خاص هيئة علماء فلسطين

    

د. محمد خالد كلاب([1])

الملخص:

يهدف البحث إلى تحليل حديث الجاهد المجاهد، وسرْد مَتْنِهِ الجامع، وبيان معاني غريبِه، وتفصيل الأحكام الشرعية المتعلّقة به، وذِكْر اللطائف الدعوية والتربوية المستنبطة منه، مع توضيح ما يرشد إليه الحديث.

وقد اشتمل البحث على مسائل عديدة تتعلّق بفقْه الجهاد مستنبطة من هذا الحديث، من ذلك: معنى الجاهد المجاهد، ووجْه مضاعفة الأجر مرّتيْن لِمَنْ هذه صفته، وبيان معنى الكذب الذي أطلقه النبي صلى الله عليه وسلم في حق بعض أصحابه، وطريقته في معالجة ما يشاع ظلمًا وزورًا في حقّ المجاهدين.

كلمات مفتاحية: الجاهد/المجاهد/عامر بن الأكوع/مضاعفة/الأجر

Abstract:

The research aims to analyze the Hadith of al-jahid al-mujahid (exerting and fighter)، narrate its comprehensive text، indicate its strange meanings، detail the provisions of the Islamic sharia related to it، and mention the da’wah and educational Subtleties derived from it، while clarifying what the Hadith guides to.

The research included many issues related to the jurisprudence of jihad deduced from this hadith، such as: the meaning of al-jahid al-mujahid، And that the face of doubling the rewards twice for those who are such، the meaning of the lie that the Prophet (peace and blessings of Allah be upon him) told against some of his companions، and his way of dealing with what is unfairly and falsely rumored against the fighters.

Keywords: Al-jahid / Al-mujahid / Amer Ibn Al-Akwa’ / doubling / reward

مقدمة

نحمدك اللهم أنت الذي علَّمْتَ الناس في دينهم حِكَمًا وفي دنياهم أحكامَا، وجعلْتَ أمة خاتم الرسل المرحومة أكرم الأمم كلها منزلا ومقامَا، وما زلْتَ ألهمت من شئت وتلهم من تشاء منهم في كل قرن استعمال السنن المطهرة على وجهها إلهامَا، ونهيتهم عن التفرق في الدين وأوضحت لهم سبيل اليقين فأصبحوا بنعمتك بررةً كرامَا، وما انفكّ عدولهم نَفْوًا عن الدين وينفون عنه انتحال المبطلين وتحريف الغالين وتأويل الجاهلين حتى عاد عَلَم الحقّ معتدلًا قوامَا.

ونصلّي عليك أيها النبي الكريم بك مَنّ علينا بالإيمان وهدانا إسلامَا، لُطْفًا بِنَا ورحمةً علينَا وبركةً فينا وإحسانًا إلينا وإكرامَا، فكان ذلك لزامَا، ولولاك ما اهتدينا ولا صلَّيْنا ولا عَلِمْنَا أحكامَا، فكنتَ أنت داعينا إلى الله سبحانه وتعالى وهاديًا لنا ورؤوفًا بنا وَفِينَا إماما. أما بعد:

فقد بات من مكرور القول ومُعاد الكلام أن الجهاد في سبيل الله من أعظم العبادات والقُربات، وذروة سنام الإسلام الذي يُحمى به الدين في الملمّات، وإنّ المتدبّر لآيِ القرآن الكريم وسنة النبي الأمين صلى الله عليه وسلم؛ يَعْلَم أهمية هذه العبادة ومنزلتها في الإسلام، وأنّ ما جاء فيها من نصوص كافٍ أن يجعلها في صدارة العبادات التي ينشغل بها من كان في قلب مثقال ذرة من إيمان؛ ليبلغ بإحيائها أفضل الدرجات وأسمى المقامات في جنة رب الأرض والسموات، قال الله تعالى: ﴿لَّا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَىٰ وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النساء: 95].

وفي هذا البحث تسليط الضُّوء على حادثة من حوادث السيرة العطرة، المشتملة في مطاويها على بعض الأحكام الجهادية المفيدة للمجاهدين في كل زمانٍ ومكانٍ، المتضمّنة في تضاعيفها على لطائف دعوية وتربوية تفيد روّاد هذا الطريق، ويقبس منها السالكون لهذا النهج، ويقتدي بها الراغبون بالسَّيْر على طريقة الأُوَل في الدعوة والجهاد وقتال الأعداء.

إنها حادثة من شامة الأحداث العسكرية يوم خيبر، أبلى فيها الصحابي الجليل عامر بن الأكوع رضي الله عنه بلاءً حسنًا وجمع الله له من العبادات الجهادية في ذلك اليوم ما جعلت رسول الله ﷺ يقول فيه: “إِنَّ لَهُ لَأَجْرَيْنِ -وَجَمَعَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ- إِنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ، قَلَّ عَرَبِيٌّ مَشَى بِهَا مِثْلَهُ“.

وقد بذلنا الوسع في دراسة هذا الحديث دراسة تحليلية تشمل السند والمتن معًا، وصناعة المتن الجامع له، وشرح غريبه، وإزالة مُشْكِلِهِ وحَلّ مُخْتَلِفِهِ، وتفصيل أحكامه، وبيان لطائفه التربوية والدعوية، وذكْر ما يرشد إليه الحديث، على ما جاء تفصيله في الخطّة الآتية.

أولاً- أهمية الموضوع وبواعث اختياره:

  1. يبين أهمية السنة النبوية في التربية الإيمانية ورفع الهمة عند أهل الإيمان للإقبال على طاعة الله والتحريض عليها.
  2. يوضح منزلة الجهاد في سبيل في زمن عز فيه المجاهدون المخلصون.
  3. يعالج موضوع الجهاد في سبيل الله في وقت اتهم فيه المجاهدون بالإرهاب.
  4. يعالج مشكلة من يصابون أو يستشهدون في ساحات القتال أو الإعداد والتدريب بغير سلاح العدو.
  5. يوضح أثر شعر المقاومة والنشيد الحماسي وأهميته في تحريض المجاهدين وتثبيتهم في ميادين القتال وساحات الوغى.

 ولأهمية هذا الموضوع، ولما وجدناه من رغبة عندنا في تقديم خدمة لحديث رسول r آثرنا دراسة هذا الحديث.

ثانياً- أهداف البحث:

  1. دراسة حديث “إنه لجاهد مجاهد” دراسة تحليلية، وتوضيح جميع جوانبه الحديثية والفقهية.
  2. ذكْر الأوجه التي ذكرها العلماء لأسباب مضاعفة الأجر مرتين لمن اتصف بـ (الجاهد المجاهد).
  3. بيان معنى (جَاهِد مُجَاهِد)، وتعداد أصناف المجاهدين الذين ينطبق عليهم هذا الوصف.
  4. استخلاص اللطائف الدعوية والتربوية المستنبطة من هذا الحديث وأثرها في المجاهدين وعوائلهم.

ثالثًا- منهج البحث وطبيعة عمل الباحث فيه:

قام الباحث بدراسة حديث “إنه لجاهد مجاهد” من طريق الصحابي “سلمة بن الأكوعt” حسب ما يلي:

  1. اقتصرت الدراسة الحديثية على الرواية الرئيسة عند البخاري، أما المعاني فقد تمت من خلال كتب السنة النبوية.
  2. بالنسبة إلى تراجم رجال الحديث، كانت الترجمة للصحابي فقط.
  3.  في باقي رواة الإسناد اكتفى الباحث بتوثيق ابن حجر وتضعيفه، وأما الراوي المختلف فيه جرحًا وتعديلًا فتوسّع الباحث في دراسته.
  4. اقتصر الباحث في التخريج على الكتب الستة.
  5. قام الباحث بصياغة المتن الجامع؛ للخروج بخلاصة طرق الحديث.
  6. بيان غريب الحديث من كتب اللغة، والنهاية في غريب الحديث لابن الأثير، وشروحات الحديث.

رابعاً – خطة البحث:

اشتمل البحث على مبحثين وخاتمة، موزعة على النحو التالي:

المبحث الأول: الدراسة الإسنادية لحديث الجاهد المجاهد.

المبحث الثاني: الدراسة المَتْنِيّة لحديث الجاهد المجاهد.

المبحث الأول: الدراسة الإسنادية لحديث الجاهد المجاهد

المطلب الأول: نص الحديث الشريف.

 قال الإمام البخاري -رحمه الله-([2]): حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالخَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ إِلَى خَيْبَرَ، فَسِرْنَا لَيْلًا، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ لِعَامِرٍ: يَا عَامِرُ أَلاَ تُسْمِعُنَا مِنْ هُنَيْهَاتِكَ؟ وَكَانَ عَامِرٌ رَجُلًا شَاعِرًا، فَنَزَلَ يَحْدُو بِالقَوْمِ يَقُولُ:

 اللَّهُمَّ لَوْلاَ أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا…. وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا… فَاغْفِرْ فِدَاءً لَكَ مَا أَبْقَيْنَا… وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاَقَيْنَا

  وَأَلْقِيَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا… إِنَّا إِذَا صِيحَ بِنَا أَبَيْنَا… وَبِالصِّيَاحِ عَوَّلُوا عَلَيْنَا

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: “مَنْ هَذَا السَّائِقُ؟ “، قَالُوا: عَامِرُ بْنُ الأَكْوَعِ، قَالَ: “يَرْحَمُهُ اللَّهُ” قَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: وَجَبَتْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، لَوْلاَ أَمْتَعْتَنَا بِهِ؟ فَأَتَيْنَا خَيْبَرَ فَحَاصَرْنَاهُمْ حَتَّى أَصَابَتْنَا مَخْمَصَةٌ شَدِيدَةٌ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَتَحَهَا عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا أَمْسَى النَّاسُ مَسَاءَ اليَوْمِ الَّذِي فُتِحَتْ عَلَيْهِمْ، أَوْقَدُوا نِيرَانًا كَثِيرَةً، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: “مَا هَذِهِ النِّيرَانُ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ تُوقِدُونَ؟ ” قَالُوا: عَلَى لَحْمٍ، قَالَ: “عَلَى أَيِّ لَحْمٍ؟ ” قَالُوا: لَحْمِ حُمُرِ الإِنْسِيَّةِ، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: “أَهْرِيقُوهَا وَاكْسِرُوهَا“، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوْ نُهَرِيقُهَا وَنَغْسِلُهَا؟ قَالَ: “أَوْ ذَاكَ“. فَلَمَّا تَصَافَّ القَوْمُ كَانَ سَيْفُ عَامِرٍ قَصِيرًا، فَتَنَاوَلَ بِهِ سَاقَ يَهُودِيٍّ لِيَضْرِبَهُ، وَيَرْجِعُ ذُبَابُ سَيْفِهِ، فَأَصَابَ عَيْنَ رُكْبَةِ عَامِرٍ فَمَاتَ مِنْهُ، قَالَ: فَلَمَّا قَفَلُوا قَالَ سَلَمَةُ: رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِي، قَالَ: “مَا لَكَ؟ ” قُلْتُ لَهُ: فَدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، زَعَمُوا أَنَّ عَامِرًا حَبِطَ عَمَلُهُ؟ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: “كَذَبَ مَنْ قَالَهُ، إِنَّ لَهُ لَأَجْرَيْنِ – وَجَمَعَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ – إِنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ، قَلَّ عَرَبِيٌّ مَشَى بِهَا مِثْلَهُ“.

المطلب الثاني: تخريج الحديث.

          أخرجه (البخاري)([3]) عن إبراهيم بن مكي بنحوه، و(البخاري)([4]) و(مسلم)([5]) عن قتيبة بن سعيد، و(مسلم)([6]) عن محمد بن عباد، كلاهما (قتيبة ومحمد) عن حاتم بن إسماعيل مطوّلًا. كلاهما (إبراهيم وحاتم) عن يزيد به. وأخرجه (مسلم)([7]) من طريق إياس بن سلمة مطوّلًا، و(أبو داود)([8]) مطوّلًا و(ابن ماجه)([9]) بنحوه من طريق عبد الرحمن بن عبد الله. جميعهم: (يزيد، وإياس، وعبد الرحمن) عن سلمة رضي الله عنه به.

المطلب الثالث: دراسة الإسناد.

  1. عبد الله بن مسلمة: أبو عبد الرحمن القعنبي الحارثي البصري، أصله من المدينة وسكنها مدة، (ت 221 هـ) بمكّة، (ثقة)، أخرج له (خ م د ت س)([10]).
  2.  حاتم بن إسماعيل: أبو إسماعيل المدني الحارثي مولاهم، أصله من الكوفة، (ت 186 أو 187 هـ). وثقه ابن سعد وزاد: (مأمون كثير الحديث)([11])، وابن المديني وزاد: (ثبْتٌ)([12])، وابن معين([13])، والعجلي([14])، والدارقطني([15])، وابن بشكوال([16])، والذهبي([17])، وقال النسائي: ليس به بأس([18])، ونقل أبو بكر الأثرم عن الإمام أحمد بن حنبل أنه قال: (زعموا أنه كَانَ فيه غفلة، إلا أن كتابه صالح)([19]وقال ابن حجر: (كان صحيح الكتاب، صدوق يهم)([20]). وخلاصة القول فيه: ثقة. أخرج له (الجماعة)([21]).
  3. يزيد بن أبي عبيد: الأسلمي مولى سلمة بن الأكوع، (توفي سنة بضع وأربعين ومائة)، ثقة. أخرج له (الجماعة)([22]).
  4. سلمة بن الأكوع: ينسب إلى جده، وهو: سلمة بن عمرو بن الأكوع، واسم الأكوع: سنان بن عَبْد اللَّهِ بن قشير ابن خزيمة بن مالك بْن سلامان بن أسلم الأسلمي، يكنى: أبا مسلم، وقيل: أَبُو إياس، وقيل: أَبُو عامر، والأكثر: أَبُو إياس بابنه إياس، وغزا مع رَسُول اللَّهِ ﷺ سبع غزوات، وكانت أول مشاهده الحديبية، وكان ممن بايع تحت الشجرة مرتين، وبايعه حينها على الموت، وسكن المدينة، ثم انتقل فسكن الربذة. وكان شجاعًا، راميًا، محسنًا، خيّرًا، فاضلًا، ولما قُتِل عثمان رضي الله عنه؛ خرج إِلَى الربذة، وتزوج هناك وولد له أولاد، فلم يزل هناك حتى كان قبل أن يموت بليال، عَادَ إِلَى المدينة وتوفي بها سنة (74 هـ) على الصحيح وقيل غير ذلك، وهو ابن ثمانين سنة. وقال ابنه إياس: ما كذب أَبِي قط، وكان يصفّر لحيته ورأسه. أخرج له الجماعة([23]).

