30/9/20

 الحمد لله حمدا طيبا كثيرًا، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على أشرف الخلق والمرسلين محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

   فإن ما يتم من اقتحامات للصهاينة للمسجد الأقصى المبارك وإقامة للطقوس التلمودية في هذه الأيام وما يترتب على ذلك من تقسيم زماني ومكاني للمسجد الأقصى المبارك وتهويد له والتخطيط لهدمه وبناء الهيكل المزعوم مكانه، يوجب على العلماء بيان الأحكام الشرعية المتعلقة بهذه المسألة وتحميل الأمة مسؤوليتها في الوقوف في وجه هذه الحرب الصهيونية على المسجد الأقصى والقدس وفلسطين ، وفيما يلي بيان لأهم هذه الأحكام:

أولاً: ملكية المسلمين للمسجد الأقصى وسيادتهم عليه:

  إن من المعلوم من الدين بالضرورة أن المسجد الأقصى مسجد لله سبحانه وتعالى قدسه سبحانه وبارك فيه وحَوْله وجعله مسجدا إسلاميا خالصا للمسلمين، لا حق فيه لغيرهم ولا سيادة عليه إلا لهم، ولا يقبل القسمة الزمانية ولا المكانية ولا شركة فيه لأي ملة أو دين غير الإسلام، وهو كل ما دارت عليه الأسوار وكل ما أدخل في حيزه من خارجها، بمصلياته وقبابه وساحاته ومصاطبه وبوائكه وآباره وأبوابه، وكل ما تحته وما فوقه، لا فرق فيه بين صلاة في محرابه أو مصلياته أو ساحاته إلا بفضل ما تقدم من الصفوف.

 وهو مسرى نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم ومعراجه وقد سماه ربنا عز وجل مسجدا، والمسجد كما هو معروف معلم من معالم الإسلام، واسم لبيوت الله التي يتعبّد المسلمون فيها، قال عز وجل : {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (سورة الإسراء: الآية: 1) وبين نبينا صلى الله عليه وسلم أنه مسراه فقد أخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد رأيتني في الحجر وقريش تسألني عن مسراي، فسألتني عن أشياء من بيت المقدس لم أثبتها، فكُرِبتُ كُربة ما كُرِبت مثلَه قط»، قال: «فرفعه الله لي أنظر إليه، ما يسألوني عن شيء إلا أنبأتهم به»، وربط صلى الله عليه وسلم بينه وبين المسجدين الحرام والنبوي، فقد أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، ومسجد الأقصى”، وأي اعتراف أو إقرار بأي حق لليهود أو لغير المسلمين في المسجد الأقصى فهو خيانة لله ولرسوله وللمسلمين، وكفر بواح لأنه فيه إنكارًا لقطعي معلوم من الدين بالضرورة.

وإن من الواجب العيني على كل عالم من علماء الإسلام ودعاته في كل مكان أن يبينوا للأمة أن المعركة على المسجد الأقصى وبيت المقدس معركة مركزية رئيسة، لا يقبل فيها الحياد، ولا يجوز للعالم أن يسكت وهو يرى عدوان الصهاينة على المسجد الأقصى، فقد أخرج ابن حبان في صحيحه وغيره عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا يَمنعنَّ أحدَكُم مخافةُ الناس أن يتكلم بحق إذا رآه أو عرفه”.

ثانياً: مدلولات الاقتحامات الصهيونية للمسجد الأقصى وإقامة الطقوس التلمودية والأحكام الشرعية المترتبة على الأمة في سبيل رد العدوان:

 إن اقتحام الصهاينة للمسجد الأقصى في أعيادهم وغيرها وممارستهم لطقوسهم التوراتية من نفخ في البوق والصلوات التلمودية وغير ذلك يعد انتهاكا عظيما لحرمة المسجد الأقصى وعدوانا على الإسلام والمسلمين، وهو مقدمة لتهويد المسجد الأقصى وهدمه وبناء هيكلهم المزعوم مكانه، وفيها إيذان بزعم الصهاينة بانتهاء المرحلة الإسلامية للمسجد الأقصى وبدء المرحلة اليهودية فيه، ويجب على المسلمين في كل مكان وجوبا عينيا رد هذا العدوان سواء أكان ذلك بشكل مباشر لمن كان قادرا على ذلك أو كان بشكل غير مباشر عن طريق إعانة القادرين ومساعدتهم واستخدام جميع الوسائل في سبيل ذلك.

