الحلقة ( 42 ) امرأة عمران

    

الضيف: د. منذر زيتون – عضو المكتب التنفيذي لهيئة علماء فلسطين.
المقدم: د. عمر الجيوسي
تاريخ الحلقة: 17/8/2012م
https://youtu.be/dTesDu3iQuo

المقدم: مشاهدينا الأحبة في كل مكان سنعيش في هذه الحلقة مع امرأة عمران أم السيدة مريم أي جدة عيسى عليه السلام، قيل اسمها حنة بنت فاقوث، هذه المرأة التي أوفت بنذرها لله عز وجل ودعت فتقبل مني إنك أنت السميع العليم، دعاء خاشع من امرأة عمران التي نذرت مولودها لبيت المقدس، تركت هذه الصالحة لنا ولكل أمٍ في فلسطين رسالة منذ ألفي عام وأكثر، فمن هي هذه الأم التي نذرت ما في بطنها محرراً لنصرة بيت المقدس ومَن مِن نسائنا تنطبق عليها هذه المواصفات، آل عمران أخر بيت مؤمن من بني إسرائيل وهذا يعني انتقال الخيرية من بني اسرائيل.
مشاهدينا آراء للمفسرين توجب بعض الأسئلة فمثلاً، أين حصلت تفاصيل قصة ميلاد مريم ؟ هل كانت قد ظهرت الكنائس أي قبل ميلاد المسيح عليه السلام ؟ وفي الظلال بتعبير سيد قطب عن هذا المكان بالهيكل باعتباره هو الأساس الذي تدور حولة قصة النذر، فهل في هذه المسألة خلط تاريخي أو ديني بين مفهوم الهيكل ومفهوم المسجد الأقصى المبارك؟ رغم أن الهيكل على فرض أنه بني ورغم أن اليهود لا يعرفون مكانه ولم يتفقوا على صحته، نجد قول سيد قطب هو الحقيقة عند المفسرين والعلماء أن الهيكل لم يبنى في أرض الأقصى وإنما بناه سليمان عليه السلام في مكان آخر وهناك ترجيح أنه في مدينة نابلس، أيضاً هذا الهيكل عبارة عن قصر لسليمان وهو المذكور في القرآن الكريم – قيل ادخل الصرح – في تفسير بعض المفسرين لكن عقلية اليهود غريبة في معتقداتهم، دائماً هم يؤمنون بالهيكل بالطبع لكن لا يؤمنون برسالة النبي الذي بناه ولا يتبعونه ويعتبرونه ملكاً وليس نبياً.
مشاهدينا في القدس في كل مكان، الموقع الذي جرت فيه أحداث آل عمران هو في كنيسة القديس حنا، جرت هذه الأحداث في هذا المكان ومر في بفترات متلاحقة بين المسيحيين والمسلمين، وصلاح الدين الأيوبي حَوَّل هذه الكنيسة إلى مدرسة للشافعية، والامبراطور الثالث طلب من السلطان عبد الحميد منحه الصلاحية وما يتبعها كي تعود كنيسة فتم ذلك وقام متصرف القدس كامل باشا بتسليمها لحكومة فرنسا عام 1856م في بداية الحرب العالمية الأولى، استعاد جمال باشا المبنى وعين فيها نخبة من مفكري ورجال ذلك العهد، ومع الاحتلال البريطاني للقدس أعيدت الصلاحية لفرنسا وهي إلى اليوم في أيديهم.
مشاهدينا تفصيلات كنيسة القديس حنا سنستعرضها عبر تقرير مصور وسيكون معنا الدكتور يوسف النتشة مدير السياحة والآثار في المسجد الأقصى وهو الباحث في موضوع هذه الكنيسة أو الصلاحية.
أما ضيفنا هنا في الاستديو فهو الدكتور منذر عرفات زيتون عضو المكتب التنفيذي لهيئة علماء فلسطين في الخارج، حياك الله دكتور منذر.

الضيف1: حياكم الله.

المقدم: إذن ستنطلق معلومات هذه الحلقة من خلال قوله تعالى: (إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) آل عمران 35
المقدم: دكتور منذر لو دخلنا إلى جو هذه الآيات، فعهد ونذر قطعته امرأة عمران ام السيدة مريم وأوفت بنذرها ودعت الله عز وجل في تبتل وخشوع، تفصيلات وجو نريد أن ندخل من خلاله إلى الآية.

