دراسة تأصيلية تطبيقية

مجلة المرقاة6 بحث6

تأليف: رزق “محمد غازي” الغرابلي([1])               د. حسن بن إبراهيم هنداوي([2])

ملخص البحث:

تناول هذا البحث موضوع مكملات مقاصد الشريعة، وأثرها في الاجتهاد. ولأجل بيان هذا الأثر؛ تعرض البحث لمسائل من معاملات المصارف. واتبع الباحثان المنهج الاستقرائي؛ والمنهج التحليلي من أجل تحقيق أهداف البحث، الذي كان من أهم نتائجه أن لمكملات مقاصد الشريعة دورًا مهمًّا في تشريعات أحكام المعاملات المصرفية، وظهر أثر ذلك جليًّا عند النظر في مآلات المعاملات الحديثة التي تجري بين الناس.

Abstract:

This research deals with the topic of complementing the objectives of Sharia, and its effect on Ijtihad. In order to clarify this effect, the research review examples from bank transactions. The researchers used the inductive approach and the analytical approach in order to achieve the objectives of the research. One of the most important results of which was that the complementary objectives of the Sharia play an important role in the legislation of the provisions of banking transactions. The effect of this was evident when looking at the events of modern transactions that take place between people.

مقدمة:

تلعب المقاصدُ دورًا مهمًّا في الاجتهاد؛ حيث تعيّنت أهميتها في حفظ مصالح العباد، ومصالح العباد في الدنيا جاريةٌ مع تغيّر الأماكن والأزمان، مما يستدعي إعمالَ المقاصدِ عند النّظر في الأحكام المستجدّة. ويتّصل بعلمِ المقاصدِ اتصالًا وثيقًا فقهُ مكمّلات مقاصد الشّريعة. وهذه المكمّلات هي التتمّات من المقاصد والأحكام، التي تخدمُ المقاصدَ الأصليّة وتدور في حِماها مزيّنةً ومحسّنةً ومكمّلة، وهي منضمّةٌ للمقاصد -وإن كانت لا تدخُلُ في أصلها مباشرة- بحيث لا يكون لها اعتبار حين تستقلّ بذاتها[3]. وتكمن أهمية فقه المكملات في الاجتهاد في الدور الذي تؤديه في تمكين المقاصد الأصلية الثابتة المنصوص عليها أو المستقرأة من عموم أحكام شريعتنا، وصيانتها من كل ما يسبب لها الاعتلال والاختلال، بل وجعلها على أتم الأحوال. وقد تخيّر الباحثان في الشق التطبيقي من البحث مسائل متعلقة بالمجال المصرفي، وهو من أبواب المعاملات الماليّة المعاصِرة التي هي بابٌ من أبواب الشّريعة التي تبدو فيها الحاجة ماسّة إلى تفعيل مكمّلات المقاصد وإعمالها عند الاجتهاد، ويُعدّ باب المعاملات الماليّة من الأبواب المهمة التي تلتفت لها الأنفس وتميل إليها في مرحلة التطور المالي والاقتصادي والتكنولوجي الكبير الذي اخترق العالم المعاصر، وتشغل بال المجتهدين المشتغلين بها، وتتعيّن أهميّتها أيضًا؛ لصلتها الوثيقة بالاقتصاد الذي يعدّ قوام حياة الناس وعمارة الأرض.

وقد جاءت الدراسة في ثلاثة مباحث؛ تناول المبحث الأول تعريف المكملات وتقسيماتها ومسالك الكشف عنها، وتطرق المبحث الثاني إلى دور المكملات في الاجتهاد وشرط اعتبارها، فيما تناول المبحث الثالث تأثير مكملات المقاصد في بعض معاملات المصارف.

إشكالية البحث:

تروم هذه الدراسة إلى كشف اللثام عن إشكال متعلق بغياب فقه المكمّلات أو عدم تبيّن ضوابطه وكيفية إعماله في الاجتهاد لدى بعض المفتين في القضايا المعاصرة، الأمر الذي أحدَثَ قصورًا في بعض التصورات والفتاوى. ويبرز هذا الخلل جليًّا في القضايا الفقهية المتعلّقة بالمعاملات الماليّة المعاصرة، ومن بينها المعاملات المصرفية. لذلك أراد الباحثان من هذه الدراسة تنزيل فقه مكملات المقاصد على بعض مسائل المعاملات الصرفية المعاصرة، وتجلية أثر المكمّلات في استنباط أحكامها وتحقيق المناط فيها.

أهمية البحث:

تتجلّى أهميّة هذا الموضوع في أنه:

-يُعدّ مفتاحًا للفقهاء والمجتهدين لإعمال فقه مكمّلات مقاصد الشريعة في فتاواهم واجتهاداتهم، سيّما في عصرنا الذي اشتبكت فيه المسائلُ، ودخل ميدانَ الإفتاء غيرُ المتخصصين، الأمر الذي ستبان آثاره في تحقيق الاتّزان في الفتوى والتصوّرات.

-يُظهر الآثار الفقهية والأصولية لفقه المكمّلات وأهميّته في تصورات المسائل واستنباط أحكامها بما يتوافق مع مقاصد الشريعة الإسلامية.

-يبيّن البحث أثر فقه مكملات مقاصد الشريعة في بناء الأحكام الوسطية المنسجمة مع مقاصد الشارع في مجال المعاملات المصرفية المعاصرة.

أهداف البحث:

يهدف البحث إلى:

-بيان تعريفٍ وتقسيمٍ جامعٍ للمكمّلات، ومسالك الكشف عنها.

-الكشف عن دور مكملات الشريعة في الاجتهاد واستنباط الأحكام.

-مناقشة تطبيقاتٍ فقهيّةٍ متعلقة بباب المعاملات الماليّة المعاصرة، وإعمال فقه مكمّلات الشريعة فيها.

منهج البحث:

من أجل تحقيق أهداف هذا البحث، اتبع الباحثان المنهج الاستقرائي؛ وذلك من خلال تتبّع المادة العلميّة لموضوع المكملات؛ للوصول إلى تعريف وتقسيم جامع لها، وإبراز مسالك الكشف عنها، ودورها في الاجتهاد، والمنهج التحليلي الذي سيستخدمُه الباحثان في تحليل تأثير هذا الفقه ومُناقشته في التّطبيقات الفقهية المتعلّقة بالمعاملات المصرفية المعاصرة.

الدراسات السابقة:

من الدراسات ذات العلاقة بموضوع بحثنا: كتاب “فقه المقاصد” لجاسر عودة، و”مقاصد الشريعة الإسلامية الثلاثة ومكمّلات كل منها” لإبراهيم الربابعة، و”مقاصد الشريعة وتطبيقاتها في المعاملات المصرفية المعاصرة” لعبد الودود السعودي، و”مكملات مقاصد الشريعة: تأصيلًا وتطبيقًا على بعض المسائل المعاصرة” لغازي العتيبي. وهذه الدراسات عدا الدراسة الأخيرة، تناولت جانب المقاصد عمومًا دون تركيز خاص على مكملات المقاصد. أما بحث العتيبي فقد تناول مكملات مقاصد الشريعة لكن دون توسع. والإضافة التي يقدمها بحثنا أنه يتوسع في بيان تعريف المكملات وتقسيماتها، ومناقشة أثر هذه المكملات في المعاملات المصرفية، وهو الجانب الذي لم تتناوله أي دراسة سابقة حسب اطلاع الباحثيْن.

المبحث الأول: تعريف مكملات مقاصد الشريعة ومسالك الكشف عنها

المطلب الأول: تعريف مكمّلات مقاصد الشّريعة

أولًا: المكملات لغةً: جمع مُكَمِّل، وهو من كَمُلَ الشيء، وكَمَلَ وكَمِلَ كمالًا وكمولًا فهو كاملٌ: أي تامٌّ، وأكملت الشيء: أي أجملته وأتممته، ويُقال كمل إذا تمت أجزاؤه وكملت محاسنه، وعلى هذا فقد دارت معانيها في معاجم اللغة على التمام والجمال[4].

وإذا عرفنا هذا تبيّن لنا أهميتها في اعتبارها والالتفات إليها عند استنباط الأحكام، إذ إنّ الحكم الشرعي قد ينتابه شيءٌ من القصور أو الجنوح أو النقصان إذا لم تتمّ مراعاة المكمّلات عند استنباطه.

ثانيًا: مكملات المقاصد في اصطلاح الأصوليين

افتقرت كتب الأصوليين الأوائل لتعريف مكمّلات المقاصد، تعريفًا حديًّا، وإن كانت قد وردت إشارات في ثنايا المصنّفات حول سماتٍ عامّةً للمكمّلات أو شيءٍ من خصائصها، وسنبيّن بإيجاز المكملات في تعبيرات الأصوليين المتقدمين والمعاصرين.

1-المكملات في تعبيرات الأصوليين المتقدمين:

يُحسب للإمام الغزالي أنه أوّل من ذكر المكمّلات لفظًا ومعنى، حيث قال: “ويتعلق بأذيال كل قسم من الأقسام ما يجري مجرى التكملة والتتمة لها”[5]. ويقصد بالأقسام؛ الضرورية والحاجية والتحسينية، التي تحدث عنها شيخه في البرهان[6]. وهذا بيانٌ صريحٌ في أنّ كلّ مقصدٍ من المقاصد الثلاثة له متممات ومكملات له.

يقول الأبياري: “المكمّلات لا تراعى إلا إذا لم يُفضِ اعتبارها إلى إبطال المهمات، وهي المقاصد الأصلية، فإن أفضى إلى ذلك وجب الاعتراض على التتمة؛ تحصيلًا للأمر المهم”[7].

وبالتالي فالمكملات نوعان: منها ما يجب مراعاته والالتفات إليه، وهو الذي يساهم في حفظ المقصد المهم، وما لا يجب مراعاته والالتفات إليه بل يجب إبطاله والاعتراض عليه، وهو ما يسهم في إبطال المقصد الأساس أو تعطيله.

يقول الآمدي: “المكملات: ما ليس أصلًا مقصودًا”[8]. فثمّة فرق بين المقصد والمكمل، وهو أن المقصد وقع له من اسمه نصيب، وهو أنه مقصود للشارع أصالةً، أما المكمل، فلا يمكن القول إنه ليس مقصودًا أصلًا، فالله ما شرع شرعًا أو حكم حكمًا إلا وفيه ما يحقق مصالح العباد أصالةً أو تبعًا، فيكون المكمل مقصودًا من الشارع تبعًا.

يقول الإمام الشاطبي: “كل مرتبة من هذه المراتب -يقصد مراتب المقاصد الثلاث- ينضمّ إليها ما هو كالتتمة والتّكملة، مما لو فرضنا فقده لم يخلّ بحكمتها الأصلية”[9].

وتعبير الضّم يوحي بعدم الاستقلال بالذّات، وهذا من أبرز سمات المكملات، فلا عبرة للمكمِّل مستقلًا دون المكمَّل، بينما يمكن أن يستقل المقصد الأساس بنفسه ولا تختلّ حكمته، وإن غابت عنه مكمّلاته أو بعضها.

يقول الفتوحي: “ومعنى كونه مكمّلًا له أنه لا يستقلّ ضروريًّا بنفسه، بل بطريق الانضمام، فله تأثير فيه، لكن لا بنفسه، فيكون في حكم الضرورة مبالغة في مراعاته”[10].

وهذا يتفق مع ما أصّله الشاطبي، فالمكمل يؤثر في المقصد ولا بد، تجميلًا وتتميمًا، لكن هذا التأثير يبقى مجمدًا دون الانضمام.

2-المكملات في تعبيرات الأصوليين المعاصرين:

عند الأصوليّين المعاصرين، وقف الباحثان على جملة من التّعريفات المتعلّقة بمكمّلات مقاصد الشّريعة، نعرّج على أهمها.

فقد عبّر الإمام الطاهر بن عاشور عن المكمّلات بمصطلح “الوسائل”، وقال: “وأما الوسائل فهي الأحكام التي شُرعت؛ لأنّ بها تحصيل أحكام أخرى، فهي غير مقصودة لذاتها، بل لتحصيل غيرها على الوجه المطلوب الأكمل، إذ بدونها قد لا يحصل المقصد، أو يكون معرّضًا للاختلال والانحلال”[11].

يقول د. محمد اليوبي: “يمكن أن يوضع ضابط للمكمّل بأنه: ما يتم به المقصود أو الحكمة من الضروري، أو الحاجي، أو التحسيني على أحسن الوجوه وأكملها، سواء بسدّ ذريعةٍ تؤدي إلى الإخلال بالحكمة بوجهٍ ما، أم بتكميله بحكمٍ يظهر به المقصود ويتقوّى”[12].

