الحلقة رقم (35) أقربهم مودة وأشدهم عداوة

    

الضيف1: د. محمد أبو فارس – أستاذ السياسة الشرعية.
الضيف2: د. ماهر أبو منشار – باحث في العلاقات المسيحية الإسلامية.
مقدم البرنامج: د. عمر الجيوسي.
تاريخ الحلقة: 29/6/2012م
https://www.youtube.com/watch?v=Yhwtrt7rJPU

المقدم: السلام عليكم ورحمة الله .. مشاهدينا الكرام .. أيهم أقرب مودة منا وأيهم أشد عداوةً لنا اليهود أم النصارى؟ من هم النصارى الذين قال القرآن فيهم: “وإذا سمعوا ما أُنزل إلى الرسول ترى أَعينهم تفيض من الدمع بما عرفوا من الحق” فهل الخطاب للنجاشي ووفده، وما موقف النصارى من فتح بيت المقدس وأثناء الحروب الصليبية التي استمرت مائتي عام، كيف تعامل عمر بن الخطاب وصلاح الدين الأيوبي مع النصارى في بيت المقدس، وكيف رسم كلٌ منهما مستقبل العلاقة بين المسلمين والنصارى.
مشاهدينا أيهما أشد دعماً للكيان الصهيوني – الغرب المسيحي أم الصهيومسيحية الأمريكية، ألم يكن هناك رواد كبار ساهموا في مسيرة النضال الفلسطيني مثل جورج حبش وكمال ناصر ونايف حواتمة ووفا الصايغ وكذلك بعض رجال الدين المسيحي، ألا يطالب بعض رجال الدين المسيحي بتعريب رأس الكنيسة وسحب رئاستها من اليونان التي فرَّطت بفلسطين وبأوقافها، أليست أكبر وأهم مقدسات النصارى في العالم كله هي كنيسة القيامة، يقوم على فتحها وإغلاقها وحفظ مفاتيحها يومياً منذ عهد صلاح الدين عائلتان مسلمتان هم – عائلة جودة وعائلة مسيبة – وذلك لحل المشكلات التي قد تظهر لدى طوائف النصارى، ألا يعتبر بعض المسيحيين الشرقيين أو يعتبرون أن المسيحية الأمريكية ليست ديانةً مسيحية، لكن ألم يعتبرنا المسيحيون في الحروب الصليبية كُفارً، أليست أميركا وحركات الاستعمار عاثت فساداً في بلادنا وأوجدت إسفيناً صهيونياً في خاصرتنا وفوق مقدساتنا، ألم يقل القرآن الكريم كذلك في البداية والنهاية عنهم الكثير من الآيات ليبقى السؤال: كيف رسم ديننا الحنيف علاقتنا مع النصارى، صداماً أم تعايش ؟
مشاهدينا في هذه الحلقة سنعرض تقريراً يبين العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في فلسطين، وسيكون معنا من جامعة قطر الدكتور ماهر أبو منشار، الباحث في العلاقات المسيحية والإسلامية، أما ضيفنا في الاستديو فهو الدكتور محمد أبو فارس أستاذ السياسة الشرعية ومؤلف كتاب الصراع مع الصليبيين، وكتاب الصراع مع اليهود.
المقدم: أهلاً بك دكتور.
الضيف1: وبك أخي، وحياكم الله.
المقدم: أهلاً بك ضيفاً عزيزاً تتحفنا بمؤلفات جديدة، فحياك الله، مشاهدينا الحوار والمحاور في هذه الحلقة ستنطلق من قوله تعالى: ? لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ ? سورة المائدة: 82
دكتور في البداية ونحن نحضر لهذه الحلقة يبدو لي أنه لا يمكن أن نتوقف عند الآية دون أن نكمل الآية التي بعدها لأنك من البداية وأنت تتكلم لنا عن الذين قالوا إنا نصارى والصفات التي تنطبق عليهم وهم أفضل من اليهود وأكثر مودة وينطلق الحوار باتجاه يفاجئ السامع لكن يلزم علينا أن نقرأ بقية الآية: ? وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ * وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا جَاءنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبَّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ * فَأَثَابَهُمُ اللّهُ بِمَا قَالُواْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ ? سورة المائدة: 83-85
الضيف1: أوصلهم مرتبة فوق مرتبة الإيمان وحتى حديث جبريل المشهور لما سأله النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان: قال أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، وسأله عن الإسلام قالله: أن تشهد بالله وأن تقيم الصلاة وتؤتي الزكاة … الخ، وسأله عن الإحسان قال: أن تعبد الله كأنك تراه إن لم تكن تراه فإنه يراك، وهذه المرتبة في الحقيقة مرتبة عالية جداً لأكثر من سبب في الآيات، أولاً هم أصحاب قلوب رقيقة، ” ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون ” فيهم التواضع، بعكس الحقيقة رجال الدين اليهودي الذين يتصفون بالكبرياء والغلظة والشدة والعداوة.
المقدم معلقاً: لذلك أتت رسالة سيدنا موسى بطريقة ورسالة سيدنا عيسى بطريقة أخرى تناسب قومهم.
الضيف1: فلذلك ” إذا سمعوا ما أنزل على الرسول ” من هو هذا الرسول ؟ محمد صلى الله عليه وسلم، هنا تسمى العهد أي الرسول المعهود وهو محمد صلى الله عليه وسلم، فإذا سمعوا هذا القرآن من هذا النبي صلى الله عليه وسلم، آمنوا به وبالكتاب الذي أنزل واتبعوه، ولذلك جاء في آية أخرى بسورة الأعراف وهي مكية تحدثنا عن استجابة النصارى واليهود كذلك والذين اخبروا به، قوله تعالى: ?الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ? الاعراف:157، لذلك في تصوري إيمان هؤلاء من النصارى كان بسبب ما ورد في الإنجيل والتوراة، لأن الكتاب المقدس عند النصارى كتابين – العهد الجديد الانجيل والعهد القديم وهو التوراة – فعندهم معلومات عن هذا النبي وعن هذا وعن هذا الكتاب، فلما سمعوا القرآن من النبي سارعوا إلى الإجابة والإيمان والدعاء والإقرار بأنهم من الشاهدين ومن المؤمنين.
