إن فيها قوماً جبارين

    

ضيف الحلقة: الدكتور يونس الأسطل رئيس لجنة الفتوى في رابطة علماء فلسطين أمين أم

المقدم: د. عمر الجيوسي

تاريخ الحلقة: 25/11/2011 م

المقدم: السلام عليكم ورحمة الله مشاهدينا أحبتنا في الله يطلق البعض لقب شعب الجبارين على الشعب الفلسطيني فهل هذا مدح أم ذم، في الحلقة السابقة تحدثنا عن طلب موسى عليه السلام من بني إسرائيل أن يدخلوا الأرض المقدسة ولكنهم خافوا بسبب وجود قوم جبارين فيها وهم الكنعانيون، كان الكنعانيين في ذلك الوقت غير موحدين وكان بنو إسرائيل في ذلك الوقت موحدين ولكنهم غير موحدين أما في عصرنا فالفلسطينيون مسلمون موحدون ويعيشون على أرضهم، وأما الإسرائيليون فقد جاؤوا من شتات الأرض وليسوا بالطبع أحفاد من كانوا على الديانة اليهودية تجبر المحتل الإسرائيلي وأصبحوا جبارين في الأرض وأصبح الفلسطينيون مستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها، فهل تغير الحال مع سنوات الانتفاضة وحرب الفرقان كذلك مع ربيع الثورات العربية وهل توظيف شعب الجبارين مفيد حين يدخل من باب الحرب النفسية وهل من الأفضل والأصوب أن نستبدله بمصطلح القرآن {أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ} {عِبَادًا لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ} إذا كانت الآية تقول {أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} فمن هو الأولى بهذه الأرض المقدسة، مشاهدينا حلقة اليوم من برنامج فلسطين في الكتاب والسنة بعنوان {إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ} ضيفنا عبر الأقمار الصناعية هو الشيخ يونس الأسطل رئيس لجنة الفتوى في رابطة علماء فلسطين والنائب في المجلس التشريعي الفلسطيني، وسيكون معنا للتعليق على التقرير المصور وسينضم إلينا عبر الهاتف الدكتور محسن صالح رئيس مركز الزيتونة للاستشارات والدراسات،           أهلاً بكم دكتور يونس الأسطل

الضيف: أهلاً بكم وبجميع الأخوة المشاهدين

المقدم: حياك الله، مشاهدينا سننطلق في هذه الحلقة من الآيتين الكريمتين في سورة المائدة يقول الله عز وجل {يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ

فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ {21} قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىَ يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُون} دكتور يونس من خلال هذه الآية الكريمة نريد، وقد تناولنا في الحلقة السابقة الآية الأولى تحديداً {يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ} الآن نريد أن نذهب معك إلى أجواء هذا الحوار في الآية الثانية إذا تكرمتم

الضيف: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا إذ هدانا الله، أما بعد فمن المعلوم أن بني إسرائيل عاشوا فترة ليست بالقصيرة تحت حكم الفراعنة والفراعنة كانوا قد فرضوا الرق على بني إسرائيل باستثناء سيدنا موسى كما جاء في سورة الشعراء {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدتَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ} ومن هنا فإن طول الاستعباد قد كسر فيهم النخوة والمروءة وأمات فيهم الشجاعة والإقدام ومن هنا حين عبر فيهم موسى البحر وقضي على فرعون كانت الوجهة إلى فلسطين لتطهيرها من القوم الجبارين وإقامة حكم الله فيها لتعود مباركة مقدسة كما هو شأنها غير أن بنو إسرائيل اعتذروا عن دخولها حين قال الله تعالى {يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ}  كان جوابهم {قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىَ يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا

فَإِنَّا دَاخِلُونَ} المعنى أنهم رفضوا أن يدخلوها فاتحين وأرادوا أن يدخلوها بمفاوضات وحلول سلمية، وهذا لا يعقل أن يكون القوم الجبارون أن يتركوا فلسطين على أريحية ليحل مكانهم قوم لا زال الجبن يسيطر عليهم، من هنا نستطيع القول أن هذه الآية تصف بني إسرائيل بهذا الخلق الذميم وهو خلق الجبن والخوف

المقدم: دكتور يونس حتى الآن ذكرت احتمال واحد وهو أن يدخلوها سلماً، وهنا قولهم لموسى أنه هو الذي يخرجهم في الآية {فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} يعني أقل من مرحلة السلم، يعني لا يريدوا أن يبذلوا أي جهد

