خاص هيئة علماء فلسطين
االباحث: موسى شواش -جامعة ابن طفيل، القنيطرة – المغرب.
- باحث بجامعة ابن طفيل كلية الآداب و العلوم الإنسانية ـ القنيطرة . المملكة المغربية .
ملخص البحث:
يحاول هذا البحث تسليط الضوء على مسألة من المسائل التي كان لها الأثر البارز في تاريخ هذه الأمة، وامتد تأثيرها إلى العصر الراهن، ألا وهي مسألة الخلاف العقدي الذي وقع في الأمة، وأهم الأسباب التي أدت إليه، وما نتج عن هذا الخلاف من ظهور لفرق كلامية مختلفة، و محاولة كل فرقة من هذه الفرق الدفاع عن عقائدها بالاستناد إلى نصوص الوحي وتأويلها بما يؤدي إلى خدمة معتقداتها، وما كان لهذا الاختلاف العقدي من أثر بارز على الجانب الفقهي في العديد من المسائل الفقهية التي خالف فيها أصحاب هذه الفرق مذاهب أهل السنة، حيث خلص البحث إلى اعتبار أن الجانب العقدي له أثر على العديد من المسائل الفقهية، سائلين الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا السداد في القول والعمل.
Abstract
This research shed highlight on nodal dispute issue which had a remarkable impact on the history of this nation and its extended influence on the late age. This article also deals with crucial reasons and result of this debate that leads to the emergence of different verbal teams and the endeavour of each of these teams to defend their beliefs based on the texts of revelation and their interpretation to serve their beliefs. Besides, This research paper copes with the discrepancies that have had a prominent effect on the jurisprudential issues in which the owners of these groups disagreed with a Sunnah of the Sunni’s sects. This work, finally, concluded that the nodal perspective has a remarkable impact on jurisprudential issues. Asking Allah almighty provides us with payment in the say and work.
تمهيد:
أخبر الرسول r أن هذه الأمة ستفترق إلى ثلاث وسبعين فرقة، تكون كلها في النار، واستثنى من ذلك فرقة واحدة، وهي التي تكون على الطريق المستقيم، والمتبعة لنهج النبي r وصحابته الأخيار، وفعلًا حدث ما أخبر به النبي r، حيث تفرقت هذه الأمة أحزابًا وشيعًا، كل واحدة تزعم أنها على الحق، وغيرها على الباطل.
فبعد أن كانت الأمة على عهد رسول الله r وقدر غير قليل من عهد أصحابه رضوان الله عليهم أجمعين مجتمعة على كلمة سواء تعتصم بحبل الله من نوازع التفرق، ودواعي التشتت ملتزمة قول الله تعالى: ﴿إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ﴾[الأنبياء: 92] وقع فيها الخلاف الذي أخبر به النبي r وحذر منه الله سبحانه وتعالى في كتابه .
ورغم اختلاف الصحابة t في حياة النبي r وبعده؛ فإن اختلافهم كان مستساغًا مقبولًا؛ لأنه اختلاف في فروع الشريعة وأحكامها الجزئية ناتج عن اجتهاد مقبول، فإنه لم ينجم عن هوى أو شهوة أو رغبة في الشقاق، وقد كان الواحد منهم يبذل جهده وما في وسعه ولا هدف له إلاّ إصابة الحق وإرضاء الله جل شأنه، وهذا النوع من الخلاف الذي وقع بين الصحابة رضوان الله عليهم، والتابعين من بعدهم، إنما كان مرده إلى اختلافهم في فروع وجزئيات، وكان يعذر بعضهم بعضًا، وهو اختلاف مقبول؛ لأنه اختلاف تقتضيه الطبيعة البشرية، وتقبله النصوص الشرعية .
في حين عدَّ العلماء الخلاف في فهم الأصول والعقائد وتأويلها غير مقبول؛ لأنه خلاف نتج عن سوء فهم لنصوص الوحي، واجتهاد في غير محله، أو ممن ليس أهلًا له، وهذا هو الخلاف الذي نتج عنه ظهور للفرق الإسلامية، من: خوارج، وشيعة، وقدرية، ومرجئة، وغيرها من الفرق التي خالفت في أصولها أهل السنة. فهل كان لهذه الفرق خلاف في فروع الشريعة وجزئياتها، كما خالفت في الأصول؟ وهل كان هذا الخلاف في الفروع بسبب خلافهم في العقائد والأصول؟
وحتى نجلي هذا الأمر سنحاول بإذن الله تعالى أن نبحث عن بعض المسائل الفقهية التي خالف فيها أصحاب الفرق الإسلامية جمهور المسلمين (الشيعة والخوارج أنموذجًا)، وهل كان خلافهم فيها ناتج عن اجتهاد مقبول، أم كان خلافهم في العقائد هو السبب في اختلافهم في الفقه.
ويعدُّ البحث محاولة لتسليط الضوء على هذا الجانب، ألا وهو أثر الخلاف العقدي على الاختلاف بين الفقهاء في مسائل فقهية عدة، وحتى نصل إلى هذا الأمر فلا بد أن نعرج على مسائل عدة، تكون هي السبيل؛ للوصول إلى الإجابة على هذه الإشكالات.
وللوصول إلى هذه الغاية جاء البحث على الشكل الآتي:
الفصل الأول: أسباب الخلاف العقدي.
يعدُّ الاختلاف في الفروع والأحكام الناتج عن الاجتهاد المنضبط، باستعمال قواعد الشرع وأدواته الاجتهادية، من أهم عوامل سعة الشرع الحنيف وقابليته للخلود، وصلاحيته لكل زمان ومكان؛ لأن هذا النوع من الاختلاف له أسبابه المقبولة، والتي ترجع في معظمها إلى تطبيق قواعد اجتهادية أصَّل لها علماء الأمة.
والمجتهد في هذه المسائل التي يسوغ فيها الاجتهاد مأجور على اجتهاده، لقوله r: “إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر واحد”[1].
فالاختلاف الناتج عن الاجتهاد في المسائل الظنية، ممن له أهلية الاجتهاد، درج العلماء على عدم الإنكار فيه على المخالف، وقد حدث هذا النوع من الاختلاف في زمن الصحابة رضوان الله عليهم، كما حدث بين المجتهدين بعدهم، حيث نتج عنه مدرستان اجتهاديتان بارزتان: مدرسة أهل الحديث، ومدرسة أهل الرأي، لكل واحدة منهما قواعدها الاجتهادية المقبولة، وأصولها المعقولة.
أما بالنسبة للاختلاف في تأويل نصوص العقائد، فهو اختلاف مذموم؛ لأنه اختلاف غير مبني على قواعد اجتهادية مقبولة، وإنما نتج عن هوى وتشهي وسوء فهم لنصوص الشرع.
المبحث الأول: الاجتهاد المذموم
اهتم العلماء بالتأصيل لمبحث الاجتهاد، باعتباره من أهم المباحث في الشريعة الإسلامية – فالمجتهد يوقع عن الله ورسوله- فوضعوا للاجتهاد شروطًا وضوابط، اتفقوا في بعضها واختلفوا في بعضها الآخر، وكل هذا من أجل أن لا يتسور محرابه من ليس أهلًا للاجتهاد، ولم تتوفر فيه شروطه، فيسيء من حيث يظن أنه يحسن صنعًا، ويُدخل في الدين ما ليس منه، وهذا ما حذر منه الله تعالى في كتابه العزيز، وحذر منه النبي r في عدة أحاديث، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [الأنعام:153]، وقوله تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ [آل عمران :7]، وقالr: (إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه أولئك الذين سماهم الله فاحذروهم)[2] .
وقال r: “إنما هلك من كان قبلكم من الأمم باختلافهم في الكتاب”[3]، وقال أيضا: “إياكم والمحدثات، فإن كل محدثة ضلالة”[4].
فمن أهم الأسباب في ظهور البدع، دخول من ليس أهلًا للاجتهاد ومن لم تتوفر فيه شروطه في سلك المجتهدين، أو اجتهاد في غير مواضع الاجتهاد؛ كالأصول الاعتقادية، والأصول العملية، التي ثبتت بدليل قطعي الثبوت والدلالة.
يقول الشاطبي: “كل مسألة حدثت في الإسلام واختلف الناس فيها، ولم يورث ذلك الاختلاف بينهم عداوة ولا بغضاء ولا فرقة – علمنا أنها من مسائل الإسلام، وكل مسألة حدثت وطرأت، فأوجبت العداوة والبغضاء والتدابر والقطيعة – علمنا أنها ليست من أمر الدين في شيء، و أنها التي عنى رسول الله r بتفسير الآية، و ذلك ما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله r: “يا عائشة: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا﴾ من هم؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: “هم أصحاب الأهواء، وأصحاب البدع، وأصحاب الضلالة من هذه الأمة”[5].
فيجب على كل ذي عقل و دين أن يجتنبها، ودليل ذلك قوله تعالى: ﴿ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا ﴾[آل عمران : 103]، فإذا اختلفوا وتعاطوا ذلك كان لحدث أحدثوه من اتباع الهوى”.[6]
فمن هو المجتهد الذي يحق له الاجتهاد في أمور الدين؟ وماهي المسائل التي يسوغ فيها الاجتهاد؟ والمسائل التي لا يسوغ فيها الاجتهاد؟
الاجتهاد: في اللغة: مأخوذ من الجَهد والجُهد الطاقة، وقيل الجهد المشقة.[7]
أما الاجتهاد في الاصطلاح: “فهو استفراغ الوسع في طلب الظن بشيء من الأحكام الشرعية على وجه يحس من النفس العجز عن المزيد فيه”.[8]
وقد اشترط العلماء في المجتهد الذي يحق له الاجتهاد في أمور الشرع مجموعة من الشروط، وهي:
الأول: أن يكون عالماً بنصوص الكتاب والسنة، فإن قصر في أحدهما لم يكن مجتهدًا، ولا يجوز له الاجتهاد، ولا يشترط معرفته بجميع الكتاب والسنة، بل ما يتعلق منهما بأحكام .
الشرط الثاني: أن يكون عارفًا بمسائل الإجماع؛ حتى لا يفتي بخلاف ما وقع الإجماع عليه.
الشرط الثالث: أن يكون عالماً بلسان العرب، بحيث يمكنه تفسير غريب الكتاب والسنة ونحوه .
الشرط الرابع: أن يكون عالماً بعلم أصول الفقه؛ لاشتماله على ما تمس الحاجة إليه.
الشرط الخامس: أن يكون عارفًا بالناسخ والمنسوخ، بحيث لا يخفى عليه شيء من ذلك؛ مخافة أن يقع في الحكم بالمنسوخ.
وأضاف الشاطبي شرطين أحدهما: “فهم مقاصد الشريعة على كمالها، والثاني: التمكن من الاستنباط بناء على فهمه فيها”[9]، وقد اختلفوا في اشتراط العلم بالدليل العقلي؛ فشرطه جماعة منهم الغزالي، والفخر الرازي، ولم يشترط الآخرون، واختلفوا في اشتراط علم أصول الدين، فاشترطه المعتزلة، ولم يشترط ذلك الجمهور.[10]
وكل هذه الشروط التي اشترطها العلماء في المجتهد حتى يغلقوا الباب على من ليس أهلًا للاجتهاد، ولم يبلغ مرتبة الاجتهاد، فيجتهد فيما لا يجوز له الاجتهاد فيه، فلا يجوز الاجتهاد في الأحكام المعلومة من الدين بالضرورة، أو التي ثبتت بدليل قطعي الدلالة.[11]
قال الغزالي رحمه الله: “والمجتهد فيه كل حكم شرعي ليس فيه دليل قطعي”.
واحترزنا بالشرعي عن العقليات ومسائل الكلام، فإن الحق فيها واحد والمصيب واحد والمخطئ آثم، وإنما نعني بالمجتهَد فيه ما لا يكون المخطئ فيه آثما”.[12]
فالاجتهاد المقبول هو ما كان صادرًا من أهله، ممن توفرت فيه الشروط وبلغ درجة الاجتهاد، وكان في محله المقبول، في فروع الشريعة وجزئياتها، وكل حكم شرعي عملي ليس فيه دليل قاطع، والاجتهاد المذموم ما صدر من غير أهل الاجتهاد -أي من لم تتوفر فيه شروط الاجتهاد – أو كان في غير محل الاجتهاد، كأن يكون في الأحكام المعلومة من الدين بالضرورة، أو التي ثبتت بدليل قطعي الثبوت أو الدلالة، أو كان في أصول الشريعة وعقائدها.