المطلب الرابع: الحكم على الإسناد، وألفاظ التحمل والأداء، ورحلة الحديث:

          رواه البخاري ومسلم. وفيه التحديث بصيغة الجمع (حدثنا)، والعنعنة (عن)، والقول بالإفراد (قال). والحديث وفق هذا الإسناد مدني، ومن خلال تتبع طرق الحديث يظهر أنه انتقل إلى البصرة والشام ومصر.

المطلب الخامس: لطائف الإسناد.

1- فيه رواية مولى عن مولاه؛ هي رواية يزيد بن أبي عبيد عن أبي سلمة رضي الله عنه([24]).

2- جميع رواته مدنيون؛ فعبد الله بن مسلمة أصله مدني ونزل البصرة([25])، وحاتم بن إسماعيل أصله من الكوفة ونزل المدينة([26])، ويزيد بن أبي عبيد مدني([27])، وسلمة بن الأكوع مدني، خرج منها إلى الربذة، ثم عاد إليها ومات فيها([28]).

3- جميع رواته ثقات.

4- فيه راو واحد كانت وفاته في مكة وهو عبد الله بن مسلمة وبقيتهم كانت وفاتهم في المدينة المنورة.

5- فيه راويان من قبيلة حارثة؛ هما: عبد الله بن مسلمة وحاتم بن إسماعيل، وراويان من قبيلة أسلم؛ هما: يزيد بن أبي عبيد والصحابي الجليل سلمة بن الأكوع.

6- تعدّد طرق الحديث داخل الصحيح، وصدّر الباحث أوّلها وأعلاها سندًا، فقد ورد حسب هذه الرواية ثلاث مرات ذُكِرت عند التخريج.

المطلب السادس: منهج الإمام البخاري في الحديث والتحقق من شرطه.

1- مطابقة الحديث للترجمة من حيث إن فيه مثال أمل الإنسان وأجله والأعراض التي تعرض عليه وموته عند واحد منها، فإن سلم منها فيأتيه الموت عند انقضاء أجله([29]).

2- الرواية في الأصل ذات تقارب كبير بالمقارنة مع الروايات الأخرى في كتب الحديث.

          وأما التحقق من شرط الإمام البخاري فله في قبول الرواية من الرواة؛ شرطان هما:

الشرط الأول- انتقاء الرواة:

قال الحافظ ابن طاهر: “شرط البخاري أن يخرج الحديث المتفق على ثقة نقلته إلى الصحابي المشهور من غير اختلاف بين الثقات الأثبات، ويكون إسناده متصلًا غير مقطوع”([30]). وقال الحازمي: “مذهب من يخرج الصحيح أن يعتبر حال الراوي العدل في مشايخه العدول، وفيمن روى عنهم وهم ثقات أيضاً، وحديثه عن بعضهم صحيح ثابت يلزمهم إخراجه، وعن بعضهم مدخول لا يصلح إخراجه إلا في الشواهد والمتابعات”([31]).

 ويرى الباحث أن الإمام البخاري لم يخالف شرطه هنا، فكل رواته ثقات عدول كما سبق بيانه في تراجمهم.

الشرط الثاني- الاتصال وثبوت اللقاء في السند المعنعن:

جاءت الرواية في سند هذا الحديث من الثقات بالعنعنة، وهي في حق غير المدلّس محمولةٌ على السماع والاتصال، فلا تضر حينئذٍ؛ لأنهم سَلِموا من التدليس ولم نرَ من وصِف به.

المبحث الثاني: الدراسة المتْنِيّة لحديث (الجَاهِد المجَاهِد)

المطلب الأول: سبب الورود:

يبِين من خلال تتبع طرق الحديث ورواياته أن للحديث سبب ورود، وهو ما أذاعه بعض الصحابة في حق عامر بن الأكوع وإصابته نفسه، وزعموا أنه حبط عمله بقتله نفسه، وسمع الكلام ابنُ أخيه سلمة بن الأكوع؛ فحزن حزنًا شديدًا، حتى رآه النبي صلى الله عليه وسلم شاحبًا يبكي، ولما أخبره بسبب بكائه وسرّ حزنه وشحوب وجهه؛ قال له النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث.

 المطلب الثاني: المطابقة بين الترجمة والحديث.

          أخرج الإمام البخاري هذا الحديث في ثلاثة كُتُبٍ من صحيحه؛ هي: (المغازي، والأدب، والديات).وبيان ذلك على النحو التالي:

1- وضعه في كتاب (المغازي)، وترجم له بقوله: “باب غزوة خيبر([32]). مطابقة الترجمة ظاهرة، وعلاقتها: جزئية؛ فقد وردت لفظة خيبر في الحديث ويندرج تحته مواضع غيرها([33]).

2- وضعه في كتاب (الأدب)، وترجم له بقوله: “ باب ما يجوز من الشعر والرجز والحداء وما يكره منه([34]).

مطابقة الترجمة ظاهرة، وعلاقتها جزئية؛ لاشتِمَاله على الشِّعْر والرجوز والحداء([35])

3- وضعه في كتاب (الديات)، وترجم له بقوله: “باب إذا قتل نفسه خطأ فلا دية له([36]).

          هذه الترجمة مستفادة من رواية البخاري الأخرى في كتاب الأدب، وذكر تحتها رواية لم يبيّن فيها الصفة والحالة التي قُتِل فيها عامر رضي الله عنه؛ قال ابن المنيّر: “إنما يتم مقصود الترجمة بذكر القصة التي مات فيها عامر، وذلك أن سيفه كان قصيرًا، فرجع إلى ركبته من ضربته فمات منها، وقد بيّنه في غير هذا الموضع فاكتفي بذلك”([37]). وقال ابن حجر: “لم يذكر في هذه الطريق صفة قتل عامر نفسه وقد تقدم بيانه في كتاب الأدب ففيه وكان سيف عامر قصيرا فتناول به يهوديا ليضربه فرجع ذبابه فأصاب ركبته قلت ونقل بعض الشراح عن الإسماعيلي أنه قال ليس في رواية مكي شيخ البخاري أنه ارتد عليه سيفه فقتله والباب مترجم بمن قتل نفسه وظن أن الإسماعيلي تعقب ذلك على البخاري وليس كما ظن وإنما ساق الحديث بلفظ فارتد عليه سيفه ثم نبه على أن هذه اللفظة لم تقع في رواية البخاري هنا فأشار إلى أنه عدل هنا عن رواية مكي بن إبراهيم لهذه النكتة فيكون أولى لوضوحه ويجاب بأن البخاري يعتمد هذه الطريق كثيرا فيترجم بالحكم ويكون قد أورد ما يدل عليه صريحا في مكان آخر فلا يحب أن يعيده فيورده من طريق أخرى ليس فيها دلالة أصلا أو فيها دلالة خفية كل ذلك للفرار من التكرار لغير فائدة وليبعث الناظر فيه على تتبع الطرق والاستكثار منها ليتمكن من الاستنباط ومن الجزم بأحد المحتملين مثلا وقد عرف ذلك بالاستقراء من صنيع البخاري فلا معنى للاعتراض به عليه”([38]).

المطلب الثالث: المتن الجامع.

          عَنْ سَلَمَةَ بنِ الْأَكْوَعِ رضي الله عنه: قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ إِلَى خَيْبَرَ، فَسِرْنَا [أو] (فَتَسَيَّرْنَا)([39]) لَيْلًا، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ لِعَامِرٍ (بن الأكوع)([40]): يَا عَامِرُ أَلاَ تُسْمِعُنَا مِنْ هُنَيْهَاتِكَ؟ (أَيْ عَامِرُ، لَوْ أَسْمَعْتَنَا مِنْ هُنَيَّاتِكَ)([41])، (لَوْ مَتّعْتَنَا مِنْ هَنَاتِكَ)([42])، وَكَانَ عَامِرٌ رَجُلًا شَاعِرًا، فَنَزَلَ (عَمِّي عَامِرٌ)([43]) يَحْدُو بِالقَوْمِ (يُذَكِّرُ)([44])، (فَحَدَا بِهِمْ)([45]) (فَجَعَلَ)([46]) يَقُولُ:

(اللَّهُمَّ لَوْلَا اللهُ مَا اهْتَدَيْنَا)([47])… اللَّهُمَّ لَوْلاَ أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا… وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا

(وَنَحْنُ عَنْ فَضْلِكَ مَا اسْتَغْنَيْنَا)([48])… فَاغْفِرْ فِدَاءً لَكَ مَا أَبْقَيْنَا… (فَاغْفِرْ فِدَاءٌ لَكَ مَا اقْتَفَيْنَا)([49])

وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاَقَيْنَا… وَأَلْقِيَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا… (وَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا)([50])

إِنَّا إِذَا صِيحَ بِنَا أَبَيْنَا… (إِنَّا إِذَا صِيحَ بِنَا أَتَيْنَا)([51])… وَبِالصِّيَاحِ عَوَّلُوا عَلَيْنَا

(إِنَّ الَّذِينَ قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا… إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا)([52])

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (“مَنْ هَذَا؟ “)([53])، “مَنْ هَذَا السَّائِقُ؟ “، (قَالَ: أَنَا عَامِرٌ، قَالَ: “غَفَرَ لَكَ رَبُّكَ”)([54])، [و] قَالُوا: عَامِرُ بْنُ الأَكْوَعِ، قَالَ: “يَرْحَمُهُ اللَّهُ” قَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ؛ (عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -رضي الله عنه:)([55]) (فَنَادَى)([56]) (لَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ)([57]) (وَهُوَ عَلَى جَمَلٍ لَهُ)([58]): وَجَبَتْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، (وَجَبَتْ يَا رَسُولَ اللهِ)([59])، لَوْلاَ أَمْتَعْتَنَا [و] (مَتَّعْتَنَا)([60]) بِهِ؟ (وَمَا اسْتَغْفَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لِإِنْسَانٍ يَخُصُّهُ إِلَّا اسْتُشْهِدَ)([61])، (فَلَمَّا قَدِمْنَا)([62]) فَأَتَيْنَا خَيْبَرَ فَحَاصَرْنَاهُمْ حَتَّى أَصَابَتْنَا مَخْمَصَةٌ شَدِيدَةٌ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَتَحَهَا عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا أَمْسَى النَّاسُ مَسَاءَ اليَوْمِ الَّذِي فُتِحَتْ عَلَيْهِمْ، أَوْقَدُوا نِيرَانًا كَثِيرَةً، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: “مَا هَذِهِ النِّيرَانُ؟ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ تُوقِدُونَ؟ ” (“عَلَى مَا تُوقَدُ هَذِهِ النِّيرَانُ؟ “)([63]) قَالُوا: عَلَى لَحْمٍ، قَالَ: “عَلَى أَيِّ لَحْمٍ؟ ” قَالُوا: لَحْمِ حُمُرِ الإِنْسِيَّةِ [أو] (الحُمُرِ الإِنْسِيَّةِ)([64]) (الأَهْلِيَّةِ)([65])، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: “أَهْرِيقُوهَا [أو] (أَهْرِقُوهَا)([66]) وَاكْسِرُوهَا”، (“اكْسِرُوهَا، وَأَهْرِقُوهَا”)([67])، (“أَهْرِيقُوا مَا فِيهَا، وَاكْسِرُوا قُدُورَهَا”)([68])، فَقَالَ رَجُلٌ (مِنَ القَوْمِ)([69]): يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوْ نُهَرِيقُهَا وَنَغْسِلُهَا؟ (نُهَرِيقُ مَا فِيهَا وَنَغْسِلُهَا؟)([70]) قَالَ: “أَوْ ذَاكَ”، [أو] (قَالُوا: أَلاَ نُهَرِيقُهَا، وَنَغْسِلُهَا، قَالَ: “اغْسِلُوا”)([71]).

