الضيف: د. عبد الجبار سعيد – الأمين العام لهيئة علماء فلسطين في الخارج وأستاذ الحديث المشارك في جامعة قطر.
المقدم: د. عمر الجيوسي
تاريخ الحلقة: 7/9/2012م
https://www.youtube.com/watch?v=EnqgK4KvDCs
المقدم: مشاهدينا الأحبة في القدس وفي كل فلسطين وفي كل مكان، كثُر الحديث في قضية زيارة المسجد الأقصى والقدس بتأشيرة صهيونية ، وتحدث فيها جمعٌ كبيرٌ من المشايخ والمفتين والكتاب والصحفيين والسياسيين وغيرهم، فكانوا بين مؤيدٍ لها ومعارض، ولتجلية القول في هذه النازلة الفقهية المعاصرة، إذ تحتاج إلى تأصيلٍ فقهيٍ معاصر.
مشاهدينا : القول بتحريم زيارة المسجد الأقصى والقدس بتأشيرة إسرائيلية، مسألةٌ أثيرت منذ أكثر من أربعين سنة أثارها عددٌ من العلماء، منهم شيخ الأزهر السابق الشيخ الدكتور عبد الحليم محمود حيث رفض أن يكون مع السادات في زيارته للقدس.
وكذلك الشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر ومفتي مصر السابق حيث قال:( إن من يذهب إلى القدس من المسلمين آثم آثم ).
وكذلك الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر السابق والشيخ يوسف القرضاوي وعلماء الخليج ومعظم علماء الأمة
حتى بعض رجال الدين من النصارى قالوا بمنع أتباعهم من زيارة القدس ومنهم البابا شنودة الثالث والمطران عطا الله حنا الذي قال:( إنني أرفض زيارة القدس في ظل الاحتلال فهذا موقف مبدئي أتمسك به وسأبقى ).
مشاهدينا: تقريرنا المصور في هذه الحلقة سيأخذنا إلى مملكة القدس وهي تحت الاحتلال الصليبي حين كانت تسمى مملكة القدس الصليبية وحين كان يحج إليها الأوروبيون ويـَمنع الفرنجةُ المسلمين من دخول القدس إلا بإذن من فرسان المعبد أو من ملك بيت المقدس وسيصحبنا في التعليق على هذا التقرير من جامعة طيبة بالمدينة المنورة الدكتور فؤاد الدويكات المتخصص في تاريخ الحروب الصليبية وأدب الرحلات في تلك الفترة.
مشاهدينا: في فترة الحروب الصليبية سجلت بعض الزيارات الرسمية للقدس وهي تحت احتلال الفرنجة، مثل زيارة الأمير أسامة بن منقذ وسجلت بعض زيارات غير الرسمية وزيارة قليلة للرحالة والعلماء مثل الإدريسي والسمعاني، وفي عصرنا هذا يدعو البعض ويفتي بجواز زيارة القدس وهي تحت الاحتلال الصهيوني ولا يعتبرها تطبيعا دينيا ولا اقتصاديا في ظل وفي حرّ هذه الفتاوى والآراء نستضيف، الدكتور عبد الجبار سعيد الأمين العام لهيئة علماء فلسطين في الخارج وأستاذ الحديث المشارك في جامعة قطر، أهلاً بك ضيفاً وراعياً لحلقات هذا البرنامج، مشاهدينا نستنتج محاور وحوارات هذه الحلقة من هذا الحديث النبوي الشريف :
( عن ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، أفتنا في بيت المقدس. فقال: ائتوه فصلوا فيه – وكانت البلاد إذ ذاك حرباً – فإن لم تأتوه وتصلوا فيه فابعثوا بزيت يسرج في قناديله ) رواه أبو داود.
المقدم: دكتور عبد الجبار أنت كضيف أنتم كهيئة هنا في الاستديو، أثار موضوع الحلقة فتاوى مع وفتاوى ضد، الدعوى المتكررة لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ووزير أوقافه الهباش كانت تدوا الى زيارة القدس حتى في ظل الاحتلال من باب دعم صمود المقدسيين والتضامن معهم وكان هناك تهجم على من يحرم زيارة الأقصى والقدس في ظل الاحتلال، فسنتناول أولاً الرأي الشرعي فهل الهيئة قدمت ما عليها سواء بيان أو غيره سواء كنا لا نفضل البيانات فقط عادةً.
الضيف1: بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة و السلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ومن والاه، جزاكم الله خيراً، بدايةً ومن خلالكم نحيي أبنائنا في بيت المقدس وأبناء الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج ونرجو الله تبارك وتعالى أن ييسر لنا زيارة القدس محررة، والموضوع من حيث البداية كما تفضلتم هو محل اجتهاد ولا يملك فريق من الفرق المؤيدة أو المعارضة أن يزعم لنفسه الصحة المطلقة باعتبار الأمر مسألة نازلة ومعاصرة وإن تكررت الحالة عبر التاريخ كما ذكرتم في الحروب الصليبية وما شابه.
