التربية وأسر الفاتحين

    

الحلقة 7

الدكتور محمود الرشدان

د. عثمان سعيد العاني

الدكتور عمر الجيوسي (المقدم): سلامٌ من الله عليكم مشاهدينا الأعزاء في فلسطين وفي كل مكان، مشاهدينا ما الخطوات التي نفتقدها في بيوتنا كي يستطيع كثير من الآباء والأمهات خصوصاً الدعاة أن يُكتب لواحد من أولادهم تحرير المسجد الأقصى؟ ولكن هل الأسَر المسلمة قد أصابها عقب خاص؟ كيف هي الأسرة التي نشأ فيها محرر القدس صلاح الدين الأيوبي؟ أو من يسيّرون أولادهم على خطى صلاح الدين؟ كيف يستطيعون غرس ثقافة التحرير في أبنائهم؟ مشاهدينا ما المفاهيم والخطوات التي غرسها المنزل الصهيوني والآباء الصهاينة في أولادهم لاحتلال فلسطين ولاستمرار احتلالهم، بل وأخذ حق غيرهم؟ بصراحة موجعة نقول أسوأ ما يتخيّل في مجتمعنا أنّ بعض الأسر تخرج أجيالاً بعيدة عن الإسلام بل تحاربه، ويكون أحياناً ولاؤها للمحتل ضد أمتها، مشاهدينا هناك أسَرٌ حاكمة وأسَر قيادية، وأسَرٌ تابعة وعميلة، وهناك أسَرٌ ورّثتْ وورِثتْ المجد صلاح الدين الأيوبي ورِث من أستاذه نور الدين جيلاً لتحرير الأقصى، في الإسلام جيل التحرير ليس حكراً على الأسرة الزنكية ولا الأيوبية أو عائلة معينة، وعمر بن الخطاب ورّث فتح بيت المقدس لأمة من الفاتحين، مشاهدينا يصحبنا في هذه الحلقة أستاذ التربية والتنمية والإعلامي الدكتور محمود الرشدان، وكذلك يصحبنا الأكاديمي عثمان سعيد العاني أستاذ الحضارة في الجامعات التركية.

       أهلاً بكم ضيفيّ الكريمين على خطى صلاح الدين، أبدأ معك دكتور عثمان بالنسبة للأُسَر سواء في عصر نور الدين أو صلاح الدين أو قبل أو بعد، الأسَرٌ يعني بالتأكيد أنواع، يعني ربما رشح عبر حركة مجتمعات أسرة تقليدية تعتمد على المرأة بأنها زوجة مستضعفة، وأسَرٌ حديثة على رأي سموها زوجة المكتب وهي رواية أمريكية عام 1929م، وهناك الأسرة التي رسم معالمها القرآن الكريم وهي الأسرة الإنسانية، بم تتفوق الأسرة الإنسانية على أنواع الأسَر الأخرى؟

الدكتور عثمان العاني (الضيف): بسم الله الرحمن الرحيم، لو أردنا الكلام أن ننظر نظرة شمولية إلى القيم التي تقوم عليها الأسرة الإسلامية من خلال القرآن الكريم يمكننا أن ننطلق من ثلاث موجهات ضابطة لهذه الأسرة، طبعاً الهدف الذي يسعى إليه هذا الوصف القرآني هو إعادة الأسرة إلى طبيعتها وإلى فطرتها السليمة، أولاً القرآن الكريم ينظر إلى الأسرة أنها تقوم على دور المرأة داخل الأسرة، ولهذا أعطى لها مكانة خاصة، حيث أننا نجد داخل القرآن الكريم سورة النساء لكن لا نجد سورة الرجال، بينما نجد الرجال يوصفون بوصف المذكر ويشمل المذكر والمؤنث (سورة المؤمنون).

الدكتور عمر الجيوسي (المقدم): على أسلوب التغليب. 

الدكتور عثمان العاني (الضيف): على أسلوب التغليب، ونجد كذلك أن الله عز وجل في أي حادث تتعرض له المرأة داخل المجتمع الإسلامي أو قبل ذلك أيضاً، يعني قبل البعثة النبوية الشريفة نجد أن هناك ذكراً واضحاً لدور المرأة، فنجد سورة مريم، وكذلك نجد قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله، وكذلك نجد اسم لصحابية جليلة زينب، يعني حقيقة ودورها أيضاً في داخل المجتمع الإسلامي كيف أن لها دور بالإضافة إلى المرأة التي تجادل النبي صلى الله عليه وسلم، هذا المنطلق الذي قامت عليه الأسرة الإسلامية، أو الأسرة بمفهومها الذي هو الذي يقر العبودية لله عز وجل يقوم على إرساء وغرس القيم، وهذه المهمة هي خاصة بالأم داخل الأسرة، بينما نجد هذا الدور مغيب من خلال الحضارات السابقة حينما ننظر إلى مثلاً جمهورية أفلاطون، نجد أن أفلاطون ينظر إلى المرأة باعتبارها شيوعية.

الدكتور عمر الجيوسي (المقدم): طبعاً نحن سنتناول في حلقة أخرى يعني موضوع المرأة يعني بحلقة كاملة، لكن نريد تفوق الأسرة الإنسانية على أنواع الأسَر.

الدكتور عثمان العاني (الضيف): تفوقها كما قلنا بزرع القيم، ثم بعد ذلك بتوجيه الأسرة نحو الجانب العملي التطبيقي في الحياة، ثم بعد ذلك أن تكون الأسرة جزءاً متكاملاً من المجتمع، وخير مثال لذلك أن نجده حقيقة في دور النبي صلى الله عليه وسلم من خلال هذه الأمور، ونجد أن المستوى حقيقة الفاعل في حركة التأريخ يمكننا أن نلاحظه من خلال القرب إلى نموذج النبي صلى الله عليه وسلم، وأسرة النبي صلى الله عليه وسلم من حيث التطبيق والتغليب للصفات الحاكمة لهذا النموذج.

الدكتور عمر الجيوسي (المقدم): دكتورنا دكتور محمود الرشدان يعني التربية الإسلامية تختلف عن التربية العادية يعني، وأنت أستاذ في التربية وفي التنمية، التربية الإسلامية تريد من الأسرة المسلمة تربية إسلامية، وتحول التربية إلى مؤسسة أو منظومة تربوية إسلامية، هي يعني طبعاً تريد من الأبناء شيئاً وتريد من الأم شيئاً وتريد من الأب شيئاً، نريد أن نعيش معك أجواء أسرة صلاح الدين الأيوبي بم تختلف عن بقية الأُسَر من حيث هدفها كأسرة تحرص على أن تكون مؤسسة إسلامية؟

