‏21/10/2023‏

المفتي: ثلة من كبار علماء الأمة ‏

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله القائل في محكم كتابه: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ ‏نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾ [الحج: 39]‏

والقائل: ﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ ‏وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن ‏لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا (75) الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ ‏وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ ۖ إِنَّ كَيْدَ ‏الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا﴾ [النساء: 75-76].‏

‏ ‏

والصلاة والسلام على رسول الله القائل: (لا تَزَالُ عِصَابَةٌ مِن أُمَّتي يُقَاتِلُونَ ‏علَى أَمْرِ اللهِ، قَاهِرِينَ لِعَدُوِّهِمْ، لا يَضُرُّهُمْ مَن خَالَفَهُمْ، حتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ وَهُمْ ‏علَى ذلك) [رواه مسلم].‏

‏ ‏

وبعد:‏

فقياماً بما أمر الله تعالى به من الصدع بالحق وبيانِه، وحذَرًا مما نهى عنه من ‏تحريفِه وكتمانِه..‏

وخلافةً للرسول صلى الله عليه وسلم في القيام بفريضةِ ﴿وَحَرِّضِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَۖ ‏عَسَى ٱللَّهُ أَن يَكُفَّ بَأۡسَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ ﴾ [النساء: 84]..‏

ورداً على من يشكك في شرعية الجهاد والمجاهدين في فلسطين..‏

‏ ‏

قياماً بكل ذلك؛ فإننا نحن الموقعين على هذه الفتوى، وانطلاقا من نصوص ‏الكتاب والسنة، وما أفتى به العلماءُ والأئمة، من سلَفِ وخلَفِ هذه الأمة، نؤكد ‏على ما يلي:‏

أولاً: أن الجهاد ضد الصهاينة المحتلين، والغزاةِ المعتدين على حرمات ‏المسجد الأقصى وفلسطين، فرضٌ من آكَدِ فروضِ وواجبات الدين، ولا خلاف ‏في ذلك بين علماء المسلمين.‏

قال تعالى: ﴿وَقَٰتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يُقَٰتِلُونَكُمۡ وَلَا تَعۡتَدُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ‏ٱلۡمُعۡتَدِينَ﴾ [البقرة: 190]‏

والقائل: ﴿ وَمَا لَكُمۡ لَا تُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلۡمُسۡتَضۡعَفِينَ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَآءِ ‏وَٱلۡوِلۡدَٰنِ ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَخۡرِجۡنَا مِنۡ هَٰذِهِ ٱلۡقَرۡيَةِ ٱلظَّالِمِ أَهۡلُهَا وَٱجۡعَل لَّنَا مِن ‏لَّدُنكَ وَلِيّٗا وَٱجۡعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا ٧٥ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِۖ ‏وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱلطَّٰغُوتِ فَقَٰتِلُوٓاْ أَوۡلِيَآءَ ٱلشَّيۡطَٰنِۖ إِنَّ كَيۡدَ ٱلشَّيۡطَٰنِ ‏كَانَ ضَعِيفًا ٧٦﴾ [النساء 75-76].‏

‏ ‏

والإجماع منعقِدٌ على تَعيُّنِ الجهاد في حالات، منها نزول العدو بأي بلد من ‏بلاد الإسلام، فكيف إذا كان هذا البلدُ هو المسجد الأقصى، مسرى رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم، وأولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين؟

يقول ابن تيمية رحمه الله:‏

‏”وأما قتالُ الدفع، فهو أشدُّ أنواعِ دفعِ الصائلِ عن الحرمةِ والدين؛ فواجبٌ ‏إجماعًا.‏

فالعدوُّ الصائلُ الذي يُفسدُ الدينَ والدنيا لا شيءَ أوجب بعدَ الإيمان من دفعِه، ‏فلا يُشترطُ له شرط، بل يُدفعُ بحسبِ الإمكان” (الفتاوى الكبرى 5/ 538).‏

ولا عدوَّ أشد عداوةً من الصهاينة المحتلين، وأوليائهم من الكفار والمشركين:‏

‏﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ ٱلنَّاسِ عَدَٰوَةٗ لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱلۡيَهُودَ وَٱلَّذِينَ أَشۡرَكُواْ﴾ [المائدة: 82].‏

‏ ‏

وهذه نقول من كلام العلماء الصريحة في ذلك.‏

‏1- فقهاء الحنفية:‏

قال ابن عابدين رحمه الله: “وفرض عين (أي الجهاد) إن هجم العدو على ثغر ‏من ثغور الإسلام فيصير فرض عين على من قرب منه، فأما من وراءهم ببعد ‏من العدو فهو فرض كفاية إذا لم يحتج إليهم، فإن احتيج إليهم بأن عجز من ‏كان بقرب العدو عن المقاومة مع العدو، أو لم يعجزوا عنها، ولكنهم تكاسلوا، ‏ولم يجاهدوا، فإنه يفترض على من يليهم فرض عين كالصلاة والصوم لا ‏يسعهم تركه، وثم وثم إلى أن يفترض على جميع أهل الإسلام شرقا وغربا ‏على هذا التدريج.” (حاشية ابن عابدين على الدر المختار(3/ 238)‏

