المقدم: د. عمر الجيوسي
تاريخ الحلقة: 29/10/2011 م
المقدم: السلام عليكم مشاهدينا إلى هذه الحلقة من برنامج فلسطين في الكتاب والسنة هذه الحلقة بعنوان الأرض التي باركنا فيها وسنتناول إن شاء الله ثلاثة محاور وتقريراً مصوراً، المحور الأول مظاهر البركة وحدودها ثم مظاهر البركة وهي البركة التي يهبها الله تعالى لشمس أو لشيء أو لنقطة من الزمن أو لنص أو لمكان، أما التقرير المصور فسنعرض فيه مظاهر البركة لأرض فلسطين التي تتميز بخصوبتها وبطيب ثمارها ولذة طعمها في أشجار البرتقال والجوافة والعنب والحمضيات والكثير من الخضار والفواكه والثروات التي كانت تصدر إلى العالم ولا زال الاحتلال يصادرها من أرضنا ولذلك يبقى السؤال كيف تعود إلينا بركة فلسطين وأرض فلسطين؟ وسنناقش إن شاء الله في آخر الحلقة فكرة عالمية بركة فلسطين وانعكاسها على فلسطين وعلى العالم لحلقة اليوم الأرض التي باركنا فيها معنا في الأستوديو الدكتور عبد المعز حريز أستاذ أصول الفقه في الجامعة الأردنية حياك الله دكتور عبد المعز
الضيف: الله يحييك وأهلا وسهلا بكم في الحلقة المباركة إن شاء الله التي خصصتموها لتكون حديثاً عن فلسطين والشكر للقناة وللعاملين فيها لهذا الدور الكبير لإبراز هذا الجانب من قضية فلسطين وبركتها بحول الله
المقدم: طيب نبدأ على بركة الله، دكتور نريد أن ننطلق في هذه الحلقة من حيث هذه الآية التي ستظهر على الشاشة حيث يقول الله عز وجل: {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ} طبعاً دكتور هذه الآية تقصد نجيناه نجينا إبراهيم والنبي عليه السلام لوط، أولاً نريد أن نعيش مع هذه الآية ثم نريد أن نعرف لماذا هذان النبيان؟ لماذا خص هذين النبيين؟
الضيف: الحمد لله رب العالمين، باسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين والذين اتبعوه بإحسان إلى يوم الدين وبعد، القارئ للقرآن الكريم يجد أن هذا النص متكرر في أكثر من موضع، متكرر بحيث يتحدث عن هذه الأرض أنه بارك فيها، في هذا النص يتحدث عن إبراهيم وعن لوط عليهما السلام وفي موقع آخر: {وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة} ويتحدث عن نفس الموقع وفي قوله تعالى {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا} فثلاثة نصوص بالعنوان ذاته بالصيغة ذاتها فضلاً عن ثلاثة نصوص تحدثت عن الأرض المباركة من قوله تعالى {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ}، {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ} أمر غريب
المقدم: وهو
الضيف: ثلاثة نصوص يقول باركنا فيها والمسجد باركنا حوله والبقعة وصفها بأنها مباركة فأول أمر يمكن أن يراه الإنسان في هذا الموضوع هذه البركة التي عبر عنها القرآن بأكثر من صيغة بالتأكيد لها نوع من الدلالة لماذا قال باركنا فيها ولم يقل باركنا حولها ثم الذي باركنا حوله ولم يقل باركنا فيه، وقال عن البقعة أنها مباركة
المقدم: جميل
الضيف: نجمع هذه النصوص لنصل إلى النظرية التي تخبر عن البركة عن الأرض المباركة، فالبقعة مباركة ولو كان النص بهذا لكفى بأن البقعة مباركة فلما قال البقعة المباركة وقال التي باركنا فيها ولم يقل باركناها تكون الأرض المحيطة بها كاملة فهذا أبلغ بالتعبير، ثم قال باركنا حوله لينص القرآن عن بركته وبركة ما حوله أيضاً، فالبقعة المباركة نص عليها وأكدها في قوله باركنا فيها أكد هذا عندما جاء إلى التخصيص المسجد الأقصى وكأن الآية تشير إلى سبب البركة وأنواعها ونتائجها إلى غير ذلك