الدكتور محمود الرشدان (الضيف): بسم الله الرحمن الرحيم، أظن نحن يعني يمكن أن نركز على هذه المعاني و نعطي أمثلة مثل ما تكلم الأستاذ، بأنه نعطي أمثلة تحققت يعني نموذج الأسرة المسلمة، ليس نموذجاً خيالياً هو نموذج مثالي وتطبيقي، عندما أقول مثالي لا يعني مثالية أفلاطون أي غير قابلة للتطبيق، مثالي بمعني يرتقي بالإنسان فرداً ومجموعة إلى المستويات التي ربنا كرم بها بني آدم، فهذه أسرة صلاح الدين وأمثاله ومن قبله أجيال وأُسَر آلاف الأُسَر على كافة تاريخ المسلمين لها مقومات، ولها من أولى هذه المقومات أنه كمجموعة كفريق متكامل يكمل بعضه البعض، يتعاون على البر والتقوى لا يتعاون على الإثم والعدوان، حتى إذا الأب أخطأ لا يتردد الابن أن يقول له أخطأت مع أن القرآن يقول ولا تقل لهما أف، هو لما يقول له أخطأت لا يقول له أف، أظن ما يمكن أن نصف به الأسرة المسلمة أو أسرة صلاح الدين منها وغيرها من الأسر أنها أسرة عابدة لله سبحانه وتعالى وليس لعبيد الله، وينطبق عليها في رأيي يعني في فهمي أنّ أفضل ما يمثل الأسرة المسلمة وأسرة صلاح الدين منها قوله سبحانه وتعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها) من أنفسكم ليس هناك علاقة بين أفراد الأسرة أكثر من أن تكون الطرف الآخر الشخص الآخر العضو الآخر هو من النفس لتسكنوا إليها، وجعل هدفها السكينة؛ وذلك لأنه في فهمي لا يمكن ربنا سبحانه وتعالى لا يمكن أن يعطي الهدوء والسكينة والطمأنينة لإنسان منفرد لا يتصل بأسرة، والأسرة لا أعني بها _الأسرة المسلمة_ لا أعني بها الزوج والزوجة وأولادهم فقط، أعني بها الأرحام والأقارب الذين في هذه الأسرة الأسرة المسلمة، وبالتالي الأسرة المسلمة كما أسرة صلاح الدين نذكر يعني أقاربه، أجداده الآخرين، هذه الحلقات الكثيرة المترابط بعضها مع بعض تشكل الأسرة المسلمة التي لها رسالة، هذه رسالة مشتركة لها رؤية واحدة، لها رسالة في الحياة الدنيا، يوم القيامة يأتيه يوم القيامة فرداً لكن في الحياة الدنيا مطلوب نعمل ليس كأفراد مستقل بعضنا عن البعض، بل كفريق كجماعة يكمل بعضنا بعضاً، وأظن ما يجعل هذا فريقاً فعلاً إلا إذا كان له رؤية مشتركة، ورسالة واضحة وهي جعل كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السلفى.

الدكتور عمر الجيوسي (المقدم): يعني لو أرنا أن نصف أبناء الذين يريدون أن يسيروا أولادهم على خطا أسرة صلاح الدين كم هم مقتربون؟ يعني ما الذي يقربهم من النموذج القرآني؟ ما الشواهد الشرعية والتاريخية التي يجب أن يصطحبها؟

الدكتور محمود الرشدان (الضيف): أنا في ظني في تقديري بأنه نرى ما هو الهدف الذي، والأولويات التي يُنشِّئ بها الوالدان وكل من له عناية بتربية الأطفال، هؤلاء الأطفال …..

الدكتور عمر الجيوسي (المقدم): يعني تقصد دكتور تكون مؤسسة لها أهداف؟

الدكتور محمود الرشدان (الضيف): لها أهداف، مؤسسة فيها أفراد وكل جهود هؤلاء الأفراد مع تنوعها تصب في اتجاه واحد، وأنّ لها مثلاً أعلى، المثل الأعلى الرسول صلى الله عليه وسلم، يكون لها رسالة وليس يكتفي بتلبية الحاجات الفردية الآنية، وهذه الرسالة ليست تجاه نفسه ولا حتى تجاه بلده فقط، هي تجاه العالم كله تجاه البشرية كلها؛ لأن الله سبحانه وتعالى جعل …..

الدكتور عمر الجيوسي (المقدم): وهذا حاصل في أرض الواقع، نريد في الحلقة أن نحتضن الواقع يعني في كل ما نقول، كي نقترب من الناس أكثر في برنامجنا، يعني الأسرة في أندونيسيا أو في نيجيريا أو في القدس هي نفس المؤسسة التربوية ونفس القرآن الذي يُتلى ويأخذ منه الأهداف والرسالة.

الدكتور محمود الرشدان (الضيف): من حيث من حيث النظرية، لكن من حيث هي دعنا نقول يعني الكلام من حيث يعني الكل يعرف هذا.

الدكتور عمر الجيوسي (المقدم): لكن لو زرت دكتور أنت تسافر مثلا، ولو زرت يعني أسرة من أصدقائك من غير العرب لنفرض، ذهبتَ إلى البعيد تجد نفس مواصفات أسرة بيتك.

الدكتور محمود الرشدان (الضيف): المواصفات الشكلية، لكن في الواقع العملي كثير من الأحيان يعني لسوء الحظ نجد غلبة دعني أقول التعصب الإقليمي حتى على مستوى القرية يطغى على الانتماء …..

الدكتور عمر الجيوسي (المقدم): دكتور عثمان هل توافق على هذه النقطة؟

الدكتور عثمان العاني (الضيف): طبعاً يعني هذا من حيث الجانب الوصفي الأسرة في كل مكان، أو لنقولها أكثر كلمة أسرة هي مؤنث، لكن كلمة بيت مذكر، البيوت في كل مكان لكن الأسرة الحقيقية التي تحتاج إلى السعادة بمفهومها أن مؤنثاً يحتاج إلى مؤنث لا نجده إلا قليل، وهذا ما نلاحظه من خلال المشاكل الاجتماعية الموجودة في باقي المجتمعات، اليوم يعني مثلاً لو نظرنا نظرة يعني حقيقة يكتب بريجنستي كتاباً مهماً، ويوصّف هذه بمعلومة دقيقة حيث يقول: (أن أوربا الآن عدد الوفيات أكثر من عدد الولادات بأحد عشر دولة) يعني كما يقول في كتابه الاختيار، أحد عشر دولة، نرجع إلى هذا المثال التطبيقي الحقيقة نموذج صلاح الدين ليس هو النموذج الفريد، ولكن هو نموذج نأخذه من تلك الفترة.

الدكتور عمر الجيوسي (المقدم): جميل، طيب أنا أريد أن أسألك عن هذا النموذج، يعني كثير من الآباء …..

الدكتور محمود الرشدان (الضيف): عفواً والله آسف أريد أن أؤكد على هذا المعنى، يعني ولعله فيه آراء بس أظن أنا استفدتُ فكرة من أستاذنا الفاضل بأنه نماذج وليس نموذجاً واحداً لكن هذه النماذج لها مرجعية واحدة، ولها رسالة واحدة، وهذه النماذج إن جرى التعبير كلها صالحة لأنها ما تمتنع عنه ما لا تتصل به مشترك، وتتفاوت في القدرات وفي مستوى التعليم وفي مستوى الاقتصاد، يعني الفقير عنده نموذج.

الدكتور عمر الجيوسي (المقدم): ولذلك أنا كان سؤالي بالنموذج القرآني.

الدكتور محمود الرشدان (الضيف): الغني والقوي والضعيف، برضو كلها، لكن هذا النموذج الأسرة المسلمة المثالية إن جاز التعبير، الأسرة الفقيرة لم يكن هو نفس الغنية ولا القوي ولا الضعيف ولا صاحب الجاه، لكن كلها تشترك مع بعضها البعض، فعندنا عدة نماذج هذه نماذج هي في إطار واحد داخل هذا الإطار هي نماذج تنتمي إلى هذا …

الدكتور عمر الجيوسي (المقدم): طيب نأخذ نموذجاً منهم مع الدكتور عثمان، كثير من الآباء والأمهات مثل ما ذكرنا في المقدمة يحرص ويحلم خصوصاً الدعاة يعني والذين لهم رسالة مثل ما ذكر الدكتور، يحلم بأن يكون الذي يحرر القدس ويُنسب هذا الشرف الرفيع لولد من أولاده يعني أو له شخصياً، لكن الأولاد عادة لما يحتاج إلى فترة من الإعداد والإرهاصات وظروف محيطة به، لكن هذا الحلم وإن كان مكلفاً له شروط وله واجبات وله مواصفات، الواجبات أقصد الواجبات التربوية أيضاً تجاه أولاد أولادهم، يعني الأسرة عليها وظائف وواجبات، هل لك أن تصف أو تحدد هذه الواجبات؟

الدكتور عثمان العاني (الضيف): أولاً أنا سأبدؤها بعاطفة لكوني أباً، ثم بعد ذلك أنتقل لكوني أكاديمياً يعني إن شاء الله، كنت أتحاور مع ابني أحمد وهو لم يتجاوز الخامسة أو السادسة سنة، وكنت أحدثه عن صلاح الدين وهو في البيت نقول له (أبو صلاح) وعن السلطان محمد الفاتح، فقال لي كلمة، قال يا أبي إذا كنتُ أنا السلطان محمد الفاتح يجب أن تكون أنت السلطان مراد، وأحتاج إلى آق شمس الدين.

