الحلقة 21 الإعداد العلمي لجيل التحرير

    

د. عبد الغني التميمي

د. مفيد أبو عمشة

د. عمر الجيوسي (المقدم): سلام من الله عليكم ورحمة الله وبركاته، وتحية خاصة لأهلنا في كل فلسطين، مشاهدينا قراءة التاريخ تضيف للباحث وللقائد أعمار السابقين، وتغييرُ الواقع والمستقبل والمشاريع النهضوية وجيل التحرير يُشترط له خطة تقدم علمي، صلاح الدين الأيوبي يقول لأمته لم أحرر القدس بسيوفكم لكن بقلم القاضي الفاضل، وعندما تنزل أول آية علينا تربط القراءة باسم ربنا “اقرأ باسم ربك” فهذا يوحي أن مسؤولية الإعداد العلمي في الجيل مسؤولية ضخمة الهدف والنتائج، فأين نحن في مطلع هذه الحلقة وفي مطلع الإعداد؟

مشاهدينا لنسأل أنفسنا لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم؟ جيش من العلماء بقي لثنتي عشرة سنة يعد الجيل مع صلاح الدين قبل أن يخلّص البلاد من براثن الصليبيين، واستمر في إعداد المجتمع مادياً ومعنوياً وعلمياً، وأسس مدراساً عسكرية تخرّج طلاباً يُعرفون بالعلم والصلاح، وصلاح الدين الأيوبي حتى هو نفسه بدأ دراساته الأولى في بعلبك بدراسة مناهج المدرسة ثم تعلم مناهج الفروسية والرمي وتدرب على الأعمال الحربية، وكذلك أستاذه نور الدين زنكي كان وهو ملك حاكم يتشبه بالعلماء ويقول لهم وهو عالم مؤلف، مشاهدينا المناهج الخاصة التي أعد النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة المجاهدين عليها هي نفسها معمول بها عند بعض فصائل المقاومة في فلسطين، فما هي؟ أيضاً الإعداد العلمي عند الكيان الصهيوني في الجامعات في براءات الاختراع في الهندسة الزراعية في القوة النووية في التغذية وفي الإعلام أدى إلى أن يحصدوا ثلث جوائز نوبل، فبمَ يتفوق علينا الصهاينة؟ مشاهدينا معركة الإعداد العلمي ومعركة الأبحاث هو موضوع حلقة اليوم ونستضيف فيها رئيس هيئة علماء فلسطين في الخارج الدكتور عبد الغني التميمي، ونستضيف كذلك عضو المكتب التنفيذي لهيئة علماء فلسطين في الخارج الدكتور مفيد أبو عمشة، مرحباً بكم ضيفين عزيزين حياكما الله.

حياكم الله مرة أخرى ونحن مسرورون والمشاهدون أن يكون معنا اليوم رئيس هيئة علماء فلسطين في الخارج الدكتور عبد الغني التميمي وعضو المكتب التنفيذي الدكتور مفيد.

د. عبد الغني التميمي (الضيف): حياكم الله وحيا المشاهدين الكرام.

د. عمر الجيوسي (المقدم): يعني أنا لن أسأل في البداية ولكن أترك لك أن تخاطب علماء ومشاهدي هذا البرنامج في العالم الإسلامي وفي فلسطين بصفتك الشخصية والرسمية.

د. عبد الغني التميمي (الضيف): نعم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد فبعد التحية للمشاهدين الكرام والمشاهدات، بعد التحية لإخواننا المجاهدين والمسلمين والمرابطين على الثغور في فلسطين وفي غير فلسطين من بلاد الإسلام والمسلمين، نحيي الجميع وأشير إلى أن هذا البرنامج هو حقيقة برنامج يظهر شخصية الأمة على حقيقتها، وأنها أمة العلم وأمة الحضارة، ويكفي أن أول كلمة تهز هذا الوجود هي كلمة اقرأ التي تنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتي ألحّ فيها الملك على رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من مرة بالقراءة، وهذا يعني حقيقة أن هذه الامة هي أمة العلم إذا قيست بأمم الخرافة وأمم الأساطير التي سبقتها أو لحقتها من الأمم التي عششت فيها الخرافات، وعششت فيها الأساطير إلى حد بعيد، إن هذه الأمة أمة العلم وأمة الثقافة وأمة الصلة برب الكون سبحانه وتعالى، لا يحول بينها وبينه سبحانه وتعالى شيء من الخرافات أو الأوهام أو الأساطير التي انتشرت في الأمم السابقة.

د. عمر الجيوسي (المقدم): طيب جزاك الله خيراً يعني نسأل الله أن يكتب هذه من البداية في ميزان حسناتكم، دكتور مفيد أول آية نزلت ربطتْ القراءة بمصدرها الأعظم الله سبحانه وتعالى “اقرأ باسم ربك” ونحن في برنامج تاريخي ديني أيضاً، صلاح الدين الأيوبي قال لن أحرر هذه البلاد بسيوفكم ولكن بقلم القاضي الفاضل، والقلم له سورة في القرآن، هذا الربط بين القراءة وبين مصدرها بين العلم وبين مصدره الرباني هو يوحي بأن هنالك مسؤولية ضخمة الأهداف وضخمة النتائج، يعني ونحن في مطلع هذه الحلقة في البداية ماذا تحب أن تقول في إعدادنا العلمي كأمة في مطلع الإعداد وفي مطلع الحلقة.    