المقدم: ما زال السؤال قائماً، لماذا خص الله عز وجل نبيين إبراهيم ولوطاً عليهما السلام بهذه الآية؟
الضيف: لماذا خص الله تعالى النبيين هذا التخصيص؟ في الواقع هذا التخصيص جاء علاجاً لقضية عالمية وهي الهجرة من ديار الكفر إلى الديار التي تحمل الإسلام هذا نجده في هذه الآية والعلماء يرون أن هذه الآية فيها دلالة أيضاً أخرى على هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، ونجيناه ولوطاً كأنه يقول كما أن الله تعالى نجا إبراهيم ولوطاً إلى الأرض المباركة كذلك نجيناك يامحمد إلى المدينة الطيبة ليكون نشر هذا الدين يا محمد من خلالك كما كان نشر دين إبراهيم، لماذا نجا الله تعالى إبراهيم، نجاه لأنه نبيه ويحمل رسالته ولوط كان معه فنجاهما وخرجا مهاجرين من أرض الكفر والفساد إلى الأرض التي بارك الله فيه ليحملا دعوة الله عز وجل وينشرا دينه، نقف عند ذلك، ونجيناه ولوط إلى الأرض التي باركنا فيها، ما نوع النجاة هذه هل هي نجاة بالجسد فقط ليحمي الله نبيه أو أنبياءه
المقدم: تقصد نجاة بالبدن، هل هذه الآية جاءت إثر قصة حرق إبراهيم؟
الضيف: نعم جاءت الآيات بهذا السياق، والله عبر عنهم بالخاسئين، ثم كان هذا أن الله تعالى نجا إبراهيم ولوط، هل هذه نجاة بالبدن، لا، نجاة بالبدن والنفس لأن من خلالهما تتم رسالة الله عز وجل إذ بدونها لا تتم إذ أرسل الله تعالى النبيين والمبشرين وكان إبراهيم عليه السلام، نجاهما وهذه كانت نعمة من نعم الله سبحانه وتعالى منها على إبراهيم مرتين المرة الأولى أن نجاه والمرة الثانية أن جعله في الأرض مباركاً، هذا الموضوع لمحمد صلى الله عليه وسلم إذ نجاه من قريش وجعله في طيبة، نعود إلى الأرض المباركة فبعد أن نجاه الله تعالى إلى الأرض المباركة تعطينا الآية دلالة أنه هناك بركة حتى في الهجرة، ولذلك في الحديث لا هجرة بعد الفتح
المقدم: إذن البركة التي تقصد هي البركة في النجاة وفي الهجرة؟
الضيف: نعم، لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية في كلام الرسول صلى الله عليه وسلم
المقدم: دكتور حتى لا نتشعب كثيراً بالموضوع، نريد أن نمشي بالبركة باتجاه أرض فلسطين، هناك في القرآن لا يوجد شيء إلا والمبنى والمعنى متكاملان، نجيناهما إلى، وهذا معناه أنهما خارجاً، ما دلالة إلى غير أنهما خارج؟
الضيف: في اللغة العربية نقول من إلى، وإلى غاية الانتهاء وبالتالي إلى، هي المنطقة التي وصلوا إليها وبالتالي كانت غاية رحلتهما إلى هذا الموقع، وقال المفسرون أنه دلالة على أن الموقع لم يكن ملاصق للموقع الذي كانوا فيه وإنما بين من وإلى مسافة من الأرض فكانوا أن ذهبوا إلى الأرض المقدسة بعد أن كانوا في أطرافها، الآن هذه النجاة التي نجاه الله تعالى لإبراهيم ولوط
المقدم: بس عشان ما تكون هذه المحاضرة أو الحلقة هذه عبارة عن محاضرة جامعية نريد أن نذهب سريعاً إلى ماهي الخصوصية ماهي الخصوصية التي خصت بها بالبركة دون غيرها لماذا دكتور؟
الضيف: البركة بركتان بركة في كل الأرض بركة أخبر الله تعالى عنها في قرآنه وبركة خاصة جاءت في هذه الآيات أما البركة العامة {وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا}
المقدم: جميل