الضيف1: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله والحمد لله وأطيب الصلاة وأتم السلام على سيدنا محمد رسول الله، فحياكم الله دكتور وحيا الله المشاهدين الكرام، وهذه الآية تتحدث عن امرأة من آل عمران وزاد الله هذه المرأة تشريفاً أن جعل لها سورة كبيرة باسمهم في القرآن الكريم، فهذه الآية وردت في سورة آل عمران، وتتحدث الآية عن علاقة جميلة طيبة خفية بين امرأة وبين الله تعالى، كانت هذه العلاقة ممتدة وكانت هذه المرأة تناجي ربها دوماً بحيث أنها تمننت على الله لو يرزقها مولوداً وأمِلت أن يكون ذكراً ولكن الله تعالى قضى بأن تكون أنثى ولما أملت من الله أن تنجب طفلاً أو ولداً كانت تريد أن تنذره أو تخصصه أو توقفه لله تعالى بأن يكون خادماً لبيته، ولما نعلم أن هذه القصة أحداثها قد دارت في بيت المقدس فنعلم أنها أرادت ولداً يخدم بيت الله، بالرغم أن هناك خلافاً بين العلماء والمفسرين في هل كان هذا هو هيكل سليمان المزعوم أم كان كنيساً ؟ ونحن نقول أنها كانت في بيت المقدس والبيت الذي كان في ذلك الوقت هو الأقصى فهي أرادت من الله تعالى أن يرزقها ولداً ونلاحظ أنها أملت في أن تلد ولداً بعد فترة انقطاع من الولادة طويلة، لأنه في البداية كان عندها بنت وهذه البنت زوجت فيما بعد لنبي اسمه زكريا عليه السلام، لكن بعد ذلك وبعد فترة طويلة أملت أن يكون عندها ولد حتى تتقرب به إلى الله وليكون خادما لبيته، فلما تقبل الله تعالى مناجاتها ودعاءها وأملها وأحست بأن حملاً ما قد بدأ يتشكل فيها نذرت لله تعالى أن تجعله خالصاً محرراً لوجهه سبحانه وتعالى، فجوهر الآية يتحدث عن هذه القصة في بيت المقدس، عائلة كريمة من بيت كريم اسمه آل عمران وفيه تلك المرأة التي لها دور كبير.

المقدم: لنوضح للسادة المشاهدين شجرة هذه العائلة، فعندنا أسماء مثل زكريا ويحيى وحنا ومريم وابنها عيسى.

الضيف1: لاحظ الآيات لما تحدثت عن الموضوع وصلت إلى آل عمران لكنها بدأت من البداية وقالت أن الله اصطفى أدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين، فقبل أن تدخل سياق الآية القرآنية يدخل في قصة هذه المرأة وذكر جذور الآل وقال إن الله تعالى اصطفى أولاً آدم عليه السلام ونوحاً ثم آل ابراهيم ثم آل عمران ثم قال ذرية بعضها من بعض، فلاحظ السياق القرآني يريد أن يربط الأحداث واختار الرسل الكرام ابراهيم وقبله نوح وقبله آدم ليقول لنا أن هذا البيت هو من نسل طيب ومن نسل الأنبياء عليهم السلام جميعاً وبعد ذلك نتج من هذا البيت رسل آخرون منهم زوج البنت زكريا عليه السلام ثم ابنه يحيى ثم ابن مريم عيسى عليه السلام، لكن بعض العلماء يصر وحتى في الكتب القديمة والحديثة أنهما ليسا أولاد خالات، وهناك حديث المعراج إذ قال: وإذا أنا بيحيى وعيسى وهما ابنا خالة، لكن بعض العلماء يصر أنهما ليسا ابنا خالة، بل هناك علاقة أخرى.

المقدم: الآن قلنا أن اسمها حنا أم مريم هذه المرأة الصالحة التي نذرت ما في بطنها محرراً، وسواء كان اسمها حنا أو لا فهذا موضوع اسرائيليات لكن لماذا يتحدث العلماء والمفسرون عن الإسرائيليات وقد كانت قبل سيدنا عيسى وهل امتدت الاسرائيليات بعد سيدنا عيسى عليه السلام ؟

الضيف1: نعم الإسرائيليات موجودة حتى اليوم كمصدر من مصادر المعرفة ونشوئها قديم وموجودة كتناقل ونحن كمسلمين نقف منها موقفاً وسطاً نأخذ منها لكن لا نقف عندها طويلاً أي لا نصدقها ولا نكذبها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، وكما تفضلت نحن القرآن الكريم عندنا يهتم بالعبرة والدلالة وقوة النتيجة ولا يهتم أحياناً بالأسماء إن كانت حنا أو غير ذلك فهذا لا يغير من حقيقة موقفها أو حقيقة توجهها لله.

المقدم: قلت في كلامك أن الله اصطفى مريم كما قال القرآن الكريم وهناك اصطفاء لآدم ونوح وآل ابراهيم فهل هناك فرق بين هذا الاصطفاء وذاك أي اصطفاء امرأة، وهل هو مقيد بزمن ؟

الضيف1: هو في الحقيقة اصطفاء من اصطفاء فالله تعالى اصطفى الأصل ثم اصطفى الفرع، فمريم اصطفيت من المصطفين أصلاً، فهذا يؤكد على النقاء في هذه السيدة، فبمثال آدمي عندما تصطفي عشرة أشياء من مئة شيء ثم تصطفي شيء من العشرة أشياء فأنت قد اخترت الخيرة أو أخير ما كان.