المقدم مقاطعاً: كأنك تقول أن لهذا دليل أن انتشار النصارى في المنطقة العربية أكثر من اليهود.
الضيف1: صحيح.
المقدم: دكتور كي نحدد شيء مهم أيضاً، الآية التي تقول ” ترى أعينهم تفيض من الدمع ” المقصود عندما رجعنا الى التفاسير ولأسباب النزول فيكاد المفسرون يجمعوا على هذا الخطاب في وفد النجاشي.
الضيف1: هو في الحقيقة الكلام عام وهو يشمل النجاشي وغير النجاشي، لأنه الذي ورد أنه لم يسلم إلى النجاشي فقط واسمه – أصحمة – حتى البطارقة الذين حولة احتجوا على وجود هؤلاء المهاجرين من المسلمين، لأنه جاء عمرو بن العاص رضي الله عنه فقد أسلم بعد ذلك ويطلب من النجاشي أن يعيد المهاجرين من المسلمين إلى قريش، واتصل بالبطارقة وأعطاهم رشاوى لإرجاع المسلمين وقال لهم إذا كلمنا الملك اقبلوا وأشيروا لإرجاعهم معنا.
المقدم مقاطعاً: عندنا محاور كثيرة، يمكن أن تكون التفاصيل عندك فأنتم علماء وان تركنا المجال فستأخذ كل نقطة حلقة، وأنا أحرص على جواب علمي، فهل هناك سبب نزول غير هذا السبب في قصة النجاشي ؟
الضيف1: هو في الحقيقة أن هذه الآية على عمومها التي تقول: ” لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ” ولذلك هذه الآية عامة تشمل كل من سمع هذا القرآن من النصارى وغير النصارى واستجاب وآمن بهذا الرسول سواء كان يهودي او نصراني.
المقدم: وبالتالي سبب النزول.
الضيف1: أنا لا أحصر سبب النزول لأن الحقيقة أن هذه السورة مدنية أما النجاشي كان في الفترة المكية أي هاجر في العام الخامس من البعثة هاجر إليه مجموعة من المسلمين بقيادة جعفر بن أبي طالب.
المقدم: لكن الذين قالوا إنا نصارى، هل الذين يعيشون الآن في هذا العصر نصارى أم مسيحيون ؟
الضيف1: الحقيقة أن القرآن سماهم نصارى وهم يعتقدون أن الله هو المسيح وأن الله ثالث ثلاثة وأن المسيح ابن الله، فهذا الاصطلاح الآن – المسيح – ليس موجوداً في القرآن، فالموجود في القرآن النصارى والنصرانية وهذا الاصطلاح في الحقيقة جاء فيما بعد، وهم يحبون أن يسموا المسيحية، لكن القرآن خاطبهم باستمرار بصفتهم نصارى.
المقدم: وأيضاً كلمة اليهود في القرآن كانت في فترة ما يستخدم كلمة بني إسرائيل ثم أصبح يستخدم كلمة اليهود وفي هذه المرحلة كونها سورة مدنية كان المصلح اليهود بعد أن أساءوا لله عز وجل ولأنبيائه الله، إذن بصفتك دكتور محمد أبو فارس مؤلف كتاب الصراع مع الصليبيين والصراع مع اليهود، كيف رسم القرآن الكريم طبيعة العلاقة صدام أم تعايش ؟
الضيف1: الإسلام في الحقيقة مع غير المسلمين الأصل أن يسالموا وأن يدعوا إلى الإسلام وإذا قبلوا لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين، وإذا قبلوا أن يعيشوا مع المسلمين ويتعايشون معهم فيقبل المسلمون منهم، وإذا عادوا المسلمين سواء أكانوا يهود أم نصارى أم غيرهم فالواجب عليهم أن يعادوهم وأن يقاتلوهم وأن يخرجوهم، فالكلام عام لليهود وللنصارى ولغير المسلمين أن موقفنا نحن المسلمين دعوتك أن تكون من أهل الإيمان حتى تكون من أهل الرحمن وتكون لك الجنان وهذا مخصوص ليس بالنصارى فقط بل بغير المسلمين فندعوهم بالتي هي أحسن فإذا استجابوا فهم اخواننا واذا لم يستجيبوا ورضوا أن يتعايشون معنا ولا يكونون لنا أعداء نتعايش معهم أيضاً.
المقدم: ولكن أساتذة صراع الحضارات – صامويل هنتجتون وفرانسيس فوكوياما وغيرهم – لا يرضون أن تكون العلاقة بين المسيحيين والمسلمين ويريدوا أن يستأثروا بهذه الغنائم دائماً اتجاه بقائهم في فلسطين لا يهمهم العلاقة ويسيئون لنا ولهم .
الضيف1: هذا الكلام منذ زمن، فهناك أناس منذ القدم عندهم حب الزعامة وحب السيطرة والهيمنة فمنهم من تهذب هذه الغريزة وهذا الميل ومنهم من تزداد عمقاً في نفسه، أما بالنسبة لموقفنا وموقف ديننا لأنه يأمرنا أن نتعامل مع غير المسلمين، فإذا أعادونا نعاديهم.