فَلَمَّا تَصَافَّ القَوْمُ (صَبِيحَةَ لَيْلَتِهِ)([72])؛ (خَرَجَ مَلِكُهُمْ مَرْحَبٌ يَخْطِرُ بِسَيْفِهِ، وَيَقُولُ:

قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ… شَاكِي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ… إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ)([73])

(قال: فَبَرَزَ لَهُ عَمِّي عَامِرٌ؛ فَقَالَ: قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي عَامِرُ… شَاكِي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُغَامِرُ)([74])

 [فـ] (قَاتَلَ أَخِي قِتَالًا شَدِيدًا)([75]) [و] كَانَ سَيْفُ عَامِرٍ قَصِيرًا [أو] (فيه قصر)([76])، فَتَنَاوَلَ بِهِ (يهوديًّا)([77]) [أو] سَاقَ يَهُودِيٍّ لِيَضْرِبَهُ، (فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ فَوَقَعَ سَيْفُ مَرْحَبٍ فِي تُرْسِ عَامِرٍ([78])، وَذَهَبَ عَامِرٌ يَسْفُلُ لَهُفَرَجَعَ)([79]) ذُبَابُ سَيْفِهِ (عَلَى نَفْسِهِ)([80]) [و] (سَاقِهِ)([81])، فَأَصَابَ (رُكْبَةَ عَامِرٍ)([82]) [أو] عَيْنَ رُكْبَةِ عَامِرٍ، [و](قَطَعَ أَكْحَلَهُ)([83]) (فَقَتَلَهُ)([84]) فَمَاتَ مِنْهُ (فَكَانَتْ فِيهَا نَفْسُهُ)([85]).

قَالَ: فَلَمَّا قَفَلُوا (إِذَا نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ يَقُولُونَ: بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ)([86]) (وَشَكُّوا فِيهِ)([87])، (وَشَكُّوا فِي بَعْضِ أَمْرِهِ)([88])؛ (رَجُلٌ مَاتَ بِسِلَاحِهِ)([89])، (قَتَلَ نَفْسَهُ)([90]). قَالَ سَلَمَةُ: (يَا رَسُولَ اللهِ، ائْذَنْ لِي أَنْ أَرْجُزَ لَكَ)([91]) [أو] (أَرْتَجِزَ بِكَ)([92])، (فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: اعْلَمْ مَا تَقُولُ، قَالَ: فَقُلْتُ: وَاللهِ لَوْلَا اللهُ مَا اهْتَدَيْنَا… وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “صَدَقْتَ”

وَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا… وَثَبِّتِ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا… وَالْمُشْرِكُونَ قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا

(قَالُوا اكْفُرُوا؛ قُلْنَا لَهُمْ أَبَيْنَا)([93])… (إِنَّ الَّذِينَ قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا… إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا)([94])

قَالَ: فَلَمَّا قَضَيْتُ رَجَزِي، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: “مَنْ قَالَ هَذَا؟ ” قُلْتُ: قَالَهُ أَخِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: “يَرْحَمُهُ اللهُ”)([95]). (فَرَآنِي)([96]) رَسُولُ اللَّهِ ﷺ(سَاكِتًا)([97]) (شَاحِبًا)([98]) وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِي (وَأَنَا أَبْكِي)([99])، قَالَ: «مَا لَكَ؟» قُلْتُ لَهُ: فَدَاكَ [أو] (فِدًى لَكَ)([100]) أَبِي وَأُمِّي، (بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ؟)([101]) (قَتَلَ نَفْسَهُ؟)([102])، (وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ نَاسًا)([103]) (يَهَابُونَ الصَلَاةَ عَلَيْهِ)([104]) زَعَمُوا أَنَّ عَامِرًا حَبِطَ عَمَلُهُ. (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ:) (مَنْ قَالَ ذَلِكَ؟)([105]) (“مَنْ قَالَهُ؟ “)([106])، (قُلْتُ: قالَهُ)([107]) (نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِكَ)([108]) (فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ وَفُلاَنٌ وَأُسَيْدُ بْنُ الحُضَيْرِ الأَنْصَارِيُّ)([109])، (يَقُولُونَ: رَجُلٌ مَاتَ بِسِلَاحِهِ)([110])، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: “(كَذَبُوا)([111])، كَذَبَ مَنْ قَالَهُ، (كَذَبَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ)([112])، (بَلْ لَهُ أجره مرتين)([113])، إِنَّ لَهُ لَأَجْرَيْنِ [أو] (لَهُ أَجْرَانِ اثْنَانِ)([114]) -وَجَمَعَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ [أو] (أَشَارَ بِإِصْبَعَيْهِ)([115]) (فَحَرَّكَهُمَا)([116])– إِنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ، (مَاتَ جَاهِدًا مُجَاهِدًا)([117])، قَلَّ عَرَبِيٌّ مَشَى بِهَا [و] (نَشَأ بِهَا)([118]) مِثْلَهُ، (وَأَيُّ قَتْلٍ يَزِيدُهُ عَلَيْهِ)([119])([120]).

المطلب الرابع: مشكل الحديث ومختلفه.

ورد في هذه الأحاديث ورواياته عدّة مسائل ظاهرها التعارض، نعرضها في هذا المطلب، ونذكر أجوبة العلماء وكلامهم حولها، على النحو التالي:

المسألة الأولى: مَنِ الذي طلب من عامر بن الأكوع الحُدَاء؟ هل هو رجلٌ من الصحابة، أم النبي صلى الله عليه وسلم؟

جاء في رواية الصحيحين من حديث عامر بن الأكوع أن الذي طلب الحداء منه هو “رجلٌ من الصحابة”، قال ابن حجر: “لَمْ أَقِف على اسْمِهِ صَرِيحًا”([121]).

وخالفها ما أخرجه ابن إسحاق في سيرته -كما في سيرة ابن هشام([122])، ومن طريق ابن إسحاق: أحمد في المسند([123]) رقم (15556)، والبخاري تعليقًا في التاريخ الكبير([124])– عن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي الهيثم بن نصر بن دهْر الأسلمي عن أبيه أنه سَمِعَ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ فِي مَسِيرِهِ إِلَى خَيْبَرَ لِعَامِرِ بْنِ الْأَكْوَعِ – وَهُوَ عَمُّ سَلَمَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْأَكْوَعِ، وَكَانَ اسْمُ الْأَكْوَعِ سِنَانًا -: “انْزِلْ يَا ابْنَ الْأَكْوَعِ، فَاحْدُ لَنَا مِنْ هُنَيَّاتِكَ“.

قال ابن حجر وتبعه: القسطلّاني([125]): “في هذا أنّ النبي ﷺ هو الذي أمره بذلك”([126]).

والجواب على ذلك من وجوهٍ:

  1. ضعف إسناد هذه الرواية: فهي من طريق التيمي عن أبي الهيثم بن نصر بن دهر الأسلمي عن أبيه مرفوعًا. وأبو الهيثم المذكور: لم يرو عنه إلا التيمي، وقال فيه الذهبي: مجهول([127])، وقال فيه ابن حجر: مقبول([128])، ومدار طرق هذه الرواية عليه.

ووالده نصر بن دهر صحابي لم يرو عن النبي ﷺ إلا حديثيْن -كما قال ابن حجر في تهذيب التهذيب-([129])، حديث ماعز وحديث عامر بن الأكوع واستشهاده، ولم يرو عنه إلا ولده أبو الهيثم، وأشار إلى هذا التفرّد:

  • أبو نعيم؛ قال: “حديثه عند ابنه أبي الهيثم”([130]).
  • ابن عبد البر -وتبعه بنحوه: ابن حجر([131])-؛ قال: “له أحاديث انفرد بها عنه: ابنه الهيثم”([132]).

لذلك قول الهيثمي: “رجاله ثقات”([133]) غير دقيق.

  1. حمْل الروايتين على تعدّد القصة واختلاف الحادثة:

يقول الدكتور موسى لاشين لما نقل كلام ابن حجر السابق: “لكن هذا الاحتمال لا يتفق مع قول النبي ﷺ في الرواية بعد “من هذا السائق”؟ فلعل ذلك في نزلة أخرى غير التي معنا”([134]).

قلنا: يشهد لهذا القول: ما رواه أبو نعيم([135]) من طريق محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ” كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي سَفَرٍ فَقَالَ لِعَامِرِ بْنِ الْأَكْوَعِ… ” وذكر الحديث. وهذه الطريق مع ضعف إسنادها لوجود محمد بن عجلان الذي قال فيه ابن حجر: “صدوق؛ إلا أنه اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة”([136])، فإن أبا هريرة أسلم زمن فتح خيبر الذي استشهد فيه عامر، فأي سفرٍ يقصده أبو هريرة في هذا الباب؟

المسألة الثانية: هل الأبيات المذكورة في هذا الحديث هي من قول عامر بن الأكوع أم من قول عبد الله بن رواحة؟

أفاد حديثنا أن عامرًا كان شاعرًا، وأنه أنشد الأبيات في مسيره إلى خيبر.

لكن جاء في رواية أخرى أنها من شعر عبد الله بن رواحة وهو أحد الشعراء الكبار في عهد النبي ﷺ، كما عند البخاري من حديث البراء بن عازب قال: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الأَحْزَابِ، وَخَنْدَقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، رَأَيْتُهُ يَنْقُلُ مِنْ تُرَابِ الخَنْدَقِ، حَتَّى وَارَى عَنِّي الغُبَارُ جِلْدَةَ بَطْنِهِ، وَكَانَ كَثِيرَ الشَّعَرِ، فَسَمِعْتُهُ يَرْتَجِزُ بِكَلِمَاتِ ابْنِ رَوَاحَةَ، وَهُوَ يَنْقُلُ مِنَ التُّرَابِ يَقُولُ:

اللَّهُمَّ لَوْلاَ أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا… وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا… فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا

وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاَقَيْنَا… إِنَّ الأُلَى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا… وَإِنْ أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا

قَالَ: ثُمَّ يَمُدُّ صَوْتَهُ بِآخِرِهَا”([137]).

قال الكرماني: “لا منافاة بينهما([138])، وجمع العلماء بينهما بعدة أمور:

  1. قال ابن حجر: “يحتمل أن يكون هو وعامر تواردا على ما تواردا منه بدليل ما وقع لكل منهما مما ليس عند الآخر”([139])، واقتصر عليه العيني([140]).
  2. وقال ابن حجر: “أو استعان عامر ببعض ما سبقه إليه بن رواحة”([141]).

المسألة الثالثة: حكم إطلاق قول (فداءً لك) في حقّ الله جلّ وعلا.

قال المازري -وتبعه: القاضي عياض([142])-: “وقع في بعض النسخ: (فاغفر لنا فداك ما ابتغينا)، وهذه الرواية الثانية سالمة من الاعتراض، وأما (فداء لك) فإنه لا يقال: أفدي الباري تعالى، ولا يقال للباري سبحانه: (فديتك)؛ لأن ذلك إنما يستعمل في مكروه يتوقع حلوله ببعض الأشخاص فيحب شخص آخر أن يحل به ويفديه منه”([143])، لذلك قال السهيلي: “لا يتصور أن يقال لله تبارك وتعالى مثل هذا الكلام وذلك أن معنى قولهم فداء لك أي فداء لك أنفسنا وأهلونا، وحذف الاسم المبتدأ لكثرة دوره في الكلام مع العلم به وإنما يفدي الإنسان بنفسه من يجوز عليه الفناء”([144]).

وللعلماء على هذا الاعتراض أجوبة عدة؛ منها:

  1. قال السهيلي: “أقرب ما قيل فيه من الأقوال إلى الصواب أنها كلمة يترجم بها عن محبة وتعظيم فجاز أن يخاطب بها من لا يجوز في حقه الفداء ولا يجوز عليه الفناء قصدا لإظهار المحبة والتعظيم له وإن كان أصل الكلمة ما ذكرنا، فرب كلمة ترك أصلها، واستعملت في غير ما وضعت له أول كما جاءوا بلفظ القسم في غير موضع القسم إذا أرادوا تعجبا واستعظاما لأمر كقوله عليه السلام في حديث الأعرابي من رواية إسماعيل بن جعفر أفلح وأبيه إن صدق ومحال أن يقصد ﷺ القسم بغير الله تبارك وتعالى، لا سيما برجل مات على الكفر وإنما هو تعجب من قول الأعرابي والمتعجب منه هو مستعظم ولفظ القسم في أصل وضعه لما يعظم فاتسع في اللفظ حتى قيل على الوجه”([145]).

وقال الطاهر بن عاشور: “هو دعاء الله تعالى لا محالة، واستعمال كلمة (فداء لك) هنا استعمال كنائي في لازم معنى هذا المركب. وهو بذل النفس والنفيس في مرضاة المخاطب بها مع عدم إرادة المعنى الملزوم لتعذره؛ لأن الله لا يؤسر ولا يخشى عليه الهلاك حتى يفدى بمال أو بنفس. وهذه العبارات تجري على كلام العرب في لوازم معانيها لا غير. من ذلك قولهم: لا أبا لك. وقولهم: فدى لك، وفداك أبي وأمي، ونفديك، وقولهم للميت عند دفنه: لا تبعد”([146]).

وهذا الوجه صوّبه الإتيوبي؛ قال: “الصواب عندي أن قوله: (فِداءً لك) هنا مما أُريدَ به تعظيم شأن المولى سبحانه وتعالى، وإظهار محبّته، فكما أن الإنسان إذا رفع شأن إنسان، وأراد إظهار محبّته له فداه بنفسه، وأبيه، وأمه، فكذلك قول العبد: فداء لك رب اغفر لي، وارحمني لا يريد به إلا ذلك، ولا يستلزم ذلك أن يلحق بالله سبحانه وتعالى مكروه أو مَخُوف، وإنما هو مجرّد تعظيم وإظهار محبّة، فتأمله بالإمعان، والإنصاف، والله تعالى وليّ التوفيق”([147]).