ومن الواجبات الشرعية التي تساعد في رد هذا العدوان وإفشال مخططات الصهاينة والتي أثبت الواقع نجاعتها: واجب الرباط في المسجد الأقصى، وهو واجب كفائي على المسلمين أجمعين، والناس ينقسمون فيه إلى قسمين، قسم هم من أهل فلسطين الذين لديهم القدرة على الوصول إلى المسجد الأقصى ولو بمشقة شديدة فهؤلاء يجب عليهم أن يحققوا الكفاية من المرابطين في المسجد الأقصى طيلة أيام العام بحيث يتم تنظيم التناوب بينهم، والقسم الثاني هم بقية المسلمين فهؤلاء الواجب عليهم إعانة القادرين من أهل فلسطين وإمدادهم بما يحتاجونه، وإذا لم تتحقق الكفاية، فإن الإثم يعم كل مكلف من المسلمين في كل مكان، وقد بين هذا الحكم الإمام الشاطبي عند كلامه عن الفرض الكفائي فقال: “القيام بذلك الفرض قيام بمصلحة عامة؛ فهم مطلوبون بسدها على الجملة؛ فبعضهم هو قادر عليها مباشرة، وذلك من كان أهلا لها، والباقون -وإن لم يقدروا عليها- قادرون على إقامة القادرين”.

والمرابطون الذين يقومون بالكفاية بواجب الرباط يحصلون على أجور عظيمة مضاعفة، حيث يثاب كل واحد منهم بإذن الله على تأدية الفرض والنيابة عن الأمة فيه وإسقاط الإثم عنها، وقد بين ذلك الإمام الشافعي عند تأصيله لحكم الواجب الكفائي فقال: “فيكون مَن قام بالكفاية.. مُدْرِكًا تأديةَ الفرض ونافلة الفضل، ومُخْرجًا من تَخَلَّف من المأْثم”، وقد وردت نصوص كثيرة في بيان فضل الرباط وأجر المرابط منها ما أخرجه الإمام أحمد في مسنده بسند حسن عن أبي صالح، مولى عثمان، أنه قال: سمعت عثمان، بمنى يقول: يا أيها الناس إني أحدثكم حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «رباط يوم في سبيل الله أفضل من ألف يوم فيما سواه، فليرابط امرؤ كيف شاء» ثم قال عثمان: هل بلغت؟ قالوا: نعم، قال: اللهم اشهد، فنبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم يرشدنا إلى تنويع أشكال الرباط وإلى الاجتهاد في اختيار طريقته وكيفيته.

ويجب النفير إلى المسجد الأقصى على كل قادر على الوصول إلى المسجد الأقصى من أهل القدس ومناطق ال48 والضفة الغربية رجالا ونساءً شباباً وشيوخاً في أيام الأعياد اليهودية بشكل خاص وفي أي وقت يستهدف فيه المسجد الأقصى من أجل إبطال مخططات الصهاينة وتعطيلها كما حصل في انتفاضات وهبات أهل فلسطين المباركة العظيمة السابقة، وقد ثبت بما لا مجال فيه للشك أثر تلك الانتفاضات والهبَّات في تعطيل بعض المخططات الصهيونية قال عز وجل: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} ( التوبة الآية 41).

وإن من أعظم الواجبات على كل مسلم ومسلمة في كل مكان إعانة المرابطين والمجاهدين ودعمهم وتمكينهم بكل وسائل التمكين سواء أكان ذلك من خلال الدعم السياسي والضغط على الحكومات للوقوف في وجه هذا العدوان على المسجد الأقصى أو من خلال الدعم المادي على شكل كفالة حملات البيارق لإيصال المصلين والمرابطين إلى المسجد الأقصى أو كفالة الطعام لهم أو كان من خلال الدعم الإعلامي وغير ذلك من سبل الدعم ووسائله، وهذا من المشاركة في الجهاد والرباط والدفاع عن مسرى النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم.