د. مفيد أبو عمشة (الضيف): بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، السلام عليكم يا أهلنا في فلسطين في الضفة والقطاع وداخل الخط الأخضر وفي جميع أماكن تواجدكم في الشتات، موعدنا مع النصر بإذن الله سبحانه وتعالى قريب، ولابد من الإعداد والعدة من أجل تحقيق هذا النصر، وقد بشرنا الله سبحانه وتعالى بأنه لا بد كائن في قوله تعالى: “فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبّروا ما علوا تتبيرا” ولكن الجهاد والفتح والإدالة على الأعداء والانتصار عليهم لا بد له من أسباب، ومن أهم أسباب النصر العلم لأن الجهل لا يأتي بخير، العلم الآن هو أساس صناعات الآلات التي تلزم المجاهدين، فبدون العلم لا يمكن أن يجاهد المجاهد، وإضافة إلى حاجة المجاهدين إلى العلم لتصنع أدواتهم فالحياة عامة الحياة المدنية من طب وهندسة واتصالات وزراعة وما إلى ذلك كلها تحتاج إلى العلم، والعلم عندنا معشر المسلمين مرتبط بمصدره بالله سبحانه وتعالى، ولا تعارض على الإطلاق بل هناك توافق تام كامل بين العلم وبين النصوص الشرعية من قرآن وسنة، التعارض الذي أوهمنا به الناس ليس عندنا التعارض هذا كان موجوداً عند النصارى وعند رجال الدين في العصور الوسطى.

د. عمر الجيوسي (المقدم): جميل، طيب يعني إذن هي مسؤولية ضخمة هذا الذي تفضلتَ به، هي مسؤولية ضخمة في الأخير، سألتك أيضاً عن كيف تقيم هذا الإعداد طالما هذا الاستصحاب لهذي المشاعر لا يكفي الآن، لكن لو قيمنا الإعداد في جيلنا هذا؟

د. مفيد أبو عمشة (الضيف): الحقيقة أن الأمة الإسلامية في هذا الزمن متأخرة عن غيرها من الأمم، ليس هذا بسبب نقص في عقول المسلمين وذكائهم ولكنه فيما أظن بسبب عدم احتضان نظام من الأنظمة لأبناء المسلمين وعلمائهم، حيث أن علماء المسلمين يملؤون جامعات الغرب ومراكز الأبحاث فيها في كل مجال من مجالات العلوم، فلدينا للأسف الشديد مشكلة وهي هجرة العلماء من عالمنا الإسلامي إلى العالم الغربي، حيث نسبة كبيرة جداً من الأطباء والمهندسين وباقي العلماء في جميع فروع المعرفة هم من عالمنا العربي وعالمنا الإسلامي، واقعنا غير جيد، واقعنا يلزم فيه نهضة علمية تُبنى على الإيمان بالله سبحانه تعالى والتوافق بين العلم والإيمان.

د. عمر الجيوسي (المقدم): مع وجود إشراقات في عدد الشهادات وتميز بعض الشعوب في بلاد الشام أيضاً وفي المغرب العربي على مستوى العالم حتى في بعض الشهادات، طيب على كل يعني نحن لدينا وقت نتوسع في هذه النقطة، لكن الإستراتيجية العلمية التي استخدمها نور الدين زنكي هذا الملك الشهيد الذي يعني وصلت الدولة في عصره حداً مزدهراً، وكان هو ما هو عليه من العلم وكان يُعَد الخليفة الراشدي السادس، يعني بنى الأساس العلمي على وحدة العقيدة ووحدة الأمة بناها على وحدة العقيدة، وكلمة التوحيد لتوحيد الأمة، الآن للأسف بعض الناس المسلمين لكن الأكثر غير المسلمين يحسبون أن الدين أفيون أو الدين مرض يعطل الحركة العلمية، ما ردّك؟

د. عبد الغني التميمي (الضيف): نعم كما تفضلتم الشهيد نور الدين زنكي هو ينتمي إلى عائلة مجاهدة وعائلة مؤمنة صادقة، أبوه عماد الدين زنكي معروف بجهاده ومرابطته في سبيل الله وعلى الثغور الإسلامية، وصلاح الدين هو غرسة من غراس هذه العائلة الكريمة، ونور الدين حقيقة كما وصفه بعضه العلماء بأنه يُعد من الخلفاء الراشدين، كان رجل علم وكان يحب العلماء ويقرب العلماء، ويجعل لهؤلاء العلماء هيبة في نفوس الجند وفي نفوس الجيش وغيره.

د. عمر الجيوسي (المقدم): حتى كان يغار الأمراء من العلماء في عصره.

د. عبد الغني التميمي (الضيف): صدقت نعم، فكل هذا لتقريبه العلماء ولحبه لهم ورفع مكانتهم وتحسس أحوالهم، وهذا الحقيقة يعطينا أهمية دور الخلفاء ثم دور العلماء، الأمة لا تفتقد إلى ولا تفتقر إلى العقول كما يوهمنا بعض الناس، ولا تفتقر إلى أساسات التعليم وإستراتيجية التعليم، لكن المشكلة قبل كل شيء هي في مَن يحكمون المسلمين، من يحكم المسلمين حقيقة لا يريدون لهؤلاء المسلمين خطة نجاح ولا خطة علو ولا سمو في هذه الجوانب، لماذا هناك الآلاف تُبتعث إلى أمريكا وإلى بريطانيا وإلى غيرها، ولا مع وجود الإمكانات الضخمة لدينا ليس عندنا المؤسسات العلمية القوية التي تخرّج أمثال هؤلاء في بلاد المسلمين وفي ديار المسلمين، نحن أمة منذ يعني نفخ فينا الإسلام الروح طلب منا أن نعتمد بعد الله عز وجل على ذواتنا، وألا نكون طفيليين في الاعتماد على الآخرين في أي علم من علوم الدنيا وفي أي جانب من جوانب الدنيا، وضرب أجدادنا المثل في هذا، أجدادنا الذين انتشروا في أنحاء الدنيا كلها في بلاد الثلج وفي بلاد الحر الشديد في مختلف المناخات، أسسوا حضارات وأسسوا دولاً وأسسوا يعني ممالك يُضرب بها المثل.