المقدم: لو أخذنا هذا في واقع مصر اليوم، فمصر فيها عدد كبير من الأقباط وفيها بعض المقومات التي يجب أن تنضبط بضوابط شرعية وبصفتك استاذ السياسة الشرعية، كيف يتعامل المسلمون المصريون مع الأقباط المصريون ؟
الضيف1: يتعاملون وفق منهج الله عز وجل – الكتاب والسنة – ولذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يحسن المسلم لغير المسلم في المعاملة وفي الأخذ والعطاء والبيع والشراء ، فممكن أن تتعجب أن النبي صلى الله عليه وسلم قد اشترى من يهودي مع أن التجار من المسلمين كثر لكن حتى يعلمنا أن نتعامل مع هؤلاء، وراهن درعه عند يهودي مقابل ثلاثين صاع شعير، لذلك نحن ليست علاقتنا مع النصارى فقط بل غير المسلمين، فالله أمرنا أن نتعامل معهم حقيقة وفق ما يبدون نحونا فإذا كانوا يسالموننا نسالمهم فإن حاربونا نحاربهم، لذلك لاحظ الموقف القرآني المسلمون وهم في مكة لما هزم الفرس الروم حزن المسلون حزناً شديداً لماذا، لأنهم أهل كتاب والله عز وجل واساهم وبشرهم بعد بضع سنين سينصر الله الروم على الفرس.
المقدم: دكتور التفاصيل كثيرة لكن المسيحيون كثيرون، أي أكثر من ستة وأربعين إنجيل وثلاثمائة وستين مذهب كنسي.
الضيف مقاطعاً: اثنان وسبعين مذهباً.
المقدم: لكن النصارى الأقباط في مصر لا يعتبرون الصهيومسيحية هم من المسيحية ولكن ربما يعتبرونهم كفاراً، وكذلك طالب عطاالله حنا في سبستيا سحب الرئاسة من ذلك الرأس الذي عند اليونان لأنه ثبت تورطها في بيع المقدسات والأوقاف في فلسطين.
الضيف1: في القدس بالذات.
المقدم: صحيح وعندي بعض الوثائق بالذات، فماذا تقول من أجل أن نكون في نفس الخندق مع الذين يعتدى على مقدساتهم مثلما يعتدى على مقدساتنا.
الضيف1: نحسن معاملتهم ونقرر لهم حقوقاً وواجبات لأنه لا يثبت حقي إلى إذا قمت بواجبي فسواء كنت مسلماً أو غير مسلم فكل مواطن في الدولة الإسلامية عليه واجبات ثم إذا قام بهذه الواجبات ثبتت له هذه الحقوق، ومن هنا الموقف كما قلت من غير المسلمين سواء لو كانوا غير كتابيين، الموقف أن نعاملهم بما أمرنا الله عز وجل حتى نحببهم في ديننا، لذلك نقول سواء كان قبطي أو غير قبطي أن الإسلام يتع لك بأن تكون من رعاة الإسلام والدول الإسلامية ويرتب لك حقوقاً ومن حقك أن تستفيد من القضاء الإسلامي ومن حقك أن تستفيد من المؤسسات العامة في الدول.
المقدم: سنوضح هذا ونأتي إلى الماوردي والأحكام السلطانية، لكن نريد أن نستضيف بعد الفاصل باحث في العلاقات المسيحية الإسلامية كي نأخذ نماذج عملية وقراءة تاريخية.
المقدم: من جديد نعود اليكم مشاهدينا ونستعرض معكم تقريراً يبين العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في القدس وفلسطين لنشاهد معاً:
التقرير: ” تعرضت الأملاك والأوقاف والمقدسات المسيحية للعديد من الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية طالت تلك الاعتداءات الكنائس والأديرة، وتمثلت بسرقة محتويات بعضها، كسرقة تاج السيدة العذراء التي اضطرت السلطات المحتلة أن تعيده بعد أن افتضح أمرها، الاعتداء على كنيسة القيامة أقدم كنيسة مسيحية في العالم بتحطيم القناديل أو باقتراف عدد من السرقات أو الاعتداء على عدد من حراسها ورهبانها، الاعتداء على دير الأقباط الملاصق لكنيسة القيامة وضرب رهبانه من قبل الشرطة الإسرائيلية، تحطيم أبواب كنيسة القديس يوحنا المعمدانية ونوافذها وسرقة ممتلكاتها في عين كارم سنة 1967م وقد غير الإسرائيليون أيقونة السيدة العذراء التي تحمل صورة المسيح بمنظر نجسٍ ومخجل وعرضت في معرض تل أبيب، وعندما احتل الصهاينة القدس ضربوا كنيسة القديس جورج بالقذائف واستعملوا الكنيسة الأرمنية للقديس المخلص ثكنةً للجيش الإسرائيلي، تعرضت بعض الأماكن الدينية المسيحية للحريق المتعمد مثل حريق الكنيسة المعمدانية وإحراق المكتبة الإنجيلية وتفجير قنبلة في دير الروح في العيزرية وإشعال النار في كنيسة القديس بولص الأسقفية في القدس المحتلة، ورغم كل هذه الاعتداءات فمواقف النصارى العرب تجاه القدس وفلسطين ومقدساتهم فيها متنوعة.