فقد اتفق عامة الأصوليين على أن الناظر في القضايا العقلية المحضة والمسائل الأصولية، يجب أن يهتدي إلى الحق والصواب فيها؛ لأن الحق فيها واحد لا يتعدد، والمصيب فيها واحد بعينه، وإلا اجتمع النقيضان، فمن أصاب الحق فقد أصاب، ومن أخطأ فهو آثم، ونوع الإثم يختلف؛ فإن كان الخطأ فيما يرجع إلى الإيمان بالله ورسوله فالمخطئ كافر، وإلا فهو مبتدع فاسق؛ لأنه عدل عن الحق وضل؛ كالقول بعد رؤية الله تعالى، وخلق القرآن والأعمال”.[13]
المبحث الثاني: اتباع الهوى
اتباع الهوى من أعظم أسباب الخلاف العقدي في الأمة، وظهور الآراء المنحرفة، لهذا سمى العلماء أهل هذه الفرق بأهل الأهواء؛ لأن اتباعهم للهوى كان السبب الرئيس في ظهور الانحراف في تأويل نصوص الوحي، والزيغ عن الفهم السليم، يقول ابن منظور: وأهل الأهواء: واحدها هوى، وكل فارغ هواء، والهواء الجبان؛ لأنه لا قلب له فكأنه فارغ، ومنها قوله : ﴿ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ ﴾ [إبراهيم، الآية :43]، وقال أبو الهيثم: “كأنهم لا يعقلون من هول يوم القيامة”[14]، ويقول الشاطبي رحمه الله: “سمي الهواء هوى؛ لأنه يهوي بصاحبه إلى النار”[15]، ولهذا ذم الله تعالى اتباع الهوى في كتابه العزيز في مواضع كثيرة منها، قوله تعالى: ﴿ أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا ﴾ [الفرقان، الآية:43]، وقال تعالى: ﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [ الجاثية، الآية: 23]، وقال سبحانه: ﴿ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ﴾ [ص، الآية :26 ]
ويقول تعالى: ﴿ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ﴾ [المائدة، الآية: 49]، يقول ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى: ﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ ﴾ [الجاثية، الآية:23] أي : مهما استحسن من شيء ورآه حسنًا في هوى نفسه، كان دينه ومذهبه”[16].
ومما ورد عن النبي r في ذم اتباع الهوى وتحريم الاختلاف والاعتبار بمن كان قبلنا والحذر من مشابهتهم، قوله r: “إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على اثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين، ثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة، وهي الجماعة، وإنه سيخرج في أمتي أقوام تجارى بهم تلك الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه لا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله”.[17]
قال شيخ الإسلام: “وهذا المعنى محفوظ عن النبي r من غير وجه، يشير إلى أن التفرقة والاختلاف لا بد من وقوعهما في الأمة، وكان يحذر أمته؛ لينجو من شاء الله له السلامة، كما روى النّزال بن سبرة، عن عبد الله بن مسعود قال: “سمعت رجلًا قرأ آية سمعت النبي r يقرأ خلافها، فأخذت بيده، فانطلقت به إلى النبي r، فذكر ذلك له، فعرفت في وجهه الكراهية، وقال: “كلاكما محسن، ولا تختلفوا، فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا “[18] .
ونهى النبي r عن الاختلاف الذي فيه جحد كل واحد من المختلفين ما مع الآخر من الحق؛ لأن كلا القارئين كان محسنًا فيما قرأه، وعلل بأن ممن كان قبلنا اختلفوا فهلكوا، ولهذا قال حذيفة لعثمان رضي الله عنهما: “أدرك هذه الأمة، لا تختلف في الكتاب كما اختلف فيه الأمم قبلهم”[19] لما رأى أهل الشام والعراق، يختلفون في حروف القرآن، الاختلاف الذي نهى عنه النبي r فأفاد ذلك بشيئين: أحدهما: تحريم الاختلاف في مثل هذا، والثاني: الاعتبار بمن كان قبلنا، والحذر من مشابهتهم”.[20]
كما وردت عدة آثار عن الصحابة والتابعين وعلماء الأمة السابقين في التحذير من أهل الأهواء والبدع ومجالستهم والاستماع إليهم، منها: قول ابن عباس رضي الله عنهما: “لا تجالس أهل الأهواء؛ فإن مجالستهم ممرضة للقلوب”[21]، وقول محمد بن علي: “لا تجالسوا أصحاب الخصومات؛ فإنهم الذين يخوضون في آيات الله”[22]، وعن أسماء بن عبيد قال: ( دخل رجلان من أصحاب الأهواء على ابن سيرين فقالا: يا أبا بكر نحدثك بحديث؟ قال: لا، قالا: فنقرأ عليك آية من كتاب الله ؟ قال: لا، لتقومان عني أو لأقومن، قال: فخرجا، فقال بعض القوم: يا أبا بكر وما عليك أن يقرأ عليك آية من كتاب الله تعالى؟ قال: إني خشيت أن يقرآ علي آية فيحرفانها فيقر ذلك في قلبي “.[23]
وقال مطرف سمعت مالكا إذا ذكر عنده فلان من أهل الزيغ والأهواء يقول: ( قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى سن رسول الله r وولاة الأمر بعده سننًا الأخذ بها اتباع لكتاب الله، واستكمال لطاعة الله، وقوة على دين الله، ليس لأحد بعد هؤلاء تبديلها ولا النظر في شيء خالفها، من اهتدى بها استـنصر ومن انتصر بها فهو منصور، ومن تركها اتبع غير سبيل المؤمنين و ولاه الله ما تولى وأصلاه جهنم وساءت مصيراً”.[24]
ولذلك سمى العلماء أهل البدع بأهل الأهواء؛ لأنهم اتبعوا أهوائهم فلم يأخذوا الأدلة الشرعية مأخذ الافتقار إليها والتعويل عليها، حتى يصدروا، بل قدموا أهواءهم، واعتمدوا على آرائهم، ثم جعلوا الأدلة الشرعية منظورًا فيها من وراء ذلك، وأكثر هؤلاء هم أهل التحسين والتقبيح، ومن مال إلى الفلاسفة وغيرهم، ويدخل في غمارهم من كان منهم يخشى السلاطين؛ لنيل ما عندهم، أو طلباً للرياسة، فلا بد أن يميل مع الناس بهواهم، ويتأوَّل عليهم فيما أرادوا، حسبما ذكره العلماء ونقلوه من مصاحبي السلاطين .
فالأولون ردوا كثيرًا من الأحاديث الصحيحة بعقولهم، وأساؤوا الظن بما صح عن النبي r، وحسنوا ظنهم بآرائهم الفاسدة، حتى ردوا كثيرًا من أمور الآخرة وأحوالها من الصراط والميزان، وحشر الأجساد، والنعيم والعذاب الجسمي، وأنكروا رؤية الباري، وأشباه ذلك، بل صيروا العقل شارعًا جاء الشرع أو لا، بل إن جاء فهو كاشف لمقتضى ما حكم به العقل، إلى غير ذلك من الشناعات .
والآخرون خرجوا عن الجادة إلى البينات، وإن كانت مخالفة لطلب الشريعة، حرصًا على أن يغلب عدوه، أو يفيد وليه، أو يجر إلى نفسه نفعاً”.[25]
فاتباع الهوى يجعل صاحبه يرفض الحق اتباعًا لهواه، وتعصبا لرأيه، ويؤول نصوص الوحي على ما عضد رأيه، ويوافق هواه، كما قال ابن القيم: “وأما المتعصبون فإنهم عكسوا القضية، ونظروا في السنة فما وافق أقوالهم منها قبلوه، وما خالفها تحيلوا في رده أو رد دلالته، وإذا جاء نظير ذلك أو أضعف منه سندًا ودلالة وكان يوافق قولهم قبلوه، ولم يستجيزوا رده، واعترضوا به على منازعيهم، وأشاحوا وقرروا الاحتجاج بذلك السند ودلالته، فإذا جاء ذلك السند بعينه أو أقوى منه، ودلالته كدلالة ذلك أو أقوى منه في خلاف قولهم؛ دفعوه ولم يقبلوه”.[26]
فصاحب الهوى يتناول النصوص بما يوافق هواه، وينتصر بها لمذهبه، فتتوسع هوة الخلاف، بسبب استعمال الهوى، في تفسير النص، كما فعل الشيعة والخوارج والقدرية والمرجئة والمعتزلة، وغيرهم من الفرق الضالة، مع نصوص القرآن والسنة، حيث لم يحتجوا منها إلا بما يوافق أهواءهم، وينصر مذهبهم، واجتهدوا في تأويل وردّ ما لم يوافق آراءهم ومذاهبهم، يقول ابن حجر: “ورد الروايات الصحيحة والطعن في أئمة الحديث الضابطين مع إمكان توجيه ما رووا من الأمور التي أقدم عليها كثير من غير أهل الحديث، وهو يقتضي قصور فهم من فعل ذلك منهم، ومن ثم قال الكرماني: لا حاجة لتخطئة الرواة الثقاة بل حكم هذا حكم سائر المتشابهات، إما التفويض وإما التأويل”.[27]
ويقول ابن تيمية: “أن مثل هؤلاء اعتقدوا رأيا ثم حملوا ألفاظ القرآن عليه وليس لهم سلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان ولا من أئمة المسلمين لا في رأيهم ولا في تفسيرهم وما من تفسير من تفاسيرهم الباطلة إلا وبطلانه يظهر من وجوه كثيرة، وذلك من جهتين: تارة من العلم بفساد قولهم، وتارة من العلم بفساد ما فسروا به القرآن، إما دليلًا على قولهم أو جوابًا على المعارض لهم، ومن هؤلاء من يكون حسن العبارة فصيحًا ويدس البدع في كلامه وأكثر الناس لا يعلمون؛ كصاحب الكشاف ونحوه حتى إنه يروج على خلق كثير ممن لا يعتقد الباطل من تفاسيرهم الباطلة ما شاء الله”.[28]
فصرف النصوص عن ظاهرها بالهوى وبالتأويل الفاسد من أهم سمات المبتدعة في الاستدلال بها على معتقداتهم الفاسدة، لذا كان لاتباع الهوى سبب في ظهور كثير من البدع، والمعتقدات الفاسدة، بل إن الأمم السابقة كان افتراقهم، ورفضهم اتباع الرسل وتحريفهم لدين الله بسبب اتباع الهوى، يقول الله عز وجل: ﴿لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَىٰ أَنفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ، وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِّنْهُمْ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ﴾ [المائدة، الآيات: 70 – 71]
المبحث الثالث: الخلاف السياسي
لقد كان للجانب السياسي الأثر البالغ في ظهور بوادر الاختلاف وخروج الفرق الإسلامية، وذلك بعد مقتل عثمان t؛ فوقع خلاف سياسي بين علي بن أبي طالب t وبين معاوية ابن أبي سفيان رضي الله عنه، الذي رأى ضرورة الأخذ بالثأر من قتلة عثمان t قبل مبايعة سيدنا علي t الذي كان يرى العكس، وما وقع بعد هذه الواقعة من أحداث أدت إلى ظهور الفرق الإسلامية، حيث ظهرت أول فرقة إسلامية من الذين خرجوا على علي t بعد قبوله التحكيم في موقعة الصفين، وفي المقابل ظهر المتشيعون لعلي t فأعلنوا الولاء لعلي، وهم الشيعة، يقول أبو الحسن الأشعري: “ثم بويع علي بن أبي طالب t فاختلف الناس في أمره فمن بين منكر لإمامته، ومن بين قاعد عنه، ومن بين قائل بإمامته معتقد لخلافته، وهذا اختلاف بين الناس إلى اليوم”[29].
“ففي أثناء هذه الفتنة، وبين ثناياها خرجت طلائع الأهواء الأولى، وفارق أهل الأهواء المسلمين وأئمتهم، إما بالاعتقاد والسيف، كما فعلت الخوارج وغالبية الشيعة، أو بالاعتقاد فقط، كما فعلت بعض طوائف من الشيعة والجهمية والمعتزلة وأهل البدع”.[30]
” وقد كان الأعاجم الذين جاؤوا من البلاد المفتوحة من أسرع الناس إلى الفتنة، وذلك لأسباب كثيرة، منها: جهلهم، وحداثة عهدهم أكثر بالكفر، وقلة فقههم في الدين؛ بسبب العجمة، وكراهيتهم للعرب، ودخول بعض طوائف منهم الإسلام ظاهرًا، وإضمار الشر والكيد للإسلام والمسلمين، يضاف إلى ذلك تشددهم في الدين، وتنطعهم بلا علم، وحدة طباعهم، ونفورهم من المدينة، والخلطة، وإساءة الظن بالآخرين ممن لا يعرفونهم . والشدة في نزعة التدين عندهم مع قلة الفقه في الدين، مما يورث غيرة على الدين بغير علم، ولا بصيرة؛ فتجرهم الأهواء، والعواصف باسم الدين، دون النظر في العواقب، ولا فقه لقواعد الشرع؛ كدرء المفاسد، وجلب المصالح، واتخاذهم رؤساء جهالًا من بينهم دون العلماء والأئمة، وتعاليهم على العلماء والأئمة، وظنهم: أنهم وصلوا درجة الاستغناء عنهم، وعن فقههم وعلمهم، تحت شعارهم: “هم رجال ونحن رجال”. وكذلك جهلهم بقواعد الاستدلال، وأحكام الفتن مما أدى إلى طمع أهل الأهواء فيهم للأسباب المذكورة، وتحريضهم لهم”.[31]
فهذه بعض الأسباب التي ساهمت في إذكاء نار الفتنة، ففي السنوات الأخيرة من خلافة عثمان t بدت في الأفق سمات الاضطراب في المجتمع الإسلامي، وأخذ بعض اليهود يتحينون فرصة الظهور مستغلين عوامل الفتنة، ومتظاهرين بالإسلام، واستعمال التقية، ومن هؤلاء عبد الله بن سبأ الملقب بابن السوداء، حيث جاء بآراء ومعتقدات ادعاها، واخترعها من قبل نفسه، وافتعلها من يهوديته الحاقدة، وجعل يروجها لغاية ينشدها، وغرض يستهدفه، وهو الدس في المجتمع الإسلامي؛ بغية النيل من وحدته، وإذكاء نار الفتنة، وغرس بذور الشقاق بين أفراده، فكان ذلك من جملة العوامل التي أدت إلى قتل أمير المؤمنين عثمان بن عفان -رضي الله عنه- وتفرقت الأمة شيعًا وأحزابًا.[32]
من خلال ما سبق يتضح لنا أن الجانب السياسي كان له الأثر البارز في ظهور الفرق الكلامية، وذلك بسبب ما وقع من فتنة مقتل عثمان بن عفان، وما أعقبتها من أحداث وخلافات سياسية بين الصحابيين الجليلين علي بن أبي طالب t ومعاوية بن أبي سفيان t أحدثت بدعة الخوارج والتشيع.
