أحمد يعقوب أحمد بزيد

ملخص

إن إعلان الحرب في الإسلام يمكن أن يكون ضمن دائرة الأحكام التكليفية الطلبية، ولذا لا نكاد نجد كتابًا فقهيًّا إلا ويتحدث عن حكم الجهاد أو القتال الذي يمكن أن يعدَّ إعلان الحرب خطوته الأولى؛ بوصفه فريضة أو واجبًا أو نحو ذلك من الأحكام، كما يمكن أن يكون خارجًا عن دائرة الطلب التكليفي المباشر، ومن ثم فإنه في هذه الحال أقرب للتخيير أو لأحكام الوضع. وقد رجح لدى الباحث الاحتمال الأخير، الذي ينبني عليه أن إعلان الحرب متروك لمن له الصلاحية بناء على النظر في المصالح والتقدير العسكري والتدبير السياسي. وبإمكاننا أن نقول بناء على هذه القاعدة أن الله تعالى ورسوله الكريم لم يعلنوا الحرب على أحد بشكل أبدي مفتوح، ولم يطلبوا قتال عدو معين في وقت معين في مكان معين، وإنما ترك صاحب الشرع أمر ذلك كله لصاحب الحق بناء على اجتهاده واجتهاد غيره من أهل الاختصاص.

Abstract

The declaration of war in Islam is outside the demand، but is left to those who have the power based on the consideration of interests and military appreciation and political management. On this basis، we can say that Allah and His Noble Messenger peace be upon him did not declare war on anyone in an everlasting manner. They did not ask for fighting a particular enemy at a specific time in a given place.

مقدمة

قبل سنوات كتبت مقالًا بعنوان “إن الله لا يأمر بالحرب” رأيت فيه أن نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية لم تلزم المسلمين بابتداء شن الحرب ضد أحد من المسلمين ولا من غيرهم، وإنما شرعت الحرب والقتال والجهاد عند الضرورة أو الحاجة أو المصلحة، وتركت تقدير كل ذلك لأهل الاختصاص في كل عصر وفي كل مصر.

ثم ظهر للباحث أن الفكرة تحتاج إلى بحث واستدلال فأردت أن أدرس الموضوع دراسة علمية بشكل أعمق، فحاولت ذلك في هذه الورقات مقتفيًا أقوال العلماء وآراء المفكرين في مسألة حكم الجهاد عمومًا، والحرب خصوصًا، وإعلان الحرب بشكل أخص. ولا أدعي السبق المطلق في هذا المجال، فما من كتاب فقهي إلا ويمر على مسألة حكم الجهاد أو القتال بشيء من الإجمال أو بشيء من التفصيل. كما لا نكاد نجد كاتبًا ولا عالماً كتب في موضوع الجهاد في العصر الحديث إلا وخصص لهذا المبحث وما يترتب عليه كتابًا أو مبحثًا أو مباحث مما كتب، وإن كان كثير من تلك المراجع لا يخلو من شيء من الميل إلى الرأي المخالف لهذا البحث بوصفه الجهاد أو القتال بأنه فرض مثل فرض الصلاة والصيام، كما أن منها ما ينحو منحى دفاعيًّا تبريريًّا ربما تغيب فيه ذروة سنام الإسلام من الأساس. ومن أكثر الكتب التي وقفت عليها شمولًا واعتدالًا في الموضوع -وإن كانت تختلف في كثير من التفاصيل- كتابا الجهاد لكلٍ من الدكتور يوسف القرضاوي والدكتور محمد سعيد البوطي، ورغم مرورهما على الموضوع فلا أرى أن ما كتباه -على مكانته- يغني عن هذا البحث؛ لأنه لم يوافق أحدهما في جميع ما قاله على وجه العموم، كما أنهما لم يفصلا المسألة بما فيه الكفاية؛ نظرًا لعموم الكتابين، ونظرًا لخصوص قضية هذا البحث التي لم أجد من كَتَب فيها على سبيل الاستقلال.

وقد حاول البحث أن يعود إلى ما قبل كتب الفروع الفقهية؛ ليتتبع النصوص الشرعية الأساسية الواردة في تشريع الجهاد والحرب والقتال؛ لأستبين معناها الدقيق وتوجيهها السليم، وأستنبط منها الحكم الشرعي الصحيح للحرب في الإسلام، مستعينًا في ذلك بأقوال بعض الفقهاء الأقدمين والمفكرين المعاصرين في النصوص الشرعية الواردة في المجال.

ولا أدلَّ على أن كثيرًا من تلك النصوص غير صريح ما نجده في التطبيق العملي من خلال سرايا النبي r  وغزواته وجهاد أصحابه، فإنها تدل بوضوح على الفرق بين آيات التشريع وآيات التحريض على القتال، وإلا فلماذا كان r يستشير صحابته أو بعضهم على الأقل في إعلان الحرب قبل خوض الحرب إذا كانت معلنة أصلاً بنص القرآن؟ ولماذا صح السلم والمعاهدة بين المسلمين وأعدائهم باتفاق الجميع إذا كان القرآن قد أعلن الحرب الأبدية المطلقة؟

هذه هي فكرة البحث بشكل مختصر، وأما من حيث التفصيل فقد قسمته إلى ثلاثة مباحث:

الأول منها حول: الجهاد: تعريفه لغة وعرفًا واصطلاحًا، وتصنيفه ضمن تصرفات النبي r.

والثاني: خصصته لحكم الجهاد، وأهم الأقوال والآراء فيه، وهل هو ضمن الأحكام التكليفية أو ليس منها؟ وهل هو فرض أم ليس بفرض؟ وعلى أنه فرض هل هو عين أو كفاية؟

وختمت بمبحث أخير ثالث حول الجهاد والتدبير السياسي في السيرة النبوية برهنت من خلاله على أن كثيرًا من غزوات النبي r كانت مبنية على الاجتهاد والتقدير والنظر لا على النص والأمر والتكليف.

المبحث الأول: الجهاد: تعريفه وتصنيفه

لا يمكن أن نحكم على الجهاد قبل تعريفه وتصور حقيقته اللغوية والشرعية والعرفية، وبعد ذلك معرفة طبيعته التشريعية وموقعه بين تصرفات النبي r.

المطلب الأول: حقيقة الجهاد

إن المتتبع لدلالات كلمة “جهاد” يجد أن دلالاتها تطورت عبر الأعراف اللغوية وعلى مر الأزمان والعصور.

أولًا: الدلالة اللغوية العامة لكلمة “جهاد”: لا يختلف اثنان في أن الأصل اللغوي العربي لكلمة جهاد مشتق من أصل (ج ه د) الذي “يعني المشقة ثم يحمل على ما يقاربها”[1]، ومن هذا المعنى يمكن أن نقول: إن أي صرف للوسع مهما كان موضوعه يمكن أن يوصف بإحدى مشتقات هذه الكلمة. ولم يشر ابن فارس في هذه الخلاصة إلى تمييز المعنى الحقيقي من المجازي صراحة إلا أن تعبيره بـ”ثم يحمل” يشير إلى حدود الحقيقة والمجاز في هذا الأصل اللغوي، ويوضح المعنى الأصلي والمعنى المنقول إليه.

ثانيًا: النقلة القرآنية لكلمة “جهاد”: وصف القرآن الكريم كثيرًا من الأعمال الصالحة الفعلية والقولية والقلبية بأنها جهاد، ولذا يمكن أن نقول إن القرآن الكريم نقل الكلمة من المعنى اللغوي العام المجرد الذي هو مطلق بذل الجهد إلى معنى خاص أكثر تحديدًا وإن كان شاملًا لأصناف متعددة، ولذا قسم الراغب الأصبهاني هذا المعنى القرآني إلى “ثلاثة أضرب: مجاهدة العدو الظاهر، ومجاهدة الشيطان، ومجاهدة النفس وتدخل كلها في قوله تعالى: (وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ۚ )[2][الحج: 78] ونظرًا لهذا المعنى الشامل نجد من العلماء من عرف الجهاد شرعًا بما يشير إلى هذه المعاني دون التصريح بما إذا كان شمولها لهذه المعاني من باب التواطؤ، أو من باب الاشتراك، أو من باب المجاز. وقول ابن القيم إن “جهاد الكفار أخص باليد، وجهاد المنافقين أخص باللسان”[3] يشير إلى نوع من الاشتراك، وقول ابن حجر إنه “شرعًا: بذل الجهد في قتال الكفار، ويطلق أيضًا على مجاهدة النفس والشيطان”[4] يمكن أن يحمل على أنه حقيقة في الأول مجاز في الآخر، كما يحتمل أن يكون حقيقة في المعنيين على وجه التواطؤ أو الاشتراك. ومما يشير إلى الاشتراك والتواطؤ تقسيم من قسم معاني الجهاد في الاصطلاح الشرعي إلى معنيين[5]: الأول: الجهاد بالمعنى الضيق، وهو الجهاد الحربي أو العسكري، وهو استفراغ الوسع وبذل الجهد في مدافعة العدو، وله طرق مباشرة مثل القتال، وغير مباشرة مثل الإعانة عليه بالمال أو بالقول أو بالوسائل المعينة عليه. الثاني: الجهاد بالمعنى الواسع، وهو مقاومة المسلم لأهوائه، في السلم والحرب. فإذا جعلنا هذين المعنيين كلًا منهما مستقلاً عن الآخر نسبياً أصبح في المعنى اشتراك، وإذا قلنا إن المعنى واحد، وإنما قسم إلى قسمين باعتبار الدرجة يكون الأمر مجرد تواطؤ، ويكون معنى الكلمتين واحد.

