الضيوف: د. عبد الله أبو جربوع
و د. إسماعيل هنية
تاريخ الحلقة:
https://www.youtube.com/watch?v=ZlT4xyDygxs
المقدم: مشاهدينا الأحبة أهلاً بكم، قال تعالى:{ قَالُواْ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ }سورة الأعراف:129، نرى مشهد النبي سيدنا موسى عليه السلام وهو يلوح لهم بهلاك عدوهم واستخلافهم في الأرض مع التحذير من فتنة الاستخلاف ويعلمهم أن استخلاف الله لهم إنما هو ابتلاء لهم وهو استخلاف للامتحان.
بنوا اسرائيل فهموا أن استخلافهم بسبب نسبهم وليس بسبب العمل الصالح لكنهم عاملوا نبيهم بقلة أدبهم فقالوا: أُوذينا من قبل ما تأتينا ومن بعد ما جئتنا.
مشاهدينا: من خلال تقرير مصور سنتابع تقرير المسيرة التي تجري على الأرض التي يرثها العباد الصالحون من الاستضعاف إلى الاستخلاف والحكم، ودور القضية الفلسطينية والحركات الإسلامية فيها في التأثير على استخلاف الأمة الإسلامية ككل.
ما هي شروط بقاء الحركة الاسلامية التي بدأت مستضعفة ثم بعد عشرين عاماً وصلت الى الحكم هنا في فلسطين وسنرى هل تجربة الحكم هذه مرحلة ضرورية تسبق استخلاف الأمة وهل يمكن أن تتشكل ملامح الأمة من جديد، وهل يمكن أن تصل الأمة للتمكين والاستخلاف دون تحرير فلسطين وأيضاً ما هي المراحل التي مرت بها الحركة الاسلامية من الاستضعاف الى الاستخلاف، وما هي علاقة ذلك بالحكومات الإسلامية الناشئة في تربة الربيع العربي على استكمال مشهد نهضة الأمة.
مشاهدينا ضيفنا في الاستديو هنا في غزة الدكتور عبد الله أبو جربوع أستاذ الشريعة والقانون، أهلاً بك دكتور عبد الله.
الضيف: حياكم الله.
المقدم: الكثير منا له قصة وارتباط ذهني مع آية معينة وأنت مع هذه الآية لك قصة مؤلمة ما زال ألمها الجسدي موجود لغاية الآن.
الضيف: بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد:
حينما بدأت الانتفاضة الأولى وقد كنا على أمل أن نعود بالحنين لنتواصل مع القضية الفلسطينية سيما أن الواقع السياسي قبل الانتفاضة الأولى كان في تهاوٍ شديد ورجوع الى الخلف وكان عنوان هذه المؤتمرات العربية في تلك الحقبة من أسوأ ما يكون في قراراتها وتحركاتها وكانت الأمور تسير نحو التطبيع والهرولة نحو العدو الصهيوني ومنهم من أصرَّ ومنهم من جاهر ومنهم من نوى ولكن جاءت الانتفاضة الأولى فقطعت الطريق على كل من وضع في نيته شيء كما هو الحال بالنسبة للربيع العربي وقد كنا قبله في طريق من الهرولة نحو المخططات الغربية التي تقودها الصهيونية العالمية فالأمور اختلفت وهذا من وعود الله تعالى في الاستخلاف في الأرض.
المقدم: كي لا نسهب فقد شوقنا المشاهدين للقصة
الضيف: لما بدأت الانتفاضة الأولى انتفض اليهود بطريقة جنونية من الاعتقالات والتهديدات والضرب والمداهمات، وبدأوا بالكل حتى من يصلي الفجر تحديداً لأنه من يكتب على الجدران أو يشارك بالمظاهرات، فلأمر بدأ يشتد على المواطنين من التعذيب والقهر وبدأ البعض يشعر بالخوف لدرجة أن الأسير كان يخرج من السجن ولا يذهب أحد لزيارته أو أن المسجد الذي فيه خطبة حماسية أو خروج مسيرات يخاف البعض في الذهاب إليه فلم تدم هذه الأيام كثيراً، فأذكر مجرد ما بدأت الانتفاضة الأولى وكنا نسير في المظاهرات قد اعتقلنا وخرجنا من هذا الاعتقال الذي كانت مدته شهر وكان الدكتور عبد العزيز الرنتيسي معنا وكان يوجد كتاب للدكتور مصطفى مشهور رحمه الله اسمه ” قصة الظلم والظالمين ” هذا الكتاب فيه دلائل طيبة وكان من خلال تجبر الحكومات وخاصة في مصر على الحركات الإسلامية وكنا نوزعه في المساجد وكان يركز هذا الكتاب على قصة سيدنا موسى عليه السلام مع قومه حينما اشتد البلاء بهم، وهو موضوع آيتنا اليوم، فعندما قامت الانتفاضة قلت أن هذا وعيد وهذا تذكير بالآية الكريمة ( قال موسى لقومه استعينوا بالله … والعاقبة للمتقين ) فقلنا عبر المنابر أن لا بد من التضحية وتقديم الشهداء ونحن جاهزون أن نقدم المئات بل الآلاف وصلاح الدين الأيوبي رضي الله عنه حينما حرر القدس وفلسطين من أيدي الصليبيين كان هناك المئات من الآلاف ونحن جاهزون أن نقدم الملايين، لنبدأ النية من الآن ( ان الأرض لله يورثها من …. والعاقبة للمتقين )هذا شعارنا.
