والأتراك والأكراد، ومعه العرب)، هذه التي تتكرر في كل الغزوات التي كان هؤلاء، فالحقيقة ما عنا نحن..

عمر الجيوسي (المقدم): إذاً تحذر من هذه اللفظة أم تثني عليها؟

الدكتور عماد الدين خليل: لا، أثني على هذه تأكيدات ابن الأثير المتواصلة على أن خرج معه العرب والكرد والأتراك، لكي نؤكد على شيئين، على أممية الإسلام التي تتيح المجال للجميع لكي يجاهدوا ولكي يصلوا إلى القمة.

عمر الجيوسي (المقدم): سنأتي إلى هذه النقطة مع الدكتور محمد موسى، لكن نريد أن نثبت في البداية كونك مؤرخ عالمي، أصل صلاح الدين الأيوبي من أين؟ وعماد الدين الزنكي من أين مرة أخرى؛ لأني قرأت عدة آراء في الموضوع.

الدكتور عماد الدين خليل: نعم، أصولهم تركمانية قادمون …. يعني كان وسط آسيا يعج بالقوى التركمانية التي تقذف إلى غرب آسيا حيناً بعد حين جماعات الغز، ثم السلاجقة، ثم العثمانيين، وكل هؤلاء لعبوا دوراً خطيراً في تاريخ الأمة، كلهم من الأتراك، من تركستان التي تقع في وسط آسيا، فليس ثمة نقاش أو جدل حول أصول هؤلاء، حول أصول عماد الدين الزنكي التركية، وأصول ابنه نور الدين محمود التركية أيضاً.

عمر الجيوسي (المقدم): لكن أنا استوقفني شيء في السؤال وأنا أبحث أيضاً، الحدود التي كانت تركمانستان هل هي الحدود الآن تركية؟ هل هي تركية؟ يعني لما نقول تركمان أو من تركيا أو أكراد، يعني هم شيئ متحرك الحدود.

الدكتور عماد الدين خليل: الجغرافية السياسية تتغير حدودها بين حين وآخر.

عمر الجيوسي (المقدم): لكن أقصد (دُوين) الآن في أي دولة؟

الدكتور عماد الدين خليل: في أذربيجان الإيرانية، على حدود الشمال الإيراني باتجاه بحر قزوين، هنالك أذربيجان الإيرانية.

عمر الجيوسي (المقدم): طيب جزاك الله خيراً دكتور عماد الدين خليل، دكتور محمد موسى الشريف يعني ما دلالة أن يكون أصول هؤلاء العظماء الذين حرروا للعرب وللمسلمين بيت المقدس، يعني ما دلالة أن يكونوا غير عرب، كما ذكر الدكتور يعني هي مسألة أممية أو عالمية، لكن في المقابل لك تعليق كونك أيضاً دكتور شريعة، ما دافعهم الشرعي لتحرير بيت المقدس؟ في ظل طبعاً مقولات عكس هذا نعيشها الآن؟

الدكتور محمد موسى الشريف: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد النبي الأمي الأمين، وآله وصحبه أجمعين، أكرر شكري لقناة القدس على هذه الحلقات الجليلة العظيمة، التي يجب أن ُتنشر في الأمة وأن تعرفها الأمة، وأن تتطلع عليها، وأيضاً أنا أشرف بأن أكون مع أستاذنا الدكتور عماد الدين خليل، الذي نهلنا من معينه طويلاً، وقرأنا كتبه كثيراً، وله كتاب في نور الدين محمود أيضاً، واستفدت منه، وقرأته مبكراً، فأقول إن هناك مقولة معروفة، وإن كنت قد نسيت الآن قائلها، تقول إن الله قد نصر الإسلام بكردي وتركي، أو بتركي وكردي، يقصد بالتركي هو نور الدين، والكردي هو صلاح الدين، ومسألة التفريق بين الإسلام والعروبة هذه لوثة جديدة نتيجة القومية العربية، وتشجيع هذه القومية من قبل القوى الصهيونية العالمية والصليبية العالمية، وإلا على مدار تاريخ الإسلام كان الذي كما تفضل الأستاذ، الذي يقدم الذي يعطي يجد مكاناً له، عربي، تركي، كردي، حتى غير من هؤلاء الذين كانوا يسلمون ويأتون، في الدولة العثمانية كان كثير من الصرب، وكثير من البلغار، وكثير من المجر يسلمون ويتولون أرفع المناصب حتى يصلون للصدارة العظمى، يكون صدراً أعظم في الدولة العثمانية، فهذه مسألة ما هي معروفة بهذا المنطق الموجود اليوم للأسف، هذا المنطق شجعه ما جرى من لوثات على يد القومية العربية الضالة التي فعلت بنا الأفاعيل وفي بلادنا كما رأيتم وعلمتم في القرن الماضي، فلذلك مسألة مسألة إسلام ودين، ومن كان منافحاً عن دينه، عاملاً له يقدم، بغض النظر من أي جنس هو، من أي أصل هو، ما تجدها ظاهرة.

عمر الجيوسي (المقدم): علامة رقي يعيشها الغرب الآن، علامة رقي يتفاخر بها الغرب الآن هي موجود أصلا.

الدكتور محمد موسى الشريف: في ديننا الإسلام، من خصائص دين الإسلام ومن مزاياه أنه صهر هذه القوميات في بوتقة واحدة، ما ألغى، يعني الإسلام العظيم يراعي الأمور الشخصية، يعني ما ألغى التقاليد الخاصة، والأمور الخاصة بكل شعب، إنما صهرها في بوتقة واحدة.

عمر الجيوسي (المقدم): لو لخصنا الدافع الشرعي لننتقل إلى نقطة أخرى، الدافع الشرعي لهؤلاء.

الدكتور محمد موسى الشريف: هؤلاء القوم كانوا يعيشون للإسلام أخي، كانوا يعيشون لدينهم، كان الإسلام هو حياتهم، هو الذي يملأ عليهم دنياهم، هو الإسلام، يعني كان صلاح الدين رحمه الله تعالى يصور على أن فيه من الهموم الله بها عليم بسبب أن بيت المقدس كان في قبضة الصليبيين، نور الدين إذا أُخذت بلد من بلدان الإسلام، كان يهتم ويظل يصوم أياماً، ولا يُفطر إلا على الماء حتى يكاد يموت، هذا نور الدين، أخي كان الإسلام يملأ حياتهم، الإسلام هو موجه لهم، الإسلام هو الدافع لهم،

عمر الجيوسي (المقدم): يعني ليس قضية تشريف فقط أنني أنا الذي حررت، أو الذي تصدرت.

الدكتور محمد موسى الشريف: لا لا

عمر الجيوسي (المقدم): والطمع في الآخرة بالتأكيد، يعني، نعم، طيب دكتورنا نريد أن .. أيضاً باتجاه هؤلاء العظماء الثلاثة، يعني عماد الدين الزنكي عاش أربع وأربعين عاما، ولده نور الدين ثماني وخمسين عاماً، صلاح الدين الأيوبي سبع وخمسين عاماً، يعني شباب، وتركوا كل هذا المجد العظيم، يعني في برنامجنا هذا نتحدث تقريباً حوالي مئة و12 سنة اللي نتحدث عنها في مجملها، نريد أن نعرف مدى التشابه، الاتفاق والافتراق بين نشأتهم، نشأة هؤلاء الثلاثة، الدينية والشخصية.