ثالثًا: النقلة الفقهية لكلمة “جهاد”:  مع استقرار المصطلحات الفقهية أصبحت كلمة الجهاد تعني فيما تعني قتال العدو خاصة أو ما يتعلق به من وسائل، وعليه يمكن أن يقال: إن لفظ الجهاد نقله الفقهاء من المعنى العام الذي هو بذل الجهد واستفراغ الوسع” وقصره على معنى خاص هو بذل الوسع في القتال في سبيل الله مباشرة أو معاونة.”[6] وهناك من ضيق مدلوله أكثر فقصره على القتال المباشر خاصة فقال: إن الجهاد “شرعًا: بذل الجهد في قتال الكفار.”[7] وخصص بعضهم أكثر بإضافة مخصصات متعلقة بالأهداف والمقاصد العامة للجهاد في الفقه، فقال: إن “الجهاد مصطلح شرعي يراد به القتال في سبيل الله؛ لإقامة نظام عادل يلتزم بأحكام الشريعة، ويسعى لتحقيق أهداف الإسلام في المعمورة.”[8]

رابعًا: النقلة العرفية لكلمة “جهاد”: ننبه في هذه الفقرة أولًا إلى أن الدلالات والحقائق العرفية متعددة ومتقلبة، ولصعوبة تتبعها وعدم ضرورته هنا نكتفي بالدلالة العرفية لكلمة “جهاد” في هذا العصر، كما تنبغي الإشارة أيضًا إلى أن الحديث عن الدلالات العرفية للكلمات حديث وصفي لا يتضمن حكمًا ولا موافقة بالضرورة. ولا يخفى أن كلمة “جهاد” تنصرف في أذهان كثير من المسلمين إلى معناها القرآني أو الفقهي، إلا أننا نجدها في عرف كثر من البلدان التبست بمعاني سلبية مثل: الإرهاب والتطرف وغيرهما من المصطلحات المنقولة أو المترجمة.

وقد عرف معجم أكسفورد كلمة “جهاد” المنقولة من العربية بلفظها إلى الإنجليزية بما يمكن ترجمته بأنه “القتال ضد أعداء الإسلام” وهذا التعريف إلى حد ما موافق لما سبق من تعريفات غير أن المثال الذي ألحقه المعجم بالشرح يشير إلى ما نبهنا عليه من نقل معنى كلمة الجهاد في هذا العصر إلى غير ما كانت عليه من قبل، فقد قال ممثلًا: “أعلن الجهاد ضد الكفار”[9] ويمكن أن يفهم من المثال المكمل للتعريف أن الجهاد إعلان دائم للقتال ضد كل كافر، وهذه إحدى تغيرات معنى كلمة “جهاد” المعاصرة التي دخلت المعاجم الأجنبية. وفي المقابل نجد موسوعة لاروس الفرنسية –مثلًا- تعرف الجهاد تعريفًا أقرب للعرف الصوفي بأنه “جهاد النفس؛ للوصول إلى الكمال الأخلاقي أو الديني”[10] وهذا تعريف قرآني صحيح غير أن قصر المعنى عليه هو قصر عرفي خاص لا يتطابق مع المعنى المتداول للكلمة.

ولا تزال دلالات كلمة “جهاد” تنتقل نقلًا عرفيًّا حسب البلدان والأزمان والأحوال إلا أنني أستطيع أن أجزم -كما جزم كثيرون- بأن المعنى المتبادر للذهن عند تلقي هذه اللفظة ينصرف إلى العمل العسكري الصادر من مسلمين وما يتعلق به أولًا وقبل كل شيء، سواءً كان بحق أو بغير حق.

المطلب الثاني: تصنيف الجهاد

من قواعد الفقه والأصول الهامة قاعدة التفريق بين تصرفات النبي r بالفتيا والقضاء والإمامة وغيرها، وهذه القاعدة فصلها العلامة شهاب الدين القرافي وخصص لها أحد كتبه، وهو “الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام” وبين فيه -رحمه الله- أن تصرفات النبي r تقع تارة بالإمامة؛ لأنه الإمام الأعظم، وبالقضاء تارة؛ لأنه القاضي الأحكم، وبالفتيا أيضًا؛ لأنه المفتي الأعلم”[11]، وأضاف إليها التصرف بالتبليغ، ولا يكاد يوجد بينه وبين الفتوى فرق كبير.

وعرَّف كل واحد من هذه الأوجه الأربعة مع أمثلة من سيرة رسول الله r وسنته الصحيحة؛ فعرَّف تصرفه r بالفتيا بأنه هو إخباره عن الله بما يجده في الأدلة من حكم الله، وبين أن تصرفه عليه الصلاة والسلام بالتبليغ هو مقتضى الرسالة، فهو في هذا المقام مبلِّغ وناقل، وورث عنه هذا المقام المحدِّثون، قال: وبهذا يظهر الفرق بين المفتي والراوي[12] فالأول منشئ للحكم، والثاني ناقل للخبر. وعرَّف تصرفه بالحكم -صلوات الله وسلامه عليه- بأنه إنشاء وإلزام بحسب الحجاج.[13] ويقصد بالحكم هنا حكم القضاء، وعرَّف تصرفه بالإمامة بأنه ما يقوم به من حيث فوضت إليه السياسة العامة، وضبط المصالح، ودرء المفاسد[14]. ولا يخفى ارتباط هذا القسم بالنظر في ما يترتب عليه أو يتوقع أن يترتب عليه.

وفرق الإمام القرافي بين أنواع التصرفات من حيث التشريع بأن ما فعله عليه الصلاة والسلام بالإمامة؛ كإقامة الحدود لا يجوز الإقدام عليه إلا بإذن الإمام الحاضر، وما فعله بالحكم؛ كفسخ الأنكحة لا يقدم عليه إلا بحكم حاكم، ويقصد به القاضي، وأما تصرفه بالفتيا فهو شرع يتقرر على الخلائق إلى يوم الدين[15]، وأمره بعد النبوة موكول إلى أهل الاجتهاد والرسوخ في العلم والدين. وظاهر تقسيمه هنا أن التصرفات النبوية أربعة أقسام، وجعلها الشيخ ابن عاشور اثني عشر قسمًا[16]، لكنها في الحقيقة لا تخرج عن ثلاثة إذا نظرنا إليها من جهة المناط والحكم الذي حكم به الإمام القرافي، فالتبليغ والفتوى خاصان به r وبمن ورثه من النقلة والمجتهدين من وجه، ولكنهما من الجهة الثانية عامان لجميع المسلمين إلى ما شاء الله، والقضاء والإمامة خاصان بمحالهما من الجهتين، فلا يتصرف بهما إلا من كان قاضيًا أو إمامًا من أئمة المسلمين، ولا ينطبق حكمها إلا في الواقع محل النظر. ولا فرق بين القضاء والإمامة إلا أن القضاء أخص من الإمامة وهي أعم منه؛ لأن القضاء في النهاية نوع من أنواع الولاية.

ومن تصرفه r ما يتعين لأحد الأنواع إجماعًا[17]، وأكثره ينصرف للرسالة والفتيا؛ لأن وصف الرسالة غالب عليه r[18]، ومثاله إقامة الصلوات[19]، ومن تصرفه r ما اتفق على أنه بالإمامة مثل إقامة الحدود، ومنه المتفق على أنه بالقضاء كإلزام أداء الديون[20]، ويقع التردد في بعضه بين الثلاثة أو بعضها فيختلف العلماء من أي الأبواب هو؟[21]

وربما يكون سبب الخلاف في كثير من فروع الجهاد وأحكامه راجعًا إلى الخلاف في تصنيفه ضمن أحد هذه الأصناف، فإذا صنفناه ضمن التصرف التشريعي يكون الجهاد على العموم وإعلان الحرب على الخصوص حكمًا شرعيًّا تكليفيًّا لجميع الناس، شأنه في ذلك شأن الأمر بالصلاة والزكاة. وإذا صنفناه ضمن التصرف بالإمامة فإن إعلان الحرب يكون شأنًا تقديريًّا أقرب إلى أحكام الوضع منه إلى أحكام التكليف، ولذا يتصرف فيه الإمام بما يراه مناسبًا وأكثر ضمانًا للمصالح العامة. ومن الإشارات الدالة على الخلاف في هذا التصنيف منهج التبويب المتبع في المذاهب الفقهية، ففي الوقت الذي نجد فيه الاصطلاح المالكي يضع باب الجهاد خاتمة لأبواب العبادات، وفي ذلك ما يشير إلى ارتباطه بها وبأحكام التكليف، نجد الاصطلاح الشافعي في التبويب يضع أحكام الجهاد مع أبواب الحدود والعقوبات، وفي ذلك ما يشير إلى قربه لأحكام التأديبات وبعده عن أبواب العبادات.

والذي يظهر من كلام كثير من الفقهاء وتوجيههم لأقوال النبي r وأفعاله أن الجهاد بمعناه الخاص وما يتعلق به من نصوص وروايات يدخل ضمن أقوال وتصرفات النبي r التشريعية، وأن أغلب أصوله وفروعه لازمة بحكم الشرع الوارد بالوحي المنزل على رسول الله r العام لجميع المسلمين إلى يوم القيامة. ولهذا السبب لا نكاد نجد فقيهًا ولا صاحب رأي إلا ويصدِّر باب الجهاد بالحديث عن حكمه الشرعي الذي يكادون يجمعون على كونه فرضًا، وإنما يختلفون في مناط تلك الفرضية، وهل تنطبق على كل أنواع الجهاد أم يكفي أحدها كما يكفي في المطلق أحد “ماصدقاته” كما يختلفون في نوع الفرضية أهي على العين أم على الكفاية؟ كما يأتي التفصيل في المبحثين القادمين إن شاء الله.