ونحذر أن تكونوا ممن فعله بنوا اسرائيل،{ قَالُواْ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ } فيجب أن لا نقنت ولا نتقاعس فاصبروا فالنصر لنا بإذن الله تعالى، فكانت هذه الآية دافعةً لنا وهذه القصة القرآنية أيضاَ، أما القصة الشخصية مع هذه الآية، فكانت حينما خطبت الخطبة في الجمعية الإسلامية في النصيرات وخرجنا بعدها وكان عدد ضخم جداً، انضم الينا العديد من المواطنين حتى بلغ العدد فوق العشرة آلاف رجل وانضمت النساء وحدثت مواجهات وسقط يومها سبعة شهداء…فأرجع للخطبة أنه كان أحد العملاء قد سجلها عن طريق مسجل في ساعة يده واعتقلت بعدها مباشرة ووجهت بالخطبة فقلت: نحن أصحاب حق ونحن دعاة ولا بد أن نطالب بحقنا.. فاستخدموا أثناء التحقيق طرق كثيرة للتعذيب كنتف اللحية والضرب المبرح وكان الدكتور عبد العزيز الرنتيسي رضي الله عنه في الزنزانة المجاورة وكانوا يطلبون منا أن نشتم النبي محمد صلى الله عليه وسلم فكنا ننادي ( صلى الله عليك يا حبيب الله ) وكان الدكتور من زنزانته نسمعه يردد الصلاة على النبي فكانوا يضربون ويكررون اشتم محمد نتوقف، وكنا نقول ياليته بين أيدينا فنقبل يديه وقدميه صلى الله عليك يا رسول الله .. اضرب .. اقض ما أنت قاض فيرد الدكتور عبد العزيز .. اقض ما أنت قاض إنما تقض هذه الحياة الدنيا .. وهو يردد وأنا أردد .. فكانت هذه الآيات لها الوقع الكبير في نفوسنا.
المقدم: طبعاً التعذيب كان هنا في غزة من الإسرائيليين ؟
الضيف: نعم من اليهود في معتقل أنصار وأخرجوا حتى في السرايا التي بجوارنا أخرجوا المساجين للمعتقل فكان عبارة عن مسالخ وكان العدد بالمئات من المعتقلين وكثر حتى أصبح بالآلاف مما اضطرهم أن يقيموا معتقلات أنصار في النقب وبدء العدو الصهيوني ينقل يومياً بالباصات الى النقب.
المقدم: اذن أقر هذا الألم ما زال موجوداً ربما! دعنا في مرحلة الاستضعاف قبل أن ننتقل إلى الاستخلاف، ما هي ملامح الاستضعاف الذي كان يعيشه الشعب الفلسطيني وبالذات الحركة الإسلامية؟
الضيف: كانت ملامح الاستضعاف تحير العدو الصهيوني فالعدو الصهيوني بعد ال67 بث بين الشعب والأمة من خلال الإعلام أنهم قد هزموا الجيوش العربية نحن هزمنا الأمة العربية، فأصبح الكل يهاب الوقوف أمام اسرائيل فهذا المفهوم للأسف أخذ بُعد كبير جداً ولكن بفضل الله عز وجل جاء جيل من المؤمنين من الشباب الذين تربوا بالمساجد ومن آمن بفكر المقاومة أي غير الإسلاميين فعندنا من الفصائل شاركوا وضحوا وبذلوا فرأيناهم أبطالاً في الزنازين والسجون والمظاهرات والمواجهات والتضحيات والعمليات الاستشهادية والبطولية رغم الاختلافات الفكرية ، فجعل هذا أبناء الشعب أن ينقضوا على هذه الأفكار الهزيلة، فكان ضابط المخابرات الصهيوني يطوف المخيم لوحده في السيارة يوقف هذا ويحقق معه ويداهم البيت وهو ضابط مخابرات لوحده وأذكر أنني رأيت ضابط مخابرات قد داهم بيت أحد الإخوة وهو دكتور في الجامع الآن فكان يفتش بيته وباب السيارة الخاصة بالضابط مفتوح والمسدس موضوع على الكرسي ولم يقترب أحد من السيارة ” هذا المشهد أنا رأيته ” أما الآن لو اقتربت دبابه من حدود غزة انظر ماذا يحدث، فانظر الى اخواننا في الأراضي المحتلة أهلنا هناك يرابطون في الأقصى الذي كان قبل الانتفاضة الأولى لا تجد فيه بصلاة الفجر أكثر من أربعة أو خمسة مصلين.. أما الآن فالحمد لله حملة البيارق والرباط في الأقصى فكان الاستضعاف شديداً جداً.
المقدم: هل ساهمت الدول العربية بتكريس هذا الاستضعاف للشعب الفلسطيني وبالذات لشرائح الحركة الإسلامية؟
الضيف: أكيد، فتصور يوم مجزرة صبرا وشاتيلا في بيروت حدثني داعية اسلامي في إحدى الدول العربية قال لي أنه عمم علينا أن لا نذكر شيء عن المجزرة عمم علينا أن لا ندعوا ضد أمريكا واسرائيل..
المقدم: حتى أثناء حرب الفرقان !
الضيف: نعم هذا الكلام أثناء حرب الفرقان فكانت هناك توجهات كثيرة بمنع المظاهرات ومنع المشاركات والعنوان الكبير للقمة العربية التي عقدت في الدوحة لنصرة غزة كان هناك ما يقابلها من قمة اقتصادية في نفس الوقت فهذا الذي حدث لا يبرء المسؤولين بل يحملهم المسؤولية والتاريخ شاهد على ذلك ولعل هذا من دوافع الربيع العربي.
المقدم: سنتحدث عن هذه النقطة فلنا محور عن تجربة الحكم من الاستضعاف الى الاستخلاف، أما الآية فكلمة الأرض وردة فيها كثيراً ويقصد أماكن معينة الأرض المقدسة والمباركة والأرض التي يرثها عبادي الصالحون، هنا الأرض {أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} هل هو وعد من الله عز وجل بأن يستخلف بني اسرائيل الذين آذوا سيدنا موسى عليه السلام في هذه الآية وفي غيرها أن يستخلفهم هنا في فلسطين .