نحن أولاً كهيئة علماء فلسطين في الخارج موقفنا في المسألة أثبتناه في أكثر من مكان في البيانات وغير البيانات، وعلمائنا في أكثر من كتاب وأكثر من مؤلف أثبتوا وجهة نظرهم التي تتوافق مع وجهة نظر الهيئة التي تميل إلى تحريم الزيارة في ظل الاحتلال وإلى القول بمنع زيارة المسلمين من خارج فلسطين لبيت المقدس في ظل الاحتلال وهذا واضح في أكثر من مكان ونحن نعتقد أن الدعوة إلى زيارة القدس في ظل الاحتلال طابعها سياسي أكثر منه علمائي أو شرعي، والذي روج لهذا الخط المتبني لأوسلو والذي يرى جواز الزيارة عدد من العلماء الآخرين نحترمهم ونقدر رأيهم واجتهاداتهم لكن الترويج لهذه المسألة بهذه الصورة والإصرار من الأخ الدكتور الهباش على أن المسألة فريضة وضرورة سياسية هو انتصار لرأي الرئيس الفلسطيني للجانب السياسي مع تقدير لوجهة النظر.
المقدم: لكن منهم ولي الأمر ومنهم العالم ؟
الضيف1: قضية ولي الأمر مسألة تحتاج لنظر والرئيس الفلسطيني محل احترام وتقدير منا ومن غيرنا وهذه المسألة مرتبطة بالمسؤولية ولسنا بصدد الطرح الشرعي لهذه المسألة في هذا الحوار، لكن نحن نناقش رؤية شرعية في مسألة تهم جميع المسلمين ففي القدس قضية لا تتعلق بالفلسطينيين وحدهم ولا تتعلق بالعرب وحدهم فهذه المدينة للمسلمين ومسرى النبي صلى الله عليه وسلم وبالتالي عند مناقشة المسألة لا بد من تناولها من جميع جوانبها وبالمناسبة قضية التأشيرة الإسرائيلية هي جزء من الإشكالية وليس الإشكالية وحدها.
المقدم: لنحدد الإشكالية في بداية الحلقة ؟
الضيف1: لو جاء الاحتلال الصهيوني وقال نسمح للناس أن يزوروا بيت المقدس دون تأشيرة إسرائيلية أو لن نختم جوازهم الشخصي – وبالمناسبة بعض الجنسيات وجوازات السفر تستطيع أن تدخل دون تأشيرة إسرائيلية – فهل هذا يجعل الأمر جائزاً، ففي تقديري لا فالمسألة ليست بالتأشيرة والختم فقط بل المسألة عبارة عن مسائل متكاملة، فقضية التأشيرة واحدة وقضية التطبيع واحدة والقضية المركزية في هذه المسألة والتي يجب أن نتوقف أمامها هي سعي الاحتلال الصهيوني لتحسين صورته أمام الرأي العام والعالمي والإقليمي والدولي بأنه احتلال ناعم احتلال متسامح لا يمنع الآخرين من ممارسة حرية الأديان، والمسلمون أحرار في الوصول للأماكن المقدسة وليس هناك عدوان على هذه الأماكن، والواقع في الحقيقة أن كل ما يقوم به الاحتلال هو خلاف هذه الصورة.
المقدم: وكذلك هو يمنع أهل القدس من الصلاة في المسجد الأقصى ويمنع مساطب العلم ؟
الضيف1: هو ليس يمنعهم من الصلاة فقط بل يخرجهم ويطردهم ويهجرهم من بيوتهم ويمنع كذلك المساطب وغيره وليس الشيخ رائد صلاح وحده من الممنوعين بقرارات اسرائيلية للوصول إلى القدس أو مسجد الأقصى فأبناء القدس ممنوعون وأبناء فلسطين ممنوعون أيضاً، ففي رمضان المبارك الذي مضى رأينا كيف كان قمع الاحتلال لوصول الفلسطينيين لبيت المقدس فمنع الرجال دون سن الخامسة والأربعين من دخول القدس وسمح للنساء وسمح للكبار وفي مراحل سمح للنساء وحتى الأطفال، فلا يوجد دولة في العالم تتعامل بعنجهية وظلم لغيرها من أبناء الديانات الأخرى لمنعهم من حق الصلاة في أماكنهم المقدسة كما هو الاحتلال الصهيوني والزيارات التي يدعون لها ستُجمل هذا الاحتلال.