وفي الواقع لا يمكن أن نجهل ولا أن نتجاهل عددًا كبيرًا من تصرفات النبي r في مجال الجهاد تحديدًا التي تدل -بما لا يدع مجالا للشك- على أن الجهاد على العموم أو على الأقل إعلان الحرب وبداية الغزو لا يمكن أن تكون ضمن الدائرة التشريعية التبليغية، وإنما ضمن التصرفات بالإمامة والحكم، وهذه الأحكام متروك تقديرها لصاحب الحق وللنظر في المصالح والمفاسد.

ويمكن أن يحل هذا النزاع الإشكال حول تصنيف الجهاد ضمن التصرفات بالتبليغ أو بالإمامة بتفريق آخر، وهو الفرق بين حكم الجهاد والقتال بشكل عام؛ سواء قلنا إنه فرض عين أو كفاية أو قلنا إنه مستحبًا أو تطوعًا، وبين بداية الحرب وإعلانها في زمان معين ومكان محدد وضد عدو بعينه، فالأول لا إشكال في إمكان تصنيفه ضمن الدائرة التشريعية والحكم عليه بأحد أحكام الشرع التكليفية الطلبية، وأما الثاني فأعتقد جازمًا أنه يكفي في الحكم عليه أن نقول إنه مشروع بالمعنى العام الذي يشمل المشروعية من أعلى طرفيها وهو الواجب إلى أدناهما وهو المباح.

وبهذا التصنيف نرى بوضوح أن الوهم الذي وقع فيه كثير من الغلاة من أن الحرب واجبة على جميع المسلمين ضد جميع الكفار في كل مكان إلى يوم القيامة ما هو إلا خلط رهيب بين حكم الشرع وتقديرات الواقع، وبين الطلب في أحكام التكليف والنظر في أحكام التقديرات الاجتهادية. وهذا الوهم انتقل بفعل وقول هؤلاء إلى غير المسلمين خوفًا من تاريخ المسلمين وواقعهم ومستقبلهم العسكري. والحق أن الإسلام لم يفرض الحرب على المسلمين ضد أي أحد على العموم، والغزوات والفتوحات الإسلامية كانت تسير كما تسير ظاهرة الحرب في كل الدول والمجتمعات، بحيث يقوم أصحاب السلطة بإعلان الحرب ضد عدوهم بناء على اجتهادهم وتقديرهم لمصالحهم العاجلة والآجلة.

المبحث الثاني: الجهاد وأحكام الشرع

لا نكاد نجد كتابًا فقهيًّا عامًّا أو كتابًا في أحكام الجهاد والقتال الخاصة إلا ويناقش مسألة حكم القتال أو وجوب الجهاد، وقبل أن نذكر الحكم الشرعي ورأينا فيه لا بد من المرور بشكل مختصر على مراحل تشريع الجهاد.

المطلب الأول: تاريخ تشريع الجهاد

اتفق من وقفت على آرائه من أهل الفقه والسير أن الجهاد نزولًا وتطبيقًا مرت أحكامه بمراحل تشريعية وأخرى تنفيذية، وإن اختلفوا في بعض التفاصيل والجزئيات.

أولًا: المراحل التشريعية: لم يختلف الفقهاء ولا المفسرون ولا المؤرخون في أن الجهاد بمعناه العسكري مر بمرحلة كان فيها منهيًّا عنه بدليل قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ) [النساء: 77] وهذا الكف هو ما كان عليه النبي r وهو ما أمر به الصحابة الكرام في أول الإسلام، “قال ابن إسحاق: وكان رسول الله r قبل بيعة العقبة لم يؤذن له في الحرب، ولم تحلل له الدماء، إنما يؤمر بالدعاء إلى الله تبارك وتعالى، والصبر على الأذى والصفح عن الجاهل… فلما عتت قريش على الله… أذن الله تبارك وتعالى لرسوله r في القتال والامتناع…”[22]

وهذا النهي أو عدم الإذن لا خلاف فيه، إنما وقع الخلاف في بقاء هذا النهي ونسخه، إلى قولين: الأول: يرى أن كل مرحلة ناسخة للتي قبلها نسخًا مطلقًا، وعليه يمكن “القول: إن القتال كان ممنوعًا في بداية عصر الرسالة، ثم صار مأذونًا به، ثم أصبح في مرحلة ثالثة مسموحًا، به وأخيرًا صار مأمورًا به، وهكذا فإن: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ۚ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ) [التوبة: 36] “جاءت؛ لتنسخ جميع الآيات الأخرى التي تأمر بأخذ المشركين بالعفو والمسامحة والدعوة للحسنى.”[23] ومع غموض الفرق بين المأذون به والمسموح به فإن كلام المؤلف السابق يبين أنه يقصد بالمسموح به المأمور به ضد من قاتل على سبيل الابتداء، وأما المأذون فيه فهو ما أعطي فيه الإذن ضد المعتدي وغيره إن كان ذلك مصلحة. الثاني: يرى أن هذه المراحل غير منسوخة بل باقية في جميع الأزمان والأمكنة حسب ظروف تلك الأزمنة والأمكنة، ولذا قال ابن تيمية: “ليس هناك نسخ في آيات الكف والقتال، ولكنه اختلاف في الأحوال.”[24]  وقد رد محمد الغزالي رأي النسخ بأسلوب المنكر المستغرب فقال “ولكن ناسًا من المفسرين زعموا أن هذه السورة (براءة) ألغت كل ما سبقها من آيات الدعوة والمسالمة، وأنها أحلت العنف مكان اللطف، والإكراه مكان الحرية، وبهذا القول الجزاف نسخت مائة آية نزلت من قبل في أسلوب الدعوة”[25]

وسواء قلنا بهذا الرأي أو ذاك يبقى من المؤكد أن نصوص الشرع وآيات القرآن الواردة في موضوع القتال مرت بمراحل لا تخفى على أي أحد، وهي أربع:[26] المرحلة الأولى: لم يؤمر فيها النبي r بقتال المشركين ولا باتخاذ أي تدابير عنيفة ضدهم. المرحلة الثانية: مرحلة الإذن بقتال المعتدي دون الأمر بذلك. المرحلة الثالثة: مرحلة وجوب القتال لرد العدوان والجور والظلم فقط، وقد جعل صاحب هذا التقسيم أغلب غزوات النبي r من بدر إلى بني قريظة ضمن هذه المرحلة. المرحلة الرابعة: مرحلة الأمر بقتال جميع الخارجين على الدين الإسلامي… وإن لم يبدأوا بالعدوان. ومن الباحثين من لخص هذا التقسيم مستخدمًا الأحكام الشرعية، فجعل مراحل تشريع القتال ثلاث هي:[27] الحظر، ثم الإذن وهو أقرب للإباحة، ثم الوجوب، دون تفريق بين مرحلة وجوب قتال المعتدي ووجوب القتال على العموم اللتين ذكرهما التقسيم السابق. وهذا ما عبر عنه بالقول إن هذه المرحلة “تتمثل في الأمر بقتال المشركين وابتدائهم به دون تفريق.[28]

ثانيًا: المراحل التنفيذية: رغم الاتفاق على التقسيم السابق وقع جدل كبير في زمان كل مرحلة من مراحله، ومع عدم الخلاف في كون مرحلة عدم الإذن بالقتال هي السابقة، تليها مرحلة الإذن ثم مرحلة الأمر، اختلف العلماء في انتهاء وابتداء كل مرحلة، فنجد من الباحثين من يكتفي بذكر الفترة دون تحديد البداية والنهاية بشكل دقيق مثل من قال إن المراحل العملية لقتال المسلمين للمشركين هي:[29] الصبر دون القتال بمكة، والإذن بالقتال بعد الهجرة، والأمر بقتال من يبدأهم بالقتال، والأمر بقتال جميع المشركين. وهناك من قال إن مرحلة المنع استمرت طيلة العهد المكي وأكثر من عام من العهد المدني، وأن الإذن في القتال لم يشرع إلا في السنة الثانية من الهجرة. وعلل ذلك بعضهم بنزول الآيات الآذنة بقتال المشركين[30]، وعلل بعض الباحثين ذلك بأسباب سياسية وعسكرية فقال: إن الجهاد لم يشرع في الإسلام إلا بعدما “هاجر المسلمون إلى المدينة، وآزر الأنصار دعوة الإسلام، وصارت للمسلمين أرض يمتلكون السيادة عليها”.[31] ومن العلماء من علل ذلك بنزول النصوص الشرعية لكنهم جعلوا نزولها لاحقًا  للأسباب السابقة، فبعد حصولها “شرع الله تعالى الجهاد… وكان الإذن بالقتال دفاعًا عن النفس أولى المراحل… ثم أَمر المسلمين بالقتال دفاعًا عن النفس… وكانت هذه المرحلة الثانية في تشريع الجهاد”[32] دون عد مرحلة الكف السابقة.

وقد اختلف في زمان آية الإذن بالقتال دفاعًا، فقيل:

أـ إنه كان بمكة، وهذا القول جعله أبو شهبة من أوهام ابن إسحاق[33]، ولكن يبدو أن ما جعله وهمًا لابن إسحاق يشاركه فيه علماء محققون مثل ابن كثير، فقد قال إن “الله سبحانه قد أذن للمسلمين بالجهاد في سورة الحج وهي مكية… ثم لما صاروا في المدينة وصارت لهم شوكة وعضد كتب الله عليهم الجهاد.”[34] ورد ابن القيم هذا القول بأوجه:[35] أولها: أن الله لم يأذن في مكة بالقتال، وثانيها: أن سياق الآية يدل على أنها بعد الهجرة، وثالثها: أن قوله تعالى: هذان خصمان نزلت في الذين تبارزوا يوم بدر، ورابعها: الخطاب بالذين آمنوا، وخامسها: الأمر بالجهاد وهو شامل لكل الأنواع، وسادسها: ما رواه الحاكم في مستدركه أنها نزلت في طريق الهجرة. ويمكن أن يجاب عن الأول بأن فيه مصادرة؛ لأنه هو محل النقاش، وعن الثاني أن الإخراج من الديار مستمر قبل الهجرة النبوية وبعدها، وعن الثالث أن الآية يمكن أن تنطبق على المتبارزين في بدر وغيرهم، وعن الرابع بأنه ليس بالضرورة أن يكون كذلك، ولعل ما ورد عن ابن عباس هو الأقرب.