المبحث الرابع: ظاهرة الوضع في الحديث.
يعدُّ الوضع في الحديث من أهم الأسلحة التي التجأ إليها أهل الفرق؛ للترويج لعقائدهم، وإكسابها مستندًا شرعيًّا، فبعد وقوع الفتنة وما نتج عنها من ظهور الشيعة والخوارج وغيرهم من الفرق الضالة، الذين حاولوا أن يكدروا مورد التلقي، حتى يُلَّبسوا على المسلمين أمر دينهم، يلبسوا الباطل ثوب الحق، مما جعل علماء الأمة يتصدون للأمر بالتشدد في قبول الحديث، والسؤال عن الإسناد، وفي هذا يقول الإمام التابعي محمد بن سرين: “لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة قالوا: سموا لنا رجالكم، فينظر إلى أهل السنة؛ فيؤخذ حديثهم، وينظر إلى أهل البدع؛ فلا يؤخذ حديثهم”.[33]
كما جعل أئمة الحديث مدار قبول الرواية على الثقات خاصة دون غيرهم، يقول الخطيب البغدادي: “أهل العلم أجمعوا على أن الخبر لا يجب قبوله إلا من العاقل الصادق المأمون على ما يخبر به”.[34]
وروى كذلك بسنده إلى معن بن عيسى قال: ” كان مالك بن أنس يقول: لا تأخذ العلم من أربعة، وخذ ممن سوى ذلك، لا تأخذ من سفيه معلن بالسفه وإن كان أروى الناس، ولا تأخذ من كذاب يكذب في أحاديث الناس إذا جرب ذلك عليه، وإن كان لا يتهم أن يكذب على رسول الله r، ولا من صاحب هوى يدعو الناس إلى هواه، ولا من شيخ له فضل وعبادة وإذا كان لا يعرف ما يحدث “.[35]
نشأة الوضع في الحديث:
لقد كان لظاهرة الوضع في الحديث النبوي الأثر البالغ في ظهور الاختلاف في الأمة، حيث لجأت بعض هذه الفرق الإسلامية إلى الأحاديث الموضوعة للترويج لمذاهبها وآرائها، خصوصًا –كما أسلفنا- بعد الفتنة التي وقعت بين على ومعاوية -رضي الله عنهما- على إثر مقتل عثمان t وظهور الشيعة والخوارج بعد موقعة الصفين، فانبرى هؤلاء إلى وضع الأحاديث انتصارًا لمواقفهم السياسية وآرائهم الكلامية.
وقد حذر النبي r من الكذب بشكل عام، وخاصة الكذب في حديث رسول اللهr، فقال r: “أربع من كن فيه فهو منافق خالص، ومن كانت فيه خصلة منهن كان فيه خلة من نفاق حتى يدعها، إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر”.[36]
وقال r: “إن كذبًا علي ليس ككذبٍ على أحدٍ، ومن كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار”[37].
هذه الأحاديث وغيرها جعلت الصحابة رضوان الله عليهم يتحرون الصدق في أقوالهم وأفعالهم، ويتحرون الضبط في الرواية عن النبي r، ورويت عنهم عدة روايات في هذا الشأن تبرز شدة حرصهم وتثبتهم في الرواية عن سيد الخلق r، واستمر الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر الصديق وخلافة عمر ابن الخطاب إلى أن وقعت الفتنة التي انتهت بمقتل علي بن أبي طالب ومقتل الحسين -رضي الله عنهم جميعًا- فقد روى الإمام مسلم في صحيحه، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: “إنا كنا نحدث عن رسول الله إذ لم يكن يكذب عليه، فلما ركب الناس الصعب والذلول تركنا الحديث عنه”.[38]
وقد تصدى جهابذة علماء الحديث لهذه الظاهرة، وأوقفوا أعمارهم للذب عن سنة الرسولr وغربلتها من السقيم والموضوع، يقول محمد أبو زهرة: “هيأ الله تعالى للدفاع عن الأحاديث في هذا العصر طائفة من فطاحل النقاد وكبار الحفاظ انتدبوا أنفسهم لتخليص الحق من الباطل وتقربوا إلى الله بالكشف عن أحوال هؤلاء الكذابين على رسوله r المتزايدين في حديثه، وأنزلوا الرواة منازلهم، وبينوا للناس درجاتهم ولقبوهم بما يستحقونه من المحاسن أو المثالب لا تأخذهم بأحد رحمة في دين الله؛ فتراهم يقولون “فلان ثقة “، “فلان حجة”، “فلان كذاب”، “فلان لين الحديث”، “فلان لابأس به”، “فلان ضعيف”، إلى غير ذلك من ألقاب الرفعة أو سمات الضعة والسقوط”.[39]
وروى السيوطي في تاريخ الخلفاء عن ابن عساكر عن ابن علية أنه قال: “أخذ هارون الرشيد زنديقًا فأمر بضرب عنقه، فقال له الزنديق: لم تضرب عنقي؟ قال له: أريح العباد منك، قال: فأين أنت من ألف حديث وضعتها على رسول الله كلها ما فيها حرف نطق به؟ قال: فأين أنت يا عدو الله من أبي إسحاق الفزاري، وعبد الله بن المبارك ينخلانها فيخرجانها حرفًا حرفًا”.[40]
ومن الطوائف التي اشتهرت بكثرة الوضع والكذب فرقة الشيعة، يقول ابن تيمية: “وأما الرافضة فأصل بدعتهم من زندقة وإلحاد، وتعمد الكذب كثير فيهم، وهم يُقرون بذلك حيث يقولون: ديننا التقية، وهو أن يقول أحدهم بلسانه خلاف ما في قلبه، وهذا هو الكذب والنفاق”.[41]
ويقول الإمام الشافعي: “وتقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية من الرافضة؛ لأنهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم، وحُكي أن هذا مذهب ابن أبي ليلى وسفيان الثوري، وروي مثله عن أبي يوسف). وسئل الإمام مالك عن الرافضة فقال: “لا تكلمهم ولا ترو عنهم؛ فإنهم يكذبون”.[42]
ويقول أبو الفضل البرقعي، في رواة الكافي: “ورواة هذه الأحاديث كلهم فاسدو العقيدة وضعاف؛ كسهل بن زياد الكذاب المشهور الملعون، وزياد القندي الذي كان وكيلًا لسيدنا موسى بن جعفر، فسرق أمواله، وأنكر شهادته، وأوجد مذهب الواقفية، وكمعلى بن محمد الوشاء، وحسن بن علي الفضال، وسليم بن قيس الهلالي الذي له كتاب مليء بالكذب”[43]
فالشيعة من أبرز الطوائف التي اشتهرت بالكذب، وأجازته تحت ستار التقية، فكان لهم النصيب الأوفر من الأحاديث الموضوعة عن الرسول r فوضعوا لمذهبهم الكثير من الفروع والأصول التي خالفوا فيها جمهور المسلمين، كما نسبوا كثيرًا من الروايات المخالفة لنصوص القرآن والسنة الصحيحة لأهل البيت.
أما بالنسبة للخوارج فإنهم لم يسلكوا هذا السبيل، الذي يتمثل في وضع الأحاديث انتصارًا لمذهبهم أو دعوة لآرائهم؛ لأن من أصولهم أن مرتكب الكبيرة من الذنوب كافر، والكذب عندهم من الكبائر؛ لذا فهم يكفرون الكاذب، ويتجنبون الكذب والوضع في الحديث.
ذكر الخطيب البغدادي عن أبي عبيد محمد بن علي الآجري قال: سمعت أبا داود سليمان بن الأشعث يقول: “ليس في أصحاب الأهواء أصح حديثًا من الخوارج”.[44]
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية: “والخوارج مع مروقهم من الدين فهم من أصدق الناس، حتى قيل: إن حديثهم من أصح الحديث”.[45]
ورغم ذلك فإن الخوارج لم يسلموا من هذا الأمر، حيث وجد منهم من انتهج سبيل الوضع في الحديث، كما ذكر الرامهرمزي، حيث قال: “حدثني الحسين بن عبد الله الجشمي من ولد مالك بن جشم، حدثنا عبيد بن هشام حدثنا عبيد بن هشام حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن عبد الكريم قال: قال لي رجل من الخوارج: “إن هذا الحديث دين فانظروا عمن تأخذون دينكم، إنا كنا إذا هوينا أمرًا جعلناه في حديث”.[46]
كما وضع القدرية أحاديث تؤيد مذهبهم، وتنصّ على صحة بدعتهم؛ كحديث: “إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد، فالسعيد من وجد لقدمه موضعًا، فينادي منادٍ من تحت العرش: ألا من برا [ برأ ] ربه من ذنبه فليدخل الجنة”. ذكره ابن الجوزي في الموضوعات، وقال فيه: هذا حديث موضوع والمتهم بوضعه جعفر بن حسن، وكان قدريًّا؛ فوضع الحديث على مذهبه.[47]
كما وضعت المرجئة أحاديث تقوي بها بدعتها، مثل حديث: “قدم وفد ثقيف على رسول الله r فقالوا جئناك نسألك عن الإيمان أيزيد وينقص؟ قال: الإيمان مثبت في القلب كالجبال الرواسي، وزيادته كفر، ونقصانه كفر”، ونحوه من الأحاديث.[48]
وهكذا عمل المبتدعة على الترويج لمذاهبهم الفاسدة، ومعتقداتهم الباطلة، بوضع الحديث على رسول الله r، وبث سمومهم ونشر مفترياتهم، يقول حماد بن زيد: “وضعت الزنادقة على رسول الله r أربعة عشر ألف حديث ).
قال ابن عدي بإسناده إلى جعفر بن سليمان قال سمعت المهدي يقول: “أقر عندي رجل من الزنادقة أنه وضع أربعمائة حديث فهي تجول في أيدي الناس”.[49]
ورغم هذه الهجمة الشرسة من المبتدعة، على سنة رسول الله r فقد تصدى علماء الأمة لها ووقفوا في وجهها، وقاموا بغربلة السنة وتنقيتها من الدخيل، وتمييز صحيحها من سقيمها، ودرسوا أسانيدها، وميزوا من تقبل روايته ممن لا تقبل روايته، ووضعوا في ذلك مصنفات للرجال لضبط الأسانيد؛ لقطع الطريق على كل متقول زنديق.
يقول ابن المبارك 4ث في بيان أهمية الإسناد: “الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء”.[50]
ويقول ابن تيمية: “والإسناد من خصائص هذه الأمة، وهو من خصائص الإسلام، ثم هو في الإسلام من خصائص أهل السنة، والرافضة أقل الناس عناية به، إذ كانوا لا يصدقون إلا بما يوافق أهواءهم، وعلامة كذبه أنه يخالف هواهم، ولهذا قال عبد الرحمن بن مهدي: أهل العلم يكتبون ما لهم وما عليهم، وأهل الأهواء لا يكتبون إلا ما لهم”.[51]
الفصل الثاني: أثر الخلاف العقدي على نصوص الأحكام
المبحث الأول: أثر الاختلاف في العقائد في تأويل نصوص الوحي
لقد أدى هذا الاختلاف الذي وقع في الأمة بسبب ظهور الفرق، إلى محاولة كل فرقة أن تنتصر لمذهبها، وأن تجد له مستندًا شرعيًّا من نصوص القرآن والسنة، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “وأهل البدع سلكوا طريقًا آخر ابتدعوها اعتمدوا عليها، و لا يذكرون الحديث، بل ولا القرآن في أصولهم إلا للاعتضاد لا للاعتماد”[52]، فعملت هذه الفرق على نصرة مذاهبها استنادًا على كتاب الله؛ لأنهم يعلمون أن أي قول مخالف لكتاب الله وسنة رسول الله r هو قول مردود على صاحبه، لكنهم تعسفوا في تفسير آيات كتاب الله تعالى، وفي لي أعناق النصوص؛ حتى يجعلوها موافقة لمذهبهم، ولنصرة رأيهم ومذهبهم، وكان لهذا الاختلاف عند أصحاب الفرق أثر واضح على نصوص القرآن والسنة.