• الشيخ عكرمة صبري – مفتي القدس والديار الفلسطينية سابقاً: ” لقد تفاجئنا في الخطوة التي أقدم عليها الفاتيكان باعتراف إسرائيل سيادته على مدينة القدس، وبالتالي لا نزال نحن والمجتمع الدولي جميعاً يقر بالاحتلال ولا يقر بسيادة إسرائيل على القدس، وأن تصرف الفاتيكان هو تصرف غير مقبول بل هو تصرف مرفوض لأننا نؤكد على أن مدينة القدس هي مدينة محتلة وسبق أن اعتدت السلطات المحتلة على أملاك وممتلكات إسلامية ومسيحية قامت الهيئة الإسلامية العليا بهذه المحاولات لمنع اعتداءات إسرائيل على الوقف الإسلامي كما أن بعض المؤسسات المسيحية اعترضت على تسريب أراضي وممتلكات مسيحية للسلطات المحتلة وهذا الأمر أصبح واضح لكن مع الأسف لا يوجد متابعة لموضوع المصادرات “
• المطران حنا عطا الله: ” البطريرك السابق إيرينيوس ما زال موجوداً في القدس وقد عزل من منصبه ولكنه ما زال متواجداً داخل منزله الخاص في مقر البطريركية الأرثوذكسية في القدس وما حدث في عهده أن هناك شخصاً أوتي به من بلاد اليونان وكل ذلك لكي يكون مسؤولاً عن الشؤون المالية والعقارية فتبين أن هذا الشخص غير مؤتمن واستغل الوكالة التي أعطيت له لكي يبيع الأوقاف ولكي يتاجر بالأوقاف وإلى غير ذلك وفي ذلك الوقت قمنا وقامت الطائفة الأرثدوكسية والكثير من الشخصيات الوطنية وانتفضنا ونددنا بهذا وأكدنا أن أوقاف الكنيسة الأرثوذكسية هي أوقاف وطنية بالدرجة الأولى لا يجوز التنازل عنها ولا يجوز التفريط بها وهي أصلاً ليست سلعة معروضة للبيع وكل المسيحيين العرب أكدوا انتمائهم إلى امتهم العربية وإلى شعبهم الفلسطيني ورفضهم لكل السياسات الهادفة إلى اقتلاع القدس من الوجدان العربي ومن الضمير العربي وتنديدهم بكل الإجراءات الاحتلالية الغاشمة لبسط السيطرة الإسرائيلية على القدس بما فيها الاستيلاء عنوة وبطرق غير قانونية وغير شرعية على الأوقاف الدينية سواءً كانت مسيحية أو إسلامية “.
المقدم: إذن مشاهدينا ينضم إلينا الآن الدكتور ماهر أبو منشار وهو باحث في العلاقات المسيحية الإسلامية، دكتور ماهر السلام عليكم.
الضيف2: وعليكم السلام ورحمة الله.
المقدم: دكتور ماهر في البداية وأنت المؤلف والباحث في هذا المجال وعايشت الغرب في دول مختلفة أريد أن أسألك عن تنوع المواقف تجاه القضية الفلسطينية وتجاه القدس والفتح الإسلامي في التاريخ فهل هم في موقف واحد أم في مواقف وخنادق مختلفة ؟
الضيف2: مرة ثانية السلام عليكم ورحمة الله، وسلامي موصول لضيفك الكريم، وفي الحقيقة نحن نتكلم عن مجموعة المواقف من الفتح الإسلامي لفلسطين أو للشام بشكل عام ثم نذهب إلى فلسطين ثم إلى بيت المقدس تحديداً نجد أن هناك تنوعاً واضحاً وتفاوتاً كبيراً جداً بين الطوائف المسيحية على اختلافها تعود لأسباب دينية وسياسية واقتصادية واجتماعية في معظمها وفي مجملها، ونتحدث في اختصار كيف دخلت المسيحية إلى بيت المقدس أو متى انتشرت المسيحية لبيت المقدس نجد أن المسيحية أصبحت ديناً رسمياً للدولة البيزنطية أو الرومانية عندما تبنى الإمبراطور قسطنطين المسيحية في عام 312م بعد أن كان يضطهد المسيحيين وبعد أن كان يسيء إليهم وعندما كان يتبنى الديانة الوثنية في حينها.
المقدم مقاطعاً: دكتور باختصار لو ندخل إلى المواقف دكتور ماهر.
الضيف: كنت أريد أن أعطي نبذه قصيرة حتى أدخل للموضوع، فالآن المسيحية دخلت إلى بيت المقدس وأصبحت ديانة رسمية عام 324م ومن ذلك اليوم تطورت هذه الديانة ونشأ عنها أحزاب وجماعات وطوائف وكل واحدة ناتجة إما لكونها من بلد معين كالأرمن وغير ذلك الأقباط والأحباش أو نتجت تبنيها فكر معين، وزاد الخلاف بشكل كبير بين المسيحية وانشقت إلى قسمين بعد – مجمع خلقو دانية – الذي أوجد طائفتين كبيرتين موجودتين على الساحة وهما الذين قالوا بالطبيعة الواحدة للمسيح والذين تبناها معظم المسيحية في القدس وعلى رأسهم البطريرك طبعاً في سنوات لاحقة والذي خلفه طبعاً الكنيسة في القسطنطينية والرأي الآخر الذي يقول أن المسيح له طبيعتين بشرية وإلاهية، والخلاف أوجد إشكالية كبيرة لمن يتبنى الرأي الذي تقول به السلطة الحاكمة وترتب على ذلك اضطهادً كبير جداً، ولما جاء المسلمون لفتح بيت المقدس والشام كما ذكرت تباينت المواقف نتيجة لما يتبناه هذا الفريقين، وفي معظم الأحوال الذين تبنوا رأي الدولة البيزنطية وقفوا موقف الند وحاربوا وعندنا اليرموك وأجنادين ومجموعة كبيرة من المعارك وحاولوا بكل وسيلة أن يصدوا المد الإسلامي لأنه في الحقيقة يشكل خطر كبير على دولتهم، أما الذين كانوا يؤمنون بالمذاهب الأخرى والتي كانوا في معظم الأحوال مضطهدين وكانوا يذوقون الأمرين من حكم الدولة البيزنطية ووقفوا على عدة مواقف، فبعضهم الذي كان ذات أصول عربية من منطقة الشام أو من منطقة اليمن وما إلى ذلك هؤلاء من باب الأخوة في الجنس وقفوا موقف المؤيد وعندنا روايات كثيرة تتحدث عن هذا الموضوع وروايات تاريخية مستفيضة طبعاً ذكرت في كتب التاريخ.