المقدم: بدأت بإعداد بحث في الفرق بين الاجتباء والابتداء والاصطفاء في موضوع النبوة والرسالة، فمريم الأرجح أنها ليست نبيه بل ام نبي ونحن نقول مريم عليها السلام وهذا الشيء لا يستطيع أحد أن يعيبه على المسلمين بأنه لا يوجد عندكم من النساء المتحررات حتى عند الصينيين والمسيحيين واليهود وغير ذلك من الاديان فكلهم لا يوجد عندهم الا الذكور، فهل هناك ربط بين موضوع سورة آل عمران ككل وقصة آل عمران بغزوة أحد ؟

الضيف1: لو قرأنا الآيات لوجدناها تتمحور حول محاور رئيسية منها محور الايمان ومنها محور الثبات على الايمان، ولذلك الآيات الكريمة بدأت بقوله تعالى: ( الم * الله لا اله الا هو الحي القيوم ) فهذا معتقد ثابت نبدأ به حياتنا ويجب أن نهيها به، فالآيات لاحظ تتكلم عن الثبات، وتنتهي السورة بقوله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله ) أيضاً ثبات ونفس المحور، الآن الآيات تتحدث عن الثبات في كل شيء وخاصة عن المعتقد ولذلك تحدثت الآيات ليس فقط عن معركة أحد بل تحدثت أيضاً عن معركة بدر.

المقدم: موضوع الثبات بأحد، فسبب هزيمة المسلمين في أحد هو عدم الثبات ؟

الضيف1: قارنت الآيات أيضاً بثبات المسلمين في معركة بدر قال تعالى: ( قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ ) فالله تعالى يقارن في نفس السورة بين موقف المسلمين في غزوة بدر عندما كانوا ثابتين وكانوا أقل من الكفار ومع ذلك يرونهم مثليهم رأي العين أي كانوا يرون أنفسهم أكثر من الكفار فلاحظ ذلك ثم انتقلت الآية لغزوة أحد لتقول أما هنا فلن تكونوا ثابتين فالرسول صلى الله عليه وسلم أمركم بأن تثبتوا في مواضع معينة حتى يتأكد من تحقق الانتصار ولكنكم فضلتم بعض الغنائم على طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الموقف ولم تثبتوا على جبل الرماة بعد قول الرسول لهم بالبقاء على الجبل، فالموضوع يدور حول الثبات والآيات تقارن بدر وأحد كيف كانوا ثابتين وهنا كيف لم يكونوا ثابتين.

المقدم: قصة غزوة أحد جاءت بإثر جزاء الشهداء أنهم عند ربهم يرزقون من باب التطمين لهم.

الضيف1: وأيضاً انظر في قوله تعالى: ( إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا ) فعدم الثبات يؤدي إلى الفشل.

المقدم: بالرجوع لمحور آل عمران وأم مريم التي نذرت بنتها أو مولودها لبيت المقدس تحديداً، فبالنسبة لمرأة عمران كانت عاقر لا تلد ودعت ربها.

الضيف1: هي كانت تلد ولكن عندما ولدت البنت الأولى تأخر حملها قليلا حتى كبرت، فهي في الأصل ليست عاقر.

المقدم: نعم، وبعد الدعاء وتصدقها بمولودها لبيت المقدس، ما هي الرسالة التي ترسلها هذه المرأة منذ ألفي عام لنساء القدس ولنساء فلسطين والمسلمين وللنساء اللواتي يربين أبناءهن على حب فلسطين عقيدة ؟
المقدم: قبل أن أجيبك فالآيات نفسها تؤكد على ما تفضلت به لأنه السورة باسم آل عمران وهي تتحدث عن امرأة آل عمران وهذه الرسالة التي قصدتها لعلك من سؤالك بمكانة المرأة في الإسلام فلها دور عظيم في قيادة الأسرة والمجتمع بدليل أنك أيضاً قلت قبل قليل أن مريم ليست نبيه وانما أمُ نبي وبالتالي الآيات تقول ما هو دور المرأة بتوجيه الاسرة والمجتمع، وهذه السيدة التي احتفل فيها القرآن في هذه السورة احتفل بتوجهها النقي الطيب نحو الله تعالى واستطاعت بإخلاصها ودعائها وتقواها أن تدعو الله فيستجيب لها وتحمل فتلد بنتاً وهذه البنت كانت أُمً لولد غير وسيغير وجه التاريخ ونحن كمسلمين ومؤمنين نؤمن بأن سيدنا عيسى عليه السلام رفع إلى الله وسيقتل الدجال في باب لد وسيعيد نشر الدين وسيعيد الإيمان حتى لا تجد في هذه الأرض إلى مؤمن وهذا على يد عيسى التي امه مريم والتي امها امرأة آل عمران، فدور الأم أنها توجه الأسرة، وهنا نقطة سريعة لاحظ أن هذا الرجل عظيم لكن الآيات لم تذكر عنه أشياء كثيرة.

المقدم: نحن سنذكر أشياء كثيرة عن هذه العائلة عبر حوار وضيف آخر، ونذهب مشاهدينا مباشرة إلى تقرير حيث جرت أحداث آل عمران.