الدكتور عماد الدين خليل: والله هي قضية الأعمار بدأت سؤالك بالأعمار الذين يبذلون جهداً مضاعفاً في القيادات العليا، يُستهلكون سريعاً، يموتون في الستينيات ربما من العمر، يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر الصديق، وتحدى الذين اغتيلوا اغتيلوا في الستينيات، فبالتالي هؤلاء الذين بذلوا جهوداً متواضعة، عمر بن عبد العزيز توفي وهو في السابعة والثلاثين من عمره بسبب الجهد المدهش الذي بذله في مدى سنتين وثلاثة أشهر، التي حكم فيها الدولة الأموية، وقدم ما لم تقدمه الجماعات الأخرى بعشرات السنين.

عمر الجيوسي (المقدم): عفواً طالما ذكرت الخليفة عمر بن عبد العزيز، يعني نقرأ في الكتب ان نور الدين الزنكي هو الخليفة الراشدي السادس، يُصنف بعد عمر بن عبد العزيز.

الدكتور عماد الدين خليل: نعم، بسبب أن  كليهما حققا مفاهيم الدولة الإسلامية، نزّلا شريعة الله على الأرض، طبقا كل مفاصل الحياة الإسلامية تطبيقاً إسلامياً، وبالتالي ..

عمر الجيوسي (المقدم): وهذا ما يخافه الغرب الآن من الجماعات التي تتبنى الإسلام ككل.

الدكتور عماد الدين خليل: نعم نعم، البرنامج كاملاً بحذافيره نُفّذ في عهد عمر بن عبد العزيز الخليفة الراشد الخامس، وفي زمن نور الدين محمود الخليفة الراشدي السادس، الذي أُطلق عليهما بحق.

عمر الجيوسي (المقدم): إذاً قولك بأنهم نزّلوا مفاهيم الدولة على أرض الواقع استحق لقب خليفة راشدي.

الدكتور عماد الدين خليل: بكل مفاصلها ومنحنياتها نُزّلت المفاهيم الإسلامية فيها.

عمر الجيوسي (المقدم): نعم، ماذا عن آفاق التشابه بين الثلاثة؟

الدكتور عماد الدين خليل: والله تربية، يعني صلاح الدين رُبي في كنف نور الدين محمود، ونور الدين محمود رُبي في كنف أبيه عماد الدين الزنكي، وكل هؤلاء القادة المجاهدين تربوا كما قال أخي الدكتور محمد موسى الشريف، تربوا تربية عاشوا للإسلام ، فمنذ نعومة أظفارهم تلقوا المفاهيم والتأكيدات التربوية الإسلامية، التربية الإسلامية حقيقة ذات أبعاد ثلاثة، رُبوا عليها جميعاً، ثلاثية الأبعاد كما تؤكد الآن عليه أحداث مفاهيم التربية المعاصرة، تربية العقل بالعلم، وتربية الروح بالعبادة، وتربية الجسد بالرياضة، هؤلاء الثلاثة رُبوا وفق هذه الثلاثية، العلم المتواصل، القراءة المتواصلة، التلقي المتواصل للحديث للقرآن للعلوم الإسلامية، وبنفس الوقت الرياضة ومهارات الفروسية المتواصلة، وبنفس الوقت…..

عمر الجيوسي (المقدم): حتى نور الدين الزنكي قرأت في كتابك يعني أنه كان لاعب بولو

الدكتور عماد الدين خليل: لاعب بولو، ويجلس على الفرس وكأنو والفرس كما يقول المؤرخون قطعة واحدة، لا ينحني يميناً ولا شمالاً، ويمضي إلى هدفه ضارباً الكرة في صميم الهدف.

عمر الجيوسي (المقدم): وسئل عن ذلك، عوتب.

الدكتور عماد الدين خليل: عوتب من قبل المتشددين الذين يرون في الرياضة عملاً ترفياً زائداً، فقالو أن الرياضة هي يعني في أوقات الفراغ حتى الخيل لا تنسى مهاراتها في القتال، علينا ان نواصل التعامل معها للعمل الرياضي.

عمر الجيوسي (المقدم): رياضتها وانحنائها في الغزو.

الدكتور عماد الدين خليل: بالضبط، فأعطى مبرر لاهتمامه بالرياضة، حتى العمل الرياضي وهو يمارسه كان يضع في منظوره بؤرة الجهاد، فهؤلاء الثلاثة رُبوا تربية واحدة، وتلقوا تعليمات واحدة، واهتموا بثلاثية التربية العقلية الجسدية والروحية بالعبادة، والعبادة في المفهوم الإسلامي كما هو معروف ليست طقوسية إنما عبادة حضارية، كل فعل يمارسه الإنسان، كل عمل جهادي، كل عمل إبداعي، هو تقرب إلى الله، وقد يكون أكثر جدوى عند الله من الصلاة والصيام، بهذا المفهوم.

عمر الجيوسي (المقدم): العادات اليومية عبادات.

الدكتور عماد الدين خليل: كل كل ما يقدمه الإنسان يبتغي به وجه الله فهو تعبد.

عمر الجيوسي (المقدم): طيب بقي جزئية في السؤال، الافتراق، يعني كيف نفرق بين عماد الدين وولده نور الدين وصلاح الدين إذا كان في افتراق؟

الدكتور عماد الدين خليل: عماد الدين اهتم رمى بثقله باتجاه التوحيد، باتجاه العمل السياسي خلينا نقول، نور الدين محمود أضاف إلى العمل السياسي لأبيه البعد الآخر وهو تكوين الدولة المقاتلة والأمة المقاتلة معاً، أضاف بُعدين آخرين، الدولة الإسلامية التي تنتمي إليها الأمة المقاتلة، التي كل واحد من أبنائها كأنه في حالة ذال من درجة جيم، واضع رجله على الفرس، متأهباً للجهاد، الأمة المقاتلة بمعنى الكلمة لكي تضرب ضربتها في الوقت المناسب، وصلاح الدين امتداد لنور الدين في تقواه، في إيمانه، في تربيته، في توجهه الجهادي.

عمر الجيوسي (المقدم): افتراق أنا أقصد.

الدكتور عماد الدين خليل: ليس ثمة فارق بين صلاح الدين ونور الدين في توجهه.

عمر الجيوسي (المقدم): كان أستاذه الحقيقي ويقلده.

الدكتور عماد الدين خليل: أستاذه ويقلده، ومضى حتى آخر لحظة من حياته ملتزماً بالمفاهيم الإسلامية.

عمر الجيوسي (المقدم): تسمحلي أستعير تعبيرك في كتابك نور الدين الزنكي (رحلة في تكوين الرجل) أريد من الدكتور محمد موسى الشريف، ومنك أيضاً دكتور عماد، أن نعيش مع مشاهدينا الكرام، يعني لو ذهبنا في رحلة في تكوين هؤلاء العظماء الثلاثة، لكل واحد منهم صفات، يعني نريد أن نأخذ منها إذا كان في معلومات عن بنيته، وشكله، الهيبة، الذكاء، القدرات، الثقافة، يعني نعيش في هذه جزء، ونكمل بعد الفاصل الجزء الآخر، تفضل دكتور محمد.