المقدم مقاطعاً: هناك ربما للدكتور أبو فارس وقفة عند هذه أن للمسيحيين العرب كانوا لهم موقف ربما يختلف أثناء الحروب الصليبية دكتور ؟
الضيف1: صحيح هذا وارد وذكر الأخ بالنسبة لسرية مؤتة حيث حشد الرومان نصارى صليبيين وعرب صليبيين مئتين ألف ومنهم مئة ألف عربي نصراني صليبي ومنهم مئة ألف رومي وكذلك حتى قبل الحروب الصليبية ،وأيضاً غزوة تبوك في الحقيقة تخطيط للانقضاض على الدولة الإسلامية في المدينة ولذلك النبي عليه الصلاة والسلام واجههم بإعلان النفير العام ولأول مرة بتاريخ الرسول يعلن النفير العام فجهز ثلاثين ألف مقاتل حتى يغزو الروم فهم نصارى صليبيون، والذي يقرأ التاريخ يجد أنه كان المسلمون يودون لهؤلاء النصارى النصر وكذا، وهذا هرقل قال من أسلم في مملكتي يقتل وقتل والي معان لأنه أسلم وهو الجذامي، لذلك الحقيقة التاريخ ينبئنا أنه هكذا كان موقفهم وحتى علي ابن ابي طالب رضي الله عنه له مذهب انه هناك طائفة من النصارى وهم عرب ليس لهم من النصارى الى شرب الخمر ولان استقبلت لأعاملهم معاملة أخرى، لذلك في الحقيقة أن التاريخ والقرآن وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم والوقائع التي حصلت بين المسلمين وبين الصليبيين سواء كانوا عرب أو غير ذلك كانت واضحة من خلال الكره والحقد لهؤلاء المسلمين العرب وحتى نفس المشركين..
المقدم مقاطعاً: وحتى نستغل الوقت مع ضيفنا أكثر، بالنسبة للحروب الصليبية تحديداً هل ساهم النصارى فيها ؟
الضيف1: الحقيقة أن التاريخ يذكر أن – بن تغري بردي الأتابكي له كتاب النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة – يذكر أنه لما احتلت دمشق وقف النصارى العرب ينادون باقتضاء دين الاسلام يعني يسقط الاسلام ورفع الدين النصراني ويرشقون المسلمين في مساجدهم بالخمور ويأمرون المسلم أن يركع للصليب وهذا موجود وليس تعصباً بل تاريخ قديم، وهذا – غوستاف لوبون – قال ” وكان من أهم ضروب اللهو عند قومنا تقطيع أطفال المسلمين وشيهم في النار كما روت بنت قيصر الروم ” لهذا المعلومات كثير فيه هذا الموضوع والكتب كثيرة في ذلك.
المقدم: دكتور ماهر لو انتقلنا من بعد المواقف هذه وان كنت لم تستكملها بعد عن أساس العهدة العمرية وهل بقية البناء الذي بني لغاية الاحتلال الإسرائيلي وبقي على أساس المودة في الآية الكريمة؟
الضيف2: حتى أخرج من اطار المودة لأن المودة مصطلح فضفاض والعامل السياسي الذي وجد في الاحتلال وبعد الحروب الصليبية وبعد قدوم القوات الغرب أوروبا إلى الشرق لاحتلال بلادنا والمذابح التي تفضل بها الدكتور محمد، فأصبح المصطلح مطاط نوعاً ما، لكن عودة لموضوع العهدة العمرية فإن العهدة العمرية هي أسست لهذا الجانب ومن أول يوم وصل اليه الخليفة الفاتح عمر بن الخطاب لبيت المقدس حاول أن يضع الأساس لهذه العلاقة المستقبلية وعندما نرجع للتاريخ نجد أن الخليفة عمر بن الخطاب ما خرج لإبرام معاهدة أو صلح أو اتفاق مع أي بلد فتحت من قبل الجيش الإسلامي الى بيت المقدس خرج من المدينة وهناك روايات مختلفة هل خرج إلى الجابية وهي الجولان في هذه الأيام، لكن الروايات تقول أنه جاء إلى بيت المقدس وسلم المفاتيح الى – البطريرك صفرون يوس- وأعطاه العهدة العمرية بصراحة العهدة العمرية عندما نناقشها نجد أنها لم تكن تفاوض بل كانت منة ومنحة من الخليفة..
المقدم: على كل نحن عملنا حلقة كاملة عن العهدة العمرية وبينا شروط العهدة العمرية وثبوت كل منهما ومناقشة عدة آراء لعدة مؤرخين، لكن نريد مستقبل هذه العلاقة إذا تكرمت ؟
الضيف2: الآن العهدة العمرية هي كما ذكر المؤرخون هي وثيقة صالحة للتطبيق في كل زمان ومكان أولاً أنها صدرت عن رأس الدولة السياسي وهو الخليفة وثانياً أنها ظهرت عن الخليفة عمر بن الخطاب وهو رجل دين وهو خليفة المسلمين ورئيس الدولة السياسي وأيضاً هي ملزمة ووقع عليها مجموعة من كبار الصحابة تمثل وتساير النسق الذي كان يمشي عليه الرسول عليه السلام في التعامل مع غير المسلمين خاصة عند فتح بلادهم، فالإسلام لا مشكلة لديه بوجود أياً كان بظهرانيه طالما التزم هذا الشخص غير المسلم بالقوانين العامة للدولة فأهلاً به وبما أنك تقبله حسب نص الشرع ونص المعاهدات بما أنه قبل أن يعيش عندك حسبما ذكر الدكتور محمد بأنه أهلاً وسهلاً به وأن يلتزم بالأحكام وما إلى ذلك والآن هو أصبح ذمي أو أصبح مواطن للدولة فيعامل معاملة حسنة تحمى أملاكه ويحافظ على نفسه وتحفظ ممتلكاته ويعطى الحرية في ممارسة دينه وهذه كل الأمور التي وردة في العهدة العمرية وأخلص من هذا الحديث بأنها طبقت بالسابق ولا مشكلة من تطبيقها في الحال، الآن كيف تتطبق نحن أتصور من يوم فتح المسلمون بيت المقدس والعلاقة كانت تسير على أفضل ما يرام، طبعاً حصلت في التفرة الإسلامية إما المبكرة أو اللاحقة بعض الإشكاليات هنا وهناك ولكن كانت تتبع لتصرفات فردية ولم تكن السياسة العامة للدولة.