الدكتور عمر الجيوسي (المقدم): يعرف هذه الثقافة في سن الخامسة؟

الدكتور عثمان العاني (الضيف): نعم نعم حقيقة السادسة يعني أسأل الله عز وجل أن يبارك، حقيقة هذه كانت بداية منطلق …

نسأل الله عز وجل أن يبارك في أولاد المسلمين، حقيقة يجب الانطلاق من الواقعية إلى المنهجية وليس من الخيال، هذه نقطة مرحلية مفصلية تحدد مسيرة التربية، لأن حركة التاريخ عندنا هي ليست حركة زمانية يعني ننظر إليها، لكن نتذكرها وننظر إلى المستقبل، نحن لا ننظر إلى التاريخ نتذكر التاريخ ولكن ننظر إلى المستقبل، هذه الانطلاقة من الواقعية إلى المنهجية من خلال قراءة هذه النماذج الموجودة عبر تاريخنا الطويل، وسأتكلم عن نموذج صلاح الدين حتى نصل لمدار الحلقة، الذي يساهم في تكوين شخصية أي مجدد أو أي إنسان فاعل في هذه حركة الحياة ثلاثة عوامل مهمة، الأولى: الشخصية، الثانية: العائلة، الثالثة: البيئة.

الدكتور عمر الجيوسي (المقدم): شخصية الابن نفسه؟

الدكتور عثمان العاني (الضيف): نعم شخصية الابن نفسه والعائلة والبيئة، نجد أنّ سأتكلم أولاً عن العائلة باعتبارها المحضن الأول وهي أشبه بمثلث قابل أن يكون هذا هو الرأس أو هذا هو الرأس أو هذا هو الرأس بحسب الاحتياج، يعني رأس المثلث ممكن أن يكون الشخصية أو رأس المثلث بحسب حركة الحياة حركة الاحتياج الذي يفرضه الواقع، صلاح الدين الأيوبي حقيقة نشأ في عائلة عسكرية محافظة، ممكن في دقيقة نعطي تصوراً سريعاً حول ما الذي يؤثر في تكوين الشخصية المؤثرة في التاريخ؟ ثلاثة عوامل تتدخل، العامل الأول هو عامل الأسرة، والعامل الثاني هو عامل المجتمع، والعامل الثالث هو شخصية الفرد نفسه، هذه المؤثرات الثلاثة تساهم في بناء نظرية التغيير لدى أي فرد عبر التاريخ، وهذا لا ينطبق فقط على صلاح الدين كنموذج في ذلك العصر، بل على كل النماذج الموجودة، كذلك تبدأ هذه الثلاثية بالانتقال بحسب الواقعية والمنهجية، لا يعني أنها معصومة، أحياناً تقع بعض الأخطاء لكن تساهم حركة الحياة بتصحيح هذا المنهج وهذا النموذج.

الدكتور عمر الجيوسي (المقدم): طيب جميل، يعني هو الكلمات كل واحدة لها دلالات يعني كمثل العائلة الأسرة الأهل، الأسرة لم ترد في القرآن، كذلك كلمة البيئة الذي وضع هذه المنظومة الثلاثية وكان الدكتور يتحسس منها، الثلاثيات هذه أنّ كلمة بيئة مطاطة يعني تتسع لكل ما سيقوله المؤرخ أو المفكر أو المتخصص في الحضارة، على كلٍّ سوف نتابع معكم ضيفيّ الكريمين بعد فاصل قصير، مشاهدينا إلى فاصل قصير.

أهلاً بكم من جديد على خطى صلاح الدين مشاهدينا، دكتورنا الدكتور محمود يعني أريد بعد هذه الخلفية النظرية يعني أن نقدم معلومات عن الجانب العملي في هذا الموضوع في دور الوالدين، مثلاً ما الخطوات التي نفتقدها كآباء في غرس ثقافة التحرير في أبنائنا كي يكونوا على خطا صلاح الدين فاتحين؟

الدكتور محمود الرشدان (الضيف): بسم الله الرحمن الرحيم، هو يعني هناك خطوات كثيرة لكن أريد أن أمهّد لهذا بسرعة، لأن هذه ثلاث مؤسسات التي تؤثر في تنشئة الفرد وفي توجهاته وفي قدراته ليست متكافئة من حيث التأثير دائماً، بل أحياناً تأثير المجتمع يكون سلبياً؛ لأنه يسيطر عليه قيم ووسائل إعلام خارجة عن منظومة الأخلاقيات والقيم التي هي للأمة، ودور الأسرة الوالدان والأقارب يكون مضاعفاً ليس فقط أن يساهم مع دور المجتمع الأكبر بل بالعكس، أولاً يريد أن يعطل الدور السلبي لمؤسسات المجتمع الأخرى التي قد يجدها في الشارع وفي الإعلام وغير ذلك، ويبني لأنه التخلية قبل التحرير إن جاز التعبير، وكذلك الحال للفرد نفسه أحياناً قد تتنازعه أهواء، وقد يكون هو صالحاً ووالداه كما حصل في القرآن الكريم هناك نماذج كثيرة جداً، إبراهيم عليه السلام …إلخ، فبالتالي هذه العوامل نحن نريد أن ندرس تأثير كل مؤسسة من هذه المؤسسات ونرى ما هي أي مؤسسة من هذه المؤسسات يجب أن تعطى الاهتمام الكافي حتى لا تأتي التأثيرات السلبية من المؤسسات الأخرى التي تؤثر في شخصية وبناء الطفل والشاب والفرد.

الدكتور عمر الجيوسي (المقدم): يعني نقد بصفتك خبير في التربية وفي التنمية، يعني هذه المؤسسات التي ذكرتَها لا بد من تقييمها الآن هي الموجودة على الأرض، هل هي تؤدي دورها مثلاً، يعني ربما لا أدري كم عاماً درّست في الجامعة دكتور محمود.

الدكتور محمود الرشدان (الضيف): يعني أنا أدرّس في الجامعات _نسيت_ منذ السبعين.

الدكتور عمر الجيوسي (المقدم): يعني حوالي أربعين أو أكثر.

الدكتور محمود الرشدان (الضيف): لكن قد تكون سنة مكررة أربعين مرة.

الدكتور عمر الجيوسي (المقدم): أقصد من هذا السؤال سؤالاً، يعني بالتأكيد هذه مؤسسة، أكيد كان عقوبات في أن تقدر أن تطبق السؤال الذي سألتك إياه عن الطالب الذي تخرج عندك أو الطلاب الذين تخرجوا بالآلاف عبر أربعين عام، بالتالي أنت تشعر انك لم تؤد دورك تجاه أبناء الجامعات هذه مؤسسة في الجمعية، بعد فترة هل تستطيع أن تعترف لنا الآن بالرسالة التي كان يجب أن تحمّلها لهذا الجيل كمؤسسة؟

الدكتور محمود الرشدان (الضيف): نعم أنت سألتَ سؤالاً يجب يعني أن أكون معك صريحاً فيه، أنا أشعر بأن مؤسسات المجتمع العربي والمسلم بما فيها المجتمع الفلسطيني والمجتمعات العربية والإسلامية بشكل عام، هذه المؤسسات الثلاث غير متكاملة، لا يكمّل بعضها بعضاً.