الدكتور محمد موسى الشريف: يقال إن أكثر المسلمين اليوم لا يعرفون من هو نور الدين رحمه الله، إنما الشهرة لصلاح الدين، إنه هو الذي فتح بيت المقدس، وسميت باسمه آلاف المؤسسات من مدارس ومستشفيات.

عمر الجيوسي (المقدم): يعني نور الدين سُلّط الضوء بجانبه.

الدكتور محمد موسى الشريف: نعم، شيء عظيم جداً ما ذُكر، الشهرة التي كانت لصلاح الدين، لأنه فتح بيت المقدس، وكان ذا صدا عظيم في العالم الإسلامي، وفي الحقيقة أنا أقول إن نور الدين هو نعمة من الله سبحانه وتعالى جاءت للأمة الإسلامية في وقت حرج جداً جداً جداً، وهو قائد من طراز فريد، لم يتكرر بمجموعه من بعده رحمه الله تعالى، بمجموعه، فالرجل كان عبارة عن مجموعة من الأعمال والصفات يصعب تكرارها، فهو قائد فذ حربي من الطراز الأول كما ذكر الأستاذ الدكتور، شجاع، مقدام، فارس، وهو أيضاً رجل عابد، عابد لأعلى درجات العبادة.

عمر الجيوسي (المقدم): طيب ممكن نتعرف على هذه الصفات لأنو بديت تشوقنا، وحكيت عنه انو صعب أن يتكرر بمجموعه، وهو نسيج وحدة، نتعرف بالتفصيل من ضيفيّ الكريمين، لكن بعد فاصل، مشاهدينا فاصل قصير، انتظرونا بعدها.

عمر الجيوسي (المقدم): من جديد نرحب بكم مشاهدينا بصحبة الأستاذ الدكتور والمؤرخ العالمي عماد الدين خليل، والدكتور محمد موسى الشريف عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، دكتور كنا معك في رحلة في تكوين هؤلاء العظماء الثلاثة، نريد أن نعيش قصص وتفاصيل يسمعها المشاهدون في جوانب عديدة من هذه الشخصيات التي جعلتهم عظيمة يعني.

الدكتور محمد موسى الشريف: أنا أقول أنها لا تكفي حلقة واحدة أبداً لذكر محاسن نور الدين فقط.

عمر الجيوسي (المقدم): يا سلام.

الدكتور محمد موسى الشريف: دع عنك صلاح الدين، لأن الرجل كان نسيج وحده، كان أمة، كان هدية من الله سبحانه وتعالى، نعمة كريمة، مجموع صفاته لم تتكرر في حاكم من بعده، هذه قناعتي أنا أقول، يعني، سبحان الله، صلاح الدين كان عظيماً، كان شيئاً جليلاً، لكن نور الدين كان أعظم، وهو أستاذه، وهو الذي مهد له الطريق لفتح بيت المقدس، أخي في عشرين سنة، في عشرين سنة الرجل خاض ثلاثين معركة ضد الصليبيين في عشرين سنة، وكلاهما حكم عشرين سنة، ولكن يعني …

عمر الجيوسي (المقدم): بالمناسبة مصطلح الصليبيين أرجو أن تصححاني إن كنت مخطئاً، يعني هو اللفظ اختاره الغربيون لأنفسهم، الصليبيون ورفعوا شعار الصليب، لكن في نسختنا نقول الفرنجة، يعني مزبوط هذه المعلومة؟

الدكتور محمد موسى الشريف: الفرنجة نعم هم الصليبيون.

عمر الجيوسي (المقدم): تمام لأن لا يظن بعض المشاهدين أنها سُبّة أو تصنيفات أو …

الدكتور محمد موسى الشريف: نعم، فالرجل كان يجمع بين القيادة العسكرية الفذة جداً جداً جداً، والصبر في المعارك، وشدة البأس، وقوة العمل، وبين التوكل على الله سبحانه وتعالى العجيب، يعني قبل معركة حارم أُثر عنه رحمه الله تعالى أنه نزل عن فرسه خلف التل وانفرد، كيف انفرد؟ عرفنا هذا بطريقة عجيبة، والصليبيون فاجؤوه وباغتوه، وكان أكثر جيشه في مصر، عند صلاح الدين مرابطاً في دمياط، فلما وجد الأمر هكذا، وكان كثير الاستشارة لجيشه، والاستخارة أيضاً، استخار الله وعزم على الدخول، مع أن جيشه وقوّاده نصحوه بأن يعود إلى حلب سريعاً، وأن يعتصم في قلعتها، قبل المعركة نزل عن جواده ومرّغ وجهه في التراب، تمريغ، التمريغ فعل الكلب، ينقلب يميناً ويساراً على التراب هكذا، فهو بالغ في التواضع رحمه الله، مرّغ وجهه في التراب، ونادى ربه فقال يارب هؤلاء عبيدك وهم أولياؤك وأشار إلى جيشه، وأولئك عبيدك وهم أعداؤك وأشار إلى الصليبيين، اللهم انصر أولياءك على أعدائك، اللهم انصر دينك ولا تنصر محموداً، هو اسمه محمود ابن زنكي، ايش فضول محمود في الوسط؟ يعني محمود هذا مالو قيمة في وسط المعركة، ثم يقول في كلام عجيب اللهم انصر دينك ولا تنصر محموداً، من هو محمود، الكلب حتى تنصره.

عمر الجيوسي (المقدم): الله أكبر، تذللاً.

الدكتور محمد موسى الشريف: وهو مالك للشام، ولمصر، وللجزيرة، وأجزاء من غيرها، تصور هذا التذلل العجيب، وينصره الله نصراً عجيباً في المعركة ببضعة آلاف، وكان جيش الصليبي ثلاثين ألفاً، نور الدين عنده مواقف ما تشعر إلا بالإلهام فيها، أنا لا أريد أن أغالي لكن أنا أذكر للمشاهد والمشاهد هو الذي يقرر، يعني مثلاً هناك قائد صليبي كان يُثخن في المسلمين دائماً، أمير صليبي، أظن إما على طرابلسي أو أنطاكية نسيت الآن، ويؤخذ ويفتدي نفسه بذهب عظيم ويترك، ثم مرة أجمعَ قواد نور الدين ألا يتركوه أبداً، ألا يُترك هذا الرجل، أنها يعني مفسد، فسجنه نور الدين أياماً، ثم أن الرجل هذا أتى بذهب …

عمر الجيوسي (المقدم): تقصد جسلين ولا أحد آخر؟

الدكتور محمد موسى الشريف: والله ما أذكر، أتى بذهب هائل هذا الرجل، ليفتكّ نفسه، وفعلاً نور الدين أخذ الذهب وأطلقه ليلاً بيده حتى لا يتعقبه أصحابه فيقتلوه في الصحراء، ما إن وصل القائد الصليبي هذا والأمير الصليبي إلى مأمنه إلا ومات، فاستفاد نور الدين تخلص من الرجل، والذهب الهائل هذا، فقال لقواده ليس لكم في هذا الذهب شيء…

عمر الجيوسي (المقدم): وكان هو زاهداً لنفسه.