ولم يستقصِ اليوبي في تعريفه كل ما من شأنه أن يكون مكملًا، بل إنه ذكر ما ذكر على سبيل المثال لا الحصر، لذلك كان الأولى أن يضيف في نهاية التعريف لفظتي “أم غيرها”؛ ليبقى الباب مفتوحًا لأشياء أخرى قد تدخل فيه.

يقول د. غازي العتيبي في المكملات: “هي الأمور الخادمة لمقاصد الشريعة”[13].

وقد اهتدى د. العتيبي إلى أن يطلق عليها وصف: الأمور، حتى تشتمل الأحكام والوسائل والتوابع والأوصاف والجزئيات وغيرها، ولا يهضم حق أيّ منها، وهو محقّ في هذا.

تعقيب الباحثين على تعريفات المعاصرين للمكملات:

يُلاحظ وجود تفاوتٍ بين ما أوردناه من تعريفات لدى العلماء المعاصرين في تحقيق مدلول مكمّلات مقاصد الشريعة، لكنها جميعًا تتفق على أنّ المكمّلات هي خوادم للمقاصد تجمّلها وتتمّمها، لا تستقلّ بذاتها، وإنما تعتبَر بطريق[14] الانضمام إلى المقاصد الأصليّة.

وبعد ما ظهر لنا من مدلولها الفعلي ووظيفتها الحقيقية، يمكن أن نعرِّف المكملات بأنها: “الأحكام والوسائل التي تُعمَل تقويةً للمقصود أو تُهمَل حفاظًا على المقصود”.

قلنا: “الأحكام والوسائل” حتى تستوعب كل المكملات، فالمكملات لا تقتصر على الوسائل كما أورد بعض الأصوليين، لكنها تستوعب أيضًا جميع الأحكام التي شرعها الله تعالى؛ لتكميل المقاصد الأصلية، وهذه الأحكام منها ما يسبق الفعل، ومنها ما يقارنه، ومنها ما يتبعه كما سيتبيّن في المطلب التالي.

وهذه المكملات يتم إعمالها واعتبارها والالتفات إليها إذا كان مؤداها تقوية المقصود الأصلي وتتميمه وتجميله وتحسينه، كما يتم إهمالها وإسقاطها إذا كان مؤداها إبطال المقصود الأصلي، حتى وإن كانت في أصلها وسيلة مشروعة؛ وذلك للمحافظة على المقصود الأصلي من الاختلال أو الاعتلال، وسيتبين ذلك بوضوح عند الحديث عن شرط اعتبار المكمل في المبحث الثاني.

المطلب الثاني: مسالك الكشف عن مكملات مقاصد الشريعة

لا يستقيم أن نطلق على أي حكم أو وسيلة أو وصف أو غيره مكملًا لمقصدٍ هكذا دون مسالك ناظمة وطرق معلومة. إذن كيف يمكن معرفة مكملات المقاصد وتعيينها؟ إنّ الحكم على أي أمر أو وسيلة أو وصف أو غيرها بأنه مكمل أو غير مكمل، يُعرف بطرق معيَّنة نذكر منها ما يأتي:

أولًا: النصوص

ونقصد بها النصوص الواردة في كتاب الله أو في سنة النبي e. ومثالها القصاص، فهو مقصود لحفظ النفس، والتماثل فيه خادم لهذا المقصود ومقوٍّ له، فهو مكمل له، والتماثل في القصاص هو رأي جمهور العلماء الذي استنبطوه من قوله تعالى: {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِين}[البقرة:194]، ومن قوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرين}[النحل:126]، ومن الحديث الثابت الذي أخرجه الشيخان عن أنس t ”أن يهوديًّا قتل جارية على أوضاح لها فقتلها بحجر، فجيء بها إلى النبي e وبها رمق فقيل لها: أقتلك فلان؟ فأشارت برأسها أن لا، ثم قال لها الثانية، فأشارت برأسها أن لا، ثم سألها الثالثة فقالت: نعم، وأشارت برأسها، فقتله رسول الله e بحجرين”[15].

ومثالها أيضًا الطهارة، فهي شرط لصحة الصلاة، والشرط مكمل للمشروط، وقد جاء ذلك في قوله تعالى: {يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ}[المائدة:6]. وفيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه: أنّ النبي e قال: “لا يقبَل الله صلاة أحدكم إذا أحدَث حتى يتوضأ”[16]. وهذا المكمل هنا حُكمه الوجوب، لأنّه شرط لصحة الصلاة، وما لا يتم الواجبُ إلا به فهو واجب.

ثانيًا: النظر والتجارب

          فكل ما تتحقق فيه صفات المكمل وشروطه فهو مكمل وإن لم يكن منصوصًا عليه. وإنّ العلم الحديث والتطور التكنولوجي قد أفرز لنا وسائل كثيرة جدًّا يمكن أن تساهم إيجابيًّا في تحقيق مقصود الشارع من الأحكام، وتنسجم مع كليات الشريعة ومقاصدها العامة.

          فإذا كانت الدعوة الفردية ومجالس العلم التي كانت تجمع عشرات أو مئات الطلبة في العصور السالفة هي الدارجة في سياق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ فإن الإذاعة والتلفاز اليوم هي من الوسائل التي تحقق مثل هذا المقصود بأيسر مما كان يتحقق في العصور الأولى وأسرع منه وأشمل.

          وإنما أدركت هذه المصلحة بالنظر والتجربة، وبعض المحققين على أن العقل يستطيع أن يحكم على الأشياء بالحسن والقبح، ومعلوم أننا مدعوون للنظر والتأمل والتفكر، شرط عدم الإعراض عن الوحي، كما فعل بعض الفلاسفة والمتكلمين.

          ولولا أن العقل قد يدرك مصلحة الفعل أو مفسدته لما نهض إليه أو ابتعد عنه، ولما دعي الإنسان إلى التأمل والنظر، ولما كُرِّم بالعقل مناطًا للتفكير وجعله مناطًا للتكليف أيضًا، فالتكليف يدور مع العقل وجودًا وعدمًا.

          فأي وسيلة أو مكمل، يمكن أن توضع على ميزان المكملات، فإذا انطبقت عليها صفاتها من حيث تكميل المقصود وتجميله وتحسينه دون أن تصل إلى درجة القواطع أو الضرورات، فثمة المكملات التي ينبغي أن يلتفت إليها ويتم إعمالها في الاجتهاد.

          أما التجربة فهي أصل كبير وبنيت عليه عديد العلوم، وهي شديدة الصلة بما يسميه الأصوليون مسلك الدوران، وهو أن “يوجد الحكم عند وجود الوصف، وينعدم عند عدمه”[17]، فيعلم بذلك كون الوصف علة للحكم، ومثلها دوران التحريم مع وصف الإسكار[18].

المبحث الثاني: أثر المكملات في الاجتهاد وشرط اعتبارها

المطلب الأول: أثر المكملات في الاجتهاد

المكملات ميدان رحب للاجتهاد فيها؛ ذلك أنها ليست كلها منصوصًا أو متفقًا عليها، وليست كلها على درجة واحدة من القوة في تحقيق المقصود أو خدمته أو تتميمه وتجميله، وهي متفاوتة تفاوت المقاصد ذاتها، ويقدم أحدها على الآخر وفقًا لضوابط مقاصدية ليس هذا مكانها.

وهذا التفاوت في المرتبة والقوة والقطعية وغيرها يقتضي اجتهادًا ونظرًا مصلحيًّا يفضي إلى تقديم المكملات الأقوى والأحسن على ما دونها، فيقدم المجتهد ما حقه التقديم، ويؤخر ما حقه التأخير، ويُنزل كل شيء منزلته، بحيث يتحقق مقصود الشارع على أحسن الأحوال وأتمها وأكملها، وبما يمكنها من تحقيق مصالح العباد التي أرادها الله تبارك وتعالى.

وتكمن أهمية فقه المكملات في الاجتهاد في الدور الذي تؤديه في تمكين ما يصطلح عليه بالقواطع من المقاصد، وهي الثابتة المنصوص عليها أو المستقرأة من عموم أحكام شريعتنا الغراء، وصيانتها من كل ما يسبب لها الاعتلال والاختلال، بل وجعلها على أتم الأحوال.

ويقع جزء من دور المجتهد على تمييز ما هو مكمل مما ليس كذلك، فلا يمكن أن يكون الباب مواربًا لكّل أحد ليُدخل إلى المكملات ما يجول في خاطره من الوسائل أو الأحكام أو غيره دون أن يسلك مسالكها، بل يتأكد تعيين المكملات عبر المسالك الشرعية؛ للكشف عنها.

كما أنّ الاجتهاد في معرفة مكملات مقاصد الشريعة وتفعيلها عند استنباط الأحكام يقي من الوقوع في الخلل عند تصوير المسألة، ويضمن أحكامًا خالية من التشدد أو التمييع.

هل العلم بالمكملات من شروط المجتهد؟

لم أجد عند الأصوليين ما يحسم الجواب عن هذا السؤال، لكن بالبناء على ما اشترطوه في المجتهد ولصحة الاجتهاد، يلوح للباحث أن العلم بفقه المكملات ليس شرطًا للمجتهد، فإن معرفة المجتهد بالقواعد الكلية للشريعة وبمقاصدها العامة قد يكون كافيًا لبلوغه رتبة الاجتهاد مع تحقق الشروط الأخرى المعلومة.

لكن العلم بمكملات الشريعة شرط لصحة الاجتهاد، حيث إن إهمالها الناتج عن عدم العلم بها قد يؤدي إلى اعتلال الفتوى أو خروجها على حالٍ منافية لمقصود الشارع.

لذلك فإنه إذا كانت صحة النظر في المسألة يتوقف على العلم بمكملات المقاصد، وكان لها أثرٌ قويٌّ في الفتوى؛ فحينها ينبغي العلم بفقه المكملات؛ لأنّ ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجبٌ، ولا يتحقق النظر الصحيح إلا بالمكمل، فيكون العلم بالمكمل واجبًا.

المكملات واجتهاد النوازل:

إنّ التطور الهائل في شتى مجالات الحياة، الذي أفرزته التكنولوجيا الحديثة واختراعات الإنسان التي فاقت خيال المتقدمين والمتأخرين، حقيق معها أن يفتح باب الاجتهاد على مصراعيه، وأن يُجتهد في المسائل المتشابكة المسالك، ومنها المعاملات المالية المعاصرة.

فقد حفلت الدول اليوم بمؤسسات مالية لم تكن عند من كانوا قبلنا، وكل مؤسسة فيها من الأنظمة ما يولد عشرات المسائل الفقهية التي تحتاج اجتهادًا لمعرفة حكم الله فيها، ويدخل في هذا؛ المجال المصرفي.

وينبغي للمجتهد في مسائل النوازل عمومًا أن ينظر في الوسائل والمكملات التي لم ينص عليها الشارع؛ ليحدد أقواها في تحصيل المصالح، وينظر حتى في المكملات والوسائل التي حددها الشارع الحكيم، ويرى إن كانت هي وسائل ظرفية أريدت في مرحلة معنية ويمكن أن تكون بعض الوسائل المستجدة أقوى منها في التأدية إلى مقصود الشارع، أم إنها لا تزال على قوتها وتحقيق مقصودها الذي أراده الشارع[19].

ولعلّ العدول عن فقه المكملات عمومًا أو ضعف الالتفات إليه أو قصور اعتباره عند الاستنباط، سيما في مسائل النوازل، يولّد خللًا وآثارًا سلبية يمكن أن تمتد لحياة الأمة برُمتها، ومن أبرزها: تقديم المفضول على الفاضل، وجعل المقاصد مكملات والمكملات مقاصد، واستعمال المكملات المشروعة في غير ما وضعت له، واعتبار المكملات التي تؤدي إلى إبطال المقاصد الأصلية، وربما الأخذ بالمكملات غير المشروعة لغير ضرورة، وغيرها[20].

المطلب الثاني: شرط اعتبار المكملات

المكملات في تأثيرها في الاجتهاد تبعٌ لتأثير المقاصد، فالمكملات بالنسبة للمقاصد كالجزء بالنسبة للكل، ولا يمكن أن تنفك المكملات عن مقاصدها في الدور الذي تؤديه في الترجيح، بغض النظر إن كان هذا الدور أصليًّا أو تابعًا. وهذا يؤصل لأثر خاصّ للمكملات في الترجيح في بعض الأحيان، فلا يُهمل المكمل مثلاً إذا كان سيعود على أصله بالتحسين والتكميل والتجميل، كما إنه لا يُعمل بالمكمل إذا كان سيعود على أصله بالإبطال مثلًا.

