بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين؛ وبعد:
فقد وصلت رسالةٌ عاجلةٌ ونداءٌ مضمّخٌ بالقهر من بناتنا وأخواتنا الأسيرات في سجون الاحتلال الصّهيونيّ بعد تعرّضهنّ لموجةٍ جديدة من العدوان والهمجيّة الصّهيونيّة موجّهةً إلى علماء الأمّة ودعاتها جاء في بعض سطورها:
“بجراحنا النازفة نخط لكم رسالتنا، نرسم لكم صرخاتنا؛ فقد عدَت الذئاب المسعورة علينا في مخادعنا، وانهالوا علينا بالضرب والسحل والتنكيل، سالت دماء أخواتكن، وخلع حجابُهنّ، وسُحبن من شعورهن، علت صرخاتهن، لم يرقبوا فينا إلًّا ولا ذمة، فو الله ليس لها من بعد الله إلا شعبنا وأمتنا وأنتم يا علماءنا؛ فلا تتركونا بين مخالب المجرمين؛ فقد زاد الهم واشتد الألم.
وا إسلاماه، واشعباه، يا شعبنا؛ يا أمتنا، يا أهلنا، ألا هل من أسدٍ يزار؟! ألا هل من حرٍ؟! ألا هل من مغيث؟!”
وعلى إثر هذه الرّسالة الموجعة، وما وصل إلى العلماء من تطورات العدوان الإجراميّ على الأسيرات في سجون الاحتلال الصّهيوني؛ فقد تداعت مؤسّسات علماء الأمّة لتناقشَ آخر هذه المستجدات الإجراميّة؛ وما تعانيه أخواتنا الأسيرات في هذه الأيّام من عدوان صهيونيّ متصاعد عليهنّ وهنّ في زنازين الأسرِ قابضاتٍ على جمر الصّبر والحقّ.
فقبل يومين فقط دخلت قوّات الصّهاينة إلى الزنازين فاعتدت بالضرب المبرح والهمجيّ على الأسيرات الصابرات المحتسبات، كما قامت القوّات الصّهيونيّة المجرمة بخلع الحجاب عن رؤوس حرائرنا في سجون الاحتلال الصّهيونيّ، وعلى إثر ذلك بدأت ثلّة من بناتنا وأخواتنا الأسيرات الإضراب المفتوح عن الطعام وتهدد باقي الأسيرات باللحاق بهنّ في إضرابهنّ هذا
وإنّ مؤسّسات العلماء المشاركة في مؤتمر علماء الأمّة لنصرة الأسيرات في سجون الاحتلال الصّهيونيّ تؤكّد على الآتي:
أولًا: يحييّ العلماء أخواتنا وبناتنا الأسيرات الباسلات، وإخواننا الأسرى الأبطال في سجون الاحتلال الصهيونيّ، هؤلاء الأحرار الأبطال الذين يضربون أروع الأمثلة في الثبات والصمود وإرغام أنف المحتل الغاصب في الذل والهوان وهم في القيد، ويؤكّد لكم العلماء يا أسيراتنا ويا أسرانا الأماجد أننا لن ترككم طرفة عين وأن الأمة لن تنساكم لحظة واحدة حتى تقرّ أعينكم بالحريّة رغم أنتف هذا العدو الجبان
ثانيًا: يؤكّد العلماء أنّ وجود أخواتنا الأسيرات في زنازين الاحتلال الصّهيونيّ هو من حيثُ الأصل والمبدأ جريمةٌ صهيونيّة من أبشع الجرائم بحقّ أمّتنا وشعوبنا كلّها، كما أنّ الاعتداء الصّهيونيّ المتجدّد والمتصاعد على أسيراتنا هو انتهاك صارخٌ لأبسط قواعد الإنسانيّة التي يتبجّح الكيان الصّهيونيّ في المحافل المختلفة، وهو اعتداءٌ على كرامة ملياريّ مسلمٍ أوجب الله تعالى على القادرين منهم أن يعملوا على استنقاذهنّ من أنياب الأسر الإجراميّ.
قال تعالى: “وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا” النّساء:75
ثالثًا: يؤكّد العلماء على أنّ العمل على تحرير الأسيرات ومعهنّ الأسرى من سجون الاحتلال الصّهيونيّ ليسَ مسؤوليّة الفلسطينييّن وحدهم، بل هو مسؤوليّة المسلمين جميعًا كلّ على حسب قدرته ومكانته وموقعه وتأثيره، فلا بدّ من إعادة وضع تحرير أسيراتنا الصّامدات في سجون الإجرام الصّهيونيّ على رأس قائمة الأولويّات عند عموم مؤسّسات الأمة وكياناتها.