الدكتور محمد موسى الشريف: نعم، قال ليس لكم في هذا الذهب شيء، وأخذ الذهب، وبنى فيه مستشفى النوري المشهور في دمشق، نعم البيمارستان النوري كان يسمى، وبقي إلى القرن الماضي، الشيخ علي الطنطاوي تحدث عنه…

عمر الجيوسي (المقدم): رأيت صورة على الانترنيت لكن معلق عليها أشياء سوقية ..

الدكتور محمد موسى الشريف: فانظر إلى هذا التوفيق الإلهي، ورجل يصاحبه التوفيق حقيقة في أكثر مواقفه، سواء الشخصي بالعبادة العجيبة، والتهجد في الليل، كثير منا وممن يزعم ويدّعي أنه داعية، وأنه صالح، وأنه ليس له تهجّد في الليل، لأنه ليس له صلاة في الليل، ليس له صوم في النهار، هذا الرجل كان يتهجد في الليل، يصوم في النهار، يفطر على أشياء يسيرة، كانت تأتيه الخراج العظيم فيكتفي منه بأشياء يسيرة جداً جداً جداً، أنشأ دار العدل وهذه جديدة في تلك المدة، وكان يحاسب نفسه وعماله محاسبة شديدة على مسائل الظلم، كان عالماً شرعياً، درس فقه أبي حنيفة رحمه الله ودرس الحديث على يد ابن عساكر، حتى صار يجيز الطلاب، يعني انظر إلى هذه الشخصية المتكاملة، شخصية عجيبة.

عمر الجيوسي (المقدم): طيب الشخصية المتكاملة يعني نور الدين، نريد الدكتور عماد الدين أن يحدثنا عن عماد الدين زنكي والد نور الدين.

الدكتور عماد الدين خليل: والله قبل أن أتحدث عن عماد الدين سأواصل حديثي عن نور الدين محمود.

عمر الجيوسي (المقدم): جميل.

الدكتور عماد الدين خليل: طارحاً إضاءة ضرورية في حوار كهذا.

عمر الجيوسي (المقدم): أنا رح اسمع منك عفواً دكتورنا ومن الدكتور محمد موسى أيضاً عن نور الدين مرةً ومرة الآن.

الدكتور عماد الدين خليل: نعم، نعم.

عمر الجيوسي (المقدم): يعني هذه النقطة نريد أن يعيش المشاهدون تفاصيل مهمة جداً من شخصياتهم على أسلوب القصة والمعلومات، عن صلاح الدين من حضرتك ومن حضرة الدكتور أيضاً.

الدكتور عماد الدين خليل: نعم، يعني هو رجل صحيح أنه هو وعماد الدين الزنكي من قبله وصلاح الدين حققوا هذه الجزالة الكبيرة، بس ما كان بمقدورهم حتى لا يذهب البعض إلى الظن بأننا نمضي إلى نظرية البطل في التاريخ، وإنما دائماً نحن ننظر نظرة متوازنة إلى الأمور، البطل والجمهور، البطل والشعب، البطل والأمة، فلولا الأمة التي سندت هؤلاء الثلاثة، الأمة المقاتلة المجاهدة التي رُبيت على الجهاد والقتال لما كان بمقدورهم أن يفعلوا شيئاً، فلا بد من تحقيق التوازن في منظورنا التاريخي بين القاعدتين، بين الطرفين، البطل والجمهور معاً.

عمر الجيوسي (المقدم): جميل.

الدكتور عماد الدين خليل: فحديثنا لتقييم هؤلاء لا يعني أننا ننصرف للتحديث عنهم بالذات، وإنما يجب أيضاً أن تسلط الأضواء على القواعد التي ساندتهم في مهمتهم هذه، يعني صفات كثيرة وكل صفة عليها من المعطيات التاريخية الكثير الكثير مما لا تستوعبه حلقة كهذه، ولكني سأشير فقط إلى بعض المسائل الجدية، الحذر والدهاء، الإحساس بالمسؤولية، الواقعية، النزعة العميقة للإعمار والبناء والإنجاز، قوة الشخصية، الشعبية، والتكوين العسكري، التكوين الرياضي، التكوين العلمي، والتجرد العظيم، هذه المواصفات العشرة الذي يتميز بها الرجل جعلته فئة أمة واحدة لا نكاد نجد إلا ربما عمر بن عبد العزيز يضاهيه في لمه لهذه المواصفات، وتنفيذها في واقع الحياة، سأقف لحظات عند تكوينه العسكري الجهادي المقاتل، كان يقف في المعارك أمام كل قواته في قلب المعركة يقاتل حتى …

عمر الجيوسي (المقدم): يمكننا دكتور إذا أجلناها للحلقة الثانية لأن هي محور كامل في الموضوع العسكري هذا، في الشخصيات.

الدكتور عماد الدين خليل: نعم، ربما، يعني فكذلك التجرد العظيم، استحضار مواقف الرسول صلى الله عليه وسلم، كان يستحضر مواقف الرسول عليه الصلاة والسلام في إزاء المال العام، الآن في لحظاتنا الراهنة المال العام أصبح نهباً للسلطات الحاكمة، يعني كف اليد كما حدث في الساحة التركية عن سرقة المال العام هو الذي يعطي الدفع الهائل للدول في أن تتقدم اقتصادياً.

عمر الجيوسي (المقدم): حتى ماليزيا تقريباً.

الدكتور عماد الدين خليل: كف اليد، سُئل أردوغان قال لأننا لا نسرق، ما هذه القفزة الأسطورية التي حققتموها اقتصادياً؟ لأننا بثلاث كلمات لأننا لا نسرق، فنور الدين محمود كان حساساً جداً تجاه المال العام حيث أن زوجته اشتكت من الحالة التي تعانيها، طلبت منه مبلغاً من المال قال لها لا أخوض نار جهنم في هواكِ، عندي دكان أبيعها وتأخذين ثمنها لكِ، أما ما عدا هذا فلن أمد يدي إلى أموال المسلمين، كل قادتنا العظام المنظور الأساسي لهم في كل تفاصيل حياتهم هو اليوم الآخر، ولهذا صنعوا حياتهم في ضوء هذا المنظور باتجاه اليوم الآخر، كأن اليوم الآخر على بعد خطوات منهم بدءً برسول الله صلى الله عليه وسلم وانتهاء بأحدث القادة بأحمد ياسين والجماعة الآخرين، اليوم الآخر هو المنظور الأساسي، لأن الدنيا نحن في اعتقادنا حقيقة وقد شغلتنا مشاغل الدنيا تنسينا هذه الحقيقة أن الدنيا عبارة عن لحظات من عمر الزمن، وأنها عبارة عن رحلة سريعة منصرمة، وأن الحياة الحقيقية لهي _يسميها القرآن الكريم_ الحيوان يعني ذات العمق، نحن ايش هون الطول والعرض، لكن هناك الطول والعرض والعمق، لهي الحيوان لو كانوا يعلمون، فهناك هو الحساب، وبالتالي كانوا وهم ينظرون بهذه الرؤية إلى الآخرة يتجردون من كل ما له علاقة يشدهم فيها إلى الأرض، أو تشدهم فيها إلى الأرض، فبالتالي نجد تجرد عظيم هذا رسم نفقته ألفا قرطاس في السنة، ألفا قرطاس عملة شامية كانت يوم ذاك لا تساوي سوى دراهم معدودات، وكان حقيقة يتفوق على حتى إغراءات اللقب، الألقاب والسلطان، كسَر الأنا في تكوينه الذاتي، كسْر الأنا الآن في أمسّ الحاجة نحن لحكامنا أن يتعلموا مبدأ كسر الأنا، أنا التي دمرت الشعوب وقادتها إلى ما نحن فيه الآن، الأنا كسرها هذا الرجل بأن رفض قبول أي لقب يعطاه من خليفة المسلمين العباسي أو من أية جهة أخرى، وبعث إلى أحد وزرائه يقول: “اكتب في أعقاب كل خطبة جمعة اللهم ارحم نور الدين محمود” فقط لا أكثر من هذا ولا أقل بعيداً عن الألقاب، في ساحة القتال أتذكر عبارة قال له قطب الدين النيسابوري كبير قضاته في بلاد الشام وهو يجده يندفع أمام قواته ويقاتل ويتعرض للقتل أكثر من مرة، قال له يا نور الدين الله يخليك احفظ نفسك لأنك إذا ذهبت فسيذهب الإسلام وسيسيطر الفرنجة على مقدّرات الأمور، فكان جوابه كما قال الدكتور يا قطب الدين من نور الدين محمود الكلب حتى تقول له هذا، إنه الله الذي حفظ الإسلام قبلي وسيحفظه بعدي، الله دائما في فؤيا مباشرة لعقل هذه …