المقدم: دكتور ماهر لو سمحت لي بسؤالك عن عمر بن الخطاب وصلاح الدين الأيوبي مع الأوقاف والمقدسات المسيحية داخل القدس أو فلسطين ؟
الضيف2: أقول شيء واضح أن كنيسة القيامة الآن تعتبر عند الديانة المسيحية على اختلاف طوائفها، العمل الأول الذي قام به الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه رفض الصلاة في هذه الكنيسة مع أن الروايات التي جاءتنا هي من روايات مسيحية تحديداً لكن ما توارثه المسلمون هو أن هذا المكان حماه عمر بن الخطاب رضي الله عنه من أول يوم وصل فيه إلى بيت المقدس من خلال رفضه أن يصلي داخ الكنيسة وخرج وصلى خارجها ولو لم يكن بعيداً وعلل ذلك بأنه لا يريد يوماً من الأيام أن يأتي المسلمون ويقولوا هاهنا صلى الخليفة فتؤخذ عليه، أما الآن لو انتقلنا من العصور اللاحقة إلى عصر السلطان صلاح الدين رحمه الله عندما وصل إلى القدس فاتحا ً، فتعرف الصليبيين كما ذكر الدكتور محمد وقال أن الأستاذ لبون تحدث عن كيف قتلوا سبعين ألف مسلم والخ، فالمنطق الآن يقول أن المنتصر يثأر فهكذا يقول المنطق، الآن بيت المقدس في أيدي المسلمين، كنائس الصليبيين في أيديهم أرواحهم شخوصهم، والعمل الأول الذي قام به صلاح الدين عندما دخل بيت المقدس وبدأت المشورات وتعلم أن هناك أشخاص متحمسين يريدون أن ينهوا وجود الصليبيين فاقترحوا على صلاح الدين الأيوبي أن تنسف الكنيسة وتخلع من جذورها حتى لا يبقى أثر للمسيحية والصليبية، وصلاح الدين الأيوبي يقال كما ذكر أنه كان يستشير رجال الدين والفقهاء فاقترح وهو القائد المحنك الصبور المستنير اقترح أن تغلق وأمر بإغلاقها لمدة ثلاثة أيام حتى تهدأ النفوس وحتى من كان ثائراً يريد أن يدمر الكنيسة وينتقم تهدأ نفسه ويستوعب الأمر، وبعد ثلاثة أيام فتحت الكنيسة وهي مفتوحة للآن، الذي حصل أن هذا التطبيق كان انعكاساً لتطبيق الخليفة عمر بن الخطاب في سنة 16ه وعلل ذلك السلطان صلاح الدين ذلك أنه عندما دخل الخليفة عمر بن الخطاب بيت المقدس لم يمس أو لم يحدث أي حدث في هذه الكنيسية ولذلك نرى أن الأماكن المقدسة حوفظ عليها من قبل المسلمين، عندما دخلها صلاح الدين مرة ثانية رد الممتلكات كما ذكرت انت وسألت الدكتور محمد عن قضية الاهتمام بأمر الاماكن المقدسة للصليبيين، الاقباط حرموا من دخول القدس ثمانية وثمانين عام على اعتبار أنهم أرابطة وأنهم غير حقيقيين هؤلاء على غير دين الكاثوليكية ولذلك منعوا من دخول القدس والتعبد في الأماكن المقدسة المسيحية طوال الاحتلال الصليبي، عندما جاء صلاح الدين الأيوبي من أوائل الأشياء التي فعلها أنه جلب الأقباط من مصر وأهدى لهم بئر السلطان وهذا مشهور إلى الآن وهو موجود في القدس في البلدة القديمة في بيت المقدس وهذا دليل واضح أن هناك اهتمام م صلاح الدين ومن غيره من حكام المسلمين وعلمائهم.
المقدم: دكتور محمد ابو فارس كأستاذ للفقه هناك تفصيلات وأكثر من رأي في المذهب الحنفي وغيره في التعامل مع الكنائس القائمة وإنشاء كنائس جديدة وصيانة وترميم الكنائس ؟
الضيف1: في الحقيقة الفقه الذي أراه أنه ما دمت أنك أذنت لهؤلاء الناس أن يعبدوا ربهم بالطريقة التي اختاروها وأن يدينوا هذه الديانة فلا بد أن توفر لهم معابد وإلا كيف تقول أنت حر، وكما جاء أنه لا يغير في بعض الاتفاقيات لا يغير دين النصراني ولا دين اليهودي، فبما أنك قبلت فلا بد وأن يقام لهم معابد وأن يعبد ويؤدي الشعائر التعبدية في دينه ولا يكره لا على منع هذه العبادة ولا على هدم مكان للعبادة، فهذا الحقيقة ما أراه فقهاً.