ثالثاً: الواجبات المتعلقة بإدارة الأوقاف في القدس ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الأردنية:

 الواجبات المتعلقة بالحكومة الأردنية ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الأردنية بشكل خاص – وهي الجهة التي تشرف على المسجد الأقصى وتتحمل مسؤولية حراسة المسجد الأقصى- كثيرة، لكننا نذكر في هذا الوقت العصيب بواجبين عينيين من بين تلك الواجبات وهما:

وجوب زيادة أعداد الحراس في المسجد الأقصى ودعمهم وإسنادهم، وتشديد الحراسة في ساحات الأقصى وساحته الشرقية بشكل خاص لمواجهة عدوان الصهاينة على المسجد الأقصى عموما ومنع استفرادهم بالساحة الشرقية والسيطرة عليها وتحويلها إلى نواة لهيكلهم المزعوم وذلك على غرار ما حدث من تقسيم في المسجد الإبراهيمي في الخليل.

ووجوب الإعلان عن فتح المسجد الأقصى طوال العام للاعتكاف فيه ليلًا ونهارًا، فهو ضرب من ضروب الرباط والجهاد والتشجيع على ذلك بما تملكه من آليات، والأصل أن يكون حاله كحال شقيقيه المسجد الحرام والمسجد النبوي.

رابعاً: وجوب التحرك لإنقاذ المسجد الإبراهيمي من التهويد الواقع عليه:

 إن ما فرضه الاحتلال الصهيوني بالقوة بعد مجزرة الحرم الإبراهيمي من تقسيم مكاني وزماني للمسجد الإبراهيمي في مدينة خليل الرحمن منذ 29 عاما، وما سبق ذلك في سنة 1972م من سيطرته على بعض المواضع في المسجد الإبراهيمي واتخاذها كنيسا يهوديا يغريه بتكرار خطته في المسجد الأقصى، وإننا نقول في هذا الشأن إن إبطال  مخططات الاحتلال التهويدية للمسجد الأقصى يبدأ من استرجاع حق المسلمين في المسجد الإبراهيمي فهو مسجد خالص للمسلمين ولا حق فيه لغيرهم، ولهذا فإنه يجب على أهلنا في خليل الرحمن وفي الضفة عموما السعي بكل الوسائل من أجل استرجاع حق المسلمين المغتصب في المسجد الإبراهيمي، ويجب على كل مسلم في كل مكان إعانتهم وإمدادهم بكل ما يمكنهم من ذلك.

خامساً: حرمة التطبيع مع العدو الصهيوني:

 إننا نؤكد على حرمة التطبيع مع العدو الصهيوني بأي شكل من الأشكال، وقد ثبت بما لا مجال فيه للشك أن كل من تذرع بالتطبيع لنجدة الأقصى ودفع شيء من العدوان عليه لم يحقق في ذلك شيئا بل منح العدو مزيدًا من الطمع والغطرسة من أجل تهويد المسجد الأقصى المبارك، والتطبيع مع العدو الصهيوني على دركات، فهنالك من يطبع مع هذا العدو المجرم وهو شريك له في عدوانه على مقدسات المسلمين وأرضهم وحقوقهم، وهو غادر لأمة الإسلام ولقضيتها العادلة وقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لكل غادر لواء يوم القيامة، يرفع له بقدر غدره، ألا ولا غادر أعظم غدرا من أمير عامة».

سادساً: حرمة تزويد الصهاينة بأي شيء يمكنهم من العدوان على المسجد الأقصى:

 إن تزويد الصهاينة ومنظمات الهيكل بأي شيء يسهل لهم تنفيذ طقوسهم التلمودية في المسجد الأقصى المبارك والمسجد الإبراهيمي سواء أكان ذلك من خلال بيعهم القرابين النباتية كأغصان الريحان وسعف النخيل، والحمضيات وغيرها أو القرابين الحيوانية من الغنم والماعز والحملان، وغير ذلك محرم شرعا، فلا يجوز لأي مسلم أن يبيع أو يزود أي صهيوني بشيء يتقوى به على عدوانه، وقد نص الفقهاء على حرمة بيع المسلم للحربي ما يتقوى به، وقد نقل الإمام الحطاب في شرحه لمختصر خليل عن علماء المالكية قولهم: “يحرم بيع الحربيين آلة الحرب من سلاح أو كراع أو سروج أو غيرها مما يتقوون به في الحرب ..وآلة السفر وماعونه.. وكذا بيع الخشبة لمن يعملها صليبا” “ويحرم بيع الطعام لهم في غير الهدنة..”.