الضيف: هنا حين جاء الرجلان اللذان جابا أرض فلسطين وعرفا نقطة الضعف وهي أن يفاجئوا القوم الجبارين عندئذ سترتبك صفوفهم وينتزعون النصر عليهم بإذن الله وتوفيقه وما عليهم إلا أن يأخذوا بهذه الخطة ويتوكلوا على الله، ولكن الخوى كان مستحكم فيهم فقالوا لسيدنا موسى {فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} بل الآية من أولها {فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} لا شك أن بني إسرائيل بما ورثوه من الأخلاق الذميمة والعادات السيئة التي تأصلت فيهم بسبب خسهم لم يعودوا صالحين للقتال، الذلة التي ترسخت في عاداتهم وأخلاقهم جعلتهم أحرص الناس على حياتهم وجعلتهم أجبن من الذين لا يخافوا من الآخرة حتى ليعد أحدهم ألف سنة قال تعالى {وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ}

المقدم: دكتور أنا في يوم من الأيام التقيت برجل فرنسي من أصل سوري وقال لي أن الإسرائيليين هم أقدم منكم فيها، وهذا الكلام أيضاً يردده بعض العرب للأسف، من هم سكان فلسطين الأصليون؟

الضيف: إذا نظرنا نظرة تاريخية على أرض فلسطين فإن التاريخ المدون بين أيدينا يشير إلى أن الذي سكن هذه الأرض هم الكنعانيون والكنعانيون عرب ولا يختلف اثنان على أن الكنعانيون عرب، والكنعانيين قد حملوا اسم اليبوسيين في ما بعد ويبدو أن

المقدم: يعني اليبوسيين أخذوها من الكنعانيين

الضيف: اليبوسيين وكأنهم أخذوا فلسطين من الكنعانيين، الكنعانيين كانوا غادروا، واليبوسيين هم فرع من الكنعانيين

المقدم: طيب هل كان اليهود في ذلك الوقت هناك دكتور؟

الضيف: لا شك في هذا، وأنا أرجح ذلك لأن العرب كان آخر أنبياءهم سيدنا إسماعيل، بينما النبوة في بني إسرائيل من سيدنا إسحاق وسيدنا عيسى وبناء عليه فإن النبوة والتدين في تلك الفترة كانت في بني إسرائيل، بينما العرب بعد سيدنا إسماعيل بدأ الانحراف يلج إليهم فعبدوا الأصنام

المقدم: دكتور عبادة الأوثان بالتحديد من أين جاءت إلى الكنعانيين سكان فلسطين الأصليين؟

الضيف: لا شك أن هذا جاء عبر الاحتكاك بالأقوام الأخرى لأن فلسطين كانت مركزا تجاريا بحكم أنها كانت بين قارات ثلاث وفي المنطقة الوسطى حيث لا شرقية ولا غربية، من هنا فإن أهلها احتكوا بالتجار القادمين من أنحاء الدنيا وكانت الوثنية مسيطرة على الكثير من الشعوب لهذا فإن الاحتكاك جلب الوثنية إلى فلسطين بحيث تحول بعض الكنعانيين واليهود أيضاً إلى وثنيين مع تقادم الأزمان وتباعد الأجيال، ولعل الوثنية قد تسربت إلى اليهود من الفراعنة أيضا حين عايشوا الفراعنة معايشة طويلة حتى أنهم حين عبروا البحر مروا على قوم يعكفون على أصنامهم فقالوا نريد لنا آلهة كما لهم آلهة، فلما ذهب موسى إلى ميقات ربه جاؤوا بالعجل وقالوا هذا ربنا وقالوا سنظل له عاكفين حتى يرجع موسى، والمعروف أن فرعون كانت له رؤية فمن المعروف أن فرعون قال {لِيُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ} لكنه في فترة من الفترات قد استخف قومه فاطاعوه {فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى}

المقدم: هل كان اليهود في تلك الفترة موحدين؟

الضيف: كانوا على دين لكن هذا الدين كان مشوب في الكثير من الخرافات لفسادهم ولأن الرسل تأتي على فترة ويكون الناس قد أضاعوا الكثير من المفاهيم وتفشت فيهم الكثير من العادات المخالفة لأصل الدين القويم، ومن هنا رسالة سيدنا موسى كرسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم تكمل لمكارم الأخلاق، هنا يكون هناك دين قائم لكنه ضعف في نفوس أصحابهم وسلوكهم فأريد إحياءه في نفوسهم

المقدم: دكتور هذه الآيات التي ذكرناها موسى عليه السلام كان حريصاً أن يطلب من فرعون {فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ} في أكثر من آية كما قلنا يعني يريد أن يخرجهم من مصر وهذا يدعون إلى المشي باتجاه الآية التي هي عنوان حلقتنا اليوم ادخلوا الأرض المقدسة والخوف من القوم الجبارين، ما هو دورهم المطلوب الذي نشده موسى من بني إسرائيل؟

الضيف: أنا أريد أن أقول بوضوح أن تحرير الإنسان مقدمة لتحرير الأوطان ومن هنا كانت رسالة سيدنا موسى تحقيقا لوعد الله وَنُرِيدُ أَن {نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ @وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا

مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ} لكن الذين يريدوا أن يقوموا بهذه المهمة لا بد أن يكونوا قد تحرروا من الداخل، تحرروا السلوكيات التي تكبل العقيدة والفكر وتحرروا من السلوكيات التي تصنف في الفسوق والعصيان، ومن هنا كانت دعوة سيدنا موسى لبني إسرائيل لتصحيح السلوكيات وتصحيح التوحيد من ناحية أخرى لأنه متى تحرر الإنسان فيمكنه أن يحرر الأوطان

المقدم: دكتور إن فيها قوم جبارين هل المقصود فيها هنا فقط الوصف البدني، يعني يلي منع بني إسرائيل فقط قوة الكنعانيين البدنية؟

الضيف: لا شك أن الكنعانيين كانوا يتصفون بمعنيي الجبروت، المعنى الأول هو قوة البدن وبناء الجسم والأمر الثاني أن هذا جعلهم يغترون بالقوة وهذا الاغترار جعلهم يمارسون الظلم والقهر والاستعلاء على الناس، لهذا كان فيهم المعنيين، القوة البدنية جعلهم مغترين كما حصل مع فرعون {مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً} فهكذا كان الشعب الساكنين لأرض فلسطين، ولما لم يكونوا مؤمنين فإن الكفر والجحود حملهم على ظلم الناس والغزو عليهم فكانوا بهذا متجبرين على خلق الله

المقدم: على كلاً، بعد الفاصل سنتابع معك ومع ضيفنا عبر الهاتف محسن صالح لنرى تفاصيل هذه الإشكالية في لفظة جبارين، هل هي مدح أم ذم، وما هو العرق الأبقى والحق التاريخي لكن بعد فاصل قصير

مشاهدينا نلتقيكم بعد فاصل قصير فانتظرونا

تقرير مصور

من جديد نرحب بكم مشاهدينا في هذه الحلقة بعنوان إن فيها قوم جبارين وضيفنا من غزة هو رئيس رابطة الفتوى في هيئة علماء فلسطين الدكتور يونس الأسطل وهو عضو المجلس التشريعي الفلسطيني، الآن يسمعنا وينضم إلينا الدكتور محسن صالح رئيس مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، مرحبا بك دكتور محسن

الدكتور محسن: حياك الله أهلاً وسهلا بكم

المقدم: دكتور كنا نتناول الكنعانيين وحركة التاريخ وحركة الأعراب على هذه الأرض، وأنت متخصص في الحضارة والحضارات بشكل عام، هل اختفى عرق بني إسرائيل الذي كنا نتحدث عنهم في بداية الحلقة، وإذا كانوا اختفوا فمن أين جاء الإسرائيليون أو الصهاينة الذين يعيشون كمحتلين على أرض فلسطين؟

الدكتور محسن: من الناحية التاريخية بالنسبة لبني إسرائيل من المعروف أن عندهم ال12 قبيلة ووفق الكتابات التاريخية أنه عندما سقطت الدولة الأولى لبني إسرائيل في1722 قبل الميلاد اختفت عشرة قبائل من القبائل اليهودية وبالتالي لم يبقى إلا قبيلتين وبالتالي هاتين القبلتين عندما سقطت الدولة اليهودية الثانية في  586 قبل الميلاد هاتين القبلتين تفتتا، ولذلك معظم المؤرخين الإسرائيليين الذين تكلموا عن التاريخ والذين قالوا أن هذه القبائل العشرة اختفت وأن القبلتين الباقيتين تناثروا في الأرض، بالنسبة لما يتعلق ببني إسرائيل الآن، وإن كان هناك نسب لليهود الذين تبقوا الآن بهاتين القبلتين فهناك شكوك لدى المؤرخين عن ما يسمى بإمكان إثبات النسب، لنسب يمتد لأكثر من ألفين سنة، لكن بعض المؤرخين يقولوا أنه إن كان هذا صحيح فنحن نتحدث عن اليهود الموجودون في اليمن وبعض بقايا اليهود الموجودين في العراق، لكن الغالبية الساحقة لليهود وفق معظم الدراسات تنسب اليهود الذين يدينون باليهودية في عالمنا المعاصر إلى مجموعة من القبائل التي تسمى القبائل التترية التركية القديمة التي كانت تسكن في منطقة الفرقات والتي تهودت في القرن الثامن الميلادي بالذات سنة 740 عندما تهود ملكهم الذي يسمى بولار وتهودت معه منطقته وهؤلاء معروفون بيهود الخزر

المقدم: في روسيا؟

الدكتور صالح: نعم؟

المقدم: هم في روسيا دكتور؟

الدكتور صالح: في روسيا، جنوب روسيا، أو شمال القوقاز، المناطق التي تعرف الآن بشمال داغستان وشمال الشيشان، المناطق الشمالية لبحر قزوين والبحر الأسود وهؤلاء وجدوا أنفسهم في القرن الثامن ما بين ضغط الدولة العباسية في الجنوب والدولة المسيحية في الشمال وكانوا أصحاب تجارة، فقرروا أن يعتنقوا دين يقبلهم، كانوا أصحاب تجارة فتهودوا، ملكهم بولار سنة 740 تهود مع قبيلته وكانت معه مملكة معروفة بالخزر هذه المملكة سقطت تقريبا وتراجعت في القرن العاشر الميلادي وتناثر اليهود في مناطق أوروبا الشرقية ومناطق روسيا، أكبر كتل موجودة لليهود في العالم في القرن العشرين هي في روسيا وبولاندا