عمر الجيوسي (المقدم): طيب بدي قاطعك دكتور وأرجعلك على موضوع عماد الدين الزنكي، دكتورنا يعني بالنسبة لـ ونحن قادمون للأستوديو أنا ذكرت انو حتى نور الدين لا يكاد الناس يسمعون به للأسف، يعني أنتم مثقفون، ولك موقع تاريخ دوت كوم بالتأكيد لا أقيس عليك ولا على كثير من المشاهدين لكن المعظم المعظم لا يعرف لماذا يُظلم هؤلاء العظماء ويُستبدلوا يعني بتوحيد آخر خلينا نحكي؟

الدكتور محمد موسى الشريف: استبدلوه؟

عمر الجيوسي (المقدم): بتوحيد لبعض زعمائهم.

الدكتور محمد موسى الشريف: لاء، هذه معضلة كبيرة جداً وعملية إخفاء القدوات الحقيقيين عن الجيل عملية ممنهجة، أهم شيء لا يكونوا قدوات حقيقين معروفين في تاريخنا، خالد بن الوليد، عمر بن الخطاب، عمر بن عبد العزيز، نور الدين، صلاح الدين، محمد الفاتح، هؤلاء لا ينبغي أن تُطمس سيرهم، ينبغي أن لا تُذكر سيرهم، لذلك وسائل الإعلام العربية لا تكاد تذكر سير هؤلاء، هناك نقطة أخي مهمة جداً في ظني وتصوري وهي ما كان يكابده نور الدين من شعور تجاه أحداث المسلمين هذه نقطة خطيرة ومهمة، ليش؟

عمر الجيوسي (المقدم): ما يكابده.

الدكتور محمد موسى الشريف: نعم، لأنها اليوم كثير من الناس تبلّد إحساسه بالأحداث الكثيرة المتواترة عليه، أصبح يسمعها أو يقرؤها كأنه يسمع نشرة أخبار أو يقرأ جريدة، بينما نور الدين ما كان كذلك رحمه الله، أنا أعطيكم مثالاً فقط يا أخي، يعني نور الدين كان دائماً يرسل قطعا من جيشه إلى مصر لترابط في دمياط لأنها كانت دمياط على البحر الأبيض، وكان الصليبيون دائما يأتون إلى البحر ويأخذون ما وجدوه، ويسارعون إلى جزائر البحر الأبيض المتوسط، ويختبؤون بالغنائم، فقرر أن يضع قطعة من الجيش، فجأة جاء الصليبيون واحتلوا دمياط، يقول صلاح الدين لم أجد نور الدين في حياتي مهموماً مثل نوبة دمياط، نوبة دمياط، عملية دمياط، مشكلة دمياط، واقعة دمياط، قال وأنا أواظب على إرسال الرسائل له، يعني حسنات نور الدين العظيمة أنه جعل الحمام الزاجل بين مصر والشام، في ليلة يقطع الحمام المسافة وتُقطع في حوالي شهر بالركب، في ليلة يقطع الحمام الزاجل المسافة سريعاً جداً، قال ونرسل له الرسائل، وواليها عليه بأننا نحن نفعل كل ما بوسعنا ونحاصر دمياط ونفعل وهو يوالي الرسائل في التقريع والتأنيب وافعلوا كذا وافعلو كذا، الحاصل قال لما جاء الخبر بنزول الصليبيين على دمياط وأخذها اهتم نور الدين جداً، وصام أياماً حتى كاد يموت، وقواده لا يستطيع أحد أن يتحدث معه كان عنه هيبة، هيبة شديدة (أتراكفيم) هيبة في الشكل كبيرة، وورث الهيبة عن أبيه أيضاً، عماد الدين ونور الدين كلاهما كان صاحب هيبة، المهم فلما اشتد الأمر عليه كاد يموت، كان له إمام يصلي به إمام عربي يصلي به، كان من عادة نور الدين أن يتركع ركعات في السحر قبل الفجر في مسجد له، فهذا الإمام رأى رسول الله صلى الله عليه في المنام قال له بشّر نور الدين برحيل الصليبيين عن دمياط هذه الليلة، قال يا رسول الله أن نور الدين رجل مهيب وأخشى ألا يصدقني فاذكر لي علامة يصدقني بها، قال قل له _ هذه حادثة ذكرتها قبل ربع ساعة الآن_ قل له بعلامة ما سجدت يوم حارم وقلت اللهم انصر دينك ولا تنصر محموداً، من هو محمود الكلب حتى تنصره، شيء عجيب عرفنا هون ايش صار في السجود.

عمر الجيوسي (المقدم): ذهب إليه يعني؟

الدكتور محمد موسى الشريف: نزل إليه في السحر فقال له ماشأنك؟ قص عليه الرؤية، وأخفى عنه لفظة الكلب إجلالاً له، سلطان عظيم جداً، فأصر على أن يكمل اللفظة فأكملها فبكى نور الدين وصدق الرؤيا، انظر شعوره كيف، يعني همه العظيم، نحن اليوم حتى الذين نزعم أننا دعاة وإسلاميون وأننا كذا، تبلد إحساسنا أخي.

عمر الجيوسي (المقدم): وفعلاً ذهب الصليبيون عن دمياط؟

الدكتور محمد موسى الشريف: لا هذا نفس الوقت أخي، كيف؟ رؤية هذه رؤية من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورؤية الأنبياء حق.

عمر الجيوسي (المقدم): طيب دكتور عماد إلى عماد الدين زنكي.