الضيف: كانت هذه تجربة فالله سبحانه وتعالى أراد أن يبرز ويري رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا المشهد الذي حدث بين موسى عليه السلام وقومه من بني اسرائيل، وكيف وعدهم بالاستخلاف في الأرض وأن يمكن لهم فيها والآيات الأخرى حينما عرض عليهم أن يسيروا في الأرض المقدسة وما حدث لهم في التيه ونكصوا ولم يلتزموا والقصة طويلة والآن فالوعد لهم في الاستخلاف في الأرض لم يحترم بنوا اسرائيل هذا الوعد الذي كان بوحي من الله عز وجل أن يصبروا أو أن يسيروا في الدعوة لله سبحانه وتعالى وأن يسيروا بإحقاق دين الله تبارك وتعالى فما رضوا أن يأخذوا بهذا الوعد بل وأبدوا خوفهم ورعبهم وجبنهم ولذلك هذا الجبن الذي عندهم لعله عقوبة ربانية ما زالت في ذراريهم الى يوم القيامة فجبنهم رحمة من الله تعالى بنا.
المقدم: دكتور الله عز وجل يحسن إليهم ويريد أن يستخلفهم وهم يسيئون، موسى عليه السلام يقف معهم ضد فرعون وهم يؤذونه “لم تؤذونني” يقولون أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا، كيف ندرس هنا بين قوسين هذه الوقاحة مع الله عز وجل ومع الأنبياء من باب علم النفس أي نفسية الإنسان اليهودي.
الضيف: الحقيقة أن هناك النفس التي فيها نواة الخير حتى وان ابتلي الإنسان بالشر لكن هناك نواة للخير في القلب ممكن أن تعيد الإنسان لجادة الصواب ولعلها بالتوبة والعودة والاستقامة لكن هذه النفس الشريرة تعودت على الإعتداء على الله عز وجل وعلى عدم احترامه ( الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ) ( فَقَالُواْ أَرِنَا اللّهِ جَهْرَةً ) فلم يتوقف الأمر عند ذلك بل أن اليهود وصل بهم الأمر أن يتحدوا إرادة الله سبحانه وتعالى فيما وعدهم به من استخلاف فقالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا يعني أي أنت لا من بالخير ولا من بعد بالخير على كل الوجوه هم جاحدون وناكثون للحقيقة وللخير والوعد من الله سبحانه وتعالى ومن هنا ليسوا أهل لأن يكونوا أهل للاستخلاف، احذروا أمة محمد صلى الله عليه وسلم أن تمروا في فتنةٍ كهذه فتنكصوا هذا درس للنبي صلى الله عليه وسلم ولإمته حتى لا تقعوا في تلك الفتنة فتهلكوا كما هلك بنوا اسرائيل.
المقدم: نرحب بكم مشاهدينا من جديد وسنعرض ان شاء الله الآن تقريراً مصوراً يوضح بداية وجود الحركة الإسلامية في فلسطين في بداية الثمانينات مروراً بثورة المساجد عام 1985م ثم محطة انشاء الحركة بشكلها المنظم السياسي نهاية عام 1987م ومروراً أيضاً بأهم محضات الاستخلاف وأيضاً مروراً بالعمليات الاستشهادية ثم مرحلة الاغتيالات ومرحلة النهضة حرة أخرى مع بداية انتفاضة الأقصى عام 2000م وكذلك نعرض مرحلة الانتقال الى الصواريخ والقذائف الى مرحلة الحكم عام 2006م لنشاهد معاً:
التقرير المصور: في الرابع عشر من ديسمبر منعام 1987م صدر البيان الأول لحركةٍ شكلت اضافةً جديدةً لحركة التحرير الوطني الفلسطيني أرسى قواعد هذه الحركة الشيخ القعيد أحمد ياسين مع ثلة من رفاق دربه، أعلن أعضاء هذه الحركة إنشاء حركةٍ مقاومةٍ اسلامية الاسم المختصر لها “حماس” منذ انطلاقتها جاء في ميثاقها أن تحرير فلسطين يجب أن يكون من البحر الى النهر ولهذا فإن هذا الهدف لا يكون إلا من خلال الجهاد والكفاح المسلح فأشعلت انتفاضة الحجارة عام 1987م وشرعت في تشكيل خلاياها المسلحة، بدأت مباشرةً بمهاجمة جنود الاحتلال بالسلاح الأبيض، سلطات الاحتلال قامت باعتقال المئات من عناصر حماس ومؤسسها عام 1989م في محاولةٍ منها لكسر شوكة الانتفاضة، عناصر المقاومة بسلاحهم الخفيف شكلوا كتائب الشهيد عز الدين القسام عام1991م ونفذوا سلسلة عمليات بطوليةٍ استهدفت الجنود والمستوطنين، مضت المقاومة في نهجها الجهادي وعندما وقعت منظمة التحرير الفلسطينية اتفاقية أوسلو عام 1993م أعلنت المقاومة معارضتها التنازل عن الثوابت الفلسطينية وحرصت على وحدة الصف الفلسطيني رغم المضايقات التي تعرضت لها والاعتقالات والإقامة الجبرية التي طالت قادة الحركة ورغم اغتيال القادة العسكريين أمثال عماد عقل ويحيى عياش والأخوين عوض الله استمرت كتائب القسام بتنفيذ سلسلة من العمليات الاستشهادية في الداخل المحتل، عام 2000م اندلعت انتفاضة الأقصى الثانية وشهد العمل الجهادي نقلتاً نوعية أخرى في الصراع مع المحتل من خلال فرض المقاومة توازن الرعب ونقل المواجهة الى قلب العدو، اعترف العدو بفشله في القضاء على الانتفاضة رغم القتل والاجتياحات والتدمير وسياسة الاغتيالات التي انتهجها والتي طالت مؤسس الحركة الشيخ أحمد ياسين وخليفته الدكتور عبد العزيز الرنتيسي وقبلهما أبو شنب والمقادمة وشحادة وجمال منصور وجمال سليم وغيرهم الكثير.. زاوجت حماس بين العمل السياسي والعمل الجهادي وحصلت حماس على أغلبية المقاعد في الانتخابات التشريعية عام 2006م ووصفت هذه الانتخابات بأنها نزيهة وحقيقية وشكلت حكومة وحدة وطنية ما لبثت أن حوصرت حكومة الوحدة هذه ومارس الاحتلال الضغط على حماس بشتى الطرق واضطرت حماس للسيطرة على غزة عسكرياً وهو ما أقلق الاحتلال بعد أن طالته صواريخ المقاومة التي دخلت الصراع وشنت حرب الرصاص المصبوب على قطاع غزة المحاصر عام 2998م في مسعاً لإنهاء وجود حماس واعترف العدو لاحقاً باستحالة القضاء عليها رغم قتل وجرح الآلاف من الأبرياء واغتياله للشيخ نزار ريان، هذا الاعتداء وضخامة التضحيات التي قدمها أهل غزة والحصار المستمر وتجربة غزة كلها تفرض أسئلة مستمرة أمام الأمة العربية والإسلامية من دورها اتجاه القضية الفلسطينية للانتقال من الاستضعاف الى الاستخلاف.