د. عمر الجيوسي (المقدم): طيب لو سمحت لي دكتورنا الفاضل يعني هذا المثل سابقاً، والآن حتى هناك دول تهتم بالعلم يعني في ماليزيا يرسلون كل عام من ميزانية خاصة لهذا المشروع بعثة إلى أمريكا مجموعة من طلبة الدراسات العليا وبعثة إلى بريطانيا، ويأتون بما عندهم من تجارب ومن علوم يعني ضمن خطة ضمن ميزانية ضمن إعداد علمي معين، لو سألتُ سؤالاً وأستعير السؤال من عنوان كتاب لشكيب أرسلان لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم؟

د. مفيد أبو عمشة (الضيف): يعني بصدد الجانب العلمي الحقيقة عدم اعتناء المسؤولين والذين هم على رؤوس الأنظمة في عالمنا العربي والإسلامي بالجانب العلمي اعتناء كافياً هو أحد الأسباب الرئيسية في التأخر، العلوم الطبيعية التي تلزم الناس هذا واجب شرعي على الحكام أن يحملوا ويعينوا الشباب على إتقانها، وإتقان العلوم هو مفتاح التكنولوجيا ومفتاح الصناعة ومفتاح التقدم في مجال الزراعة في مجال الطب في مجال الهندسة، وكما قلت المسلمون لا ينقصهم أدمغة ولا ينقصهم ذكاء لتحقيق هذا الأمر، دولة من دول العالم الإسلامي تحتضن شباب المسلمين الأذكياء الذين لديهم قابلية لتلقي العلم وللنبوغ فيه، سنجد بإذن الله سبحانه تعالى هناك تقدم كبير في حال أمتنا.

د. عمر الجيوسي (المقدم): ممكن أن توضح بالضبط لماذا تأخر المسلمون؟

د. مفيد أبو عمشة (الضيف): السبب الذي نحن بصدده عدم أخذ المسلمين بشكل كاف للعلوم الحياتية الدنيوية التي نحن يعني بصدد الحديث عنها هذا أحد الأسباب، لكن أيضاً يعني نحن عندما نتحدث عن الجانب العلمي نتحدث عن العلوم الشرعية ونتحدث عن العلوم الدنيوية، في العلوم الشرعية أيضاً هناك ضعف يعني ما عندنا من مؤسسات علمية جامعات ومراكز أبحاث ومدارس شرعية هذه غير كافية، هذه تخرّج حملة شهادات ولا تخرّج علماء، المطلوب هو…

د. عمر الجيوسي (المقدم): إذن هو كان ضعف، لكن الآن هناك ضعف وتراجع أيضاً في الكليات الشرعية في المدرسين وفي الطلبة.

د. مفيد أبو عمشة (الضيف): نعم، المفروض يعني المؤسسات العلمية الشرعية بالإضافة إلى الجامعات التي تعطي العلوم الدنيوية الحياتية، المفروض أن تكون أقوى مما هي عليه الآن في موضوع الأساتذة وفي موضوع الأبحاث العلمية وفي موضوع الطلبة، يلفت نظري النسب العالية من الميزانيات في العالم الغربي أو في الكيان الصهيوني المحتل المغتصب لفلسطين، يلفت نظري النسب العالية المخصصة للأبحاث العلمية، وفي المقابل النسب الدنيئة المخصصة للأبحاث العلمية في عالمنا العربي والإسلامي تكاد تكون الفروق أكثر من عشرة أضعاف، يعني إذا عدنا إلى نور الدين وإلى صلاح الدين رحمهما الله نجد أنهم قربوا العلماء واحترموا العلماء وقدروا العلماء وخلوا على العلماء الأعطيات، وبنوا المدارس واعتنوا بطلاب المدارس، ويعني مما شكل نهضة علمية في ذلك الوقت أدت إلى الانتصار في جهادهم على الصليبيين، الأمر يختلف الآن.

د. عمر الجيوسي (المقدم): ولكن ميزانيات الأنظمة العربية يعني وزارات التربية وللأمور العلمية يكاد يكون ربعها ذاهب للعمليات الإدارية وللمسؤولين والأمور هذي، على كل نقاط كثيرة معكم لكن حان وقت الفاصل نعود إليكم لكن بعد أن نستأذن مشاهدينا بفاصل قصير.

أهلاً بكم مشاهدينا على خطى صلاح الدين بصحبة رئيس هيئة علماء فلسطين في الخارج الدكتور عبد الغني التميمي والدكتور مفيد أبو عمشة عضو المكتب التنفيذي أيضاً لهيئة علماء فلسطين في الخارج، وهو نائب رئيس الهيئة أيضاً، دكتور يعني استنفذنا بعض النقاط التي تكون مقدمة وفرشة لهذا الموضوع وذكرنا في ثنايا الحديث بعض مرتكزات النهضة العلمية، ونحن في طوال هذه الحلقة تحت كلمة (وأعدوا) نعيش إعداداً واحداً من أنواع كثيرة من الإعداد وهو الإعداد العلمي والإعداد العقلي، لا شك أن هذا ما يسمى بالجهاد البنائي فيه أسرار، الذي يقرأ التاريخ _وهذا البرنامج فيه عمق تاريخي_ يشعر أنه يضيف لتجربته ومعلوماته سواء كان باحثاً أم قائداً أعمال السابقين وتجارب السابقين، لا داعي لأن يبدأ من خطة أو من نقطة بديلة أو موازية، ينطلق ويكمل المسار، لكن نصطدم أحياناً ببعض المعوقات، إذا كان حديثك عن المعوقات الآن نأخذها بشكل نقاش أو أمثلة.

