الحلقة 58 حكم الاعتراف بالعدو

    

ضيف الحلقة: الدكتور محمد أبو فارس أستاذ السياسة الشرعية ‏

المقدم: د. عمر الجيوسي

تاريخ الحلقة: 17/03/2011م

المقدم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أعزائي المشاهدين، تقدمت الجامعة العربية بالمبادرة العربية للكيان الصديق، فردّ شارون أن هذه المبادرة لا تساوي ثمن الحبر الذي كتبت به، أما فلسطينياً فالسلطة الفلسطينية أبدت استعدادها للتنازل عن الحقوق والثوابت الفلسطينية الكبيرة المتعلقة بالأرض والحقوق وعودة اللاجئين كما جاء في صحيفة الإندبندت البريطانية، وهل إذا اعترفت فصائل المقاومة بدولة إسرائيل هل ستعترف إسرائيل بهم؟ أما إسلامياً فإن البعض يقول بأن التصريحات الإسلامية الأخيرة التي أدلت بها حركة حماس أصابت الكثيرين بالدهشة والحيرة فالمواقف القديمة والثابتة لحركة حماس كانت حتى الأسابيع الأخيرة هي ذاتها التي عبر عنها الشيخ أحمد ياسين قبل أكثر من عقدين من الزمن، وتتمثل بقبول دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 67 بشرط عدم الاعتراف للاحتلال بأي شرعية على أرض فلسطين، مشاهدينا في حلقة سابقة وضحنا الثوابت الفلسطينية التي لا يجوز الالتفاف عليها ومنها الاعتراف بالعدو الصهيوني لكن في هذه الحلقة على عاتق ضيفنا أسئلة كثيرة ومنها: هل تحريم الاعتراف بالعدو هو صمام الأمان الذي يحمي بقية الثوابت الفلسطينية؟ وهل يجوز طرح فكرة الاعتراف بالعدو المحتل على المجلس التشريعي الفلسطيني أو على الشعب الفلسطيني؟ هذه الأسئلة وغيرها نناقشها على الهواء مباشرة مع أستاذ السياسة الشرعية الدكتور محمد أبو فارس

حياك الله دكتور أبو فارس في هذا اللقاء من برنامج فقه القضية

الضيف: حياكم الله كذلك

المقدم: دكتور نبدأ مباشرة في السؤال الرئيس للحلقة، هل لكم من تأصيل شرعي لحكم الاعتراف بالعدو المحتل لأرض فلسطين؟

الضيف: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة على أشرف المرسلين ولا عدوان إلا على الظالمين، ما سألت عنه عن الحكم الشرعي بالاعتراف بدولة الكيان اليهودي الغاصب لأرض فلسطين، إن الذي يقرأ التاريخ والذي يقرأ ما ذكره الإمام أبو يوسف في كتابه أن فلسطين وبلاد الشام والعراق قد وقف عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه لمصلحة المسلمين عامة ولم يوزعها على الغانمين، فهذه أرض وقفية  ولا يحل لحاكم أو نظام أو ملك أو رئيس أو منظمة أن تعترف لشبر واحد لليهود على أرض فلسطين، بل إن هذا الدين يقرر أن الذي يعترف بالسيادة اليهودية على أرض فلسطين مستبعداً السيادة الإسلامية على أرض فلسطين لخائن لله ولرسوله ولجماعة المؤمنين

المقدم: إذا هي خيانة

الضيف: هي حرام وباطل وخيانة لأنها أرض وقفية وقفها المسلمون في عهد عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وحتى تقوم الساعة ولهذا، ومنها هذا الاعتراف، ما معنى الاعتراف أصلا، الاعتراف معناه التنازل لليهود عن أرض فلسطين وسيادة اليهود على هذه الأرض المقدسة وإبعاد للسيادة الإسلامية عنها، وهذه جريمة بل كبيرة من الكبائر ومن السبع الموبقات وقول الزور، وحقاً إنه قول زائف باطل مزور، ولهذا اجتمعت الأمة على أن من يسعى لنقض السيادة الإسلامية عن أي أرض وإعطائها لسيادة كاذبة يهودية أو غيرها هو آثم ومجرم وخائن لله ولرسوله ولجماعة المسلمين في أقدس مقدساتهم وفي هذه البلاد التي هي أرض مباركة عند جميع الأنبياء كما قال الله تعالى{وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ} ونجيناه أي إبراهيم