فالإذن من ولي الأمر العادل للخروج إلى الجهاد مكمل لمقصد حفظ الدين، ويعود على أصله بالتكميل والتتميم والتحسين، لكن انتظار الإذن من أئمة الجور للخروج إلى الجهاد مكمل معطل للمقصد الأساس، فالأول يجب إعماله، والثاني يجب إهماله.

          وفي هذا يقول الأبياري رحمه الله: “والتكميلات إنما تراعى إذا لم يُفضِ اعتبارها إلى إبطال المهمات، فإذا أفضى إلى ذلك وجب الاعتراض على التتمة؛ تحصيلًا للأمر المهم”[21].

          ويقول الإمام الشاطبي رحمه الله: “كلّ تكملة فلها من حيث هي تكملة شرطـ وهو: ألا يعود اعتبارها على الأصل بالإبطال”[22].

          وهذا يشبه كلام إمام الحرمين في برهانه حين أثبت أنّ القياس الجزئي إذا جاء على خلاف المصالح الضرورية يترك من أجلها، وتقدَّم القاعدة الكلية عليه[23].

ويُستخلص من ذلك أنه لا يعتدّ بالمكمل إذا ترتب على الالتفات إليه إبطال الأصل، وإذا أدى الاعتداد بالمكمل إلى إبطال الأصل ألغينا المكمّل؛ محافظة على مقصود الشارع الذي هو الأساس.

          ومن أمثلة ذلك: أنّ حفظ النفس مقصدٌ ضروري، وتحريم أكل النجاسات مكمّل لحفظ المروءة الذي هو مقصود تحسيني، فلو دعت ضرورة إلى إحياء نفس بتناول النجاسة كان تناول النجاسة أولى؛ لأنه بذلك يحفظ المقصد الضروري، وحينها يتوجب إبطال المكمل، إذ إن اعتبار المكمل في هذه الحالة مؤداه إبطال الضروري، وهذا لا يستقيم مع مبادئ الشرع[24].

المبحث الثالث: تأثير مكملات المقاصد في بعض معاملات المصارف

          يتناول الباحثان في هذا المبحث أثر مكملات مقاصد الشريعة في متعلقات خمسة من الخدمات المصرفية الحديثة، وهي: خطاب الضمان، والاعتماد المستندي، والودائع المصرفية، والحوالات النقدية، والمرابحة للآمر بالشراء.

المطلب الأول: خطاب الضمان

          ويتكون هذا المطلب من فرعين، يتناول الفرع الأول مفهوم خطاب الضمان، ويتناول الفرع الثاني مسائل مكملات المقاصد في متعلقات خطاب الضمان.

الفرع الأول: مفهوم خطاب الضمان

الخطاب لغة: من خطب يخطب مخاطبةً وخِطابًا، وهو الحديث بين متكلم وسامع،وخاطبه في الأمر: أي حدّثه بشأنه وكالمه، والخطاب هو الكلام والرسالة[25].

الضمان لغة: من ضمِن الرجل ونحوه ضمانًا: أي كفله والتزم أن يؤدي عنه ما قد يقصر في أدائه. وضمن الشيءَ: جزم بصلاحيته وخلوه مما يعيبه. وضمنه احتواه. والضامن الكفيل أو الملتزم أو الغارم. والضمان: الكفالة والالتزام[26].

الضمان اصطلاحًا: استعمل الفقهاء هذا المصطلح بمعنى الكفالة، وبمعنى ضم ذمة الضامن إلى ذمة المضمون في المطالبة بحق. واستخدم بمعنى الغُرم مطلقًا. واستخدم بمعنى الالتزام بالقيام بعمل ما[27].

خطاب الضمان في القانون التجاري:

          هو تعهدٌ نهائي يصدر من البنك بناءً على طلب عميله بدفع مبلغ نقدي معين، أو قابل للتعيين بمجرد أن يطلب المستفيد ذلك من البنك خلال مدة محددة”[28].

وهذا التعهد ضمانٌ لوفاء هذا العميل بالتزامه تجاه الطرف الثالث خلال مدة معينة، على أن يدفع البنك المبلغ المضمون عند أول مطالبة خلال سريان الضمان، بغض النظر عن معارضة المدين أو موافقته في ذلك الوقت، حال فشل العميل بالوفاء بالتزاماته تجاه الطرف الثالث أو إخلاله بشروط التعاقد معه[29].

ويتضح من ذلك أنَّ المقصود من استصدار خطاب الضمان تحقيق غاية تأمينية هدفها مساعدة العميل في تقوية مركزه الائتماني تجاه المكفول له أو المستفيد[30].

الفرع الثاني: أثر مكملات المقاصد في متعلقات خطاب الضمان

المسألة الأولى: مشروعية خطاب الضمان ذاته

يستمدُّ خطاب الضمان دوره من اسمه، فهو ضامن للحكومات والشركات والمؤسسات والأفراد؛ لمنع مماطلة المشتري في دفع المستحقات، أو التقصير التنفيذي أو الزمني في أدائها، أو التخلف عنها.

والتقصير أو التخلف عن دفع المستحقات دون عذر غشّ وسرقة، والمماطلة نوع من الظلم المنهي عنه سيما في حق الغني. قال e: “من غشنا فليس منا”[31]. وقال: “مطل الغني ظلم فإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع”[32].

وبالتالي فإنّ خطاب الضمان بهذا الاعتبار يعدّ حاميًا للمال من التلف أو الضياع أو الغش أو المماطلة، ويكون بذلك مكملًا لمقصود حفظ مال البائع، ومقصود حفظ دِين المشتري. ولهذا عدّه الفقهاء من عقود الإرفاق والإحسان، إذ به مصلحة راجحة لكليهما.

هذا عن خطاب الضمان إجمالًا. وعند التفصيل فإّن خطاب الضمان تم تكييفه على صورتين بحسب الغطاء؛ فإذا كان مغطى كليًّا فهو وكالة، وإذا كان غير مغطى مطلقًا فهو كفالة، وإذا كان جزء منه مغطى وجزء غير مغطى، فالمغطى يكيّف على أنه وكالة، وغير المغطى كفالة.

والكفالة والوكالة كلتاهما من مكملات مقصد تيسير التعاملات بين الناس من جانب، وتحفظ مال الدائنين وأصحاب الحقوق من جانب آخر، وبهذا تظهر أهميتهما في سياق تحقيق مقاصد الشارع في رفع الحرج عن المكلفين. لذلك لا غرو أن تُجمِع الأُمة من غير إنكار، على مشروعيتهما[33].

وبهذا فإنّ خطاب الضمان مستندٌ مشروعٌ، وهو مكمّلٌ يُعمل ويُعتبر؛ لتقوية مقصود حفظ المال إذا خلا مما يداخله من شروط أو اعتبارات أخرى غير مشروعة.

المسألة الثانية: الشرط في خطاب الضمان

خطاب الضمان هو عقد شبيه بعقد الرهن، وهو من عقود الإحسان والإرفاق، فالضامن دخل هذا العقد متطوعًا راضيًا بما يترتب عليه، وفي ذلك تحقيق لمقصود حاجي؛ لتيسير التعامل المالي بين الناس وحفظ حقوقهم وصيانتها من الضياع، وهذا مكمل لحفظ المال.

لذلك كان هذا العقد لازمًا في حقّ الضامن دون المضمون، واشتراط الخيار فيه باطل؛ لأنه يتنافى مع حقيقة معناه. فالشرط هنا مبطل للضمان نفسه، إذ من خصائص الضمان نشوؤه على حالة الإحسان والإرفاق، والشرط مكمل لمشروطه، والمكمل يسقط إذا عاد على أصله بالإبطال.

جاء في شرح منتهى الإرادات: “وإن شرط خيار في ضمان أو في كفالة بأن قال: أنا ضمين بما عليه، أو كفيل ببدنه ولي الخيار ثلاثة أيام مثلًا؛ فسد الضمان والكفالة؛ لمنافاته لهم”[34].

المسألة الثالثة: إصدار خطاب الضمان لعملية محرمة

إذا كان إصدار خطاب الضمان مكملًا لمقصود حفظ المال، فإنَّ إصداره للحصول على قرض ربوي أو عملية محرمة معينٌ على الإثم، وبالتالي مبطلٌ لمقصود حفظ الدين. فعن جابر قال: “لعن رسول الله e آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه”[35]. والكفيل أقوى من الكاتب والشاهد[36].

ولا يمكن العمل بمكملٍ يحفظ مقصودًا ضروريًّا ويُبطل مقصودًا آخر مقدّمًا عليه، سيّما مع انعدام الضرورة. وفي حالة إصدار خطاب الضمان ليس ثمة ضرورة تدفع لإباحته ضمن عملية محرمة.

وقد جاء في المعايير الشرعية: “لا يجوز للمؤسسة إصدار خطاب ضمان لمن يطلبه للحصول على قرض ربوي أو عملية محرمة”[37].

المسألة الرابعة: أخذ الأجرة على خطاب الضمان

خطاب الضمان بنوعيه: الابتدائي والنهائي، إما أن يكون بغطاء أو بدونه، فإذا كان دون غطاء فقد كيّفه الفقهاء على أنه كفالة، والكفالة عقد تبرع ومعروف يُقصد به الإرفاق والإحسان والمعروف، وقد تقرر في الفقه الإسلامي عدم جواز أخذ الأجرة عليها؛ ولأنها استعداد للإقراض، والإقراض نفسه لا يجوز أخذ عوض عنه وهو ربا[38].

فإذا دفع العميل مبلغًا مقابل هذا الضمان تحولت عملية الضمان إلى قرضٍ جرّ نفعًا على المُقرض، والقرض الذي يجر نفعًا ربا، والربا محرّم. ومن هنا حرُم أخذ الأجرة على صورة خطاب الضمان هذه تكميلًا لمقصود حفظ المال.

وقد علل ابن عابدين المنع بأن الكفيل مقرض في حق المطلوب، وإذا شرط له الجعل مع ضمان المثل، فقد شرط له الزيادة على ما أقرضه فهو باطل؛ لأنه ربا[39].

جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي 12 (12/2) في دورة انعقاد مؤتمره الثاني بجدة ديسمبر 1985، وكذلك في المعايير الشرعية؛ أنّ خطاب الضمان لا يجوز أخذ الأجر عليه لقاء عملية الضمان –والتي يُراعى فيها عادة مبلغ الضمان ومدته -سواءً أكان بغطاءٍ أم بدونه[40].

وتكميل حفظ المال في هذه المعاملة مُرجِّحٌ للحكم بتحريم أخذ الأجرة لقاء عملية الضمان، وإهمال هذا المكمل يحوّل هذه المعاملة إلى معاملة ربوية، وهذا مما يدفعه الشرع.

المطلب الثاني: الاعتماد المستندي

          ويتكون هذا المطلب من فرعين، يتناول الفرع الأول مفهوم الاعتماد المستندي، ويتناول الفرع الثاني مسائل مكملات المقاصد في متعلقات الاعتماد المستندي.

الفرع الأول: مفهوم الاعتماد المستندي

الاعتماد لغة: من اعتمد الشيء يعتمده اعتمادًا، بمعنى اتكأ. واعتمد الرئيس الأمر إذا وافق عليه وأوعز بإنفاذه[41].

المستند لغة: من سند يسند سُنودًا، بمعنى ركن إليه واتكأ واعتمد عليه، وأسند إليه الأمر: وَكَلَه إليه[42].

الاعتماد المستندي في القانون التجاري:

ويطلق عليه أيضًا “خطاب اعتماد”، وهو التسهيل المالي الذي تمنحه المصارف لعملائها المستوردين، حيث يمكنهم من فتح اعتمادات لحساب المصدرين في الخارج، حيث بإمكان هؤلاء الحصول على ثقة المصارف”[43].

فإذا رغب شخص في شراء بضاعة من مورد أجنبي، ولا يريد أن يدفع للبائع قبل أن يستلم البضاعة ويتأكد من ملاءمتها للشروط المتفق عليها، لكنه بنفس الوقت يريد أن يُطمئن البائع بجديته وقدرته على أداء حقه، فيستصدر هذا الاعتماد من بنك محلي في بلده بالمبلغ اللازم، فإذا تسلم البائع هذه الوثيقة أمكنه أن يسحب على أحد البنوك المذكورة في الاعتماد شيكًا بالمبلغ المستحق، فيدفع له البنك بعد استلام الوثائق التي تثبت شحن البضاعة واستلام المشتري. ثم يرسل البنك الأجنبي هذه المستندات وصورة الشيك للبنك الأول؛ كي يتولى تحصيل القيمة مع المصاريف من المشتري[44].