المقدم: إذن من جديد مشاهدينا فلنستأنف حوارنا مع الأستاذ الدكتور عبد الله أبو جربوع استاذ الشريعة والقانون، دكتور ندخل الأن الى كرسي الحكم في التجربة التي مرت فيها فلسطين من الاستضعاف الى مرحلة الحكم أول تجربة لحركة إسلامية بهذا الشكل يكون لها حكومة لغاية الأن وسنأتي بعد ذلك الى مرحلة الربيع العربي أن كان بها تأثير على هذا.
المقدم: فهل تعتبر هذه التجربة ضرورية تقود لضغط الأمة، وهل يمكن أنتكون نهضة الأمة دون المرور بمثل هذه التجربة وبالذات تحرير فلسطين ؟
الضيف: ان فلسطين لها دلالة كبيرة تختلف عن غيرها من تجارب فلأن العدو للأمة جميعاً هو الكيان الصهيوني الصهيونية العالمية ممثلة بالكيان الصهيوني الذراع الضارب في الأمة الذي أوقع فينا ما رأينا من المهالك والله سبحانه وتعالى أراد كما أراد لفرعون الذي أراد أن يقتل بني اسرائيل ويستحيي نسائهم ويقتل أبنائهم خوفاً لوجود طفلٍ سيأتي هلاكه على يديه فالله عز وجل أراد أن يرسل هذا الطفل ليعيش ويربو في كنف فرعون وفي قصره وعلى طعامه وشرابه وأمنه وحمايته، فالله سبحانه وتعالى أراد لهذا الكيان الصهيوني الذي أراد أن يحارب دين الله سبحانه وتعالى ويتحدى ويدنس الاقصى وطهره ونقائه أن يرسل الله عز وجل من يهلكهم بإذن الله من خلال من هم على أرض فلسطين.
المقدم: يعني هذا الاستضعاف الى الاستخلاف، فموضوع الاستخلاف له رأسان لغاية الآن في نقاشنا ذكرنا الرأس الأول وهو الحكومة والحكم وكيف كبر، ولكن لم نذكر موضوع التحرير هل هو أيضاً ضرورة للمرور من هنا من فلسطين وهل التحرير يكون من الداخل ومن الخارج ام من الخارج الى الداخل.
الضيف: التحرير هذا لا بد أن نتكلم به على ألسنتنا كما نتكلم بكل شيء من الخير ومن ذكر الله سبحانه وتعالى ومن الصلاة على النبي عليه السلام ومن ذكر الصالحين من سلف هذه الأمة الأخيار فدين الله دافع لتحرير فلسطين، بدأنا بالنبي صلى الله عليه وسلم وطريقنا لتحرير فلسطين اتباعنا للصحابة رضي الله عنهم والسلف الصالح من أجل تحرير فلسطين فنحن نهتدي بهذا الهدي الطيب من أجل أن نصل الى تحرير فلسطين وطننا فلسطين من أيدي الغاصبين ونحرر الأقصى من اليهود ان شاء الله، موضوع التحرير من الداخل ومن الخارج، الأمة بكاملها ترفض أن يقال تحرير فلسطين من الداخل ونركز عليه أو الخارج والداخل لا يستطيع ولن يستطيع، هذا الكلام مرفوض المنظومة والمعادلة الصحيحة من الداخل ومن الخارج { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} { كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ } فيجب كل من عليه النصرة أن يتحرك والأولى بمشروع التحرير من الداخل ومن الخارج والعدو الصهيوني أقول لكم أنه محاصر وبداية الحصار بدأت.
المقدم: وكيف محاصر ؟
الضيف: الذي رأيناه من نصرة فالدعاية الصهيونية تضلل العالم وتطمس الحقائق وهذا ما يجعلنا نقول للمناصرين لنا ولشعوب الأرض من المسلمين وغيرهم أن نكثف الجهود، وجدنا اليوم والحمد لله في الدول العربية التي غيبت عنا اليوم مشاريع التحرير والتحرك معنا بدأت تتغير وخاصة بعد الربيع العربي بشكل واضح، في اوروبا في أسيا وفي امريكا فالحمد لله اليوم ترى قوافل المؤتمرات والإعلام هو السلاح الأول حتى ننتشي بأذرعنا للعمل وإيصال رسالتنا فبدأت الأمور تتغير عما كانت عليه في السابق وهذا ما لا يروق للاحتلال ولا يروق للصهاينة لأن هذا الأمر فيه خطورة ولا يردون أن نفعل
المقدم: هل يروج اليهود لإحدى الفرضيتين أن يكون من الداخل مثلاً لعدم تدخل أخل الخارج ؟؟
الضيف: نعم اليهود لا يريدوا أن تشترك الأمة معنا فإذا الأمة اشتركت معنا فيصبح المسلم في إندونيسيا والمسلم ماليزيا والمسلم في استراليا وافريقيا همه تحرير فلسطين.
المقدم: لكن هذا حاصل الآن، فعند قدومي للحلقة كان أمامي مجموعة من الماليزيين والإندونيسيين وجنسيات أخرى! بماذا تختلف تجربة الحكم في غزة وهي نكهتها اسلامية وصبغتها سياسية شرعية، ماذا تختلف عن بقية التجارب الإسلامية في دول حاولت أن توصل الإسلام لكرسي الحكم ؟؟
الضيف: في الحقيقة أن الله سبحانه وتعالى أراد أن يشجع الآخرين بما حدث في غزة والضفة.