المقدم: دكتور لو سمحت

الضيف: إذاً هذا الأمر الاعتراف باطل، وليتبوأ هؤلاء مقعدهم في الخزي في الحياة الدنيا والعار والنار في الآخرة

المقدم: دكتور، ربما أنت أطلقت هذا الحكم من البداية ونريد أن نأخذ شخصيات كثيرة فيما يتبع هذا التأصيل، لكن قد يحتج البعض بموقف الرسول صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية بأنه اعترف بكفار مكة، فهل من مقارنة بين هذا وبين الاعتراف للعدو بأرض فلسطين؟

الضيف: في الحقيقة أولاً الحديث عن الحديبية، لو عدنا إلى صحيح الإمام البخاري يقول باب غزوة الحديبية

المقدم: غزوة

الضيف: حصل في هذه الغزوة قتال وأسر وسجل الله ذلك في كتابه {هُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} في الحقيقة الغزوة انتهت بهدنة، وهذه الهدنة مؤقتة وليست اعتراف، ولذلك لما نقض هؤلاء المشركون بعد عامين جيّش النبي صلى الله عليه وسلم جيشاً فتحَ مكة، ثم إن الاعتراف باليهود وبدولتهم هؤلاء شذاذ الآفاق جاؤوا من روسيا وأمريكا وبريطانيا وفرنسا ثم يقتضي الاعتراف عند هؤلاء السلم الدائم وإيقاف الجهاد والقتال والاعتراف بحدودهم والهيمنة كذلك، ولذلك يتبع هذا الاعتراف المواثيق الدولية وكسر الحاجز النفسي بين المسلمين أهل الأرض وبين هؤلاء اليهود حتى يستمرؤوا هذا الاحتلال، أما في الحديبية فقد كانت هدنة، وكانت هذه الهدنة إذا نقضها أحد الطرفين يسعى إلى البديل وهو القتال، لذلك أن نقول بأن الحديبية كانت اعترافاً، لا، هؤلاء شذاذ الآفاق جاؤوا من كل بلاد الدنيا ليحتلوا هذه الأرض وليطردوا أهلها منها، أما أهل مكة فهم منها وعاش النبي صلى الله عليه وسلم فاتحاً لها، فاتحاً أعتى قلاع الشرك وفي نفس الوقت حطم الأصنام البشرية، ثم بعد ذلك الأصنام الحجرية

المقدم: طيب دكتور أبو فارس أنت تسميها غزوة الحديبية أو كما جاء في البخاري، لكن هذا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ونريد أن نتقدم بالتاريخ أكثر في زمن الصحابة وزمن التابعين وتابعي التابعين، ألم يحدث مواقف أن اعترف المسلمون مضطرون بالعدو؟