الضيف: هذا عام في كل الأرض الله تعالى بارك في الأرض وجعل فيها أقواتها، ولذلك في حديث الساعة أنه في آخر الزمن تعود للأرض بركتها هذه البركة العامة، أما البركة الخاصة التي سألت عنها فهذه التي جاءت هنا في هذه الآيات التي قلناها في بداية الحلقة الخمس أو الست نصوص التي تتكلم عن الأرض المقدسة أو الأرض المباركة، الله تعالى بارك فيها، ما نوع هذه الخصوصية كان هذا السؤال ما نوع الخصوصية التي خصها الله تبارك وتعالى بها دون غيرها، أما لماذا خصها فالله تعالى قد خص أماكن وخص أزمان وخص أشخاص لماذا، لحكمة له سبحانه وتعالى لتقام الحياة على الأرض وفق منهجه سبحانه وتعالى حتى تكتمل هذه الحياة وفق هذا المنهج فكان لا بد من أنبياء يحملون رسالته، وخص الله تعالى الأرض هذه كما جاء في الحديث أن جعل فيها المسجد الأقصى فكانت مباركة بأن خص فيها المسجد الأقصى
المقدم: إذن هذا مظهر من مظاهر البركة، نريد الآن أن نؤجل هذا الحوار كي نشاهد هذا التقرير الذي يبين مظاهر البركة ثم نرجع إليكم مرة أخرى
نشاهد هذا التقرير مشاهدينا الكرام
تقرير مصور
بعد ما رأينا مشاهدينا هذه الخيرات الوفيرة في هذه الأرض المباركة نريد أن نسأل الدكتور محمد صقر أستاذ الاقتصاد الإسلامي في الجامعة الأردنية ورئيس جامعة غزة سابقاً، دكتور محمد صقر أهلا بك في برنامج فلسطين في الكتاب والسنة
الدكتور صقر: أهلاً بك ياأخي
المقدم: دكتور هذه الخيرات التي رأيناها في التقرير يذهب إلى الطريق الأقصر طريق المستوطنات الإسرائيلية لماذا؟
الدكتور صقر: لماذا، لأن إسرائيل تسيطر على الموارد في الضفة الغربية وفي الـ 48 التي هي أراضي فلسطين أصلاً، فإسرائيل تريد أن تنتزع الوجود الفلسطيني والبنية التحتية وكل الموارد، السياسة التي تتبعها في الـ 48 زد المواطنين الذين يسكنون في هذه المناطق ويعيشون في ظروف اقتصادية صعبة خاصة بالنسبة للقطاع الزراعي، القطاع الزراعي بالنسبة للفلسطينيين المتبقي يمثل نسبة قليلة جدا من الأرض الفلسطينية التي احتلها الصهاينة وتقلل المياه التي تصرف لهم بكميات قليلة جدا ليس كما الكميات التي تصرف للمزارع الإسرائيلية، ومع ذلك فإن الناتج الذي ينتج في الأراضي الفلسطينية يشكل نسبة كبيرة من الناتج الإسرائيلي الزراعي نتيجة للمعرفة والكفاءة التي يتمتع بها المزارع الفلسطيني وحبه للأرض واهتمامه بمزروعاته، أما المستوطنات الإسرائيلية فتحظى بالرعاية والتمويل والمياه الغزيرة، ومع ذلك إنتاجية الأرض في أراضي الـ 48 أكثر بكثير من إنتاجية الأرض في المستوطنات الإسرائيلية
المقدم: طيب دكتور أنت أشرت إلى موضوع المياه الآن الصهاينة يسيطرون على أكثر من 82% من المياه الجوفية الفلسطينية وكمية المياه التي يأخذها المستوطنون حوالي 123 مليون لتر مكعب في الضفة الغربية لأغراض زراعية وصناعية وإلى آخره، ماهي مستقبل المياه في تأثيرها على الخيرات التي رأيناها في التقرير؟
الدكتور صقر: في الحقيقة إسرائيل لا تسرق المياه الفلسطينية فقط وإنما العربية أيضاً فالمياه التي تأتي من جبل الشيخ من الليطاني تصب في طبريا عبر لبنان، فهي تستغل ليس المياه الفلسطينية التي يأتي معظمها من الأمطار فقط، ولكنها تستغل المياه التي تأتي من جبل الشيخ، إذن المشكلة ليست فقط مشكلة المياه التي تستغلها إسرائيل في فلسطين ولكن المياه العربية أيضاً هي تقوم بسرقتها عبر هذا الممر الذي يصب في بحيرة طبريا وكذلك إسرائيل قامت بسرقة المياه العربية التي تأتي عن طريق نهر الأردن فقد قامت بتحويل النهر ليصب في طبريا وهي تستخدم المياه في الزراعة بشكل كثيف إلى درجة أن القمح يسقى بالرشاشات وتستهلك المياه في الصناعة بشكل كبير، منسوب المياه التي توجد في الضفة الغربية تحت السيطرة الإسرائيلية ومن ثم إسرائيل تتوسع في مستوطناتها وتزرع كميات كبيرة جدا ومكلفة جدا من ناحية المياه لأنها تزرع كميت كبيرة وليس فقط في الضفة وإنما تستغل المياه العربية من نهر الأردن وكذلك من جبل الشيخ نهر الليطاني