المقدم: لو سألتك دكتور محسن إذا تكرمت عن نسبة اليهود الذين جاؤوا من مناطق الخزر والذين جاؤوا من إسبانيا مثلاً؟

الدكتور صالح: معظم الدراسات تتحدث أن يهود الخزر أو، أنهم يعرفونهم بشكل آخر يهود الأشكيناز بأنهم يمثلون أو كانوا يمثلون 85% من يهود العالم، يعني معظم يهود العالم ينتمون بأصولهم إلى يهود الخزر، حتى

المقدم: وماذا يعني هذا في هذا الصراع الدائر إذا كان 85% من اليهود من الأشكناز شقر وجاءوا من أوروبا؟

الدكتور صالح: هناك دراسات سمتهم القبيلة الثالثة عشر بمعنى أنهم ليس لهم أصول، ولكن أنا بالنسبة لي كمتابع ومهتم، الكلام هنا بما يسمى الحق التاريخي

المقدم: سنأتي للحق التاريخي بالتفصيل، لكن لننتقل إلى غزة مع الدكتور يونس الأسطل، دكتور ماذا عن النسب اليهودي الذي أشار إليه الدكتور صالح بصفته مؤرخ، بصفتك دكتور بالشريعة كيف يمتد النسب اليهودي، هل هم يعتمدون على التوراة أم على أقوال الحاخامات اليهود، هل هم اليهود الذين ذكرهم الله عز وجل قوم موسى، هل هم موسويون؟

الضيف: أنا بداية متفق مع الأستاذ أبي علاء في أكثر ما ذهب إليه لكن أحب أن أشير إلى أن اليهودية دين وبناء عليه من اتبع هذا الدين كان يهودياً وإن لم يكن من أصل بني إسرائيل ودليلنا على هذا أن الله نسب منافقين في صدر الإسلام إلى اليهودية عندما قال {وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} وقال {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ } ومما صدق هذا ما جاء في سورة الحشر {أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ} فيما عرف بالتعاون الأمني بين عبد الله بن أبي ومن معه من المنافقين ويهود بنو النضير وعموم المنافقين في المدينة المنورة، ولهذا وبغض النظر عن الجنس الذي يتشكل منه الصهاينة في يومنا هذا هل هم يمتون بصلة إلى بني إسرائيل أو لا يمتون، المهم أنهم يتمسكون بالتوراة المحرفة وينطلقون من التلمود الذي كتبوا أكثره بأيديهم {َوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً} وأبطل الله أفعالهم {فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ} فلهذا دعنا نتعامل مع اليهود الزاعمين التمسك بالتوراة والتلمود ولو لم يكونوا أصلاً من نسل بني إسرائيل أو من أسباطهم الإثني عشر أو السبطين الذين بقيا الذي يعود نسب الكثير من اليهود

المقدم: دكتور وأنت تعيش في منطقة قريبة من هؤلاء اليهود نسبة المتدينين أكثر أم العلمانيين؟

الضيف: نسبة التدين الآن تزيد في بني إسرائيل ,عن كان في السبعينات كان يغلب الاتجاهات اليسارية على بني إسرائيل كما غلبت على الكثير من شعوب الأرض، لكن الملاحظ الآن أن هناك صعود للتيار اليميني أو المتدينين وهذا تأكده نتائج الانتخابات التي تعطي الأحزاب المتدينة لديهم تعطيها أكثر الأصوات

المقدم: التدين في جانب المسلمين يزداد وفي جانب اليهود يزداد، خلينا نخلص زي ما بقولوا، دكتور محسن كنت سألت الدكتور يونس في بداية الحلقة عن سكان فلسطين الأصليين يزعم البعض ومنهم العرب الذين يملكون أقلام مأجورة وشهادات لا أعرف من أين حصلوا على معلومات من هذا النوع، نريد من زاويتك كمؤرخ من هم سكان فلسطين الأصليون، اليهود سكنوا فترة قبل الكنعانيين مثلاً، أم سكنوا فترة عبور وسموا العبرانيين؟