الفرع الثاني: أثر مكملات المقاصد في متعلقات الاعتماد المستندي

المسألة الأولى: مشروعية الاعتماد المستندي ذاته

تظهر أهمية الاعتماد المستندي من خلال دوره في تمكين البائع أو المصدر من استلام ثمن البضاعة فور تقديم المستندات التي تثبت شحنها ومطابقتها للشروط المتفق عليها مع المشتري. وهو بذلك يُطمئن البائع على تحصيل ماله، والمشتري على تحصيل بضاعته بالشروط التي طلبها[45].

والاعتماد المستندي بهذه الصورة فيه تسهيل بيّن للتعاملات المالية والتجارية بين الناس، ورفع للحرج الناتج عن بعد المسافات، وصعوبة تسليم الأموال باليد، وتأخر تسليم البضاعة وربما تلفها، أو تسليم البضاعة على غير الشروط المتفق عليها. وفي هذا مصلحة للبائع والمشتري، أو المورّد والمصدّر، سواءً بسواء، فتتحقق مصالح الجميع بلا تلف أو خلل.

ومن هذه الناحية فإنَّ الاعتماد المستندي يعدّ مكملًا لمقصد التيسير، وهو من المقاصد الحاجية في البيع والشراء والتعاملات المالية والتجارية. ولقد استقرت قواعد التعامل بهذه الاعتمادات بالأعراف والعادات التجارية[46].

بالإضافة إلى ذلك فإنَّ التكييف الفقهي للاعتماد المستندي في المصارف الإسلامية لا يخلو أن يكون وكالة بأجر، أو مرابحة للآمر بالشراء، أو على أساس المشاركة[47]، وهذه التعاملات مشروعة؛ تيسيرًا للتعامل المالي بين الناس، والاطمئنان على تحصيل الحقوق، ورفعًا للحرج المتولد عن قلة المال في العاجل، وعن بعد المسافات أو ضرورة الاستيثاق من تحقق الشروط أو غيرها.

وبهذا فإنّ الاعتماد المستندي مستندٌ مشروعٌ، وهو مكمّلٌ يُعمل ويُعتبر؛ لتقوية مقصود حفظ المال إذا خلا مما يداخله من شروط أو اعتبارات أخرى غير مشروعة.

المسألة الثانية: أخذ الأجرة على الاعتماد المستندي

يجوز للمصرف الإسلامي أخذ أجرة على خطاب الاعتماد إذا كان التاجر المستورد مالكًا لقيمة الخطاب؛ لأن العلاقة بين العميل والمصرف في هذه الحالة تكون علاقة وكالة بأجر، وقد قال الفقهاء بجواز الأجرة للوكيل[48]. وهذا الأمر جارٍ في المصارف التجارية والإسلامية. وعند ذلك فلا حرج في تحصيل البنك أجرًا على الوكالة.

لكن الفقهاء المعاصرين اشترطوا أن يُراعى في هذه الأجرة التخفيف عن الناس وما هو متبع حسب العرف التجاري[49]. وهذا الشرط مكمل لمقصد التيسير ورفع الحرج عن الناس، وحمايتهم من استغلال المصارف لحاجتهم.

وإذا كان التاجر المستورد لا يملك قيمة الخطاب جزئيًّا أو كليًّا، فإن المعاملة تتم في البنوك التجارية على أنها قرض، ويأخذ المصرف فوائد على هذا القرض، مخفضة من تاريخ السداد في الخارج وحتى وصول المستندات، ونسبة أعلى إذا تأخر العميل في الدفع، وكل ذلك لا يجوز؛ لأنه ربا؛ تكميلًا لمقصود حفظ المال[50].

أما المصارف الإسلامية فإنها تقيم المعاملة في هذه الحالة على أساس المرابحة للآمر بالشراء أو المضاربة، وإن أقامتها على أساس القرض فبلا فوائد ربوية، إنما تأخذ فقط بدل أتعاب عن هذه العملية بصفتها وكيلًا[51]. إذ إن أي معاملة يترتب عليها فوائد ربوية أو ذريعة لها فهي ربا محرم؛ تكميلًا لمقصود حفظ المال.

وبما أن الاعتماد المستندي هو أحد تطبيقات الضمانات، فقد جاء في “المعايير الشرعية” ضرورة ألا يؤخذ بالاعتبار جانب الضمان عند تقدير الأجرة، وعليه فلا يجوز للمؤسسة أن تأخذ زيادة على المصروفات الفعلية في حال تعزيزها لاعتماد صادر من غيرها؛ لأن تعزيز الاعتماد ضمان محض[52]. وخطاب الاعتماد من هذه الجهة يعدّ مكملًا لمقصود حفظ مال البائع ومقصود حفظ دِين المشتري.

وتكميل حفظ المال في هذه المعاملة مُرجِّحٌ للحكم بتحريم أخذ الأجرة لقاء الاعتماد ذاته، وإهمال هذا المكمل يحوّل هذه المعاملة إلى معاملة ربوية، وهذا مما يدفعه الشرع.

المسألة الثالثة: العلاقة بين البنك الإسلامي والبنك المراسل

في عملية الاعتماد المستندي ينبغي أن تكون العلاقة بين المصرف الإسلامي وبين البنك المراسل “الأجنبي” خالية من شبهات الحرام وفي مقدمتها الفوائد الربوية، وذلك تكميلًا لمقصود حفظ المال والدين[53].

والمخرج الشرعي من ذلك يكون ببناء العلاقة على أساس دائن بمدين مع اجتناب الربا. بحيث يقام التعامل بين البنكين من خلال الودائع المتبادلة، كأن يودع المصرف الإسلامي مبلغًا لدى بنك أجنبي دون فائدة مع الإذن باستعمالها في عملية الاعتماد المستندي. وإذا كان مبلغ الاعتماد أكبر من الوديعة دفعها البنك المراسل دون فائدة ربوية[54].

واختُلف في مسألة دفع البنك الإسلامي فوائد ربوية على الأموال التي يدفعها البنك المراسل كقرض. فقال بعض الفقهاء بالجواز بدعوى الضرورة التجارية، كأن تكون البلاد في حاجة ماسة إلى البضائع المطلوب فتح الاعتمادات المستندية لها[55]. وقال آخرون: إنه لا ضرورة تبيح ذلك، فضلًا عن إمكانية بناء التعامل مع البنوك الأجنبية على أسس خالية من الربا[56].

ويرى الباحثان أنّ الضرورة في هذه المسألة غير متحققة، بحكم انفتاح العالم اليوم، وتعدد الفرص التي تتيح إمكانية استيراد السلع من أماكن متعددة في العالم وبطرق مختلفة ومشروعة. ولا يُعمد إلى الطرق الملتوية؛ تمسكًا بمكملات المقاصد من قبيل اجتناب الربا، وتقوية للأصول المقصودة ومحافظة عليها.

المسألة الرابعة: إصدار الاعتماد المستندي لعملية محرمة

أشرنا في المسألة الأولى من هذا المطلب إلى أنّ الاعتماد المستندي ينطوي على مصلحة للبائع والمشتري، فتتحقق مصالح الجميع بلا تلف أو خلل. وبهذا يعدّ مكملًا للمقاصد الحاجية في التيسير ورفع الحرج، وتجاوز المخاطر المحتملة، والاطمئنان إلى استلام المستحقات.

لكن إن صدر الخطاب للحصول على قرض ربوي، أو لتوريد بضائع محرمة أو كان ضمن عملية تعود بالمضرة على الأمة، أصبح الاعتماد مبطلًا لمقصود حفظ الدين، وحينها يهمل هذا المكمل محافظة على الأصل المقصود؛ فإنه لا يمكن العمل بمكمل يحفظ مقصودًا حاجيًّا، ويبطل مقصودًا ضروريًّا، ناهيك عما إذا انعدمت الضرورة، وهو الغالب الأعم.

ويتبين دور هذا الخطاب في رعاية المقاصد وتتميمها وتكميلها إذا خلا من شبهات الحرام، وتمت إجراءاته بما يتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، وروعي فيها مقصد التيسير ورفع الحرج.

المطلب الثالث: الودائع المصرفية

          ويتكون هذا المطلب من فرعين، يتناول الفرع الأول مفهوم الودائع المصرفية، ويتناول الفرع الثاني مسائل مكملات المقاصد في متعلقات الودائع المصرفية.

الفرع الأول: مفهوم الودائع المصرفية

الوديعة لغة: تُجمع على ودائع. من أودع الشيء إذا صانه. وأودع فلانًا الشيءَ دفعه إليه؛ ليكون عنده وديعة. والإيداع: وضع البضائع في مخازن. والوديعة: ما استودع، والمستودع هو مكان حفظ الوديعة[57].

الودائع المصرفية في القانون التجاري:

الودائع المصرفية نوعان: عينية ونقدية. العينية أشياء مادية محسوسة كالذهب والفضة، أو الوثائق والمستندات.

أما الودائع النقدية، فهي مبالغ من النقود يعهد بها أفراد أو هيئات إلى المصرف، ويتعهد الأخير بردها لدى الطلب، أو بالشروط المتفق عليها[58].

الفرع الثاني: أثر مكملات المقاصد في متعلقات الودائع المصرفية

المسألة الأولى: مشروعية الإيداع ذاته

الأصل في جواز الإيداع الكتاب والسنة وإجماع العلماء[59]. وهو نوع من أنواع الحفظ والائتمان. وهو مشروع من باب الإعانة والتيسير، وتحقيق مصلحة المسلمين، ودفع الضرر والحرج عنهم، فهم في حاجة ماسة لاستعانة بعضهم ببعض؛ لحفظ المال وصيانة الأمتعة.

وفي تشريع الإيداع تكميل لحفظ المال من الضياع والتلف، ورفع للحرج عن الناس، وتيسير عليهم. وتكميل لمقصود حفظ الدين إذ بها يتحصل المودَعُ عنده على الأجر، وفي حفظ الودائع ثواب جزيل في الدنيا والآخرة، فالله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.

فقد يكون لدى أحدهم مال ولا يكون عنده موضع أمين يحفظه فيه، أو يكون عاجزًا عن دفع الأيدي الآثمة عنه، وقد يريد أحد سفرًا لقضاء حاجة ولا يأمن أن يترك ماله دون إشراف، وقد يقتني سلعة قد لا يحتاجها الآن لكنه يحتاجها في قادم الأيام فيريد حفظها، وهكذا[60].

المسألة الثانية: اشتراط الأجر على حفظ الوديعة

اختلفت المذاهب الفقهية في حكم حفظ الوديعة بأجرة[61]. ذهب الحنفية والشافعية إلى جواز اشتراط الوديع أجرًا على حفظ الوديعة، وعدوا شرطه صحيحًا ملزمًا. وقد جاء في المادة (814) من مرشد الحيران: ليس للمستودع أن يأخذ أجرةً على حفظ الوديعة ما لم يشترط ذلك في العقد[62].

بل إنّ الشافعية نصوا على حق الوديع في أخذ الأجرة على الحفظ والحرز حيث يكون قبول الوديعة واجبًا على الوديع؛ لتعيّنه، قالوا؛ لأنّ الأصح جواز أخذ الأجرة على الواجب العيني، كإنقاذ الغريق، وتعليم الفاتحة، ونحو ذلك[63].

ويرى الباحثان رجحان هذا الرأي، فاشتراط الأجرة على الوديعة مكمل لمقصود حفظ مال المودع، وبه يتقوى المقصود، إذ يكون الوديع أكثر حرصًا على الحفظ والصون، فضلًا عن كونه وسيلة من وسائل الكسب الحلال التي يمكن أن يعتاش منها الإنسان، وفي هذا تكميل لحفظ ماله أيضًا.

المسألة الثالثة: مشروعية الإيداع في المصارف

أسلفنا أنّ الإيداع استئمان ينطوي على التيسير والإرفاق إجمالًا، فماذا عن الإيداع في المصارف؟ هل يسري عليه ما يسري على الإيداع المعتاد بين الأفراد؟

بالنسبة للودائع العينية؛ فلا حرج فيها إذ إنَّ البنك يحتفظ بعينها ويردها كما هي، ولهذا جاز للمصرف الإسلامي أن يؤجر خزائنه لمن أراد الانتفاع بها[64]. وهذا فيه تكميل لمقصود حاجي لحفظ المال من التلف والضياع.

أما بشأن الودائع النقدية، فالحقّ أنّ ثمة فرق مهم؛ وهو أنّ المصرف لا يأخذ الودائع النقدية كأمانات يحتفظ بعينها ثم يردها إلى أصحابها عند الطلب، إنما يستهلكها في أعماله الاستثمارية أو التجارية، ويلتزم للمودع بردّ المثل. يقول فقهاء القانون إنّ هذا الفرق يخرجها من كونها وديعة لتصبح قرضًا[65].