د. عبد الغني التميمي (الضيف): نعم لا شك أن المعوقات في عالمنا العربي والإسلامي تختلف عن المعوقات في العالم الآخر، أنا أعتقد حسب اعتقادي أنّ من رأس هذه المعوقات وفي طليعة هذه المعوقات التي تحول بين هذه الأمة أمة اقرأ وبين العلم، وبين التقدم العلمي في مناحي الحياة كلها، حكامها الذين يحكمونها، هؤلاء ليس لهم خطة تقدم علمي ولا خطة استغناء بالعلم عن غيرهم، وليس لهم أي آفاق أخرى يدفعون بها هذه الأمة لكي تتقدم في مجالات الحياة.

د. عمر الجيوسي (المقدم): كأن هذه الجملة أو هذا الطرح يشي بأن هناك أيضاً سياسة تجهيل؟

د. عبد الغني التميمي (الضيف): نعم صدقت، يعني أنا أردتُ أن أقول هذا فسبقتني إليه، إن سياسة التجهيل واضحة في هذه الأمة ومقصودة مع الأسف.

د. عمر الجيوسي (المقدم): ملامح ذلك حتى لا نكون ظالمين للناس يعني.

د. عبد الغني التميمي (الضيف): ملامح ذلك بارك الله فيك نحن نمتلك الكفاءات العلمية ونحن نمتلك العقول كما يمتلك الآخرون عقولاً، عندنا عقول وعندنا طاقات علمية وعندنا كفاءات علمية، وعندنا في الوقت نفسة مال وعندنا مجال لأن نتقدم في هذا الجانب كثيراً، فما الذي يفعله الحكام في هذا العالم العربي؟ وما الذي يفعله يعني المسلمون وعندهم آلاف أو يزيد على الآلاف من هذه الطاقات ومن هذه العقول ومن هذه الكفاءات، هؤلاء العلماء أين مؤسساتهم العلمية التي يتقدمون فيها؟ أين برامجهم العلمية؟ أين إكرامهم؟ أين تقديمهم؟ من قبل قال الشاعر:

إنّ المعلم والطبيب كلاهما لا يحسنان إذا هما لم يُكرما

إن كرامة العلماء الآن في الجامعات العربية وفي الجامعات الإسلامية مع الأسف في مؤخرة الصفوف، من يتصدى لتعليم الشريعة أو يتعلم الشريعة و يتعلم الفقه ويتعلم الدين وما إلى ذلك؟ حتى العلوم الحياتية الأخرى لماذا؟ لماذا؟ الله عز وجل يرفع بالعلم درجات وأنتم تخفضون العالم دركات في الأرض، ولا تجعلون له قدراً ولا قيمة ولا أهمية في هذي الحياة، الأهمية للمطرب الأهمية للمثل الأهمية لإنسان تافه في زوايا هذه الحياة، ولا أعيب ما لا يُعاب لكن أهل العلم وأهل الفضل وأهل الصنعة، أين التشجيع على العلم؟ أين التشجيع على الاختراع في عالمنا العربي وفي عالمنا الإسلامي؟ أين المؤسسات التي تسعى…؟

د. مفيد أبو عمشة (الضيف): دكتور إذا سمحت لي أن أضيف إلى مظاهر يعني المعوقات، إلى مظاهر الحالة السلبية للجانب العلمي أولاً ارتفاع نسبة الأمية في بعض الدول العربية إلى درجة كبيرة، بعض الدول العربية يكاد يكون ربع أهلها من الأميين في وقت انخفضت فيه الأمية إلى الصفر في بعض دول العالم هذا يعني…

د. عبد الغني التميمي (الضيف): وهي تمتلك من وسائل التعليم الكثير.

د. مفيد أبو عمشة (الضيف): الأمر الثاني مخرجات المؤسسات التعليمية في كل مراحلها تجد أنها دون المستوى المطلوب، إذا أخذتها يعني المراحل الدراسية المختلفة حتى المراحل الجامعية، الأمر الثالث مثلاً علماؤنا الذين يذهبون إلى الغرب فيدرسون ويعملون عندما يعودون إلى بلادنا من أجل أن يخدموا يعني البلاد ويخلصوا لها ويرفعوا من شأنها لا يجدون مجالاً للعمل في تخصصاتهم، فكثير منهم يضطر مرة ثانية إلى الهجرة إلى العالم الغربي.

د. عمر الجيوسي (المقدم): نعم يعني حقيقة الدكتور بدأ كلامه في نقطة أنا ساكت لكن أريد أن أقولها أنه في تقليدنا في عقليتنا التقليدية نفترض أن أوربا متقدمة في التدريس وفي العلوم وكذلك شرق العالم اليابان وسنغافورة وماليزيا وإلخ، سؤالي عن معوق في الغرب والشرق أيضاً للدكتور مفيد، هو الحوار مفتوح الآن كل الأسئلة للكل يعني، غياب التواصل بين جامعات المغرب العربي ودعاة المغرب العربي والمشرق العربي يبدو أنها مشكلة قديمة، والآن يعني حلقاتنا وضيوفنا وبرامجنا وإعلامنا وجامعاتنا ومؤتمراتنا يكاد يكون التبادل الثقافي والعلمي بيننا وبين المغرب العربي حتى في الحركات الإسلامية ضعيفاً، تؤيد دكتور مفيد؟