المقدم: هناك رجل أمريكي مسلم يقيم دعوة قضائية على السجون الأمريكية لأنهم منعوه من الصلاة !! على كل نحن بدأنا في هذه المقدمة لحرارة الموقف ولكن نستفيد منك كمتخصص في الحديث، والحديث يقول ” أئتوه فصلوا فيه فإن لم تأتوه وتصلوا فيه … ” الجو الذي قيل فيه هذا الحديث وحرص الصحابة على السؤال عن ما نسأل عنه الأن ؟
الضيف1: دعني أربط هذه المسألة ” إئتوه فصلوا فيه ” لحديث ” لا تشد الرحال إلا لثالثة مساجد ” فبعض الإخوة الذين اجتهدوا في جواز الزيارة بل في وجوبها كما أفتى الهباش والكل تعامل مع المسألة وتحدث في اختصاصه وغير اختصاصه لأن القدس تهم الجميع فربما يكون هذا المبرر من حيث النتيجة، لكن الذين ذهبوا لهذا الرأي ففي تقديري جانبهم الصواب في الوقوف أمام النص، فالنص لا يشير بحال من الأحوال إلى وجوب الزيارة والكلام قائم على الإباحة بل والندب إلى أقصى حد يمكن أن تذهب فيه للمسألة هو الندب وبالتالي من لم يفعل فليس آثم لأن الأصل في الوجوب يحتاج لجملة من المقومات والأدلة التي لا تتوافر في هذه الأدلة، فعندنا في الحديث نفي وإثبات – لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد – وهذا يصرف الأمر إلى الندب وعندنا – إئتوه فصلوا فيه – وهذا الحديث في المناسبة أقصى ما يمكن أن يقال في درجته حسن لغيره لأن بعض العلماء ضعفه وبعضهم حسنه وبمجموع الطرق يمكن أن نعتبره حسن لغيرهن فالمسألة في إطار الندب –إئتوه فصلوا فيه فإن لم تأتوه وتصلوا فيه فابعثوا …- فهناك خيار، ولماذا نقول هذا الكلام لأن نقل المسألة من دائرة الوجوب إلى دائرة الندب يجعل النظر بها في ضوء أنها مسألة معاصرة وفي ضوء مئالات الأفعال – فقه المئالات كما يؤكد على المسألة العلماء بمجموع المئالات وليس بمسألة التأشيرة فقط – يجعل المسألة ينظر إليها بمنظار آخر فنحن نناقش مسألة بمنظار آخر يترتب على فعلها جملة من المضار والآثار التي تضر بالقدس وبأهل بيت المقدس من حيث النتيجة بالمجموع العام وتضر بالقضية الفلسطينية والمصلحة العامة الفلسطينية والاسلامية وتلمع وجه الاحتلال وتدعم الاحتلال اقتصادياً وسياسياً واعلامياً على كل الصعد وبالمناسبة مما يؤكد هذه المسألة ترحيب الاحتلال بفكرة الزيارة ولا ننسى أن رئيس بلدية الاحتلال القائم جعل هدفه الاول أن يحق الزيارة للقدس ويجلب لزيارة القدس بمؤامرته التي تقوم عليها بحدائق داوود التي يريد أن يبنها حول المسجد الأقصى أكثر من عشرة ملايين سائح فهو الآن حقق قرابة الاربعة ملايين سائح والدعوة إلى هذه الزيارة هي ترويج لهذه الفكرة بالنتيجة وتتوافق وتنسجم مع هذه الفكرة، فترحيب الاحتلال لمثل هذا مرة اخرى لان هذا يلمع وجه الاحتلال أمام العالم ويرفع ضغطاً شديداً عنه بأنه يصد الناس عن أماكن عبادتهم.
المقدم: نحن نتنقل بين النص وبين الواقع وهذه الفتاوى تحتاج إلى هذين الشرطين، سألتك عن حرص الصحابة وسؤال ميمونة – نوضح أولا من هي ميمونة – فهناك أكثر من اسم لميمونة فمن هي المقصود بها في الحديث وقولها أفتنا…
الضيف1: الفتوى فتوى رسول الله صلى الله عليه وسلم، والسياق أولاً ثمة خلاف ان كانت ميمونة هي زوج النبي صلى الله عليه وسلم أو مولاتها والأرجح وما ذهب إليه الكثير من علماء المسلمين أنها ام المؤمنين ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها وأرضاها زوج النبي صلى الله عليه وسلم، والحرص على بيت المقدس ليس مستغرباً لأن الصحابة رضوان الله عليهم توجهوا في بداية عبادتهم وصلاتهم إلى بيت المقدس قرابة ما يزيد عن السنة والنصف تقريبا قبل أن تحول القبلة الى الكعبة المشرفة.
وان الصحابة رضوان الله عليهم ارتبطوا ببيت المقدس ولهم علاقة وثيقة ببيت المقدس وان كان في ظل الاحتلال في ذلك الوقت ولا ننسى ان النبي صلى الله عليه وسلم اسري به الى بيت المقس قبل الهجرة وبالتالي هذا البحث عن بيت المقدس وطلب الفتوى في بيت المقدس هو مؤشر على هذا المستوى من الارتباط الوجداني والايماني والعقدي لدى الصحابة رضوان الله عليهم بدليل ما قام به الصحابة بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، فأول مهمة حرص ابو بكر رضي الله عنه على تسيير جيش اسامة لفتح الشام وعمر رضي الله عنه حرض على فتح بيت المقدس بنفسه وكان هذا هدفاً وعنواناً واضحاً للمسلمين جميعاً ولذلك كان البحث عن المسألة في سياق الاهتمام بالقدس والارتباط بها من الصحابة رضوان الله عليهم وكان هذا الجواب من النبي صلى الله عليه وسلم لشد الصحابة لهذا المسجد والحرص على زيارته.