المقدم: دكتور ماهر قبل فترة طالب الأب عطاالله حنا بمحاكمة البطريرك ايرينوس على بيع أو اتهامه ببيع عقارات من الكنيسة لإسرائيليين تحديدا فكيف تكون العلاقة بين المسيحيين أنفسهم من خلال رصدكم وخاصة وأن هذا الأب يطالب بنقل رأس الكنيسة من اليونان متهماً إياها إلى رأس عربي مسيحي ؟
الضيف هو الخلاف في الحقيقة متجذر وحتى لو كان داخل الكنيسة الأرثوذكسية، الآن قضية التعريب نضعها في هذه الصيغة وهو مطلب قديم وليس جديد، وتم تطبيقه عندما قدم عمر بن الخطاب لبيت المقدس وأخرج البيزنطيين وبقيت الكنيسة حتى سنة 76ه فنحن نتحدث عن خمسين أو ستين سنة بدون رأس للدولة في بيزنطة التي كانت ترفض أن يعين من قبل الدولة ومن قبل الخلافة الإسلامية وكانت الخلافة الإسلامية تحاول أن تقنع العرب الموجودين أن يكون الرجل منهم ، الوقت الحالي الذي حصل وتم من خلاله بيع بعض الممتلكات الكنسية ممن لا يملكون الآن الكنيسة في اليونان وهي تتصرف في أمور لها سلطة دينية على الجمهور في بيت المقدس ولكنها ليست السلطة المطلقة، وهناك من يوجد في بيت المقدس في فلسطين أو في الشام بشكل عام من يوازيهم علماً وسلطة دينية ولكن مع ذلك الذي حصل وصدر عن مسؤولين كنسيين في اليونان أوجد نوع من الشرخ كبير جداً، والمطالبة بتعريب رأس الكنيسة في بيت المقدس أعتقد أنه كان مطلب فيه حق.
المقدم: دكتور سؤالي الاخير لك ألا توجد مؤسسات توحد جهود المقدسات المسيحية والإسلامية داخل فلسطين مواجهةً التهديد بالتهويد؟
الضيف2: أضن أنه يوجد لكن تعرف أن تحت الاحتلال الشيء النظري سهل قوله أما العملي صعب جداً، والشيء الآخر أنه عندما يكون الشخص المسؤول عن هذه الكنيسة ويعرف أنها تحت الاحتلال ويعرف أنه عندما يبيع سنتيمتر فهو يبيع لأحد، لكن المجمعيات تحاول وهذا شيء محمود وشيء يشجع عليه لكن أنا أتصور أنه إذا لم تمد لهم الأيادي والدعم فأتصور أن جهودهم ستكون محصورة وكما يقولون أنت بيدك مسمار والمقابل بيده صاروخ.
المقدم: شكراً لك الباحث في العلاقات الإسلامية المسيحية في بيت المقدس حدثتنا من قطر الدكتور ماهر ابو منشار.
المقدم: من جديد نرحب بكم مشاهدينا بصحبة الأستاذ الدكتور محمد أبو فارس مؤلف كتاب الصراع مع الصليبيين والصراع مع اليهود، دكتور لو كيفنا موضوع الحروب الصليبية وعند غيرنا تذكر أنها حروب الفرنجة وهناك بالتأكيد فوضى في موسوعة المصطلحات التي تخص الاستعمار ؟
الضيف1: هذا في كتب التاريخ مثل الكامل في التاريخ لابن الأثير وايضاً البداية والنهاية يكتب الفرنجة لكن هم لم يرضوا بهذا وقالوا هذه حروب صليبية ولأن الفرنجة لم يرضوا وقالوا انها كانت حروب صليبية وأنها تدعوا إلى أن يحكم الصليب العالم الإسلامي كله، ولذلك أنشأوا ممالك صليبية في العالم الإسلامي مثل مملكة القدس مملكة أنطاكيا لذلك بعض الكتاب المحدثين خاصة يحاولوا أن يقولوا أن هذه الحروب سياسية مصلحية برغماتية وخاصة القومية يحاولون أن يبعدوا الصراع وخاصة اليساريين، فقرأت كتاب يتكلم عن هذا هو أن الصراع في الحروب الصليبية صراع سياسي صراع قومي وليس صراع ديني مع أنهم أعلنوا أنها حرب صليبية وكانوا يرفعون الصلبان في كل معركة وكان يرسم على أحدهم اي المقاتل الصليب، لكن لا يمنع أن تكون هناك أسباب أخرى.
المقدم: في البوسنة والهرسك صور وهم يرسمون الصليب بالخناجر على بطون المسلمين، على كلٍ دكتور طالما هذا الاستعمار بهذه البشاعة وامتداد مستمر فبعد الحروب الصليبية جاءت حروب التاسع عشر والعشرين استعمار هولندي وبرتغالي واستعمار برتغالي فرنسي بريطاني اسباني ايطالي وأوجدوا أجنحت مكر كثيرة ومنها الاستشراق والصهيونية والى غير ذلك، ألا يعتبر الاستعمار بهذا وما تفعله أمريكا الآن أخطر بكثير من اليهود وإن كنا لا نبرئ اليهود بشيء.
الضيف1: أولاً ممكن أن أختلف معك بتسميتهم بالاستعمار فأنا أسميهم – الإستدمار – فهم يدمرون وجاءوا ليدمروا العالم الإسلامي فكراً وثقافةً وقوة وما إلى ذلك ولذلك هم مستدمرون وهم سموا أنفسهم مستعمرون بمعنى أنهم جاءوا يعمروا البلاد، فلا هم جاءوا ليخربوها ويدمروا عقيدة الناس في قانونهم وهكذا، الذي يجري الآن في العالم الإسلامي أن الغزو صليبي ديني وهذا من بداية الأمر عندما دخل القائد الفرنسي هنري غورو دمشق وجاء لقبر صلاح الدين وركله بقدمه وقال له ها نحن عدنا يا صلاح الدين ولما جاء لمبي واستقبله المغفلين من العرب الموالين له قال الآن انتهت الحروب الصليبية، ولذلك نجد هذه النزعة ما زالت موجودة، فبوش في حربه الأخيرة قال: أمرني الرب أن أقاتل الأفغان وأمرني الرب أن أحتل العراق.