د. مفيد أبو عمشة (الضيف): نعم وأنا أعتقد أن الحال أوسع من السؤال، ليس بين المغرب العربي والمشرق العربي بل بين جميع دول العالم العربي والعالم الإسلامي، مستوى التنسيق ومستوى التواصل ومستوى التعاون ومستوى التخطيط من أجل نهضة هذه الأمة وارتقاء المستوى العلمي بها هذا كله ضعيف، نعم تواصل المشرق العربي مع المغرب العربي ضعيف لكن تواصل المشرق العربي أو المغرب العربي مع بعضه البعض أيضاً ضعيف، أنا أعتقد أن التمزق السياسي الذي تعيشه الأمة والسبب الرئيسي في تخلف هذه الأمة، ونحن عندما نعد أعضاء منظمة المؤتمر الإسلامي يزيد على خمسين، أين مجالات التعاون الفاعلة التي تغير من حال العالم الإسلامي؟ يفترض بنا…

د. عمر الجيوسي (المقدم): يعني 52 ربما عندما انضمت سورينام.

د. مفيد أبو عمشة (الضيف): نعم أنا قلت ما يزيد على الخمسبين، يُفترض في عالمنا الإسلامي وعلى الأقل في العالم العربي أن يكون وحدة سياسية واحدة، نحن على دين واحد على عقيدة واحدة على لغة واحدة على مشاعر واحدة، على يعني شريعة واحدة، على يعني حب بسبب العقيدة التي تتبع الجميع، نحن أولى من غيرنا في الوحدة والاتحاد والتقوي ببعضنا البعض، منا من يملك المال ومنا من يملك العقول ومنا من يملك القدرة على الإدارة، فلو اجتمعت جميع هذه المقومات بإذن الله سبحانه تعالى الأمر يختلف، ونحن لن نكون أقل من أوربا ولا أقل من أمريكا ولا أقل من الصين.

د. عمر الجيوسي (المقدم): طيب دكتور عبد الغني يعني عماد الدين زنكي يعني ذكرت اسمه قبل قليل، وما له من فضل في الدولة الزنكية وتأسيس دولة، هو قام بالدولة وابنه نور الدين قام بمهام المجتمع الراشد يعني، كان ما زلنا نتكلم عن الغرب والشرق يعني، كان المغاربة يأتون للحج وللجهاد وكثير منهم لا يرجع أو يستشهد حتى في القدس هناك حي المغاربة، وفي دمشق حي المغاربة، ولا ننسى العالم الفندلاوي أيضاً الذي مات شهيداً وهو شيخ كبير وعالم فقيه استشهد على أبواب دمشق أظن نعم، يعني نريد أن نأصل الآن مسألة ونحن في هيئة علماء فلسطين الآن نأصل حكم الإعداد العلمي والعقلي في الإسلام، ونتساعد مع بعض، أدلة ذلك وحكم ذلك.

د. عبد الغني التميمي (الضيف): قبل هذا إذا سمحت لي أنا أريد أن أشير إلى خطة الاستعمار في العالم الإسلامي، وأن هذا استعمار فرّخ وأوجد جذوراً عميقة في داخل العالم الإسلامي تحول بين هذا العالم الإسلامي وبين التقدم وبين الحضارة، هذا الاستعمار قام بتمزيقنا إلى دويلات بعد أن كانت دولة الخلافة التي يهتز العالم لها كله، قام بتمزيقنا إلى كيانات وقوميات، وأصبح حتى من تراهم في الصف الأول من المسلمين مع الأسف يعتز بقوميته دون الاعتزاز بدينه، ولا تجده يتعز بإخوانه الذين هم إخوانه في الدين، وهذا الحقيقة كله من بذر الاستعمار الذي بذره في بلادنا، ولم يبذره فقط وإنما هيّأ له أناساً يحرسونه من حكام ومن جنود ومن متعالمين وغير ذلك، فهذا كله في الحقيقة كله أدى إلى مثل هذه الشرذمة مثل هذا التمزيق مثل هذا التجهيل على مستويات مختلفة في عالمنا الإسلامي، والحقيقة أننا لا يمكن أن نعود إلى صفوفنا الأولى في هذا العالم وأن نأخذ مكانتنا في هذا العالم إلا إذا حققنا ديننا كما أنزله الله سبحانه وتعالى على رسولنا صلى الله عليه وسلم، واستنصرنا بهذا الدين، وكان اعتزازنا بهذا الدين.

د. عمر الجيوسي (المقدم): طيب حكم الإعداد العلمي والعقلي ودليل ذلك.

د. عبد الغني التميمي (الضيف): نعم، أما الإعداد العلمي والإعداد العقلي فهذا من الامور الواجبة على المسلم، هذا من التكاليف التي أوجبها الإسلام على المسلم، أوجب الإسلام على المسلم أن يكون في طليعة الصفوف، وأن يكون إماماً من أئمة الهدى في هذا الكون وفي هذي الأرض، وألا يكون متقاعساً متأخراً مبتعداً.

د. عمر الجيوسي (المقدم): إذن هو من التكاليف وهو واجب.

د. عبد الغني التميمي (الضيف): واجب نعم.