المقدم: هل لديك فكرة دكتور وأنت الخبير في هذا المجال عن أثر الجدران الفاصلة على الأراضي الزراعية أيضا؟
الدكتور صقر: إسرائيل تضيق الخناق على المزارع الفلسطينية خاصة في زراعة الزيتون تقتلعها وغيرها وتستولي على الأراضي الفلسطينية وتشتت أهلها وكذلك في بئر السبع تحاول أن تقتلع المواطنون منها وهم يقفون صامدين على هذه الأرض، إسرائيل تريد السيطرة على هذه الأرض وعلى كل مقومات الشعب الفلسطيني لكي يكون المخطط في النهاية السيطرة على هذه الأرض نهائياً
المقدم: دكتور السؤال الأخير، هناك تحديات كثيرة، معوقات وتحديات تواجه المزارع الفلسطيني، نختم بها معك دكتور محمد تفضل
الدكتور صقر: التحديات التي تواجهها أن المزارع في الـ 48 تحتاج إلى دعم وإلى تكاتف أكبر لأجل الحفاظ على الأرض لأن الأرض هي أساس وجود الكيان، الأرض الزراعية والصناعة الفلسطينية أيضاً، معظم الصناعات يقوم بها الفلسطينيون أنفسهم وتسويق هذه المنتجات يحتاج أحيانا، يعني يقول لك في حظر على استراد المواد من إسرائيل وهذا الشيء جيد لكن يجب أن يعطى عناية بالإنسان الزراعي الفلسطيني بشكل أساسي، وأيضاً قطاع غزة، مساحته قليلة جدا ولكن أيضا وشح المياه لكن أيضا الإنتاجية فيه كبيرة وهناك فائض في بعض الأحيان في الإنتاج الزراعي بالبرتقال والخضراوات والفراولة وغيرها الحقيقة تصديرها مهم جدا ويجب فتح المعابر المصرية من أجل أن يسمح للمزارع الفلسطيني أن يقدم منتجته ليحصل على سعر جيد تمكنه من البقاء على أرضه ومحاربة السياسة الإسرائيلية لتدمير الصناعة الفلسطينية، أحيانا البضاعة التي تأتي على الحدود تواجه بعض المشكلات في الجانب الفلسطيني، ومن الجانب المصري، الجانب المصري يجب أن يعرف أن هناك إنتاج فلسطيني صحيح أن بعضه يأتي من المناطق الخاضعة لإسرائيل لكن هذه أرض فلسطينية ومن ثم يجب أن تعامل على أنها منتجات عربية وهي كذلك ويجب أن تفتح المجال لتصديرها إلى دول الخليج والعالم حتى تبقى الزراعة الفلسطينية في وضع يسمح للفلسطينيين بالبقاء
المقدم: طيب هذه بعض الأمل بهذه التحديات على كلاً الدكتور محمد صقر دكتور الاقتصاد الإسلامي في الجامعة الأردنية ورئيس جامعة غزة الإسلامية في غزة سابقاً نشكرك شكراً جزيلاً
الدكتور صقر: أهلاً بكم موفقين ياأخي
المقدم: شكراً جزيلاً، دكتور كما شفنا في التقرير ما رأيك بهذه الطيبات والخيرات، وهل للإنسان رأي بالخير والنعمة إلا أن يقول سبحان الله والحمد لله على هذه النعم، لكن هذه النعم التي نراها أو التي رأيناها على الشاشة تتحدث عن هذه الثمار والخيرات والأمطار والأجواء والجو الجغرافي الذي يجمع ما بين الجبل والغور هذه كلها تعبر عن بركة مادية جعلها الله في هذه الأرض، وهي نوع من البركة
المقدم: مشاهدينا نلتقيكم بعد فاصل قصير فانتظرونا بعده
أهلاً بكم مشاهدينا في هذه الحلقة بعنوان الأرض التي باركنا فيها، دكتور قبل الفاصل كنا نتحدث عن أقسام البركة بشكل عام والآن نريد رأي المفسرين في أقسام هذه البركة على أرض فلسطين من ضمن الآيات التي فسروها