‏2- فقهاء المالكية:‏

جاء في حاشية الدسوقي على شرح الدردير لمختصر خليل: “ويتعين الجهاد ‏بفجء العدو)، قال الدسوقي: (أي توجه الدفع (بفجئ) مفاجأة على كل أحد، وإن ‏امرأة، أو عبدا، أو صبيا، ويخرجون ولو منعهم الولي والزوج ورب الدين” ‏‏(حاشية الدسوقي (2/ 174)‏

‏3- فقهاء الشافعية:‏

جاء في نهاية المحتاج للرملي شرح المنهاج للنووي: “فإن دخلوا (أي الكفار) ‏بلدة لنا، وصار بيننا وبينهم دون مسافة القصر، فيلزم أهلها الدفع حتى من لا ‏جهاد عليهم من فقير وولد وعبد ومدين وامرأة) (نهاية المحتاج (8/ 58)‏

‏4- فقهاء الحنابلة:‏

قال ابن قدامة في المغني: “ويتعين الجهاد في ثلاثة مواضع:‏

‏1) إذا التقى الزحفان وتقابل الصفان.‏

‏2) إذا نزل الكفار ببلد تعين على أهله قتالهم ودفعهم.‏

‏3) إذا استنفر الإمام قوما لزمهم النفير” (المغني (8/ 345).‏

‏ ‏

ثانياً: أن المجاهدين في فلسطين اليوم، وفي مقدمتهم حركة المقاومة الإسلامية ‏‏(حماس)، وبقية الفصائل المجاهدة، هم من خيرة المجاهدين على ظهر ‏الأرض، المدافعين عن المقدسات، الذابِّينَ عن العرض والحرمات.‏

ولا يَشكُّك في ذلك إلا جاهل، أو جاحد!‏

وأكثر من يصفون جهادهم بـ (الإرهاب) أو يصفونهم بـ (الإرهابيين) هم ‏قادة، وسادة، ورعاة، وحلفاء الإرهاب الذي يقتل النساء، والأطفال، والشيوخ، ‏ويهدم المساجد والمستشفيات، ويفرض الحصار على المدنيين، ويمنعهم من ‏حبة الدواء، ولقمة الغذاء، وجرعة الماء!!‏

‏ ‏

ثالثاً: أن التشكيك في مشروعية هذا الجهاد، والطعنَ في هؤلاء المجاهدين، هو ‏تَثبِيطٌ من المبَطِّئِين، وتخذيلٌ من المرجِفِين، ولا يجوز سماعُه، ولا نشرُه بين ‏المسلمين!‏

‏ ‏

رابعاً: أن واجب الوقت على الأمةِ كلِّها اليومَ هو مناصرةُ ومؤازرةُ الجهاد ‏والمجاهدين في فلسطين، كلٌّ من موقعِه، وبما يستطيع..‏

وقد تأكد الأمرُ بعد إعلان دولِ الكفرِ الكبرى اصطفافَها مع العدو، ومساندتَها له ‏ماديا، ومعنويا، بالسياسة، والمال، والسلاح، والمعلومات.. وبعد استنصار ‏واستنفار إخواننا في غزةَ للأمة، وبعد المجازر الجماعية التي يرتكبها العدو ‏على مدار الساعة في حق أهلنا المحاصَرين هناك، والتي ليس آخرها مجزرة ‏المستشفى المعمدانيِّ في غزة.‏

‏﴿وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٍۚ إِلَّا تَفۡعَلُوهُ تَكُن فِتۡنَةٞ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَفَسَادٞ ‏كَبِير﴾ [الأنفال: 73].‏

والمناصرة تكون من الدول والحكومات بالدعم المادي، والمعنوي، والسياسي، ‏والدبلوماسي.‏

‏ وتكون من الرجال، والنساء، والشباب، والشيوخ، والجماعات الإسلامية، ‏والأحزاب السياسية، والجمعيات الحقوقية، والنقابات المهنية، والطلابية، ومن ‏أصحاب الأقلام، والمنابر، والإعلام….الخ، كل بحسب قدرته، وموقعه.. ‏بالنفس، والمال، والدعاء، والكلمة، والصورة، والوقفة، والمسيرة، ‏والمظاهرة، والمقاطعة، وغير ذلك..‏

وتكون قبلَ كلِّ ذلك وبعدَه برجوعنا إلى الله عبادًا حقا، متَّصِفِين بصفات ‏العبودية الحقيقية التي يستحق أهلُها نصرَ الله عز وجل.‏

‏﴿إِنَّ ٱللَّهَ ٱشۡتَرَىٰ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ أَنفُسَهُمۡ وَأَمۡوَٰلَهُم بِأَنَّ لَهُمُ ٱلۡجَنَّةَۚ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ‏فَيَقۡتُلُونَ وَيُقۡتَلُونَۖ وَعۡدًا عَلَيۡهِ حَقّٗا فِي ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَٱلۡإِنجِيلِ وَٱلۡقُرۡءَانِۚ وَمَنۡ أَوۡفَىٰ ‏بِعَهۡدِهِۦ مِنَ ٱللَّهِۚ فَٱسۡتَبۡشِرُواْ بِبَيۡعِكُمُ ٱلَّذِي بَايَعۡتُم بِهِۦۚ وَذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ * ‏التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ ‏بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ ‏‏[التوبة: 111-112]‏