د. عمر الجيوسي (المقدم): ألديك إضافة دكتور أو بالأدلة؟

د. مفيد أبو عمشة (الضيف): يعني أنا أريد أن أقول أن الجواب عن سؤالك ينقسم إلى قسمين، أولاً الإعداد الروحي يعني الذي نعده للجهاد لا بد أن يقدم روحه رخيصة في سبيل الله، وهذا يحتاج إلى إعداد خاص من الإيمان بالله سبحانه وتعالى والثقة به والاتكال عليه، ومن الإيمان بأن جنة عرضها السماوات والأرض تنتظره، فهذا الإعداد مع الإعداد العلمي هذا أرى أن حكمه واجب، والواجب يعني قد يكون واجباً كفائياً إذا لم يكون هناك إلا يعني عدد قليل من الناس يتقنونه، وقد يكون واجباً الأول واجباً عينياً الثاني واجباً كفائياً.

د. عمر الجيوسي (المقدم): نوضح العيني والكفائي بجملة واحدة.

د. مفيد أبو عمشة (الضيف): العيني يعني لو لم يكن لدينا إلا طبيب يتقن علاج المريض فنقول له واجب عيني عليك، لو لم يكن لدينا إلا سبّاح ينقذ الغريق نقول له واجب عليك، لكن لو كان عندنا أربعة أو خمسة أطباء نقول الواجب على واحد منهم دون تعيين إذا قام به البعض سقط عن الآخرين، فمن حيث يعني الإعداد حكماً…

د. عمر الجيوسي (المقدم): أما أني أتعلم التكاليف الشرعية الواجبة هذا عيني.

د. مفيد أبو عمشة (الضيف): إن كان العدد كبيراً ويكفي البعض…

د. عمر الجيوسي (المقدم): أنا أقصد أتعلم ما هو معلوم من الدين بالضرورة.

د. مفيد أبو عمشة (الضيف): ما يلزمك من أجل إقامة الصلاة من أجل الصيام من أجل كذا، ما نسميه معلوماً من الدين بالضرورة هذا واجب عيني على كل إنسان، أما الأمور الأخرى يعني هذا تكون من الواجبات…

د. عمر الجيوسي (المقدم): دكتور عبد الغني هل عندك دليل شرعي على حكم، دليل شرعي بجملة بآية؟

د. عبد الغني التميمي (الضيف): نعم، من الأدلة الشرعية الكثيرة على ذلك الحديث المشهور الذي حسنة كثير من المحدثين وهو طلب العلم فريضة على كل مسلم، وفي رواية ومسلمة، فهو فريضة الذي تعنيه كلمة فريضة أنه يأثم بتركه.

د. عمر الجيوسي (المقدم): جميل، طيب على كل…

د. مفيد أبو عمشة (الضيف): إذا سمحت لي…

د. عمر الجيوسي (المقدم): في جملة واحدة.

د. مفيد أبو عمشة (الضيف): من الأدلة الواضحة الظاهرة قول الله سبحانه وتعالى “وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل” وكما قال علماء الأصول ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

د. عمر الجيوسي (المقدم): على كل جيش من العلماء ينتظرنا بعد فاصل قصير، له أحكامه وله تفاصيله نعيشها ولكن ننتظركم وتنتظروننا مشاهدينا بعد فاصل قصير.

من جديد نرحب بكم مشاهدينا على خطى صلاح الدين بصحبة الأستاذ الدكتور عبد الغني التميمي رئيس هيئة علماء فلسطين في الخارج، وبصحبة الدكتور مفيد أبو عمشة نائب رئيس هيئة علماء فلسطين في الخارج، الآن جيش من العلماء يتحرك مع صلاح الدين يقربهم يقطع لهم من الأراضي والإمكانيات العلمية وغيره، نستحضر منهم أسماء كثيرة جداً إبراهيم بن نجا الأنصاري وابن عساكر وأيضاً أسد الشام عبد الله اليونيني، كان أمّاراً بالمعروف لا يخاف لا يهاب الملوك معروفاً هذا الرجل، أيضاً عبد الغني المقدسي من أشهرهم وأبو قدامة المقدسي، وكانت أرض يعني أرض المسلمين يعني تعج بهؤلاء العلماء المقادسة كثر أيضاً منهم، نريد أن نعيش… وفي حاضرنا أيضاً هناك أمثلة جميلة جداً جمعوا بين الدين والعلم، إذا في بالك يعني بشكل عام عن تاريخ هؤلاء أو حاضرهم.

د. عبد الغني التميمي (الضيف): يعني ذكرتم ثلة من العلماء والمجاهدين الذين ظهروا في بلاد الشام وفي غيرها وفي ظل الدولة الزنكية الجهادية التي عاصرت الحروب الصليبية وقبلها وبعدها إلخ، هؤلاء حقيقة يعني أضرب مثالاً على ذلك تاريخ دمشق للحافظ ابن عساكر، هذا التاريخ الذي بلغ عشرات المجلدات هذا كان بإيحاء وبتشجيع من نور الدين لابن عساكر لتأليفه، لتأليف هذا الكتاب، فانظر إلى يعني…

د. عمر الجيوسي (المقدم): هو أكثر من ثمانين مجلداً ربما؟

د. عبد الغني التميمي (الضيف): هكذا نعم في هذه الحدود، فيعني انظر إلى خزينة الدولة إلى أين تتجه، تتجه إلى الملاعب الرياضية وتتجه إلى دور اللهو وما شابه ذلك.

د. عمر الجيوسي (المقدم): مسابقات الغناء والرقص.

د. عبد الغني التميمي (الضيف): الرقص والغناء وحفلات المجون التي تعمر العالم الإسلامي كله مع الأسف بل تخرّب العالم الإسلامي، أن تتجه إلى العلم والتعليم والعلماء وإبراز هذا العلم في كتب وفي مجلدات ضخمة كبيرة، الحقيقة ذكرتم ثلة من هؤلاء العلماء وأمثالهم أعداد هائلة من العلماء سواء من المحدثين أم الأصوليين في أصول الفقه، أو علماء العقيدة أو علماء اللغة أو غير ذلك.