ومن أمثلة هذا الأمر:
1-استدلال الشيعة عن الإمامة بقوله تعالى:﴿ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ﴾ [القصص، الآية :68 ]، فذهبوا إلى أن الآية تشير إلى أنه ليس للناس الخيرة في أي شيء مما يرجع حكمه وأمره إلى الله، فهو الذي يختار من يشاء للنبوة والإمامة.
غير أن هذه الآية بظروف نزولها على اختيار الله للأنبياء دون الأئمة، وقد أجمع المسلمون قاطبة على أن اختيار الأنبياء موكل إلى الله.[53]
2-وفسروا قوله تعالى: ﴿ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ [البقرة، الآية : 124] بأنها دليل قاطع على عصمة الإمام، فقالوا : هذه الآية تدل على أن الإمام لا يكون إلا معصومًا عن القبائح؛ لأن الله سبحانه وتعالى نفى أن ينال عهده ـ الذي هو الإمامة ـ ظالم، ومن ليس بمعصوم فقد يكون ظالماً إما لنفسه وإما لغيره. والله سبحانه عصم اثنين فلم يسجدا لصنم قط، وهما: محمد r، وعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه- فلأحدهما كانت الرسالة، وللآخر كانت الإمامة، فالإمام يجب أن يكون معصومًا؛ لأنه لو جاز عليه الخطأ لافتقر إلى إمام آخر يسدده، فلم تستقم هدايته، ولم تتضح حجته، وكان كغيره من العلماء.[54]
يتضح من خلال هذه الأدلة وغيرها التي اعتمد عليها الشيعة للاستدلال على إثبات الإمامة وجعلها من أصول مذهبهم الذي تجد أثره في فقههم وأصولهم وسائر علومهم.
أما بالنسبة للخوارج الذين يكفرون مرتكب الكبيرة، ويقولون بتخليده في النار خلافًا لأهل السنة، استنادًا منهم إلى ظاهر النصوص، ومن نماذج الآيات التي يفسرونها وفق أهوائهم، ولنصرة مذهبهم:
أ- قوله تعالى: ﴿ بَلَىٰ مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة، الآية: 81 ]، يقول صاحب هميان الزاد إلى دار المعاد “محمد بن يوسف إطفيش” يقول: “السَيِّئَة خصلة قبيحة، وهي الذنب الكبير، سواء أكان نفاقًا أو إشراكًا، ومن الذنوب الكبيرة: الإصرار، فإنه نفسه كبيرة، سواء أكان على الصغيرة أو الكبيرة، والدليل قوله: ﴿ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ﴾[55]
ب- ومن ذلك أيضا تفسيرهم لقوله تعالى: ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [المائدة، الآية :44 ] قالوا: وكل مرتكب للذنوب فقد حكم بغير ما أنزل الله.[56]
أما بالنسبة إلى تعامل أصحاب هذه الفرق مع السنة؛ فإنهم يأخذون من نصوصها ما يوافق أهوائهم، ويعرضون عن السنة الصحيحة الثابتة التي تخالف معتقداتهم الفاسدة، ولا يستدلون بها، أو يحرفون معانيها ويؤولونها حسب ما يوافق أهواءهم، كما أن بعض هذه الطوائف اتجهوا إلى الاستدلال على منهجهم بالضعيف والموضوع، ولم يلتزموا التمحيص والتدقيق ـ كما وجد عند علماء أهل السنة ـ فقد أخذ الخوارج مثلًا بنصوص الوعيد، وتركوا نصوص الوعد، وفهموها على غير مرادها، وراحوا يكفرون المسلمين ويستحلون دماءهم وأموالهم بغير حجة ولا برهان.
هكذا كان منهج هؤلاء المبتدعة مع نصوص القرآن والسنة، فهم لا يأخذون منها إلا بما يوافق أهواءهم، ويخدم معتقداتهم، ويعرضون عن النصوص الصحيحة الصريحة التي تخالف بدعتهم، أو يحرفون معانيها، ويؤولونه بما يوافق معتقداتهم.
المبحث الثاني: أثر الخلاف العقدي على الجانب الفقهي
لقد كان للخلاف العقدي أثر على نصوص الأحكام، حيث ظهر عند بعض الفرق فقهٌ خاص، يخالف في بعض مسائله فقه الأئمة الأربعة، فوُجد مثلًا عند الخوارج مخالفة للأئمة الأربعة في بعض المسائل الفقهية، شذوا فيها عن الجمهور، كما وجد فقه خاص عند الشيعة وهم طوائف كثيرة جدًا، أشهرها الزيدية أتباع زيد بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي، والإمامية الإثنا عشرية، وهم أكثر الفرق التي انفردت بمذهب فقهي خاص، وأوجدت لنفسها مدونات فقهية، وخالفت الجمهور في العديد من المسائل الفقهية. لكنَّ جمهور العلماء لم يعتد بالكثير منها؛ لعدم استنادها على دليل شرعي معتبر أذكر منها ما يأتي:
- المسائل الفقهية التي خالف فيها الخوارج:
من أهم المسائل التي خالف فيها الخوارج الأئمة الأربعة، وإجماع جمهور العلماء، ولم يعدُّوا اختلافهم اختلافًا معتبرًا:
- قضاء الحائض للصلاة:
أوجب الخوارج على الحائض قضاء الصلاة، فقد روى مسلم في صحيحه عن معاذة قالت: سألت عائشة، فقلت: “ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ فقالت: أحرورية[57] أنت؟ قلت؟” لست بحرورية ولكني أسأل”، قالت: كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة”[58]
فوجوب قضاء الصلاة بالنسبة للحائض يخالف ما عليه جمهور العلماء، وقد نقل ابن المنذر والنووي وغيرهما إجماع المسلمين على أنه لا يجب على الحائض قضاء الصلاة، ويجب عليها قضاء الصوم.[59]
وقال النووي: “هذا الحكم متفق عليه، أجمع المسلمون على أن الحائض والنفساء لا تجب عليهما الصلاة ولا الصوم في الحال، وأجمعوا على أنه لا يجب عليهما قضاء الصلاة، وأجمعوا على أنه يجب عليهما قضاء الصوم. قال العلماء: والفرق بينهما أن الصلاة كثيرة متكررة؛ فيشق قضاؤها بخلاف الصوم؛ فإنه يجب في السنة مرة واحدة”.[60]
وقد خالف في هذا الأمر الخوارج، فأوجبوا على الحائض قضاء الصلاة، فقد حكى ابن عبد البر عن طائفة من الخوارج أنهم كانوا يوجبون على الحائض قضاء الصلاة[61]، ولهذا قالت عائشة -رضي الله عنها- لمعاذة -رضي الله عنها-: أحرورية أنتِ تعتقدين مثل ما يعتقدون، وتشددِين كما يُشدون؟ فقالت: لست حرورية، ولكنى أسأل سؤال متعلم مسترشد، فقالت عائشة: كان الحيض يصيبنا زمن النبي r، وكنا نترك الصيام والصلاة زمنه، فيأمرنا “بقضاء الصوم ولا يأمرنا بقضاء الصلاة، ولو كان القضاء واجبًا لأمر به ولم يسكت عنه. فكأنها تقول: كفى بامتثال أوامر الشارع والوقوف عند حدوده حكمة ورشدًا.[62]
- إجازة الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها:
ورد النهي عن الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها عن النبي r، فعن أبي هريرة t قال: “نهى النبي r أن تنكح المرأة على عمتها أو خالتها”، وفي رواية أخرى أنه r قال: “لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها”[63]
وهذا دليل صريح على تحريم الجمع بين المرأة وعمتها، والمرأة وخالتها، قال الشافعي: “يحرم الجمع بين من ذكر، وهو قول من لقيته من المفتين لا خلاف بينهم في ذلك، ومثله قال الترمذي، وقال ابن المنذر لست أعلم في منع ذلك اختلافًا اليوم، وإنما قال بالجواز فرقة من الخوارج، ونقل الإجماع أيضا ابن عبد البر وابن حزم والقرطبي والنووي، ولا يخفى أن هذا الحديث خصص عموم قوله تعالى: ﴿ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ ﴾ [النساء، الآية :24].[64]
وقد خالف الخوارج الجمهور فأجازوا الجمع بين المرأة وعمتها، والمرأة وخالتها، قال النووي: “مذهب العلماء كافة أنه يحرم الجمع بين المرأة وعمتها وبينها وبين خالتها، سواء كانت عمة وخالة حقيقة، وهي أخت الأب وأخت الأم، أو مجازية، وهي أخت أبي الأب وأبي الجد وإن علا، أو أخت أم الأم وأم الجدة من جهتي الأم والأب، وإن علت فكلهن بإجماع العلماء يحرم الجمع بينهما. وقالت طائفة من الخوارج والشيعة: يجوز، واحتجوا بقوله تعالى: ﴿ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ ﴾ [النساء، الآية :24]، واحتج الجمهور بهذه الأحاديث وخصوا بها الآية، والصحيح الذي عليه جمهور الأصوليين جواز تخصيص عموم القرآن بخبر الواحد؛ لأنه r مبين للناس ما أنزل إليهم من كتاب الله”.[65]
ج- التحليل بالعقد دون الجماع للمطلقة ثلاثًا:
ذهب جمهور العلماء إلى اشتراط الجماع للمطلقة ثلاثًا؛ لتحل للزوج الأول، لحديث عائشة رضي الله عنها: “طلق رجل امرأته ثلاثًا فتزوجها رجل ثم طلقها قبل أن يدخل بها فأراد زوجها الأول أن يتزوجها فسئل رسول الله r عن ذلك فقال: لا حتى يذوق الآخر من عسيلتها ما ذاق الأول”[66]، قال أبو عبيدة: العسيلة: لذة الجماع، والعرب تسمي كل شيء تستلذه عسلًا وأحاديث الباب تدل على أنه لا بد فيمن طلقها زوجها ثلاثًا ثم تزوجها زوج آخر من الوطء فلا تحل للأول إلا بعده.[67]
وقد ذهب الخوارج إلى أن الزوجة تحل لمن طلقها ثلاثًا بالعقد فقط دون الجماع .
قال ابن المنذر: “أجمع العلماء على اشتراط الجماع؛ لتحل للأول إلا سعيد بن المسيب، وهذا القول لا نعلم أحدًا وافقه عليه إلا طائفة من الخوارج، ولعله لم يبلغه الحديث فأخذ بظاهر القرآن”.[68]
ح- القول بأن الطلاق البدعي لا يقع:
الطلاق البدعي: هو الطلاق المخالف للمشروع، كأن يطلقها ثلاثًا بكلمة واحدة، أو يطلقها ثلاثًا متفرقات في مجلس واحد، كأن يقول: “أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق”، أو يطلقها في حيض أو نفاس، أو في طهر جامعها فيه.[69]
وقد روي عن ابن عمر t “أنه طلق امرأته وهي حائض، فذكر عمر للنبي “فقال: ليراجعها، قلت: تحتسب قال فمه”، وعن قتادة عن يونس بن جبير عن ابن عمر قال: “مرُهُ فليراجعها، قلت: تحتسب، قال: أرأيت إن عجز واستحمق”. حدثنا أبو معمر حدثنا عبد الوارث حدثنا أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عمر قال: “حسبت علي بتطليقة”.[70]
ذهب الجمهور إلى أن الطلاق البدعي يقع، أما الخوارج فقالوا بعدم وقوعه، قال الشوكاني: “وقد تمسك بذلك من قال بأن الطلاق البدعي يقع، وهم الجمهور. وذهب الباقر والصادق وابن حزم، وحكاه الخطابي عن الخوارج والروافض إلى أنه لا يقع، وحكاه ابن العربي وغيره عن ابن علية يعني إبراهيم ابن إسماعيل بن علية وهو من فقهاء المعتزلة. قال ابن عبد البر: لا يخالف في ذلك إلا أهل البدع والضلال”.[71]
- مسائل فقهية خالف فيها الشيعة الإمامية أهل السنة:
خالف الشيعة الإمامية الإثنا عشرية جمهور المسلمين في العديد من المسائل الفقهية، واستقلوا لأنفسهم بمذهب خاص يخالف في كثير من مسائله ما عليه الأئمة الأربعة، حتى عدَّ بعض العلماء مذهبهم المذهب الخامس. وهذه بعض المسائل الفقهية التي خالف فيها الشيعة الإمامية جمهور المسلمين:
- غسل الوجه:
اتفق العلماء على وجوب غسل الوجه وحده: من منابت شعر الرأس إلى الذقن طولًا، ومن الأذن إلى الأذن عرضا.[72]
وانفرد الشيعة برأيهم في تحديد الوجه، وطريقة غسله، فقد اتفقوا معهم في الطول، واختلفوا في العرض، حيث حددوه بما اشتمل عليه الإبهام والوسطى.