التقرير المصور: ” تقع كنيسة القديسة حنا التابعة للروم الكاثوليك بين باب الحطة وباب الأسباط على مقربة من المسجد الأقصى المبارك لجهة الشمال بعد دخول صلاح الدين القدس أقام بها مدرسة كانت تسمى بالمدرسة الصلاحية وقد تعرضت للانهيار في القرن الثاني عشر هجري وكانت في فناء الدير كنيس باسم القديسة حنا والدة السيدة مريم العذراء حيث يعتقد أن في هذا الموقع منزل حنا وزوجها وموقع ميلاد السيدة مريم عليها السلام، ومعتقدات الوثنية والمسيحية والإسلام اجتمعت هنا، فنرى عبق التاريخ في هذا المكان وفي لحظة ما تستشعر تأوهات المرضى القادمين طلباً للشفاء وتستذكر دندنت الشعائر المسيحية هنا داخل كنيسة القديسة حنا كما تسما وفي هذا المبنى العتيق ترى نفسك تنتقل بين صفحات التاريخ لترى هذا المكان البديع ينتقل بين أيدي المسيحيين تارة فتبنى فيه الكنائس وبين أيدي المسلمين تارة فتبنى به دور العلم والمدارس، يوماً ما جموع الطلاب هنا كانوا يجلسون في حلقة هنا وحلقة هناك كانوا يتدارسون الفقه والقرآن والحديث وعلم النفس واللغات وعلم الفلك وعلوم الأرض، ويوما ما كانت ترانيم المسيحيين تملأ جنبات هذه الكنيسة، تقع كنيسة القديسة حنا، أو ما كان لقرون عديدة يعرف بالمدرسة الصلاحية إلى الغرب من باب الأسباط في الجهة الشمالية من بداية طريق المجاهدين، عندما تحولت هذه الكنيسة إلى المدرسة الصلاحية كانت تعتبر من أبرز المدارس الإسلامية وأكثرها تألقاً وقد أدت دوراً هاماً ورائداً في دعم الحياة الفقهية والفكرية في القدس الشريف، كان يعين في هذه المدرسة أعلم وأفقه المدرسين والفقهاء والمشيخة فيها كانت لأعلم علماء الشافعية وكان عميد المدرسة يعين من كبار علماء الدولة ولا يجلس على كرسيها إلى بإذن من السلطان، ومع الاحتلال البريطانية للقدس أعيدت الصلاحية لفرنسا وهي إلى اليوم في أيديهم ولكن تحت الاحتلال الإسرائيلي “

المقدم: أهلاً بكم من جديد معنا الدكتور يوسف النتشة وهو موجود الآن على حدود المسجد الأقصى المبارك وفي المدرسة الجوهرية، دكتور وأنت المؤلف في موضع الكنيسة القديسة حنا وأنت مسؤول الآثار والسياحة في المسجد الأقصى نرحب بك في برنامج يخصك تماماً هو برنامج فلسطين في الكتاب والسنة.

الضيف2: أهلاً بك دكتور والسادة المستمعين والمشاهدين.

المقدم: حياك الله، دكتور هذا المكان الذي يدور حوارنا حوله وفيه أين هو من المسجد الأقصى كمساحة وتوزيع ؟

الضيف2: موقع المدرسة الصلاحية أو ما يعرف اليوم بكنيسة القديسة سانت حنا هو في المسجد الأقصى يعتبر ويبعد حوالي خمسة عشر متراً الى عشرين متر من باب المسجد الأقصى الذي يعرف بباب الأسباط والمعروف أن المسجد الأقصى اليوم وسابقاً فيه إحدى عشر باباً فروحانية المسجد الأقصى فيه تكاملية مع هذا الموقع.

المقدم: هل هو يتعرض الآن كونه كان كنيسة ثم صلاحية ثم كنيسة لتهديد من اليهود أيضاً ؟

الضيف2: كما هو مبين في الموقع الحالي هو من أملاك دولة فرنسا وهو يتبع المؤسسات الفرنسية وما يسري عليه هو العرف الدبلوماسي وانتقلت هذه في القرن التاسع عشر بحدود سنة ألف وثمان مئة وستة وخمسون على أثر حرب القرن حصل الاتفاق بين السلطة العثمانية والدولة الفرنسية نابليون الثالث في إعادة تسليم هذا المكان إليهم وهذا موقع محمي فرنسي ولكن تاريخه عريق جداً يعكس تاريخ وعمارة وتطور مدينة القدس.

المقدم: حتى نفهم هذه العراقة متى بدء هذا المكان كمعلم مسيحي إذا كان كما قلنا جرت أحداث آل عمران في كنيسة يوحنا أو المدرسة الصلاحية ؟

الضيف2: أولاً كان معبد وثني للرومان ثم حسب التقليد الشرقي والروايات المسيحية فإن إيواقيم والسيدة آن أو السيدة حان والدة العذراء مريم قد أقاموا في هذا المكان وأن السيدة العذراء والدة المسيح حسب التقليد المسيحي الشرقي قد ولدت في هذا المكان فعراقته تبدأ من هذه النقطة ثم تعرضت هذه العلاقة فيما يتعلق بالديانة المسيحية حسب ما روي في الأناجيل خاصة في إنجيل يوحنا أن المسيح عليه السلام قد قام بعمل معجزة بأنه أشفى الزمن حينما طلب منه أن ينزل في البركة المباركة التي كان التقليد فيها يقول أن المرضى ينتظرون لحظة معينة في البركة فيصيبهم الشفاء فأول معجزة للمسيح في مدينة القدس ارتبطت في هذا المكان.