المقدم: وقال إنها حرب صليبية ثم اعتذر عن التعبير.
الضيف1: وصرح في بداية الأمر ثم نصحوه بأنك نحرض المتدينين علينا فتنزل عن هذا، والذي ألومه أن المسؤولين في العالم العربي والإسلامي أنهم يعرفون أن هؤلاء جاءوا ليدمروا المسلمين في أخلاقهم ودينهم والخ ويبنون علاقة معهم ويوالونهم أكثر ما يوالون المسلمين ويحققون مصالحهم في بلاد المسلمين أكثر من تحقيق مصالح المسلمين فيما بنهم، لذلك أدعوا الشعوب الإسلامية أن تعرف حقيقة حكامها أولاً وأن لا تثق بهؤلاء المستدمرين بل هو تحالف استراتيجي بين هؤلاء الحكام وبين هؤلاء المستدمرين وأقول أكثر من هذا هم تلاميذ لهؤلاء المستدمرين، ولا أنسى عندما أرادت بريطانيا أن تربي جيلاً يحكم العالم العربي والإسلامي أنشأت كلية الملكة فكتوريا لتعليم وتدريب أبناء المسلمين وأبناء حكامهم، وفي مرحلة أخرى كلية ساندهيرست في بريطانيا، فالذي يحتم الشعوب من هذه الأنظمة الحليفة الاستراتيجية التدميرية للمسلمين، فل يوجد فرق بين القيم التي تدعوا إليها هذه الأنظمة والقيم التي تدعوا اليها الحكومات الإستدمارية.
المقدم: بناءً على كل ما تقدم من الحروب الصليبية والحركة الإستدمارية، فما هي أسس التعامل مع النصارى وحقوقهم الدينية والمدنية في بلادنا بلاد المسلمين ؟
الضيف1: كما قلت ليس النصارى فقط غير المسلمين سواء كانوا نصارى أو يهود أو مشركين أو عبدة أوثان إذا رضوا بأن يعيشوا بالدولة الإسلامية فلهم حقوق وعليهم واجبات وبالتالي نعطيهم هذه الحقوق بل الله يأمرنا أن نعطيهم هذه الحقوق، وذكر الفقهاء المسلمين قبل هذا بمئات السنين، الماوردي رحمه الله متوفى سنة 450 أي قبل ألف سنة لما تكلم عن أهل الذمة كما جاء بالأحكام السلطانية، ذكر أنه يجوز للذمي أن يكون وزيراً في الدولة الإسلامية وان كان انتقده الجويمي وشنع عليه في هذه المسألة، وصلاح الدين نفسه عين وزيراً للمالية والمشكلة كان يبخل في تجهيز الجيش بالسلاح حتى اشتكى المسلمون لصلاح الدين انه يبخل علينا بتجهيز الجيش والسلاح فعزله لأنه كان خائناً، فكان خطأ من صلاح الدين وصحح الخطأ بعزله.
المقدم: دكتور طالما أنت قلت أن الإستدمار أشد من اليهود والآية أمامنا واضحة تقول: ” لتجدن أشد الناس عداوةً للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ” ولم يقل النصارى والإستدمار كان نصراني ؟
المضيف1: هذا يتحدث عن ناس أسلموا وانتهوا أما عند استعراض التاريخ بعد هذا وفي عهد النبي صلى الله عليه وسلم كم قلت، من الذي قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم – نصراني – ومن قتل والي معان – نصراني – منا الذي حشد مئتي ألف في مؤته الخ، باختصار اقول أن المسلمون استطاعوا القضاء على دولة الفرس وانتهت أما الصليبية كصليبية لغاية الآن الصراع قائم، فالنبي عليه السلام أخبر بذلك وقال تفتح روم وتفتح القسطنطينية ففتحت روما وبقيت القسطنطينية لذلك الصراع بيننا وبين الصليبية صراع أطول وأعنف وأشنع.
المقدم: في نصف دقيقة ماذا تقول للذين يمسكون بزمام العلاقة بين المسيحيين والمسلمين داخل فلسطين في مواجهة اليهود الذين هم أشد عداوةً ؟
الضيف1: أقول أنه يمكن أن يكون حلف بين المسلمين وغير المسلمين والأصل أن يكون وفق اتفاق وأن يوفى ببنوده، فالنبي صلى الله عليه وسلم علمنا أنه كان يعقد بينه وبين اليهود والمشركين وكان يقول نحن أحق بالوفاء لذلك لا يوجد بأس والشرع يبيح أن يعقد بين المسلمين وبين غيرهم لتحقيق مصلحة للمسلمين وأيضاً مصحة للمشركين، فعندما وقع الرسول هدنة صلح الحديبية قال لخزاعة أن تنضم لحلف النبي أو تنضم لقريش وبنوا بكر انضمت لحلف قريش، ولما جاءه عمرو بن سالم قال له غدروا بنا فقال له الرسول: نصرت يا عمرو بن سالم.
المقدم: ان شاء الله أهلنا في القدس وفلسطين أن ينصروا بأمثالكم من العلماء، الدكتور محمد أبو فارس أستاذ السياسة الشرعية، نشكرك باسم مشاهدينا وباسم فريق البرنامج، والى اللقاء مشاهدينا في حلقة قادمة هذه تحياتي عمر الجيوسي والمنتج نزار رمضان، دمتم في أمان الله ورعايته والسلام عليكم