الضيف: أولاً الاعترف الذي تقوله، هو المعركة بين عدو وآخر وهذا عدو ولكن لم يعترفوا له بحق احتلال بلادهم وامتلاك أعراضهم بل إن الشرع يوجب على كل مسلم سواء كان صحابياً أو تابعياً وحتى تقوم الساعة أنه ينبغي أن نقاتل العدو إذا اعتدى عليك كما قال تعالى {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ} وكما أجمع العلماء والفقهاء أنه إذا احتل شبر فالجهاد فرض عين على كل مسلم ومسلمة فتخرج المرأة من دون إذن زوجها، مع أبيها لا يحل لها أن تخرج دون إذن زوجها، ولو أرادت أن تزور أباها أو تزور أقرباءها، لكن في هذه الحالة لا تستأذن زوجها وتذهب وتقاتل أعداء الله عز وجل، وكذلك يخرج الولد بدون إذن أبيه، وفي الجهاد الكفائي لا بد أن يستأذن أباه، أما في هذا الجهاد الدفاعي ففرض عين على هذا الشاب أن يخرج ولا يستأذن أباه، وكذلك لا يستأذن الخادم سيده، هذا ما يوجبه الشرع، ولا يوجب الشرع ولا يحل الشرع لأي حاكم أو لأي مسؤول أو لأي قائد أن يعترف لعدو محتل لأرضه أن يعترف به وبالسيادة له على هذه الأرض، فهذا أمر كما قلت وأسلفت كبيرة من الكبائر وموبقة من الموبقات المهلكة في الدنيا والآخرة

المقدم: دكتور ما زال السؤال قائماً ألم يحدث أن اضطر المسلمون للاعتراف بالعدو لمرحلة مؤقتة مثلاً في زمن التابعين أو الفتوحات الإسلامية ؟

الضيف: ما معنى الاعتراف؟ الاعتراف أن يتنازلوا عن أرضهم له، لا

المقدم: لم يحدث

الضيف: في الحقيقة نحن نفخر في التاريخ أن المعتصم لما علجٌ من علوج الروم لطم امرأة على خدها ولم يكن الاعتراف بالعدو الاحتلالي، وقالت وامعتصماه، قال لبيك أيتها المرأة المسلمة، وسير جيشاً إلى عمورية وقاتل وأذل الصليبيين وما إلى ذلك، ولهذا يقول الشاعر عن حال هذه الأمة وعن حال هذه النساء التي تستغيث في فلسطين وفي العراق وفي كل مكان

رب وامعتصماه انطلقت ملأ أفواه اليتامى

لامست أسماعهم لكنها لم تلامس نخوة المعتصم

إن حكاماً يسمعون هذا الصراخ وهذه الاستغاثة من نساء المسلمين وبنات المسلمين ولا يلبون، حقيقة لامست أسماعهم لكنها لم تلامس نخوة المعتصم، لا نخوة لا كرامة لا عزة لهؤلاء التي عرف حكام المسلمين اقتباساً من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم

المقدم: دكتور طالما هناك وعود شرعية تأكد عودة فلسطين، أليس هناك مَن يقول: لا بأس بهذا الاعتراف المؤقت من أجل هذه المصلحة

الضيف: الحقيقة أخي الحبيب، من الذي يعطي هذه العهود وهذه الوعود ونحن حينما نسمع شامير في مؤتمر مدريد يحدث الزعماء العرب في أول لقاء عن عودة، أنها حق نعم حق للشعب اليهودي وليس لأهل فلسطين؟ هذه الوعود هي أقل وأتفه من حبر على ورق، والله عز وجل وصف هؤلاء اليهود الذين نطمئن لوعودهم ولا نطمئن إليهم {أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لاَّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا}

الثوابت قد تكون عند إنسان علماني غير الثوابت عند إنسان عالم مسلم ملتزم بالشريعة الإسلامية وما إلى ذلك، ولذلك أنا أؤمن بالثوابت الشرعية وبالأحكام الشرعية هي التي تحافظ لنا على حقوقنا وتلزمنا بالدفاع عن هذه الحقوق والجهاد من أجل تحقيق هذه الحقوق وبذل أقصى ما نستطيع لأن القوة أضمن طريق لإحقاق الحق، وما أجمل، يقول إمامنا حسن البنا “ما أجمل أن تسير القوة والحق جنباً إلى جنب ذلك لأن القوة بلا حق ظلم والحق بلا قوة تضييع” الحق بلا قوة ضائع، وقوة بلا حق ظلم، لذلك ينبغي أن تسير مع الحق القوة تحميه وتحققه وتؤكده