الدكتور صالح: أنا أتفق مع كلام الدكتور يونس أن اليهودية دين وأن الأمر ليس مرتبط بالإسرائيليين الذين كانوا أو الذين قد تكون لهم بعض البقايا، الموضوع هنا موضوع انتماء جمعي، شعور جمعي لدى الشخص بأنه يهودي وينتمي إلى هذه الفئة سواء كان من بني إسرائيل أو كان قد تهود أجداده من قبل ذلك وإلى آخره، فهو انتماء ديني أساساً أريد أن أؤكده أولاً، فليس بيني وبين الدكتور يونس إلا كل اتفاق من هذه الجهة، فيما يتعلق بالأثر التاريخي، الآثار التاريخية في فلسطين تعود إلى أكثر من 500 ألف سنة أي حوالي نصف مليون عام، وبالتالي الموضوع التاريخي عريق وقديم جداً، وهناك آثار إلى حضارة ما قبل 13 ألف سنة قبل الميلاد وجد آثارها، أي حوالي 15 ألف سنة من الآن وهي موجود في مناطق قريبة من رام الله في شمال فلسطين وأيضاً أول تحول للإنسان مشهود له أنه تحول من الرعي إلى الزراعة كان في مناطق وديان جبل الكرمل وهذا حوالي قبل 11 ألف سنة، وبالتالي منطقة فلسطين منطقة عريقة وحضارية قديمة جداً، وأيضاً أول مدينة أسست في التاريخ هي مدينة أريحا وتعود إلى حوالي 11 ألف سنة

المقدم: يعني ليست دمشق؟

الدكتور صالح: ليست دمشق بالتأكيد، دمشق هي أقدم عاصمة في العالم ولكن أقدم مدينة في العالم هي أريحا التي نشأت حوالي ثمانية إلى تسعة آلاف سنة قبل الميلاد، أي قبل حوالي 11 ألف سنة من الآن هذا جانب، الجانب الآخر فيما يتعلق بأول شعب معروف لدينا هو الشعب الفلسطيني الذي استقر واستمر حتى الآن هم الكنعانيون الذي تعود أصولهم إلى ألفي سنة قبل الميلاد أي نحن نتكلم عن 4000 إلى 4500 سنة من الآن، هؤلاء جاؤوا وسكنوا فلسطين وأنشأوا حوالي مئتي قرية داخل فلسطين وانتشروا فيها بشكل واسع، قبل قدوم بني إسرائيل بحوالي 1500 سنة تقريباً بالأمور التقريبية إلى 2000 سنة، وبالتالي فلسطين كانت عامرة بأهلها وسكانها قبل إنشاء بني إسرائيل لدولتهم لكن هنا أنا أشير إلى أن إذا كان الموضوع موضوع توحيد فالأصل هو التزام التوحيد ونور التوحيد وكيف انتشر هذا النور على أرض فلسطين باعتبارها أرض مباركة وأرض إسلامية، الكثير من المؤرخون يقولون أن الكثير جدا من أهل فلسطين وخاصة من أهل الريف القرى يعودون بأصولهم إلى الأصول الكنعانية بمعنى أن أهل فلسطين بمعظمهم، صحيح أن جاءت قبائل عربية وجاءوا من مناطق أخرى لكنهم اختلطوا بمن سكن من أبناء فلسطين من الكنعانيين في هذه الأرض، وبالتالي أهل فلسطين مستقرون في هذه الأرض منذ حوالي 4500 عام من المعروف من بني كنعان، هؤلاء بقوا في أرضهم ولم يتركوها كانوا موجودون عندما جاء بنو إسرائيل وموجودون عندما كان بني إسرائيل  موجودين وموجودين أيضاً عندما انتهت مملكة بني إسرائيل حتى الآن هم موجودون

المقدم: دكتور صالح هل نستطيع أن نقول أن عرق بني إسرائيل الذي طلب منه موسى أن يدخل الأرض المقدسة قد زاغ بين الأعراق؟

الدكتور صالح: الحاليين وخصوصاً الموجودون في القرى يعودون بأصولهم إلى الأصول الكنعانية بمعنى أن أهل فلسطين في معظمهم، صحيح أن جاءت قبائل عربية وجاء ناس من مناطق مختلفة لكنهم اختلطوا بمن سكن من أبناء فلسطين وبالتالي أهل فلسطين مستقرون في هذه الأرض منذ حوالي 4500 عام من المعروفين من بني كنعان وهؤلاء بقوا في أرضهم لم يتركوا أرضهم موجودين قبل أن يأتي بنو إسرائيل وموجودون عندما كان بنو إسرائيل وموجودون أيضا عندما انتهت مملكة بني إسرائيل حتى الآن

المقدم: بفضل الله، دكتور صالح هل نستطيع أن نقول أن عرق بني إسرائيل الذي طلب منه موسى أن يدخل الأرض المقدسة قد زاغ بين الأعراق؟

الدكتور صالح: أنا في رأيي أن الموضوع ليس موضوع عرقياً، هذا الموضوع كما تفضل الدكتور يونس، الموضوع يأخذ بعد مختلف، هو أكثر انتماء ديني وحضاري وثقافي منه

المقدم: إذن خليني أسألك عن الحق التاريخي الذي ذكرته في بداية انضمامك إلينا، تكلمت عن الحق التاريخي وتكلمت الآن عن العرق، التاريخ والعرق والدين، ارتباط بني إسرائيل، ما مدى ارتباط والتصاق ولو بعدد السنوات يعني؟