المقدم: دكتور إذا عندك فكرة متى كانت تاريخ أول كنيسة للمسيحيين ؟

الضيف2: لا شك أن الكنائس تعود للعصر البيزنطي فلا يمكن ان نتوقع قيام كنائس قبل قيام الديانة المسيحية الدين الرسمي للدولة وهذا لم يتم إلى بالقسم الثاني في القرن الرابع الميلادي لأن المسيحية بعد المسيح مرت بأطوار وعدم الشهرة فأول عمارة أو ارتباط مادي بالإضافة للارتباط الروحي حصلت في العصر البيزنطي بإنشاء كنيسة تخلد هذا المكان ثم لاحقا ًمرت هذه الكنيسة بمراحل كما مرت بها مدينة القدس وتعرضت لمشاكل معمارية مثلها مثل عمارة القدس في 614 أثناء الغزو الفارسي، وجرى عليها ما جرى من صلح عمري رضي الله عنه.

المقدم: دكتور ذكرت موضوع الوثنية في تلك المنطقة ويبدو أن سيدنا عيسى كان يشفي ويحيي الموتى بإذن الله عز وجل وارتبط هذا بإله الطب سرابيوس وهذه الخرافات الوثنية فهل هناك ما زال بعض الناس يأتي للاستشفاء في هذه المنطقة.

الضيف2: طبعاً لا هم يأتون فقط للتذكر ويوجد موقع البركة ولكن لا يوجد ماء أو ما شابه فهي امور انتهت، وحين أتى المسيح أراد أن يوصل رسالة أن الشافي هو الله وليس الآلهة الوثنية فهي رسالة مزدوجة في مخاطبة الناس والتركيز على أن قوة الله هي الأساس، فهذا الذي كان سائراً.

المقدم: هذه الكنيسة هي من أجمل كنائس القدس على الاطلاق ولها صور كثيرة معروفة عند الناس وذكرت العصر العمري والشروط العمرية وإن كان هناك خلاف حول الشروط العمرية والعهدة، أغلب كنائس القدس لم تتضرر في العهد العمري فنريد منك إشراقة سريعة على تلك الفترة وعلى كنيسة حنا بالذات ؟

الضيف2: حسب الوثائق والروايات التي لدينا واضح جداً أن لمدينة القدس مكانه هامة في العقيدة الإسلامية، وقدر المسلمون رحمهم الله هذه المكانة وهذا التقدير قد تم التعبير عنه بأقدر وأعلى شخصية إسلامية وهو عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي قدم لمدينة القدس ويستلمها صلحاً وفي هذا نجد مفارقة كبيرة جداً أن المسلمين أخذوا المدينة صلحاً ولم تهدر فيها دماء ولم تهدم فيها مباني على عكس أغلب فاتحيها فيما سبق، فتم الحفاظ على الكنائس في أغلبها خاصة كنيسة القيامة وكنيسة المهد ويفترض أيضاً أن بعض الكنائس ما زالت تعاني من بعض الإهمال والخراب أو عدم الاستخدام نتيجة الحرب الفارسية في 614 كان بطريك القدس في ذلك الحين قد ذهب الى القسطنطينية يطلب مساعدة لترميم الكنائس التي تضررت في مدينة القدس نتيجة الغزو الفارسي، فهذه الكنيسة وإن بقيت إلى أنها لم تكن نشطة ولم تكن عامرة بشكل كبير جداً وأصابها الإهمال وعوامل الزمن كغيرها من المواقع التي تأخرت بالفتح العربي الإسلامي.

المقدم: يبدو أن الدكتور منذر زيتون لديه تعليق ؟

الضيف1: دكتور عندما سألك المقدم عمر عن العهدة العمرية كأنه اشار لسؤال في ذهني وهو إذا كان عمر رضي الله عنه تعهد بالحفاظ على حرية العبادة للنصارى وعلى الحفاظ على كنائسهم حتى أنه لم يصلي في الكنيسة مخافة أن يتخذها المسلمون بعده مسجدا، والسؤال لماذا الفاتح صلاح الدين ضم هذه الكنيسة إليه وأنشأ فيها مدرسة للفقه ولم يتركها كنيسة فهل اعتقد أو اعتبر أنها جزء من المسجد الأقصى المبارك والمسلمون أحق بها أم ما هو رايك فيما فعل صلاح الدين ؟