المقدم: دكتور أنت كأستاذ العلوم السياسية والسياسة الشرعية وعضو سابق في البرلمان الأردني وهو مجلس للتشريع وسلطة تشريعية، نريد أن نسأل هل يجوز طرح فكرة الاعتراف بالعدو المحتل على المجلس التشريعي أو على الشعب الفلسطيني طالما هناك قاعدة تقول: ” لا اجتهاد في موضع النص”؟ لكن اسمح لي أن أسمع منك الإجابة بعد هذا الفاصل

مشاهدينا فاصل قصير انتظرونا بعده

من جديد نرحب بكم مشاهدينا

دكتور أبو فارس كنت قبل الفاصل سألتك هل يجوز طرح حكم الاعتراف على المجلس التشريعي الفلسطيني وعلى الشعب الفلسطيني؟ وبالتالي إذا أجازوا ذلك فإن الحكم يصبح يجوز، هل هو كمجلس تشريعي يعتبر مصدر تشريع ؟

الضيف: بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، في الحقيقة أن تعرض حكماً محرماً وتستفتي الناس عليه أن يوافقوا على هذا ويحلوا هذا الحرام لا يجوز شرعاً، إنما لو وجه السؤال: نحن نرفض الاعتراف باليهود والاحتلال اليهودي ونؤمن بتحرير كل شبر من أرض فلسطين من الكيان اليهودي، فهذا جيد، يعني لو أجمع المسلمون جميعاً على أن يحلوا حكماً واحداً محرماً في كتاب الله أو في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم

المقدم: صلى الله عليه وسلم

الضيف: فهذا الإجماع باطل، هذا الإجماع على أن ما يقوله الشعب، فإذا أحل الشعب شيئاً وإن كان حراماً يحل، هذا أمر باطل، وهذا في الحقيقة اغتصاب للسلطة الإلهية في التشريع والحكم، ولذلك نقول لا يمكن، متى أصلاً تؤخذ الأمور إذا كانت خارج النص؟! بمعنى عندنا الأحكام الشرعية إما أن تكون بأدلة قطعية الدلالة قطعية الثبوت فليس للمسلمين إلا أن يلتزموا بها، وإذا كانت ظنية الدلالة وهي حرام بالطبع، فهو يؤكدها ويجتهد في تطبيقها، أما إذا لم يكن هناك نص في كتاب الله وإجماع المسلمين، حينئذ الدائرة الاجتهادية تتسع، وكما قلت: لا اجتهاد في مورد النص ابتداءً

المقدم: النص الشرعي دكتور

الضيف: فهذه مسألة منصوص عليها في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ} وليس أن تقره على هذا، فهذا اجتهاد في مورد النص وهو اجتهاد باطل

المقدم: دكتور في الكثير من بلاد العالم أصبحوا يرددون، حتى في نيجيريا قبل فترة كانوا يرددون قال القائد إسماعيل لن نعترف بإسرائيل، تصريحات قادة حماس يشوبها كما قال بعض الكتاب المحايدين بين قوسين، بعض التخبط في الآراء، والتصريحات السياسية مختلفة مبهمة مستغلقة إلى حد ما، هل هذا تراجع أم إنها سياسة لقياس ردات الأفعال؟ وأنا أسألك الآن كسياسي عضو في البرلمان سابقاً

الضيف: الحقيقة أنا لم أفهم من تصريحات قادة حماس هذا الذي يزعمه هذا الفريق من الناس، الحقيقة حماس لها ميثاق، وهذا الميثاق مكتوب فيه أنها تسعى لتحرير كل فلسطين وأن المسؤولين في حماس سواء كان الأخ إسماعيل هنية أو غيره يصرحون صباح مساء أنه لن نفاوض اليهود ولن نعترف بدولة اليهود، كيف انسحب اليهود من قطاع غزة ومن المستعمرات؟ انسحبوا راغمين من أجل، كما قال شامير حينما قرر الانسحاب من غزة واعترض من اعترض قال لهم: “لا أستطيع أن أدافع عن المستوطنات إلى الأبد” فلا بد من الخروج من هذه المستوطنات كنتساريم وغيرها، ولذلك هذا الذي يقال – أنا أتصور -إما أن يكون مغرضاً في فهمه، أو غير مستوعب للتصريحات، مع أن التصريحات لن، ولن في اللغة هذه لن الزمخشرية تفيد التأبيد، لن يحصل معنا هذا ولن يكون معنا هذا