وعلى هذا التكييف فإنّ الودائع المصرفية جائزة إذا خلت من الفوائد الربوية كما في الودائع الجارية. أما الودائع الاستثمارية والادخارية فهي ربا؛ لأنها تؤخذ بفوائد محددة مسبقًا، ويعطيها البنك لآخرين بفوائد أعلى ويربح الفرق[66]، وهذه زيادة واضحة في عقد القرض، لا تصح تكميلًا لحفظ المال وحفظ الدين.

المسألة الرابعة: مشروعية الإيداع في البنوك الربوية

جواز الإيداع في المصارف مشروطٌ بالخلو من الربا. لكن ماذا لو اضطر المسلم أن يحفظ أمواله وممتلكاته في بنك ربوي؛ لعدم وجود بنك إسلاميّ في محلّ إقامته أو كان البلد الذي يعيش فيه لا يسمح بوجود البنوك الإسلامية، ولا يستطيع الانتقال إلى بلدٍ آخر يوجد فيه بنكٌ إسلامي، ويخشى على ماله وممتلكاته؟

يرى فريقٌ من العلماء أنّ حفظه لأمواله وممتلكاته في بنكٍ ربويّ يكون حينذاك جائزٌ[67]؛ لأنّ حفظ المال ضروريّ، واجتناب الرّبا مكمّل له، وإذا كان الامتناع عن إيداع المال في بنك ربوي يترتّب عليه ضياع المال وفساده بالسّرقة أو السّطو أو نحوهما، فإنه يراعى حفظ المال ويُهمل مكمّله؛ لأنّ من شرط اعتبار المكمّل ألا يعود على أصله بالإبطال.

وعلى الرغم من ذلك فإنه متى أمكن المسلم الإيداع في بنكٍ لا يتعامل بالرّبا وَجَبَ سَحْب المال من البنك الرّبوي فورًا؛ تكميلًا لمقصد حفظ المال وتقويةً له[68].

المسألة الخامسة: التصرف بالفوائد الربوية التي يدفعها المصرف الربوي

إذا اضطر المسلم لإيداع ماله في بنك ربوي كما ذكرنا في المسألة السابقة، فإنّه يتدافع مكملان بالنسبة للفوائد التي يدفعها له المصرف الربوي، ويكون المودع واقعًا بين خيارين:

الأول: ترك الفوائد الربوية وعدم أخذها؛ تكميلًا لحفظ المال من الربا. والثاني: أخذها ودفعها للفقراء والمساكين أو إنفاقها على المصالح العامة كبناء المستشفيات؛ تكميلًا لحفظ النفوس، ولحرمان المصارف من التصرف بها على المؤسسات التبشيرية أو استخدامها في محرمات أخرى، وذلك تكميلًا لحفظ مقصود الدين[69].

وعند تعارض مكمل حفظ المال مع مكملات حفظ النفس والدين، قدمت الأخيرة؛ فالمكمل تبع لما كمله، ومرتبة حفظ المال دون مرتبة حفظ النفس أو الدين. وبهذا فإنَّ المسلم يأخذها ويدفعها للمحتاجين أو يصرفها على مصالح عامة تخدم المسلمين.

المسألة السادسة: الإيداع في البنوك على سبيل المضاربة

نادى بعض الباحثين بتكييف ودائع البنوك على أنها مضاربة، فربُّ المال هو المودع، والبنك هو المضارب[70].

          لكن هذه المعاملة حين تتم في المصارف فإنه يتم اشتراط ضمان رأس المال، ويتم اشتراط دفع مبلغ مقطوع من الربح، وهذان الشرطان لا يجوزان في عقد المضاربة، واشتراطهما يُبطل هذا العقد إذ من خصائص المضاربة احتمال الربح والخسارة على المُضارب، والاتفاق على نسبة من الربح وليس مبلغًا مقطوعًا.

          ومعلوم أنَّ الشروط مكملة لما اشترطت فيه، وعليه فإن هذه المكملات –وهي الشروط الموجودة في معاملة البنوك في هذه الحالة-تسقط ولا تعتبر؛ لأنها تفضي لإبطال أصل العقد وخصائصه. وقد أسقطت البنوك الإسلامية هذه الشروط، وأجرت المضاربة بالطريقة الإسلامية المشروعة، بحيث يوقع العميل -عند الإيداع-على عقد مضاربة خالية من الشروط المذكورة.

المطلب الرابع: الحوالات المصرفية

          يتكون هذا المطلب من فرعين، يتناول الفرع الأول مفهوم الحوالات المصرفية، ويتناول الفرع الثاني مسائل مكملات المقاصد في متعلقات الحوالات المصرفية.

الفرع الأول: مفهوم الحوالات المصرفية

الحوالة لغةً: اسم من أحال الغريم إذا دفعه عنه إلى غريم آخر. وهي من حال الشيءُ إذا تغيّر، ومن حال الشيءَ إذا نقله، وحال العمل إلى فلان إذا ناطه به. وحوّل الشيء إذا نقله من مكان إلى مكان آخر[71].

الحوالة في اصطلاح الفقهاء: “نقل الدين والمطالبة من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه”[72].

الحوالة المصرفية في القانون التجاري: هي أمر صادر من مصرف لآخر، أو لفرع من فروع المصرف نفسه لدفع مبلغ معين لشخص معين بناءً على طلب عملائه. وبمزيد تفصيل عرفت بأنها: “عملية نقل النقود أو أرصدة الحسابات من حساب إلى حساب، أو من بنك إلى بنك أو من بلد لآخر، وما يستتبع ذلك من تحويل العملة المحلية بالأجنبية أو الأجنبية بأجنبية أخرى”[73].

الفرع الثاني: أثر مكملات المقاصد في متعلقات الحوالات المصرفية

المسألة الأولى: مشروعية الحوالة ذاتها

          الحوالة عملية مشروعة بالقرآن والسنة والإجماع والمعقول؛ لأنها عقد إرفاق، وهذا العقد قائم بذاته، وقد شرعت؛ لتكون وسيلة من أجل تيسير الاستيفاء والإيفاء بين المتعاملين. ومن خلال تعريفها يمكن أن نستنتج أن فيها نفعًا يعود على الدائن، وتخفيفًا يلحق بالمدين[74].

والحوالة وهي تقوم بهذه الأدوار تعدّ من مكملات مقصد التيسير ورفع الحرج، وهو من المقاصد الحاجية المكملة للضرورية.

ويتأكد هذا إذا عُلم أنّ الحوالة المصرفية تكيّف على أنها وكالة بأجرة، والوكالة من مكملات المقاصد الحاجية؛ لتيسير التعاملات بين الناس من جانب، ولحفظ مال الدائنين وأصحاب الحقوق من جانب آخر.

وبهذا فإنّ الحوالة المصرفية عملية مشروعة، وهي مكمّلٌ يُعمل ويُعتبر؛ لتقوية مقصود حفظ المال إذا خلا مما يداخله من شروط أو اعتبارات أخرى غير مشروعة.

المسألة الثانية: اجتماع الوكالة بأجر والصرف في الحوالة المصرفية

          الحوالات الخارجية التي تتم بين البنوك في أكثر من بلد وتختلف العملات بينهما، تتضمن أكثر من معاملة، فبالإضافة إلى كونها وكالة بأجرة، فإنها تشتمل على عملية صرف.

          وعملية الصرف في الفقه الإسلامي لها شروط، من بينها تقابض البدلين قبل تفرق العاقدين من مجلس العقد باتفاق الفقهاء، سواء كان القبض حقيقيًّا أو حكميًّا[75]. وهذا الشرط غير متحقق في الحوالات الخارجية.

والمخرج الشرعي لذلك بأن يُجري البنك القيود المحاسبية المتعلقة بعملية التحويل بمجرد الاتفاق مع العميل، ويسلم العميل في مجلس العقد إشعارًا بذلك يقوم مقام القبض، وجرى العرف التجاري على اعتباره مُلزمًا لمن أصدره، وبهذا يتحقق القبض الحكمي[76]، ومن خلال ذلك تزول آثار الربا تكميلًا لمقصود حفظ المال.

جاء في المعايير الشرعية: “يجوز إجراء حوالة مصرفية بعملة مغايرة للمبلغ المقدم من طالب الحوالة، وتتكون تلك العملية من صرف بقبض حقيقي أو حكمي بتسليم المبلغ لإثباته بالقيد المصرفي، ثم حوالة (تحويل) للمبلغ بالعملة المشتراة من طالب الحوالة[77].

فإجراء القيود المحاسبية وفق ما بيّنّا مكملٌ ينبغي إعماله؛ تقوية لمقصود حفظ المال من شُبهة الربا، وإهمال هذا المقصود يقلب المعاملة إلى معاملة ربوية يدفعها الشرع.

المسألة الثالثة: تحصيل الأجرة على الحوالة

في الحوالات الداخلية يتم نقل النقود من مكان لآخر بنفس الدولة، وذلك بنفس العملة في الغالب، وعليها يتقاضى البنك أجرة أو عمولة نظير قيامه بالوكالة عن المحيل في تسليم المبلغ للمُحال إليه. وتحتسب هذه الأجرة بالنظر للتكلفة التقديرية للمصروفات الفعلية التي يقوم بها البنك لإتمام التحويل[78].

أما في الحوالات الخارجية، فإنَّ البنك يستفيد في عملية الصرف من فرق العملات الحاصل بين يوم العقد ويوم التحصيل والحاصل من فرق بيع العملة وشرائها. وهذه الفائدة ربا، يحرُم تحصيلها تكميلًا لمقصود حفظ المال.

لكن إن تم إجراء القيود المحاسبية المتعلقة بعملية التحويل بمجرد الاتفاق مع العميل، وتسليمها له في مجلس العقد إشعارًا بذلك، فإن هذا يقوم مقام القبض، ويتحقق به القبض الحكمي، وحينها يجوز للمؤسسة أن تتقاضى من العميل أجرة التحويل[79].

فإجراء القيود المحاسبية وفق ما بيّنّا مكملٌ ينبغي إعماله تقوية لمقصود حفظ المال من شُبهة الربا، وإهمال هذا المقصود يقلب المعاملة إلى معاملة ربوية يدفعها الشرع. وفي هذا العملية تكميل لحفظ المال من الربا.

المسألة الرابعة: ضمان مبلغ الحوالة

جاء في قرارات مجمع الفقه الإسلامي (1/ 88) الدورة التاسعة: “إذا كان القائمون بتنفيذ الحوالات يعملون لعموم الناس فإنَّهم ضامنون للمبالغ، جريًا على تضمين الأجير المشترك[80].

          وقد اتّفق الفقهاء على أنّ الأجير المشترك إذا تلف عنده المتاع بتعدٍّ أو تفريط جسيم‏: يضمن. أمّا إذا تلف بغير هذين ففيه تفصيل في المذاهب[81]‏.

والذين يقولون بتضمينه، أرجعوا الأمر إلى تحقيق مقصود الشارع في حفظ أموال النّاس‏، سيما مع فساد الناس وخيانة الأجراء. وبهذا يكون التضمين هنا مكملًا لحفظ المال.

ويرى الباحثان أنّ ضمان المبالغ مكمّلٌ يجب إعماله تكميلًا لحفظ أموال الناس، وأن إهمال هذا المكمل ربما يدفع ضعاف النفوس والإيمان إلى استسهال أكل أموال الناس أو بعضها بغير حقّ سيما في هذا الزمان الذي ظهرت فيه مؤسسات كاملة أشبه بالعصابات لا يهمها سوى التربح ولو على حساب أموال الناس دون مراعاة لمبادئ الشرع.

المطلب الخامس: المرابحة للآمر بالشراء

          يتكون هذا المطلب من فرعين، يتناول الفرع الأول مفهوم المرابحة للآمر بالشراء، ويتناول الفرع الثاني مسائل مكملات المقاصد في متعلقات المرابحة للآمر بالشراء.

الفرع الأول: مفهوم المرابحة للآمر بالشراء

المرابحة لغةً: من ربح يربح بمعنى كَسَبَ، والرِّبحُ هو المكسب، وقيل ربح بمعنى زاد ونما. ورابحه على بضاعته إذا أعطاه ربحًا. وبيع المرابحة: البيع برأس المال مع زيادة مشروطة، يقال أعطاه مالًا مرابحةً على الرّبح بينهما[82].

المرابحة في اصطلاح الفقهاء (قديمًا): ونتحدث هنا عن المرابحة بصيغتها القديمة. فقد جاء في كشف القناع: هي أن يبيعه بثمنه المعلوم، وربحٍ معلوم، فيقول: رأس مالي فيه مائة بعتكه بها، وربح عشرة[83]. وقيل هي البيع بزيادة على الثمن الأول[84]،كأن يشتري الشيء بعشرة دنانير ويبيعه بربح دينار، ربحًا مقطوعًا، أو بنسبة عشرية مثل 1%[85].

