20231121

د. طه أحمد الزيدي- عضو الهيئة العليا ولجنة الفتوى في المجمع الفقهي العراقي

حكم المقاطعة الاقتصادية لمنتجات الدول المعتدية والمساندة للكيان الصهيوني

إن الأصل في التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري بين الدول الإسلامية وغيرها من الدول مشروع ما دامت المنتجات والخدمات في دائرة المباح وضمن الضوابط الشرعية، وهذا المباح يمكن تقييده لجلب مصلحة راجحة او دفع مضرة متحققة عن طائفة من المسلمين تتعرض لعدوان من عدو محتل مدعوم من دول متجبرة، وذلك من خلال المقاطعة الاقتصادية لمنتجات تلك الدول.

والمقاطعة الاقتصادية مشروعة في الكتاب والسنة، قال الله تعالى (فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلَا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلَا تَقْرَبُونِ)، وفي الصحيحين، خبر مقاطعة ثُمَامَةَ بْنَ أُثَالٍ رضي الله عنه عند إسلامه لقريش فقال: والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي هذين النصين دلالة على مشروعية أن يقوم مسؤول أو شخص ذو نفوذ وتأثير اقتصادي أو من عموم الناس، بفرض مقاطعة اقتصادية على جهة معتدية أو مسيئة لردعها أو لدفع وتخفيف المعاناة عن المضطهدين.

كما تعد المقاطعة الاقتصادية من المصالح المرسلة التي تجلب نفع للمسلمين وتدفع الضرر عنهم من قبل جهة معتدية أو داعمة لها لردعها عن ذلك بسبب مقاطعتها وتأثير ذلك عليها، وقد أثبت فاعليتها سابقا، فقد أدت مقاطعة الدول العربية في السنوات السابقة للشركات الداعمة للكيان الصهيوني الى إعلان شركات أمريكية وأوروبية انخفاض عائدات البيع بنسبة تصل الى 35% بسبب المقاطعة العربية لها.

ولذلك اتفق الفقهاء على ترك التعامل التجاري مع كل ما يتقوى به العدو أو من يدعمه على المسلمين ، كما افتى العلماء المعاصرون بوجوب فعل كل ما يضعف المعتدين على المسلمين ومنها إضعاف قدراتهم الاقتصادية بمقاطعة منتجاتهم وسلعهم، وهو من باب المجاهدة بالمال.

ومع استمرار جرائم العدو الصهيوني المدعوم دوليا على أهلنا في غزة، وأداء لواجب نصرتهم والتضامن معهم والتعاون على ما يخفف عنهم وطأة العدوان وجرائمه وهذا من متطلبات الإخوة قال تعالى:  (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)؛

لذا ينبغي على المؤسسات الحكومية والمدنية والتجار والمسلمين كافة مقاطعة البضائع والسلع المنتجة من الدول والمؤسسات المعادية والمساندة التي تؤذي المسلمين او تساند اعداءهم،

وهذا الحكم يتضمن الآتي:

  • مقاطعة السلع والخدمات التي ينتجها الكيان الصهيوني او شركات صهيونية في الدول الغربية.
  • مقاطعة السلع والخدمات التي تقدمها الشركات الأجنبية التي تساند الكيان الصهيوني وتدعمه بالمال والمواقف وإيقاف العمل بالتوكيلات التجارية والاستثمارية لهذه الشركات.
  • ايقاف أو خفض الاستثمارات المشتركة مع الدول المساندة والداعمة للكيان الصهيوني
  • المقاطعة الاقتصادية تتعلق بالمنتوج الأصلي الذي يؤثر على اقتصاديات تلك الدول، وأما المنتجات بامتياز من الشركات العربية والإسلامية فلا تندرج ضمن المقاطعة لأنها ستحلق الضرر الاكبر بالتجار العرب والمسلمين.
  • تحديد المنتجات والخدمات التي لا يوجد بديل لها وتدخل في دائرة  الضروريات او الحاجيات التي تنزل منزلة الضرورة لتستثنى من المقاطعة لما يترتب عليها من الحرج والمشقة الشديدة.
  • على الحكومات العربية والإسلامية البدء بإيقاف التعامل والتبادل والاستيراد للمنتجات والخدمات التي تكون ضمن قائمة المقاطعة .
  • على التجار ايقاف الاستيراد بعد نفاد المنتجات التي تدخل ضمن قائمة المقاطعة من مخازنهم، ولا ينبغي اتلاف المخزون منها المدفوع ثمنها ولا يمكن إعادتها الى منشأها لأن ضرر مقاطعتها يعود على التاجر المسلم ويمكن تخصيص رعيها لدعم أهل غزة.
  • على الحكومات والشركات والتجار والمستثمرين في الدول العربية والإسلامية السعي الجاد لزيادة الدعم للمنتوج المحلي وتحسينه وزيادة التبادل التجاري بين الدول العربية والإسلامية للاستغناء عن المنتوج الأجنبي الذي يمكن ايجاد بديل له.

وأخيرا ينبغي تشكيل فريق من الاقتصاديين لتحديد المنتجات والخدمات التي تقدمها الشركات المعادية او التي تدعم العدو الصهيوني التي ينبغي مقاطعتها، لضبط هذا الأمر ولا يترك للمروجين في مواقع التواصل الاجتماعي من غير تبيين.