المقدم: دكتور عفواً، أنا أتكلم عن الأسابيع الأخيرة وأنت تتكلم عن الميثاق الذي كتبه قادة حماس والشيخ المرحوم أحمد ياسين الذي يقوم على خمس ثوابت ومنها أن تكون دولة كاملة السيادة وأنهم ربما يلجؤون إلى هدنة بالتوافق طويلة وأن يكون دون الاعتراف، وهذا صمام الأمان الذي نقصده في هذه الحلقة وبعودة كل اللاجئين إلى منازلهم وقراهم، أنا أسأل أن هناك خطابات متناقضة، فيها خلل بسيط متناقض، هل هو لقياس ردات الأفعال مثلاً؟

الضيف: في الحقيقة أنا ما فهمت الذي فهمته، وإذا كان ولا بد فيسأل هؤلاء، أما أنا لغاية الآن ومن مدة قصيرة جداً، من أيام وقف الأخ إسماعيل هنية رئيس الحكومة

المقدم: هناك أكثر من مقالة عما قلت، هناك مقالة لإبراهيم حمامي وهناك مقال لياسر الزعاترة، وربما الغرض تأصيل هذه المسألة في حدود الميثاق المكتوب

الضيف: والله أخي الحبيب، بالنسبة للمقالات للزعاترة وغيره أنا لا أنتبه إليها، أنا أفهم وأسمع وأقرأ وأرى ولم أجد هذا التناقض الذي وجده غيري، فإذا وجده غيري وأراد أن يوثق فهذا شأنه أما أنا شخصيا لم أفهم هذا التناقض وهذا التنازع

المقدم: إذاً أنت دكتور فارس كأستاذ مسموع الكلمة في هذه الدوائر ما هو المطلوب من حماس إذاً في موضوع الاعتراف بالعدو المحتل لا سمح الله مستقبلاً؟

الضيف: في الحقيقة أخي الحبيب المطلوب من حماس في الواقع أولاً أن تستمر في مقاومة العدو وأن توقت هذه الهدنة، أنا أنصح إخواني في حماس، إلى متى هذه الهدنة؟ خاصة أن الهدنة تعني من طرفين أن يوقف هو عدوانه فأوقف أنا المقاومة، أما هذا الذي يحصل الآن في غزة، بالأمس شهيدان وكل يوم اعتداء، ونحن نلتزم بالتهدئة، أي تهدئة هذه، أنا أفهم أن النبي صلى الله عليه وسلم لما عقد هدنة الحديبية ونقضت قريش الهدنة، جيّش جيشاً وفتحت مكة، ولذلك أنا توجيهي ونصيحتي إلى إخواني في حماس وغير حماس في غزة أن لا تطول فترة التهدئة لأن هذا يؤثر في جذوة الجهاد، فتخفت هذه الجذوة  وتفتر الهمم ولذلك لا يحمي قضايا الشعوب إلا الدماء، بمقدار ما يبذل المجابه من ماء لينبت هذه النبتة فتضرب جذورها في أعماق الأرض وغصونها في كبد السماء، كذلك قضايا الأمم، قضيتنا تحرير فلسطين، تنمو بإحياء القضية في نفوس أهلها، وإحياء القضية في نفوس أهلها بالدماء، كالماء للنبات، وإذا بذل الناس دماءهم تحفزت النفوس للجهاد والتحرير، أما الهدنة وطول الهدنة هذا في الحق لا نوافق عليه ونطالب إخوتنا في حماس وكل المجاهدين أن يضعوا وقتاً محدداً وأن يشترطوا شروطاً، لم يلبَّ أيُّ شرط سواء بالتخفيف وكسر الحصار وما إلى ذلك، وسمعنا بما جرى في السفينة التركية وما إلى ذلك، في الحقيقة أنا أقول لإخواننا في حماس: أنتم قمتم لقيادة المقاومة وتحرير فلسطين ولم تقوموا للدفاع عن غزة