والخلاف الثاني في طريقة الغسل، فقد أوجبوا الابتداء بغسل الوجه من الأعلى، وهذا هو المشهور من المذهب، ولكن هناك من لم يوجب ذلك.[73]
غسل اليدين:
الخلاف هنا في نقطتين:
*الأولى: إيجابهم الابتداء بالمرفقين.
*الثانية: إيجابهم كذلك الابتداء باليد اليمنى.
فإيجابهم الابتداء بالمرفق خلاف الظاهر في قوله تعالى: ﴿ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ ﴾ [المائدة، الآية :6]، فظاهر الآية الانتهاء إلى المرافق.
والذي دفع الشيعة إلى هذا القول، هو ورود روايات عن الأئمة في الوضوء مبتدئين بالمرفقين، ولكن هذه الروايات لا تتعارض مع ما ذهب إليه أصحاب المذاهب الأربعة؛ لأنه جائز، أما إيجاب الابتداء بهما فهو التحكم الذي لا دليل عليه، ويخالف ظاهر القرآن الكريم، وإجماع سائر المسلمين.[74]
قال النووي: “هذه قاعدة مستمرة في الشرع، وهي إن ما كان من باب التكريم والتشريف؛ كلبس الثوب والسراويل والخف، ودخول المسجد، والسواك والاكتحال، وتقليم الأظفار، وقص الشارب، وترجيل الشعر وهو مشطه، ونتف الإبط، وحلق الرأس، والسلام من الصلاة، وغسل أعضاء الطهارة، والخروج من الخلاء، والأكل والشرب، والمصافحة، واستلام الحجر الأسود، وغير ذلك مما هو في معناه يستحب التيامن فيه. وأما ما كان بضده؛ كدخول الخلاء، والخروج من المسجد، والامتخاط، والاستنجاء، وخلع الثوب والسراويل والخف، وما أشبه ذلك، فيستحب التياسر فيه، وذلك كله بكرامة اليمين وشرفها. والله أعلم، وأجمع العلماء على أن تقديم اليمين على اليسار من اليدين والرجلين في الوضوء سنة، لو خالفها فاته الفضل، وصح وضوؤه، وقالت الشيعة: هو واجب، ولا اعتداد بخلاف الشيعة”.[75]
وقال الحافظ في الفتح: “ومراده بالعلماء أهل السنة، وإلا فمذهب الشيعة الوجوب، وغلط المرتضى منهم فنسبه للشافعي، وكأنه ظن أن ذلك لازم من قوله بوجوب الترتيب؛ لكنه لم يقل بذلك في اليدين ولا في الرجلين؛ لأنهما بمنزلة العضو الواحد؛ ولأنهما جمعا في لفظ القرآن) .[76]
مسح الرأس :
انفرد الإمامية بالقول بوجوب مسح مقدم الرأس ببقية البلل، وبعدم إجزاء الغسل على أي حال، فهم متفقون مع الحنفية والشافعية وبعض الحنابلة في جواز مسح بعض الرأس[77]، ولكنهم يوجبون المقدم، ويختلفون مع الجميع في إيجاب المسح ببقية البلل، فقد رووا عن الإمام أبي جعفر –وهو يحكي وضوء الرسول r – “أنه مسح مقدم رأسه، وظهر قدميه ببلة يساره، وبقية بلة يمناه، وفي رواية أخرى: مسح بفضل يديه رأسه ورجليه”.[78]
أما جمهور العلماء فقد اتفقوا على وجوب مسح الرأس، واتفقوا أيضا على استحباب مسح جميعه، ولكن اختلفوا، هل يجزئ مسح بعضه أو لابد من مسحه كله؟
فذهب الثوري، والأوزاعي، وأبو حنيفة، والشافعي، إلى جواز الاقتصار على بعضه، على اختلافهم- في القدر المجزئ منه، وذهب مالك وأحمد إلى وجوب استيعابه كله.
استدل الأولون بقوله تعالى: ﴿ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ ﴾ [المائدة، الآية:6]، على أن الباء للتبعيض، وبما رواه مسلم عن المغيرة بلفظ: “أنه r توضأ فمسح بناصيته وعلى العمامة “[79].
واستدل الموجبون لمسحه كله بأحاديث كثيرة، كلها تصف وضوء النبي r، منها ما رواه الجماعة: “مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر، بدأ بمقدم رأسه، ثم ذهب بهما إلى قفاه، ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه”، وأجابوا عن أدلة المجيزين لمسح بعضه، بأن “الباء” لم ترد في اللغة للتبعيض وإنما معناها في الآية، الإلصاق أي: ألصقوا المسح برؤوسكم والإلصاق هو المعنى الحقيقي للباء.[80]
نوع طهارة الرجلين:
أجمعت المذاهب الأربعة على وجوب غسل الرجلين، بينما ذهب الشيعة إلى القول بأن الواجب فيهما المسح دون الغسل، قال النووي: “وهذه مسألة اختلف الناس فيها على مذاهب، فذهب جمع من الفقهاء من أهل الفتوى في الأعصار والأمصار إلى أن الواجب غسل القدمين مع الكعبين، ولا يجزئ مسحهما ولا يجب المسح مع الغسل، ولم يثبت خلاف هذا عن أحد يعتد به في الإجماع، وقالت الشيعة: الواجب مسحهما”.[81]
واستدل الشيعة على وجوب المسح بالآية الكريمة: ﴿وَأَرْجُلِكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ فقالوا: إن الاحتجاج بها في قراءة الجر واضح، وذلك أن للمعطوف حكم المعطوف عليه، فكما أنه يجب في الرؤوس المسح من غير خلاف بين أحد؛ فكذلك يجب في الأرجل إعطاء ًللمعطوف حكم المعطوف عليه.
كما رووا عن الأئمة عدة روايات أنهم حكوا وضوء الرسول r فمسحوا رؤوسهم وأرجلهم ببقية البلل، لم يجددوا ماء، وعلى هذا ذهبوا إلى وجوب مسح الرجلين ببقية البلل.[82]
بينما استدل الجمهور على قولهم بوجوب الغسل بقراءة النصب في قوله تعالى ﴿ وَأَرْجُلَكُمْ ﴾، وبما ثبت من فعل النبي r أن كان يغسل قدميه، وقال القرطبي: “قرأ نافع وابن عامر والكسائي ﴿وَأَرْجُلَكُمْ﴾ بالنصب، وروى الوليد بن مسلم عن نافع أنه قرأ ﴿ وَأَرْجُلُكُمْ ﴾ بالرفع وهي قراءة الحسن والأعمش سليمان، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة ﴿ وَأَرْجُلِكُمْ ﴾ بالخفض، وبحسب هذه القراءات اختلف الصحابة والتابعون، فمن قرأ بالنصب جعل العامل ” اغسلوا ” وبنى على أن الفرض في الرجلين الغسل دون المسح، وهذا مذهب جمهور العلماء، وهو الثابت من فعل النبي r، واللازم من قوله في غير ما حديث، وقد رأى قوماً يتوضؤون وأعقابهم تلوح فنادى بأعلى صوته: “ويل للأعقاب من النار أسبغوا الوضوء”.[83]
الواجب في الغسل:
ذهب الشيعة إلى إجزاء المرة الواحدة في الوضوء، واستحباب المرتين، وأن الثالثة بدعة، واستدلوا بروايات عن أئمتهم بالغسل مرة ومرتين وحملوا ما عداها على التقية، ومثال ذلك ما روي عن داود الرقي قال: “دخلت على أبي عبد الله عليه السلام، فقلت له: جعلت فداك كم عدة الطهارة؟ قال: ما أوجبه الله فواحدة، وأضاف إليها الرسول r واحدة؛ لضعف الناس، ومن توضأ ثلاثًا ثلاثًا فلا صلاة له”.[84]
وذهب علماء أهل السنة على إجزاء المرة، واستحباب الثلاث، قال النووي: “وقد أجمع المسلمون على أن الواجب في غسل الأعضاء مرة مرة، وعلى أن الثلاث سنة، وقد جاءت الأحاديث الصحيحة بالغسل مرة مرة، وثلاثًا ثلاثًا، وبعض الأعضاء ثلاثًا وبعضها مرتين وبعضها مرة، قال العلماء: فاختلافها دليل على جواز ذلك كله، وأن الثلاث هي الكمال والواحدة تجزئ، فعلى هذا يحمل اختلاف الأحاديث”.[85]
ولم يوقت الإمام مالك في الوضوء مرة ولا ثلاثًا، وإنما قال بإسباغه، قال ابن القاسم: “ما رأيت عند مالك في الغسل والوضوء توقيتًا لا واحدة ولا اثنتين ولا ثلاثًا، لكنه كان يقول: “يتوضأ أو يغتسل ويسبغهما جميعا”.[86]
زيادة “حي على خير العمل” في الأذان:
الشيعة يزيدون “حي على خير العمل” مرتين بعد “حي على الفلاح “، ويثنون لا إله إلا الله، وحاليًا يزيدون الشهادة بالولاية بعد الشهادتين، وحجتهم روايات عن أئمتهم تفيد ذلك، حيث رووا عن علي بن الحسين أنه قال: “هو الأذان الأول”، وعن زيد بن أرقم أنه أذن بذلك، كما رووا عن موسى الكاظم أنه سئل عن: “حي على خير العمل “لم تركت من الأذان؟ فقال: “أما الباطنة فإن خير العمل الولاية، فأراد من أمر بترك “حي على خير العمل” من الأذان ألا يقع حث عليها، ودعا إليها”.[87]
قال الشوكاني: “والحديث ليس فيه ذكر “حي على خير العمل”، وقد ذهبت العترة إلى إثباته، وأنه بعد قول المؤذن: “حي على الفلاح”، قالوا: يقول مرتين: “حي على خير العمل”، ونسبه المهدي في البحر إلى أحد قولي الشافعي وهو خلاف ما في كتب الشافعية، فإنا لم نجد في شيء منها هذه المقالة بل خلاف ما في كتب أهل البيت، قال في الانتصار: إن الفقهاء الأربعة لا يختلفون في ذلك يعني في أن حي على خير العمل ليس من ألفاظ الأذان، وقد أنكر هذه الرواية الإمام عز الدين في شرح البحر وغيره ممن له اطلاع على كتب الشافعية.
احتج القائلون بذلك بما في كتب أهل البيت كأمالي أحمد بن عيسى، والتجريد، والأحكام، وجامع آل محمد من إثبات ذلك مسندًا إلى رسول الله r قال في الأحكام: “وقد صح لنا أن حي على خير العمل كانت على عهد رسول الله يؤذن بها ولم تطرح إلا في زمن عمر”.[88]
التكلم في الصلاة:
أجاز الشيعة تشميت العاطس، وأوجبوا رد السلام في الصلاة، وحرموا قول آمين آخر الحمد لله على خلاف بينهم، فالكثرة الغالبة تذهب إلى القول بالتحريم وبطلان الصلاة، وذهب بعضهم إلى الحرمة دون البطلان، وقيل بالكراهة فقط.
واستدلوا على وجوب رد السلام بقوله تعالى: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا﴾ [النساء، الآية: 86]، قال صاحب العرفان: “إذا سلم أحد على المصلي وجب عليه الرد؛ لإطلاق الأمر بالرد المتبادل لحال الصلاة وغيرها، وليس من كلام الآدميين فيدخل تحت النهي؛ لأن هذه الصيغة وردت في القرآن”.
واستدلوا كذلك بروايات عن أئمتهم، كرواية عثمان بن عيسى عن الإمام الصادق قال: “سألته عن الرجل يسلم عليه في الصلاة، قال: يرد بقوله: “سلام عليكم “، ولا يقول: “عليكم السلام “، فإن رسول الله r كان قائمًا يصلي فمر به عمار بن ياسر فسلم عليه، فرد عليه النبي r هكذا”.
وأجازوا تشميت العاطس، مستندين إلى روايات عن أئمتهم، مثل ما روي عن أبي بصير: “قلت له ـ أي للإمام الصادق: أسمع العطسة فأحمد الله، وأصلي على النبي وأنا في الصلاة؟ قال نعم، ولو كان بينك وبين صاحبك البحر”.