الضيف: حتى نرجع الأمر إلى نصابه ونتكلم عن البركة، البركة في أرض فلسطين أو في أي مواقع أخرى التي أنزل الله فيه وذكر أنه بارك فيه، والخصوصية هذه، فالله تبارك وتعالى قد بارك أزمان وبارك أوقات، كالعشر الأواخر من رمضان والعشر الأول من ذي الحجة ليلة القدر، فكل هذه ليالي مباركة، الليلة المباركة التي أنزل الله بها القرآن، فعنا بركة في الزمان وعنا بركة في المكان هذا الذي سماه الله تعالى الأرض المباركة، لكن نظرية هذا التبريك إنما هو إلهي من الله عز وجل، يختار ما يشاء عز وجل من الأراضين ومن الأوقات ومن الأشخاص والأزمان ليجعل فيهم صفة معينة يبارك فيهم حتى يؤدوا رسالتهم في الأرض، فالهدف الأساسي في كل هذه النعم سواء المادية من المأكولات والمساكن وغيرها أو من القضايا الرسالية التي أرسل الله تعالى بها النبيين ويخص النبيين بهذا الشيء كل هذا لتأدية منهج ورسالة، يتعلق الناس بها في هذه الرسالة، ولكن مع التعلق بالرسالة ما الذي ينبني على أن جعل الأرض بخصوصيتها مباركة، إذن هناك واجبات على الذين آمنوا برب البرية أنه سبحانه وتعالى بارك بهذه الأرض، واجبات على كل مسلم اتجاه هذه البركة التي جعلها الله في الأرض كما أنه جعل للدين واجبات
المقدم: ما هذه الواجبات؟
الضيف: الواجبات، إذا كانت هذه الأرض لعامة المسلمين فيجب علينا أن نحافظ عليها وأن نحافظ على هذه الأرض التي بارك فيها أولى بأولى، كيف، بارك الله تعالى بمكة بالمسجد الحرام وبارك بالأقصى وربط بينهما وكأن النصوص تقول كما أنكم تحافظوا على المسجد الحرام في كل يوم تتجهون إليه خمس مرات فحافظوا على الذي توجهتم إليه في البداية هذه الأرض المباركة ولذلك ذكر المسجد الحرام مرة واحدة في المباركة أما المسجد الأقصى أكثر من خمسة نصوص فكانت البداية في مكة ويكون المحشر في بيت المقدس، ما واجبنا اتجاه هذا
المقدم: دكتور المقصود أن الخصوصية في النصوص الأربعة أو الخمس أن المنطقة قريبة من المسجد الأقصى وما حولها، نحن نعطي التحديد الآن، لكن لماذا لا يعطي القرآن وصف بأن مكة المكرمة مباركة ولكنه ذكر أن البيت الحرام منطقة مباركة؟
الضيف: في الحقيقة الأرض المباركة في مكة جاء النص ليبين أن الله سبحانه وتعالى قد حرم مكة وجعلها محرمة فهي صفة خاصة بمكة ولم تكن لأي أرض وهذا نوع من الخصوص، والتشريع كما تعلم مصدرنا فيه الكتاب والسنة والحلقة والحديث كما تعلم الكتاب والسنة، فجاء النص بمباركة البيت، وجاء النص لبيان حرمة مكة وأن ما فيها كلها محرمة وحرمها الله تعالى كذلك، ويأتينا النص النبوي والنص القرآني ليحدثنا عن الأرض المباركة في الأقصى لنستخلص العبرة ليقول لنا حافظوا على البيت الحرام تحافظوا على صلاتكم وكما تحافظوا عليه حافظوا على البقعة التي باركها الله تعالى وضعوهما في مكان واحد من البركة والعناية لأن البركة فيها مظهر العناية
المقدم: قبل أن أسألك دكتور مظاهر البركة في المسجد الحرام أريد أن نحدد للسادة المشاهدين حدود البركة عند المفسرين، يعني من أين تمتد هذه البركة مثلاً من تقسيم سايكس بيكو أم من فلسطين التاريخية أم أن للمفسرين رأي آخر بهذه البركة؟
الضيف: كل المفسرين عندما تكلموا عن المسجد الأقصى الذي باركنا حوله بإجماع يقولون باركنا حوله أي الشام بهذا المنطق الذي كان مستعملا عندهم
المقدم: يمتد إلى العقبة يعني؟
