21/2/2024  

د. عمر حماد  عضو هيئة علماء فلسطين

فضل الرباط في سبيل الله

عَنْ سَلْمَانَ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ، وَإِنْ مَاتَ جَرَى عَلَيْهِ عَمَلُهُ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُهُ، وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ، وَأَمِنَ الْفَتَّانَ». رواه مسلم.

الشرح والتعليق

1-    يدل الحديث على فضل الرباط في سبيل الله

2-    قوله (رباط يوم وليلة) الرباط هو: الإقامة في الثغور، وهي: الأماكن التي يخاف على أهلها أعداء الإسلام، والمرابط هو: المقيم فيها المعد نفسه للجهاد في سبيل الله والدفاع عن دينه وإخوانه المسلمين.

3-    قوله (خير من صيام شهر وقيامه) وذلك لأن نفع الرباط متعد وعام، ونفع الصيام والقيام قاصر خاص على من صام وقام.

4-    قوله (وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمل) أي: أجر ما كان يعمله حال رباطه، وأجر رباطه قاله القرطبي.

5-    قوله (وأجري عليه رزقه) أي: يرزق من الجنة، كما ترزق الشهداء الذين تكون أرواحهم في حواصل الطير تأكل من ثمر الجنة.

6-    قوله(وأُومِن) بالبناء للمفعول أي بضم الهمزة وبعدها واو ثم بكسر الميم، وفي رواية (وأَمِنَ) بالبناء للفاعل.

7-    قوله (الفَتَّان) بفتح الفاء وتشديد التاء، أي: فتان القبر، ففي رواية لأبي داود في سننه “وأمن من فتَّانَيِ القبر” بصيغة المثنى، وضبط أيضاً بضم الفاء (الفُتَّان).

8-    وقد استدل بعض العلماء بهذا الحديث على أن المرابط لا يسأل في قبره كالشهيد، وقال الشيخ ولي الدين العراق: المراد به مسألة منكر ونكير. قال: ويحتمل أن يراد أنهما لا يجيئان إليه ولا يختبرانه بالكلية، ويكتفي بموته مرابطاً في سبيل الله شاهداً على حسن إيمانه، ويحتمل إنهما يجيئان إليه لكنه يأنس بهما بحيث أنهما لا يضرانه ولا يروعانه، ولا يحصل له بسبب مجيئهما فتنة، اهـ.

9-    تنبيه: يختلف أجر الرباط في سبيل الله بحسب الزمان والمكان، فالرباط في المكان الذي فيه خطر أعظم أجرًا من الرباط في مكان آخر ليس فيه خطر، والرباط في زمان الرباط والحروب أكثر أهمية، والحاجة إليه أعظم، فأوقات المخاوف غير أوقات الأمان، والأوقات التي يقل فيها المرابطون غير الأوقات التي يتهافت الناس فيها على الرباط، ويتكاثرون، فهذا يكثر معه الأجر والثواب، ولهذا كان العاملون في آخر الزمان لهم من الأجر كأجر خمسين من أصحاب النبي ﷺ وذلك فهم بحاجة إلى من يساعدهم ويتعبد معهم ويقف إلى جوارهم ليثبتهم ولكنهم لا يجدون على الحق أعوانا، فهنيئا لمن يرابط الآن في للدفاع عن القدس والأقصى وعن غزة، وهنيئا لمن يقف في الساحات ويمشي في المسيرات مساندا لهم ومؤيدا ومدافعا عنهم فهذا العمل مع النية رباط في سبيل الله.

والله أعلم.

والحمد لله رب العالمين

مع تحيات د. عمر حماد

الجمعة 20/10/2023م

الموافق 5/ربيع الثاني/1445هـ