المقدم: إجمالاً، هناك من ضيوفنا سابقاً من داخل غزة ومن مستشارين في غزة يقول بأن هذه ليست تهدئة إنما انسحب الكيان الصهيوني من حرب غزة، لكن ألم يكن اعتراف السلطة بالكيان سابقاً على مستقبل فلسطين ومستقبل السلطة، خصوصاً أن عباس يقول بأن السلطة هي عبارة عن أكذوبة والصهاينة يقولون لا يوجد هناك ما يسمى اتفاق أوسلو؟

الضيف: في الحقيقة هم يقولون هناك اتفاق أوسلو لكن هم لم يأخذوا به وتأولوه تأويلاً حسب ما يحقق مصالحهم، جاء 13/9/1993 اجتماع في واشنطن وتم توقيع جدول الأعمال الذي وقعه أبو مازن في حياة عرفات، ثم ترجم هذا إلى اتفاقية القاهرة 58 صفحة وما إلى ذلك، في الحقيقة الاعتراف خاصة بالنسبة للسلطة الفلسطينية، السلطة الفلسطينية ليس لديها البديل، صرح محمود عباس أن لا بديل للمفاوضات، يعني لو زادوا بالمستوطنات وهدموا الأقصى وهدموا البيوت على أهل فلسطين لا بد أن يستمر بمفاوضات الخيانة في مفاوضات الخذلان لهذا الشعب الفلسطيني، لذلك أنت تأمل في خطابهم حينما كان يعتبر الجهاد والمقاومة أمراً عبثياً وأن الصواريخ عبثية فيقول لأزلامه ولدحلان إذا رأيتم رجلاً يحمل صاروخاً فطخوه اقتلوه، هذا عميل من عملاء الموساد ولتحقيق دولة يهودية وليس له في فلسطين أي عمق ديني ولا غير ديني ولا مصلحي إنما يؤمر بأمر أميركا في مقابل جرعات تدفعها لسلطته حتى يكرس الاحتلال ويكرس الاغتصاب وهكذا الأمر وهذا ما نراه وما نشاهده

المقدم: دكتور إذا اعترفت فصائل المقاومة ومنها حماس بالكيان الصهيوني، هل تتوقع أن العدو الصهيوني سيعترف بها في المقابل؟

الضيف: يا إخواننا في الحقيقة، يقال في اللغة (لو) أداة امتناع لامتناع، يعني لو اعترفت حماس لأن حماس، ماذا تريد حماس؟ هل يسلم اليهود لحماس الأرض؟ هذه رسالتهم مع موسى {قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} المنطق الإسلامي القرآني يقول غير هذا، ولذلك لا نطمئن لوعودهم وننتظر منهم كل شر كما قال الله فيهم ولذلك قضية أنهم إذا اعترفنا يعترفوا بنا، لا لن يعترفوا بنا، طيب نحن لنا أهداف ولنا مصالح غير هذا بل علينا واجبات مش بس أن نقاتلهم بل أن نقتلهم أن نسفك دماءهم كما قال الله تعالى {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} لذلك هذه نسميها معادلة منطقية معكوسة، لا يمكن أن يعترف هذا إلا بالقوة وبالقتال وبسفك الدماء وهذا ما جاء في سورة الإسراء أو سورة بني إسرائيل الذي تحدثت عن فساد اليهود في  هذه البلاد، وأنه لا علاج لهم إلا القتال وسفك الدماء كما قال تعالى