الدكتور صالح: عندما الإسرائيليون ادعوا بأن لهم حق دينياً، طبعاً المسلمون ممكن أن يدعوا بأن لهم حق دينياً في أرضهم، إذا كان يلزمه أن له حق فهذا الشيء يعنيه لكنه لا يلزمني أنا كمسلم أو كصاحب أرض مقدسة، يمكن أي واحد يؤمن بالله لا يريد، لكن هذا لا يلزم الآخر بما عنده، أما بالنسبة للحق التاريخي، فالتاريخ يثبت أن أهل فلسطين موجودون في هذه الأرض قبل وأثناء وبعد وجود بني إسرائيل، وبعد أن زال ملكهم قبل حوالي 2000 سنة، وبالتالي أهل فلسطين موجودون في هذه الأرض ومغروسون فيها في عمق التاريخ، عفواً ما سألته يتعلق بجانب الحق التاريخي

المقدم: نعم

الدكتور صالح: لبني إسرائيل، هذا ادعاءهم، ولكن السؤال هنا كيف نثبت حق تاريخي، هل يستطيعوا أن يقدموا لنا أدلة أنهم هم أبناء بنو إسرائيل الذين سكنوا من 2000 سنة، أنا أظن أن هذا يكاد يكون مستحيل الإثبات من الناحية التاريخية أو من الناحية المنطقية، أما ما يدعونه فيستطيع أن يدعيه أي واحد، ولكن من المهم هنا الإشارة إلى نقطة أن الأقوام التي مرت على فلسطين والتي احتلت فلسطين من حضارات ومن أمم وإلى آخره تجاوزت ال13 أمة، مر عليها الفرس والرومان والإغريق والفراعنة ومرت عليها حضارات، لكن هذا لا يعني إطلاقاً أنهم مروا على فلسطين أو سكنوا فيها أن أصبح لهم الحق التاريخي فيها فالحق التاريخي هنا أن الذي استقر في الأرض وظل فيها ظل حقه التاريخي فيها قائماً

المقدم: جميل

الدكتور صالح: وأهل الإسلام الذين هم نفسهم بنو كنعان والذين استقروا لأطول فترة تاريخية ممكنه على هذه الأرض

المقدم: كونك دكتور في التاريخ لا يعفيك من السؤال عن المستقبل بالتأكيد،

الدكتور صالح: المستقبل هذا تخصص مركز الزيتونة

المقدم: إشرافات مستقبلية،  طبعاً نحن نتابع ما شاء الله انجازاتكم تغطي العالم، الآن لما تجينا فاتورة من الكثير من البلاد العربية بدل فلسطين يكتبون لنا إسرائيل وفي نشرات الأخبار في كبريات القنوات للأسف وفي الإنترنت وفي الخرائط الموجودة عليها، كيف ستصبح، كيف شكلها سيكون غزة ثم الضفة ثم الـ48 كيف ترى شكلها؟

الدكتور صالح: الكيان الإسرائيلي يواجه أزمة وجود حقيقية وهذه الأزمة ستتصاعد ما بين 5 إلى 10 سنوات القادمة، خصوصاً مع حالة التغيرات في الربيع العربي الذي سيعيد معادلة توازن القوى في المنطقة يواجه صعود قوي للتيار الإسلامي في داخل فلسطين وفي خارجها ويواجه أزمة ديمغرافية هائلة أن عدد السكان في داخل فلسطين تحت الاحتلال الإسرائيلي سيجاوز عدد اليهود خلال 5 سنوات سيصبحوا أكثر من عدد اليهود داخل فلسطين المحتلة، وبالتالي يجب أن تتعامل معه الدول الموجودة على أنه سرطان قائم وليس كيان وبالتالي معادلة القوة التي يملكها الآن لن تدوم إلى الأبد وكذلك معادلة الضعف التي يعاني منها المسلمون الآن لن تدوم إلى الأبد وبشائر التغير إن شاء الله بدأت تظهر

المقدم: زي ما ورد في التقرير ملامح الانتفاضة وثمار الانتفاضة الثانية وانتصار غزة في حرب الفرقان وربيع الثورات العربية التي تكلمت عنها دكتور هذه بعض المؤشرات والمبشرات، على كلاً محسن صالح مدير مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات نشكرك شكراً جزيلاً

نتواصل معكم مشاهدينا بعد فاصل قصير

أهلاً بكم من جديد مشاهدينا الكرام في هذه الحلقة مع الدكتور يونس الأسطل رئيس قسم الفتوى في رابطة علماء فلسطين

دكتور من خلال الآية الكريمة لو أخذنا شطر منها وإنا لن ندخلها، موقف الأمة اليهودية عندما جاوبت سيدنا موسى عليه السلام، ما هي ملامح الهزيمة النفسية لو قارنها بذلك الزمن وبني إسرائيل الآن؟