ب ـ رجح أبو شهبة “أن تشريع الجهاد (كان) في أوائل السنة الثانية للهجرة”[36] وهذا المعنى هو الذي يفهم من قول الندوي: إن القتال جاء بعد الهجرة النبوية، كردِّ فعل على ما سماه “تحرش قريش بالمسلمين بالمدينة”، وهو رد فعل تشريعي قبل أن يكون عسكريًّا أو سياسيًّا، ولذا نجد أنه “لما قويت الشوكة واشتد الجناح أذن لهم في القتال، ولم يفرضه عليهم”.[37]

ج ـ إن تشريع القتال والإذن فيه كان في طريق الهجرة من مكة إلى المدينة، فقد “روى ابن جرير الطبري بسنده إلى ابن عباس أنه قال: لما أخرج النبي r من مكة قال أبو بكر: أخرجوا نبيهم. إنا لله وإنا إليه راجعون ليهلكن. فأنزل الله عز وجل: ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ) [الحج: 39] قال أبو بكر فعرفت أنه سيكون قتال.[38] والذي يظهر لي أن التأريخ للآيات متعذر بشكل دقيق، وأن دلالاتها وإن كانت متفاوتة في القوة؛ فإننا نجد منها الناهي عن القتال على العموم، ومنها الآمر بالقتال على الإطلاق، ومنها الآمر به بقيود، ومنها الآذن فيه بضوابط، ومن ثم فإنها في واقع الأمر لا تعدو مرحلتين تشريعيتين، المرحلة الأولى يمكن أن نسميها مرحلة منع أو كف أو نهي، والمرحلة الثانية يمكن أن نسميها مرحلة تشريع أو إذن أو أمر، يتداخل فيها الإلزام وعدمه، وكذلك الإطلاق والتقييد والعموم والخصوص. ويدل على ثنائية التقسيم ما نقله ابن حجر عن الزهري من “أن أول آية نزلت في القتال هي قوله تعالى: ﴿ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ﴾ [الحج: 39] ثم أمروا بالقتال مطلقًا بقوله تعالى:( انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) [التوبة: 41] وهذا ما عبر عنه الكلاعي بقوله “وكانت أول آية نزلت في إذنه بالحرب   ثم أنزل الله ( وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ ) [البقرة: 193]  أي حتى لا يُفتن مؤمن عن دينه.”[39] ويلاحظ أن ابن حجر والكلاعي رتبا نزول الآيات دون أن يجعلا نزولها مراحل تشريعية متمايزة في الأحكام والتشريع؛ لأن النتيجة في النهاية واحدة، وهذا ما يتسق مع أطروحة هذا البحث التي ترى أن الجهاد والقتال في واقع الأمر وفي نهاية المطاف مشروع لا مأمور به ضد مقاتل ولا ضد مسلم ولا ضد كافر، وإنما هو مأذون به، ويُترك تقدير الأمر في ذلك إلى أهل الاختصاص وإلى النظر في المصالح والمفاسد.

وينضاف إلى حكم القتال على العموم خلاف آخر يتعلق بخصوص زمانه r وفتراته المتعاقبة، وهل حكم القتال فيها واحد لجميع الناس أم واجب في زمان دون زمان أو على قوم دون آخرين؟، فقد “اختُلف في قتال الكفار هل كان أولًا (في عصر النبي r) فرض عين أو فرض كفاية؟”[40] وفي الإجابة على هذا السؤال كثُرت الأقوال وتعددت الآراء، ويمكن تلخيصها في اتجاهين: الاتجاه الأول: ينظر للزمن: وهذا هو الأكثر، حيث يرى أصحاب هذا القول أن الجهاد لم يكن واجبًا في أول الإسلام ثم أصبح واجبًا بعد ذلك، وهذا القول هو الذي رجحه ابن حجر عندما قال إن للجهاد حالين: إحداهما: في زمن النبي r، والأخرى بعده، فأما الأولى فأول ما شرع الجهاد بعد الهجرة النبوية إلى المدينة اتفاقًا، ثم بعد أن شرع هل كان فرض عين أو كفاية؟ قولان مشهوران للعلماء.”[41] “الحال الثانية: بعده r فهو فرض كفاية على المشهور إلا أن تدعو الحاجة إليه كأن يدهم العدو. ويتعين على من عينه الإمام”.[42] الاتجاه الثاني: ينظر للمكلفين: ومن أصحاب هذا الرأي الماوردي حيث رأى أنه كان عينًا على المهاجرين دون غيرهم… والسهيلي الذي قال إنه كان عينًا على الأنصار دون غيرهم… فيؤخذ من قولهما مجتمعين أنه كان عينًا على الطائفتين كفاية في حق غيرهم، ومع ذلك فليس في حق الطائفتين على التعميم بل في حق الأنصار إذا طرق المدينة طارق، وفي حق المهاجرين إذا أريد قتال أحد من الكفار ابتداء. وقيل كان عينًا في الغزوة التي يخرج فيها النبي  دون غيرها.[43] ومن الواضح أن مصدر هذا اللزوم المذكور ليس حكم الشرع التكليفي، وإنما سببه نوع من الاستنفار عند من عينه على المهاجرين، أو في الغزوة التي خرج فيها رسول الله r بحكم أن خروجه دلالة استنفار عام، أو نوع من العهد عند من رآه عينًا على الأنصار في كل حال، أو في حال الهجوم على المدينة بناء على نصوص اتفاق العقبة لا بناء على أمر شرعي، ولذا قال ابن حجر: “والتحقيق أنه كان عينًا على من عينه النبي r”[44] فيظهر أن شأن الجهاد في عهده r قائم على التقدير والاستنفار والالتزام، لا على التكليف والأمر والإلزام.

المطلب الثاني: حكم الجهاد

لا تزال مسألة حكم الجهاد مثار جدل فقهي وفكري في هذا العصر رغم تقارب الأقوال في حكمه في كتب الفقه القديمة، ويمكن إجمال تلك الأقوال فيما يأتي:

أـ  الجهاد فرض عين: ذهب بعض الفقهاء الأقدمين والباحثين المعاصرين إلى أن الجهاد بمعناه الخاص فرض عين، وحُكي هذا القول عن ابن المسيب وابن شبرمة[45] وهناك من رأى إنه فرض دون تفصيل، مثل القول “إن الجهاد يمثل فريضة من أبرز الفرائض الإسلامية”[46] وأن الشريعة  “أوجبت قتال الكفار”[47]. ولكن سياق كلام بعض هؤلاء يوحي بأنه فرض عين لا فرض كفاية، بل إن منهم من جعل الحرب هي الحالة الأصلية حتى يثبت السلم، على عكس ما يراه الأكثرون من أن الأصل هو السلم حتى يثبت سبب الحرب. وجعل بعضهم ذلك من المسلمات فقال إن من “المعلوم لكل من فَقِه في دين الله أن الأصل في علاقة المسلمين بالكفار هو الجهاد والقتال.”[48] وهذا القول لا يخلو من ضعف من وجوه عدة: أولها: أنه لا يوافق النصوص الشرعية التي لم تلزم الجميع بالقتال، مثل قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً﴾ [التوبة: 122] وثانيها: أنه يخالف الواقع في عهده r إذ لم يثبت أن جميع الناس كانوا يخرجون مع النبي r. وثالثها: أنه يتعارض مع طبيعة الجهاد، حيث إن القتال له شروط صارمة لا يمكن أن تنطبق على جميع الناس في جميع الأحوال، ومن شأن الفروض العينية أن تقل شروطها حتى يسهل تطبيقها على أعيان المكلفين، على عكس الفروض الكفائية التي قد لا تنطبق شروطها إلا على أهل القيادة والخبرة والاختصاص.

ومع ذلك لا خلاف في تعين الجهاد في حالات معينة معروفة عند الفقهاء أهمها الحالات الثلاث المعروفة[49]: الأولى: إذا تقابل الفريقان. الثانية: إذا داهم الأعداء أحد بلدان المسلمين. الثالثة: إذا دعا الإمام جمعًا… إلى القتال في سبيل الله وجب عليه. وهذا ما لخصه البعض بالقول إن “الحرب الهجومية فرض كفاية… أما الحرب الدفاعية فإنها فرض عين.”[50] إلا أن الذي يظهر لي أن هذا القاعدة ليست على عمومها، وأن هذه الحالات الثلاث التي يتعين فيها الجهاد أو القتال لا يمكن تصنيفها في درجة واحدة؛ إذ إن منها ما هو من حكم التكليف، ومنها ما هو راجع لحكم الوضع أو لتقدير المكلفين، ولعل الحالة الأولى هي الوحيدة التي يمكن تصنيفها ضمن حكم التكليف؛ لكثرة النصوص الواردة في التحذير من التولي يوم الزحف، ولا تخفى الضرورة الأخلاقية والعسكرية والمصلحة المترتبة على منعه، ولكن مع فتح باب الانسحاب للضرورة. وأما في حالة الدهم فإن التقدير فيها مفتوح للإمام أو من ينوب عنه أو يقوم مقامه إن وجد، وإلا ينتقل ذلك التقدير إلى المعنيين بالأمر في الميدان. وأما الحالة الثالثة، فإن لها وجهين؛ فمما لا شك فيه أن استنفار صاحب الصلاحية يلزم المعني بالاستجابة كما هو واضح من غزوة تبوك، ولكن يبقى السؤال من ألزم الإمام أصلًا أن يستنفر للحرب؟ أعتقد أنه غير ملزم بذلك، وإنما يرجع الأمر إلى التقدير والنظر في الوقائع والمآلات. ولعل تعبير بعض العلماء بأن الجهاد  “قد يجب على الأعيان إذا اقتضت الأسباب”[51] هو الأدق في هذا الحال، لأنه قد لا يجب كذلك في المقابل.