المقدم مقاطعاً: لكن هناك تجارب قبل في السودان والصومال !
الضيف: نعم هناك تجارب لكن هناك الساحة معهم مفتوحة والإمكانات الاقتصادية يتكيفوا معها وتتكيف معهم.
المقدم: لكن الإداء ليس له قبول كما حصل في غزة وإن كان هناك مخالفين بالطبع.
الضيف: الذي حدث في غزة رقعة صغيرة جداً عدد بشري هائل وهو الأكثر في العالم على حجم المساحة الموجودة ثم العدو المحاصر قوي جداً، مقومات الدولة غير موجودة، ذاتية التمويل من الخارج محاصرة الى غزة، كيف استطاع أهل غزة أن يكسروا الحصار ويعيشوا ولا يموتوا، كيف استطاعوا أن يصمدوا في الحرب ولا ينهزموا بإذن الله، كيف استطاعوا أن يسيروا المؤسسات في الدولة وتسير بمنظومة كاملة رغم وجود بعض السلبيات فلا ننكر هذا لأننا محاصرون فهذا دلالة للآخرين أن اعملوا فهناك من لم يكن لديهم مقومات دولة ورغم ذلك استطاعوا أخذ الردم من الحرب لنعيده من جديد فنبني البيوت من جديد، فهذا كان عنوان التحدي أن نعمل ولو من لا شيء.
المقدم: دكتور في حال ذكرت موضوع الربيع العربي في حال اكتمال عِقد هذه التجارب الإسلامية في شمال افريقيا وفي منطقة الشام وتركيا وامتدادات اخرى يعني في حال الاحتمال ما هو تأثيرها على تجربة غزة هل هناك تفاءل أم تشاؤم ؟؟
الضيف: أنا متفائل جداً، دائماً أخي كان هناك إشكالية في الحركات الإسلامية كانت سابقا ذات جهود مبعثرة متناثرة أما اليوم والحمد لله أقول لك المؤتمرات المشتركة، التواصل بين الحركات الإسلامية، الجهود الموحدة الآن هذه علامةٌ سليمة أننا بدأنا في المسار الصحيح إن شاء الله، فكان سابقاً كثير من الحركات الإسلامية بعضهم من يشتغل بالآخر في النقد الفكري ونقد في التوجهات وكذا وكذا، أما الآن أصبح هناك قناعة أن لابد للعمل فلا نشتغل بأنفسنا بل أن نشتغل بعدونا وفيما بيننا نحن نشتغل على النهوض بالأمة هذه أصبحت أولوية اليوم، فنشتغل على النهوض بالأمة وكلٌ يعمل بطريقته وأسلوبه وفكره فهذه لم تصل بسهولة بل أخذت سنين والحمد لله الذي أكرمنا بها ثم نشتغل بعدونا، الآن هذا الهدف أن نشتغل على نهضة الأمة كلٌ بأسلوبه وطريقته ويعذر بعضنا بعضاً ونجتهد فيما اتفقنا عليه ثم الأمة تتحد ضد عدونا، فهذا الأمر بدأ اليوم من جديد، فأقول لك أني أشعر بروح معنوية الان والحمد لله لم يسبق لها مثيل في سابق حياتي لأن هذا المسار بدأ يتصحح بين الحركات الإسلامية والقوى الوطنية الأخرى.
المقدم: منذ تجربة السلطان عبد الحميد الثاني أيضاً كانت ذات طابع اسلامي، لغاية الآن الشعوب تنظر الى تجربة غزة بشيء إيجابي قد يكون في جانب كبير، وأقصد الشعوب التي انتخبت الحركات الإسلامية في بلادها، فما هي أهم المعوقات وأهم المقومات في تجربة غزة ؟؟
الضيف: الحقيقة كمعوقات هنا الحصار، فمن أول يوم بعد الانتخابات نحن حوصرنا وبدء الحصار ولعل الله سبحانه وتعالى له حكمة في ذلك حتى لا ننسى طريق المقاومة ولا ننسى طريق التضحيات والشهداء والهدف الأساسي أرادنا الله سبحانه وتعالى أن نبدأ من اليوم الأول مع المحنة حتى نبقى متمسكين في خيار المقاومة.
المقدم: هل هناك مقومات في القيادة عند قدومي كان بيت رئيس الوزراء اسماعيل هنية في طرف المخيم يقولون لي هذا بيته، يعني هذه نادرة حتى في حكومات اسلامية ومختلفة وغير عربية ولا يوجد مثل هذا الأمر !!
الضيف: لا يمكن إذا عاشت القيادة في معزل عن الشعب أن تنجح وستنهار فوراً ومن هنا أقول لك أن بداية المشوار للحكومة من البداية وإلى اليوم ثم التحديات الموجودة، لا يمكن مرور شهرين دون وجود أزمة.
المقدم: يعني بنصف دقيقة أنت سجنت مع إسماعيل هنية، فهل تقييمك لشخص أبو العبد ما زال هو الذي امتحن في السجن والذي يجلس على كرسي الرئاسة هو نفس الشخص..
الضيف: أحسبه كذلك ولا أزكي على الله أحدا …
نتابع بقية الحلقة مع الدكتور اسماعيل هنية
المقدم: مشاهدينا الكرام نستكمل محاور هذه الحلقة مع دولة رئيس الوزراء الفلسطيني هنا في غزة الدكتور إسماعيل هنية، دكتور إسماعيل دولة الرئيس أبو العبد نشكرك على اهتمامك بنا وببرنامجنا وقناتنا.
الضيف: جزاكم الله خيراً وأهلاً وسهلاً بكم.
المقدم: لا أدري إن كانت هذه أول إطلالة لك على العلماء في برامج دينية في قناة القدس أو لا..