الضيف: لقد دلت الآية على مدى الهزيمة النفسية من خلال الصيغة البيانية للآية، من خلال آن المؤكدة، لو قالوا لن ندخلها لكان نفي ممكن أن يرجعوا عنه، لكنهم قالوا الجملة الاسمية المؤكدة بإن لن ندخلها، دل ذلك على أنه قرار نهائي وقاطع ولا رجعة عنه وتأكد هذا حين قالوا لن ندخلها أبداً، فأضافوا كلمة أبداً قاطعة، ثم اذهب أنت وربك، والأصل أن يقولوا ربنا وبهذا يشيرون إلى أن إذا كان الرب يأمر بالفتوحات والقتال التي من شأنها أن تعرضهم للقتل والجراحات فلا حاجة لهم بتلك الربوبية فهذا معنى حين ينسبون الرب إلى موسى وكأنهم طرحوا نفسهم من ربوبية الله

المقدم: من الناحية النفسية؟

الضيف: من الناحية النفسية يدل على مدى الرعب والخور الذي سيطر عليهم لما وصفوا القوم بأنهم جبارين ولما جزموا أنهم لن يدخلوها فاتحين لكن بدلوها بحلول سلمية فليخرجوا منها بغير قتال فإنا داخلون

المقدم: عفواً دكتور، ربما من يقرأ ما كتب في كتب التفسير لدينا نحن المسلمين من وصف لهؤلاء الجبابرة أو الجبارين ويمكن أن هذا يحتاج إلى تحقيق علمي، بعض المفسرين تجنب وتحاشى الكتابة فيها وبعضهم ذكر من هذه الأوصاف، نذكر منها أنه حين انطلق الإثني عشر نقيباً الذين اختارهم موسى، انطلق أحدهم إلى الجبارين فقال انظري إلى هؤلاء القوم الذين يزعمون أنهم يريدون أن يقاتلونا، يستهزأ طبعاً فطرحهم بين يديها، فقال أنا أطحنهم برجلي فقال امرأته لا بل خلي عنهم حتى يخبروا قومهم بما رأوا وهناك روايات عند الرازي أن هؤلاء كان طولهم كذا وكذا لا أريد الذكر رقم ضخم، وكان يجلب السحاب ويتناول الحوت من قاع البحر فيشويه بعين الشمس وحضر طوفان نوح عليه السلام ولم يجاوز ركبتيه، وإلى آخره من هذه الأقاويل، يعني صفة الجبار في القرآن وردت عشر مرات، تسع مرات في حق البشر وهي كلها سلبية ماعدا واحدة في حق الله عز وجل وهي بمعنى الكمال والعظمة، ما معنى الجبارين في الأرض المقدسة وفي آيتنا التي هي عنوان حلقتنا؟

الضيف: أحب في البداية أن أقول أن الإسرائيليات التي ذكرها المفسرون دون تحقيق ولا تدقيق ولهذا في الأصل وجب أن لا نصدقها ولا نكذبها وبكن القصة التي ذكرت هنا أن بني إسرائيل لا يكاد يصدقها العقل فأي رجل وصل إلى الضخامة بحيث يصرع اثني عشر رجل تحت قدمه هذا من الناحية العقلية مرفوض لأن أبناء الجيل الواحد متقاربون من الناحية الجسدية تقارب يرفض هذا الكلام حيث يأخذ الحوت من قاع البحر ويشويه في عين الشمس

المقدم: الحفريات والمتاحف دكتور

الضيف: الحفريات والمتاحف، وكل ما عثر عليها لا يعقل أن تكون بعشر تلك القصة التي ذكرت في كتب التفسير التي لم تدقق في الروايات الإسرائيلية، عموماً صفة الجبار أو الجبارين ذكرت في عشر مواضع كما ذكرت في السؤال أحدها صفة الله عز وجل التي ذكرت في سورة الحشر الجبار المتكبر وهي صفة جلال وكمال أما صفة الجبار الموصوفة للبشر فكلها تدل على الإجبار والقمع والإذلال وما إلى ذلك إقرأ مثلاً قوله تعالى على لسان سيدنا يحيى {وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا} وعلى لسان سيدنا عيسى  {وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا} وقول سيدنا موسى {أَن تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ} وقوله {وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ} هناك تسع آيات يمكن أخذها من مواضعها في القرآن الكريم بالنظر إلى الآيات نجدها تتحدث عن الإجرام عن القهر عن الظلم عن البغي لا سيما فيما يتعلق بعاد الذين تفاخروا بقوتهم وقالوا {مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً} لأنهم كانوا يحاكون النخيل طولاً حتى أن الله عنفهم في الآيات وقال {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} وقال {وَإِذَا بَطَشْتُم بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ}

المقدم: طيب دكتور، الأدلة لا يتسع الوقت لسردها كلها، لكن أين كان يسكن هؤلاء القوم الجبارون، هل كانوا في كل فلسطين؟