  • قال القرطبي: يحتمل أن يكون إطلاقه هذا اللفظ على الله تعالى بحكم جريان ذلك على ألسنتهم من غير قصد، كما قالوا: قاتله الله. وتربت يمينك”([148]).
  • وقال أيضًا: “يحتمل أن يحمل على الاستعارة. ووجهها: أنه لما كان الفداء مبالغة في رضا المفدى عبَّر بالفداء عن الرضا. أو يريد بذلك: فداء لدينك. أو: لطاعتك؛ أي: نجعل نفوسنا فداء لإظهارهما”([149]).
  • قال السهيلي: “قيل إن الخطاب للنبي ﷺ، أي: اغفر لنا تقصيرنا في حقك وطاعتك”([150])، زاد ابن حجر: ” وعلى هذا؛ فقوله: (اللهم) لم يقصد بها الدعاء، وإنما افتتح بها الكلام والمخاطب بقول الشاعر (لولا أنت): النبي ﷺ… إلخ”، ثم قال: “يعكر عليه قوله بعد ذلك فأنزلن سكينة علينا وثبت الأقدام إن لاقينا فإنه دعا الله تعالى ويحتمل أن يكون المعنى فاسأل ربك أن ينزل ويثبت”([151]).
  • قال المازري: “أو يكون المراد بقوله “فداء لك” رجلاً يخاطبه وقطع بذلك من الفعل والمفعول فكأنّه يقول: فاغفر: ثم عاد إلى رجل ينبهه فقال: فداء لك ثم عاد إلى الأوّل فقال ما اقتفينا وهذا تأويل يصح معه اللّفظ والمعنى لولا أنّ فيه تعسفا اضطرَّ إليه تصحيح الكلام إن صحت الرواية وقد يقع في لسان العرب من هذه الفواصل بين الجملة المعلّق بعضها ببعض ما يسهل هذا التأويل”([152]).
  • قال الدكتور موسى لاشين -بعد أن نقَل كلام المازري السابق-: “في توجيهه كما قال تعسف كبير، والأوْلى أن يقال: إن الرواية دخلها تصحيف، وأصلها: (نداء لك) بالنون بدل الفاء، وفي الحداء قد يشتبه الحرف على السامع. والله أعلم”([153])، لكن ابن بطال ردّ على من قال بالتصحيف؛ قال: “زَعَم بعض أهل الغفلة أن قوله: (فداء لك) تصحيف لا يجوز أن يقال ذلك لله تعالى، وليس ذلك كما ظن والشعر صحيح والمعنى فاغفر ما اقتفينا أي: ما ارتكبنا من الذنوب، تقول العرب: قفوت الشيء قفوا: اتبعت أثره، ومنه قوله تعالى: (ولا تقف ما ليس لك به علم)”([154]).
  • قال ابن بطال: “قوله: (فداء لك) دعاءٌ منه ربه أن يفديه من عقابه على ما اقترف من ذنوبه، فكأنه قال: اللهم اغفر لي وافْدِني لك، أي: فداء من عندك فلا تعاقبني، وقوله: (لك) تبين الفاعل للفداء المعني بالدعاء، كما تقول في الدعاء: سُقْيا لك، فـَ (لك) هاهنا مذكور لتبيين المعني بالدعاء له، والمعنى: سقاك الله، فكذلك قوله: (فداء لك) معناه افْدِنَا من عقابك”([155])، زاد القسطلاني: “حاصله: أنْ جَعَل اللام للتبيين، مثل: (هيت لك)”([156]).

المطلب السادس: فقْه الحديث.

المسألة الأولى: حكم الحداء وإنشاد الشعر.

نقل ابن عبد البر الاتفاق على إباحة الحداء، وقال: لا أعلم في ذلك خلافًا بين العلماء([157])، قال ابن حجر: “وفي كلام بعض الحنابلة إشعار بنقل خلافٍ فيه، ومانعه محجوج بالأحاديث الصحيحة”([158]).، قال ابن بطال: “الشعر والرجز والحداء كسائر الكلام، فما كان فيه ذكر تعظيم لله ووحدانيته وقدرته وإيثار طاعته وتصغير الدنيا والاستسلام له تعالى كنحو ما أورده البخاري في هذا الباب فهو حسن مرغب فيه، وهو الذي قال فيه عليه السلام: (إن من الشعر حكمة) وما كان منه كذبًا وفحشًا فهو الذى ذمه الله ورسوله”، ثم قال: “سماع الحداء ونشيد الأعراب لا بأس به؛ فإن الرسول قد سمعه وأقرّه ولم ينكره”([159]). قال ابن حجر: “يلتحق بالحداء هنا: الحجيج المشتمل على التشوق إلى الحج بذكر الكعبة وغيرها من المشاهد، ونظيره ما يحرض أهل الجهاد على القتال، ومنه غناء المرأة لتسكين الولد في المهد”([160]).

لكن العلماء قيّدوا هذا الحداء وإنشاد الشعر بشروط:

  1. قال ابن عبد البر: “إذا كان الشعر سالمًا من الفحش والخنى”([161])، زاد ابن بطال: أن لا يكون كذبًا([162]).
  2. قال القاضي عياض: إذا لم يكن فيه ما يُنكر من الهجر وذكْر الحرام والهجْر من القول”([163]).

وأجمل النووي الأقوال السابقة بقوله: “ما لم يكن فيه كلامٌ مذموم”([164]).

  • قال السخاوي: “يحرص أن لا يكون ذلك بشيء من الآلات المحرَّمة؛ كالرباب ونحوه”([165]).

المسألة الثانية: المراد بالكذب الوارد في الحديث.

  • يُطلق الكذب ويُراد به من يتكلّم في الدين بلا علمٍ.

قال ابن تيمية: “من تكلم في الدين بلا علمٍ كان كاذبًا وإن كان لا يتعمد الكذب” ثم استدل بحديث الباب وقال: “كان قائل ذلك لم يتعمد الكذب فإنه كان رجلا صالحا وقد روى أنه كان أسيد بن الحضير لكنه لما تكلم بلا علم كذبه النبي ﷺ”([166]). وقال موضعٍ آخر: “الذي يدلّ عليه الشرع: أنّ كلّ من أخبر بخبر ليس له أن يُخبر به، وهو غير مطابق، فإنّه يُسمّى كاذباً، وإن كان لم يتعمّد الكذب”، وقال: ” المحدِّث بلا علمٍ يسمّى كاذبًا”.

  • يطلق الكذب ويراد به الخطأ.

قال ابن الأثير -وتبعه ابن منظور([167])-: “استعملت العرب الكذب في موضع الخطأ”([168])، وهذا المعنى ذكره ابن حجر([169]).

قلنا: كلاهما ينطبق على حديثنا، ولا تعارض بينهما، فقد جاء “الكذب بمعنى الخطأ؛ لأن قولهم لم يطابق الواقع؛ لأنهم لم يخبروا عن شيء حدث، إنما قالوا شيئاً ظنُّوه، فكلامهم هذا إنشاء”([170])، وبلا علم ولا بيّنة.

المسألة الثالثة: المراد بـِ (الجَاهِد المُجَاهِد).

قال ابن رسلان في شرح قول النبي ﷺ: “فله أجره مرتين“: “أشار بفاء التعليل إلى الجهتين اللتين ثبت له بهما الأجر مرتين وهما (جَاهِدٌ مُجَاهِدٌ)، فمعنى الثاني غير الأول”.

وللعلماء في تفسير الجاهد المجاهد أقوالٌ عدّةٌ؛ منها:

  1. هما بمعنًى واحدٍ، والتكرار للمبالغة.

قال القاضي عياض: “كرر اللفظين للمبالغة”، ثم نقل عن ابن الأنباري قوله: “العرب إذا بالغت في الكلام اشتقت من اللفظ الأول لفظة على غير بنائها وزيادة في التوكيد، ثم أتبعوها إعرابها فقالوا: جاد مجدٌّ، وليلٌ لائلٌ، وشعرٌ شاعرٌ”. وقال ابن عثيمين: “قيل: إن الكلمتين من باب التوكيد، كما يقال: شعرٌ شاعرٌ، أي: شعر جيّدٌ جدًّا، وجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ، يعني: أنه جَاهِدٌ جِدًّا”([171]).

  • جادٌّ في فعل الخيرات، مجاهد في سبيل الله.

قال القاضي عياض: “قد يكون قوله (جاهدٌ)؛ أي: جادٌّ مبالغٌ في سبيل الخير والبر وإعلاء كلمة الإسلام، مجاهدٌ عِدَاه”([172])، قال القرطبي: “يظهر لي: أن هذا القول أحسن بدليل قوله في الرواية الأخرى: (مات جاهدًا مجاهدًا، فله أجره مرتين)؛ فأشار بفاء التعليل إلى الجهتين اللتين يؤجر منهما، وهما: جاهد ‌مجاهد. فمعنى أحدهما غير الآخر”([173])، “فلا تدَّخِر شيئًا من وقتك أو جهدك دون أن تنصر دينك على ثغرة من الثغرات، لتكون من الذين جاهدوا في الله حق جهاده، واستعدوا لمقام الشهادة”([174]).

  • يرتكب المشقة في سبيل الله، مجاهدٌ في سبيل الله.

قال ابن المقّن: “(الجاهد): من يرتكب المشقة، و(المجاهد): من يجاهد في سبيل الله، وهو مشتق منه”([175]).

وقال القسطلاني: “(إنه لجاهد): مرتكب للمشقة في الخير، (مجاهد) في سبيل الله عز وجل”([176]).

قال ابن عثيمين: “هذا التفسير أحسن؛ لأنه إذا دار الأمر بين كون الكلام تأسيساً أو توكيداً حُمِلَ على أنه تأسيس؛ لأننا إذا حملناه على التوكيد ألغينا مدلول الكلمتين، وإذا حملناه على التأسيس عملنا بمدلول الكلمتين، ويكون النبي ﷺ أثنى عليه من جهتين: من جهة العمل والجد فيه، ومن جهة الإخلاص”([177]).

  • جادّ في كلّ أموره، مجاهدٌ في سبيل الله.

قال القرطبي: “معناه: جاهد جادٌّ في أمره”([178]).

وجمع السيوطي بين القول الثالث والرابع؛ قال: “(جاهدٌ): أي: جاد في أموره، مرتكبٌ للمشقّة في الله، (مجاهدٌ): لأعداء الله”([179]).

  • جادٌّ في طلب الأجور، مجاهدٌ في سبيل الله.

قال ابن الملقن: معناه “جاد في الأجر مجتهد فيه مبالغ، ومجاهد في سبيل الله”([180]).

  • صرف جهده في الجهاد واستفرغ وسعه وطاقته في سبيل الله.

قال ابن الأثير: “(الجاهد): المبالغُ في الأمر الذي ينتهي إلى آخر ما يَجِد، و(المجاهد): الغازي في سبيل الله تعالى”([181]). وقال الكوراني: “(لجاهد مجاهد) أي: مجاهد حق صرف جهده وطاقته فيه، من جهد في الأمر جدّ فيه، وكان الظاهر مجاهدًا جاهدًا إلا أنه قدمه اهتمامًا؛ لأنه محل المدح”([182])، وفي موضع آخر: “بالغ غاية الجهد في الجهد أصله مجاهد إلا أنَّه قلبه مبالغة”([183]).

المسألة الرابعة: وجْه المضاعفة للأجر مرتيْن.

  1. جَمَع بين أجر الجهاد في سبيل الله وأجر الاجتهاد في العبادة والطاعة.

قال النووي: “له أجرٌ بكونه (جاهدًا) أي: مجتهدًا في طاعة الله تعالى، شديد الاعتناء بها، وله أجر آخر بكونه (مجاهدًا في سبيل الله)، فلما قام بوصفيْن كان له أجران”([184]).

وقال الكرماني: “(الأجران): هما أجر الجهاد في الطاعة، وأجر المجاهدة في سبيل الله”([185]).

وقال السيوطي: “إِنَّه لجاهد أَي مُجْتَهد فِي طَاعَة الله جاد فِيهَا مُجَاهِد أَي غاز فِي سَبِيل الله”([186]).

قال الأمين الهرري: “قيل أجر بطاعته في حياته وأجر بجهاده في سبيل الله”([187]).

وقد جاء السياق الجهادي في بعض آي القرآن وأحاديث النبي ﷺ يجمع بين (الوصْف الجهادي والتعبّدي) معًا؛ كقوله تعالى: ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ﴾ [سُورَة الْإِسْرَاء: 5] ، وقوله تعالى: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ﴾ [سُورَة الْفَتْح :29] ، وقول النبي ﷺ لما سئل: أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: “مُؤْمِنٌ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ“، قَالُوا: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: “مُؤْمِنٌ فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ يَتَّقِي اللَّهَ، وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ(([188])).

وعليه؛ كل من اجتهد في الطاعة وكان مجاهدًا في سبيل الله حتى نال الشهادة، كُتب له الأجر مرّتين، وفيها دعوة كريمة لكلّ من وهب نفسه للجهاد أن يضيف إلى جهاده أصنافًا من الطاعة، كالصّيام وقراءة القرآن وقيام الليل والصدقة وغير ذلك، فيكون ممن يُؤتى أجره مرتين بإذن الله.

  • جمع بين أجْر المبارزة وأجْر القتل في سبيل الله.

قال ابن عثيمين: “لأن الرجل بارز، وهذا أجر، وقتل نفسه في سبيل الله، وهذا أجر آخر”([189]).

  • جمع بين أجْر الجهاد وأجْر الشهادة:

قال الأمين الهرري: “قيل: أجر بجهاده وأجر بشهادته في سبيل الله”([190]).