الضيف: كل ما كان يطلق عليه شام يومها هذه واحدة، الثانية الدلالة على هذا الإجماع من المفسرين لم يأتي من فراغ وإنما من مجموع النصوص الذي دلت عند النبي صلى الله عليه وسلم وأخبر بها الصحابة صلى الله عليه وسلم بفضل الشام وما فيها من خير وقد دلت الأحاديث أنه لا هجرة بعد الفتح لكن يوجد هناك هجرة إبراهيم عليه السلام إلى الأرض المباركة، فيوجد هجرة إلى الأرض المباركة مرة أخرى مستمرة إلى آخر الزمان ألا وهي الرباط، ولذلك العلماء يقولون صحيح أن الهجرة بعد بداية الإسلام الهجرة إلى المدينة كما جاء في النص لكن توجد هجرة مستمرة إلى يوم القيامة وهي الهجرة المستمرة إلى أرض الشام كما جاء في أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام (لأن يذهب أحدنا ويرابط في الشام فإنه خير له)
المقدم: يعني لو لخصنا أقول المفسرين بحدود أرض فلسطين المباركة الأرض التي نجيناه
الضيف: نأتي الآن إلى الحدود السياسية المعاصرة وما دورها في هذا الموضوع حتى نخرج المشاهد من التكليف العقلي
المقدم: نريد أقوال المفسرين، نوضح الآراء على الأقل
الضيف: عندما نقول المفسرين، قالوا الشام أولاً، ثم بعض المفسرين يدخل في تفصيل ليبين أن هذا المقصود به إنما من بعد العراق من بعد الفرات إلى حدود البحر الأبيض المتوسط أو إلى العريش في فلسطين أو غير ذلك، ولكن أنا أقول كل هذه اجتهادات إنما كانت بناء على المصطلح العرفي يومها
المقدم: يعني هذا من الشرق إلى الغرب ولكن من الشمال إلى الجنوب؟
الضيف: من الشمال إلى الجنوب بالنسبة لفلسطين، هل هي الحدود، إنما هي بلاد الشام، الشام سابقاً حتى نصف بعض الشيء ما يقوله المؤرخون ونستفد منها، يقول المؤرخون أن عالم الشام هو الأوزاعي والأوزاعي كان يسكن بيروت
المقدم: وحي الأوزاعي أيضا
الضيف: نعم وحي الأوزاعي لازال في بيروت وبالتالي الشام ليس المقصود بها الحدود السياسية اليوم التي رسمتها سايكس بيكو، ليست الشام المصطلح السياسي ولا الشام دمشق بمصطلح أهل سوريا، وإنما الشام في المصطلح الجغرافي يومها لما نقرأ التاريخ نرى أن بلاد الشام وبيروت على رأسها ونرى أن سوريا والحدود العراقية، ما بعد الفرات لم يكن يسمونها الشام، الشام جاءت من الشرق إلى البحر المتوسط غرباً إلى العريش جنوباً إلى لبنان حاليا في الشمال فكل هذا يسمى الشام في يومها، ولذلك بعض الأحاديث التي جاءت عند الحاكم وغيره في بيان في أهمية أن يكون للإنسان ولو موضع أربعة قراريط يقف عليها وينظر إلى فلسطين، هناك تخصيص لبيت المقدس لأن البركة في المسجد الأقصى وحول بيت المقدس ثم حوله الشام، عند الحاكم بقعة من الأرض تقف عليها تنظر في آخر الزمن إلى فلسطين تكن لك خير من كثير من النعم، وفي حديث آخر أن من علامات الساعة أن تصبح هذه الأرض في ارتفاع بالغ جداً بحيث لا يستطيع الكثير من الناس أن يمتلك
المقدم: عفوا دكتور إذا وقفنا عند الحدود التي بينها المفسرون والتقرير الذي شاهدناه عن البركة فربما صحراء النقب ليست من الأرض المباركة وإذا كانت الأمر كذلك فما هي البركة الموجودة في الصحراء أين الخيرات الموجودة فيها؟
الضيف: دكتور يجب أن نقف عند نقطة القرآن الكريم في حديثه عن هذه القضايا والنصوص النبوية تتحدث عن القضايا بحيث تبقي الأمر قابل للتطبيق بعقلية متفتحة وليس بعقلية مغلقة بأن هذا هو الفنجان أو هذا هو الحد وما سواه ليس كذلك، النص القرآني قال باركنا فيها ولما خرج موسى عليه السلام
المقدم: وما حولها يعني؟