المرابحة للآمر بالشراء في المصارف (حديثًا): ونتحدث هنا عن المرابحة كما تجريها المصارف في الوقت الحالي. هي طلب الفرد أو المشتري من شخص آخر (أو المصرف) أن يشتري سلعة معينة بمواصفات محددة، وذلك على أساس وعد منه بشراء تلك السلعة اللازمة له مرابحة، وذلك بالنسبة أو الربح المتفق عليه، ويدفع الثمن على دفعات أو أقساط تبعًا لإمكاناته وقدراته المالية[86].

الفرع الثاني: أثر مكملات المقاصد في متعلقات المرابحة للآمر بالشراء

المسألة الأولى: مشروعية المرابحة ذاتها من حيث المبدأ

المرابحة على صورتها القديمة عدّها الفقهاء من بيوع الأمانة؛ لأنَّ المشتري يأتمن البائع على إخباره بالثمن الأول الذي اشترى به السلعة. واتفق الفقهاء في كل العصور على جوازها من غير نكير[87].

وهذه المعاملة التي تتم حاليًّا بعقود مركبة في المصارف، فيها –من حيث المبدأ- إرفاق وإحسان بالمشتري، فهو لم يسعَ إليها إلا لأنه لا يستطيع أن يجلب السلعة بنفسه؛ إما لصعوبة توريدها من بلد آخر، وإما لعدم امتلاكه المال الكافي لشرائها دفعة واحدة، والمرابحة وسيلة يمكن من خلالها للمؤسسة المالية أن تجلب له السلعة وأن يقسط له الثمن، وفي هذا تكميل لمقصد التيسير.

وهذه المنفعة التي يتحصلها المشتري تكون في مقابل زيادة معلومة في الربح للبائع، بمبلغ مقطوع أو نسبة مئوية من ثمن الشراء، ويتم هذا التحديد بالاتفاق والتراضي بينهما.

وعلى هذا فإن المرابحة بهذه الصورة، تعدّ مكملًا يُعمل تقوية لمقصود حفظ المال، ويُهمل إن انطوت المعاملة على أي شروط غير مشروعة، وذلك؛ للمحافظة على المقصد الأصلي وهو حفظ المال.

المسألة الثانية: الوعد من العميل بشراء السلعة في المرابحة للآمر بالشراء

          العنصر الأول في بيع المرابحة للآمر بالشراء هو الوعد الملزم الذي يقدمه المشتري للمصرف بعزمه على شراء السلعة.

وفي هذا الوعد نوع من الطمأنة إلى عزم الشراء من جانب المشتري بعد تملك المؤسسة للسلعة، وهذه الطمأنة مقصود تحسيني مكمل لمقصد رفع الحرج. ولذلك لم يكن هذا الوعد من لوازم المرابحة، لكن إن تمَّ فقد أصبح ملزمًا.

          والوفاء بالوعد من جانب العميل للمؤسسة فيه تكميل لمقصود حفظ الدين؛ لأن الوفاء بالوعد واجب ديانة، فإخلاف الوعود من صفات المنافقين، قال e: “أربع من كُنّ فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلة منهنّ، كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر”[88].

          كما إن الإلزام بالوعد فيه تكميل لحفظ مقصود مال المؤسسة من التلف أو الضياع، فالمصرف الذي اشترى سلعة معينة ونكث المشتري وعده بشرائها، سيتضرر إذا لم يجد من يشتريها بعده؛ لعدم حاجة الكثيرين لها، كمثل جهاز طبي نادر أو لوحة فنية نادرة، كما ستتضرر المؤسسة أيضًا؛ لأن مالها الذي اشترت به السلعة سيُحجب عن التشغيل والاستثمار مدة بقاء السلعة دون بيع، وفي الشريعة “لا ضرر ولا ضرار”[89].

وعلى هذا، فإنّ الباحثين يرجّحان مشروعية هذا الوعد؛ بوصفه مكملٌ يُعمل تقوية لمقصود حفظ الدين وحفظ المال، ولا يُهمل؛ لأنه لا يعود على أصله بإبطال ولا إخلال.

المسألة الثالثة: المواعدة الملزمة للطرفين في بيع المرابحة للآمر بالشراء

          لم يُجز الفقهاء أن تشتمل وثيقة الوعد أو ما في حكمها على مواعدة ملزمة للطرفين (العميل والمؤسسة)، فالمواعدة الملزمة تشبه في هذه الحالة عقد البيع نفسه قبل التملك[90]. وفي هذا تكميل لمقصود حفظ المال؛ لأن البيع قبل التملك بيع ما ليس عنده، وهذا ينطوي على كثير من الغرر.

وتجوز المواعدة الملزمة بين الطرفين إذا اشترط الخيار لأحد الطرفين أو كليهما. جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي رقم 41 (3/5): “المواعدة – وهي التي تصدر من الطرفين – تجوز في بيع المرابحة بشرط الخيار للمتواعدين، كليهما أو أحدهما، فإذا لم يكن هناك خيار فإنها لا تجوز؛ لأنَّ المواعدة الملزمة في بيع المرابحة تشبه البيع نفسه، حيث يشترط عندئذ أن يكون البائع مالكًا للمبيع حتى لا تكون هناك مخالفة لنهي النبي e عن بيع الإنسان ما ليس عنده”[91].

والخيار في هذه الحالة يمكّن أحد المتعاقدين من فسخ العقد إذا ثبت له عدم موافقة المبيع للشروط المتفق عليها، أو إذا طرأت ظروف منعت أحدهما من الالتزام بالوعد، وهذا مكمل لحفظ المال من الغرر أو التلف.

ويترجّح عدم جواز المواعدة المُلزمة في هذه الحالة؛ لأنّ الواجب أن يُهمل هذا المكمل للمحافظة على المقصود الأصلي من البيع من الاختلال.

المسألة الرابعة: الزيادة في الثمن إذا دُفع على أقساط

يجوز في عقد المرابحة زيارة ربح معلوم ومحدد مسبقًا على سعر السلعة الأصلي، ويتم هذا بالتوافق والتراضي. فماذا عن الزيادة الثانية في الثمن إذا اتفق الطرفان على سداد ثمن السلعة على دفعات مؤجلة؟

          الذي عليه جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة جواز بيع السلعة بأكثر من سعر يومها؛ لأجل الأجل[92]، وممن ذهب إلى هذا كثير من المعاصرين، من بينهم الشيخ عبد العزيز ابن باز، والشيخ يوسف القرضاوي.

          ويتجلى تكميل بيع التقسيط لمقاصد الشريعة في كونه وسيلة مرغوبة لكثير من الناس من أجل توفير الحاجات، وتيسير الحصول على الخدمات، سيما في المجتمعات الفقيرة أو لدى الفئات ذات الأجور المتدنية. ولا يقصد منها المراباة أو الربح غير المشروع، وهذا يصلح بديلًا مشروعًا عن القروض الربوية تكميلًا لمقصود حفظ المال[93].

وفي الزيادة على الثمن في بيع التقسيط أيضًا تكميلٌ لمقصود حفظ مال البائع، إذ إنه ضحى بشيء من الزمن من أجل التيسير على المشتري، وكان بإمكانه أن يستغله في استثمار ماله وربما ربح مبلغ أكبر خلال هذه المدة، وللزمن قيمة اقتصادية مهمة في العقود والمعاملات المالية وأنظمة التجارة ينبغي مراعاتها.

المسألة الخامسة: أخذ العربون أو الرهن أو هامش الجدية في عمليات المرابحة

من مخرجات مؤتمر المصرف الإسلامي في الكويت عام 1403هـ، الموافق 1983م، أنَّ أخذ العربون في عمليات المرابحة وغيرها جائز[94]، وفي هذا الحُكم تكميلٌ لحفظ مال المؤسسة، إذ إن العربون يحقق شيئًا من الضمان والاطمئنان إلى التزام العميل بالشراء.

لكنّ المؤتمر اشترط بأنه لا يحق للمصرف أن يستقطع من العربون المقدم إلا بمقدار الضرر الفعلي المتحقق عليه من جراء النكول[95]‏. وهذا الشرط مكمِّلٌ لمشروطه، ولا يجوز إهماله؛ محافظةً على الأصل.

وجاء في المعايير الشرعية أنه يجوز للمؤسسة في حالة الإلزام بالوعد أن تأخذ مبلغًا نقديًّا يسمى هامش الجدية، يدفعه العميل بطلب من المؤسسة من أجل أن تتأكد من القدرة المالية للعميل، وكذلك؛ لتطمئن إلى إمكان تعويضها عن الضرر اللاحق بها في حال نكول العميل عن وعده الملزم[96].

بل شجّع الفقهاء المؤسسات النقدية أن تطلب من العميل ضمانات مشروعة في عقد بيع المرابحة للآمر بالشراء، مثل كفالة طرف ثالث أو رهن وديعة استثمارية للعميل، أو رهن أي مال منقول أو عقار، أو تقديم شيكات أو سندات لأمر قبل إبرام عقد المرابحة للآمر بالشراء ضمانًا للمديونية التي ستنشأ بعد إبرام العقد[97]. وفي كل هذه الضمانات تكميل لحفظ مال البائع من التلف أو الضرر.

والضمانات المذكورة السابقة تختلف عن عمولة الارتباط التي منعها الفقهاء، وهي رسوم معينة تفرضُ على الوعد. فقد جاء في المعايير الشرعية: “لا يجوز حصول المؤسسة من العميل على عمولة ارتباط”، و”مستند المنع هو أنها مقابل حق التعاقد، وهو إرادة ومشيئة، وليس محلًا للمعاوضة”[98].

المسألة السادسة: الزيادة في الثمن حال تأخر العميل عن السداد

لم يجوّز الفقهاء الزيادة في الثمن المتفق عليه إذا تأخر العميل في سداد الأقساط المتفق عليها؛ وعدوا هذه الزيادة ربًا، ومنعوه؛ تكميلًا لحفظ المال. ورأوا أن يُصار إلى تلافي الضرر الواقع على الدائن أو المصرف بأحد طرق التوثيق التي تمكنه من استيفاء حقه دون التورط في الربا.

وكمخرج شرعي لذلك، أجازوا أن ينصّ في عقد المرابحة للآمر بالشراء على التزام العميل المشتري بالتصدق بمبلغ أو نسبة من الدين تُصرف في الخيرات في حال تأخره عن سداد الأقساط في مواعيدها المقررة، على أن تصرف في وجوه الخير بمعرفة هيئة الرقابة الشرعية للمؤسسة، ولا تنتفع بها المؤسسة[99].

وفي هذا الصرف على وجوه الخير تكميل لمقاصد حاجية متعلقة بمرافق المسلمين العامة، كترميم الشوارع، أو بناء الحمامات العامة في الأماكن البعيدة، أو إنارة الطرقات، وبناء المظلات على أطراف المدن، وغيرها.

النتائج والتوصيات:

أولًا: النتائج

-مكملات مقاصد الشريعة هي: “الأحكام والوسائل التي تُعمَل؛ تقويةً للمقصود، أو تُهمَل؛ حفاظًا على المقصود”.

-مكملات المقاصد أقسام متعددة، باعتبارات مختلفة؛ باعتبار طبيعتها، وباعتبار موقعها من المقصد الأصلي، وباعتبار قربها أو بعدها من المقاصد.

-لمكملات مقاصد الشريعة دور مهم جدًّا في الاجتهاد واستنباط أحكام وسط خالية من الاعتلال. وقد ظهر أثرها عند النظر في مآلات المعاملات الحديثة التي تجري بين الناس.

-دور المجتهد أن يقدم المكمل الذي يقوي المقصد الأصلي، وأن يُهمل المكمل الذي قد يؤدي إلى اختلال المقصد الأصلي ولو بوجهٍ ما.

-فهم المجتهد لفقه المكملات مظنة استنباط أحكام وسط خالية من الخلل، خاصة إذا تعلق الأمر بالمعاملات المالية الحديثة التي تمثل عصب حياة الناس الاقتصادية في الوقت الحاضر.

ثانيًا: التوصيات

-يوصي الباحثان جميع المهتمين بالاقتصاد الإسلامي بالاهتمام بدراسة مكملات المقاصد دراسة معمقة؛ لما لها من أثر في كل تفصيلات المسائل الاقتصادية المطروحة على الساحة اليوم، والمتعلقة بمجالات الاقتصاد كافة، المصرفية والاستثمارية والتجارية والتأمينية وغيرها.