أما قول آمين فقد عدُّوه من الكلام المنهي عنه في الصلاة، واحتجوا بما روي عن أئمتهم، كقول الإمام الصادق: “إذا كنت خلف إمام فقرأ الحمد، وفرغ من قراءتها، فقل أنت: الحمد لله رب العالمين، ولا تقل آمين”.[89]
أما المذاهب الأربعة فقد منعوا رد السلام، وتشميت العاطس، واستحبوا قول آمين، إلا أن الإمام مالك جعل التأمين للمأموم دون الإمام[90]، يقول ابن رشد: “وأجازوا الرد بالإشارة، وهو مذهب مالك والشافعي، ومنع آخرون رده بالقول والإشارة، وهو مذهب النعمان”.[91]
ويقول الشوكاني: “لا خلاف بين أهل العلم أن من تكلم في صلاته عامدًا عالماً فسدت صلاته قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن من تكلم في صلاته عامدًا وهو لا يريد إصلاح صلاته أن صلاته فاسدة، واختلفوا في كلام الساهي والجاهل”.[92]
ومن المعروف أن التكلم في الصلاة كان مباحًا، ثم نُهِي المسلمون عنه، حيث نسخ حكم التكلم في الصلاة، فقد ثبت ما يفيد ذلك، كرواية زيد بن أرقم tأنه قال: ” كنا نتكلم في الصلاة، يكلم الرجل منا صاحبه وهو إلى جنبه في الصلاة، حتى نزلت: ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾ فأمرنا بالسكوت، ونهينا عن الكلام”[93]، ونفس الأمر ينطبق على رد السلام، وتشميت العاطس، فقد ثبت النهي عنهما، فعن عبد الله ابن مسعود t قال: “كنا نسلم على النبي r وهو في الصلاة فيرد علينا، فلما رجعنا من عند النجاشي، سلمنا عليه فلم يرد علينا، وقال: “إن في الصلاة شغلًا”.[94]
زواج المتعة:
والمتعة كما في كتب الإمامية هي النكاح المؤقت بأمد معلوم أو مجهول، وغايته إلى خمسة وأربعين يومًا، ويرتفع النكاح بانقضاء المؤقت في المنقطعة الحيض، وبحيضتين في الحائض، وبأربعة أشهر وعشر في المتوفى عنها زوجها، وحكمه أن لا يثبت لها مهر غير المشروط، ولا تثبت لها نفقة ولا توارث ولا عدة إلا الاستبراء بما ذكر، ولا يثبت به نسب إلا أن يشترط، وتحرم المصاهرة بسببه.[95]
يرى الشيعة الإمامية أن زواج المتعة مشروع، وجعلوه كالإيمان بالرجعة، فمن لم يستحله فليس بمؤمن عندهم، وقد رووا عدة روايات منسوبة للأئمة في إباحة المتعة والترغيب فيها.
منها أن جبريل -عليه السلام- لحق بالنبي r في الإسراء، وقال له: “يا محمد إن الله تبارك وتعالى يقول: “إني قد غفرت للمتمتعين من أمتك من النساء”، وقالوا أيضًا: “المؤمن لا يكمل حتى يتمتع”.
وأيضًا: ما من رجل يتمتع ثم اغتسل إلا خلق الله من كل قطرة منه سبعين ملك يستغفرون له إلى يوم القيامة، ويلعنون مجتنبها إلى أن تقوم الساعة”، ويستدلون كذلك بقوله تعالى: “فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن”. [96]
فهم يرون في زواج المتعة أنه مشروع بل ومستحب؛ نظرًا لهذه الروايات التي ترغب فيه وتحث عليه، وتجعله من شعائر الدين، وأن من طعن في المتعة فقد طعن في الإسلام الذي أباحها، وقد انعقد الإجماع على ذلك.
يقول محمد الحسين آل كاشف الغطاء: “إن من ضروريات مذهب الإسلام التي لا ينكرها من له أدنى إلمام بشرائع هذا الدين الحنيف – أن المتعة – بمعنى العقد إلى أجل مسمى، قد شرعها رسول r وأباحها وعمل بها جماعة من الصحابة في حياته، بل وبعد وفاته، وقد اتفق المفسرون أن جماعة من عظماء الصحابة ” كعبد الله بن عباس، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وعمران بن الحصين، وابن مسعود، وأبي بن كعب، وغيرهم كانوا يفتون بإباحتها ويقرؤون الآية المتقدمة هكذا: “فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى”، ومما ينبغي القطع به أن ليس مرادهم التحريف في كتابه جل شأنه والنقص منه – معاذ الله- بل المراد بيان معنى الآية على نحو التفسير الذي أخذوه من الصادع بالوحي ومن أنزل عليه ذلك الكتاب الذي لاريب فيه، وعلى أي فالإجماع بل الضرورة في الإسلام قائمة على ثبوت مشروعيتها، وتحقق العمل بها”.[97]
ومذهب جمهور علماء أهل السنة إلى أنه r رخص في المتعة ثم نهى عنها، واستمر النهي، ونسخت الرخصة، وقد روى الصحابة رضي الله عنهم في ذلك عدة أحاديث منها:
ما رواه الإمام مسلم عن الربيع بن سبرة الجهني أن أباه حدثه أنه كان مع النبي r فقال: “يا أيها الناس إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئًا”، وعن سبرة قال: “أمرنا رسول الله r بالمتعة عام الفتح حين دخلنا مكة، ثم لم نخرج منها حتى نهانا عنها”.[98]
وعن علي بن أبي طالب t ” أن رسول الله r نهى عن نكاح المتعة، وعن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر”[99] إلى غير ذلك من الأحاديث التي تفيد أن النهي كان متأخرًا عن النبي r.
ويقول النووي: “والصواب المختار أن التحريم والإباحة كانا مرتين، وكانت حلالًا قبل خيبر، ثم حرمت يوم خيبر، ثم أبيحت يوم فتح مكة وهو يوم أوطاس، لاتصالهما، ثم حرمت يومئذ بعد ثلاثة أيام تحريمًا مؤبدًا إلى يوم القيامة، واستمر التحريم. ولا يجوز أن يقال: إن الإباحة مختصة بما قبل خيبر، والتحريم يوم خيبر للتأبيد، وأن الذي كان يوم الفتح مجرد توكيد التحريم من غير تقدم إباحة يوم الفتح كما اختاره المازري والقاضي؛ لأن الروايات التي ذكرها مسلم في الإباحة يوم الفتح صريحة في ذلك، فلا يجوز إسقاطها، ولا مانع يمنع تكرير الإباحة. والله أعلم، قال القاضي[100]: واتفق العلماء على أن هذه المتعة كانت نكاحًا إلى أجل لا ميراث فيها، وفراقها يحصل بانقضاء الأجل من غير طلاق، ووقع الإجماع بعد ذلك على تحريمها من جميع العلماء إلا الروافض، وكان ابن عباس -رضي الله عنه- يقول بإباحتها، وروي عنه أنه رجع عنه”.[101]
ويقول الحافظ في الفتح: إنه لا يصح من روايات الإذن بالمتعة شيء بغير علة إلا في غزوة الفتح؛ وذلك لأن الإذن في عمرة القضاء لا يصح؛ لكونه من مراسيل الحسن ومراسيله ضعيفة؛ لأنه كان يأخذ عن كل أحد، وعلى تقدير ثبوته فلعله أراد أيام خيبر؛ لأنهما كانا في سنة واحدة كما في الفتح وأوطاس؛ فإنهما في غزوة واحدة، ويبعد كل البعد أن يقع الإذن في غزوة أوطاس بعد أن يقع التصريح في أيام الفتح قبلها؛ فإنها حرمت إلى يوم القيامة، وأما في غزوة خيبر فطريق توجيه الحديث وإن كانت صحيحة ولكنه قد حكى البيهقي عن الحميدي أن سفيان كان يقول: إن قوله في الحديث “يوم خيبر ” يتعلق بالحمر الأهلية لا بالمتعة، وذكر السهيلي أن ابن عيينة روى عن الزهري بلفظ: “نهى عن أكل الحمر الأهلية عام خيبر، وعن المتعة بعد ذلك أو في غير ذلك اليوم”.[102]
إذن فقد صح التحريم المؤبد عن النبي r، كما صرح بذلك جماعة من الصحابة -رضوان الله عليهم- وأجمع عليه جمهور العلماء، ولم يخالف في ذلك إلا الشيعة، مستندين في ذلك على روايات لا تصح عن بعض الصحابة -رضوان الله عليهم- وروايات أخرى عن الأئمة أغلبها مختلق موضوع .
يقول الإمام الشوكاني: “وجب المصير إليه حديث سبرة الصحيح المصرح بالتحريم المؤبد، وعلى كل حال فنحن متعبدون بما بلغنا عن الشارع، وقد صح لنا عنه التحريم المؤبد، ومخالفة طائفة من الصحابة له غير قادحة في حجيته ولا قائمة لنا بالمعذرة عن العمل به،كيف والجمهور من الصحابة قد حفظوا التحريم وعملوا به ورووه لنا حتى قال ابن عمر فيما أخرجه عنه ابن ماجه بإسناد صحيح: “إن رسول اللهr أذن لنا في المتعة ثلاثًا ثم حرمها، والله لا أعلم أحدًا تمتع وهو محصن إلا رجمته بالحجارة”.[103]
الخاتمة :
- الاختلاف في فهم النصوص وقع في الأمة زمن النبي r وزمن الصحابة -رضوان الله عليهم- وفي القرون المفضلة، وكان الخلاف في ذلك مستساغًا مقبولًا؛ لأنه لا يعدو أن يكون اختلافًا في فروع الشريعة وأحكامها الجزئية، واختلافًا ناتجًا عن اجتهاد مقبول.
- هذا الاختلاف الذي وقع بين الصحابة -رضوان الله عليهم- سواء في حياة النبيr أو بعد وفاته، كان اختلافًا محمودًا، له أسباب تبرره، ولم يؤدِّ بهم إلى النزاع والشقاق، ولم ينكر بعضهم على بعض.
- الخلاف في العقائد لم يظهر من قبل الصحابة -رضوان الله عليهم- وإنما ظهر بعد عصرهم، خصوصًا بعد فتنة مقتل علي -رضي الله عنه- حيث ظهرت كثير من الفرق الكلامية، والطوائف الباطلة التي اكتست بثوب الحق، فأرادت الطعن في الإسلام، وفي صحابة النبي r الكرام .
- هذه الطوائف المبتدعة أظهرت مجموعة من العقائد الباطلة، التي لم يتدين بها النبي rولا صحابته الكرام -رضي الله عنهم- كما اجتهد أصحاب هذه الطوائف في الاستدلال على عقائدهم الباطلة بظاهر القرآن الكريم، فلما أعياهم ذلك يمموا شطرهم صوب السنة النبوية، التي لم يجدوا في صحيحها ما يستدلون به على عقائدهم، فاتجهوا إلى الضعيف والموضوع، ولي أعناق النصوص حتى توافق معتقداتهم.
- الاختلاف في العقائد كان له الأثر البارز على الجانب الفقهي عند هذه الفرق، خصوصًا عند الشيعة الذين كان للعقائد الكلامية عندهم أثر بارز في تأويل نصوص الأحكام، فخالفوا جمهور المسلمين في كثير من المسائل الفقهية؛ بسبب اعتمادهم على ظاهر القرآن، وعدم اعتمادهم على نصوص السنة الثابتة عن النبي r، بل أخذوا بالأحاديث الموضوعة؛ لاشتهار الوضع فيهم، وكثير من الروايات المنسوبة لأهل البيت، التي تخالف صحيح السنة النبوية، فجاؤوا بمسائل فقهية مخالفة لجمهور المسلمين في أغلب الأبواب الفقهية.
- أما الخوارج فقد خالفوا الجمهور في كثير من المسائل الفقهية، حيث استدلوا على المسائل التي خالفوا فيها بظاهر القرآن، وأعرضوا عن كثير من نصوص السنة المفسرة للقرآن والموضحة له، فجاؤوا بأحكام فقهية مخالفة لما عليه جمهور المسلمين، فقالوا بجواز الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها، وعدم ثبوت الرجم على الزاني المحصن، وغير ذلك من الأقوال التي اعتمدوا فيها على ظاهر القرآن، معرضين عن السنة الصحيحة الصريحة .
/قائمة المصادر والمراجع /
- الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ومجانبة الفرق المذمومة للشيخ للإمام أبو عبد الله عبيد الله ابن محمد بن بطة. تحقيق ودراسة رضا بن نعسان معطي، دار الراية للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 1409هـ/1988م.
- الإتقان في علوم القرآن “جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي”، دار الكتاب العربي .1416هـ/1999م.
- الاجتهاد في الشريعة الإسلامية،” الدكتور يوسف القرضاوي “، مكتبة وهبة، الطبعة الخامسة 1426هـ/2005م.
- إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام، لابن دقيق العيد. دار طيبة للطباعة والنشر .
- الإحكام في أصول الأحكام، للآمدي. دار الكتب العلمية –بيروت –لبنان.
- أدب الاختلاف في الإسلام،”د طه جابر فياض العلواني “- سلسلة كتاب الأمة .9.الطبعة الأولى.
- أدب الإملاء والاستملاء، عبد الكريم بن محمد بن منصور أبو سعيد التميمي السمعاني .
- إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول،” للإمام الحافظ محمد علي بن محمد الشوكاني”، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 1418هـ/1998م .
- أصل الشيعة وأصولها مقارنة مع المذاهب الأربعة، الإمام الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء. دار الأضواء .
- أصول الفقه ” لمحمد معروف الدواليبي ” .
- أصول الفقه الإسلامي،” د. وهبة الزحيلي”، دار الفكر المعاصر بيروت –لبنان، الطبعة الثانية 1418هـ/1998م .
- أصول مذهب الشيعة الإمامية عرض ونقد . د.” ناصر عبد الله بن علي القفاري”. دار الرياض للطباعة والنشر، الطبعة الثانية 1415هـ/1994م.
- أصول وتاريخ ظهور الفرق الإسلامية، مصطفى بن محمد بن مصطفى .
- أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، “للشيخ محمد الأمين بن محمد المختار الشنقيطي”. دار الفكر طبعة سنة 1415هـ/1995م .
- الاعتصام “لأبي إسحاق الشاطبي إبراهيم بن موسى اللخمي الغرناطي المالكي “،دار ابن الهيثم – القاهرة الطبعة الأولى 1427هـ/2002م.
- إعلام الموقعين عن رب العالمين “لابن القيم” دار الجيل، بيروت لبنان.
- الانتقاء في فضائل الأئمة الثلاثة الفقهاء، “لابن عبد البر”، دار الكتب العلمية، بيروت –لبنان.
- بداية المجتهد ونهاية المقتصد،” للإمام القاضي أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد القرطبي الأندلسي ” دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، طبعة 1419هـ/1998م .
- بذل المجهود في إثبات مشابهة الرافضة لليهود، عبد الله الجميلي، مكتبة الغرباء، المدينة المنورة، الطبعة الثانية،1414هـ/1994م.
- جامع بيان العلم وفضله، لابن عبد البر، تحقيق: أبو الأشبال الزهيري، دار ابن الجوزي; سنة النشر: 1414 – 1994
- تاريخ الخلفاء الراشدي ( أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه – شخصيته وعصره ) ،” د. علي محمد محمد الصلابي، دار ابن كثير، دمشق – بيروت، الطبعة الثالثة 1426هـ/2005م.
- تاريخ الخلفاء الراشدين ( تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان رضي الله عنه )،” د .علي محمد محمد الصلابي” . دار ابن كثير، دمشق – بيروت، الطبعة الثالثة 1426هـ/2005م.
- تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي،” محمد بن عبد الرحيم المباركفوري “، دار الكتب العلمية.
- ترتيب المدارك وتقريب المسالك في معرفة أعيان مذهب مالك، “للقاضي عياض “طبعة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامي، الرباط.
- تفسير التحرير والتنوير،” محمد الطاهر ابن عاشور “، دار سحنون للطباعة والنشر .
- تفسير القرآن العظيم، “للإمام أبي الفداء الحافظ ابن كثير الدمشقي “،دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى1420هـ/2000م .
- التفسير والمفسرون. “محمد حسين الذهبي”، مكتبة وهبة، الطبعة السابعة 1421هـ/2000م.
- تيسير العلام شرح عمدة الأحكام، عبد الله بن عبد الرحمن البسام .مكتبة الأسدي، مكة المكرمة .الطبعة الخامسة 1423هـ/2003م.
- الجامع الصحيح للإمام أبي عبد الله محمد بن اسماعيل البخاري، نشر المكتب التجاري للطباعة والنشر والتوزيع.
- جامع بيان العلم وفضله، لابن عبد البر .دار الفكر، بيروت –لبنان.
- الجامع لأحكام القرآن للقرطبي .دار إحياء التراث العربي، بيروت –لبنان.
- الحديث والمحدثون أو عناية الأمة الإسلامية بالسنة النبوية،” محمد محمد أبو زهرة ” – شركة الطباعة العربية السعودية المحدودة .الرياض. الطبعة الثانية .1404هـ/1984م.
- حقبة من التاريخ، عثمان الخميس، دار الإيمان للطباعة والنشر و التوزيع .الإسكندرية .
- الخوارج أول فرقة في تاريخ الإسلام، مناهجهم وأصولهم وسماتهم، قديما وحديثا، موقف السلف منهم،، د.” ناصر بن عبد الكريم العقل” دار إشبيلية للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى1419هـ/1998م .
- درء تعارض العقل والنقل .لابن تيمية أبي العباس تقي الدين أحمد عبد الحليم، تحقيق : محمد رشاد سالم، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية; سنة النشر: 1411 – 1991
- دراسات في الأهواء والفرق والبدع وموقف السلف منها،د. ناصر بن عبد الكريم العقل .مركز دار إشبيليا، الطبعة الأولى 1318هـ/1998م.
- الرسالة للإمام الشافعي تحقيق محمد سيد كيلاني، الطبعة الأولى القاهرة 1969م.
- سبل السلام شرح بلوغ المرام للصنعاني، تحقيق: محمد ناصر الدين الألباني; حالة الفهرسة: غير مفهرس; مكتبة المعارف; سنة النشر: 1427 – 2006
- سلسلة الأحاديث الصحيحة، “للشيخ محمد ناصر الدين الألباني”. مكتبة المعارف للنشر والتوزيع – الرياض، الطبعة الثانية 1428هـ/2007م.
- سنن ابن ماجه،” الحافظ أبو عبد الله محمد بن زيد القزويني ” دار الجيل للطباعة والنشر.
- سنن الترمذي ” لأبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة ” بتحقيق الشيخ أحمد محمد شاكر، دار الكتب العلمية بيروت –لبنان.
- سنن الدارمي، دار الفكر للطباعة والنشر. بيروت –لبنان.
- السنن الكبرى، “لأبي بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي “تحقيق محمد عبد القادر عطا. دار الكتب العلمية بيروت. لبنان.
- شرح أصول اعتقاد أهل السنة للآلكائي، تحقيق: أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي، دار طيبة – السعودية الطبعة: الثامنة، 1423هـ / 2003م
- شرح العقيدة الطحاوية. للعلامة صدر الدين علي بن علي بن محمد بن أبي العز الحنفي . دار ابن رجب – الطبعة الثانية 1424هـ/2003م.
- شرح العقيدة الواسطية، ” محمد بن صالح العثيمين. دار الهجرة للنشر والتوزيع.
- صحيح الإمام مسلم، تحقيق فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت –لبنان، الطبعة الثانية 1972م.
- صحيح الإمام مسلم بشرح النووي ” للإمام محي الدين أبي زكرياء يحيى بن شرف النووي ” دار الذهبية للطباعة النشر والتوزيع.
- ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي ـ د” سفر بن عبد الرحمن الحوالي”. دار الكلمة للنشر والتوزيع.
- عقيدة العصمة بين الإمام والفقيه عند الشيعة الإمامية. د” محمد أحمد الخطيب “.مكتبة الأقصى، عمان الأردن.
- العواصم من القواصم. أبو بكر بن العربي، تحقيق محب الدين الخطيب .مكتبة السنة، الطبعة السادسة 1412هـ .
- عون المعبود شرح سنن أبي داود، ” لمحمد شمس الحق العظيم أبادي”، دار الفكر، 1415هـ/1995م.
- فتح الباري شرح صحيح الإمام البخاري،” للإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ” دار الريان للتراث، سنة النشر 1407هـ/1986م.
- فتنة مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه، د “محمد بن عبد الله الغبان “مكتبة العبيكان، الرياض، الطبعة الأولى 1419هـ/1999م.
- الفرق بين الفرق ” عبد القاهر بن طاهربن محمد البغدادي الإسفرائيني، ت469.تحقيق محيي الدين عبد الحميد. المكتبية العصرية .
- الفصل في الملل والأهواء والنحل، “لابن حزم الظاهري “، دار صادر بيروت، الطبعة الأولى بالمطبعة الأدبية بمصر سنة1314هـ.
- فقه الاختلاف “مجدي القاسم “، دار الإيمان للطباعة والنشر والتوزيع، الإسكندرية.
- فقه السنة، للسيد سابق، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى 1422هـ/2002م.
- الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي ” محمد بن الحسن الحجوي الثعالبي الفاسي ت1376هـ/1957م” المكتبة العصرية –صيدا بيروت، الطبعة الأولى 1427هـ/2006م.
- القاموس المحيط . للفيروز آبادي. دار الكتب العلمية .
- كسر الصنم نقد أصول الكافي، أو ما ورد في الكتب المذهبية من الأمور المخالفة للقرآن والعقل.” آية الله العظمى أبو الفضل البرقعي ” ترجمة عبد الرحيم ملا زاده البلوشي . راجعه وعلق عليه وقدم له: عمر بن محمود أبو عمر. دار البيارق، الطبعة الأواى بالعربية، 1419هـ/1998م.
- الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل. لجار الله أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري، تحقيق الشيخ عادل أحمد عبد الموجود/ الشيخ علي محمد معوض. مكتبة العبيكان. الطبعة الأولى 1418هـ/1998م.
- الكفاية في علم الرواية. للخطيب لبغدادي. دار الكتب العلمية بيروت – لبنان.
- لسان العرب لابن منظور. دار صادر .بيروت.
- مجموع فتاوى ابن تيمية ” تقي الدين ابن تيمية “، مجمع الملك فهد، سنة النشر 1416هـ/1995م.
- معجم البلدان، لإمام شهاب الدين أبي عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي، دار صادر بيروت.
- مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين، محمد محي الدين عبد الحميد، المكتبة العصرية بيروت.
- المحدث الفاصل بين الراوي والواعي .للقاضي الحسن بن عبد الرحمن الرامهرمزي .تحقيق :محمد عجاج الخطيب .دار الفكر للطباعة والنشر، بيروت – لبنان، الطبعة الأولى 1391هـ /1881م.
- المدونة لسحنون المالكي، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى 1415هـ/1995م
- المذاهب الخمسة والمذهب الموحد،” القاضي محمد سويد “، دار التقريب بين المذاهب الإسلامية، الطبعة الثانية 1418هـ/1997م.
- المستدرك على الصحيحين. “للإمام الحاكم النيسابوري، دار الكتب العلمية، بيروت لبنان، الطبعة الأولى 1411هـ/1990م.
- المستصفى من علم أصول الفقه .أبو حامد محمد بن محمد الغزالي، دراسة وتحقيق :حمزة بن زهير حافظ .
- المسند للإمام أحمد بن محمد بن حنبل، دار الحديث القاهرة ـ تحقيق أحمد محمد شاكر . الطبعة الأولى 1416هـ/1995م.
- مع الإثني عشرية في الأصول والفروع ” علي أحمد السالوس “، دار الفضيلة بالرياض / دار الثقافة بقطر، الطبعة السابعة 1424هـ/ 2003م.
- مقدمة في أصول التفسير. لابن تيمية أبي العباس تقي الدين أحمد عبد الحليم .
- منهاج السنة النبوية. لابن تيمية أبي العباس تقي الدين أحمد عبد الحليم، تحقيق .د محمد رشالد سالم، طبعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
- منهج التلقي والاستدلال،” أحمد بن عبد الرحمان الصويان “سلسلة كتاب البيان،1422هـ/2001م.
- الموافقات في أصول الشريعة، “لأبي إسحاق الشاطبي إبراهيم بن موسى اللخمي الغرناطي المالكي “، دار المعرفة بيروت –لبنان، الطبعة السادسة 1425هـ/2004م .
- الموضوعات، الامام أبى الفرج عبد الرحمن بن على بن الجوزي. وتحقيق عبدالرحمن محمد عثمان. المكتبة السلفية بالمدينة المنورة. الطبعة الاولى 1388 ه – 1968 م.
- الصلة، لابن بشكوال، تحقيق: إبراهيم الإبياري، دار الكتاب المصري. القاهرة، دار الكتاب اللبناني، بيروت.
- – تاريخ قضاة الأندلس، لأبي الحسن النُباهي الأندلسي، دار الكتب العلمية. بيروت.
- الإحاطة في أخبار غرناطة، محمد بن عبد الله بن سعيد السلماني اللوشي الأصل، الغرناطي الأندلسي، أبو عبد الله، الشهير بلسان الدين ابن الخطيب، دار الكتب العلمية، بيروت)
- نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار من أحاديث سيد الأخيار، “محمد بن علي بن محمد الشوكاني “، مؤسسة التاريخ العربي.
- الوضع في الحديث، د “عمر بن حسن عثمان فلاته”، مكتبة الغزالي، دمشق / مؤسسة مناهل العرفان، بيروت، طبعة :1401هـ/1981م.
لتحميل جميع أعداد (مجلة المرقاة المحكمة) بنسخة Word + pdf :
https://drive.google.com/drive/folders/1ZDoZNZFySzrdmILoMtn-pZ0no9Lbh7VU?usp=sharing
[1] – رواه أبو داود في سننه ح3103، كتاب الأقضية. باب “في القاضي يخطئ” 9/4640. والترمذي في سننه ح1248. كتاب الأحكام عن رسول الله، باب “ما جاء في القاضي يصيب ويخطئ” 5/160.
[2] – أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التفسير. سورة آل عمران، باب: منه آيات محكمات، الحديث رقم: 4547 6/33 – ومسلم في صحيحه، كتاب: العلم، باب: النهي عن اتباع متشابه القرآن. 8/56.
[3] – أخرجه مسلم في صحيحه، الحديث رقم: 2666، كتاب: العلم، باب: النهي عن اتباع متشابه القرآن4/2053.
[4] – أخرجه الحاكم في المستدرك1/97. وابن ماجه، الحديث رقم:42، المقدمة، باب: اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين 1/71. وابن أبي عاصم في السنة1/17.
[5] – الحديث ذكره ابن كثير رحمه الله في تفسيره، وقال: وهذا رواه ابن مردويه، وهو غريب أيضًا ولا يصح رفعه 2/171.