المقدم: دكتور {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} في المنظور القريب لا يوجد أمل بتحرير مناطق الـ48 ما حكم التنازل طالما أن الميثاق الفلسطيني للفصائل تحرير كامل الأراضي العربية؟ ما حكم التنازل بحجة أنه لا يمكن تحريرها في هذا القرن ربما؟

الضيف: يا إخواننا في الحقيقة الاعتراف سواء كنت ضعيفاً أو قوياً، لا يحل لي أن أرتكب هذه الجريمة الكبيرة أن أتنازل عن السيادة الإسلامية للسيادة اليهودية، فالإنسان المسلم المحكوم تحكمه وتضبطه قواعد الشرع، وليس، في الحقيقة أنا بعيد وما عندي قدرة، ما عندك قدرة ماشي لكن عد واستعد، أما إذا قلت لهم لا أمل للـ48، بعد ذلك ما المبرر؟ ومتى تستعد؟ ولماذا تستعد؟ وعلى ماذا تستعد؟ ولذلك الحقيقة الأمور مرتبطة بعضها ببعض أخي العزيز، ونحن أفتينا للـ48 رائد صلاح وغير رائد صلاح أنه لا يحل لمسلم أن يعترف لليهود، أو لهذه الدولة اليهودية ليس على الـ48 إنما على شبر من أرض الـ48، هذا حكم الشرع وحكم الشرع هو الحسم والجزم ولا يخالف

المقدم: دكتور هناك بعض الدول في أمريكا الجنوبية وفي غيرها مثل الأرجنتين والبرازيل وغير ذلك تعترف الآن بدولة فلسطينية وإن كانت ليست على الأرض وليس لها مكان في الأطلس السياسي، هل يتمخض على هذا الاعتراف دولة مسخ مثلاً وتضر بتطلعات الفلسطينيين؟ وبالتالي نريد أن نسأل من ناحية شرعية حكم الشرع بحل الدولتين، دولة فلسطينية ودولة صهيونية على أرضنا فلسطين؟

الضيف: يا إخواني الحقيقة الاعتراف هذه الدولة أو تلك للفلسطينيين لإقامة دولة على أرض فلسطين هذا لا يقدم ولا يؤخر، الذي يقدم ويؤخر هو الواقع هو القتال هو الجهاد  {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ}، {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ} يعني لو اعترف العالم كله  واليهود قائمون على هذه الأرض ولا يوجد مقاومة ولا قتال، كم من قرارات مجلس الأمن اتخذها مجلس الأمن ضد اليهود؟ هل استجاب اليهود لها؟ وهل كانت مؤثرة على سياسة اليهود سواء كان في الاستيطان أو في غيره أو في العدوان أو في غيره، فهذا أمر في الحقيقة ينبغي أن نشعر بسخافته، أمر في غاية السخف أن نتوقع أن هؤلاء يقيمون لنا دولة، لا الذي يقيم دولة الفلسطيني المسلم على أرضه وكل مسلم كذلك، لأن الجهاد الآن من أجل تحرير فلسطين ليس مسؤولية الفلسطينيين وحدهم  وإنما أيضا على الذين يلونهم ثم يلونهم حتى يستوعبوا الأمة كلها، هذا الحق وهذا الصواب

المقدم: على هذا ما المطلوب كي نعيد عالمية القضية الإسلامية؟ كي تكون حرزاً ومانعاً وسداً منيعاً لعدم الاعتراف بالعدو؟

الضيف: الحقيقة هذا يحتاج إلى توعية عامة لدى المسلمين وإرسال الدعاة إلى كل مكان وإصدار الكتيبات التي تتحدث عن إسلامية فلسطين، وعن واجب المسلمين جميعاً نحو هذه الأرض المقدسة بمحاضرات بندوات، أيضاً تجمع الأموال للمجاهدين، والحديث عن الأسرى والوجوب على المسلمين أن يفكوا هؤلاء الأسرى من أسرهم، حتى هذه الندوة وهذا الكلام هو جزء من التوعية، أنا أقول لغاية الآن التوعية ليست على المستوى المطلوب بل أقل بكثير