الضيف: في قناة القدس نعم، ويسعدني أن أوجه التحية للإخوة في رابطة علماء فلسطين في الخارج الذين هم في موقع الرعاية لهذا البرنامج.
المقدم: موضوع الاستضعاف والاستخلاف، كيف انتقلتم من مرحلة الاستضعاف إلى الاستخلاف يعني تقييم سريع بعد هذا الحكم ؟
الضيف: بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، جدير بنا أن نتحدث من نقطةٍ تاريخية تمثل البداية هي مرحلة عام67 وما بعد ذلك والاحتلال الصهيوني للضفة الغربية وقطاع غزة جاء وأوضاع الحركة الإسلامية صعبة بحكم الملاحقة الأمنية من النظام المصري السابق، دخلت الحركة في مرحلة أطلق عليها مرحلة إعادة التكوين وإعادة البناء وهذه استمرت من فترة عام67 إلى عام74 وهناك مرحلة أخرى أطلق عليها مرحلة بناء المؤسسات الإسلامية الخيرية وهذه انطلقت من عام94 تقريباً إلى عام80 حيث تأسست الجمعية الإسلامية والمجمع الإسلامي والجامعة الإسلامية ثم مرحلة أخرى هي مرحلة العمل النقابي حيث تواجدت الحركة من خلال المهندسين والأطباء والمحامين والطلاب في العمل النقابي ثم انتقلت الحركة بعد ذلك للعمل على صعيد المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي حيث في العام1984م تم اعتقال الشيخ أحمد ياسين رحمه الله عليه مع مجموعة من الإخوة القيادات كان غرض تكوين جهاز عسكري لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي.
المقدم: اكتُشف هذا العمل ؟
الضيف: نعم اكتشف وتم اعتقال المجموعة وحكموا بأحكام عالية وتم الإفراج عن الشيخ أحمد ياسين في صفقة التبادل عام85 التي نفذتها الجبهة الشعبية القيادة العامة بقيادة أحمد جبريل بعد ذلك أو في خلال هذه المرحلة كان هناك تشكيل للأجهزة المتخصصة داخل الحركة تم تشكيل الجهاز العسكري وكان يسمى في ذلك الوقت المجاهدون الفلسطينيون وتم تشكيل الجهاز الأمني للحركة ” منظمة الجهاد والدعوة مجد “
المقدم: في أي سنة تقريباً
الضيف: تقريباً نتكلم بين عام82 الى عام87 بعد ذلك دخلنا مرحلة الانتفاضة الأولى مرحلة انتفاضة الحجر والمقلاع كان لحركة حماس شرف التأسيس كحركة مقاومة وكان لها شرف المساهمة الفاعلة في انطلاقة هذه الانتفاضة وديمومتها لسبعة سنوات تقريباً ثم دخلنا إلى مرحلة أخرى هي مرحلة أوسلوا وما تبعها وأنا أسميها سنوات عجاف كانت على القضية الفلسطينية وعلى الحركة الإسلامية إلى أن تم الإفراج عن الشيخ أحمد ياسين رحمه الله من سجون الاحتلال الإسرائيلي بعد عملية الاغتيال الفاشلة للأخ خالد مشعل أبو الوليد ثم جاءت الانتفاضة الثانية انتفاضة الأقصى ونقلت الحركة نقلات نوعية منها العودة إلى العمل الجهادي الواسع ومن خلاله نفذت الحركة العديد وسلسلة من العمليات الجهادية على طول وعرض فلسطين ثم كان عام2005 كان تحرير قطاع غزة من الصهاينة، والحركة والحمد لله أسهمت إسهاماً مباشراً في تحرير قطاع غزة من خلال عملها المقاوم دخلت مرحلة الانتخابات سنة 2006 وفازت الحركة في هذه الانتخابات.
المقدم: كنتم تتوقعون الفوز بهذه النسبة ؟
الضيف: نعم كنا نتوقع والغالبية العظمى كانت تتوقع وجوداً قوياً لحركة حماس في المجلس التشريعي قلة ربما كانوا يتوقعون أن تقفز لهذه النسبة لكن طبيعة الأحوال كانت تؤشر على أن حماس حركة كبيرة قوية شابة قادمة من مربع المقاومة إلى مربع العمل السياسي والمزاوجة بين المقاومة والسياسة، طبعاً في هذه المرحلة فزنا بالانتخابات وشكلنا الحكومة، أما على المستوى التنظيمي مررنا بمرحلة استضعاف، استضعاف سياسي إعلامي جماهيري ثم بدأت الحركة مع تطور أداءها من مرحلة إلى مرحلة من عام 67 الى هذه اللحظة الحركة انتقلت نقلات نوعية على المستوى السياسي على المستوى الشعبي والإعلامي وعى مستوى علاقاتها الداخلية وعلى مستوى علاقاتها مع محيطها العربي والإسلامي وعلى مستوى علاقاتها الدولية وحتى اليوم حركة حماس في مربع متقدم على رقعة التمكين للمشروع الإسلامي على أرض فلسطين بإذن الله سبحانه وتعالى وبدأت تقترب مع شعبها أيضاً بإذن الله نحو تحرير القدس والأقصى.
المقدم: ميزت هذه التجربة يعني محاولات لتجربة اسلامية في دول عربية وغير عربية وما زالت محاولات فتية ومحاولات تحبو أحياناً، هل هناك ميزة للتجربة خصوصاً ارتباطها في مرحلة التمكين كما وصفتها يعني ميزة هذه التجربة هل يمكن أن تنهض الأمة دون مرور مشروعها النهضوي دون المرور في تجربة الحكم التي حصلت في غزة أو هل تزعمون أن هذه هي حصرياً لكم ؟؟
الضيف: ما يميز حركة المقاومة الإسلامية حماس أنها موجودة على الأرض الفلسطينية وأن أرض فلسطين حباها الله بخصلتين عظيمتين هي القدسية والبركة هذا أولاً أما ثانياً أن حماس قدرها أن تواجه المشروع الصهيوني على أرض فلسطين.