وقد قال الفاروق عمر رضي الله عنه: “لأن أستنقذَ رجلا من المسلمين من أيدي المشركين أحبُّ إليّ من جزيرة العرب”
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “إذا سُبيتْ امرأةٌ في المشرق وجبَ على أهل المغرب فكُّ أسرها”؛ أي إنّ على الأمة كلّها مشرقها ومغربها التحرُّك لتحرير أسيرة وقعت بين أيدي أعداء الأمّة، فما بالنا بمئات الأسيرات في سجون الصهاينة المحتلّين؟!
رابعًا: يعلنُ العلماء عن تخصيص خطبة الجمعة القادمة للحديث عن الأسيرات في سجون الاحتلال الصّهيوني، واقعهنّ المؤلم، والعدوان الصّهيونيّ عليهنّ بأسرهنّ ابتداءً، والاعتداء الصّهيونيّ عليهنّ وهنّ يرسفن في القيد، وبيان واجب الأمّة تجاه هذا العدوان الصّهيونيّ، ويدعون الخطباء والدّعاة في عموم أنحاء الأمة وحيثما يقف خطيبٌ على منبره أن تكون خطبة الجمعة نصرً لأسيراتنا الصّامدات في سجون الإجرام الصّهيونيّ.
خامسًا: يؤكّد العلماء على وجوب بذل الوسع في البذل والدّعم المالي وبذله للمجاهدين في سبيل الله على أرض فلسطين وفي دعم كلّ الأعمال الجهاديّة التي تؤول إلى تحرير أسرانا وأسيراتنا من سجون الاحتلال الصّهيونيّ
سادسًا: يدعو العلماء إلى أن يكون لنساء الأمّة الإسلاميّة دورٌ فاعل وجهدٌ استثنائيّ في نصرة الأسيرات في سجون الاحتلال الصّهيونيّ، وذلك من خلال حشد طاقات النّساء في مختلف أنحاء الأمة في البذل والجهد المادي والمعنويّ، وإبراز قضيّة الأسيرات في المحافل الإعلاميّة والجماهيريّة المختلفة، وإنّ هذا من ضروب الجهاد المبرور
سابعًا: يدعو العلماء إلى عقد اجتماعات للدعاة والعلماء في كلّ بلدٍ ويكون معهم الفعاليّات المختلفة الإعلاميّة والشبابيّة والفكريّة وغيرهم لتدارس آليّات نصرة أسيراتنا الحرائر في سجون الاحتلال الصّهيونيّ، ووضع البرامج والخطط لاستمرار هذه البرامج وإحياء قضيّة الأسرى عمومًا والأسيرات خصوصًا على مستوى الأمّة.
ثامنًا: يدعو العلماء إلى إطلاق الحملات الإعلاميّة الفاعلة عبر وسائل التواصل الاجتماعيّ باللغات المختلفة لتعرية الباطل الصهيونيّ وفضح جرائمه بحق أسيراتنا في القيد الصّهيونيّ
تاسعًا: يدعو العلماء إلى عقد الفعاليّات الدّعويّة العامّة من مهرجاناتٍ ولقاءاتٍ للتّعريف بأوضاع أسيراتنا الصابرات المحتسبات في سجون الاحتلال الصّهيوني وتسليط الضّوء على معاناتهنّ وجرائم العدوّ الصّهيونيّ بحقّهنّ، وأن تقوم المؤسسات الرسميّة ومؤسسات المجتمع المدنيّ بهذه الفعاليّات التي تعدّ من ألوان نصرة أسيراتنا في سجون الإرهاب الصّهيونيّ.
عاشرًا: يدعو العلماء المنظمات الإسلاميّة الحقوقيّة والقانونيّة في الدول الغربيّة إلى التحرّك الحقوقي والقانونيّ ضدّ إرهاب الكيان الصّهيوني وأسرِه حرائرَنا والاعتداء عليهنّ في سجون القهر والإجرام
يا أبناء الأمّة ويا شباب ورجال الحقّ في كلّ مكان:
إنّ أخواتكم في القيد يستصرخن ضمائركم ويستنهضن كرامتكم وعيونهنّ ترقب أخوة الإسلام والعقيدة فأروا الله من أنفسكم خيرًا، وأروا أخواتكم الأسيرات منكم أفعالًا ومبادرات
قال تعالى: “وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ” التوبة: 105
والحمد لله رب العالمين