الدكتور عمر الجيوسي (المقدم): غير متكاملة.

الدكتور محمود الرشدان (الضيف): غير متكاملة، وبالتالي يمكن أن تفسر مستوى أيّة أمة إلى تكامل مؤسسات تلك الأمة أو ذلك المجتمع، إذا تكاملت في جهودها كل واحد يضع الابن في المكان المناسب يكمل ولا يهد لأني أن أرى في كثير من الأحيان أن المؤسسات في مجتمع الأسرة والجامعة والمدرسة …إلخ والإعلام و…إلخ، هذه بعض الأحيان يفضي بعضها مساهمة البعض، وهذه في ظني من أخطر ما تتعرض له شباب وأطفال المسلمين، أطفال العرب والمسلمين بشكل عام، لا يدري الطفل أو الشاب لمن يسمع يعني هناك برامج جدارة جداً للإعلام هي مثلكم ما شاء الله يساهموا فيها.

الدكتور عمر الجيوسي (المقدم): الإعلام السابق قبلنا أستاذ.

الدكتور محمود الرشدان (الضيف): على كل حال فيتلقى بوسائل قوية جداً بأساليبها بجاذبيتها، فالوالدان والأقارب وكذا يصبحون يتنافسون مع سلطة تأثير هائلة جداً، ويصبح المجتمع بشكل النظام السياسي النظام الاقتصادي الذي حوله، أيضاً في كثير من الأحيان سلبياً، فالوالدان حقيقة يأخذون والأهل مباشرة _نستخدم الأهل والعائلة_ يأخذون يعني معركة مزدوجة في هذا الموضوع، وبالتالي أظن أنه يجب أن تتعاون الأسرة التي تلتقي على هدف واحد ومثال واحد، لا تكتفي كل أسرة وهذا جزء من المشكلة وحدها، لن يستطيع أبوان وحدهما أن يربوا أبناءهم تربية صالحة على خطى صلاح الدين، على خطى أبي بكر، على خطى عمر، يعني هذه القضية مهمة جداً، الآن لسوء الحظ الاهتمامات الفردية يعني حتى داخل الأسرة الواحدة كل واحد إذا كان عنده فلوس، كل واحد من الأولاد عنده تلفزيون عنده آيباد وكذا، مصيبة هذه، مصائب بحالها، كونك تملك فلوساً أشتري تلفزيون وآيباد وكومبيوتر، وكل واحد يعيش في عوالم أخرى، يعني لا يمكن أن يكون في هذا ….

الدكتور عمر الجيوسي (المقدم): نفقد معنى الأسرة والعائلة.

الدكتور محمود الرشدان (الضيف): نعم ولا تقوم بواجبها في المجتمع.

الدكتور عمر الجيوسي (المقدم): طيب لنأخذ أسلوب النفي، الضد أو اللون الآخر الأسود دعنا نقول، يعني تجربة أخرى سوداء لكن ناجحة، سوداء علينا بيضاء لهم وهي تجربة المجتمع والعائلات الصهيونية في الأرض المحتلة.

الدكتور عثمان العاني (الضيف): (باروخ غولدشتاين) يعني كيف تربى وكيف نشأ صاحب مجزرة الخليل المشهورة، وهو طبيب يعني حقيقة البيئة التي اختارها….

الدكتور الجيوسي (المقدم): ويزورون قبره.

الدكتور عثمان العاني (الضيف): ويزورون قبره يعني أيضاً، أنا حقيقة هذه الثلاثية التي ابتدأنا فيها لا يعني أنها مطلقا أنها هي إيجابية أو مطلقاً هي سلبية، وإنما الميزان الموجود في وسط هذه الثلاثية هو ميزان القرآن الكريم للقياس وقراءة النموذج الكوني صحيح أم خطأ، فالمجتمع فيه أخطاء وفيه إيجابيات وفيه سلبيات، والأسرة فيها أخطاء.

الدكتور عمر الجيوسي (المقدم): أنا سؤالي دعني أحدده أكثر ممكن، ما الخطوات والمفاهيم التي يغرسها الأب أو الأم يعني العائلة الصهيونية في أبنائهم كي يعني يكونوا قد أنجزوا احتلال فلسطين واستمروا في الاحتلال وأخذوا حقنا مثل ما ذكرتَ باروخ غولدشتاين أو غيره يعني، ما الفرق بين مفاهيمنا و مفاهيهم، وخطواتنا العملية أو خطواتهم، هم استطاعوا الاحتلال ونحن لم نستطع التحرير.

الدكتور عثمان العاني (الضيف): هم بالحقيقة أخذوا بالوسائل الصحيحة لكن بمنطلقات خاطئة ويعني مرفوضة، انطلقوا أولاً من دائرة القيم الحاكمة على هذه الوسائل، والتي تقوم على الكتب المقدسة الموجودة عندهم.

الدكتور عمر الجيوسي (المقدم): القيم الدينية.

الدكتور عثمان العاني (الضيف): القيم الدينية هي المنطلقات الأساسية، ثم بعد ذلك يختارون الوسائل التي تنسجم وتراعي هذه القيم، وبالمناسبة هذا أيضاً ينطبق على الغزو الصليبي لبيت المقدس كيف تعامل الصليبيون وكيف تعامل صلاح الدين الأيوبي، القضية الثالثة أيضاً وجود هدف واضح قابل للتطبيق، هذه الثلاثية بين القيم والوسائل والأهداف المرحلية القابلة للتطبيق، ولذلك انا أضرب مثالاً بسيطاً على (منغور) حقيقة أو حتى (حليم وايزمان) أكثر وضوحاً، حليم وايزمان يشترك في فيلق القدس في الحرب العالمية الأولى، ويترك المناصب الكبيرة ويمشي بهذا الاتجاه انطلاقاً من قيمه التي كان يرعاها من خلال الحاخام الذي أشرف على تربيته، والبيت الذي أشرف على توجيهه، ثم بعد ذلك المؤسسة الصهيونية التي حددت له مسار حركته.

الدكتور عمر الجيوسي (المقدم): إذاً المسألة ليست قيم فقط مسألة مؤسسية أيضاً.

الدكتور عثمان العاني (الضيف): هي حقيقة تمر في ثلاث كما يقال علماء التخطيط وعلماء دراسة علم الاجتماع، وبالمناسبة ابن خلدون يذكرها أيضاً أنها تنطلق من القيم إلى الوسائل إلى الأهداف، والأهداف يجب أن تكون واقعية مرحلية ظاهرة للعيان، هذا ما نجده حقيقة يعني بدليل، الآن لو نظرنا إلى رئيس وزراء الاحتلال الصهيوني (نتنياهو) نجده محافظاً على قيمه بقدر الاستطاعة، بينما بالمقابل لأجل الحفاظ على الوسيلة يغير القيم، يعني الآن وسيلة التفاوض على سبيل المثال لا الحصر نجد أنّ نتنياهو يؤكد على القيم التي يحملها كون الدولة اليهودية والقدس هي أول شي عاصمة الدولة اليهودية، لكن الجهة التي تتعامل مع نتنياهو تتخلى عن قيمها في سبيل الحفاظ على التفاوض.

الدكتور عمر الجيوسي (المقدم): يتكلمون بأعذب لغة ويقولون أغلظ عصر.