المقدم مقاطعاً: لو سمحت لي بالتعليق على موضوع القدسية والبركة يعني موقع غزة لو رجعنا لأرجح الآراء من تحديد مكان الأرض المقدسة فغزة في الأرض المقدسة ومن ضم الأرض المباركة ونحن نعرف أن الأرض المباركة هي الوعاء الأكبر ومن داخله تأتي الأرض المقدسة التي تمتد من غزة إلى الكسيفة وإلى الكرك ثم شمالاً.
الضيف: نعم بفضل الله عز وجل، فهذه الميزة الأولى أما الميزة الثانية أن حماس في الخندق المتقدم للدفاع عن موروث الأمة في فلسطين في مواجهة المشروع الصهيوني، منح ذلك ميزة لحركة حماس في مسارات عملها الثلاث وأن حماس تعمل على ثالث مسارات في الوقت الحالي، مسار الدعوة والتربية والمقاومة والجهاد والحكم والسياسة هذه المسارات تكاد غير متوفرة لبقية الحركات الإسلامية بما فيها الجماعة الأم ” الإخوان المسلمون ” فهنا الوضع مختلف قليلاً وهذا منح لحركة حماس ميزات وحيوية وأعطاها القدرة على تقييم مشروع إسلامي شامل كامل نابع أيضاً من مدرسة الإخوان المسلمين بفضل الله سبحانه وتعالى، الآن يمكن للحركات الإسلامية الأخرى أن تستفيد من هذه التجربة وهي الآن صنعت الربيع العربي وأصبحت الأن في سدة الحكم من خلال البرلمانات والحكومات التي تشكلت بعد الثورة ، نعم يمكن أن تستفيد كثيراً جداً ونحن من موقعنا المتواضع لدينا بعض الاتصالات التي من خلالها نصنع بعض موروثات هذه التجربة بين يدي الإخوة صناع القرار في المنطقة.
المقدم: جميل يعني المحاور الثلاث التي تقوم عليها تجربة الحكم هذه، أريد أن أسأل عن البعد الشرعي هناك علماء في السياسة الشرعية لديكم هنا في غزة وفي خارج غزة وأنتم بالتأكيد تطلون على العلماء ويطلون عليكم بحكم التواصل الإلكتروني وهذا الضباب الضخم من قدرات التواصل يعني هل لديكم رقابة شرعية أو لجنة تشرف على قراراتكم في السياسة الشرعية.
الضيف: نعم أولاً نحن حكومة فلسطينية حكومة وطنية ولكن بمرجعية اسلامية نحن أبناء مشروع اسلامي وتربينا على موائد القرآن بفضل الله عز وجل ونعتبر العلماء جزء أصيل من مكونات الحكم وكذلك مراحل التمكين وبالتفصيل نحن بفضل الله عز وجل من البداية عينا مستشاراً شرعياً لرئيس الوزراء وهو الاستاذ الدكتور مازن اسماعيل وهو عميد كلية الشريعة بالجامعة الإسلامية لا نقطع فيه اشكال أو فيه شبهة إلا بالعودة إليه هذا واحد واثنين لدينا علاقات وثيقة ومباشرة ودائمة مع الإخوة في رابطة علماء فلسطين هنا في داخل قطاع غزة وداخل فلسطين.
المقدم مقاطعاً: كالدكتور سالم سلامة والدكتور مروان أبو راس.
الضيف: نعم والدكتور نسيم ياسين ومجموعة الإخوة ولدينا والحمد لله عدد من العلماء في داخل الحكومة الفلسطينية في داخل المجلس التشريعي الفلسطيني والأمر الثالث أنه أكرمني الله وتعالى شخصياً بالقرآن الكريم من صغيري.
المقدم: للتوضيح أنت معك رواية حفص إلى شعبة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الضيف: نعم معي السند بفضل الله عز وجل أخذته وهو السند المتصل برسول الله صلى الله عليه وسلم عن طريق أحد الإخوة الكرام وهو الأخ الدكتور عبد الرحمن الجمل وهو أخ يحمل شهادة الدكتوراه في القرآن.
المقدم: يعني الغريب دولة الرئيس أن رئيس دولة أو رئيس وزراء يكون يخطب الجمعة ويقوم في ليالي رمضان بالناس ويدعو ويصعد المنابر وله سند متصل بالرسول صلى الله عليه وسلم.
الضيف: أعتقد أن هذا بفضل الله سبحانه وتعالى أولاً وثم نحن أبناء حركة إسلامية تربينا في هذه المدرسة مدرسة النبوة والحركة حينما قدمت قياداتها أو نماذج في الحكم لا بد أن تعطي نموذجاً مختلفاً عما تآلف عليه وتعارف عليه الناس ولا أعتقد أن هذا هو الغريب لكن الغريب العكس إنما على مدار سنوات الحكم الإسلامي من أكثر من ثلاثة عشر قرن من الزمن والأئمة والولاة والخلفاء هم أئمة الناس في الدين والدنيا.
المقدم: لكن هناك بوادر بالرجعة.
الضيف: في مراحل الاغتراب صار هناك الافتراق بين القرآن والسلطان فنحن نحاول أن نعيد هذه الشراكة الاستراتيجية بين القرآن والسلطان.
المقدم: هناك نماذج مشابهة بالطريق.
الضيف: نعم وكثيرة بفضل الله سبحانه وتعالى.
المقدم: دولة الرئيس موضوع الحكم أو موضوع التحرير لاستغلال الوقت معك، التحرير لفلسطين يعني اليهود يفرحون عندما نقول أن تحرير فلسطين سيكون من داخلها هذا مدح للمقاومة في فلسطين لكن في الأخير هو ملعوب سياسياً فهل تحرير فلسطين من الداخل أم من الخارج بتقديركم ؟
الضيف: أنا بتقديري فلسطين تحريرها من الداخل والخارج معاً والمقاومة الفلسطينية من الداخل لها مهمات تقوم بها ولكن مشروع التحرير الشامل لفلسطين لا بد أن تنهض به الأمة بكاملها والتاريخ أثبت ذلك كما وقعت فلسطين تحت سيطرة الغزاة الصليبيين والمغول والتتار كان تحريرها من خارج فلسطين وليس من داخلها بالمناسبة وهذا صلاح الدين رضي الله عنه وهذا الظاهر بيبرس وقطز وكل أولئك.