د. عمر الجيوسي (المقدم): حتى كانوا علماء ومجاهدين (أبو عمر المقدسي) يعني ما تخلف عن معركة قط في زمانه.

د. عبد الغني التميمي (الضيف): بالضبط، يعني هذا دور العلماء حقيقة وهذه كرامة العلماء، عندما العلماء يكرَمون لأنهم مجاهدون يبرز في الأمة الإسلامية فضل الجهاد، ولا يُبرز العلماء لأنهم منافقون ولأنهم متملقون ولأنهم يثنون ويمدحون، إنما يبرزون لأنهم حقيقة في طليعة الصفوف في جهاد الصليبيين وفي قتال المجرمين وغير ذلك، فهذه الأمة حقيقة كما هو هدي القرآن الكريم “يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات”.

د. عمر الجيوسي (المقدم): طيب لو أخذنا بعض الأمثلة الحديثة التي يعني ما زال الجيل يعرفها.

د. مفيد أبو عمشة (الضيف): لكن أنا أريد أن أتحدث عن منهج صلاح الدين رحمه الله ثم ألقي الضوء على…، بالإضافة إلى من ذكرت من العلماء الذين كانوا بصحبة صلاح الدين كان أشهرهم على الإطلاق القاضي الفاضل الذي ولاه ديوان الإنشاء، وكان يعني هو محل سره وكان مستشاره الأول، بالإضافة إلى الحافظ السلفي.

د. عمر الجيوسي (المقدم): وكتب التاريخ يعني أجمعت تقريباً على المقولة الشهيرة لصلاح الدين الأيوبي يخاطب الأمة: “لم أفتح البلاد بسيوفكم ولكن بقلم القاضي الفاضل” ولذلك أبو الأحرار الشاعر الزبيري في اليمن يقول:

سجلْ مكانك في التاريخ يا قلمُ فهاهنا تُبعث الأجيالُ والأمم.

د. مفيد أبو عمشة (الضيف): نعم، ثم أمثال الحافظ السلفي، عبد الله بن أبي عصرون، عيسى الهكّاري، أدرك صلاح الدين الأيوبي رحمه الله أنّ أمامه خطرين، الخطر الأول هو الخطر الصليبي والخطر الثاني هو الخطر الباطني الشيعي الإسماعيلي الذي كان يجثم على صدر مصر وبعض أجزاء الشام، فأدرك صلاح الدين رحمه الله أنه لن يستطيع أن يزيل هذين الخطرين إلا إذا كان العلماء في مقدمة الصفوف، إلا إذا عمل العلماء على بناء عقيدة الأمة السليمة الصحيحة التي تؤثر في إقدامهم وجهادهم ومقارعتهم للأعداء.

د. عمر الجيوسي (المقدم): وقد استفاد منه الصهاينة الآن، يعني المحضن الأول في التدريس كان.

د. مفيد أبو عمشة (الضيف): نعم، وأيضاً لإزالة ما كان قد يعني وقع على الناس من بدع ومن ضلالات ومن انحرافات، نعود إلى عصرنا الحاضر يعني منهج صلاح الدين ليس شيئاً غريباً، هو منهج الرسول صلى الله عليه وسلم ومنهج الصحابة رضوان الله عليهم، ومنهج الحركات الإصلاحية قديماً، ولا بد أن يكون هو منهج الحركات الإصلاحية في هذا الزمن.

د. عمر الجيوسي (المقدم): جميل، هذا الموضوع أخذناه بأكثر من حلقة نعم.

د. مفيد أبو عمشة (الضيف): يعني من الأمثلة على ذلك الدكتور عبد الله عزام، الدكتور عبد الله عزام درس العلوم الشرعية في جامعة دمشق ثم عمل أستاذاً، ثم درس الدراسات العليا في جامعة الأزهر حتى يعني قبل خروجه من فلسطين كان الدكتور عبد الله عزام ممن حمل السلاح في وجه الصهاينة، وممن كان يحرس الحدود بين الضفة الغربية وداخل الخط الأخضر، فذلك كان ممن يقود المجاهدين الذين عُرفوا بكتائب الشيوخ ما بين سنة 1967 إلى 1970 انطلاقاً من قواعدهم في الأردن، ثم هو اشتغل أستاذاً في عدة جامعات لكنه لم يرض على نفسه أن يبقى حبيس يعني هذه الجامعات فانطلق إلى أفغانستان يقارع الزحف الأحمر في تلك الديار المسلمة، وما نعرفه عنه أنه رجل صافي العقيدة بعيد عن ما يمكن أن يُنسب له من إرهاب ومن تطرف وما إلى ذلك من الأمور غير الصحيحة بالنسبة لهذا العالم المجاهد الذي يعني رأيناه في عصرنا الحاضر.

د. عمر الجيوسي (المقدم): دكتور عبد الغني هل عندك نموذج آخر من العلماء في بلادنا؟

د. عبد الغني التميمي (الضيف): يعني في بلادنا في الوقت الحاضر الحقيقة…

د. عمر الجيوسي (المقدم): أو من الذين استشهدوا.

د. عبد الغني التميمي (الضيف): نعم، أعطيك مثالاً الشيخ نزار ريان وهو أخ كريم وجميل لنا ونعرفه عن قرب، وهو من الذين درسوا الحديث الشريف.

د. عمر الجيوسي (المقدم): إذن تخصصه في الحديث؟

د. عبد الغني التميمي (الضيف): تخصصه في الحديث نعم، وفي جامعة الإمام ثم بعد ذلك أيضاً واصل نشاطه إلى جانب جهاده، واصل نشاطه في التأليف وفي الحديث وفي بعض الشروح وما شابه ذلك، وأمثاله يعني كثير لا يحضر الإنسان في هذا الوقت.