المقدم: نريد أن نقارن هذا الوضع الذي نعيشه الآن وأراء العلماء بما حصل في فترة احتلال الفرنجة والصليبيين لبيت المقدس ؟
المقدم: ننتقل معكم مشاهدينا لنتابع هذا التقرير لفترة الحروب الصليبية عندما سجلت بعض الزيارات الرسمية للقدس وهي تحت الاحتلال الفرنجة وزيارات رسمية وغير رسمية للرحالة وبعض العلماء، لنذهب الى القدس عندما كانت مملكة صليبية ونشاهد معاً:
التقرير المصور: ” ليست زيارة السادات الى المسجد الأقصى ولا بعض الشخصيات العلمية الذين زاروا القدس وهي تحت الاحتلال الصهيوني حالة لم تحصل في التاريخ، عندما كانت القدس تحت الاحتلال الصليبي كانت تسمى مملكة القدس الصليبية، زارها بعض الرحالة ومنهم الإدريسي وزارها اسامة ابن منقذ حيث كان أحد امراء المسلمين يرسل في مهمات ومراسلات بين عدد من ملوك وامراء المسلمين وملوك الصليبيين في بيت المقدس، لكن تلك الزيارات مختلفة عن الزيارات التطبيعية التي تحصل هذه الأيام بإذن من سلطات سفارات الصهاينة في بعض البلاد العربية والإسلامية، والزيارات التي حصلت تحت الاحتلال الصليبي كانت في الهدنة المؤقتة بين جيوش المسلمين ومملكة بيت المقدس الصليبية والتي كان من شروطها تمكين المسلمين من زيارة بيت المقدس كانت القدس بين جيوش متقاتلة ولم تكن في مثل حالتنا التي تحالف فيها بعض دولنا مع المحتل وعمل على حمايته وضبط حدوده ورعاية أمنه، فما الفرق بين الزيارات للقدس التي تمت في زمن الاحتلال الصليبي والزيارات التي تتم الآن التي تتم زمن الاحتلال الصهيوني “
المقدم: نرحب بكم من جديد مشاهدينا وينضم إلينا من جامعة طيبة في المدينة المنورة الدكتور فؤاد دويكات المتخصص في تاريخ الحروب الصليبية وأدب رحلات في تلك الفترة.
دكتور فؤاد أهلاً بك في هذه الحلقة الخاصة في موضوع القدس ونتناول الجزء المتخصص في تاريخ الحروب الصليبية وأدب الرحلات، أولاً بالنسبة لزيارة القدس في ذلك الزمن بالذات الانتقال الداخلي داخل القدس لو تضعنا في صورة زيارة أهل فلسطين – للملكة الصليبية – عندما كانت القدس تحت الاحتلال الفرنجة فهل كان يسمح برحلات داخلية من داخل فلسطين إلى القدس ؟
الضيف2: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، مرحباً بك دكتور عمر وبمشاهديك الكرام وبخصوص ما تفضلت به من سؤال فإننا في هذا المجال نذكر بأن مملكة بيت المقدس الصليبية كانت تتعامل فيما يتعلق بهذا الموضوع في ممارسة عنصرية واضحة جداً في الوقت الذي كانت تولي فيه زيارات الاوروبيين عنايتها الفائقة والاستفادة من هذه الزيارات دعائياً ولتفخر باعتبارها حامية للمقدسات المسيحية في فلسطين وتسهب المصادر الاوروبية وخاصة كتب الرحلات الأوروبية في الحديث عن تدفق هؤلاء الزوار إلى فلسطين عامة والقدس خاصة ويحدثنا أحد الرحالة أنه شاهد ما يزيد على الستين ألف إنسان وهم يقفون ويحملون الشموع في المقابض وتقدم لهؤلاء التسهيلات الكبيرة لزيارة هذه الأماكن، وفي ذات الوقت كانت مملكة بيت المقدس تعامل المسلمين معاملة سيئة وتحرص على عرقلة هذه الزيارات وبخاصة إلى المدينة المقدسة وهنا كما تذكر كتب الرحلات الأوروبية يحدثنا رحالة ألماني أنه أثناء مروره بنابلس يذكر بأن المسلمين وهو ما يسميهم الكفار الذين يقطنون المدن والقرى المجاورة يقطعون أثناء دخولهم المدينة المقدسة ويجب أن يحصلوا على جواز مرور إما من ملك بيت المقدس الصليبي أو من كهان المعبد باعتبارهم أحد الفرق الدينية التي كانت موجودة بكثرة في القدس أو أعضاء المنظمات الدينية لجواز مرور بحيث لا يستطيع أن يدخل المدينة المقدسة إلى من يحمل هذا الجواز ومن لا يحمل هذا الإذن لا يسمح له بالدخول، ولنتذكر أن الفرنج حينما احتلوا مدينة بيت المقدس كانوا يمنعوا المسلمين للإقامة في المدينة إقامة دائمة على اعتبار انهم كفار ورجس لا يجوز دخولهم إلى هذه المدينة ومن هنا حرمة عليهم الإقامة فيها وسمح لهم بالزيارات، ونلاحظ أنها كانت من ضمن إجراءات وإجراءات معقدة للدخول للمدينة.
المقدم: فهم يدخلون بجوازات سفر من فرسان المعبد أو من ملك بيت المقدس وهذا بشكل عام ولو قسمناها لزيارات رسمية وزيارات غير رسمية، فماذا عن زيارة أسامة بن منقذ صاحب كتاب الاعتبار، وخاصة أنهم يعتبروننا كفار في ذلك الوقت وهو كان يقول في كتابه لعنهم الله فماذا عن زيارة اسامة بن منقذ بصفته سفيراً للدولة الفاطمية ؟
الضيف2: لنتذكر أولاً أن اسامة بن منقذ هو من الطبقة الأرستقراطية من الطبقة الحاكمة في المجتمع الاسلامي وأنه حينما كان يدخل لبيت المقدس كان يدخل بصفته سفيراً لدمشق أو أنه في الزيارة المشهورة التي نطالع أخبارها في كتاب الاعتبار كان مرافق لمعين الدين المتصرف في شؤون امارة دمشق وهذه الزيارة قد تمت وفق ترتيبات معينة دعنا نسميها ترتيبات رسمية وقد استقبل من السلطة الحاكمة في بيت المقدس كان يرافقهم وليم ديفور سيد اقطاعية طبرية وزاروا ملك بيت المقدس الذي هو الملك الانجوي ويحدثنا اسامة بن منقذ عن هذه الزيارة وأنه كان يرتبط بعلاقات صداقة مع هؤلاء، واريد ان اشير الى نقطة في هذا السياق أن اسامة بن منقذ نفسه يحدثنا أنه عندما كان يدخل القدس ويريد أن يصلي في القدس كانوا يصلوا في مسجد صغير بالقرب من المسجد الأقصى ويذكر لنا أنه حينما دخل ليؤدي الصلاة حاول الفرنجة أو الصليبيين الجدد أن يمنعه من الصلاة وأن يثنيه عنها باعتبار أنها كانت ممارسة لم يسبق له أن شاهدها وتدخل المرافقين وتركوه يكمل الصلاة، والقضية الثانية أن أسامة يزور هؤلاء الناس وهو لم يكن يخفي حقيقة مشاعره الاسلامية وأنه يراهم أنهم أعداء وأنهم محتلين فكان يشير إليهم – لعنهم الله وخذلهم الله الخ – بمعنى أنه لم يكن راضياً عن هذا الظرف.