‏﴿كَتَبَ ٱللَّهُ لَأَغۡلِبَنَّ أَنَا۠ وَرُسُلِيٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٞ﴾ [المجادلة: 21]‏

‏﴿وَلِلَّهِ ٱلۡعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِۦ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَلَٰكِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَا يَعۡلَمُونَ﴾ [المنافقون: 8]‏

بتاريخ: 5 ربيع الثاني 1445هـ ‏

الموافق 20 أكتوبر 2023م

‏ ‏

الموقعون:‏

‏1.‏     الشيخ العلامة محمد الحسن بن الددو، رئيس مركز تكوين العلماء، ‏وعضو مجلس أمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

‏2.‏     الشيخ العلامة محمد محمود أحمد يوره، عضو في مجلس الفتوى ‏والمظالم سابقا، وعضو هيئة العلماء الموريتانيين.‏

‏3.‏     الشيخ العلامة محمد المختار بن امباله، رئيس سابق للمجلس الإسلامي ‏الأعلى، ومستشار سابق برئاسة الجمهورية

‏4.‏     الشيخ العلامة إبراهيم بن يوسف بن الشيخ سيديا، (المفتي).‏

‏5.‏     الشيخ العلامة محمد سيديا بن اجدود النووي، عضو هيئة العلماء ‏الموريتانيين، ونائب رئيس رابطة علماء المسلمين

‏6.‏     العلامة القاضي أحمد شيخنا أمات،  عضو هيئة العلماء الموريتانيين.‏

‏7.‏     العلامة الشيخ محمد عبد الرحمن بن أحمد (ولد فتى)، أستاذ بمركز ‏تكوين العلماء.‏

‏8.‏     الشيخ أ.د. محمد الأمين بن مزيد، نائب رئيس منتدى العلماء والأئمة ‏سابقا، أستاذ بمركز تكوين العلماء. ‏

‏9.‏     الشيخ أ.د. محمد سيد محمد مولاي، مدير المعهد الاتحادي لعلوم القرآن، ‏من الخبراء السابقين بالموسوعة الفقهية الكويتية.‏

‏10.‏   الشيخ د. أحمد فال صالح، وزير سابق، رئيس سابق لمنتدى ‏العلماء والأئمة، وعضو هيئة العلماء الموريتانيين.‏

‏11.‏   الشيخ د. سيدي عبد القادر الطفيل، مدير دار القرآن الكريم، ‏وأستاذ بالمعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية.‏

‏12.‏   الشيخ محفوظ بن الوالد، رئيس المنتدى الإسلامي الموريتاني. ‏

‏13.‏   الشيخ: عبد الله بن أمينُ، عضو المجلس الاستشاري لهيئة العلماء ‏الموريتانيين.‏

‏14.‏   الشيخ د. شيخنا سيد الحاج، الأمين العام لجمعية المستقبل للدعوة، ‏وأستاذ بالمعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية .‏

‏15.‏   الشيخ محمد بن أحمد بن زاروق (الشاعر)، عضو هيئة العلماء ‏الموريتانيين، وأستاذ بالمحظرة الشنقيطية الكبرى.‏

‏16.‏   الشيخ أحمد مزيد بن محمد عبد الحق البوني، عضو هيئة العلماء ‏الموريتانيين، وعضو مجلس اللسان العربي.‏

‏17.‏   الشيخ محمد الأمين الطالب يوسف، عضو هيئة العلماء ‏الموريتانيين، وشيخ محظرة بالنعمة.‏

‏18.‏   الشيخ سيد محمد بن محمد المختار، عضو هيئة العلماء ‏الموريتانيين، وشيخ محظرة.‏

‏19.‏   الشيخ د. المختار بن آمين، المشرف العلمي في معهد الإمام ‏ورش.‏

‏20.‏   الشيخ د. محمد سالم دودو، عضو مجلس أمناء الاتحاد العالمي ‏لعلماء المسلمين، وأستاذ بمركز تكوين العلماء.‏

‏21.‏   الشيخ أحمدو بن محمد سالم، شيخ محظرة القراءات السبع في ‏كيهيدي.‏

‏22.‏   الشيخ محمد عبد السلام سيد، عالم وشيخ محظرة.‏

‏23.‏   الشيخ كاورو تانچا، شيخ محظرة وإمام وداعية.‏

‏24.‏   الشيخ محمد يسلم بن محفوظ بن محمد خينَ، عضو هيئة العلماء ‏الموريتانيين، واستاذ بالمعهد العالي للدراسات الإسلامية.‏

‏25.‏   الشيخ محمد يحيى بن عبد الله بن الإمام، شيخ محظرة.‏

‏26.‏   الشيخ عبد الله صار، شيخ محظرة وإمام وداعية. ‏

‏27.‏   الشيخ محمد يحيى بن احريمو، عضو هيئة العلماء الموريتانيين.‏