د. عمر الجيوسي (المقدم): طيب دعني أسألك بصفتك رئيس هيئة علماء فلسطين في الخارج، يعني هذي هيئة علماء فلسطين في الخارج، يعني هناك روابط علماء في الداخل، يعني تأسست منذ سنوات لا أعلم سبع سنوات أم خمس سنوات.

د. عبد الغني التميمي (الضيف): خمس سنوات.

د. عمر الجيوسي (المقدم): نعم، يعني بصفتك رئيس الهيئة ما رؤية هذه الهيئة وما رسالتها؟

د. عبد الغني التميمي (الضيف): نعم رؤية الهيئة وهي هيئة علمائية حقيقة هي جمع علماء فلسطين علماء فلسطين رجالاً ونساء في الخارج في خارج فلسطين، جمعهم وتأليفهم وتأليبهم على نصرة هذه القضية، وبيان شرعية هذه القضية، وبيان أحقية هذه القضية بالنسبة للمسلمين.

د. عمر الجيوسي (المقدم): جميل، طيب أيضاً في زمن صلاح الدين الأيوبي 12 سنة من 570 إلى 582هـ وهو يمضي بخطة علمية مجتمعية متكاملة المؤسسات، أسس مدارساً عسكرية في المقابل ليس فقط مناهجاً علمية، تقييمك دكتور مفيد لمدارسنا ومؤسساتنا إذا مشت على خطى صلاح الدين، كم تعطيها في المئة يعني؟

د. مفيد أبو عمشة (الضيف): يعني 30%، الحقيقة صلاح الدين رحمه الله أسس مدارس تحفيظ القرآن الكريم ودور الحديث والمدارس الفقهية للمذاهب الأربعة، وأسس المؤسسات المجتمعية التي يحتاج إليها الفقراء والمساكين والزّهاد والعّباد، وهناك جانب آخر يعني ما تطرقنا له في حياة صلاح الدين، صلاح الدين كان جيشه ليس مجرد مجموعة من الرجال تحمل السيوف بل كان جيشة موزعاً على فِرقٍ متخصصة، ففي جيش صلاح الدين رحمه الله كان هناك فرقة الهندسة كان هناك فرقة الطب كان هناك فرقة اتصالات التي تربي الحمام الزاجل وترسل وتستقبل الحمام الزاجل، كانت فرقاً متعددة يحتاج إليها الجيش، ولذلك يعني كانت النتيجة عندما أخذ صلاح الدين رحمه الله بالاستعداد وبتوفير ما يستطيع من قوة كانت النتيجة النصر.

د. عمر الجيوسي (المقدم): طيب هذا الكلام توزيع جميل جداً، الحمد لله أنك ذكرته يعني وإن كان عندنا حلقة كاملة عن الإعداد العسكري، لكن نريد أن نختم الحلقة بسؤال معك دكتور عبد الغني، صلاح الدين الأيوبي درس دراسته والمناهج المدرسية في بعلبك في لبنان وتعلم الفروسية وتعلم الرمي وتعلم الأمور الحربية، استفاد من عمه شيركو في الأمور الحربية ومن والده نجم الدين أيوب في الدهاء السياسي إلخ، الآن ما تقييمكم للإعداد العلمي في الحركات الإسلامية؟ وهناك تقارير تتناول وتتابع ذلك يعني، هل هي ضمن ما تربى عليه الصحابة المجاهدون؟

د. عبد الغني التميمي (الضيف): نحن نرجو ذلك أن يكون إخواننا في الحركات الإسلامية وفي التصدي في الدعوة الإسلامية التصدي للشبهات وغيرها، نرجو أن يكونوا على خطى صلاح الدين وعلى خطى نور الدين وعماد الدين، وهذه الأسرة المباركة المجاهدة التي خطّت بحروف من نور حقيقة في عالمنا الإسلامي، لكن أنا أقول بأن هؤلاء لهم مقومات، هذه الزعامة الدينية لها مقومات ولها صفات مواصفات ينبغي أن تتوفر في هذا الجيل من أبناء حتى الحركة الإسلامية، يعني عندما يصف بعضهم نور الدين رحمه الله تعالى وهو يعني في قمة الجهاد يقول له:

أما نهارُك فهو ليل مجاهدٍ والليلُ من طول القيام نهارُ.

مثل هذا الرجل الذي يُعدّ في الخلفاء الراشدين، هو في عدادهم المؤمنين، وأمثاله من المجاهدين هؤلاء حقيقة الذين يفتح الله بهم القلوب والعقول والبلاد.

د. عمر الجيوسي (المقدم): على كل يعني كنا نتمنى أن نغوص في موضوع إشكالية المناهج في الحركات الإسلامية هل هي على خطى الصحابة على خطى صلاح الدين؟ وذكر الدكتور مفيد أنه يعطي التقييمات هذه في واقعنا العربي وليس الإسلامي 30%، فلا بد أن تُدرس هذه المفارق بين إعدادنا وإعدادهم ولكن سيف الوقت مسلط على نهاية الحلقة، نشكركم ضيفينا الكريمين الأستاذ الدكتور عبد الغني التميمي رئيس هيئة علماء فلسطين في الخارج، والأستاذ مفيد أبو عمشة دكتور في الشريعة ونائب رئيس هيئة علماء فلسطين في الخارج، الشكر موصول لكم، وإلى أن نلتقي في حلقة قادمة هذه تحيات الفريق العامل على خطى صلاح الدين، دمتم في أمان الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.