الدكتور عماد الدين خليل: والله قبل ما نمضي إلى عماد الدين الزنكي كان الهم يفترس أجسادهم وصحتهم وعافيتهم، يعني أي هزيمة كانوا لا ينامون ولا يقر لهم قرار حتى يردوا عليها بالصاع صاعين، وبالتالي نور الدين محمود توفي ليس كبيراً، المهم..

عمر الجيوسي (المقدم): أربع وأربعون عاماً.

الدكتور عماد الدين خليل: المهم أن نقارن هؤلاء الذين افترس الهم العام أجسادهم وأرواحهم ونفوسهم بحكامنا المعاصرين، يعني حتى الغربيين عطونا مثل والله على الهم العام، يعني غاليتيري زعيم الأرجنتين عندما هُزم في معركة الفوكلاند على يد بريطانيا أيام تاتشر يعني افترسه الهم ثم قدم استقالته وطلع، بينما نحن عندما نُهزم يزداد زعماؤنا سمنةً ولحماً وشحماً، ولا يهزهم هزيز، هذه مسألة يجب أن توضع في الحسبان في الفارق الكبير بين الجيل الراهن من الحكام وبين تلك الأجيال الذي كاد الهم يقودها إلى البوار أحياناً، إلى الدمار الصحي هذه مسألة، نأتي إلى عماد الدين الزنكي، عماد الدين الزنكي أيضاً شخصية ذات تأثير كبير في مجريات الأحداث بسبب من تكوينها الجهادي، كان مجاهداً من طراز أول عندما تسلم الحكم في عام خمسمئة وواحد وعشرين في الموصل آل على نفسه أن يوحّد كل المناطق المحيطة بالموصل، وكان حقيقة في كل تفاصيل حياته ملتزماً وحتى يُقال أنه كان يعطي في الشهر الواحد صدقات للفقراء والمساكين من جيبه الخاص يتصدق بها سراً ويتصدق علناً أيضاً في أيام أخرى، كان يستفتي فقهاء في كل قضية من القضايا التي يقدم عليها، وهذه القضية استفتاء الفقهاء مسألة في غاية الحساسية لأنها تعني أنه يريد تنزيل مطلب الشريعة على وقع الحياة، فكان في كل صغيرة وكبيرة يُقدم عليها يستفتي الفقهاء، فكان إحساسه الديني حقيقة عالي وكان يملك شخصية قوية آسرة مؤثرة على جنده بحيث أنهم عندما كانوا ينطلقون إلى معركة من المعارك كان الجيش كأنه يسير بين خطين مستقيمين كي لا ينحرف أحدهم يميناً أو شمالاً فيدوس على زرع الآخرين الفلاحين المساكين، وكان الذي يفعل هذا يُعاقب من قبل عماد الدين الزنكي عقاباً رهيباً ويُعوّض الفلاح عن هذا الذي، فالرجل كان ذا شخصية قوية ذا إيمان عميق ذا التزام ديني وهذا هو الذي جعل ابنه نور الدين يحذو حذوه ويمضي على الطريق الواحد إلى الهدف الواحد.

عمر الجيوسي (المقدم): يعني نحن بدنا نتحدث كمان عن صلاح الدين أيضاً إذا في موقف سريع عن عماد الدين الزنكي لكن حان موعد الفاصل نستميحكم وقتاً وعذراً، مشاهدينا نعود إليكم بعد فاصل قصير إن شاء الله.

عمر الجيوسي (المقدم): أهلاً بكم من جديد مشاهدينا على خطا صلاح الدين بصحبة الأستاذ الدكتور المؤرخ العالمي الدكتور عماد الدين خليل، والدكتور محمد موسى الشريف صاحب موقع أو المشرف على موقع التاريخ دوت كوم، وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، لا أدري من منكما يحب أن يتابع سيرة هؤلاء العظماء الثلاثة.

الدكتور عماد الدين خليل: والله ما أعرف فيما يتعلق بعماد الدين الزنكي أيضاً شوهد بعد فتحه الرُها مباشرةً من قبل شيخ من شيوخ الصالحين.

عمر الجيوسي (المقدم): الرها اللي هي أورفة الآن؟

الدكتور عماد الدين خليل: أورفة اللي هي إحدى الإمارات الصليبية الأربع التي هيمن عليها الصليبيون واستمروا فيها مئتي سنة، إنما أول هذه الإمارات سقوطاً كانت على يد عماد الدين الزنكي وهي الرُها، الرُها، أنطاكية.

عمر الجيوسي (المقدم): وهذه حادثة كل ما صار بعدها يترتب عليها.

الدكتور عماد الدين خليل: تترتب، هي نقطة الارتكاز الأولى في تحرير بقية المواقع والإمارات الصليبية الثلاث الأخرى؛ طرابلس وأنطاكية وبيت المقدس، فكانت الخطوة الأولى الضربة الأولى للصليبيين القاسمة كانت تحرير الرُها التي كانت بمثابة شوكة تنخز جنب المسلمين في الجزيرة الفراتية وشمال العراق، كانوا بصدد اختراق العراق نفسه والهيمنة عليه لولا جهود عماد الدين الزنكي في مجابهة الموقف وتحرير الرُها، فشوهد أحد الشيوخ الصالحين في صقيلية البعيدة جداً يتحدث أنه رأى حلماً، رأى رؤية، شاهد فيها الزنكي في نعيم قال له ما فعل الله بك؟ قال كما تراني، قال بمَ؟ قال له بفتح الرُها، حتى في الرؤى كان عماد الدين الزنكي يعطي لمسة عن دوره الجهادي والإيماني في خدمة قضايا الأمة بما فيها تحرير الرُها، إذا جئنا إلى ناصر صلاح الدين والله مواقف كثيرة.

عمر الجيوسي (المقدم): بس في لفتة في موضوع عماد الدين بدي أسأل عنها، يعني هو ورد نور الدين كان مهاباً يبدو أنه ورثها عن والده كان مشهوراً أكثر مهاباُ أكثر.

الدكتور عماد الدين خليل: بقوة الشخصية.

عمر الجيوسي (المقدم): في موقف نذكره للمشاهدين.

الدكتور عماد الدين خليل: بقوة الشخصية وعظمة تعامله مع الآخرين، يعني بالتأكيد تأثير الوالد على الابن الذي عاش في كنفه تأثيره واضح ومباشر، فنور الدين محمود كان كأبيه قوي الشخصية ذا مهابة إذا تكلم صمت الجميع، وإذا تحرك وقف الجميع وهكذا، إذا جئنا إلى ناصر صلاح الدين والحديث عن ناصر عشرات الكتب.

عمر الجيوسي (المقدم): طبعاً هناك عشرات الكتب أُلفتْ عن صلاح الدين من المسلمين والفرنسيين والأمريكان والبريطانيين يعني …

الدكتور محمد موسى الشريف: شخصية عالمية.

عمر الجيوسي (المقدم): نعم شخصية عالمية.

الدكتور عماد الدين خليل: يعني معروف عنه عفوه وسماحته في التعامل مع صليبيي بيت المقدس عندما فتح بيت المقدس عام خمسمئة وثلاث وثمانين.