الضيف2: هو لم يعتبرها جزء من المسجد الاقصى المبارك قطعاً، فصلاح الدين على علم وعلى دراية ولديه مستشارون ولدين فقهاء في ذلك، فالواقع هذا أن له علاقة في تطور الفن المعماري وما آلت إليه، ففي العصر الفاطمي نحن نتحدث عن ثلاث مئة عام أو أكثر من الفتح الإسلامي لغاية الخليفة الحاكم نتحدث عن ثلاثة قرون ونصف فتغير السكان وتغير الناس وقل الاهتمام بالكنائس للكثرة التي كانت في العصر البيزنطي حينما كانت كل السكان يدينون بالمسيحية أصبح الإسلام موجود في هذه المدينة مع وجود المسيحيين وفي هذا العصر حصل بعض المشاكل أن بعض الأماكن المقدسة قد وقعت بين العلاقات السياسية التي حكمت الدولة البيزنطية والدولة الفاطمية ونعرف أن الحاكم بأمر الله بهدم كنيسة القيامة وثم عاد هذا الحاكم عن هذا الأمر كما ذكر في التاريخ ورممها، ويبدو أنه في هذه الفترة قام الفاطميون في هذا الموقع المهمل الذي لم يكن ناشطاً بإنشاء دار علم فاطمية قبل قدوم الفرنجة ونحن نعلم أن قول الرابع والخامس للقدس كان عصر إشعاع رباني من الدرجة الأولى في الفتح والدجل والفرق الإسلامية واستيعاب النقاش حتى بين المسلمين أنفسهم وغيرهم من الفرق سواء كانوا مسيحيين أو نصارى أو يهود، فيبدو بعد قدوم الفرنجة تحولت إلى كنيسة والمسيحيون في الأغلب هم المسيحيون الشرقيون الأصليون في المدينة، وتركت عدت أماكن دون إشغال في ذلك والقت وهذا حصل في المسجد الأقصى أيضا الذي تم تحويله إلى كنيسة وقبة الصخرة، ورأى صلاح الدين أن أفضل طريقة للحفاظ على الكنيسة من ناحية معمارية ويصونها من ناحية فكرية هو تحويلها لكلية تنشر العلم وتنشر سماحة الإسلام في ذلك الوقت.

المقدم: دكتور بالنسبة للمراحل التي مرت بها بعد ذلك وعلى المدرسة الشافعية التي فيها فطاحل العلماء ؟

الضيف2: هذا التوجه كان عند صلاح الدين والمدرسة الصلاحية كانت كلية علمية ذات معهد ثقافي يشع سماحة وتفهم وأصبحت الصلاحية اذا لم تكن من أقدم فهي من أبرز المدارس التي عملت في القدس ودرس بها مجموعة أفاضل من العلماء عبر قرون متواصلة، ولعل من المفيد أن نشير إلى بعض هؤلاء العلماء الأفاضل كالقاضي بهاء الدين أبو المحاسن الذي عين من قبل السلطان صلاح الدين، ولدينا العالم المشهور كمال الدين ابو المعالي ابن ابي شريف وهو علم يشع منطقاً وثقافة، ولدينا سلسلة من علماء مثل جاد الله ابو اللطف وهؤلاء تميزوا باتساع معرفتهم واتساع علومهم حتى أن بعض العلماء منهم اطلع على وقفية المدرسة الصلاحية ووجد أن شرف صلاح الدين رحمه الله أن يكون المتولي لها من أفضل علماء الشافعية في ذلك الوقت.

المقدم: إذن انتقلت من كنيسة الى صلاحية وهناك الكثير من الكنائس في جنوب فرنسا وهو أكثر مكان مكتظ بالكنائس في العالم، تحولت إلى مساجد وحتى الأب لويس حزبون في كتابه سما الكنيسة القديسة حنا وبين قوسين الصلاحية، فالأن كما قلت أنها تتبع فرنسا بعد أن سلمها الانتداب البريطاني لإشراف فرنسا فما هو مستقبل العلاقة بينكم كمسلمين ومسيحيين في هذه الكنيسة، فهل هناك من خلاف حولها كما هو خلاف في بعض المناطق الأخرى ؟

الضيف2: بحد علمي أنه لا يوجد خلاف حتى الآن يمكن لكل إنسان مسلم أو عربي أن يزور الموقع وأن يتعرف على الطبقات الأثرية والطبقات المعمارية ويستطيع أن يشاهد النصب التذكاري التأسيسي الذي نقشه صلاح الدين على هذه المدرسة وإن كانت هي في أغلب نشاطاتها اليوم هي كنيسة إفرنجية.

المقدم: نشكرك الدكتور يوسف النتشة مدير السياحة والآثار في المسجد الأقصى حدثتنا من المدرسة الجوهرية متاخما لحدود المسجد الأقصى.
من جديد نرحب بكم مشاهدينا مع بصحبة الدكتور منذر زيتون، دكتور هذه الأحداث التي كانت شخوصها آل عمران في ذلك المكان كما قلنا في المقدمة مسجد هيكل تاريخ الكنائس دكتور يوسف قال انها من التاريخ البيزنطي وغير ذلك، وحتى اليهود في عقيدتهم ولغتهم لا يوجد شيء اسمه هيكل ولا متفقين على مكانه وقيل هو في نابلس، فهذه الاحداث في هذا المكان نريد أ، نستوضح ذلك وحول ما قاله سيد قطب ربما في تناقض تاريخي ؟