المقدم: هناك زيارة لبعض العلماء مثل السهروردي وكان يريد اذن من عماد الدين زنكي فهل تمت هذه الزيارة ؟
الضيف2: فيما يتعلق بالزيارات من العلماء الذين وفدوا الى نور الدين لدمشق منهم السهروردي الذي هو من علماء المسلمين وكانت زيارته دافعاً دينياً وكان يريد أن يدخل القدس ويزور الأماكن المقدسة وأبدى رغبته في هذه الزيارة ولكن كما ذكر أن تلك الزيارة لم تتم لانقضاء الهدنة بين المسلمين والفرنجة وبمعنى أنه لو كانت هناك هدنه بين دمشق وبين مملكة بيت المقدس لتطلب هذا الأمر الحصول على اذن مسبق لهذا العالم ليزور هذه المدينة.
المقدم: دكتور عبد الجبار طرح الدكتور فؤاد نقطة مهمة – في حالة الهدنة – فلو تغيرت الأمور ورجحت كفة المسلمين على اليهود في فلسطين وصار لهم كلمة وطالب اليهود بهدنة فهل الأحكام هذه ستتغير ؟
الضيف1: دعني أقول ما دام ربطنا المسألة بمئألاتها أي حكم التحريم الذي استندنا إليه واستند اليه القائلون بالمنع وبما ينبني على هذه الزيارات وما يترتب عليها وما تأول إليه تلك الزيارات ورجحنا التحريم بناءً على ذلك، فلو سلمنا جدلاً أن الظروف قد تغيرت وأنا أستبعد هذا يمكن أن يخضع وأن يرضى اليهود بمثل هذا فتاريخه هكذا وسيرته فحتى الفلسطينيين الذين دخلوا مع هذا المحتل في اوسلو منذ أكثر من عشرين عاماً رأوا ماذا حصدوا حتى الآن فهذا العدو لا يمكن يُهادن فلو سلمنا جدلاً أن الأمر قد يتغير وأنه سيثبت لنا أن في الأمر منافع ترجح على المفاسد فلا بأس لكن هذا افتراض نظري ينظر فيه في حين وقوعه فالحكم الشرعي ميزته أنه يتعامل مع واقع يحدث ومسألة نازلة مستجدة، والآن في ضوع الواقع القانوني القائم والظروف القائمة والأحوال القائمة فلا منفعة في هذه الزيارة والمنفعة الوحيدة التي زعمها القائلون بالجواز أو الوجوب أنها تدعم أهل بيت المقدس اقتصادياً لكنها في الحقيقة ليست بهذا المستوى من الدعم بدليل أن الذين زاروا لم يقدموا شيئاً لبيت المقدس وإنما تدعم الاحتلال اقتصادياً أكثر وتدعم الاحتلال إعلامياً وسياسياً، وحتى الذين قاموا بالزيارة كفضيلة مفتي مصر وأحترمه وأقدره مع اختلافي معه والحبيب الجفري وتقديري له، ما قدموا شيئاً لبيت المقدس ولا حتى في الجانب السياسي والإعلامي وكنت أتمنى لو سمعت من واحد منهم في بيت المقدس تصريحاً إعلامياً يعلن فيه بتمسكه بفلسطين وبيت المقدس عاصمة اسلامية حرة وغير ذلك.
المقدم: سؤالي هنا لماذا يسمح الصهاينة بدخول المسلمين من الخارج بينما يمنع أهل فلسطين في الداخل من الدخول للقدس؟
الضيف1: وهذا مكمن موقفنا لأن الاحتلال يريد أن يجمل صورته وأن يحسنها أمام الرأي العام الإعلامي والعربي والإسلامي والدولي وبكل المقاييس فضلاً عن جنيه من فوائد اقتصادية وأخرى.