الدكتور عثمان العاني (الضيف): نحن يعني حقيقة لغة السياسة غير لغة الواقع، لغة السياسة تكون أعذب لغة، نحن ننتصر في الإعلام لكن نخسر حقيقة أحياناً على الأرض بسبب بعدنا عن القيم.

الدكتور محمود الرشدان (الضيف): والله يا ابن الحلال لا منتصرين في الإعلام ولا في السخام، يعني أين هو وعلامَ؟ نحن لسنا منتصرين لا في الإعلام ولا في غير ذلك، آسف للمقاطعة.

الدكتور عثمان العاني (الضيف): لكن أنا أقصد الإعلام ليس الإعلام بمعناه يعني أنا أقولها للانتقاد، نجيد الكلام أحياناً والخطاب لإقناع بعضنا البعض، لكن حقيقة الجانب التطبيقي هو خلاف ذلك كله من خلال أنا لا أتكلم عن منظومة القيم الإسلامية داخل الإعلام، وإنما على منظومة القيم السياسية الموجودة الحاكمة.

الدكتور عمر الجيوسي (المقدم): يعني أن قيمهم كما ذكرت القيم والوسائل والأهداف قيمهم مختلفة، يعني هو مثلاً بارك يشوي أطفال غزة بالفوسفور الأبيض، ويأخذ شعر امرأة ويتفاخر أمام الإعلام بأنه يجز رأسها، وفي نفس الوقت هو يحمل درجة الدكتوراه في الفيزياء ودرجة الدكتوراه في الرياضيات يعني، على كل أريد أن أسأل الدكتور محمود نحن الخطوات التربوية نحن نمشي معها خطوة خطوة، واليوم نحن بخطوة العائلة، سنأخذ المخلوق الحساس في العائلة وهو الطفل الصغير، التشكيلات التي ذكر عنها البيئة الحاضنة أو الوعاء هذا يكون الطفل طبعاً حوله المعلمون الأهازيج الأناشيد القصص التلفاز المربيات الأم، وربما يعني من الناحية الشرعية أيضاً يتزوج الأب امرأة غير مسلمة، يذهب إلى اليابان يتزوج يابانية غير مسلمة أو لا أصلاً من أهل الكتاب يعني، ففي منظور الآيات والأحاديث الآية التي تقول مثلاً (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولَأمَة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم) نعم، يعني نريد أن نلقي الضوء على خطورة ما يحيط بالطفل من خطورة وكل ما ذكرناه، الأهازيج الكتب المرئيات المسموعات الزوجة يعني الأم.

الدكتور محمود الرشدان (الضيف): نعم هو كما يعرف علماء النمو وعلماء النفس لنمو الطفل أن الطفل يمر في مراحل، حتى وهو في بطن أمه هو في مرحلة، يعني هو حقيقة خلقه يبدأ منذ أن تكون هذا الجنين يقال أربعة أشهر أو ثلاثة أشهر، المهم تبقى نفسية الإنسان تتكون يعني قبل أن يخرج من بطن أمه، وله حاجات حتى وهو في بطن أمه، يعني العلماء _ويجب أن نستفيد من هذه العلوم كثيراً_ يقولون ما يسمعه يعني الجنين هذا يسمع وبالتالي يجب أن يُقرأ له، وأحد الأطباء المسلمين رحمة الله عليه الدكتور أحمد القاضي كان في فلوريدا، وهو مجموعة من العلماء المسلمين، هو طبيب قلب، وكان معه عالم نفس أمريكي مسلم ومجموعة علماء قاموا بمجموعة من التجارب في المستشفى الذي كانوا يعملون به، تجارب على المسلمين وغير المسلمين، وعلى سبيل المثال جاؤوا بنساء كانت حواملاً مسلمات وغير مسلمات يعني في المجتمع الأمريكي عامة، وبدؤوا يضعون تسجيلات القرآن الكريم.

الدكتور عمر الجيوسي (المقدم): الدكتور محمود القاضي والذي معه.

الدكتور محمود الرشدان (الضيف): أحمد القاضي ومجموعة وغيرهم، لأن الفكرة كانت موجودة في غير هذا السياق، وهم طبقوها في سياق، يعني كانت الفكرة هذه موجودة عند علماء النفس الأمريكيين لكن هم طبقوها امتحنوها إن جاز التعبير اختبروها، المهم بسرعة وضعوا تسجيل القرآن بصوت جميل حتى عند النساء غير المسلمات الذين لا يعرفن، وبعض المسلمات لا يعرفن العربية، وبعض المسلمات يعرفن العربية حوامل، ورأوا التأثير النفسي على المواليد، باختصار شديد جداً النتيجة كانت بأنه تأثر الجنين صحة الجنين، وكانوا يقيسون باستمرار صحة الجنين عند خروجه بكل هؤلاء بدرجات متفاوتة، حتى المرأة غير المسلمة المشركة التي لا تفهم ولا تعرف ما هذا تأثر الجنين بالقرآن الكريم بقراءته بفترات معينة وهكذا، والمسلمة التي تفهم القرآن الكريم كان تأثرها أكثر، والمسلمة التي لا تعرف العربية تأثرت وهكذا، الذي أعنيه بأن الطفل هذا يحتاج إلى معرفة وبالتالي الوالدان ومَن ينشأ يجب أن _في رأيي_ يجب أن يُعمل لهم دورات لأن الابن هو طفلهم ابنهم بنتهم يعني هذا المولود سيقيس عليهم، طيب نحن يجب أن نطعّمه، حتى الأم هي الآن تعرف برنامج التطعيم، لكن التطعيم إن جاز التعبير أو التخصين ضد الأمراض الاجتماعية وضد الأخلاق والقيم الفاسدة، لا نمشّيها موازية مع التطعيم الطبي، أنا عفواً أنا أريد أنه يجب أن نؤثر كل من يقوم على تربية الطفل على تطعيمه الخلقي والنفسي والاجتماعي بالإضافة إلى التخصين.

الدكتور عمر الجيوسي (المقدم): طيب يعني الدكتور اختار من السؤال مرحلة مبكرة جداً وأنا أريد أن أسبق إلى مرحلة قبل وقبل مع الدكتور وهي مرحلة الفطرة، الحديث الصحيح يقول (كل مولود يولد على الفطرة وإنما أبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه)، الوالدان هما المسؤولان بعد، يعني نتكلم عن الفطري والمكتسب في تخصصك لكن سريعاً دكتور، فهناك دور للوالدين كي يحافظوا على عدم تشويه هذه الفطرة، مثلاً الإمام الغزالي يقول نصاً اسمح لي أن أقرأه (الصبي أمانة عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة، وهو قابل لكل نقش، فإن تعود الخير وتعلمه نشأ عليه _وذكرتَ مثلاً ابنك ما شاء الله يعني_ وسعد في الدنيا والآخرة وشاركه في ثوابه _هنا رسالة شرعية_ وشاركه في ثوابه أبواه، وكل معلم له ومؤدب _يعني الذي درسه في الجامعات وفي المدارس_ وإنْ عُوِّد الشر وأُهمل إهمال البهائم شقي وهلك) ، أريد أن أسأل يعني عن هذا الموضوع في أي سنة تتشكل الصفات المكتسبة وهذه الفطرة يعني كيف يحافظ عليها الوالدان من التشويه.