الضيف1: هو في التفاسير القديمة والحديثة تجد أن امرأة عمران أرادت أن تستخلص مولودها الذي سيأتي من أجل خدمة بيت الله، لكن أي بيت فالبعض مثل الشيخ سيد قطب رحمه الله قال هيكل وبعضهم قال كنيسة والحقيقة الذي قاله قبل قليل الدكتور يوسف النتشة يعطي صورة عن الحقيقة فيقول هو أن هذه الكنيسة تبعد من عشر إلى خمسة عشر متر عن باب المسجد الأقصى وهذا يعطيك في الحقيقة من جانب واحد أنها لما أرادت أن تهب ابنها لخدمة البيت فينصرف معنى قولها إلى أقرب بيت، فما هو أقرب بيت في ذلك المكان هو المسجد الأقصى فبتالي لماذا وقع البعض في الخلط لماذا قالوا في الهيكل وأي هيكل، فعندما تعرف أن المسجد الأقصى ثاني بيت بني على وجه الأرض وكان بناءه قديما بحيث أنه فصله عن بيت الله الحرام أربعون سنة كما في حديث ابي ذر، وأن كل نبي جاء ليعبد الله فيه، فهل سليمان أراد أن يبني بيت آخر غير هذا البيت الذي حددته الملائكة منذ بدء الخلق، ولماذا يقعون في مثل هذا الخلط ؟ وإذا كان اليهود يقعون في هذا الخلط فلهم رأيهم لأنهم أصلاً هم محتلين وقالوا أنه هناك هيكل ويحفرون تحت المسجد الأقصى للبحث عنه…

المقدم مقاطعاً: دعني أدافع قليلاً عن لغتهم فاللغة ثقافة وهناك اختلاف في المصطلحات ففي العبرية يقولون – بيت هامكداش – أي البيت المقدس فهم يتكلمون عن البيت المقدس وليس عن هيكل ؟

الضيف2: ونحن نتكلم عن البيت المقدس، إذن من أين جاءت كلمة الهيكل، فإذا جاء بعضهم فيها ليميز خاصتهم بكلمة هيكل فنحن لا نجوز أن ننساق إلى آرائهم، فكما قلت أن اللغة ثقافة، فنحن نقول بيت المقدس وهم يقولون البيت القدس والمصطلحين يشيران لمكان عبادة أراده الله تعالى ليقدس فيه سبحانه وتعالى، وكل نبي جاء لهذا الأمر، ولاحظ في الحديث الشريف الذي يرويه النبي صلى الله عيه وسلم عن أخيه سليمان عليه السلام عندما سأل الله ثلاثة منها سأله الله عندما فرغ من بناء البيت المقدس أن من يدخل هذا البيت المقدس للصلاة فيه أن يغفر له كيوم ولدته أمه، ففي الحديث الشريف النبي صلى الله عليه وسلم يشير إلى البيت الذي بناه سليمان بأنه بيت مقدس، فهو ليس بيت لعبادة ضالة أو عبادة منحرفة وهم لا يتخذون سليمان نبياً ففي عرفنا نحن سليمان نبي ونحن أحق بسليمان منهم الذين لا يقولون بنبوته أصلاً، وإذا كان ملكاً سيبني ماذا يبني بيت له.

المقدم: التوراة عبارة عن مسير لمدة ألف عام ولا يوجد محصلة دينية بل سرد تاريخي.

الضيف1: فلماذا ننساق إلى قولهم ؟

المقدم: ناجح بكيرات هو لا يظهر في الاعلام فقد حظر عليه لمدة ست شهور ومددت لستة شهور اخرى فهو يرى أن الهيكل على الأرجح في نابلس وكذلك في كتاب القول المبين لمحمد حسن شراب يقول أن الهيكل هذا بناه سليمان ولم يبن المسجد الأقصى المبارك أصلا والهيكل عبارة عن قصر لسليمان وهو المذكور في القرآن الكريم بقوله تعالى: ” قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ “.

الضيف2: إذن هم يتحدثون عن بيت سليمان وليس بيت مقدس أي بيت خاص منزل سليمان الذي يستقبل به والوفود لكنه لم يكن بيت مقدس وان صحت عبارات أنه في نابلس إذن لا نتحدث عن بيت أو هيكل في المسجد الأقصى ولا تحته ولا في القدس أصلاً.
فعندما نتكلم عن نذر لمرأة عمران نتكلم عن نذر يتكلم عن بيت المقدس تحديداً في المسجد الأقصى ولا نتحدث عن بيت سليمان إن صحت هذه الرواية مع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما تكلم قال أنه لما فرغ سليمان من بناء البيت المقدس.

المقدم: إذن بعض الناس يريد أن يدافع عن الإسلام فوقعنا في إشكالية أخرى، لو أن سليمان بنى الهيكل ولكن ليس بيتا ً مقدساً.

الضيف1: بناه له بناه بيتاً للحكم أو بيتاً شخصياً خاصاً فقد كان سليمان ملكاً عظيماً ومن حقه أن يكون له بيتاً خاصا، لكن هذا البيت ليس بيتاً مقدساً وليس بيتاً لله حتى يأتي الناس يعبدون الله فيه سبحانه وتعالى.