[6] -الاعتصام2/232. دار ابن الهيثم، تحقيق فارس بن فتحي ابن إبراهيم.
[7] – لسان العرب لابن منظور باب “جهد” 3/133، دار صادر بيروت.
[8]– الإحكام في أصول الأحكام للآمدي 3/139، دار الكتب العلمية، بيروت. لبنان.
[9]– الموافقات في أصول الشريعة 4/477، تحقيق: الشيخ إبراهيم رمضان، دار المعرفة، بيروت. لبنان.
[10] – إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول، للشوكاني 2718-719، تحقيق: شعبان محمد إسماعيل، دار السلام.
[11] – أصول الفقه الإسلامي، وهبة الزحيلي2/1080، دار الفكر المعاصر بيروت، لبنان الطبعة الثانية 1418هـ/1998م.
[12] – المستصفى في أصول الفقه، أبو حامد الغزالي .2/370، تحقيق: حمزة بن زهير حافظ، شركة المدينة المنورة للطباعة .
[13]– أصول الفقه الإسلامي، وهبة الزحيلي 2/1119
[14] – لسان العرب لابن منظور باب ” هواء ” 15/371
[15]– الموافقات في أصول الشريعة- الشاطبي، 4/ 546.
[16] -تفسير ابن كثير .4/113، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى.
[17] – سنن أبي داود الحديث رقم: 3981، كتاب السنة، باب ” شرح السنة ” 2/196 – وأحمد في مسنده الحديث رقم: 16329 .34/292. وصححه الألباني في صحيح الجامع ” 2641″
[18] – أخرجه الإمام البخاري في صحيحه، الحديث رقم :2410، كتاب الخصومات، باب: ما يذكر في الأشخاص والملازمة والخصومة بين المسلم واليهود، 3/120.
[19] – أخرجه البخاري بلفظ “أردك هذه الأمة قبل أن يختلفوا اختلاف اليهود والنصارى” في كتاب فضائل القرآن، باب جمع القرآن، الحديث رقم :3987. 6/183
[20] – اقتضاء الصراط المستقيم، 1/ 127 -129. تحقيق: ناصر بن عبد الكريم العقل، دار إشبيليا للنشر والتوزيع.
[21] – الإبانة لابن بطة رقم 371
[22] – الإبانة ابن بطة، رقم 383، والدارمي في سننه .1/110
[23] – سنن الدارمي، ح405 باب” اجتناب أهل الأهواء ” 1/440
[24] -ترتيب المدارك وتقريب المسالك للقاضي عياض .1/52، طبعة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامي، الرباط.
[25] – الإعتصام- الشاطبي، ص 386.
[26]– إعلام الموقعين- ابن القيم 1/76، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد دار الجيل، بيروت لبنان.
[27] – فتح الباري شرح صحيح البخاري- ابن حجر، 13/491
[28] – مقدمة في أصول التفسير 139، دار مكتبة الحياة، بيروت، لبنان.
[29] – مقالات الإسلاميين، 1/55.54. المكتبة العصرية بيروت.
[30] – الخوارج أول فرقة في التاريخ، د ناصر بن عبد الكريم العقل، ص3، دار إشبيلية للنشر والتوزيع.
[31] – دراسات في الأهواء والفرق والبدع، د. ناصر بن عبد الكريم العقل، ص161-163، مركز دار إشبيليا.
[32]– تاريخ الخلفاء الراشدين ( تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان رضي الله عنه ) علي محمد محمد الصلابي، 3/375، دار ابن كثير، دمشق – بيروت
[33]– الكفاية في علم الرواية، الخطيب البغدادي، ص 363، دار الكتب العلمية بيروت – لبنان.
[34] – نفس المصدر، ص33
[35] – الكفاية في علم الرواية، الخطيب البغدادي، ص189. دار الكتب العلمية بيروت – لبنان.
[36] – أخرجه البخاري في صحيحه، ح 2279، كتاب المظالم والغصب. باب ” إذا خاصم فجر ” .8/3340 – ومسلم في صحيحه ح 88، باب ” خصال النفاق ” .1/190.
[37] – أخرجه البخاري في صحيحه، ح 1209، كتاب الجنائز، باب ” ما يكره من النياحة على الميت ” .5/37. ومسلم في صحيحه، ح 4 باب” تغليظ الكذب على رسول الله r ” 1/12
[38] – صحيح الإمام مسلم، 1/27.
[39] – الحديث والمحدثون، محمد محمد أبو زهرة، ص269، شركة الطباعة العربية السعودية المحدودة، الرياض.
[40] – تاريخ الخفاء، ص194
[41] – منهاج السنة النبوية، 1/69، تحقيق: محمد رشالد سالم، طبعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
[42] -الكفاية في علم الرواية، للخطيب لبغدادي 194-195.
[43]– كسر الصنم، ص 144، ترجمة عبد الرحيم ملا زاده البلوشي، راجعه وعلق عليه وقدم له: عمر بن محمود أبو عمر. دار البيارق.
[44]– الكفاية، الخطيب البغدادي ص207.
[45] – منهاج السنة النبوية، ابن تيمية، 4/205.
[46] – المحدث الفاصل، الرامهرمزي، ص416، تحقيق :محمد عجاج الخطيب .دار الفكر للطباعة والنشر، بيروت – لبنان.
[47] – الموضوعات، ابن الجوزي 1/272، تحقيق: عبد الرحمن محمد عثمان، المكتبة السلفية بالمدينة المنورة.
[48]– الوضع في الحديث، د عمر بن حسن عثمان فلاته، 1/256، مكتبة الغزالي، دمشق / مؤسسة مناهل العرفان، بيروت
[49]– انظر الموضوعات، لابن الجوزي .1/37-38، ومختصر الكامل في الضعفاء وعلل الحديث لابن عدي ص:62، تحقيق: محمد حسن محمد حسن إسماعيل، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان
[50] – أدب الإملاء والاستملاء، للسمعاني ص13.
[51]– منهاج السنة النبوية، ابن تيمية، 7/24.
[52] -منهاج السنة النبوية، ابن تيمية، 7/37
[53] -عقيدة العصمة عند الشيعة، محمد الخطيب، ص: 4، مكتبة الأقصى، عمان الأردن.
[54] -أصول مذهب الشيعة الإمامية عرض ونقد د ناصر عبد الله بن علي القفاري: 2 / 787، دار الرياض للطباعة والنشر.
[55] -التفسير والمفسرون د محمد حسين الذهبي: 2 /238، مكتبة وهبة، الطبعة السابعة.
[56] -التفسير والمفسرون، الذهبي:2 /226.
[57] – حَرُوراء بفتحتين، وسكون الواو، وراء الأخرى، قرية بظاهر الكوفة، وقيل: موضع على ميلين منها نزل به الخوارج الذين خالفوا علي بن أبي طالب t فنسبوا إليها، وبها كان أول تحكيمهم واجتماعهم حين خالفوا عليه. معجم البلدان ص:235، حرف الحاء، باب: الحاء والراء وما يليهما 2/235للإمام شهاب الدين الحموي الرومي، دار صادر بيروت.
[58] – صحيح الإمام مسلم، الحديث رقم: 508، كتاب الحيض، باب “وجوب قضاء الصوم على الحائض” -2/332
[59] -نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار للشوكاني 2/229، مؤسسة التاريخ العربي.
[60] -شرح صحيح الإمام مسلم، للنووي 2/45.46
[61] -نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار، للشوكاني 2/228
[62] -تيسير العلام شرح عمدة الأحكام، للبسام 2/61، مكتبة الأسدي، مكة المكرمة.
[63] – رواه الإمام البخاري في صحيحه، كتاب النكاح، باب “لا تنكح المرأة على عمتها “ح4718-6/63، ورواه الإمام مسلم في صحيحه، كتاب النكاح، باب: “تحريم الجمع بين المرأة وعمتها ” ح2514 -7/205
[64] -سبل السلام شرح بلوغ المرام، للصنعاني 4/475، تحقيق: محمد ناصر الدين الألباني: حالة الفهرسة: غير مفهرس، مكتبة المعارف.
[65] -شرح صحيح الإمام مسلم للنووي 5/90، دار الذهبية للطباعة النشر والتوزيع.
[66] -رواه مسلم في صحيحه، ح 2590، كتاب النكاح، باب “لاتحل المطلقة ثلاثًا لمطلقها حتى تنكح زوجًا غيره” 7/294
[67] -نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار للشوكاني، 10/308
[68] -نفس المرجع 10/309
[69] -فقه السنة للسيد سابق 2/276. مؤسسة الرسالة .
[70] -رواه البخاري في صحيحه ح4851، كتاب الطلاق، باب “إذا طلقت الحائض تعتد بذلك” 6/294
[71] -نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار، للشوكاني 6/252
[72] -تيسير العلام شرح عمدة الأحكام، للبسام 1/12
[73]– مع الإثني عشرية في الأصول والفروع، ” علي أحمد السالوس ” ص:927. دار الفضيلة بالرياض / دار الثقافة بقطر.
[74] – مع الإثني عشرية في الأصول والفروع، ” علي أحمد السالوس ” ص 913
[75] – شرح صحيح الإمام مسلم، للنووي 1/427
[76]– فتح الباري شرح صحيح البخاري، لابن حجر 1/273، دار الريان للتراث .
[77] – نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار، للشوكاني 1/191
[78] – مع الإثني عشرية في الأصول والفروع، “علي أحمد السالوس ” ص915
[79] – أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الطهارة: باب المسح على الناصية والعمامةح247، 1/231.
[80]– تيسير العلام شرح عمدة الأحكام، للبسام 1/391
[81] – شرح صحيح الإمام مسلم، للنووي 1/391
[82] – مع الإثني عشرية في الأصول والفروع، ” علي أحمد السالوس ” ص 225.226/ المذاهب الخمسة والمذهب الموحد، للقاضي محمد سويد ص 60
[83] – الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي 6/91
[84] – مع الإثني عشرية في الأصول والفروع، ص940
[85] – شرح صحيح الإمام مسلم للنووي، 1/373
[86] – المدونة لسحنون 1/12، دار الكتب العلمية.
[87] – مع الإثني عشرية في الأصول والفروع .ص 975
[88] -نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار للشوكاني . 2/410
[89] – مع الإثني عشرية في الأصول والفروع . ص988/989.
[90] – المدونة الكبرى، لسحنون المالكي 1/71.
[91] – بداية المجتهد ونهاية المقتصد، ابن رشد، 1/146.
[92] -نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار، للشوكاني 4/119.
[93] – رواه البخاري في صحيحه، كتاب تفسير القرآن، باب “وقوموا لله قانتين” أي مطيعين ح 4170 . 3/487 – ورواه الترمذي في سننه، باب “ما جاء في نسخ الكلام في الصلاة ” .ح 370.2/173.
[94] – رواه البخاري في صحيحه، كتاب الجمعة، باب “ما ينهى عنه من الكلام في الصلاة “، ح1124، 4/393، و مسلم في صحيحه، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ” تحريم الكلام في الصلاة نسخ ما كان من إباحته “، ح 837. 3/141
[95] – سبل السلام شرح بلوغ المرام للصنعاني 4/483
[96] – مع الإثني عشرية في الأصول والفروع، علي أحمد السالوس .ص1055
[97] – أصل الشيعة وأصولها، الإمام الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء، ص 196، دار الأضواء .
[98] – صحيح الإمام مسلم، ح2502، كتاب النكاح، باب “باب نكاح المتعة وبيان أنه أبيح ثم نسخ ثم أبيح ثم نسخ” 7/192
[99] – صحيح الإمام مسلم، ح 2511،كتاب النكاح، باب ” باب نكاح المتعة وبيان أنه أبيح ثم نسخ ثم أبيح ثم نسخ” 7/201
[100] – المقصود به القاضي عياض، و هو عياض بن موسى بن عياض بن عمرو ن بن موسى بن عياض بن محمد ابن عبد الله بن موسى بن عياض اليحصيبي السبتي، ولد في منتصف شعبان سنة ست وسبعين وأربعمائة، العالم المتقن، المحدث الحافظ، اشتغل بالحديث والرواية، من آثاره “إكمال المعلم في شرح صحيح مسلم، والإلماع في علوم الحديث وشواهده، والإعلام بحدود وقواعد الإسلام، وترتيب المدارك في أعلام مذهب مالك، والشفا بتعريف حقوق المصطفى، وغيرها من المؤلفات الحسان”، وتوفي رحمه الله بمراكش سنة أربع و أربعين وخمسمائة (انظر الصلة،1/453 تحقيق :إبراهيم الإبياري، دار الكتاب المصري . القاهرة، دار الكتاب اللبناني، بيروت. تاريخ قضاة الأندلس :132، لأبي الحسن النُباهي الأندلسي، دار الكتب العلمية. الإحاطة :3/413 لسان الدين ابن الخطيب، دار الكتب العلمية، بيروت)
[101] – شرح صحيح الإمام مسلم .5/76
[102] – فتح الباري شرح صحيح الإمام البخاري .14/367
[103] – نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار للشوكاني 10/21