الضيف: لما خرج موسى عليه السلام وجاء إلى الأرض المقدسة لما جاءت الآيات لم تحدد لنا الموقع الجغرافي بمدينة معينة ثم جاء المفسرون ليروا أحاديث النبي صلى الله عليه والسلام التي تكلمت عن الشام، والشام يومها مصطلح عام نأتي اليوم لنقول نريد أن نضع مصطلح عام، هل هذه المدينة على الحد الذي أخبرنا به، أقول أن الأمر أوسع من هذا المهم صراحة في موضوع البركة ياسيدي أن البركة تبدأ من المركز وكل ماحوله
المقدم: قبل قليل كنت تتحدث عن أنواع البركة الحسية والمعنوية وكيف فسرها العلماء، وتناولت في شيء من التفصيل بركة الزمان وبركة المكان وكنا توقفنا عند خمسة أنواع للبركة، بركة لشيء بركة لشخص بركة الزمان، لو أخذنا بركة الشخص، هناك في القرآن بركة لمريم لإسحاق
الضيف: نأخذ الآية لإبراهيم عليه السلام ولوط والبركات التي نزلت عليهم البركة الأولى النجاة البركة الثانية أن إبراهيم جلبت إليه النبوة، البركة الثالثة أن إبراهيم عليه السلام وسيدنا محمد جعلا أو أخذا صفة خاصة لم تكن لأحد وهي وصف أنه خليل الله عز وجل فإبراهيم خليل الله بنص القرآن وبالتالي هذه البركات التي تأتي على آل إبراهيم ومن هنا جاءت الدعوة في الصلاة عندنا بما يسمى الصلوات الإبراهيمية اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم هذه البركة على إبراهيم وعلى آل إبراهيم تتضمن إعطاءه من الخير أي إعطاء النبي صلى الله عليه وسلم وإعطاء آله صلى الله عليه وسلم إعطاءه من الخير ما أعطى إبراهيم عليه الصلاة والسلام وإذا جئنا إلى نص البركة أصلا في اللغة حتى نفهم الدعاء فإن فيه معنى الزيادة والنماء من جهة وفيه معنى الثبوت يقال في اللغة بركة أي أنه ثبت في الأرض وبالتالي لما ندعو بالبركة لمحمد وآل محمد صلى الله عليه وسلم بمعنى أننا ندعو بإدامة وثبوت هذه البركة فمعنى البركة فيها معنى الزيادة والنماء التي نعرفه في الخيرات المادية ومعنى الزيادة والنماء حتى في القضية المعنوية كما قلنا قبل قليل في الصلاة فالبركة في الكعبة فالصلاة فيها بمائة ألف والبركة في الأقصى الصلاة فيه بخمس مائة فهذه بركة من جهة الزيادة أيضاً ولذلك آل إبراهيم كان مباركاً مطهراً وخصهم الله تعالى أن جعل فيهم النبوة
المقدم: على كل نريد أن نتابع القسم الباقي من البركة لأن الموضوع أقسام بركة مادية ومعنوية ولكن يجب أن نتوقف مع فاصل ثم نعود إليك دكتور
الضيف: حياكم الله
المقدم: مشاهدينا نلتقيكم بعد فاصل قصير فلا تذهبوا بعيداً
أهلاً بكم من جديد مشاهدينا الكرام في هذه الحلقة الجدية من برنامجكم فلسطين في الكتاب والسنة وضيفنا اليوم هو الأستاذ الدكتور عبد المعز حريز أستاذ أصول الفقه في الجامعة الأردنية دكتور تكلمت بشكل تفصيلي عن أنواع البركة الحسية والمعنوية الخمسة لكن نريد أن نفصلها على أرض فلسطين كيف تنمو وكيف نشعر بهذه البركة؟
الضيف: ما مظاهر هذه البركة في فلسطين، نحن تكلمنا عن بعض الأشخاص في مريم عليها السلام وفي إبراهيم عليه السلام وإذا قلنا أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء إلى الأقصى في الإسراء والمعراج فهذا مجموعة من الأشخاص والنبيين كلهم جاؤوا إلى هذه الأرض وأكثر النبيين قد خرجوا من هذه الأرض أما البركة الأخرى فالصلاة في الأقصى كما قلنا تضاعف وأما في الأشياء الأخرى كالثمار فكم رأينا في الآيات الأخرى في التين والزيتون وغير ذلك فهذه أيضاً بركة في هذا الموضوع، حتى في الطقس والجو الذي اكتمل فيه الطقس كاملاً ما بين أعلى الجبال وأدنى الغور حتى تجمع كل الأمور فهذه بركة تكامل الطقس جغرافياً وإذا نظرنا إلى مجموع الشام كان ذلك، فكان عندنا الأشخاص والأزمان وغير ذلك أما الأيام فالأيام التي عاشها النبيون في تلك الفترة فقد كانت أيام مباركة وليلة الإسراء كانت ليلة مباركة فقد كانت فيها الخروج إلى السماء من القدس، فكل هذه مظاهر البركة ومن هنا يمكننا أن نقول أن الأرض المباركة هي أم الخيرات الدينية والدنيوية لأنها منبع الخير، منبع الخير الذي به ينجو الناس من خلال الشرائع الدينية والنبوية وخص الأرض أن يكون فيها ولو كان هناك غيرها لخص غيرها