ب ـ الجهاد فرض كفاية: يرى أكثر الفقهاء أن الجهاد فرض كفاية لدرجة جعلت ابن رشد ينقل الإجماع على هذا القول وإن استثنى منه بقوله “أجمع العلماء على أنها (وظيفة الجهاد) فرض على الكفاية لا فرض عين إلا عبد الله ابن الحسن فإنه قال: إنها تطوع”[52] ونقل آخرون عليه الاتفاق، وإن استثنوا هم أيضًا، وخصصوا بالقول: إن “جهاد الكفار في بلادهم فرض كفاية باتفاق العلماء”[53]. وهذا هو الحكم النهائي الذي يرى أصحابه أنه هو الواجب التطبيق الخاتم للتشريع الناسخ لما قبله، فالجهاد “كان أولًا مباحًا مأذونًا فيه ثم فريضة على الكفاية”.[54] وقد أكد أحد الباحثين أن هذا القول سنة الصحابة والخلفاء الراشدين ونسبه لأبي بكر الصديق t واستنتج كونه فرضًا عنده مما روي عنه أنه قال: “الجهاد فريضة مفروضة”[55]، وأما كونه كفاية فاستنتجه من قوله: إن “أعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي فرض على المؤمنين، وليس لهم في الفيء والغنيمة شيء حتى يجاهدوا مع المسلمين.”[56]

ومن البدهي أن أوامر القتال والجهاد في القرآن مطلقة في الزمان، وكذلك أقواله وتصرفاته r العسكرية، وعليه يمكن أن يقال إن من قام بالفعل مرة واحدة فقد أدى الواجب وأطاع الأمر الشرعي، وأدى الفرض المطلوب، وبما أن الجهاد كما ذكرنا من قبل أقرب لأحكام الوضع منه إلى أحكام التكليف، استشكل الفقهاء طلب تكرار الفعل في أزمنة متعددة. وفي هذا المنحى نجد “من السلف الصالح من كان يرى الجهاد فرض عين على أي حال وفي جميع الأزمان”[57]. ورأى الجمهور أن فرض الكفاية هذا “يتأدى بفعله في السنة مرة، وأنه “لا يجوز أن تخلو سنة من غزو وجهاد إلا لضرورة”[58] ومن حججهم أن الجزية تجب بدلًا عنه، ولا تجب في السنة أكثر من مرة.” [59] ولم يقيده الجويني بزمان فقال إنه “تجب إقامته بحسب الإمكان”[60]، وبحسب الحاجة والتقدير، وهذا هو الأقرب للرجحان؛ لأن شأن الأعمال الكفائية أن ترتبط بأسبابها لا بأزمانها، فلا يمكن أن نوجب صلاة الجنازة على الناس مرة كل شهر مثلًا، وبهذا يكون القتال غير مرتبط بزمن، بل حسب الظروف والتقدير، ويؤيد ذلك كون الجهاد “استمر على ما كان عليه في زمن النبي r إلى أن تكاملت فتوح معظم البلاد”[61] دون التزام بزمن معين.

ج ـ النوع فرض عين وأفراده فرض كفاية: من المعروف المسلم به أن كلمة جهاد تطلق على معاني متعددة بالنوع، وإن كانت تحت جنس واحد، وهو بذل الجهد في مقاومة العدو، سواء كان ذلك العدو مستترًا؛ كالهوى والنفس والشيطان، أو عدوًا ظاهرًا؛ كالحربيين والمحاربين والمعتدين، وجهاد العدو الظاهر قد يكون بوسائل غير عسكرية؛ كالجهاد بالقرآن والبرهان، وقد يكون بوسائل عسكرية؛ كالقتل والقتال والدفاع، والجهاد العسكري قد يكون أيضًا بوسائل مباشرة؛ كالجهاد بالنفس، وقد يكون بوسائل غير مباشرة ؛كالجهاد بالمال، ولا يكاد يذكر أحدهما في القرآن دون الآخر. وقد خرج بعض العلماء من الخلاف في حكم الجهاد بالقول إنه أشبه ما يكون بالواجب غير المعين؛ كخصال كفارة اليمين، وعليه فإن الجهاد عند هؤلاء واجب، ولكن يسقط ذلك التكليف بالقيام بأي نوع من مقاومة الأعداء وبأي وسيلة كانت، وعليه فإن “جهاد الكفار والمنافقين قد يكتفى فيه ببعض الأمة إذا حصل منهم مقصود الجهاد”[62] وكأن صاحب هذا القول يشير إلى حصول المقصود العام من الجهاد بمعناه الواسع الذي يشمل الحربي وغيره، والعمل العسكري وغيره. وهذا ما رجحه ابن القيم بالقول إن “التحقيق أن جنس الجهاد فرض عين… وأما الجهاد بالنفس ففرض كفاية.”[63] وأكده ابن حجر مبينًا هذا الجنس بعبارة أكثر تفصيلًا بالقول إن “التحقيق أيضًا أن جنس جهاد الكفار متعين على كل مسلم؛ إما بيده، وإما بلسانه، وإما بماله، وإما بقلبه”[64] ومفهوم ذلك أن غير ذلك من فروض الكفاية أو من التطوع. وربما فهم هذا المعنى من تبويب البخاري -وفقهه في تبويبه- وذلك بقوله: “باب وجوب النفير، وما يجب من الجهاد والنية” ثم أورد آيات منها قوله تعالى: ﴿ انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [65] [التوبة: 41] وأورد قوله r: (لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا) “[66] وكأنه يشير بذلك إلى قيام النية مقام الفعل في بعض الأحيان أو بالنسبة لبعض الناس، وهو ما يفهم من الأحاديث المحذرة من عدم الغزو وعدم حديث النفس به.

د ـ الجهاد مستحب أو تطوع: رغم نقل كثير من الفقهاء والباحثين إجماع فقهاء المسلمين على أن الجهاد فرض، وقصر محل النزاع على الاختلاف في كونه من الفروض العينية الواجبة على كل مسلم، أم من الفروض الكفائية التي يكفي أن يقوم بها بعض المسلمين لتسقط عن الباقين”[67] مع ذلك فإننا نجد الذين نقلوا الإجماع والاتفاق يستثنون منه وينسبون إلى بعض الفقهاء أن الجهاد تطوع، وذلك تارة بالاسم كقول ابن رشد: “أجمع العلماء على أنها (وظيفة الجهاد) فرض على الكفاية لا فرض عين إلا عبد الله بن الحسن فإنه قال إنها تطوع”[68] وتارة بعبارة تفيد قلة أصحاب هذا الرأي؛ كقول من قال: إن “هناك فئة من العلماء لم تكن ترى الجهاد فرضًا وإنما مندوب أو تطوع.[69] وربما تكون قلة أصحاب هذا الرأي مع بعض التحيز هي التي دعت بعض الباحثين لإنكار هذا القول أصلًا والتأكيد على أن “العلماء اختلفوا في حكم الجهاد هل هو فرض عين على كل قادر أم فرض كفاية؟ فهو فرض في كلا الحالين ولم يقل أحد منهم بأنه سنة”[70] وتارة يأتي نقل الأقوال بعبارة تجعل هذا القول مثل غيره من الآراء دون إشارة لتقليل أو تضعيف؛ كقول من قال “اختلفوا في القتال فيما عدا هذه الحالات (حالات التعين) هل هو فرض عين أو فرض كفاية أو مجرد تطوع؟”[71] وهذا ما يؤكد كونه قولًا معتبرًا في الفقه يتعذر معه ادعاء الإجماع على ضده.