  • جمع بين أجْر الجهاد وأجْر الجدّ فيه والحزم في طلبه.

قال القاضي عياض: أي: “جادٌّ في أمره”([191]) مع كونه مجاهدًا في سبيل الله.

  • جمع بين أجْر إماتة نفسه وإتلافها في سبيل الله وأجْر الجهاد في سبيل الله.

قال ابن بطال -وتبعه: ابن الملقن([192])-: “لما أصاب نفسه وقتلها في سبيل الله؛ تفضّل الله عليه بأن ضاعف أجره مرتين”([193])، وعليه؛ فكلّ من أمات نفسه وقتلها في سبيل الله كُتب له الأجر مرّتين؛ لأن المبارزة في الحروب قبل المعركة لا تخلو من أمرين: إما قاتلٌ أو مقتولٌ، وبكلا الفعْليْن يكون فعْله تشجيعٌ لغيره لخوْض غمار الموت، وهذا وجهٌ صحيحٌ واحتجاجٌ سليمٌ لمن أباح العمليات الجهادية أن يقتل الإنسان نفسه لقَتْل غيره من الأعداء.

  • جمع بين أجْر قتل نفسه على سبيل الخطأ وأجْر الجهاد في سبيل الله.

قال النجم الغزي: “من مات بفعل نفسه في الجهاد على سبيل الخطأ فإنه شهيد، بل له أجران”([194]).

ويدخل فيه: كل من يُقْتَل أثناء التدريب والتصنيع وتطوير السلاح وحفْر الأنفاق الهجومية والدفاعية وغير ذلك.

  • جمع بين أجْر جهاد الكلمة واللسان وأجْر جهاد السيف والسّنان.

فقد كان محرّضًا على القتال، مشجعًّا عليه، رافعًا للهمم إليه. قال ابن بطال -وتبعه: ابن الملقن([195])-: “يحتمل أن يكون أحد الأجرين لموته في سبيل الله، والأجر الثاني لما كان يحدو به القوم من شعره ويدعو الله في ثيابهم عند لقاء عدوهم وذلك تحضيض للمسلمين وتقوية لنفوسهم”([196]).

ويدخل فيه: كل من حرّض المجاهدين بِشِعْرِه ونثره الملهب للمشاعر، وعباراته الملهمة للحماس، ونشيده الحماسي المؤثّر؛ سواء على منابر المساجد، أو محاريب الصلوات، أو المجالس العلمية، أو القنوات الإعلامية بأنواعها المرئية والمسموعة والمقروءة، أو شبكات التواصل الاجتماعي أو أيّ مكانٍ آخر، وتسبّب في تثبيتهم في المعركة، ثم مات في سبيل الله، كان ممن يُكتب له الأجر مرتين؛ لاعتبار جمْعِهِ بين جهاد الكلمة والسيف.

وقد عدّ النبي ﷺ اللسان وكلامه من أنواع الجهاد، فعن كعب بن مالك رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَنْزَلَ فِي الشِّعْرِ مَا أَنْزَلَ، فَقَالَ: “إِنَّ الْمُؤْمِنَ يُجَاهِدُ بِسَيْفِهِ وَلِسَانِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَكَأَنَّ مَا تَرْمُونَهُمْ بِهِ نَضْحُ([197]) النَّبْلِ([198]). وأخرج ابن عبد البر في الاستيعاب من طريق محمد بن سيرين قوله: “كان شعراء المسلمين: حسان بن ثابت، وعبد الله بن رواحة، وكعب بن مالك رضوان الله عليهم، فكان كعب يخوّفهم الحرب، وعبد الله يعيّرهم بالكفر، وكان حسان يقبل على الأنساب”. قال ابن سيرين: “فبلغني أن دَوْسًا إنما أسلمت فرقًا من قول كعب بن مالك:

قضينا من تهامة كلّ وترٍ… وخيبر ثم أغمدنا السيوفَا

نخبّرها ولو نطقت لقالت… قواطعهن: دَوْسًا أو ثقيفَا

فقالت دَوْس: انطلقوا فخذوا لأنفسكم، لا ينزل بكم ما نزل بثقيف”([199]).

ولما آذت قريشٌ رسولَ الله ﷺ أَمَر حسانَ بن ثابت بالردّ عليهم، فقال له –كما رَوَت عائشة رضي الله عنها-: “اهْجُوا قُرَيْشًا، فَإِنَّهُ أَشَدُّ عَلَيْهَا مِنْ رَشْقٍ بِالنَّبْلِ“، فلما هجاهم قال النبي ﷺ: “هَجَاهُمْ حَسَّانُ فَشَفَى وَاشْتَفَى([200]). وفي هذا الحديث “إخبارٌ أنّ جهاد اللسان كالجهاد بالسيف”([201]).

وخلاصة لما سبق: يمكن القول بأنّ من جمع بين أمرين، أحدهما: الجهاد، وثانيهما: عملٌ تعبّديٌّ يخدم باب الجهاد في سبيل الله ويعلي كلمة الله في الأرض وينصر دينه الحقّ فإنه يضاعف له الأجر مرّتين.

المسألة السادسة: هل تجب الدية على من قتل نفسه بالخطأ؟

بوّب البخاري في صحيحه على هذا الحديث بقوله: “بابٌ إذا قتل نفْسَهُ خطأً فلا دِيَة له“، وعلّق عليه الإسماعيلي: “ولا إذا قتلها عمدًا”، زاد ابن حجر: “يعني: أنه لا مفهوم لقوله خطأ، والذي يظهر أن البخاري إنما قيد بالخطأ؛ لأنه محل الخلاف”([202]). يقول محمد أنور شاه الكشميري: “إنما تعرّض -يعني: البخاري في تبويبه السابق- إلى تلك المسألة؛ لأن قتْل المسلم في دار الإسلام لا ينفكّ عن ديَةٍ أو قصاصٍ، وهذا لا يجب له قصاصٌ ولا دِيَةٌ، ففيه غرابةٌ، ولذا تعرّض إليه”([203]).

قال ابن بطال: “اختلف العلماء فيمن قتل نفسه:

  • فقالت طائفة: لا تعقل العاقلة أحدًا أصاب نفسه بشيءٍ عمدًا أو خطأ، هذا قول ربيعة ومالك والثوري وأبي حنيفة والشافعي.
  • وقال الأوزاعي وأحمد وإسحاق: ديته على عاقلته، فإن عاش فهي له وإن مات فهي لورثته.

وحديث سلمة بن الكوع حُجّةٌ للقول الأول؛ لأن النبي ﷺ لم يوجب له دية على عاقلته ولا غيرها، ولو وَجَبَت على العاقلة لَبَيَّن ذلك؛ لأن هذا موضع يحتاج إلى بيان، بل يشهد له ﷺ أنّ له أجرين، وأيضًا فإن الدية إنما وجبت على العاقلة تخفيفًا على الجاني فإذا لم يجب على الجاني لأحدٍ شيء لم يحتج إلى التخفيف عنه. وجعلت الدية أيضًا على العاقلة معونة للجاني فتؤدّى إلى غيره، فمحال أن يؤدّى عنه إليه، والنظر ممتنع أنه يجب للمرء على نفسه دين، ألا ترى أنه لو قطع يد نفسه عمدًا لم تجب فيها الدية فكذلك إذا قتل نفسه. واحتج مالك في ذلك بقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً﴾ [النساء: 92] ولم يقل من قتل نفسه خطأ، وإنما جعل العقل فيما أصاب به إنسانًا إنسانًا، ولم يذكر ما أصاب به نفسه”([204]).

المسألة السابعة: حكم إطلاق لفظ (الشهيد) على من يموت بسلاحه في المعركة؟

جاء في رواية ابن إسحاق([205]) -ومن طريقه: البيهقي([206])– في قصّة عامر: “إنه لشهيدٌ، وصلّى عليه، فصلّى عليه المسلمون”، وجاء في تراجم أبواب العلماء في مصنفاتهم ما يقرر إثبات لفظ الشهيد على من يموت بسلاحه، من هؤلاء:

  • أبو عوانة؛ قال: “بيان الخبر الدّال على أنّ الشهيد في المعركة جائزٌ غُسلُه والصلاةُ عليه، وأنّ القاتل نفسَه خطأ في حرب العدو هو شهيدٌ يُعْطى أجره مرّتيْن”([207]).
  • ابن حبان؛ قال: “ذِكْر إثباتِ الشهادة للمجاهد في سبيل الله إذا قتله سلاحه”([208]).
  • الضياء المقدسي؛ قال: “باب من ارتدّ عليه سلاحه وهو شهيدٌ لا يُغسّل”([209]).

لذلك قال النووي: “من مات في حرب الكفّار بسبب القتال يكون شهيدًا؛ سواءٌ مات بسلاحهم، أو رمَتْه دابّةٌ أو غيرها، أو عاد عليه سلاحُه كما جرى لعامرٍ”([210]).

المطلب السابع: اللطائف الدعوية والتربوية.

اشتمل الحديث على لطائف دعوية عظيمة، وفوائد تربوية جسمية، تفيد المسلم في حياته، والمربّي في تعليمه، والداعية في دعوته، والقائد في سياسته، بيانها على النحو التالي([211]):1

1- استحباب الحُداء والرَّجز في السَّيْر؛ للسُّرْعة وتنشيط الدواب والنفوس على قطع الطريق وترويحها وتيسير السَّيْر، واشغالها بسماعه عن الإحساس بِأَلَمِ السَّيْر([212])؛ لأنّ الإبل تزيد في نشاطها وقوّتها بالحُدَاء، فترفع آذانها، وتلتفِت يمناها ويُسراها، وتنتحي في مشيها([213]).

ويدخل فيه اليوم: النشيد الجهادي والروحاني، الذي رأينا تأثيره في شباب اليوم، في المجالس العلمية والدعوية، ومواقع التدريب والرباط، وفي جولات التصعيد والحروب والمعارك مع العدو، وكيف يُعلي الهمم، ويساهم في إقدام المجاهد نحو مواجهة عدوّه، ويعمل على تشجيعه وتثبيته في الميدان.

2- استحباب الرَّجَز حال المبارزة، وقد بوّب النووي في الأذكار لهذا الحديث؛ قال: “باب استحباب الرّجَز حال المبارزة”([214])، وقد فعله النبي ﷺ يوم حنين كما في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه وقال له رجل: أَفَرَرْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ قَالَ: لَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمْ يَفِرَّ، إِنَّ هَوَازِنَ كَانُوا قَوْمًا رُمَاةً، وَإِنَّا لَمَّا لَقِينَاهُمْ حَمَلْنَا عَلَيْهِمْ، فَانْهَزَمُوا فَأَقْبَلَ المُسْلِمُونَ عَلَى الغَنَائِمِ، وَاسْتَقْبَلُونَا بِالسِّهَامِ، فَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَلَمْ يَفِرَّ، فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ وَإِنَّهُ لَعَلَى بَغْلَتِهِ البَيْضَاءِ، وَإِنَّ أَبَا سُفْيَانَ آخِذٌ بِلِجَامِهَا، وَالنَّبِيُّ ﷺ يَقُولُ: “أَنَا النَّبِيُّ لاَ كَذِبْ، أَنَا ابْنُ عَبْدِ المُطَّلِبْ([215]).

3- استحباب الدعاء للمجاهد بالرحمة والمغفرة قبل عمله الجهادي وذهابه للعمل البطولي واستشهاده أو بعدها؛ فقد قال النبي ﷺ في حقّ عامر قبل وبعد: “يرحمه الله“.

4- بركة دعاء النبيّ ﷺ لأصحابه، و”إجابة الله لدعائه، ودعاؤه كله عندنا مجابٌ إن شاء الله”([216])؛ حيث قال لعامر بن الأكوع رضي الله عنه: “يرحمه الله”، فاستُشهد بذلك([217])، ومثله: الدعاء لأصحابه بالشهادة مباشرة، كما دعا لأم حرام بالشهادة في أول جيش يركب البحر غازيًا في سبيل الله، وأجاب الله دعاءه، وقد بوّب عليه البخاري في كتاب الجهاد بقوله: “بَابُ الدُّعَاءِ بِالْجِهَادِ وَالشَّهَادَةِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ”([218]).

5- معجزة من معجزات النبي ﷺ الثابتة فيما يقوله لأصحابه؛ مثل: “يرحمه الله“، أو “يغفر الله له” قبل بَدْء المعركة أو أيّ عملٍ جهاديٍّ، الأمر الذي جعل أحد الصحابة يقول: “وَجَبَت يا رسول الله“، قال القرطبي: ” كان هذا الرجل من أهل العلم بحال رسول الله ﷺ، وذلك: أنه عَلِمَ أنّ دعوته مستجابة لمكانته عند ربِّه تعالى، وفَهِمَ أنّ تلك الرحمة تعجّل للمدعو له”([219]).

6- استحباب أن يكون السيف الذي يجاهد به طويلًا؛ لأن القصير ربما رجع على صاحبه إذا ضرب به ولم يصل إلى المضروب، فيرجع على صاحبه فيقتله كما وقع لعامر رحمه الله تعالى([220]).

7- ينبغي لأمير الجيش تفقد أحوال رعيته، ومن رآه فعل ما لا يسوغ في الشرع أَشَاع مَنْعَهُ؛ إما بنفسه كَأَنْ يخاطبهم، وإما بغَيْره بِأَنْ يأمر مناديًا فينادي؛ لئلّا يغترّ به من رآه فيظنّه جائزًا([221]).