المقدم: نرجع لضيفنا في الفترة الصليبية وأنت المتخصص في هذا المجال عندما كانوا يسمحوا في مملكة القدس الصليبية للمسلم بدخول القدس هل كان يسمح له بالإقامة والسكن أم مجرد زائر ولو قارنت هذا بما يجري الآن ؟
الضيف2: بالنسبة لمملكة بيت المقدس عندما كانت تسمح لهم كانت تسمح لهم بالزيارة وليس بالإقامة، ولم يسبق لدينا في المصادر الأوروبية التي تناولت أوضاع بيت المقدس ووجود المسلمين في المدينة، وأريد أن أتفق مع ضيفك الكريم في نقطة أشار إليها أن من زار القدس لم يحاول أن يقدم شيء لنصرة المسلمين وهذا حدث أخي الفاضل في زيارة الإدريسي لبيت المقدس فعندما زارها كان مبعوثا من قبل روجر أمير سقليه وهي مملكة مسيحية وجاء على رأس بعثة دعنا نسميها بعثة علمية من أجل أن يزور المنطقة ويرسم خارطة ويقدمها إلى روجر ولكن عندما تقرأ في كتاب الإدريسي نزهة المشتاق في اختراق الآفاق فحينما يتحدث عن الأوضاع في بيت المقدس فإن مجاملته للمسيحيين والصليبيين واضحة لا يحاول أن يذكر ما يشير إلى أنها واقعة تحت احتلال أو أنها تعرضت إلى تغيير معالم بهدف القضاء على اسلاميتها.
المقدم: دكتور نقطة استيضاح لو سمحت بما أنك متخصص في التاريخ وان كان تحتاج لزاوية شرعية وزاوية تاريخية، فهل صحيح أن الإدريسي كان يقول عن بيت المقدس الكنيسة وكان يقول عن الاحتلال الفتح الصليبي ؟
الضيف2: نعم صحيح وهذا ما ذكرت لك من باب المجاملة لأنه لا يريد أن يزعج أميره الذي أرسله في هذه البعثة ولا يريد أن يزيد من حساسية الأمر وكان هذا الموقف المؤسف من قبل هذا العالم، ولنذكر من زار بيت المقدس وهي تحت الاحتلال الصليبي – السائح الهروي – هو كعالم مسلم زار هذه المدينة بدافع ديني يريد أن يتحدث عما أحدثه هؤلاء من تغييرات وتغيير وجه المدينة وطمس المعالم الإسلامية بالتغيير ويشير لكل ما أدخلوه من تغييرات شاملة لبيت المقدس، ويتحدث عن ما أطفى عليه من نفوس وكتابات اسلامية.
المقدم: هذا على المستوى الرسمي والعلماء والرحالة ماذا عن المستوى الشعبي وكيف كانت ردت فعلهم والآن لو قارنا في زمان الحروب الصليبية وزماننا فردود الفعل أن معظم الناس يرفض هذا من العلماء وأتباعهم فماذا معن المستوى الشعبي للزيارات فهل كان هناك زيارات شعبية للمسجد الأقصى في ظل الاحتلال الصليبي.
الضيف2: فيما يتعلق بالمسلمين داخل بيت المقدس أشرنا إلى أنهم كانوا يزوروا هذه الأماكن المقدسة بتصاريح والأن هناك رحالة من المسلمين دخلوا هذه المدينة ونذكر على سبيل المثال السمعاني والسائح الهروي ورغم أن هؤلاء علماء مسلمين ولهم مكانتهم المحترمة في المجتمع إلى أنهم حينما دخلوا هذه المناطق دخلوها بدافع ديني ولم يكن لهم أي صفة رسمية وبالتالي هم دخلوا كمواطنين مسلمين عاديين وكانوا برفقة القوافل التجارية وكانت القوافل تدخل من نقاط عبور محددة ويتم التأكد من الأشخاص المرافقين ومن الوثائق التي يحملها وتدفع رسوم عبور أي ما يسمى اليوم بالجمارك، فالقضية لم تكن سهلة ولم يكن الدخول لفلسطين وبيت المقدس بالقضية الميسورة وكما ذكرنا قبل قليل بالنسبة لزيارة الأوروبيين كانت مرحب بها وكانت تلقى كل الدعم والرعاية.
المقدم: دكتور ماذا عن انقطاع الأذان في تلك الفترة ووضع المسجد بشكل ملخص ؟
الضيف2: كانت الأجراس هي التي تقرع وكان معلق على قبة الصخرة صليب ضخم ونشير هنا إلى رحالة أوروبي اسمه يوحنا ذكر لنا المعاناة النفسية التي كان يعانيها المسلمين حينما كانوا يدخلوا إلى ساحات المسجد الأقصى ويشاهدوا هذا الصليب ويذكر لنا بأن بعضهم أو عدد منهم كان على استعداد أن يدفع الذهب الكثير من أجل أن يزول هذا الرمز عن هذه القبة.
المقدم: شكراً لك دكتور دويكات من المدينة المنورة من جامعة طيبة.
المقدم: دكتور عبد الجبار هناك مؤيدين لزيارة المسجد الأقصى ويروا استحباب زيارة المسجد حكم ثابت بالنص والإجماع وحديثنا اليوم يؤيد ذلك فلو تستعرض لنا أسماء محددة أو على ماذا يرتكزون ؟
الضيف1: اسمح لي أن أعلق تعليقين لما تفضل به الدكتور فؤاد مؤيداً له فكما لاحظتم هذه الزيارات التي تحدث عنها الدكتور هي في الجملة زيارات فردية وبعضها كان يتم في سياق يخدم الصليبيين أكثر مما ينفع المسلين وبالتالي هي لا تصلح حجة ولا دليل لمن ذهب إلى القول بالجواز وهؤلاء بشر يجتهدون كما أن بعض الناس أجاز اليوم وربما يكونوا اجتهدوا، مع وجود التسهيلات للوصول لحث الناس وإغرائهم، والذي اريد أن أقوله أن هذه الزيارات لا تصلح حجة ولا دليلاً وهي زيارات فردية كما حصل في هذه الفترة فبعض الزيارات الفردية أساء إلى المسلمين أكثر مما أحسن إليهم كما أشار الضيف الكريم لزيارة الإدريسي وغيره، والمسألة الثانية أحب أن أنبه ونحن في هيئة علماء فلسطين في الخارج نحترم ونقدر أهلنا المسيحيين في بيت المقدس ونفرق بين هؤلاء الناس وبين الذين قدموا محتلين في الحروب الصليبية واليوم في بيت المقدس يتعرض للاحتلال الصهيوني والأذى الصهيوني أهل بيت المقدس جميعاً مسلمين ومسيحيين وتتعرض للانتهاكات المقدسات الإسلامية والمقدسات المسيحية وكذلك التضييق قائم علينا وعليهم ولذلك أرجو أن نربط بين الأمرين كونه تم الإشارة لموضوع الصليب والكنيسة، وهؤلاء المحتلون جاءوا باسم الصليب وأساءوا للصليب والمسيحية، ولذلك أرجوا أن نفرق في هذه المسألة.