هـ. التفريق بين الدفاع والهجوم: مع نفي بعض الباحثين للقول بأن الجهاد في الإسلام مقيد بالدفاع، إما نفيًا مطلقًا  بالقول: “إنه لم يقل به أحد من الفقهاء الأقدمين”[72] وإما نفيًا متحفظًا مثل قول بعض الباحثين: إن “قول من قال بأن القتال للدفاع فقط فهذا القول ما علمته لأحد من العلماء القدامى”[73] فإنه يمكن أن يستنتج بشكل غير مباشر من القول بأن علة الجهاد عند جمهور العلماء الأقدمين وكثير من المعاصرين هي القتال لا الكفر خلافًا للشافعية.[74] وإذا كان سبب القتال هو القتال فمفهوم ذلك أن من لم يقاتل؛ لا يقاتل على مستوى خصوص الأفراد، ولا على مستوى عموم المجتمعات، ولا على شمول كل الدول. ومما لا شك فيه أن هذا القول وإن قل المصرحون به من الفقهاء القدامى فإنه يبقى اتجاهًا قويًّا نجده عند كثير من العلماء وأصحاب الرأي في العصر الحديث، وقد عدد الدكتور الكيلاني كثيرًا من أتباعه وسمّاهم: مدرسة المقاربات، وهي التي تقترب بالنظرية الإسلامية للعلاقات الدولية من القانون الدولي الحديث، ونظريتها أن الجهاد مشروع للدفاع عن الوطن وحماية الحريات.[75] وقد أول علماء محققون بعض النصوص الشرعية الآمرة بالقتال أمرًا مباشرًا تأويلًا يجعلها تدل بشكل أو بآخر على أن القتال شرع للدفاع لا للهجوم، أو على أقل تقدير شرع بسبب القتال لا بسبب الكفر أو ليس بسبب الكفر وحده على الأقل. ومن دقائق التأويل حمل الحديث “أمرت أن أقاتل…” على الدفاع؛ لأن قاتل تقتضي المشاركة، كما أن معنى الأمر هنا كما قال ابن تيمية أني لم أومر بالقتال إلا إلى هذه الغاية، وليس المراد أني أمرت أن أقاتل كل أحد إلى هذه الغاية.[76] كما حمل عليه ابن عاشور آيات القرآن الآمرة بالقتال أمرًا مطلقًا  أو عامًّا بناء على قاعدة حمل العام على الخاص والمطلق على المقيد ما دام الحكم واحدا، وعليه فمعنى قوله تعالى: (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ ۚ)   [البقرة:191] أي إن قاتلوكم.[77] كما وجه الشيخ شلتوت النصوص الآمرة بالقتال أمرًا عامًّا مثل أوامر سورة براءة توجيها آخر بالقول إنها لم تكن أصلًا في تشريع القتال بشكل عام، وإنما هي لزمانها ومكانها وحالها المعيش، فسورة براءة جاءت؛ لـ “تحسم معاهدات قائمة”[78] لا لتشرع أحكام عامة دائمة، ويؤيد ذلك أن “السياق كله يطرد لنفي العدوان عن المسلمين وإثباته للكافرين، فعدوانهم سبب إعلان الحرب عليهم والبراءة منهم.”[79] كما وجه آخرون الأقوال والآراء الفقهية التي تتحدث على وجوب القتال وفرضه بأن ذلك كله محمول على ما يبرر ذلك من اعتداء واقع أو متوقع من الطرف الآخر، ومن هنا فإن “التخيير بين الإسلام والجزية والقتال ليس واجبًا في الشريعة الإسلامية، وإنما وجوب ذلك معلق على حدوث الاعتداء من قبل أهل الكفر أو توقعه.”[80]

وفي أرض الواقع نجد من جزم بحصر أسباب الحرب المشروعة في سببين صورهما على أنهما في النهاية دفاع لا هجوم وقال: إنه “بوسعنا رد الأسباب والدوافع التي تبرر الحرب وتجعلها مشروعة في الإسلام إلى سببين رئيسين لا غير، وهما:[81] الدفاع عن الدعوة الإسلامية وحرية انتشارها، والدفاع عن النفس وما يتفرع عن ذلك من دفاع عن الوطن والأرض والعرض والشرف والمال. إلا أن ما يؤخذ على أصحاب هذا الرأي أنهم وسعوا معنى الدفاع حتى اختفت الحدود بينه وبين الهجوم، وذلك ليشمل الهجوم الدفاعي الذي يلتبس فيه الهجوم بالدفاع والدفاع بالهجوم. وتكاد الآراء القائلة بالدفاع تتفق في تحديد المستهدف في هذا الدفاع، وهم “الذين يفرضون العقائد الباطلة على غيرهم”[82]، ولكنها تختلف اختلافًا بينًا في تحديد المدافع عنه؛ فهناك من رآه دفاعًا عن حرية المسلمين الحاليين أو المتوقع دخولهم في الإسلام، أما الدفاع عن المسلمين الحاليين فبحمايتهم من التهديد، وأما الدفاع عن المسلمين المتوقعين فبتحرير اختيارهم للإسلام، ولذا تساءل الشعراوي: “هل دفاع عمن آمن فقط؟ أم عن مطلق إنسان نريد أن ندفع عنه ما يؤثر في اختياره لدينه؟”[83] ورآه آخرون دفاعًا عن حريات المسلمين وغير المسلمين، ومن هنا صور بعض الباحثين الحرب في الإسلام كلها على أنها دفاع، ليس عن المسلمين فقط وإنما عنهم وعن غيرهم من أتباع الديانات.[84] وهنا نجد سيد قطب –ورأيه أقرب الآراء عمليًّا إلى القول بالهجوم- ينفي عن الجهاد هاتين الصفتين، ويرى أنه لا دفاعي ولا هجومي، وإنما هو؛ لتحرير الإنسان[85] على العموم. واستدل أصحاب نظرية الدفاع بأن “الرسول r لم يقاتل إلا من قاتله وإلا دفعًا للظلم، وردًّا للبغي والعدوان وقضاء على الفتنة في الدين”[86] ورأوا ذلك ينطبق على جميع الغزوات والسرايا النبوية دون استثناء، إلا أن ذلك التوجيه وإن كان الأمر سهلًا في بعض الغزوات فإنه لا يخلو من تكلف في بعضها الآخر. كما رد أصحاب هذا القول على الشبهات التي تثار حول كثير من الفتوحات الإسلامية سواء في إعلان الحرب أو دوران رحاها أو ما يتلوها من إجراءات بأن كل ذلك إنما كان أثرًا من آثار “مبدأ المعاملة بالمثل.”[87]

و. التفريق بين العدو البعيد والقريب: يمكن أن نجعل هذا رأيًا مستقلًّا، ويمكن أن نجعله فرعًا عن أحد الأقوال السابقة، لأنه لا ينشئ حكمًا جديدًا، وإنما يحقق مناط الحكم المتقرر، سواء قلنا إنه فرض عين أو كفاية أو تطوع أو غير ذلك. وقد عرض أهل هذا الرأي رأيهم عرضًا عند الحديث عن الأصل في العلاقة بين المسلمين وغيرهم، وهذا معناه السؤال عمن يتوجه ضده حكم الجهاد ومن لا يتجه ضده؟ وفي هذه المسألة نجد أن هناك من يرى أن أصل العلاقة مع الدول الأخرى هي الحرب، وهذا هو لازم القول بأن الجهاد فرض، وهناك من يرى الأصل هو السلم، وهذا لازم قول من قال بنظرية الدفاع، وهذا القولان لا علاقة لهما بهذه الفقرة، وإنما علاقتها بالقول الثالث التوفيقي الذي يميز بين حالين؛ مبنيين على قرب العدو وبعده، “فإذا كانت هناك حدود مشتركة بين الدارين تكون العلاقة بينهما علاقة حرب حتى تقطعها موادعة؛ لأنه لا يمكن أن يؤمن جانب دار الحرب إذا كانت ملاصقة لأرض الإسلام… وأما إذا لم تكن هناك حدود مشتركة بين الدارين أو كانت الحدود بينهما بحارًا واسعة أو صحارى ومفازات شاسعة فتكون العلاقة بينهما مبدئيًّا علاقة سلم.”[88]

ز. التفريق بين من بلغته الدعوة ومن لم تبلغه: وهناك من فصَّل في سؤال السلم هذا تفصيلًا آخر بناه على أصل مختلف، مبني على بلوغ دعوة الإسلام وعدم بلوغها، وإذا كان “جمهور القدامى يرى الحرب هي الأصل، وجمهور المعاصرين يرى السلم هو الأصل، فإن هناك من فرق بين أحوال: فالأصل السلم قبل بلوغ الدعوة، وبعد بلوغها ورفضها ورفض العهد الحرب لا السلم،[89] وإذا كان الأصل عدم بلوغ الدعوة وعدم رفض العهد فإن هذا القول يعيدنا إلى أن الأصل في العلاقة هو السلم الذي يقترب من قول من قال بنظرية الدفاع.

ح .إعلان الحرب خارج عن أحكام التكليف الطلبية: أما الرأي الذي أميل إليه، والذي يشكل الأطروحة الرئيسة في هذا البحث فهو أن قضية إعلان القتال أو الجهاد أو الحرب المشروعة (عكس الظالمة) لا تعدو أن تكون مشروعة (أي مأذونًا فيها) دون إلزام بها لا على العموم ولا على الخصوص، ويرجع تقدير إعلان الحرب أو وضع أوزارها إلى ما يسميه الأقدمون بـ “الإمام” أو من ينوب عنه أو يقوم مقامه، ويمكن أن نسميه في العصر الحديث بالجهة المسؤولة عن إعلان الحرب في دساتير الدول، سواء كان تلك الجهة رئاسة أو برلمانًا أو قيادة عسكرية أو هذه الثلاثة أو بعضها بالاتفاق. ولما أقول إعلان الحرب فذلك لا يتنافى مع ما نجده في عشرات النصوص الشرعية من إيجاب أو تحريم بعض التفاصيل العسكرية خلال سير المعارك، وذلك مثل الحث على الثبات والنهي عن التولي، فذلك كله لا يعني أبدًا أن شن الحرب مأمور به من البداية، فقد يجب ويمتنع في الأثناء ما لا يجب ولا يمتنع في الابتداء. فالمكلف مثلًا غير ملزم أن يشهد بالشهادة غير المتعينة، ولكنه ملزم إذا قرر أن يشهد أن يشهد بالحق، وأن يتجنب قول الزور والعمل به. ومع أن الجهاد “لم يرد في ثواب الأعمال وفضلها مثل ما ورد فيه”[90] وربما لم يؤلف في فضائل عمل من الأعمال مثل ما ألف فيه، فإنني أستطيع أن أجزم أن تلك النصوص والفضائل الواردة في فضل الجهاد مع صحتها وكثرتها ليس فيها ما يتضمن صراحة أن قتال قوم معينين في مكان أو زمان معين واجب أو مأمور به، وربما فهم البعض من تلك النصوص الترغيبية كون الجهاد فرض عين أو فرض كفاية فأورد بعض نصوص الفضائل تحت عناوين تدل على وجوب الجهاد أو فرضية القتال.[91] ورغم أني لم أجد تصريحًا من الفقهاء بهذا الرأي؛ فإنه يمكن استنتاجه من مسلمات وآراء فقهية واضحة في المجال، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر أن الموادعة التي هي “المتاركة والمراد بها متاركة أهل الحرب مدة معينة لمصلحة”[92] متروك تقدير أمرها لأهل التقدير، وهم المسؤولون عن الحرب والسلم في كل بلد. وإذا كان الفعل المضاد للحرب –وهو الموادعة- مخيرًا فيه، فإن الحرب -وهي الفعل المقابل لها- تكون مخيرًا فيها بالضرورة المنطقية. وقد بوب البخاري بالقول “باب الموادعة والمصالحة مع المشركين بالمال وغيره… وقوله تعالى: ﱡﭐ ﳉ ﳊ  ﳋﱠ[93]، وعلق ابن حجر على هذا التبويب بالقول: “إن هذه الآية دالة على مشروعية المصالحة مع المشركين”[94]  ونقل القول بأنه “لا بأس أن يصالحهم على غير شيء يؤدونه إليهم كما وقع في الحديبية”[95] وأن “الأمر بالصلح مقيد بما إذا كان الأحظ للإسلام المصالحة”[96] وترك الفقه باب تحديد زمان تلك الموادعة، ولم يجعل لها “حدًّا… معلومًا لا يجوز غيره، بل ذلك راجع إلى رأي الإمام بحسب ما يراه الأحظ والأحوط للمسلمين”[97] فكيف يكون السلم راجعًا للمصلحة وتقدير أولي الأمر ونقيضها وهو الحرب فرض عين أو كفاية خارج عن اختيار وتقدير الجميع. وخصص بعض الفقهاء بالمثال لا على سبيل الحصر فقال: “وإذا حصر (الإمام) حصنًا لزمه عمل المصلحة من مصابرته والموادعة بمال والهدنة بشرطها”[98] ولا فرق بين الحصار وإعلان الحرب من البداية، وإذا كان هذا شأن السلم فإنه سيكون كذلك شأن الحرب.