8- فيه ما كان عليه الصحابة من تقديم مراد الله سبحانه على مراد النفس، وإن كان فيه نوع تعذيبٍ.

9- سرعة استجابة الصحابة للنبيّ ﷺ في تنفيذ أمره، فقد أكفئوا القدور واللحم يفور فيها.

10- مشروعية المواساة والتعزي، كما فعل النبي ﷺ لما رأى سلمة مهموما بما سمع من موت عمه.

11- تفقّد القائد والمسؤول لعوائل الشهداء وملاحظة ما يحزنهم ومعالجة ما يزعجهم كما فعل مع سلمة بن الأكوع.

12- مراعاة خواطر عوائل الشهداء، والثناء عليهم بحضرة الناس جميعًا، كما فعل في الثناء على عامر.

13- عدم الخوض في مآل الشهداء، واحتساب شهادتهم عند الله، والدعاء لهم بالرحمة والمغفرة.

14- عدم التكلم في حق الشهداء إلا بعلم، وقد عدّ النبي ﷺ الخوض بدون علم من باب الكذب.

15- الإنكار على من أخطأ رأيه الصواب، والردّ عليه بالتكذيب، بمعنى التخطئة([222]).

16- الكذب يطلق على ما يخالف الواقع عمداً كان أو خطأ.

17- لا يؤخذ بالظاهر، وإنما للأمور بواطن فقد قالوا: “حبط عمله” فقال النبي ﷺ “كَذَبُوا“.

18- مشروعية الذب عن أعراض المسلمين، فالنبي ﷺ لما نيل من عامر، وقف مدافعاً عنه وقال: “كَذَب مَنْ قَالَهَا“.

19- استعمال الإشارة توضيحًا للمقصود، فقد أشار ﷺ بإصبعيه إلى مضاعفة أجر عامر رضي الله عنه([223]).من قاتل في سبيل الله، ثم ارتدّ عليه سيفه، فقتله، لا ينقص ذلك من أجره شيئًا، بل له أجره كاملًا([224]).

المطلب الثامن: ما يستفاد من الحديث.

  1. فضْل عامر بن الأكوع رضي الله عنه، حيث شَهِد له رسول الله ﷺ بأنه مات جاهدًا مُجاهدًا رضي الله عنه([225]).
  2. ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم من اعتقادهم في النبيّ ﷺ، واستيقانهم أن الله عز وجل يستجيب دعاءه، فإنهم لَمّا سمعوا منه قوله: “يرحمه الله” قالوا: لولا أمتعتنا به؛ لِعِلْمهم أن دعاءه مستجاب، وأنه سيُستشهد في تلك الغزوة، فتمنّوا عدم دعائه له بذلك حتى يعيش معهم، ويقاتل الأعداء في المعارك القادمة، والله تعالى أعلم([226]).
  3. الذكاة لا تطهر ما لا يحل أكله.
  4. كل شيء تنجس بملاقاة النجاسة يكفي غسله مرةً واحدةً لإطلاق الأمر بالغسل فإنه يصدق بالامتثال بالمرة، والأصل أن لا زيادة عليها.
  5. الأصل في الأشياء الإباحة لكون الصحابة أقدموا على ذبحها وطبخها كسائر الحيوان من قبل أن يستأمروا مع توفر دواعيهم على السؤال عما يشكل.
  6. نجاسة لحوم الحمر الأهلية، كما هو مذهب الجمهور خلافاً للمالكية.
  7. فيه دليلٌ على أنّ من قتل نفسه في المعركة خطأ حُكْمه حكم من قتله غيره في ترك الغسل([227]).
  8. فيه: أنّ من قَتَل نَفْسه فهو شهيدٌ([228]).

وهاتان الفائدتان استنبطهما الشوكاني من حديث أبي سلام عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: أَغَرْنَا عَلَى حَيٍّ مِنْ جُهَيْنَةَ فَطَلَبَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ رَجُلًا مِنْهُمْ فَضَرَبَهُ، فَأَخْطَأَهُ وَأَصَابَ نَفْسَهُ بِالسَّيْفِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: “أَخُوكُمْ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ“، فَابْتَدَرَهُ النَّاسُ فَوَجَدُوهُ قَدْ مَاتَ، فَلَفَّهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِثِيَابِهِ وَدِمَائِهِ وَصَلَّى عَلَيْهِ وَدَفَنَهُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ الله، أَشَهِيدٌ هُوَ؟ قَالَ: “نَعَمْ وَأَنَا لَهُ شَهِيدٌ([229]).

الخاتمة:

  1. برزت عناية البخاري ومسلم في هذا الحديث وأخرجاه في صحيحيهما، بل كرره البخاري في مواضع ثلاثة من صحيحه.
  2. تعتبر حادثة عامر بن الأكوع يوم خيبر من أحداث السيرة المهمة التي حوت مسائل شرعية كثيرة، وأحكامًا فقهية عديدة، وفوائد دعوية جليلة.
  3. للعلماء في بيان معنى الجاهد المجاهد أقوال عدة؛ منها:
  4. هما بمعنًى واحدٍ، والتكرار للمبالغة.
  5. جادٌّ في فعل الخيرات، مجاهد في سبيل الله.
  6. يرتكب المشقة في سبيل الله، مجاهدٌ في سبيل الله.
  7. جادّ في كلّ أموره، مجاهدٌ في سبيل الله.
  8. جادٌّ في طلب الأجور، مجاهدٌ في سبيل الله.
  9. صرف جهده في الجهاد واستفرغ وسعه وطاقته في سبيل الله.
  10. وجْه مضاعفة الأجر مرتين لمن اتصف بالجاهد المجاهد:
  11. جَمَع بين أجر الجهاد في سبيل الله وأجر الاجتهاد في العبادة والطاعة.
  12. جمع بين أجْر المبارزة وأجْر القتل في سبيل الله.
  13. جمع بين أجْر الجهاد وأجْر الشهادة.
  14. جمع بين أجْر الجهاد وأجْر الجدّ فيه والحزم في طلبه.
  15. جمع بين أجْر إماتة نفسه وإتلافها في سبيل الله وأجْر الجهاد في سبيل الله.
  16. جمع بين أجْر قتل نفسه على سبيل الخطأ وأجْر الجهاد في سبيل الله.
  17. جمع بين أجْر جهاد الكلمة واللسان وأجْر جهاد السيف والسّنان.
  18. الراجح في مسألة من يموت بسلاحه أثناء المعركة أو العمل الجهادي أنه يعامل معاملة الشهداء.
  19. الراجح في مسألة من قتل نفسه بالخطأ أنه لا دية له.
  20. يطلق الكذب في السنة النبوية ويراد به: أ. من يتكلّم في الدين بلا علمٍ. ب. الخطأ.

التوصيات:

  1. يوصي الباحث طلبة العلم بدراسة مرويات السيرة الجهادية سيرة تحليلية مفصّلة، واستخراج أحكامها، واستنباط ما فيها من عبر وأحكام ولطائف تربوية ودعوية.
  2. دراسة مناقب سلمة بن الأكوع رضي الله عنه وإفراده ببحث مستقل.

تم بحمد الله تعالى والله ولي التوفيق

المراجع والمصادر:

  • ابن أبي شيبة، أبو بكر عبد الله بن محمد العبسي، (235هـ)، الكتاب المصنف في الأحاديث والآثار، (1409هـ)، (ط1)، الرياض، مكتبة الرشد.
  • ابن أبي عاصم، أبو بكر بن أحمد الشيباني، (287هـ)، الجهاد، (1409هـ)، (ط1)، المدينة المنورة، مكتبة العلوم والحكم.
  • ابن الأثير، أبو الحسن عز الدين علي بن محمد الجزري، (630هـ)، أسد الغابة، (1409هـ-1989م)، (د. ط)، بيروت، دار الفكر.
  • ابن الأثير، أبو السعادات مجد الدين المبارك بن محمد الجزري، (606هـ)، النهاية في غريب الحديث والأثر، (1399هـ-1979م)، (ط1)، بيروت، المكتبة العلمية.
  • ابن الأثير، أبو السعادات مجد الدين المبارك بن محمد الجزري، (606هـ)، جامع الأصول في أحاديث الرسول ﷺ، (1392هـ-1972م)، (ط1)، دمشق، مكتبة الحلواني، مطبعة الفلاح، مكتبة دار البيان.
  • ابن الجوزي، أبو الفرج جمال الدين عبد الرحمن بن علي الحنبلي، (597هـ)، غريب الحديث، (1405هـ-1985م)، (ط1)، بيروت، دار الكتب العلمية.
  • ابن الجوزي، أبو الفرج جمال الدين عبد الرحمن بن علي الحنبلي، (597هـ)، كشف المشكل من حديث الصحيحين، (د. ت)، (د. ط)، الرياض، دار الوطن.
  • ابن المديني، أبو الحسن علي بن عبد الله، (234هـ)، سؤالات محمد بن عثمان بن أبي شيبة لعلي بن المديني، (1404هـ)، (ط1)، الرياض، مكتبة المعارف.
  • ابن الملقن، أبو حفص سراج الدين عمر بن علي المصري، (804هـ)، التوضيح لشرح الجامع الصحيح، (1429هـ-2008م)، (ط1)، سوريا، دار النوادر.
  • ابن المنير، أبو العباس ناصر الدين أحمد بن محمد الإسكندراني، (683هـ)، المتواري على تراجم أبواب البخاري، (د. ت)، (د. ط)، الكويت، مكتبة المعلّا.
  • ابن بشكوال، أبو القاسم خلف بن عبد الملك القرطبي، (578هـ)، شيوخ عبد الله بن وهب القرشي، (1428هـ-2007م)، (ط1)، بيروت، دار البشائر الإسلامية.
  • ابن بطال، أبو الحسن علي بن خلف، (449هـ)، شرح صحيح البخاري، (1423هـ-2003م)، (ط2)، الرياض، مكتبة الرشد.
  • ابن تيمية، أبو عبد الله تقي الدين أحمد بن عبد الحليم الحراني الحنبلي، (728هـ)، الفتاوى الكبرى، (1408هـ-1987م)، (ط1)، بيروت، دار الكتب العلمية.
  • ابن حبان، محمد بن حبان البستي، (354هـ)، صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان، (1414هـ-1993م)، (ط2)، بيروت، مؤسسة الرسالة.
  • ابن حجر، أبو علي شهاب الدين أحمد بن علي العسقلاني، (852هـ)، الإصابة في تمييز الصحابة، (د. ت)، (د. ط)، الرياض، دار هجر.
  • ابن حجر، أبو علي شهاب الدين أحمد بن علي العسقلاني، (852هـ)، تقريب التهذيب، (1406هـ-1986م)، (ط1)، سوريا، دار الرشيد.
  • ابن حجر، أبو علي شهاب الدين أحمد بن علي العسقلاني، (852هـ)، تهذيب التهذيب، (1326هـ)، (ط1)، الهند، مطبعة دائرة المعارف النظامية.
  • ابن حجر، أبو علي شهاب الدين أحمد بن علي العسقلاني، (852هـ)، فتح الباري شرح صحيح البخاري، (1379هـ)، (ط1)، بيروت، دار المعرفة.
  • ابن حنبل، أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني، (241هـ)، المسند، (1421هـ-2001م)، (ط1)، بيروت، مؤسسة الرسالة.
  • ابن حنبل، أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني، (241هـ)، فضائل الصحابة، (1403هـ-1983م)، (ط1)، بيروت، مؤسسة الرسالة.
  • ابن رسلان، أبو العباس شهاب الدين أحمد بن حسين الرملي، (844 هـ)، شرح سنن أبي داود، (1437هـ-2016م)، (ط1)، مصر/الفيوم، دار الفلاح.
  • ابن سعد، محمد بن سعد الزهري، (230هـ)، الطبقات الكبير، (2001م)، (ط1)، القاهرة، مكتبة الخانجي.
  • ابن عاشور، محمد الطاهر، (1393هـ)، النظر الفسيح عند مضائق الأنظار في الجامع الصحيح، (1428هـ-2007م)، (ط1)، تونس، دار سحنون.
  • ابن عبد البر، أبو عمر يوسف بن عبد الله القرطبي، (463هـ)، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، (1412هـ-1992م)، (ط1)، بيروت، دار الجيل.
  • ابن عبد البر، أبو عمر يوسف بن عبد الله القرطبي، (463هـ)، التمهيد لما في الموطّأ من المعاني والأسانيد، (1387هـ)، (د. ط)، المغرب، وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية.
  • ابن عثيمن، محمد بن صالح، (1421هـ)، الشرح الممتع على زاد المستقنع، (1422هـ-1428هـ)، (ط1)، الرياض، دار ابن الجوزي.
  • ابن علان، محمد بن علان الصديقي، (1057هـ)، الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية، (د. ت)، (د. ط)، القاهرة، جمعية التأليف والنشر الأزهرية.
  • ابن قرقول، أبو إسحاق إبراهيم بن يوسف الحمزي، (569هـ)، مطالع الأنوار على صحاح الآثار، (1433هـ-2012م)، (ط1)، قطر، وزارة الأوقاف.
  • ابن ماجه، أبو عبد الله محمد يزيد القزويني، (273هـ)، السنن، (د. ت)، (د. ط)، القاهرة، دار إحياء الكتب العربية – فيصل عيسى البابي الحلبي.
  • ابن معين، أبو زكريا يحيى البغدادي، (233هـ)، تاريخ ابن معين -رواية عثمان الدارمي-، (د. ت)، (د. ط)، دمشق، دار المأمون للتراث.
  • ابن منظور، أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم الأنصاري، (711هـ)، لسان العرب، (1414هـ)، (ط3)، بيروت، دار صادر.
  • ابن هشام، عبد الملك بن هشام الحميري، (213هـ)، السيرة النبوية، (د. ت)، (د. ط)، شركة الطباعة الفنية المتحدة.
  • أبو داود، سليمان بن الأشعث السجستاني، (275هـ)، السنن، (د. ت)، (د. ط)، بيروت/صيدا، المكتبة العصرية.
  • أبو عوانة، يعقوب بن إسحاق الإسفراييني، (316هـ)، مستخرج أبي عوانة، (1419هـ-1998م)، (ط1)، بيروت، دار المعرفة.
  • أبو نعيم، أحمد بن عبد الله الأصفهاني، (430هـ)، معرفة الصحابة، (1419هـ-1998م)، (ط1)، الرياض، دار الوطن للنشر.
  • الإتيوبي، محمد بن علي الولوي، (1442 هـ)، البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج، (1426هـ-1436م)، (ط1)، الرياض، دار ابن الجوزي.
  • الإتيوبي، محمد بن علي الولوي، (1442 هـ)، ذخيرة العقبى في شرح المجتبى، (1424هـ-2003م)، (ط1)، الرياض، دار المعراج، دار آل بروم.
  • الأمين الهرري، محمد الأمين بن عبد الله العلوي، (1441ه)، الكوكب الوهاج والروض البهّاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج، (1430هـ-2009م)، (ط1)، جدة، دار المنهاج.
  • البخاري، محمد بن إسماعيل، (256هـ)، صحيح البخاري، (1422هـ)، (ط1)، بيروت، دار طوق النجاة.
  • البرماوي، أبو عبد الله شمس الدين محمد بن عبد الدائم المصري، (831هـ)، اللامع الصبيح بشرح الجامع الصحيح، (1433هـ-2012م)، (ط1)، سوريا، دار النوادر.
  • البغدادي، عبد القادر بن عمر، (1093هـ)، شرح أبيات مغني اللبيب، (1393-1414هـ)، (ط1)، بيروت، دار المأمون للتراث.
  • البيضاوي، ناصر الدين عبد الله بن عمر، (685هـ)، تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة، (1433هـ-2012م)، (ط1)، الكويت، وزارة الأوقاف.
  • البيهقي، أبو بكر أحمد بن الحسين الخراساني، (458هـ)، السنن الكبرى، (1424هـ-2003م)، (ط3)، بيروت، دار الكتب العلمية.
  • الحلبي، أبو الفرج نور الدين علي بن إبراهيم، (1044هـ)، إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون –السيرة الحلبية- (1427هـ)، (ط2)، لبنان، دار الكتب العلمية.
  • الحميدي، محمد بن فتوح الأزدي، (488هـ)، تفسير غريب ما في الصحيحين البخاري ومسلم، (1415هـ-1995م)، (ط1)، القاهرة، مكتبة السنة.
  • الخزندار، محمود محمد، (1422هـ)، هذه أخلاقنا حين نكون مؤمنين حقا، (1417هـ-1997م)، (ط2)، الرياض، دار طيبة.
  • الخشني، مصعب بن محمد الجياني الأندلس المعروف كأبيه بابن أبي الركب، (604هـ)، الإملاء المختصر في شرح غريب السير، (د. ت)، (د. ط)، لبنان، دار الكتب العلمية.
  • الخطابي، أبو سليمان حمد بن محمد، (388هـ)، أعلام الحديث، (1409هـ-1988م)، (ط1)، مكة المكرمة، جامعة أم القرى.
  • الدارقطني، أبو الحسن علي بن عمر، (385هـ)، العلل الواردة في الأحاديث النبوية، (1405هـ-1985م)، (ط1)، الرياض، دار طيبة.
  • الدماميني، بدر الدين محمد بن أبي بكر المخزومي، (827م)، مصابيح الجامع، (1430هـ-2009م)، (ط1)، سوريا، دار النوادر.
  • الذهبي، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد، (748هـ)، الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة، (1413هـ-1992م)، (ط1)، جدة، دار القبلة للثقافة الإسلامية، مؤسسة علوم القرآن.
  • السخاوي، محمد بن عبد الرحمن، (902هـ)، جزء فيه تحرير الجواب عن ضرب الدواب، (1415هـ-1994م)، (ط1)، بيرت، دار ابن حزم.
  • السفاريني، أبو العون شمس الدين محمد بن أحمد الحنبلي، (1188هـ)، غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب، (1414هـ-1993م)، (ط2)، مصر، مؤسسة قرطبة.
  • السندي، محمد بن عبد الهادي التتوي، (1138هـ)، شرح سنن النسائي -مطبوع مع السنن-، (1406هـ-1986م)، (ط2)، حلب، مكتب المطبوعات الإسلامية.
  • السهيلي، أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله، (581هـ)، الروض الأنف، (1421هـ-2000م)، (ط1)، بيروت، دار إحياء التراث العربي.
  • السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر، (911هـ)، التوشيح شرح الجامع الصحيح، (1419هـ-1998م)، (ط1)، الرياض، مكتبة الرشد.
  • السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر، (911هـ)، الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج، (1416هـ-1996م)، (ط1)، السعودية/الخبر، دار ابن عفان.
  • الصنعاني، محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني، (1182هـ)، التنوير شرح الجامع الصغير، (1432هـ-2011م)، (ط1)، الرياض، مكتبة دار السلام.
  • الضياء المقدسي، ضياء الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد، (643هـ)، السنن والأحكام عن المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام، (1425هـ-2004م)، (ط1)، السعودية، دار ماجد عسيري.
  • الطبراني، أبو القاسم سليمان بن أحمد، (360هـ)، المعجم الكبير، (د. ت)، (ط2)، القاهرة، مكتبة ابن تيمية.
  • الطبراني، أبو القاسم سليمان بن أحمد، (360هـ)، مسند الشاميين، (1405هـ-1984م)، (ط1)، بيروت، مؤسسة الرسالة.
  • العجلي، أبو الحسن أحمد بن عبد الله الكوفي، (261هـ)، معرفة الثقات، (1405هـ-1985م)، (ط1)، المدينة المنورة، مكتبة الدار.
  • العسكري، أبو هلال الحسن بن عبد الله، (نحو 395هـ)، الأوائل، (1408هـ)، (ط1)، طنطا، دار البشير.
  • العطار، أبو الحسين رشيد الدين يحيى بن علي المصري، (662هـ)، الجزء الأول من غرر الفوائد المجموعة في بيان ما وقع في صحيح مسلم من الأحاديث المقطوعة، (1417هـ)، (ط1)، المدينة المنورة، مكتبة العلوم والحكم.
  • العيني، بدر الدين أبو محمد محمود بن أحمد الحنفي، (855هـ)، شرح سنن أبي داود، (1420هـ-1999م)، (ط1)، الرياض، مكتبة الرشد.
  • العيني، بدر الدين أبو محمد محمود بن أحمد الحنفي، (855هـ)، عمدة القاري شرح صحيح البخاري، (د. ت)، (د. ط)، بيروت، دار إحياء التراث العربي.
  • الغزي، نجم الدين محمد بن محمد العامري، (1061هـ)، حسن التنبه لما ورد في التشبه، (1432هـ-2011م)، (ط1)، سوريا، دار النوادر.
  • القاري، الملا علي بن محمد الهروي، (1014هـ)، مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، (1422هـ-2002م)، (ط1)، بيروت، دار الفكر.
  • القاضي عياض، أبو موسى ابن موسى اليحصبي، (544هـ)، إكمال المعلم بفوائد مسلم، (1419هـ-1998م)، (ط1)، مصر، دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع.
  • القاضي عياض، أبو موسى ابن موسى اليحصبي، (544هـ)، مشارق الأنوار على صحاح الآثار، (1987م)، (ط1)، القاهرة، دار التراث، تونس، المكتبة العتيقة.
  • القرطبي، أبو العباس أحمد بن عمر، (656هـ)، المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، (1417هـ-1996م)، (ط1)، بيروت-دمشق، دار ابن كثير، دار الكلم الطيب.
  • القسطلاني، أبو العباس شهاب الدين أحمد بن محمد، (923هـ)، إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري، (ط7)، مصر، المطبعة الكبرى الأميرية.
  • القنّوجي، أبو الطيب محمد صدّيق خان البخاري، (1307هـ)، الروضة الندية شرح الدرر البهية، (د. ت)، (د. ط)، بيروت، دار المعرفة.
  • الكرماني، شمس الدين محمد بن يوسف، (786هـ)، الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري، (1401هـ-1981م)، (ط2)، بيروت، دار إحياء التراث العربي.
  • الكشميري، محمد أنور شاه بن معظم شاه الهندي، (1353هـ)، فيض الباري على صحيح البخاري، (1426هـ-2005م)، (ط1)، لبنان، دار الكتب العلمية.
  • الكوراني، أحمد بن إسماعيل الشافعي، (893هـ)، الكوثر الجاري إلى رياض أحاديث البخاري، (1429هـ-2008م)، (ط1)، بيروت، دار إحياء التراث العربي.
  • لاشين، موسى شاهين، (1430هـ)، فتح المنعم شرح صحيح مسلم، (1423هـ-2002م)، (ط1)، مصر، دار الشروق.
  • المازري، أبو عبد الله محمد بن علي التميمي، (536هـ)، المعلم بفوائد مسلم، (1988-1991م)، (ط2)، تونس، الدار التونسية للنشر، الجزائر، المؤسسة الوطنية للكتاب.
  • المباركفوري، صفي الرحمن، (1427هـ)، منة المنعم في شرح صحيح مسلم، (1420هـ-1999م)، (ط1)، الرياض، دار السلام.
  • المديني، أبو موسى محمد بن عمر الأصبهاني، (581هـ)، المجموع المغيث في غريب القرآن والحديث، (1406-1986م)، (ط1)، مكة، جامعة أم القرى.
  • المزي، أبو الحجاج جمال الدين يوسف بن عبد الرحمن، (742هـ)، تهذيب الكمال في أسماء الرجال، (1400هـ-1980م)، (ط1)، بيروت، مؤسسة الرسالة.
  • مسلم، أبو الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري، (261هـ)، صحيح مسلم، (د. ت)، (د. ط)، بيروت، دار إحياء التراث العربي.
  • المنذري، عبد العظيم بن عبد القوي، (656هـ)، مختصر سنن أبي داود، (1431هـ-2010م)، (ط1)، الرياض، مكتبة المعارف.
  • النسائي، أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب الخراساني، (303هـ)، المجتبى من السنن، (1406هـ-1986م)، (ط2)، حلب، مكتب المطبوعات الإسلامية.
  • النووي، أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف، (676هـ)، الأذكار، (ط2)، لبنان، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع.
  • النووي، أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف، (676هـ)، المجموع شرح المهذب، (د. ت)، (د. ط)، لبنان، دار الفكر.
  • النووي، أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف، (676هـ)، المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، (1392هـ)، (ط2)، بيروت، دار إحياء التراث العربي.
  • الهيثمي، أبو الحسن نور الدين علي بن أبي بكر، (807هـ)، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، (1414هـ-1994م)، (د. ط)، القاهرة، مكتبة القدسي.
  • اليفرني، محمد بن عبد الحق، (625هـ)، الاقتضاب في غريب الموطأ وإعرابه على الأبواب، (2001م)، (ط1)، الرياض، مكتبة العبيكان

([1]) أستاذ الحديث المشارك بقسم الدراسات الإسلامية في جامعة الأقصى، تاريخ استلام البحث، 20/4/2024م، وتاريخ قبوله للنشر، 27/5/2024م، البريد الالكتروني: [email protected]

([2])      البخاري، الصحيح، رقم (4196).

([3])      البخاري، الصحيح، رقم (6891).

([4])      البخاري، الصحيح، رقم (6148)

([5])      مسلم، الصحيح، رقم (1802).

([6])      مسلم، الصحيح، رقم (1802).

([7])      مسلم، الصحيح، رقم (1807).

([8])      أبو داود، السنن، رقم (2538).

([9])      ابن ماجه، السنن، رقم (3195).

([10])    ينظر: ابن حجر، تقريب التهذيب، رقم (3620).

([11])    ينظر: ابن سعد، الطبقات الكبير، (5/425).

([12])    ينظر: ابن أبي شيبة، سؤالات ابن المديني رقم (140).

([13])    ينظر: الدارمي، تاريخ أبي زكريا يحيى بن معين، رقم (259).

([14])    ينظر: العجلي، الثقات، رقم (238).

([15])    ينظر: الدارقطني، العلل، (1/198).

([16])    ينظر: ابن بشكوال، شيوخ ابن وهب، ص (86).

([17])    ينظر: الذهبي، الكاشف، (1/300).

([18])    ينظر: المزي، تهذيب الكمال، (5/ 190).

([19])    ينظر: المرجع السابق، (5/ 190).

([20])    ينظر: ابن حجر، تقريب التهذيب، رقم (994).

([21])    ينظر: المرجع السابق، رقم (994).

([22])    ينظر: المرجع السابق، رقم (7754).

([23])    ينظر: ابن عبد البر، الاستيعاب (2/ 639)، وابن الأثير، أسد الغابة، (2/ 517)، وابن حجر، الإصابة، (3/ 127).

([24])    ينظر: المزي، تهذيب الكمال، (32/ 206).

([25])    ينظر: المرجع السابق، (16/ 136).