الدكتور عثمان العاني (الضيف): حقيقة هي تبدأ حتى ما قبل الزواج يعني في اختيار الزوجة، في الحديث الصحيح (حق الولد على أبيه أن يختار أمه يعني)، واختيار الأم هو مهم بداية صحيحة؛ لأنه في القرآن الكريم نساؤكم حرث لكم، يعني مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة، نربط بين الموضوعين نصل إلى هذه النتيجة، اختيار الأم في البداية ثم بعد ذلك التأكيد على الحفاظ على هذه الفطرة يكون باختيار دائماً الوسائل التي تساعد، أنا سأضرب مثالاً بسيطاً حتى بما يخص صلاح الدين الأيوبي رحمه الله، صلاح الدين الأيوبي حينما مثلاً نجد أنه بقي حريصاً على اختيار ما الذي يؤثر في فطرته، ويؤثر في مساره على سبيل المثال لا الحصر أنه تزوج عصمت الدين وهي زوجة نور الدين محمود السابقة، وهذه المرأة أثرت في صلاح الدين كما أثرت في نور الدين حقيقة الشهيد، كانت تقوم الليل وتصوم وإذا غاب عنها قيام الليل تبكي حتى يعني فرض نور الدين على باب دارها من يقرع الطبل فيوقظها، لذلك حقيقة لها أثرها في بناء مؤسسات تحافظ على الفطرة للعائلة المسلمة في ذلك الفترة كأثر صلاح الدين في فتح القدس الشريف، وليس هذا فقط وإنما أيضاً ست الشام التي أيضاً وضعت وقفيات خاصة للحفاظ على المدارس والمكاتب وما إلى ذلك، وهي أخت صلاح الدين الأيوبي، نرجع إلى قضية حقيقة مهمة في ذلك، نشأة الطفل من أول يوم حتى في الفقه الإسلامي استهل صارخاً، هذه الكلمة دقيقة للفقهاء أنها بداية الحياة وبداية التكييف ليس للطفل، وإنما للأبوين في رعاية هذا الطفل يعني تكليف شرعي يكون في عنق الآباء، وفي الحديث الصحيح (كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول)، إذاً من يعول ليس من يفهم، والإعالة هنا ليس إطعام الطعام فقط وإنما الرعاية، ونحن نقصد هنا حقيقة فيها أنّها مراعاة أنجع الوسائل في الحفاظ على شخصية الأطفال منذ صغرهم.

الدكتور عمر الجيوسي (المقدم): طيب على كل يعني أريد أن أسأل نفس السؤال مع إضافات للدكتور محمود رشدان لكن بعد فاصل، مشاهدينا إلى فاصل.

من جديد أهلاً بكم مشاهدينا على خطى صلاح الدين بصحبة ضيفينا الكريمين الدكتور محمود الرشدان والدكتور عثمان العاني، دكتور محمود يعني نفس النقطة التي ذكرها دكتورنا الفاضل، لكن بصراحة موجعة يعني هناك فطرة تتشوه ونأخذ مثالاً ربما يعني ليس من حقي كإعلامي أن أتكلم فيه ولكن دائماً نحن نطرح الجدليات كي نجدد للمشاهد يعني بعض الأمور التي يعني لا يجيب عليها إلا المتخصصون، وأريد فقط الرسالة في هذا الموضوع يعني الصهاينة ربما نلاحظ إذا استقرأنا بعض الأسماء، والاستعمار من قبلهم عبر خطط لا أدري ممنهجة أو لا يعني يشتغلون على أبناء القادة، ويجعلون منهم يعني بإسقاطات معينة ضد أمتهم وضد منهج أبيهم، ويتنكرون لبندقيته ومسيرته وعلمه وثوابته، رسالتك.

الدكتور محمود الرشدان (الضيف): رسالتي للقادة ولأبنائهم ولمن يريد أن يكون قائداً، أنه دائماً يختار الأفضل ويتقن عمله ويتقي الله سبحانه وتعالى، بأنه يُلزم نفسه بالإتقان (إن الله يحب أحدكم إذا عمل عملاً أن يتقنه)، و(الحكمة ضالة المؤمن أنّى وجدها فهو أحق الناس بها)، يعني أن لا يقبل لنفسه المستويات الدنيا، وأنّ القادة يخصصون يعني ييسّرون لأبنائهم العظام الذين عندهم مواهب كبيرة لخدمة هذا الدين وليس لاكتساب التجارة واكتساب المال وتجميع المال، لسوء الحظ نحن نرى أنّ السياسة العامة وسياسة القائد بشكل خاص يرسلون أبناءهم حتى لو كانوا في بعض الأحيان ليسوا متميزين ليأخذوا شهادات من جامعات عليا أو من مؤسسات مشهود لها في العالم، فيصبح مؤهلاً يأخذ منصباً ويأخذ قادة، يعني رسالتي وأملي وأنا أعتقد أن بعض القادة جزاهم الله خيراً يدركون هذا يعني ليس كل القادة، أنا أعتقد أنّ كثيراً من القادة الموجودين والقادة الفكريين والقادة الإعلاميين وجميع القادة في مواقف مختلفة، أنا أعتقد أن بعضهم يدرك هذه الرسالة ولا نتميز عنه، أنا إلى هؤلاء ولغيرهم أنهم يتقوا الله سبحانه وتعالى وليتقوا بهذه الأمة التي وُكّلوا أمرها بأنهم يهيئون أبناءهم لخدمة هذه الأمة، وهذه الأمة شاهدة على الناس، وأمة وسطاً وخير أمة أُخرجت للناس.

الدكتور عمر الجيوسي (المقدم): دعنا نحكي أدبيات وموعظة، لكن عملياً أنت مختص يعني، سألنا السؤال لك بالتحديد.

الدكتور محمود الرشدان (الضيف): عملياً إنّ مَن يبني مؤسسات تجبر هؤلاء القادة أن يرسلوا إليها سأعطيك مثالاً، آسف أعطي مثالاً بعض الأحيان، سأعطي مثالاً من تاريخ المؤسسات التعليمية العليا الجامعات الأمريكية، ومثالاً من تجارب المسلمين المعاصرة إذا سمحت لي.

الدكتور عمر الجيوسي (المقدم): تفضل سريعاً.

الدكتور محمود الرشدان (الضيف): الجامعة الأمريكية في بيروت أنشأت عام 1896م من البداية التبشيرية تحت عنوان الكلية البروتستانتية، كان اسمها الكلية البروتستانتية الإنجيلية، ثم تحولت إلى جامعة بيروت، في وثيقتها في الكتاب الذي كتبه أول رئيس لها باروز اسمه باروز ، كتب كتاباً يحكي قصة هذه الجامعة، يحكي قصة هذه الجامعة، that they may have a life  لكي يحيوا وهذه الجملة من الإنجيل يشرح فيه، هذا الكتاب كان منشوراً ثم أصبح ممنوعاً، إلا أن تأخذ إذناً من رئيس الجامعة حتى تذهب تقرأه لأنه أثار ضجة، أنا كنت في الجامعة الأمريكية، المهم ذهبت وأخذتُ إذناً ورحت درست هذا الكتاب وعندي نسخة منه، المهم أنهم قالوا لا نستطيع ولن نغير دين المسلمين، لثماني ست سنين كانت قضية على الخلافة العثمانية معروفة قضيتها، نريد أن نصنع قادة ثم قالوا ما يلي بسرعة، (نحن نريد أن نتجه إلى فئتين من الناس، القيم الأمريكية تقوم على الطبقة الوسطى، وتقوم على المبدعين، الحضارة الغربية تقوم على المبدعين وليس على عامة الناس) ونحن نريد أن نستهدف الأذكياء القادرين من أبناء الشعب، ونخصص لهم حوالي %75 الثلثين تقريباً المقاعد، هؤلاء لن يستطيعوا أن يأتوا، لازم نهيئ لهم منح وبعثات، و%25 أو %30 من أبناء القادة الذين يتوارثون القيادة، خطة نفذناها على 4000 طالباً وطبقت هذه السياسة، وكانت تأتي إلى كل بلد وتأخذ العشرة بالمئة الأوائل من الثانوية، ويكونون محافظين عادة، ولكن هي عندها ثقة بالبرنامج الذي تحوله، وحوالي الثلث أو %25 من أبناء القادة ولا أريد أن أسمي لأن العائلات معروفة، وكان هؤلاء يجتمعون في هذه يصنعون، على كل حال هذه إستراتيجية ونجحت نجاحاً كبيراً جداً، أنا أشهد أنها نجحت، المسلمون حاولوا وإن شاء الله تنجح هذه المحاولة أن ينشئوا ليس على نمط الجامعة الأمريكية لا، على نمط الولاء للفكرة الإسلامية.