كما نجد ما يدل على هذا القول عند بعض الفقهاء لكن في حال الضعف لا في حال القوة، فعندهم “إذا ضعف المسلمون ولم يقووا على قتال الجميع فلا بأس أن يقاتلوا حسب قدرتهم ويكفوا عمن كف عنهم إذا لم يستطيعوا ذلك فيكون الأمر إلى ولي الأمر إن شاء قاتل وإن شاء كف وإن شاء قاتل قومًا دون قوم على حسب القوة والقدرة والمصلحة للمسلمين”[99] وهذا رأي المدرسة التي وصفها الدكتور الكيلاني بأنها “تقوم على حالة أشبه بالتقية”[100]؛ لأنها ترى وجوب القتال في حال وجود فائض من القوة، وتميل إلى الموادعة والمهادنة والتكيف في حال الضعف. وقد أجاد الشيخ الطاهر بن عاشور في هذا المجال عندما جعل القتال خارجًا عن دائرة مقاصد الشريعة؛ لأن المقصد الشرعي لا بد أن يكون مصلحة في جميع الأحوال، والقتال قد يكون مصلحة وقد يكون مفسدة، والأمور التي تتردد بين كونها مصلحة تارة ومفسدة أخرى “لا تصلح لاعتبارها مقاصد شرعية على الإطلاق ولا لعدم اعتبارها كذلك، بل المقصد الشرعي فيها أن توكل إلى نظر علماء الأمة وولاة أمورها الأمناء على مصالحها من أهل الحل والعقد؛ ليعينوا لها الوصف الجدير بالاعتبار في أحد الأحوال دون غيره، وذلك مثل القتال والمجالدة…”[101] وخروجه عن مقصد الشريعة يبعده عن دائرة الإلزام التكليفي. ويمكن استنتاج هذا الرأي من تقسيم الشيخ محمود شلتوت نصوص القتال في القرآن إلى ثلاثة أقسام، وذلك بعد عرضه لمراحل تشريع القتال المعروفة من المنع إلى الإذن في الدفاع إلى تشريع البدء بالحرب. وخلاصة ذلك التقسيم أن من الآيات[102]: نصوص تشرع القتال من باب المعاملة بالمثل، نحو قوله تعالى:( وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ) [البقرة: 190] ونصوص تشرع القتال من باب الدفاع، نحو قوله تعالى: (وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا) [النساء: 75] ونصوص تشرع القتال من باب الاستمرار في قتال طائفة في حالة الحرب القائمة أصلًا، نحو قوله تعالى: (قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) [التوبة: 29] وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً ) [التوبة: 123]  وآيات تتحدث عن تنظيم القتال و”تقوية الروح المعنوية، وإعداد القوة المادية، والتنظيم العملي للحرب” فالأول مثل قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ) [التوبة:111]  والثاني: مثل قوله تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ) [الأنفال: 60]  والثالث مثل التعبئة بحسب الحاجة، نحو قوله تعالى: ( وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً ) [التوبة: 122] وقوله تعالى: (  وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ) [الأنفال: 61]  وبهذه التأويلات يمكن أن نقول إن الشيخ شلتوت حيد جميع النصوص التي يستدل بها القائلون بفرضية الجهاد والقتال عينًا أو كفاية، فحيد جزءًا منها بأن جعله من باب المعاملة بالمثل التي هي في النهاية تقدير للواقع والظروف المحيطة بكل أمة وبكل دولة، ثم حيد القسم الثاني بوجه لا يبعد كثيرًا عن سابقه إلا أن الأول أعم قليلًا، ثم حيد النصوص المتأخرة نزولًا الآمرة بالقتال بأنها لم تكن لتشريع قتال أبدي مستمر ضد كل المذكورين، وإنما كانت معالجة حية لأحداث واقعية يمكن أن يقاس عليها ما يضارعها، لكن لا يمكن أن يؤخذ منها الأمر العام إلى يوم القيامة، ثم حيد في الأخير النصوص العسكرية الإجرائية الآمرة الناهية التشجيعية التحريضية التي تتحدث عن تفاصيل في الحرب دون أن تتحدث عن إعلانها. ولا أدل على كون إعلان الحرب تدبيرًا عسكريًّا اجتهاديًّا لا حكمًا شرعيًّا إلزاميًّا من كون أغلب غزوات النبي r والخلفاء الراشدين من بعده إذا تتبعناها نجد أنه ما من غزوة كبرى ولا فتح عظيم في هذه المرحلة إلا وقد سبقه تدبير وتشاور وأخذ ورد، وهذا ما حدث في بدر وأحد والخندق وغيرها من الغزوات والفتوحات والحروب الإسلامية، وهذا ما أرجحه.

المبحث الثالث: الجهاد والتدبير العسكري والسياسي

لفت نظري وأنا أتصفح كتب المغازي والسير وأبوابها أني لا أكاد أمر على ذكر غزوة أو سرية أو فتح أو حرب إلا ووجدت المؤلف يخصص فقرة بعنوان “سبب الغزوة” وهذا ما يعطي القارئ والباحث إيحاء بأن السلم هو الوضع الطبيعي، وأن الحرب هي الوضع الاستثنائي الذي يحتاج إلى سبب مخرج عن الوضع الأصلي، كما أني وجدت أن أغلب تلك الغزوات تسبقها في الغالب مشاورات حول إعلان الحرب، نجد أن أهل الاختصاص فيها في البداية غالبًا ما يكونون منقسمين إلى آراء منها الموافق على الحرب، ومنها المعارض لها، ومنها الباحث عن حلول بديلة وأخرى وسط. ولو كانت الحرب أمرًا إلهيًّا شرعيًّا؛ لما ساغ للصحابة الجدال والمناقشة فيها كما لا يمكن أن يتجادل مسلمان في أداء الصلوات الخمس.

المطلب الأول: الحالة العسكرية العامة في العهد النبوي

انعكست الإشكالات السابق ذكرها في قراءة كل كاتب في السير النبوية عمومًا، وفي فقه المغازي على وجه الخصوص، ويظهر ذلك في عدة أسئلة:

أولًا: ما الوضع العسكري بين المسلمين وغيرهم في العهد النبوي؟

1ـ رأى بعض الباحثين أن الحالة “كانت بين النبي r وبين قريش حالة حرب من أول يوم هاجر فيه النبي r إلى المدينة”[103] وإذا أخذنا بهذا الرأي ننجو من كثير من الإشكالات التي تثور حول استهداف السرايا والغزوات لطرق قريش التجارية، ومدى مشروعية هذا الاستهداف وأخلاقيته؛ لأن الحرب بناء على هذا التوجيه كانت قائمة في جميع الأحوال “بين طغاة مكة وبين المسلمين في وطنهم الجديد، ومن السفه تحميل المسلمين أوزار هذا الخصام… على أن العداوة تجاوزت قريشًا إلى غيرهم من مشركي الجزيرة… وانضم إلى هؤلاء أولئك اليهود الذين أوجسوا خيفة من انتشار هذا الدين. فما من بد إذن من التأهب لكل طارئ، والتربص بكل هاجم…”[104] .

2ـ وهناك من رأى أن الحالة بين المسلمين والمشركين كانت في بداية الهجرة أقرب للسلم قبل أن تتحول إلى مواجهة عسكرية معلنة تتخللها هدن وموادعات، ولذا “أقام رسول الله r داعيًا بالمدينة إلى الله ومعلمًا مما علمه الله باقي شهر ربيع الأول -الشهر الذي قدم فيه المدينة- وباقي العام كله إلى صفر من سنة اثنين من الهجرة ثم خرج غازيًا في صفر… حتى بلغ ودان فوادع بني ضمرة…”[105] وهذا التأخير والتنقل من حال إلى حال يبين أن القتال تقدير عسكري لا حكم شرعي، ولو كان القتال حكمًا شرعيًّا؛ لما عطل اثني عشر شهرًا أو سبعة أشهر إذا بدأنا الحساب بسرية حمزة t، ولو كان فرضًا كذلك لما وادع r من وادع في بداية تلك المواجهة.