المقدم: دكتور تسابقت الدول العربية، بو رقيبة الذي ذهب إلى الكنيست الصهيوني دون أن يستدعيه أحد إلى هناك، نستغرب كيف وصل العرب الأنظمة والمثقفون وبعض الناس الإعلاميين لمرحلة الاعتراف بالعدو المحتل، هل هو إسقاط أو اختراق؟

الضيف: الاثنين، إسقاط واختراق أنا في تصوري يا أخي هؤلاء ربوا على ثقافة غير إسلامية وعلى قيم غير إسلامية بل تجد في مؤتمراتهم تحريماً للجهاد واعتبار الجهاد أمراً إرهابياً، وهذا الحقيقة مؤتمر داكار معلوم كيف اجتمع وزراء الخارجية للعالم العربي والإسلامي، لذلك وجهة نظري يا أخي هؤلاء تلاميذ مخلصين لليهود وللأمريكان ويأتمرون بأمرهم ولا يعصون لهم أمراً ولذلك قيل لهم اعترفوا فاعترفوا، قيل لهم ستكون هناك دولة لليهود على أرض فلسطين، وقال اليهود لا كل فلسطين دولة يهودية ولا يقوم غير هذا

المقدم: دكتور اسمح لي أريد أن أسألك عن هذا الموضوع

الضيف: والأقصى والقدس كذا

المقدم: نعم أريد أن أسألك عن هذا الموضوع

الضيف: تفضل

المقدم: عن يهودية الدولة، هناك ما يسمى عن تقديم طلب المواطنة الإسرائيلية بين قوسين، ولكن هناك نص مطلوب من الذي يتقدم سواء من أهلنا في الـ48 وهناك اقتراح من الكنيست من أهلنا في الضفة بأن يقول أصرح بأني سأكون مواطناً مخلصاً لدولة إسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية، أولاً هل هذا اعتراف مبرر؟ وهل يختلف الحكم الشرعي ما بين أهالي الـ48 و الـ67؟ وما الذي يلجئهم إلى ذلك أصلاً؟

الضيف: في الحقيقة أخي الحبيب الاعتراف قبل أن يكون باللسان الاعتراف بالقلب، والأصل في المسلم أن يوافق ما في قلبه ما يجري على لسانه لكن قد تكون هناك حالات اضطرارية، وهذه الحالات الاضطرارية أن يكون الإنسان مهدداً بها إما في القلب أو بقطع جزء من جسمه، في هذه الحالة فقط ولهذه الفكرة فقط إذا أكره يقول بلسانه والحق مستقر في القلب كما قال تعالى {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} لذلك لا يحل للمسلم ابتداء أن يرضى لليهود، والرضى هنا القلبي، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم (من جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك حبة خردل من إيمان) إلا من رضي وسامح فليس وراء ذلك حبة خردل من الإيمان، فالرضى لا يحل لمسلم أن يرضى إلا إن ضغط عليه، لكن بالنسبة لإخواننا في الـ48 فلا يقبلوا بهذا ويصرحوا عن رفضهم بقبولهم كذلك بألسنتهم، إذا الحكم العام لإخواننا

المقدم: دكتور  غصب عنهم وليس بأيديهم

الضيف: أن يكتبوا تعهداً وإقراراً للحكومة اليهودية بأنهم يهود في أرض يهودية وفي دولة يهودية

المقدم: الدكتور محمد أبو فارس أستاذ السياسة الشرعية والنائب في البرلمان الأردني السابق كنت معنا في هذه الحلقة نشكرك شكراً خاصاً كما نشكركم مشاهدينا الكرام ونذكركم أنه يمكنكم التواصل مع فقه القضية عبر الإيميل الذي يظهر أمامكم على الشاشة  هذه تحية عمر الجيوسي وتحيات فريق  البرنامج دمتم في أمان الله السلام عليكم