الدكتور عمر الجيوسي (المقدم): نريد أن ننتقل إلى نقطة أخرى.

الدكتور محمود الرشدان (الضيف): جاء مجموعة من المفكرين ومنهم الدكتور عبد الحميد سليمان، ومنهم الدكتور طاهر العلواني من جنسيات مختلفة، والدكتور من ماليزيا أساتذة من ماليزيا، اجتمعوا وأسسوا الجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا وكانت هذه فكرتها، يعني هذه الفكرة الأساسية بأنه تأصيل الفكر الإسلامي وإيجاد أناس يمارسونه في مواقع مختلفة، وهي مازالت قائمة الجامعة إن شاء الله، يعني الرسالة التي أنا أقولها أنه يجب أن تستهدف النابغين ليشتغلوا بأمر هذه الأمة، النابغين.

الدكتور عمر الجيوسي (المقدم): جميل، طيب على كل هذه الفكرة ….

الدكتور محمود الرشدان (الضيف): ليس المتردية والمؤودة وما أكل السبع، نحن الآن التربية _أنا أستاذ تربية لسوء الحظ، لسوء الحظ على الحال ليس على حالي_ على كل حال بسرعة سياسات الآن الدول، وأنا أوجه سؤالاً للدول والأسَر، عندما تظهر نتائج الثانوية الذين فوق %95 يذهبون إلى الطب ثم الهندسة …إلخ، ثم العلوم الاجتماعية آخر شيء للذي لم يجد شيئاً، ماهذا يا أخي قد يكونوا أطباء لكن علماء اجتماع في نفس الوقت، وقد يكونون مهندسين لكن علماء اجتماع، أنا لا أغير التاريخ لأنهم مهندسين، أغيرهم لأنهم اشتغلوا بالإضافة إلى…

الدكتور عمر الجيوسي (المقدم): دعنا نتكلم عن هذه الأسر، يعني أنا سعيد من المثال الذي ذكرتَه عملياً، وأنا دائماً في البرنامج أميل للمثال العملي الآليات، وإن كانت آلياتنا معطلة في كراج التاريخ، على كل دكتور عثمان دعنا نتكلم عن أُسَر الفاتحين وهو موضوعنا الأساسي يعني، هناك أُسَر حاكمة، هناك أُسَر طبيعتها قيادية سواء قيادة إعلامية أم ثقافية أم تجارية …إلخ، وهناك أُسَرٌ تابعة طبيعتها تابعة، وهناك أُسَر عميرة وما أكثرها الأسَر الحاكمة التابعة طبعاً في هذا الزمان، هناك أُسَرٌ ورّثتْ وورِثتْ المجد، مثلاً صلاح الدين الأيوبي ورِث من أستاذه الملك الشهيد الملك العادل نور الدين ورِث ماذا؟ جيلاً، جيل التحرير، في الإسلام طبعاً نعرف أن جيل التحرير ليس ظاهرة عقيمة وإنما هناك شروط إذا توفرتْ سيأتي هذا الجيل، وإن شاء الله يعني سيكون، هذا ليس حكراً على الأسرة لا الزنكية ولا الأيوبية ولا أسرة ابن الخطاب ولا غيره، بالتالي يعني بم تختلف منازلهم وأسَرهم عن أسَرنا نحن؟

الدكتور عثمان العاني (الضيف): حقيقة هذه الأسرة جاءت ضمن تسلسل تأريخي طبيعي استثمر الزمان والمكان والقابلية الذاتية لهذه الأسرة، يعني مثلاً…

الدكتور عمر الجيوسي (المقدم): الدكتور محمود يلاحظ مصر على الثلاثيات الدكتور.

الدكتور محمود الرشدان (الضيف): هو أنا مسرور لأنه حتى لو كان ابناً عظيماً ولكن ليستْ عنده قابلية ذاتية، أريد أن أؤكد على هذا المعنى مهم جداً، يعني هذا شرط ضروري.

الدكتور عثمان العاني (الضيف): جزاك الله خيراً، أنت تفتح لي الأبواب أستاذي.

الدكتور عمر الجيوسي (المقدم): جميل جداً أنه كلما تكلم يكون مستحضراً ملفات محددة يعني لكل نقطة، يعني هذا قمة الثقافة في رأيي.

الدكتور عثمان العاني (الضيف): حقيقة هذه الفكرة الآن تولّدتْ سنصارح يعني، لكن أقول بسبب الدكتور محمد يعني حفظه الله؛ لأنه هو فتح هذا الأفق، كون أنّ الزمان يعني ما سبق صلاح الدين الأيوبي والأسرة الزنكية أو الأسرة الأتابكية نجد أنّ هناك حركة فكرية صححتْ مسار الأمة، قام بها يعني حقيقة مجموعة من العلماء وهم أيضاً مجددون بذاتهم مثل الإمام الغزالي رحمه الله، ومثل كذلك الشيخ عبد القادر الجيلاني والشيخ أحمد الرفاعي وهذه المجموعة المعروفة، وتحولتْ إلى مؤسسات قائمة تمثلتْ بالمدارس النظامية وبدور السلاجقة، حتى إذا لاحظنا أن المؤسسات إن صح التعبير الحاضنة نسميها الحواضن، الطبيعية التي أوجدت هذا التجديد في الأسرة هي كانت بمعزل عن الصراعات السياسية وصدامات الأمة، وهذا ما نحتاجه عملياً في مثل هذه المرحلة كما ذكر الدكتور محمود من فتْح الجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا بمنأى عن صراعات الشرق الأوسط.

الدكتور عمر الجيوسي (المقدم): حقيقة هي عالمية، نحن زرناها، فعلاً عالمية.

الدكتور عثمان العاني (الضيف): والآن تركيا تنحو هذا المنحى الآن حقيقة، تفتح ثلاث جامعات أو فُتحتْ، هي عالمية بهذا الاتجاه وتسعى إلى تحقيق مثل هذا التوازن المعرفي، التوازن المعرفي.

الدكتور عمر الجيوسي (المقدم): الجامعة العالمية باكستان نفس الفكرة؟

الدكتور عثمان العاني (الضيف): لا لا ، عفواً نفس المبدأ؛ لأنه أحمد داوود أوغلو مثلاً وزير الخارجية هو كان في الجامعة الإسلامية في ماليزيا وحمل هذه النظرية بالإضافة إلى كثير من النظريات الموجودة القابلة للتطبيق والقابلة للقياس، ولا يعني حقيقة أن فقط المؤسسات الأكاديمية بل المؤسسات غير الأكاديمية هي أقوى يعني أحياناً تكون، يعني الآن في مؤسساتنا نجد المدارس غير الرسمية إن صح التعبير التي هي تحمل عُرف الإجازة النظامية، مازالت قائمة في العراق وفي تركيا وفي الشرق وفي الغرب، نرجع إلى هذا الموضوع إلى تطبيق الأسَر، ما الذي يعني الأسر الحاكمة والفاعلة حقيقة هي دائماً عبر التاريخ تكون قليلة، نسبتها محدودة يعني كما هاوزن يعني (أنها الثلاثة والنصف في المئة الذين يغيرون التاريخ إما باتجاه سلبي أو باتجاه إيجابي)، على الأكثر يعني، وهذا ما نجده حقيقة 124 ألف صحابي، 17 ألف صحابي الذين نعرف أسماءهم أو 500 البارزين من هؤلاء الصحابة يكادوا يكونون نسبة معينة ولكن هم على رأس الهرم، على رأس الهرم في تحريك حركة التاريخ.

