8/3/2024

د. عمر حماد  عضو هيئة علماء فلسطين

جواز أخذ المجاهد مالا مقابل الجهاد اشترط ذلك أم لم يشترطه

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِلْغَازِي أَجْرُهُ، وَلِلْجَاعِلِ أَجْرُهُ وَأَجْرُ الْغَازِي» رواه أحمد وأبو داود، وإسناده على شرط مسلم

الشرح والتعليق

1-    هذا الحديث فيه الحث على تجهيز المجاهدين والإنفاق عليهم.

2-    قوله (لِلْغَازِي أَجْرُهُ) أَيِ المجاهد الذي يغزو في سبيل الله له أجره الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ لَهُ عَلَى غَزْوِهِ.

3-    قوله (وَلِلْجَاعِلِ) يراد به أحد أمرين:

الأول: الذي يجعل مالاً ليجهز به المجاهدين، وهذا لا خلاف في جوازه بين العلماء لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من جهز غازيا فقد غزا)، فهذا المجاهد عنده رغبة في الجهاد، ولكن ليس له ظهر ولا زاد، ثم وجد من يتبرع له بظهر وزاد، وقد جاء في القرآن أن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم كانوا يأتون إلى النبي صلى الله عليه وسلم يريدون الخروج فلا يجد ما يحملهم عليه، فيرجعون وعيونهم تفيض من الدمع حزناً، لأنهم لا يقدرون على الجهاد، فمن أعطاهم وأنفق عليهم وتكفل بمصاريفهم ليجاهدوا كان له أجران، سواء في ذلك من جاهد معهم ومن جلس في بيته.

الثاني: الذي يستأجر رجلا ليجاهد الأعداء، أي يَدْفَعُ مالا وأُجْرَةً إِلَى المجاهد لِيَغْزُوَ، أي أنه يبحث عن رجل أجير يأخذ المال ليجاهد في سبيل الله، فكأنّ هذا الرجل لو لم يأخذ المال لم يجاهد، أو أن الرجل لا يجاهد إلا بشرط أخذ المال مقابل الجهاد،

واختلف العلماء في جواز ذلك؛ فرخَّص فيه وأجازه الزهري ومالك وأصحاب أبي حنيفة ولم يجوزه قوم منهم الشافعي حيث فقال : لا يجوز أن يغزو بجُعْلٍ، فإن أخذه فعليه رده.

4-    قوله (وللجاعل أجره وَأَجْرُ الْغَازِي) أَيْ مِثْلُ أَجْرِ الغازي لِإِعَانَتِهِ عَلَى الْقِتَالِ، فَيَكُونُ لِلْغَازِي أَجْرُ سَعْيِهِ وغزوه وجهاده بنفسه، وَلِلْجَاعِلِ الذي دفع له المال أَجْرَانِ: أَجْرُ إِعْطَاءِ الْمَالِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَجْرُ كَوْنِهِ سَبَبًا لِغَزْوِ ذَلِكَ الْغَازِي وتثبيته.

5-    في هذا الحديث الحث على مد المجاهدين بالمال والنفقة، خصوصا إذا كانوا لا يجدونها، لما في ذلك من تثبيت لهم، وطمأنينة لهم أن المسلمين معهم ولم يتخلوا عنهم، فهنيئا لمن يبحث عن (الأجْرَينِ).

نسأل الله تعالى أن يرزقنا الشهادة، وأن يبلغنا منازل الشهداء

والله أعلم.

والحمد لله رب العالمين

مع تحيات د. عمر حماد

 عضو هيئة علماء فلسطين

الجمعة 9/2/2024م

الموافق 28/رجب/1445هـ