الضيف: هذا هو الظاهر لكن الآية عندنا { } يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ} المعروف ابتداء المقدسة تطلق على بيت المقدس لكن القداسة والبركة قد تجعل الآية منسحبة على كل أرض فلسطين بل على كل أرض الشام، وبناء عليه إذا أخذنا بظاهر اللفظ فممكن أن نقول أنها عموم فلسطين ولكن عندما ننظر إلى قصة فتح فلسطين وانتهاء فترة التيه أربعين سنة، يوم وصل موسى فعلاً إلى مشارف بيت المقدس وكان الوقت بعد العصر وخشي أن تغيب الشمس فخاطب في أفق السماء وقال يا شمس إنك مأمورة وأنا مأمور، اللهم أبقيها علينا حتى يتحقق النصر فأبقى الله الشمس حتى فتحت بيت المقدس وهذا ليس بعيداً أن تكون السمواوت والأرض جنود مع المسلمين، وهذا يدل على أن السماء والأرض جنود إلى جانب المؤمنين عندما يجاهدون في سبيل الله ويأخذون بأسباب القوة ويتوكلون على الله

المقدم: دكتور هل توافق على ما يطلقه بعض الناس نحن شعب الجبارين هل هي صفة مدح أم ذم؟

الضيف: لا شك أنها صفة ذم أن يقال أننا نحن شعب الجبارين فهذا يسقط على أننا من طلب من اليهود أن يطهروا أرض فلسطين منهم، الجبروت والجبار صفات ذم في حق البشر فأن نوصف نحن بالجبارين فهذا مرفوض ويعود اللفظ في إطلاقه على شعب فلسطين كتوظيف للحرب النفسية ضد اليهود الجبناء أحرص الناس على الحياة {لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاء جُدُرٍ} وهو توظيف قد يكون له وعليه

المقدم: الإسرائيليون بعد حرب غزة والتي أذقتم أنتم الويلات لهم بعد حرب غزة المطلق عليها الرصاص المصبوب أو المذاب هم يطلقون عليكم أنتم في غزة شعب الجبارين، والأمة الإسلامية تنظر إلى شعب غزة رغم الحصار من القريب والغريب يطلقون هذا اللفظ بطريقة ممكن أن تدخل مناحي شتى

الضيف: أنا لا أقبل هذا الوصف، انظر إلى الوصف الجميل الذي وصف الله به عباده المؤمنين عندما قال في آخر سورة الفتح {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ} وقال في سورة المائدة من قبل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي

سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ} أو تلك التي في سورة الإسراء

المقدم: يعني أنت توافق

الضيف: في سورة الإسراء {عِبَادًا لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ}

المقدم: عباد لنا          

الضيف: أو في سورة النمل {فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ}

المقدم: إذن أنت لا توافق على لفظ جبارين وتوافق على أشداء وأولي بأس شديد، يعني توافق على الشدة ولا توافق على الجبروت؟

الضيف: أعزة على الكافرين، أقوياء يصدون المجرمين عن عدوانهم وإجرامهم بما أمرنا الله، وعندما قال {فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ} وقال عن اليهود خاصة {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} أي أن ضربهم وكثرة القتل بهم مفيد لمن خوفهم

المقدم: دكتور في نصف دقيقة إذا سمحت لي، الآية التي تقول {أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} إذن من الذي يستحق هذه الأرض المقدسة؟

الضيف: جاء في سورة الأنبياء {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} والصلاح نوعان صلاح دين وصلاح دنيا، إذا وجد صلاح الدين المتمسكون بوحي الله المؤمنون بوحي الله هم الأحق بأرض فلسطين، وإن لم يوجد فالصلاح الدنيوي الذي يحكم عندئذ، لذلك قدرة اليهود على الشيطرة على أرض فلسطين لأكثر من ستة عقود لأنهم كانوا على صلاح دنيوي وهذا مشهود من تفوقهم العلمي في جوانب الحياة المختلفة جعلهم يصنعون فعلاً من أرض فلسطين أرض مباركة لها بركتها في الزراعة وغيرهابينما المسلمون الفلسطينيون الذين كانوا يسكنون في فلسطين كانوا الجهل يسيطر عليهم فتفوق الصهاينة علينا

المقدم: على كلاً، نسأل الله

الضيف: وجب الرجوع إلى الصلاح الديني ليحرروها ونتفوق عليهم إن شاء الله

المقدم: نسأل الله أن يكون المدد من أهل فلسطين ومن أهل غزة خاصة والمدد الذي يأتيكم من الأرض كافة والمبشرات الكثيرة، دكتور يونس الأسطل رئيس لجنة الفتوى في رابطة علماء فلسطين ونائب المجلس التشريعي هذه تحيتنا لك من قناة القدس ومن فريق البرنامج أما أنتم مشاهدينا فإلى اللقاء في حلقة قادمة من برنامج فلسطين في الكتاب والسنة إلى اللقاء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ودمتم في أمان الله.