هذا والله تعالى أعلم

وصلى الله وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين

Fatwa of the Palestinian Scholars Association regarding the unprecedented Zionist incursions into the Blessed Al-Aqsa Mosque and the holding of Talmudic rituals there

The most important things stated in the fatwa:

▪ Al-Aqsa Mosque is a mosque of God Almighty, who has sanctified it, blessed it, transformed it, and made it a purely Islamic mosque for Muslims. No one else has the right to it and no sovereignty over it except for them. It does not accept temporal or spatial division and no partnership in it for any sect or religion other than Islam.

▪It is the concrete duty of every Islamic scholar and preacher everywhere to make clear to the nation that the battle over Al-Aqsa Mosque and Jerusalem is a major, central battle in which neutrality is not acceptable, and it is not permissible for the world to remain silent while seeing the aggression of the Jews against Al-Aqsa Mosque.

▪The Zionists’ storming of Al-Aqsa Mosque on their holidays and other occasions, and their practice of their distorted rituals, such as blowing the trumpet, Talmudic prayers, and other things, is a great violation of the sanctity of Al-Aqsa Mosque and an aggression against Islam and Muslims. It is a prelude to the Judaization of Al-Aqsa Mosque, its demolition, and the construction of their alleged temple in its place, and it marks the end of the Islamic phase of the mosque, according to the Zionists’ claim. Al-Aqsa and the beginning of the Jewish phase there, and Muslims everywhere must be obligatory in kind to repel this aggression, whether it is directly by those who are able to do so or indirectly by aiding and assisting those who are able and using all means to do so.

▪ Rabat in Al-Aqsa Mosque is a sufficient obligation for all Muslims, and people are divided into two parts: one is from the people of Palestine who have the ability to reach Al-Aqsa Mosque, even if with great difficulty, as these people must achieve sufficient number of stationed in Al-Aqsa Mosque throughout the year, and the second section They are the rest of the Muslims, and they are obligated to help the able-bodied people of Palestine and provide them with what they need. If sufficiency is not achieved, sin will spread to every responsible Muslim everywhere.

▪ Every able-bodied resident of Jerusalem, the 48 regions and the West Bank, men and women, young and old, must go to Al-Aqsa Mosque on the days of Jewish holidays in particular.

▪One of the greatest duties of every Muslim man and woman everywhere is to aid, support and empower the Almoravids and Mujahideen by all means of empowerment, whether through political support and pressure on governments to stand up to this aggression against Al-Aqsa Mosque or through financial support.

▪The Jordanian government in general, and the Ministry of Endowments in particular, bears the responsibility of guarding and preserving Al-Aqsa Mosque, and we are reminded in this difficult time of two duties among those duties, which are:

  • The first: It is necessary to increase the number of guards in Al-Aqsa Mosque and to support and support them.
    The second duty: is to announce the opening of Al-Aqsa Mosque throughout the year for people to seclude themselves in it day and night.

▪ Our people in Khalil al-Rahman and in the West Bank in general must strive by all means to restore the usurped right of Muslims to the Ibrahimi Mosque, and every Muslim everywhere must help them and supply them with everything they can.

▪ Normalization with the Zionist enemy in any form is forbidden by Islamic law, and some of those who normalize relations with this criminal enemy have reached the level of being partners in its aggression against the holy places of Muslims, their land, and their rights, and they have betrayed the nation of Islam and its just cause.

▪Providing the Zionists and Temple organizations with anything that facilitates the implementation of their Talmudic rituals in the Blessed Al-Aqsa Mosque and the Ibrahimi Mosque, whether that is through their selling of plant offerings such as basil branches, palm fronds, citrus fruits, etc., or animal offerings of sheep, goats, lambs, etc., is forbidden by Sharia law.