المراجع والمصادر:

ابن عاشور،  محمد الطاهر. (1421هـ). مقاصد الشريعة الإسلامية، ط2، تحقيق: محمد الطاهر الميساوي، تونس: دار النفائس.

ابن فارس، أحمد. (1402هـ). معجم مقاييس اللغة، ط3، تحقيق: عبد السلام هارون، مصر: مكتبة اليازجي.

ابن ماجه، محمد بن يزيد. سنن ابن ماجة، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، القاهرة: دار إحياء الكتب العربية.

ابن مفلح، إبراهيم بن محمد بن عبد الله. (1418هـ). المبدع في شرح المقنع، ط1، بيروت: دار الكتب العلمية.

ابن منظور، محمد جمال الدين. (1424هـ). لسان العرب، د.ط، الرياض: دار عالم الكتب.

أبو النصر، عصام. (1428هـ). المعاملات المالية المعاصرة في ميزان الفقه الإسلامي، ط1، القاهرة: دار النشر للجامعات.

الألباني، محمد ناصر الدين. (1405هـ). إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، ط2، بيروت: المكتب الإسلامي.

الآمدي، علي بن أبي علي بن محمد. (1424هـ). الإحكام في أصول الأحكام، ط1، تحقيق: عبد الرزاق عفيفي، الرياض: دار الصميعي.

الأمين، حسن عبد الله. (1403هـ). الودائع المصرفية النقدية، ط1، السعودية: دار الشروق.

باشا، محمد قدري. (2017م). مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان في المعاملات الشرعية، ط1، تحقيق: مجدي باسلوم، بيروت: دار الكتب العلمية.

البخاري، محمد بن إسماعيل. (1433هـ). صحيح البخاري، ط1، القاهرة: دار التأصيل.

البعلي، عبد الحميد. (1411هـ). الاستثمار والرقابة الشرعية، ط1، القاهرة: مكتبة وهبة.

البهوتي، منصور بن يونس بن صلاح. (1414هـ ). شرح منتهى الإرادات، ط1، القاهرة: عالم الكتب.

الجويني، عبد الملك بن عبد الله بن يوسف. (1399هـ). البرهان في أصول الفقه، ط1، تحقيق: عبد العظيم الديب، قطر.

حماد، نزيه. (1429هـ). معجم المصطلحات المالية والاقتصادية في لغة الفقهاء، ط1، دمشق: دار القلم.

حمود، سامي. (1402هـ). تطوير الأعمال المصرفية، ط2، القاهرة: مطبعة الشرق ومكتبتها.

الخن، مصطفى، وآخران. (1416هـ). الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي، ط2، دمشق: دار القلم.

الدسوقي، محمد بن عرفة. (2007م). حاشية الدسوقي على مختصر المعاني، ط1، تحقيق: عبد الحميد هنداوي، بيروت: المكتبة العصرية.

الزحيلي، وهبة. (1429هـ). المعاملات المالية المعاصرة، ط6، بيروت: دار الفكر.

السالوس، على. (1405هـ). استبدال النقود والعملات، ط1، الكويت: مكتبة الفلاح.

السالوس، علي وآخرون. (1440هـ). موسوعة فقه المعاملات المالية المعاصرة، ط1، القاهرة: دار السلف الصالح.

السالوس، علي. (1403هـ). معاملات البنوك الحديثة في ضوء الإسلام، ط1، قطر: دار الحرمين للنشر.

السالوس، علي. (1418هـ). الاقتصاد الإسلامي والقضايا الفقهية المعاصرة، د.ط، بيروت: مؤسسة الريان.

السالوس، علي. (1424هـ). حكم ودائع البنوك وشهادات الاستثمار، ط14، مصر: مكتبة دار القرآن.

الشاطبي، إبراهيم بن موسى بن محمد. (1427هـ). الموافقات في أصول الشريعة، ط1، تحقيق: عبد الله دراز، القاهرة، دار الحديث.

شبير، محمد. (1427هـ). المعاملات المالية المعاصرة، ط6، الأردن: دار النفائس.

الشربيني، محمد بن أحمد الخطيب. (1415هـ). مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، ط1، بيروت: دار الكتب العلمية.

عابدين، محمد أمين. (1418هـ). منحة الخالق على البحر الرائق، ط1، تحقيق: زكريا عميرات، بيروت: دار الكتب العلمية.

العبادي، عبد الله. (1415هـ). موقف الشريعة من المصارف الإسلامية، ط2، مصر: دار السلام.

العتيبي، غازي. (2011م). مكملات مقاصد الشريعةتأصيلا وتطبيقا على بعض القضايا المعاصرة، السعودية، مجلة الأصول والنوازل، س3، ع5.

علي، محمد. (2007م). المقاصد الشرعية وأثرها في الفقه الإسلامي، ط1، القاهرة: دار الحديث.

عوض، علي جمال الدين. عمليات البنوك من الوجهة القانونية (القاهرة: دار النهضة الحديثة، ط1، 1998م)،

عوض، محمد هاشم. (1406هـ). دليل العمل في البنوك الإسلامية، ط1، الخرطوم: فال للإعلان والطباعة.

الغزالي، أبو حامد. (د.ت). المستصفى من علم الأصول، د.ط، بيروت: دار الفكر.

الفتوحي، محمد بن أحمد بن عبد العزيز. (1413هـ). شرح الكوكب المنير، ط1، تحقيق: محمد الزحيلي ونزيه حماد، الرياض: مكتبة العبيكان.

الفيروزآبادي، محمد. (1424هـ). القاموس المحيط، ط1، ضبط وتوثيق: يوسف البقاعي، بيروت: دار الفكر.

الفيومي، أحمد. (1424هـ). المصباح المنير، د.ط، القاهرة: دار الحديث.

القاري، أحمد عبد الله. (1401هـ). مجلة الأحكام الشرعية، ط1، جدة: تهامة.

القرضاوي، يوسف. (1984م). بيع المرابحة للآمر بالشراء، ط1، الكويت: دار القلم.

قسطو، جليل. (1977م). معجم المصطلحات التجارية الفني، ط1، بيروت: مؤسسة الرسالة.

قلعجي، محمد رواس وقنيبي، حامد.( 1408هـ). معجم لغة الفقهاء، ط2، بيروت: دار النفائس.

الكاساني، علاء الدين. (1406هـ). بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، ط2، بيروت: دار الكتب العلمية.

الكفراوي، عوف. (1998م). النقود والبنوك في النظام الإسلامي، د.ط، مصر: مركز الإسكندرية للكتاب.

مجمع الفقه الإسلامي بجدة. (1418هـ). قرارات وتوصيات، الدورات من الأولى إلى العاشرة، تنسيق وتعليق: عبد الستار أبو غدة، دمشق: دار القلم.

مجمع الفقه الإسلامي. (1423هـ). قرارات وتوصيات الدورات 1-14، ط4، قطر: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.

المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة. قرارات، الدورات من الأولى إلى السابعة عشرة، طباعة رابطة العالم الإسلامي.

المجمع الفقهي الإسلامي بمكة. (د.ت). قرارات للدورات من الأولى إلى السابعة عشرة، ط2، مكة المكرمة، مطابع رابطة العالم الإسلامي بمكة.

مخدوم، مصطفى. (1420ه ). قواعد الوسائل في الشريعة الإسلامية، ط1، الرياض، دار اشبيليا.

المرغيناني، علي بن أبي بكر بن عبد الجليل. (1995م). الهداية شرح بداية المبتدي، ط1، تحقيق: طلال يوسف، بيروت: دار إحياء التراث العربي.

مكي، مجد. (1420ه). فتاوى الشيخ مصطفى الزرقا، د. ط، دمشق: دار القلم.

منظمة المؤتمر الإسلامي. (1407هـ). مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد الثاني.

الندوي، علي. (1419هـ). موسوعة القواعد والضوابط الفقهيَّة الحاكمة للمعاملات المالية، د.ط، الرياض: دار عالم المعرفة.

النيسابوري، مسلم بن الحجاج. (1433هـ). صحيح مسلم، ط1، القاهرة: دار التأصيل.

الهيتمي، أحمد بن محمد بن محمد بن حجر. (د.ت). تحفة المحتاج بشرح المنهاج، د.ط، مصر: المكتبة التجارية الكبرى.

هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية. (1439هـ). المعايير الشرعية، د.ط، البحرين: هيئة المحاسبة.

اليوبي، محمد. (1418هـ). مقاصد الشريعة الإسلامية وعلاقتها بالأدلة، ط1، الرياض: دار الهجرة.


([1]) طالب دكتوراه، قسم الفقه وأصوله، كلية معارف الوحي والعلوم الإنسانية، الجامعة الإسلامية العالمية، كوالالمبور، ماليزيا. البريد الإلكتروني: [email protected]

([2]) أستاذ مشارك في قسم الفقه وأصوله، كلية معارف الوحي والعلوم الإنسانية، الجامعة الإسلامية العالمية، كوالالمبور، ماليزيا. البريد الإلكتروني: [email protected]

[3] انظر: الشاطبي، أبو إسحق، الموافقات في أصول الشريعة، تحقيق: عبد الله دراز (القاهرة، دار الحديث، 1427هـ، 2006م) ج1، ص268، ص271.

[4] انظر: ابن منظور، محمد جمال الدين، لسان العرب (الرياض: دار عالم الكتب، 1424هـ/2003م)، ج7، ص118؛ الفيروزآبادي، محمد، القاموس المحيط، ضبط وتوثيق: يوسف البقاعي (بيروت: دار الفكر، ط1، 1424هـ/2003م)، ص950؛ ابن فارس، أحمد، معجم مقاييس اللغة، تحقيق: عبد السلام هارون (مصر: مكتبة اليازجي، ط3، 1402هـ/1981م)،ج5، ص139؛ الفيومي، أحمد، المصباح المنير (القاهرة: دار الحديث، 1424هـ/2003م)،ص321.

[5] الغزالي، أبو حامد، المستصفى من علم الأصول (بيروت: دار الفكر، د ط، د ت)، ج2، ص481.

[6] الجويني، عبد الملك بن عبد الله، البرهان في أصول الفقه، تحقيق: عبد العظيم الديب (قطر: ط1، 1399هـ)، ج2، ص923-926.

[7] الأبياري، علي، التحقيق والبيان في شرح البرهان في أصول الفقه، تحقيق: علي الجزائري، (الكويت: دار الضياء، ط1، 1434هـ/2013م)، ج3، ص404.

[8] الآمدي، علي، الإحكام في أصول الأحكام، تحقيق: عبد الرزاق عفيفي (الرياض: دار الصميعي، ط1، 1424هـ/2003م)، ج3، ص343.

[9] الشاطبي، الموافقات في أصول الشريعة، ج2، ص24.

[10] الفتوحي، محمد، شرح الكوكب المنير، تحقيق: محمد الزحيلي ونزيه حماد، (الرياض: مكتبة العبيكان، ط1، 1413هـ)، ج4، ص163

[11] ابن عاشور، محمد الطاهر، مقاصد الشريعة الإسلامية (تونس: دار النفائس، ط2، 1421هـ/2001م)، ص417.

[12] اليوبي، محمد، مقاصد الشريعة الإسلامية وعلاقتها بالأدلة (الرياض: دار الهجرة، ط1، 1418هـ/1998م)، ص339.

[13] انظر: العتيبي، غازي، مكملات مقاصد الشريعة- تأصيلًا وتطبيقًا على بعض القضايا المعاصرة (السعودية، مجلة الأصول والنوازل، س3، ع5، 2011م)، ص53.

 

[15] البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، كتاب: الديات، باب: من أقاد بالحجر، رقم الحديث:6879، ج12، ص213؛ ابن الحجاج، مسلم، صحيح مسلم، كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات، باب: ثبوت القصاص في القتل بالحجر وغيره من المحددات والمثقلات، رقم الحديث:1672، ج3، ص1300.

[16] البخاري، صحيح البخاري، كتاب: الحيل، باب: في الصلاة، رقم الحديث:6554، ج6، ص2551؛ ابن الحجاج، صحيح مسلم، كتاب: الطهارة، باب: وجوب الطهارة للصلاة، رقم الحديث:225، ج1، ص204.

[17] وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بالكويت، الموسوعة الفقهية، (الكويت: مطابع دار الصفوة، ط1، 1413هـ/1993م)، ج28، ص341.

[18] انظر: مخدوم، مصطفى، قواعد الوسائل في الشريعة الإسلامية (الرياض، دار اشبيليا، ط1، 1420ه/1999م)، ص135-136.

[19] انظر: القرضاوي، يوسف، دراسة في فقه مقاصد الشريعة، (القاهرة: دار الشروق، ط1، 1427هـ/2006م)، ص174-189.

[20] مخدوم، قواعد الوسائل في الشريعة الإسلامية، ص111.