عمر الجيوسي (المقدم): يعني هذا العفو وصّله إلى العالمية فقط هذا ولّا؟

الدكتور عماد الدين خليل: والله جملة مواصفات إحداها هي سماحته وعدله وعدم رغبته في سفك الدماء، أذكر حادثتين فقط في هذا السياق الحادثة الأولى فتحه لبيت المقدس بعد ثمانين سنة من احتلاله من قبل الصليبيين الذين جاؤوا فدخلوه وأجروا فيه مجزرة كبيرة سبعين ألف مسالم من الشيوخ، لم يكن فيها من المقاتلين أحد، القدس كان فيها مجموعة من الرجال والشيوخ والنساء والعجزة قُتلوا وحتى يقول مؤرخ وثيقة الغيشتل مجهول الاسم كانت خيول جماعتنا من الصليب من الفرنجة تخوض حتى ركبها في دماء المسلمين في فتح القدس، عندما فتح نور الدين القدس تعامل بشكل مغاير تماماً لم يقتل شخصاً واحداً ماعدا أرناط الذي خالف العهد، والذي كان يهاجم الحجاج الذاهبين إلى مكة ويقضي عليهم ويأسرهم ويعذبهم، فآل صلاح الدين الدين على نفسه أن يقتله وفعلاً قتله.

عمر الجيوسي (المقدم): طبعاً أخوه كان معه في الأسر وفي نفس الموقف لكن عفا عنه صلاح الدين.

الدكتور عماد الدين خليل: عفا عن جايلوز جان الملك وسقاه بيده شربة ماء.

عمر الجيوسي (المقدم): وهذه إشارة إلى أنه آمن.

الدكتور عماد الدين خليل: وأطلق سراحه، وأطلق سراح كل الصليبيين لمن يدفع منهم عشرة دراهم لمن يقدر، واللي مايقدر خمسة دراهم، واللي ما يقدر نهائياً يُعفى عنه ويخرج من بيت المقدس حرّاً طليقاً، حتى زوجات الأمراء الذين لاحقوا المسلمين وعذبوهم كان يأخذهن يبعث إليهن من يأخذهن إلى أزواجهن ويذهبون إلى غير رجعة، فسماحته هذه جعلت الغربيين والمؤرخين الغربيين ينظرون إليه هذه النظرة من التقدير والتبجيل والاحترام، إنما الأهم من هذا أنه في معركة يافا التي حدثت بعد تحرير بيت المقدس ورمت أوربا بثقلها باتجاه العالم الإسلامي فاجتمع الفرنجة والألمان والأنروكسس ون فيليب وكوندراد وبربروسا وريتشر قلب الاسد ثلاث قوى عظمى في أوربا رمت فلسطين عن قوس واحدة، وبالتالي يافا تضدعدت قاومت سنتين تقاوم مقاومة أبطال.

الدكتور محمد موسى الشريف: هي يافا شيخنا ولّا عكا؟

الدكتور عماد الدين خليل: عكا عفواً.

عمر الجيوسي (المقدم): كنت أريد أن أعلق على هذا.

الدكتور عماد الدين خليل: عكا، وعندما دخل ريتشر قلب الأسد عكا بعد ما أُنهك جنوده أعطاهم الأمان ولكن مجرد دخولهم صفّهم أمامه على جدار وأخذ يقتلهم واحداً واحداً، ثلاثة آلاف مقاتل مسلم أضناهم السهر والجوع والخوف والإعياء قتلهم واحداً واحداً وصلاح الدين خارج الأسوار ينظر إلى جماعته تذرف عيناه من الدموع يقول له مرافقه القاضي بهاء الدين بن شداد يا أيها السلطان أنت بين يديك ما يقرب من ثلاثة آلاف أسير فرنجي اقتلهم والبادي أظلم، افعل كما يفعلون قال _كان جوابه_ والله لن أكون مثلهم، هكذا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لن أكون مثلهم، هذا موقف يعني لا يمكن أن تجده لدى الآخرين الذين جاؤوا فذبحوه وهو عفا بهذا الشكل.

الدكتور محمد موسى الشريف: في شاعر يعلق يقول:

عمر الجيوسي (المقدم): تفضل.

الدكتور محمد موسى الشريف:

ملكنا فكان العفو منا سجيةً ، فلما ملكتم سال بالدم أبطحُ

فحسبكم هذا التفاوت بيننا ، فكل إناء بالذي فيه ينضحُ.

عمر الجيوسي (المقدم): طبعاً كان صلاح الدين أيضاً لا تهزه الظروف، يعني لما كان تعرض لهزيمة في الشام أخوه تاج الملوك يعني جاء الخبر لصلاح الدين فلم يهتز موقف صلاح الدين ويقي مسيطراً، وكذلك أخوه الثاني الملك المظفر في أيضاً فتْح عكا جاءه الخبر أيضاً فبقي ثابتاً، وهنالك مظاهر كثيرة يعني تبقي هذا الرجل…

الدكتور محمد موسى الشريف: حقيقة لابد أن يعرف الإخوة المشاهدون والأخوات المشاهدات أنّ كلا الرجلين نور الدين وصلاح الدين علامة فارقة في تاريخ الإسلام في العصر الوسيط بالذات، العصر الوسيط في تاريخ الإسلام كان علامة فارقة وكان نعمة من الله سبحانه وتعالى، وأنا أحترم رأي الدكتور أنا سمعته كثيراً أو قرأته كثيراً وهو عدم التمجيد المطلق لشخصية البطل فقط ونسيان الأمة، أنا واثق تماماً يعني وهذا رأي ما شاء الله راجح كأكثر آرائه جزاه الله خيراً، لكن يا أيها الإخوة والأخوات وجود أيضاً القائد الذي يحرك الجماهير هذه قضية في غاية الخطورة والأهمية، قائد يحرّك الجماهير يغيّر من هذا الركود الموجود كان، كان ركوداً هائلاً والصليبيون استقروا إحدى وتسعين سنة في بيت المقدس ومئتي سنة في بلاد الشام، فجاء من حرك هذا الركود بدأه عماد الدين ونور الدين وصلاح الدين فغيّروا كثيراً، يعني تاريخ مشرّف وفيه من صفات صلاح الدين أيضاً صفات رائعة من التقوى والعبادة والزهد.

عمر الجيوسي (المقدم): بدي اسألك دكتور يعني هل نثبت هذه المعلومة أم لا؟ أنّ عماد الدين صنع الجيل بالتربية، ونور الدين بالإعداد، وصلاح الدين استثمر التربية والإعداد فحرر، هل هذا متفق عليه تاريخيّاً وتربويّاً؟

الدكتور محمد موسى الشريف: أنا لا أوافق على هذا، ماذا تقول يا شيخ؟

الدكتور عماد الدين خليل: وكذلك أنا لا أوافق على هذا؛ لأن المربي الأساسي للجيل الذي حرر القدس هو نور الدين محمود وليس عماد الدين الزنكي، عماد الدين الزنكي انصرف بهمّه بقضه وقضيضه إلى العمل السياسي إلى توحيد الإمارات الإسلامية، حتى أحياناً استخدم إذا صح التعبير الغاية تبرر الواسطة في سبيل ضم أكبر قدر ممكن من القوى الإسلامية إلى الجبهة التي سيتهيّأ لها أن تقاتل الصليبيين، إنما الذي عُني بالتربية والتربية الإسلامية تحديداً هو نور الدين محمود بالدرجة الأولى.