أرجع لسؤالك فالمؤيدون لموضوع الزيارة منهم د. سالم عبد الجليل ومنهم د. محمود زقزوق د. حمدي عبد الغفار وهم بالمناسبة إذا نظرت إلى العدد قلة وإذا نظرت إلى المضمون فاجتهادهم قائم على أنه ربما تحقق هذه الزيارة فائدة لبيت المقدس وأهل بيت المقدس وأهل بيت المقدس وفيها نوع من الدعم والاسناد وبحديث الرسول عليه الصلاة والسلام – لا تشد الرحال الا الى ثلاث – وكما في الحدث الذي نحن بصدده وفسروا الأمر بالحد على الزيارة وأن الأصل الندب وبالتالي لا ينصرف عنه الى غيره وكما قلت أن الدكتور الهباش ذهب إلى الوجوب وكتب كتاباً ورأى أنها فريضة شرعية وضرورة سياسية وهذا كلام مستغرب مع احترامي له ولوجهة نظره ولكن لم يقل أحد من أهل العلم هذا من قبل ولذلك يبدو أنه متأثر ببعد سياسي كما ذكرت وللانتصار لوجهة نظر أوسلو وفريق أوسلو مع تقدير كما ذكرت لاجتهاده مع أنه تهجم على المخالفين وخاصة على شيخنا وإمامنا القرضاوي حفظه الله واتهمه بتسييس الدين وعلى كل نحن نظرنا في المسألة على أنها اجتهاد شرعي والذين حرموا منهم من أشرت إليهم طبعاً شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب القائم حالياً وشيخ الأزهر عبد الحليم محمود وشيخ الأزهر جاد الحق علي جاد الحق والدكتور محمد عمارة والدكتور أحمد عمر هاشم مجمع البحوث والدراسات والدكتور نصر فريد واصل والعلامة والامام الدكتور يوسف القرضاوي وغيرهم كثير.
المقدم: سنأتي للفريق الذي حرم ولكن ما زلنا في الفريق الذي يجيز كالشيخ محمد أمين الشنقيطي في مقال له التأصيل الشرعي لزيارة القدس الشريف يقول – الاحتلال لبد من بلاد المسلمين ليس أمراً طارئاً بل لا يكاد يخلوا منه زمن ومن أشهر وقائع ذلك احتلال الروم لبيت المقدس ولم نجد في كتب التاريخ ولا كتب الفقه والنوازل أن فقيق كائناً من كان أفتى بعدم جواز دخول هذه البلاد ما دامت محتلة ؟
الضيف1: مع تقديري فقرأت مقال الشيخ الشنقيطي وهذا الكلام غير دقيق، هي خضعت للإحلال كثيراً نعم لكن أنه لم يفتي أحد بالجواز، فما كانت المسألة مطروحة ابتداءً وحتى في زمن الاحتلال الصليبي ما خطر ببال أحد من المسلمين على مستوى شعبي وجماهيري وسياسي أن يفتح الباب لزيارة لأن الصليبيين كانوا يمنعون بالمناسبة وكما الصهاينة اليوم يمنعون أهل فلسطين ويخرجون أهل بيت المقدس منها وينفونهم ويطردونهم ويمنعونهم من السكنى بالقرب من بيت المقدس ويهدمون بيوتهم لكنهم يرحبون بالزيارات الخارجية لأكثر من بعد السياسي والاقتصادي والإعلامي وما شابه ذلك، فالزيارات التي كانت تتم بعهد الحروب الصليبية زيارات فردية لبعض الشخصيات كما أشار الدكتور دويكات وإلا فالسؤال المقابل الذي كان ينبغي أن يطرحه الأستاذ محمد الشنقيطي وغيره أين فقهاء المسلمين وعلمائها بكل هذا التاريخ وكل هذه السنوات لماذا لم يزوروا ؟ ولماذا لم يسجل التاريخ هذه الزيارات ولماذا لم يسجل هذا الجواز وهذا الرأي الشرعي ؟
المقدم: هم لهم بعض وجهات النظر غير التي ذكرناها قبل قليل منها أن قلة المصلين والعمار للمسجد أحد الأسباب ؟
الضيف1: وهذا أيضاً مجافي للصواب وغير صحيح لأن أهل بيت المقدس لو أتيح لهم لملأوا المسجد الأقصى بكل ساحاته ويزيدون فضلاً عن بقية أهل فلسطين لكن الفكرة أن الاحتلال يمنع هؤلاء الناس.