المقدم: وحتى سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
الضيف: سيدنا عمر رضي الله عنه وهو الفاتح الأول للقدس وفلسطين لذلك نحن اعتقادنا قائم مثل الطائر لا يمكن أن يحلق إلى بجناحين، جناح في الداخل وجناح في الخارج، جناح في الداخل هو الشعب الفلسطيني وجناح في الخارج وهو الشعب الفلسطيني وأبناء الأمة العربية والإسلامية حينما تتكامل الحلقات الثلاث الحلقة الفلسطينية بالحلقة العربية بالحلقة الإسلامية نعم نحن سنكون مع موعد للتحرير الشامل للقدس وفلسطين بإذن الله تعالى، لا يمكن أن نسقط من استراتيجيتنا أيٍ من الساحتين لا ساحة الداخل ولا ساحة الخارج.
المقدم: بقي معنا دقيقتين فقط فهل لكم تقييم لهذه التجربة أولاً وما هي أهم المعوقات أمامها ؟
الضيف: هي تجربة واعدة وتجربة عميقة ومرت في زمن قصير بأكثر من مرحلة فنحن نتكلم عن حكومة تعرضت لمعركة ثلاثية الأبعاد، عسكرية بالحرب، واقتصادية بالحصار، وسياسية بالعزلة السياسية، وأيضاً بمؤثرات داخل الساحة الفلسطينية من الإضرابات إلى الاستنكافات الى العصيان المدني الى الفلتان الأمني إلى كل شيء.
المقدم: حضرتك شخصياً كان هناك محاولة اغتيال لك.
الضيف: نعم والاغتيالات متعددة أيضاً واستطاعت الحكومة حقيقة أن تتغلب على كل هذه المحطات الصعبة والمخاطر وأن تبقى أولاً محافظاً على سمتها الإسلامي ثانياً على مصداقيتها السياسية لأن البعض كان يعتقد أن دخول حماس الى الحكم سيرفض على حماس أن تستوجب لقرارات الحكم في التعاطي مع المتطلبات الإقليمية والدولية الذي يعني اعترافا وتراجعاً وتنازلاً و مرونة تصل الى الخطوط الحمراء، حماس حافظة على المصداقية السياسة من أول ما دخلنا قلنا لن نعتر بإسرائيل وبعد ست سنوات من الحكم نقول حق العودة وقلنا فلسطين وكل فلسطين وما زلنا نقول ذلك، لذلك هذه المصداقية السياسية رقم2 أما رقم3 قدمت نموذجاً محترماً في الإدارة والشفافية والنزاهة وحماية المال العام وتسخير الامكانات المتوفرة لهذه الحكومة لخدمة الشعب الفلسطيني لكن لا شك أن هذه التجربة مرت بصعوبات ليست سهلة وقد لا أستطيع أن أسردها في وقت قصير.. ربما هناك بعض الأخطاء التي ارتكبت فنحن بشر ولسنا ملائكة ولسنا حكومة من الملائكة بل نحن حكومة بشرية سمتها أنها تصيب وتخطء وأنها تجتهد فاجتهادها يمكن أن يصيب أو يخطأ فنستطيع أن نقول أن الصورة العامة لهذه التجربة هي صورة طيبة وتجربة ناجحة يمكن أن يبنى عليها ويمكن أن تعمق نجاحاتها ويمكن أن تصوب أخطائها وأنا في ظني بشكلٍ عام أن التجربة بشكل عام تجربة ناجحة.
المقدم: لا يزعم أحد هنا في غزة أن هذه التجربة هي المشروع النهضوي والاستخلاف النهائي للأمة:
الضيف: هي إن شاء الله على طريق التمكين ونحن نعتقد أن ما زلنا في مراحل الابتلاء وكما سؤل الإمام الشافعي رضي الله عنه ” أي الأمرين أفضل للعبد أو للإنسان أن يُبتلى أو يُمَكن، قال: لن يمكن حتى يبتلى ” فنحنن مررنا في مراحل ابتلاء وما زلنا ونحن ما زلنا قدم في منطقة التمكين وقدم اخرى في منطقة الابتلاءات فهي نعم خطوة على طريق التمكين بعد الاستضعاف الذي مررنا به والله سبحانه وتعالى وصف حالنا وحال من سبقنا من امتنا والامم وقال:{وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } هي مرحلة استضعاف ثم مرحلة تمكين ونحن متجهون ان شاء الله لمرحلة التمكين خاصةً مع هذا الربيع العربي وهذا الشتاء الاسلامي هذا ربيع القدس.
المقدم: حضرتك سميته ربيع القدس.
الضيف: نعم هذا ربيع القدس لأن القدس اليوم حاضرة في كل قلب عربي وحاضرة في ميدان التحرير وميدان التغيير وميدان الشهداء.
المقدم: ويهتفون للقدس رايحين شهداء بالملايين.
المقدم: على كلٍ إن شاء الله أن نصلي وإياك دولة رئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور اسماعيل هنية، سعدنا بكم ونتمنى أن تكون اطلالاتك كثيرة عبر قناة القدس، وجزاك الله خيراً.
الضيف: جزاك الله خيراً، ومن خلالك وخلال هذا البرنامج أوجه التحية لكل علماء فلسطين في الداخل والخارج وعلماء الأمة وعلى رأسهم فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي وأوجه التحية لأبناء شعبنا الفلسطيني في مخيمات لبنان ومخيمات سوريا والأردن والعراق ونقول لهم أن حق العودة آتٍ لا ريب فيه بإذن الله ولا عودة عن حق العودة.
المقدم: شكراً لك وجزاك الله خيراً دولة الرئيس
الضيف: شكراً لكم.
انتهت الحلقة