المقدم: لو تحدثنا في العالمية الكلمة الأخيرة في النهاية، التي باركنا فيها للعالمين وحتى في أول سورة في القرآن الكريم الحمد لله رب العالمين، نريد أن نوضح الفرق بين العالم والعالمين ما المقصود بالعالمين في هذه الآية؟
الضيف: أنا هنا أريد أن أختصر حتى أتكلم وفق مصطلحات العصر، مصطلحات العصر الآن تقول العولمة وكل العالم القوي تريد أن تفرض ثقافته وحضارته على بقية العالم يريد أن يصبح عالمياً وديننا جاء ليكون
المقدم: ربما الذي يقرأ في العولمة يرى ما الفرق بين العالمية والعولمة يعني نحن نسعى إلى العالمية وليس فيها العولمة
الضيف: نحن نسعى إلى العالمية ليكون العالم على خلاف ما يسعى غيرنا
المقدم: ما هناك في العولمة؟
الضيف: غيرنا يسعى لبث مفاسده البشرية وخلقه التي عنده ليفرضها على العالم ونحن نسعى لفرض رسالة الله عز وجل ورسالة الله عز وجل فيها صلاح البشرية فرق بين من يستعبد الناس وبين من يدعو لتحرير الناس فنحن نسعى لتحرير الناس ويكون عالميين
المقدم: يعني ما معنى العالمين في هذه النقطة؟
الضيف: الآن العالمين التي في الآية قال أن منها نشرت جميع شرائع العالم، على مر التاريخ جميع الشرائع التي مرت من صحف إبراهيم إلى موسى إلى عيسى إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلى النبي صلى الله عليه وسلم الذي كانت قبلته الأولى الأقصى ثم معراجه إلى السماء، المنهج الذي نزل عليه في الصلاة والعبادة من خلال معراجه في السماء كل هذا أدى إلى أن هذه الأرض منها انتشر الخير كله إلى جميع العالمين، العالمين بكل أنواعه ولكل زمان
المقدم: كل العالم الإنس والجن والشياطين؟
الضيف: نأتي إلى القضية الثانية في العالم، العالم مكانه من الزمان، أما العالم من حيث الزمان فجميع الشرائع بعد إبراهيم كلها خرجت من هذه الأرض هذه واحدة، وهذه شرائع المكان، هذا شرائع الزمان يوم كان، أما شرائع الأشخاص فنعم هذه الرسالة جاءت لتكون للبشرية والجن ولكل المخلوقات المكلفة والتي أمرها الله تعالى بالتكليف كان هذا الأمر إليها، ولكن مع ذلك نقف عند اللفظ الأول في العالمين على موضوع الخيرية، مرة أخرى هذه الخيرية التي نبعت من هذه الأرض للعالمين
المقدم: الخيرية ربما يرد البعض أنها في الآية 47 من سورة البقرة {وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ}
اليهود متصلين بهاتين الآيتين
الضيف: بورك فيك في هذا السؤال، الخيرية قلنا في البداية بأنها من الله والله تعالى هو الذي يصف الأشياء بأنها خيرة أو جعل فيها الخير، الخير في المنهج الذي ينزل فلما كان المنهج مع موسى كانت الخيرية في موسى وفي الكتاب الذي أنزل على موسى، فلما كان أتباع موسى على نهج موسى أعطاهم الله تعالى الأرض فلما بدلوا خرجوا منها
المقدم: أشكرك دكتور عبد المعز حريز كما نشكركم مشاهدينا الكرام وباسمكم جميعاً نشكر ضيفنا وإلى الملتقى في حلقة قادمة إن شاء الله هذه تحياتي عمر الجيوسي السلام عليكم.