الدكتور عمر الجيوسي (المقدم): النخبة القائدة.

الدكتور عثمان العاني (الضيف): النخبة القائدة، النخبة التي تستطيع أن تصل وتؤثر، ما قبل أسَر صلاح الدين أو الأسَر الأتابكية نجد أنّ الأسرة كانت عبارة عن فوضى من الخلّاقة، وأنا أقولها بصراحة ما نعانيه الآن هو يشبه الفترة التي سبقت تحرير القدس الشريف، يعني هناك أيضاً كانت أزمة فكرية، أزمة فقهية بإيجاد فقهاء مجددين يستطيعون قراءة حركة الحياة، أزمة إعلامية إن صح التعبير لدرجة، وأزمة خُلُقيّة أزمة خُلُقيّة قائمة، على مستوى العقيدة انتشار الباطنية، وعلى مستوى الفقه جمود الحركة الفقهية، الآن ما نعانيه بالمناسبة بنفس المواصفات ونفس الظواهر، يعني جبرائيل بير البروفسور اليهودي الصهيوني الذي كتب عن الوقف الإسلامي حقيقة ذكر هذه بشكل واضح ودقيق، أن المرحلة التي تمر بها الأمة الإسلامية هي عين المرأة، وهذا ما كتبه أيضاً محمود رشيد خطاب، الأسَر الحاكمة والأسَر الفاعلة هي انتفعت من القرب من النموذج القرآني الفريد من حيث الفهم والإدراك، ثم اختارت طريقة فقهية في تنفيذ المآلات، نجد ليس هو صلاح الدين فقط من أسرته أخوه الملك العادل كما قلنا، أخته ست الشام، أبوه عمه شركو، أسد الدين شركو وكذلك وكثير من الأسماء حقيقة، وهو حينما أيضاً تولى الحكم منع المنكرات أكد على القيم قبل أن ينطلق إلى معركة التحرير.

الدكتور عمر الجيوسي (المقدم): أريد أن أسأل عن الأسَر الحاكمة سؤالين مختلفين بالحلقة.

الدكتور محمود الرشدان (الضيف): اسمح لي فقط إضافة صغيرة جداً اسمح لي، أظن أننا نستحضر في ضوء هذا النقاش لعله حديث أو قول مأثور لا أدري (فئتان من الناس إذا صلحتا صلح الناس وإذا فسدتا فسد الناس، العلماء والأمراء)، هؤلاء مثل اليدين تكمل إحداهما الأخرى، الاثنتان نظيفاتان يلزم أن يشتغلوا، يعني هما إذا اتسخ الواحد صحيح ولكن كما نظن (أبو محمد الغزالي) يخاطب وأكاد أقول بأنه لولا صلاح العلماء ما صلح الأمراء، (يا معشر العلماء يا ملح البلد، من يصلح الملح إذا الملح فسد)، هذه الفئتان يجب أن تتكاملا، يجب البرامج التي تنتجها حتى لا نعزز أنا آسف أقول بأن الموكب يجب أن يتوارث كادر عن كادر، فقط إذا كان الابن ليس لأنه فلان يريد أن يصبح رئيس جمهورية أوملكاً أو قائداً هذه مصيبة، نحن مصائبنا تأتي من الأمور هذه.

الدكتور عمر الجيوسي (المقدم): في السابق وضيفنا من بغداد يعني، كان الذي يريد أن يرتقي بولده يذهب به إلى جامعات بغداد حتى اللباس الجامعي، الثوب الجامعي هو فكرة عباسية يعني، والقلنسوات هذه مراتب علمية أيضاً، الآن طلابنا يذهبون إلى عواصم الثقافة الغربية طبعاً، ما الرؤية الإسلامية بصفتك خبير تربوي، الرؤية الإسلامية التربوية للحفاظ على ثقافة طلابنا، يعني كثير منهم يذهبون ويسكنون مع عائلة أجنبية أو في جامعات، معروف مثل ما ذكرتَ الجامعة الأمريكية لها هدف، الجامعة كذا لها أهداف، بعض الجامعات تمنعك من تعبيرات معينة، ما الرؤية الإسلامية ورسالتكم لهؤلاء الطلاب؟

الدكتور محمود الرشدان (الضيف): أنا رسالتي للآباء والطلاب أن يختاروا أفضل الجامعات في العالم أينما كانت في بلد مسلم أو غير مسلم، لتأهيل هؤلاء الناس في مواقع الحياة المختلفة، ليصنعوا الحياة وليس ليقلدوا غيرهم ممن درسوا عندهم أو درسوا عليهم، ليتعلموا سنن التكوين الحضاري والإنساني، يعني هذه سنة الله سبحانه وتعالى جعل سنناً في هذا الكون وفي المجتمعات.

الدكتور عمر الجيوسي (المقدم): طيب هو انتهى وقت الحلقة لكن بجملة واحدة دكتورنا الفاضل، يعني بعض الناس النسابين العرب نسبوا صلاح الدين إلى أسرة عربية وتناقشنا في حلقة سابقة مع الدكتور عماد الدين خليل وغيره من الضيوف في هذا الموضوع، لكن النبي صلى الله عليه وسلم اعتز بأسرته، هذه الأسرة هي طبعاً اعتز ضمن الحديث ثم اصطفى آدم من قريش من بني هاشم واصطفاني …إلخ إلى عبد المطلب، ما التوجيه الشرعي للاعتزاز بهذه الأسرة وبالنسب على حساب الكفاءة والتقوى مثلاً؟

الدكتور عثمان العاني (الضيف): طبعاً هو شاهد كلام النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المجال يعني عفواً فسر بحسب سببه وليس الوقت يتسع لتفسير هذا السبب، الاعتزاز يكون للقيم داخل الأسرة، وهذا مهم جداً وهذا ما كتبه أيضاً الإمام الغزالي في (أيها الولد)، وأنا أريد أن أختم كلامي بثلاثة نماذج من كتب الإمام الغزالي، حيث كتب مثلاً (التبر المسبوك) وجهه إلى محمد بن ملك الشاه بنصيحته، وكتب (فضائح الباطنية أو المستظهر من الخليفة المستظهر العباسي) حتى يضبط تفكيره كيف يضع سياسة الدولة، مما أوجد تخيل يوسف بن تاشفين يبايع سيف العباسيين، ثم وضع (أيها الولد) وأختم كلامي وأقول يجب في هذه المرحلة أن يتربى الولد وهو صغير على التحدي المستمر، دائماً هنا قضية تشده نحو الهدف.

الدكتور عمر الجيوسي (المقدم): جميل، دائماً هناك قضية تشدنا نحو الهدف لكن للأسف يعني انتهى هذا الوقت، مشاهدينا الكرام لا يسعنا في ختام هذه الحلقة إلا أن نشكر باسمكم ضيفينا الكريمين الأستاذ الدكتور محمود الرشدان، والأكاديمي والباحث وأستاذ الحضارة في جامعة يلوا في تركيا الدكتور عثمان سعيد العاني، وباسم فريق البرنامج نشكركم وهذه تحياتنا، دمتم في أمان الله والسلام عليكم.

لمشاهدة جميع حلقات برنامج (على خطى صلاح الدين):

https://www.youtube.com/playlist?list=PLH5y7ZzK7PCBHWfVeDLcBGgcf0t5ou2de