[21] الأبياري، التحقيق والبيان، ج3، ص404.

[22] الشاطبي، الموافقات في أصول الشريعة، ج2، ص26.

[23] انظر: الجويني، البرهان، ج2، ص927.

[24] انظر: علي، محمد، المقاصد الشرعية وأثرها في الفقه الإسلامي (القاهرة: دار الحديث، ط1، 2007م)، ص215-216.

[25] أنيس، إبراهيم، وآخرون، المعجم الوسيط (مصر: مكتبة الشروق الدولية، ط4، 1425هـ/ 2004م)، ص243.

[26] المرجع السابق، ص544.

[27] انظر: حماد، نزيه، معجم المصطلحات المالية والاقتصادية في لغة الفقهاء (دمشق: دار القلم، ط1، 1429هـ/2008م)، ص291-293؛ قلعجي، محمد رواس، وقنيبي، حامد، معجم لغة الفقهاء (بيروت: دار النفائس، ط2، 1408هـ/1988م)، ص285؛ القاري، أحمد عبد الله، مجلة الأحكام الشرعية (جدة: تهامة، ط1، 1401هـ/1981م، ص354.

[28] انظر: عوض، علي جمال الدين، عمليات البنوك من الوجهة القانونية (القاهرة: دار النهضة الحديثة، ط1، 1998م)، ص357؛ الزحيلي، وهبة، أصول الفقه الإسلامي (دمشق: دار الفكر، ط1، 1416هـ/1986م)، ص468.

[29] انظر: البعلي، عبد الحميد، الاستثمار والرقابة الشرعية (القهرة: مكتبة وهبة، ط1، 1411هـ/1991م)، ص47 (نقلًا عن فتاوى هيئة الرقابة الشرعية لبنك فيصل السوداني، ص63 والمصري ص36 وما بعدها).

[30] انظر: حمود، سامي، تطوير الأعمال المصرفية (القاهرة: مطبعة الشرق ومكتبتها، ط2، 1402هـ/1982م)، ص294.

[31] ابن الحجاج، صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب من غشنا فليس منا، رقم الحديث: 93، ج1، ص441.

[32] البخاري، صحيح البخاري، كتاب الحوالة، باب في الحوالة وهل يرجع في الحوالة، رقم الحديث 2299، ج3، ص277.

[33] انظر: الزحيلي، المعاملات المالية المعاصرة، ص89 و94.

[34] البهوتي، منصور، شرح منتهى الإرادات (القاهرة: عالم الكتب، ط1، 1414هـ/1993م)، ج5، ص278.

[35] ابن الحجاج، صحيح مسلم، كتاب البيوع، باب لعن آكل الربا وموكله، رقم الحديث 1636، ج4، ص295.

[36] هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، المعايير الشرعية، (البحرين: هيئة المحاسبة، د ط، 1439هـ/2017م)، ص146.

[37] المعايير الشرعية، ص146.

[38] انظر: الزحيلي، المعاملات المالية المعاصرة، ص354؛ المعايير الشرعية، ص134.

[39] عابدين، محمد أمين، منحة الخالق على البحر الرائق، تحقيق: زكريا عميرات (بيروت: دار الكتب العلمية، ط1، 1418هـ/1997م)، ج6، ص372-373.

[40] انظر: مجلة مجمع الفقه الإسلامي، منظمة المؤتمر الإسلامي، العدد الثاني (1407هـ/1986م)، ج2، ص1210؛ المعايير الشرعية، ص146.

[41] أنيس، المعجم الوسيط ص626.

[42] المرجع السابق، ص453-454.

[43] قسطو، جليل، معجم المصطلحات التجارية الفني (بيروت: مؤسسة الرسالة، ط1، 1977م)، ص31.

[44] انظر: شبير، محمد، المعاملات المالية المعاصرة (الأردن: دار النفائس، ط6، 1427هـ/2007م)، ص280-281.

[45] انظر: أبو النصر، عصام، المعاملات المالية المعاصرة في ميزان الفقه الإسلامي (القاهرة: دار النشر للجامعات، ط1، 1428ه/2007م)، ص154.

[46] انظر: الزحيلي، المعاملات المالية المعاصرة، ص464.

[47] انظر: شبير، المعاملات المالية المعاصرة، ص284؛ الزحيلي، المعاملات المالية المعاصرة، ص466-467.

[48] الموسوعة الفقهية الكويتية، ج45، ص91.

[49] أجاز مؤتمر المصرف الإسلامي في دبي عام 1399هـ/1979م أخذ المصرف أجرة على فتح الاعتماد على سبيل الوكالة، بشرط مراعاة التخفيف عن الناس، ومراعاة ما هو متبع حسب العرف التجاري. (انظر: مجموعة من الباحثين، الفتاوى الاقتصادية، ص289).

[50] انظر: السالوس، علي، معاملات البنوك الحديثة في ضوء الإسلام (قطر: دار الحرمين للنشر، ط1، 1403هـ/1983م)، ص73.

[51] انظر: شبير، المعاملات المالية المعاصرة، ص284؛ الزحيلي، المعاملات المالية المعاصرة، ص466.

[52] المعايير الشرعية، ص402.

[53] انظر: شبير، المعاملات المالية المعاصرة، ص286.

[54] انظر: المرجع السابق، ص286.

[55] أجاز بعض المتخصصين، مثل د. عوف الكفراوي، محمد عبد الله العربي، أحمد النجار، هذه الصورة بدعوى الضرورة التجارية. (انظر: الكفراوي، عوف، النقود والمصارف في النظام الإسلامي (مصر: دار الجامعات المصرية، د ط، د ت)، ص78؛ العبادي، عبد الله، موقف الشريعة من المصارف الإسلامية (مصر: دار السلام، ط2، 1415هـ/1994م)، ص301.

[56] انظر: شبير، المعاملات المالية المعاصرة، ص286.

[57] انظر: أنيس وآخرون، المعجم الوسيط، ص1021.

[58] انظر: الأمين، حسن عبد الله، الودائع المصرفية النقدية (السعودية: دار الشروق، ط1، 1403هـ/1983م)، ص208.

[59] انظر: المرجع السابق، ص33-34.

[60] انظر: الخن وآخران، الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي (دمشق: دار القلم، ط2، 1416هـ/1996م)، ص242-243.

[61] انظر: الموسوعة الفقهية الكويتية، ج3، ص144.

[62] باشا، محمد قدري، مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان في المعاملات الشرعية، تحقيق: مجدي باسلوم (بيروت: دار الكتب العلمية، ط1، 2017م)، ص866.

[63] الهيتمي، ابن حجر، تحفة المحتاج بشرح المنهاج (مصر: المكتبة التجارية الكبرى، د ط، د ت)، ج7، ص100.

[64] شبير، المعاملات المالية المعاصرة، هامش ص264.

[65] انظر: السالوس، علي، حكم ودائع البنوك وشهادات الاستثمار (مصر: مكتبة دار القرآن، ط14، 1424هـ/2003م)، ص83.

[66] شبير، المعاملات المالية المعاصرة، ص266.

[67]  انظر: مكي، مجد، فتاوى الشيخ مصطفى الزرقا (دمشق: دار القلم، 1420ه)، ص597-598؛ السالوس، علي، الاقتصاد الإسلامي والقضايا الفقهية المعاصرة (بيروت: مؤسسة الريان، د.ط، 1418هـ)، ج1، ص157؛ الندوي، علي، موسوعة القواعد والضوابط الفقهيَّة الحاكمة للمعاملات المالية (الرياض: دار عالم المعرفة، د.ط، 1419هـ)، ج1، ص138،139.

[68] انظر: العتيبي، مكملات مقاصد الشريعةتأصيلا وتطبيقا على بعض القضايا المعاصرة، ص92.

[69] انظر: المرجع السابق ص92.

[70] ممن نادى بذلك شوقي الفنجري، ومفتي مصر الأسبق محمد سيد طنطاوي. 1995م. نقلا عن: شبير، المعاملات المالية المعاصرة، ص266.

[71] انظر: أنيس وآخرون، المعجم الوسيط، ص208-209.

[72] باشا، مرشد الحيران، ج1، ص279، المعايير الشرعية، ص179.

[73] عوض، محمد هاشم، دليل العمل في البنوك الإسلامية (الخرطوم: فال للإعلان والطباعة، ط1، 1406هـ/1985م)، ص71.

[74] انظر: المعايير الشرعية ص179.

[75] انظر: الزحيلي، المعاملات المالية المعاصرة، ص164.

[76] انظر: شبير، المعاملات المالية المعاصرة، ص278.

[77] المعايير الشرعية، ص60.

[78] انظر: شبير، المعاملات المالية المعاصرة، ص276 و277.

[79] انظر: المعايير الشرعية، ص60. انظر: مجلة مجمع الفقه الإسلامي (العدد التاسع، ج65).

[80] انظر: قرار مجمع الفقه الإسلامي التاسع المنعقد بأبي ظبي في أبريل 1995، برقم (88/1/د9).

[81] السالوس، علي، وآخرون، موسوعة فقه المعاملات المالية المعاصرة (القاهرة: دار السلف الصالح، ط1، 1440هـ)، ج1، ص122.

[82] انظر: أنيس وآخرون، المعجم الوسيط، ص322.

[83] البهوتي، منصور، كشاف القناع عن متن الإقناع (بيروت: عالم الكتب، د ط، 1403هـ/1983م)، ج3، ص230.

[84] ابن المناوي، عبد الرؤوف، التوقيف على مهمات التعاريف، تحقيق: عبد الحميد حمدان (القاهرة: عالم الكتب، ط1، 1410هـ/1990م)، ص302.

[85] انظر: الزحيلي، المعاملات المالية المعاصرة، ص67.

[86] انظر: القرضاوي، يوسف، بيع المرابحة للآمر بالشراء (الكويت: دار القلم، ط1، 1984م)، ص27 وما بعدها.

[87] الكاساني، علاء الدين، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (بيروت: دار الكتب العلمية، ط2، 1406هـ/1986م)، ج5، ص220؛ ابن جزي، محمد بن أحمد، القوانين الفقهية، تحقيق محمد مولاي (د.ت، د.ط، دون سنة النشر)، ص174.

[88] البخاري، صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب علامة المنافق، رقم الحديث: 34، ج1، ص213؛ ابن الحجاج، صحيح مسلم، كتاب الإيمان باب: ليس من الإيمان أخلاق المنافقين، رقم الحديث: 50، ج1، ص411.

[89] بن ماجة، محمد بن يزيد، سنن ابن ماجة، كتاب الأحكام، باب من بنى في حقه ما يضر بجاره، ج2، ص784، حديث رقم 2341، قال الألباني: صحيح (الألباني، محمد ناصر الدين، إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (بيروت: المكتب الإسلامي، ط2، 1405هـ)، ج3، ص408).

[90] المعايير الشرعية، ص205.

[91] قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي رقم 41 (3/5).

[92] المرغيناني، علي، الهداية شرح بداية المبتدي، تحقيق: طلال يوسف (بيروت: دار إحياء التراث العربي، ط1، 1995م)، ج3، ص58؛ الدسوقي، محمد بن عرفة، حاشية الدسوقي على مختصر المعاني، تحقيق: عبد الحميد هنداوي (بيروت: المكتبة العصرية، ط1، 2007م)، ج3، ص165؛ الخطيب الشربيني، محمد بن أحمد، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (بيروت: دار الكتب العلمية، ط1، 1415هـ/1994م)، ج2، ص79؛ ابن مفلح، إبراهيم، المبدع في شرح المقنع (بيروت: دار الكتب العلمية، ط1، 1418هـ/1997م)، ج4، ص105.

[93] انظر: الزحيلي، المعاملات المالية المعاصرة، ص60.

[94] مجموعة من الباحثين، الفتاوى الاقتصادية، ج1، ص167؛ وجاء في المعايير الشرعية أنه يجوز للمؤسسة أخذ العربون بعد إبرام عقد بيع المرابحة للآمر بالشراء مع العميل، ولا يجوز ذلك في مرحلة الوعد (المعايير الشرعية ص209).

[95] مجموعة من الباحثين، الفتاوى الاقتصادية، ج1، ص167.

[96] المعايير الشرعية، ص208.

[97] المرجع السابق، ص215.

[98] المرجع السابق، ص206، و946.

[99] المعايير الشرعية، ص216. الزحيلي، المعاملات المالية المعاصرة، ص178. عملت به هيئة الرقابة الشرعية وبيت التمويل الكويتي وبنك المؤسسة العربية المصرفية الإسلامي، وغيرهم (مجموعة من الباحثين، الفتاوى الاقتصادية، ج1، ص139).