المقدم: ذكرت الشيخ القرضاوي مرتين وله فتوى ويقول لا يجوز للمسلم غير الفلسطيني أن يذهب للصلاة إلى المسجد الأقصى طالما أنه أسير بأيدي الصهاينة المعتدين الذين يسفكون الدماء ويقتلون الأطفال الخ، وكما يقول أيضاً – أصدرت فتوى من قديم بتحريم ذلك وقد وافقني عليها جمهور علماء فلسطين والذين أجازوا الزيارة هم قلة قليلة لا يعرفون الواقع – ماذا عن المكسب في موضوع التطبيع الاقتصادي وموضوع دعم الخزينة الصهيونية نريد توضيح ذلك ؟
الضيف1: دعم الخزينة جاء فيها موارد متعددة بمسألة الزيارة أولاً التأشيرات بأثمان ثانياً الدخول برسوم ثالثاً الإقامة هناك في الفنادق والسكنى واستخدام وسائل المواصلات وكل ما يتعلق بالمسألة وهناك أبعاد كثيرة البعد الاقتصادي هام والبعد السياسي هام في تطبيع المشاعر والعلاقات مع هذا العدو الصهيوني لأنه مع الوقت سيصبح هذا الجزء الغريب في جسد الأمة جزء طبيعي وهذا ما يسعى إليه الصهاينة في محاولات متعددة وكتب متعددة والأخطر والاهم مرة أخرى البعد الترويجي والدعائي لتبييض هذا الاحتلال فهذا الاحتلال يبدوا أمام العالم بغيضاً عنصرياً ظالماً مجحفاً غير مقدر للأديان ولا مقدر لها ومعتدي على المقدسات فنحن نريد أن نأتي بمسحوق لنجمل وجه هذا الاحتلال من خلال هذه الزيارات والحقيقة خلاف ذلك تماماً مرة أخرى، والحقيقة أريد أن أشير في فتوى شيخنا الإمام القرضاوي حفظه الله أن أهل فلسطين في الداخل هم المقصودون يدبون في الزيارة لأنها مسألة ممانعة مع الاحتلال ومقاومة لموقف الاحتلال لكن المسلمون في الخارج يمنعون ويحرم عليهم لأن في الأمر كما أشرنا من تطبيع و التأشيرة وموضع السياسة والاقتصاد فيها مصلحة راجحة للاحتلال الصهيوني.
المقدم: دكتور عبد الجبار أنت طرحت في البداية النظر إلى المئالات وهذه النقطة المهمة في الحلقة ويهتم بها العلماء كفتوى معاصرة وهذا شيء مهم جداً لكن ببساطة يمكن أن يسألوا: لو أن هناك صحفي غير عربي وينقل هذه القضية فربما يؤثر ويفيد ؟
الضيف1: حتى لو سلمت أن هذا سيحصل وهذا اطار محدود لا يتعلق بما نتحدث به من الفتوى إلى إذا كنا نريد أن نفتح هذا الباب الواسع لزيارة الوفود السياحية وحتى الذين بدعم أهل القدس اقتصادياً الذي يزور بيت المقدس وفق هذه التكاليف والمبالغ الطائلة التي يدفعها فأنت تتحدث عن مبالغ بمئات بل بألاف الدولارات أي تكلف من يريد تلك الزيارة وللشخص الواحد فلو أن هذه الأموال أرسلت لأهل بيت القدس مباشرة دون القيام بتلك الزيارة بمضارها المعروفة لكان هذا أفضل بألف مرة ولرحب به أهل بيت المقدس من تلك الزيارة وأنا واثق أن غالبية أهل بيت المقدس في الحقيقة ليسوا مع هذه الزيارات فأنتم تذكرون زيارة وزير الخارجية المصري الأسبق لما زار بيت المقدس ضربه المصلون داخل المسجد الأقصى وبالكاد خرج من بين أيديهم وكاد أن يموت في الحقيقة فالناس في واقعها تموت جوعاً ولا تفرط ببيت المقدس؟
المقدم: بعض رجال الدين النصارى كعطا الله حنا في سبستيا وبابا شنودة الثالث كان لهم موقف مبدئي ثابت فأنتم كهيئة متخصصة في الشريعة ماذا تقولون لهم ؟
الضيف1: كما قلت الإخوة المسيحيين في بيت المقدس يعانون مثل المسلمين، ومقدساتهم تتعرض للأذى فهم يُمنعون ويحاصرون بدرجة لا تقل عن المسلمين لذلك نحيي لهم ذلك الموقف وأقدره لهم ونحن جميعاً لا زلنا نذكر بخير موقف بابا شنودة من منع الأقباط في مصر وغيرها من زيارة القدس في ظل الاحتلال فهذا موقف مقدر منا ومن عموم المسلمين ويشكرون عليه وهو موقف مقاوم ويساند قضية القدس وبيت المقدس ويؤكد ما نذهب إليه من أن هذه الزيارة لا تنفع حتى أهل بيت المقدس بل تضر القضية.
المقدم: جزاك الله خيراً الأمين العام لهيئة علماء فلسطين في الخارج الدكتور عبد الجبار سعيد نشكرك شكراً خاصاً مع أن هناك محاور كثيرة لم نطرحها لكن نكمل إن شاء الله في لقاء آخر ولكم منا أنتم مشاهدينا الشكر والتقدير وإلى الملتقى هذه تحياتي دمتم في أمان الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
انتهت