([26])    ينظر: المرجع السابق، (5/ 187).

([27])    ينظر: المرجع السابق، (32/206).

([28])    ينظر: ابن عبد البر، الاستيعاب (2/ 639)، وابن الأثير، أسد الغابة، (2/ 517)، وابن حجر، الإصابة، (3/ 127).

([29])    ينظر: العيني، عمدة القاري، (23/ 34).

([30])    ينظر: ابن طاهر، شروط الأئمة الستة، ص (11-12) بتصرّفٍ يسيرٍ.

([31])    ينظر: الحازمي، شروط الأئمة الخمسة، ص (56-57).

([32])    البخاري، الصحيح، رقم (4195).

([33])    يُنظر: العيني، عمدة القاري، (17/235).

([34])    البخاري، الصحيح، رقم (4195).

([35])    يُنظر: العيني، عمدة القاري، (22/184).

([36])    البخاري، الصحيح، رقم (6891).    

([37])    ابن المنيّر، المتواري، ص (339).

([38])    ابن حجر، فتح الباري، (12/219).

([39])    مسلم، الصحيح، رقم (1802).

([40])    البخاري، الصحيح، رقم (6148).

([41])    أحمد، المسند، رقم (16525).

([42])    ابن حبان، الصحيح، رقم (5276).

([43])    مسلم، الصحيح، رقم (1807).

([44])    البخاري، الصحيح، رقم (6148).

([45])    البخاري، الصحيح، رقم (6891).

([46])    مسلم، الصحيح، رقم (1807).

([47])    البخاري، الصحيح، رقم (3960).

([48])    مسلم، الصحيح، رقم (1807).

([49])    البخاري، الصحيح، رقم (6148).

([50])    مسلم، الصحيح، رقم (1807).

([51])    البخاري، الصحيح، رقم (6148).

([52])    ابن أبي شيبة، المصنّف، رقم (38029).

([53])    مسلم، الصحيح، رقم (1807).

([54])    مسلم، الصحيح، رقم (1807).

([55])    مسلم، الصحيح، رقم (1807).

([56])    مسلم، الصحيح، رقم (1807).

([57])    أحمد، المسند، رقم (16538).

([58])    مسلم، الصحيح، رقم (1807).

([59])    البخاري، الصحيح، رقم (4196).

([60])    البخاري، الصحيح، رقم (6331).

([61])    مسلم، الصحيح، رقم (1807).

([62])    مسلم، الصحيح، رقم (1807).

([63])    البخاري، الصحيح، رقم (2477).

([64])    البخاري، الصحيح، رقم (2477).

([65])    أحمد، المسند، رقم (16513).

([66])    البخاري، الصحيح، رقم (6148).

([67])    البخاري، الصحيح، رقم (2477).

([68])    البخاري، الصحيح، رقم (5497).

([69])    البخاري، الصحيح، رقم (5497).

([70])    البخاري، الصحيح، رقم (5497).

([71])    البخاري، الصحيح، رقم (2477).

([72])    البخاري، الصحيح، رقم (6891).

([73])    مسلم، الصحيح، رقم (1807).

([74])    مسلم، الصحيح، رقم (1807).

([75])    أبو داود، السنن، رقم (2538).

([76])    البخاري، الصحيح، رقم (6148)

([77])    البخاري، الصحيح، رقم (6148)

([78])    صحّفه أحد الرواة؛ قال: “في فَرَسِ عَامِرٍ“، قال ابن حبان في صحيحه رقم (6935): “إنما هو: (فِي تُرْسِ عَامِرٍ)”.

([79])    مسلم، الصحيح، رقم (1807).

([80])    مسلم، الصحيح، رقم (1807).

([81])    ابن أبي عاصم، الجهاد، رقم (241).

([82])    البخاري، الصحيح، رقم (6148)

([83])    مسلم، الصحيح، رقم (1807).

([84])    مسلم، الصحيح، رقم (1807).

([85])    مسلم، الصحيح، رقم (1807).

([86])    مسلم، الصحيح، رقم (1807).

([87])    أبو داود، السنن، رقم (2538).

([88])    مسلم، الصحيح، رقم (1802).

([89])    مسلم، الصحيح، رقم (1802).

([90])    البخاري، الصحيح، رقم (6891).

([91])    مسلم، الصحيح، رقم (1802).

([92])    النسائي، السنن، رقم (3150).

([93])    الطبراني، المعجم الكبير، رقم (6228).

([94])    الطبراني، المعجم الكبير، رقم (6229).

([95])    مسلم، الصحيح، رقم (1802).

([96])    البخاري، الصحيح، رقم (4196).

([97])    مسلم، الصحيح، رقم (1802).

([98])    البخاري، الصحيح، رقم (6148).

([99])    البخاري، الصحيح، رقم (4196).

([100]) البخاري، الصحيح، رقم (6148).

([101]) مسلم، الصحيح، رقم (1807).

([102]) أحمد بن حنبل، فضائل الصحابة، رقم (1036).

([103]) الطبراني، المعجم الكبير، رقم (6229).

([104]) مسلم، الصحيح، رقم (1802).

([105]) مسلم، الصحيح، رقم (1807).

([106]) البخاري، الصحيح، رقم (6148)

([107]) البخاري، الصحيح، رقم (6148)

([108]) مسلم، الصحيح، رقم (1807).

([109]) البخاري، الصحيح، رقم (6148)

([110]) مسلم، الصحيح، رقم (1802).

([111]) أبو داود، السنن، رقم (2538).

([112]) مسلم، الصحيح، رقم (1807).

([113]) مسلم، الصحيح، رقم (1807).

([114]) أبو عوانة، المسند، رقم (6833).

([115]) مسلم، الصحيح، رقم (1802).

([116]) الطبراني، مسند الشاميين، رقم (1761).

([117]) مسلم، الصحيح، رقم (1802).

([118]) البخاري، الصحيح، رقم (6148)

([119]) البخاري، الصحيح، رقم (6891).

([120]) الصحيح، البخاري رقم (4196).

([121]) ابن حجر، فتح الباري، (7/465).

([122]) (9/328).

([123]) رقم (15556).

([124]) (8/100).

([125]) القسطلاني، إرشاد الساري، (6/359).

([126]) ابن حجر، فتح الباري، (7/465).

([127]) يُنظر: الذهبي، الكاشف، (2/470) رقم (6885).

([128]) يُنظر: ابن حجر، تقريب التهذيب، رقم (8430).

([129]) يُنظر: ابن حجر، تهذيب التهذيب، (12/269).

([130]) أبو نعيم، معرفة الصحابة، (5/2693).

([131]) ينظر: ابن حجر، تقريب التهذيب، رقم (7110).

([132]) ابن عبد البر، الاستيعاب، (4/1494).

([133]) ينظر: الهيثمي، مجمع الزوائد، (6/148-149).

([134]) لاشين، فتح المنعم، (7/338).

([135]) ينظر: أبو نعيم، معرفة الصحابة، (4/2056).

([136]) ابن حجر، تقريب التهذيب، رقم (7110).

([137]) البخاري، الصحيح، رقم (4106).

([138]) الكرماني، الكواكب الدراري، (16/88).

([139]) ابن حجر، فتح الباري، (7/ 465).

([140]) ينظر: العيني، عمدة القاري، (17/236).

([141]) ابن حجر، فتح الباري، (7/ 465).

([142]) يُنظر: القاضي عياض، إكمال المعلم، (6/182).

([143]) المعلم، المازري، (3/42).

([144]) السهيلي، الروض الأنف، (7/88).

([145]) السهيلي، الروض الأنف، (7/88).

([146]) ابن عاشور، النظر الفسيح، ص (144).

([147]) الإتيوبي، البحر المحيط الثجاج، (31/431).

([148]) القرطبي، المفهم، (3/ 664).

([149]) القرطبي، المفهم، (3/ 664).

([150]) السهيلي، الروض الأنف، (7/88).

([151]) ابن حجر، فتح الباري، (7/ 465).

([152]) المازري، المعلم، (3/42-43).

([153]) لاشين، فتح المنعم، (7/339).

([154]) ابن بطال، شرح صحيح البخاري، (9/322).

([155]) ابن بطال، شرح صحيح البخاري، (9/322).

([156]) القسطلاني، إرشاد الساري، (9/91).

([157]) ينظر: ابن عبد البر، التمهيد، (22/198)

([158]) ابن حجر، فتح الباري، (10/538).

([159]) ابن بطال، شرح صحيح البخاري، (9/319).

([160]) ابن حجر، فتح الباري، (10/538).

([161]) ابن عبد البر، التمهيد، (22/198).

([162]) ابن بطال، شرح صحيح البخاري، (9/319).

([163]) القاضي عياض، إكمال المعلم، (6/181).

([164]) النووي، شرح صحيح مسلم، (12/166).

([165]) السخاوي، جزء فيه تحرير الجواب عن ضرب الدواب، ص (82).

([166]) ابن تيمية، الفتاوى الكبرى، (1/180).

([167]) ينظر: ابن منظور، لسان العرب، (1/709).

([168]) ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث، (4/159).

([169]) ينظر: ابن حجر، فتح الباري، (7/467).

([170]) ابن عثيمين، الشرح الممتع، (14/186).

([171]) المصدر السابق (14/186).

([172]) القاضي عياض، إكمال المعلم بفوائد مسلم، (6/184).

([173]) القرطبي، المفهم، (3/ 667).

([174]) الخزندار، هذه أخلاقنا حين نكون مؤمنين حقا، ص (49).

([175]) ابن الملقن، التوضيح، (21/355).

([176]) القسطلاني، إرشاد الساري، (10/57).

([177]) ابن عثيمين، الشرح الممتع، (14/186).

([178]) القرطبي، المفهم، (3/ 667).

([179]) السيوطي، التوشيح، (6/2167).

([180]) ابن الملقن، التوضيح، (28/552).

([181]) ابن الملقن، التوضيح، (21/355).

([182]) الكوراني، الكوثر الجاري، (9/497).

([183]) الكوراني، الكوثر الجاري، (9/497).

([184]) النووي، شرح صحيح مسلم (12/168).

([185]) الكرماني، الكواكب الدراري، (16/90).

([186]) السيوطي، شرح صحيح مسلم (4/ 416)

([187]) الأمين الهرري، الكوكب الوهاج، (19/359).

([188]) البخاري، الصحيح، رقم (2786).

([189]) ابن عثيمين، الشرح الممتع، (14/187).

([190]) الأمين الهرري، الكوكب الوهاج، (19/359).

([191]) القاضي عياض، إكمال المعلم، (6/184).

([192]) ابن الملقن، التوضيح، (28/552).

([193]) ابن بطال، شرح صحيح البخاري، (9/323).

([194]) الغزي، حسن التنبّه، (3/516).

([195]) ابن الملقن، التوضيح، (28/552).

([196]) ابن بطال، شرح صحيح البخاري، (9/ 323)

([197]) نضح النبل: قال البيضاوي في تحفة الأبرار (3/232): “أي: رميه، مستعارٌ من نضْح الماء. والمعنى: أن هجاءهم أثر فيهم تأثير النبل، وقام مقام الرمي في النكاية بهم”.

([198]) أخرجه أحمد في المسند رقم (27174)، وإسناده صحيح.

([199]) ابن عبد البر، الاستيعاب، (3/1324-1325).

([200]) مسلم، الصحيح، رقم (2490).

([201]) الصنعاني، التنوير، (3/529).

([202]) ابن حجر، فتح الباري، (12/218).

([203]) الكشميري، فيض الباري، (6/383).

([204]) ابن بطال، شرح صحيح البخاري، (8/519-520).

([205]) ينظر: ابن هشام، السيرة، (2/329).

([206]) ينظر: البيهقي، السنن الكبرى، رقم (6818).

([207]) أبو عوانة، المستخرج، (4/313-314) رقم (6830).

([208]) ابن حبان، الصحيح، (7/469) رقم (3196).

([209]) الضياء المقدسي، السنن والأحكام، (3/133).  

([210]) النووي، شرح صحيح مسلم (12/186-187).

([211]) اللطائف المستفادة من أهل العلم أذكر مصدرها، وما لا مصدر له فهي من صنع الباحث واستنباطه.

([212]) ينظر: القاضي عياض، إكمال المعلم، (6/181)، النووي، شرح صحيح مسلم، (12/166)، النووي، المجموع، (4/396).

([213]) ينظر: غذاء الألباب للسفاريني (1/175).

([214]) النووي، الأذكار، ص (212).

([215]) البخاري، الصحيح، رقم (2864).

([216]) ينظر: ابن عبد البر، التمهيد، (3/256).

([217]) ينظر: الإتيوبي، البحر المحيط الثجاج، (31/444).

([218]) البخاري، الصحيح، رقم (2788).

([219]) المفهم للقرطبي (3/665).

([220]) ينظر: ابن رسلان، شرح سنن أبي داود، (11/183).

([221]) ينظر: ابن حجر، فتح الباري، (9/656).

([222]) ينظر: الإتيوبي، البحر المحيط الثجاج، (31/444).

([223]) المصدر السابق (31/444).

([224]) ينظر: المصدر السابق (31/444).

([225]) ينظر: المصدر السابق (31/444).

([226]) ينظر: المصدر السابق (31/444).

([227]) ينظر: الشوكاني، نيل الأوطار، (4/38).

([228]) ينظر: المصدر السابق (4/38).

([229]) أخرجه أبو داود في سننه رقم (2539)ـ وإسناده ضعيف؛ لكن يشهد له حديث الباب، وعليه؛ فالحديث حسن لغيره