صرخة في وجه العار، وإيقاظٌ للضمير

7/8/2025

خطبة جمعة مقترحة من قسم القدس في هيئة علماء فلسطين:

 الحمد لله القوي المتين، الجبار القاهر للمجرمين، المنتصر لعباده المؤمنين، والصلاة والسلام على سيد المجاهدين، قائد الغرّ المحجلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.  أما بعد،

فأوصيكم ونفسي المقصّرة بتقوى الله عز وجل، فإنها الزاد، والمفزع، والمنجى يوم التناد.

أيها المسلمون..

نعيش في زمنٍ انقلبت فيه الموازين، وبيعت فيه القيم في أسواق النفاق العالمي، وأُلبست الحقيقة ثوب الكذب، والحق وُصف بالإرهاب، والمظلوم أصبح الجلاد.

غزة اليوم لا تُقصف فحسب، بل تُذبح، تُجَوَّع، تُحاصَر، تُباد!

أطفالها يُنتشلون من تحت الركام، وأمهاتها ينحنين على جثث الأبناء، وآباؤها يرفعون أكفّ الضراعة للسماء، وقلوبهم تنبض بالإيمان رغم البلاء!

والقرآن يدعونا “وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر” [الأنفال: 72]

فهل نصرناهم؟ أم خذلناهم؟

والله يأذن لهم في مقاومة البغي والظلم

“أُذِنَ للذين يُقاتَلون بأنهم ظُلموا، وإن الله على نصرهم لقدير” [الحج: 39]

والسؤال هو

أين نحن من هذه الآيات؟

أين نخوتنا؟ أين ضمير أمةٍ تعدادها يقارب ملياري مسلم؟

أين الغيرة ونحن نرى الآلاف  من شعوب ملأت شوارع أوروبا وهي تقول: “أوقفوا المجازر!”

بينما أبناء الإسلام يغرقون في المهرجانات، والرقص، والغناء، وكأن على رؤوسهم الطير!

أحبتي الكرام

في غزة؟

أكثر من 100 ألف شهيد وجريح ومفقود!

جوعٌ ينهش الأطفال.. أمم تموت ببطء!

مستشفيات تُقصف، ومدارس تُدمَّر، ومساجد تُستهدف!

الإعلام العالمي يزوّر الحقائق، ويصوّر الجزار ضحية، والضحية معتدية!

وحبيبنا يرشدنا

“مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى” [رواه مسلم]

فهل جسد الأمة يشعر اليوم؟

أم أننا أمة مخدَّرة، منشغلة بالكأس والغناء، بينما إخوتنا يصارعون الموت؟!

 أين الشعوب من دول الطوق ؟

 أين الحكام؟

كيف لا نشعر بالخزي، ونحن نرى أهل غزة يحاصرون ويقصفون، بينما نحن في سباتٍ غليظ؟

ما بالنا نقبل الذل والهوان؟

ما بالنا لا نصرخ؟ لا نغضب؟ لا نقاطع؟ لا نتحرك؟

  ومع ذلك لن يموت الأمل:

رغم الحصار.. رغم التجويع.. رغم الصمت العربي المدوّي.. غزة صامدة، بل منصورة.

وما يحدث اليوم لم يكن يحدث إلا بإرادة الله جل وعز

كأني بالآية تتنزل اليوم وهي تصف حال الصهاينة من رغبتهم في إنهاء المعركة لكنهم لا يستطيعون

ورغبة المقاومة في إنهاء الحرب ولكن هناك من يفسد الاتفاقيات وما ذلك إلا ليصدق قول الله تعالى

﴿ وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا ۗ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ﴾

[ الأنفال: 44]

وما ذلك أيضا إلا ليفضح المجرمون

قال سبحانه .. وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين.

ويقول النبي ﷺ: “لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خذلهم، حتى يأتي أمر الله وهم كذلك” [رواه مسلم]

غزة اليوم تفضحنا وتوقظنا، فهل من مستيقظ؟

تقول لنا: أنتم المليارين فهل بينكم قلب حي؟

هل بينكم دم يغلي؟!

يا أمة الإسلام، إن غزة اليوم ليست وحدها تحت الحصار، بل الكرامة والإنسانية والدين والعقيدة تحت الحصار.

فمن لا يتحرك لغزة اليوم، فمتى يتحرك؟!

ومن لا يبكي لدماء أطفالها، فمتى يبكي؟!

اللهم اجعل لنا في غزة قدم صدق

اللهم أنقذ أهلنا في غزة

اللهم عليك بالصهاينة ومن ناصرهم ومن خذل أهل الحق

اللهم اجعل هذه المجازر لعنة على من سكت عنها أو أيدها

فلا تكن أخي بارد القلب، دع قلبك يغلي ويدك تعمل ولسانك ينطق.

أحيِ القضية في بيتك، مع أولادك، في عملك.

انشر الوعي، قاطع العدو، ادعم المقاومة.

أكثر من الدعاء، الدعاء سلاح.

وكن صادقًا مع الله، يكن الله معك