المقدم: كان لك تعليق على ما يبدو لي بالفاصل على موضوع محررا وهو ما يهمنا فهذه المرأة التي تنذر ما في بطنها وهي حتى تلك اللحظة لا تعلم ماذا سيكون المولود ذكراً أم أنثى وتدعو الله عز وجل فتقبل مني وتحرص على قبول الله تعالى قبل أن يحدث هذا الشيء، فما الرسالة التي تفهمها دكتور من ذلك ؟

الضيف1: نحن نعلم أنه هناك الكثير من البيوت التي تقودها امرأة مع أن القوام للرجل وتقودها المرأة وهناك بعض النساء تقود البيت عندما يتوفى زوجها فتكون القيادة لها، فهذه المرأة تقود البيت إلى جانب زوجها عمران التقي العابد المؤمن أيضاً قيادة طيبة بجواره بل أثرت في البيت كثيراً لدرجة أنها دخلت في علاقة مع الله، علاقة مناجاة علاقة خالصة طيبة لها تأثير على البيت وقد حصل، والآن تريد تأثيراً أخر بينها وبين الله أن الله يرزقها ابناً وهذا الابن تريده حراً وكلمة محرراً وهذه الكلمة طيبة لأنه تريد ولداً تعتقه لله تعالى أي يكون خالصاً لله فلا يتعلق بشيء وحتى هي كأم فالأم متعلقة بأبنائها فهذه الفطرة، وامرأة عمران تريد هذا الولد خالصاً لله فغير مرتبط بأي شيء بالدنيا ويكون همه الله تعالى وأن يعيش لله تعالى وهذا هو التجرد، ونلاحظ أن كلمة التحرير لها معاني كثيرة وأجمل معنيين هنا أولا التحرير هو الانعتاق من أي ارتباط فيكون حراً وغير مقيد بشيء على الاطلاق والمحرر هو الصالح وهذه عند الاعلاميين وخاصة الاعلام المكتوب فهناك وظيفة تسمى تحرير فما يقوم به المحرر هو عبارة عن تصليح أو إصلاح النص الذي يأتيه بثوب شبه كامل فيتدخل لإصلاحه، فهي تريد من الله ولد غير مرتبط بأحد حتى بها وولد صالح لله وبدليل أنها نذرته لله، والجميل في ذلك أن الله تقبل منها مناجاتها فرزقها ولدا ًوتقبل منها نذرها وأعطاها ما شاءت ولذلك لما جاء المولود أنثى هي وقفت موقف شبه أسيف أو متأسفة لتمنيها لولد حتى يخدم الله ولأن الولد أقدر على أن يخدم الله تعالى وعباده في المسجد من البنت وهذا في القديم والحديث ولكن مع ذلك تنفيذا لوعدها وإنفاذاً له سمتها مريم وهذا بحد ذاته يعتبر وقفة ولأن اسم مريم يدل على العبادة لله فكما نقول عبد الله نقول مريم بلغتهم أي العابدة لله وقال البعض أن معناه الخادمة لبيت الله.

المقدم: كيف لو طبقنا هذا على امهات وحرائر فلسطين وكيف ينذرون أولادهم لله ؟

الضيف1: هذا السؤال لا يوجه لأمهات فلسطين بل هو موجه لأمهات المسلمين صحيح ان القضية المركزية قضية فلسطين والمسجد الأقصى ولكن هناك قضايا كثيرة، فالمرأة يجب أن تتوقف ملياً أمام دورها، فبالأمس قرأت عبارة جميلة جداً أن المرأة العربية الواحدة في احدى الدول العربية تنفق ما مجموعه ثلاثة آلاف وسبع مائة دولار وهذا متوسط الانفاق وهذا غير المتطلبات الخاصة الاخرى، لذلك يجب أن يكون هناك متطلبات لله ولدينه وأن تكون تلك المرأة هي القائدة في البيت والحديث واضح – كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته فقال عن المرأة – والمرأة راعية في بيت زوجها – فالمرأة لها مسؤوليات وليس فقط الحجاب إنما تربية الأبناء.

المقدم: صحيح أن كل أم يجب أن تكون كذلك لكن الأم الفلسطينية قدمت نماذج مثل ام نضال فرحات والخنساوات كثر وهذه قصة أم مريم وقصة مريم … الخ ؟

الضيف1: تحية إلى كل ام مضحية تقوم بدور عظيم وما تقوم به من صمود ومن حرص للشهادة ولذلك اخبرت عن أم ولعلها فرحات أنها كانت تقول لابنها كل الامهات يفرحن بأبناء شهداء إلا أنا فمتى ستفرحني بشهادتك أنا أنظر منك أن تشفع لي يوم القيامة.

المقدم: وأذكر موقف أيضاً عندما كنت في غزة أصور بعض الحلقات وإذ بصاحب البيت يحدثني أن زوجته تقول لابنها وهو طالب هندسة تقول له باللهجة الغزاوية – يما ايمتا بدك ترفع راسنا وتحمل جعبتك وترابط مع الشباب لتحمي غزة – فالنماذج كثيرة والحمد لله.

الضيف1: بين أم مريم وهذه الأم مسافة زمنية طويلة لكنها قصيرة في العقيدة.

المقدم: أشكرك دكتور منذر زيتون عضو المكتب التنفيذي في هيئة علماء فلسطين في الخارج، مشاهدينا إلى الملتقى في حلقات قريبة إن شاء الله من برنامج فلسطين في الكتاب والسنة وهذه تحياتي دمتم في أمان الله، والسلام عليكم ورحمة الله.

انتهت الحلقة