الدكتور محمد موسى الشريف: صحيح، هذا هو رأيي.

عمر الجيوسي (المقدم): طيب ماذا عن الخاتمة الحسنة لهؤلاء العظماء الثلاثة دكتور محمد؟

الدكتور محمد موسى الشريف: يعني ماذا تريد مني؟

عمر الجيوسي (المقدم): يعني مثلاً لمّح الدكتور إلى استشهاد.

الدكتور محمد موسى الشريف: نعم، عماد الدين استشهد في المعركة وهذه خاتمة كلنا نتمناها، نور الدين رحمه الله كان يتمنى الشهادة ويسأل الله الشهادة دائماً، ونقل مؤرخون ذلك عنه ومن كان بجواره يسمعه كان يدعو الله بالشهادة دائماً، لكن مات على فراشه سبحان الله، ومن العجائب أن شهرته في لقبه نور الدين الشهيد، أليس كذلك أستاذ؟

الدكتور عماد الدين خليل: نعم.

الدكتور محمد موسى الشريف: نور الدين الشهيد سبحان الله مع أنه هو مات على فراشه، صلاح الدين وما أدراك أيضاً كان يتمنى الشهادة بصدق، وهنا حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم (من سأل الله الشهادة بصدق بلّغه الله منزلتها ولو مات على فراشه) أو كما قال صلى الله عليه وسلم، فلذلك حياتهم …

عمر الجيوسي (المقدم): كيف مات صلاح الدين؟

الدكتور محمد موسى الشريف: بمرض، مات مرضاً نعم، ما مات شهيداً في المعركة، لكن نحن نعلم أن هؤلاء الذين سألوا الله الشهادة بصدق وبذلوا كل شيء.

عمر الجيوسي (المقدم): إذا خاتمة حسنة.

الدكتور عماد الدين خليل: نعم لا شك.

عمر الجيوسي (المقدم): دكتور عماد ماذا عن قصة قتل عماد الدين الزنكي؟

الدكتور عماد الدين خليل: والله قيل فيها الكثير ولكن الأرجح أن خادمه أحد خدّامه تلقى منه كلمة قاسية من سيده عماد الدين الزنكي كلمة قاسية، ونام عماد الدين الزنكي، ففعلت هذه في نفسه الأفاعيل، هذه الكلمة التي تلقاها هذا الخادم، فقرر أن يثأر لنفسه من قائده عماد الدين الزنكي فانقضّ عليه ليلاً.

عمر الجيوسي (المقدم): هو من أي قومية كان هذا القائد؟

الدكتور عماد الدين خليل: هو كان تركماني أيضاً، اسمه يراقش تركماني، وانقضّ على سيده فذبحه بالسكين وهو نائم من الوريد إلى الوريد.

عمر الجيوسي (المقدم): ليس بالسم بالسكين.

الدكتور عماد الدين خليل: لا لا بالسكين بالسكين، ذبحه بالسكين وخرج إلى قلعة جعبر التي كان عماد الدين الزنكي يشرف على إسقاطها فنادى شيلوني.

عمر الجيوسي (المقدم): في الموصل تقصد؟

الدكتور عماد الدين خليل: لا لا، قلعة جعبر في الشام على حافة جزيرة فراتية في منطقة الشام، شيلوني فقد قتلت أتابك، فتلقوه بقبول حسن، وتأكدوا أنه هو فعلاً قتل الزنكي، وارتاحوا لفقد الزنكي الذي كان يهدد قلعتهم بالسقوط من منظورهم الإقليمي المحدود جداً، لكنه لقي جزاءه فيما بعد عندما تولى نور الدين محمود بعد وفاة أبيه السلطة، أُرسل إليه فأعدمه، أعدم هذا القاتل المجرم الذي قتل أباه.

عمر الجيوسي (المقدم): طيب كوننا غصنا في التاريخ المجيد كثيراً نريد أن نحلق بهذه المعطيات في معانيها التي نعيشها الآن، بعض الناس يتمثل هذه الشخصيات يعني بطريقة إيجابية، وذكرنا عن ثبات القلب عند القادة، ماذا عن ثبات القلب في المقاومة الفلسطينية الآن على أرض فلسطين هناك قادة كانوا ثابتي القلب ومرابطين.

الدكتور عماد الدين خليل: والله نذكر عز الدين القسّام بقدرته الجهادية وصبره وثباته وتحمّله لتحديات تفوق طاقته بكثير ثم استشهاده بعد إذن، نذكر أحمد ياسين، الشيخ أحمد ياسين مؤسس الحركة الفلسطينية المعاصرة الذي مضى رغم كونه يعاني من شلل نصفي الذي كاد أن يأتي على معظم أعضائه، مضى مجاهداً مقاتلاً صابراً محتسباً حتى اللحظات الأخيرة، الأمثلة كثيرة جداً الرنتيسي وغيره، الكثيرون الكثيرون ممن يُشار إليهم في هذا المجال ممن كانوا على ثبات القلب والقدرة على مجابهة التحديات التي تفوق طاقتهم بكثير.

عمر الجيوسي (المقدم): طيب دكتور نختم معك.

الدكتور محمد موسى الشريف: سأكمل شيئاً فقط أن أقول مثل ما أن نور الدين وصلاح الدين كانا علامة فارقة تاريخ الإسلام الذي حصر المقاومة الفلسطينية الجهادية الإسلامية في عصرنا هذا كان علامة فارقة وكان أيضاً مغيّراً للتاريخ في ظني في المنطقة العربية، يعني ثبات القادة الفلسطينيين ثم إنشاؤهم بعد ذلك حماساً، وهذه حماس وما فعلته في فلسطين في اليهود حقيقة غيّر التاريخ في المنطقة، هذه النظرة على الأقل، غيّر التاريخ لأنها كانت المنطقة تسير نحو اتجاه معين وبالذات فلسطين، أحمد ياسين وصحبه الكرام رحمة الله عليه وتقبله في عليين شهيداً رجل عمل الكثير وهو بمقاييس صحيّة نصف إنسان، نصف إنسان ثبت، وثبت من معه ورسخوا إلى غيّروا بفضل الله تعالى الدفّة في فلسطين تماماً والمنطقة العربية بعد ذلك، فأنا يعني أدعو لهم وأسال الله سبحانه وتعالى أن يبلّغهم أرفع منازل الشهداء لأنهم كانوا ثابتين ورسخوا مفهوم الإسلام الحقيقي في محيط قومي علماني ماركسي يساري سمّ ما شئت إلا الإسلام، فهم رجعوا بالإسلام إلى فلسطين.

عمر الجيوسي (المقدم): جزاك الله خيراً الدكتور محمد موسى الشريف مشرف موقع التاريخ دوت كوم، وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وضيفنا الكبير المؤرخ العالمي الدكتور عماد الدين خليل، سنبقى على خطا صلاح الدين هذه تحيات فريق البرنامج دمتم في أمان الله والسلام عليكم ورحمة الله.

لمشاهدة جميع حلقات برنامج (على خطى صلاح الدين):

https://www.youtube.com/playlist?list=PLH5y7ZzK7PCBHWfVeDLcBGgcf0t5ou2de