ثانيًا: ما سبب الغزوات على العموم؟ أهو تكليف الآمر بالشرع أم تقدير صاحب الحق؟ وهل الدفاع أم الهجوم؟

 1ـ ذهب بعض من قال بفرضية الجهاد ووجوب العمل العسكري شرعًا إلى الاكتفاء بالسبب الشرعي، فقال: إن حروب النبي r إنما كانت قيامًا بفريضة الجهاد سواء حصل من المشركين اعتداء أم لم يحصل.”[106] وربما أمكن فهم هذا المعنى من قول ابن إسحاق كما نقله الكلاعي: “ثم إن رسول الله r تهيأ لحربه، وقام فيما أمره الله تبارك وتعالى به، من جهاد عدوه، وقتال من أمره الله بقتاله ممن يليه من مشركي العرب، وخرج غازيًا في صفر على رأس اثنى عشر شهرًا من مقدمه المدينة”[107] كما يرى أصحاب هذا التوجيه أيضًا أن “التفسير الصحيح لحركة الفتح أنها تطبيق لفريضة دينية”[108] لا فعلًا ولا رد فعل على عوامل سياسية وعسكرية واقتصادية. وهذا الرأي يتطابق مع قول من قال بوجوب جهاد الطلب؛ لأنه إذ ذاك لا مبرر له في حال عدم العدوان من الخصم إلا التكليف الشرعي الملزم.

 2ـ وذهب آخرون إلى أن غزوات النبي r كلها كانت دفاعية، وأصحاب هذا القول يرون أن “حروب النبي r كلها كانت للدفاع، ردًّا على عدوان الكفار… وأنه لم يحدث أن ابتدأ رسول الله r الكفار بقتال.[109] وأن غزوات النبي r لقريش وغيرهم لم تبدأ إلا بعدما “استقر رسول الله r بالمدينة بين أظهر الأنصار”[110]  ولم تعلن الحرب إلا عندما “رمتهم العرب قاطبة عن قوس واحدة”[111]، وهذا رأي استنكره بعض الباحثين؛ لأنه “يتسم بالطابع التبريري” الذي يجعل كل ما يمكن أن يقال فيه إنه هجوم ما هو إلا “هجوم للدفاع.”[112]

3ـ وذهب بعض الباحثين إلى التمييز بين مرحلتين من مراحل غزوات النبي r؛ الأولى كان الجهاد فيها يتمثل في “حرب دفاعية فقط” ثم أصبح “في المرحلة الثانية حربًا دفاعية وهجومية”[113] وهذا أقرب للواقع إذا فسرنا الدفاع بمعناه الوسط غير المبالغ في توسعه؛ لأن غزوات النبي r منها ما هو محتمل للدفاع والهجوم؛ نظرًا لتوارد إرادة الطرفين على الحرب مثل غزوة بدر، ومنها دفاعي بوضوح مثل غزوة أحد والخندق، ومنها ما هو أقرب للهجوم وإن لم يكن صريحًا فيه؛ لسعة معنى الدفاع عند بعض الباحثين، مثل غزوة مؤتة وغيرها، ومنها ما هو راجع لغير هذين الوجهين، مثل نقض العهد من بني قريظة وغيرهم.[114] 

ثالثًا: من المستهدفون بالجهاد في العهد النبوي؟

إن الناظر في خريطة المستهدفين بالجهاد والغزو في عهد رسول الله r يجد أن الجهاد مر بعدة أطوار؛ في الطور الأول كان القتال مقصورًا على القرشيين الذين عذبوا المسلمين وأخرجوهم من ديارهم وأموالهم، وفي الطور الثاني توسع إلى أحلاف قريش الذين استهدفوا المدينة، وفي الطور الثالث لما تمالأ المشركون في مكة وخارجها لم يكن بد من قتالهم جميعًا، وبذلك صار الجهاد عامًّا لكل من ليس له كتاب سماوي، وفي الطور الرابع يأتي طور الحرب على اليهود وإنهاء موادعتهم بعد نقضهم العهود، وفي الطور الخامس بعد الفتح انتقلت الدعوة إلى العالمية وانتقل ميدان الجهاد إلى خارج الجزيرة العربية.[115] وهذا تقسيم تاريخي وصفي ليس بالضرورة مرتبًا ترتيبًا دقيقًا؛ لوقوع تداخل بين استهداف هذه الأصناف في مراحل السيرة النبوية، كما أنه ليس مرتبطًا بمراحل تشريعية، وإنما كان بناء على النظر في الواقع والأحداث والتأمل في الظروف والأحوال.

ومن مسلمات الدين أن هؤلاء المستهدفين بالحرب المذكورين لم يستهدفوا لعرقهم ولا لقبائلهم، ولذا نجد بعض الباحثين من علل استهدافهم بما بدر منهم أو ممن يرتبط بهم فقال: إن القتال “فرض أولًا لمن قاتلهم دون من لم يقاتلهم فقال الله تعالى:( وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا) [البقرة:190] ثم فرض عليهم قتال المشركين كافة، بعد ذلك، وعليه يمكن أن نقول إن القتال “كان محرمًا ثم مأذونًا به ثم مأمورًا به لمن بدأهم بالقتال ثم مأمورًا به لجميع المشركين إما فرض عين على أحد القولين، أو فرض كفاية على المشهور”[116] فرجع الموضوع كله إلى قضية الفرض وضده، وقضية الدفاع والهجوم اللتين سبق ذكرهما من قبل.

المطلب الثاني: الغزوات والتقدير العسكري

إن المتتبع لغزوات النبي r يجد من الأدلة والحجج ما لا يترك مجالًا للشك أن جلَّها -إن لم نقل كلها-كانت بدايته معتمدة على الرأي والحرب والمكيدة لا على التكليف والأمر والإلزام، وفيما يأتي بعض النماذج:

أولًا: السرايا قبل بدر: نظرًا لصعوبة تحديد تواريخ نزول الآيات الآذنة بالقتال والآمرة به واجهت الباحثين مشكلة تحديد أزمنة تلك المراحل، فلجأ بعضهم إلى النظر في المكية والمدنية في السور والآيات كما سبق، ولجأ آخرون للنظر في طبيعة الغزوات والسرايا النبوية، وقربها للدفاع أو للهجوم، وهل هي تطبيق لنص الإذن في القتال أم للنصوص الآمرة بالقتال على العموم؟ فما كان ظاهره من الغزوات أنه دفاع، جعلوه -استنتاجًا- في مرحلة الإذن بالقتال، وما كان ظاهره أنه هجوم أو أقرب للهجوم جعلوه في مرحلة الأمر بالقتال على الخصوص أو على العموم. وبناء على هذا التفسير سمى بعض الباحثين الفترة التي وقعت فيها “السرايا الأولى التي سبقت بدرًا إلى غزوة الخندق بالمرحلة الدفاعية”[117]؛ لسهولة تكييف أغلب المواجهات في هذه المرحلة وتوجيهها توجيهًا دفاعيًّا، ومنهم من أشار إلى كون كل تلك السرايا والغزوات أو بعضها على الأقل كان هجوميًّا، وفي مرحلة الهجوم التي نزل فيها الأمر بالقتال، ورأى هؤلاء أن سبب هذه السرايا والغزوات على العموم أن النبي r “لما هاجر إلى المدينة واستقر به المقام ووطد الأمور داخل المدينة… فكر في إنصاف المسلمين من أعدائهم من أهل مكة؛ فصار يبعث السرايا؛ لرصد قوافل قريش التجارية ومصادرتها”[118] فعاد بنا الأمر مرة أخرى إلى نوع من الدفاع يمكن أن نسميه بالقصاص العام من المعتدين من أهل مكة.

وهذا الاستهداف لا يحتاج إلى مبرر تفصيلي إذا قلنا إن الحالة العسكرية بين المسلمين وكفار قريش كانت حالة حرب، إذ من المعلوم شرعًا وعرفًا أن مال الحربي مستباح لخصمه كما يستبيح هو مال الطرف الآخر ودمه، غير أن من العلماء والباحثين من حاول تبرير هذه السرايا بمسوغات تفصيلية منها[119]: معاقبة المشركين، والحصول على ما يمكن الحصول عليه من تجاراتهم نظير ما أخذوا من أموالهم وما ظلموهم، وإضعاف شوكتهم؛ فإن المال عصب الحياة، وإفهام قريش أن مصلحتهم تقتضي التفاهم مع المسلمين. وينفي القائلون بهذه التعليلات أنها كانت استجابة للأمر بالقتال؛ لأن “الحرب لم تشرع بعد”[120] عند بعض الباحثين. وهذه التعليلات والتوجيهات مبنية على قضيتين لا تخلوان من نظر: أولاهما: تأخير تشريع الحرب عن هذه المرحلة، وقد سبق ذكر الخلاف فيه. والثانية: هي الميل إلى التعليل المالي الجزئي بدل التعليل الكلي العام، وهذا فيه أنظار متعددة؛ لأنه إما أن يكون قصاصًا من معتدٍ والقصاص يقتضي المماثلة بخلاف الحرب العسكرية المفتوحة التي يبذل فيها كل طرف جهده؛ للنيل من العدو، وإما أن يكون من أجل الحصول على بعض أموال قريش مقابل أموال المهاجرين التي فقدوها بمكة، واقتضاء الحقوق والتعويض عنها مبني كذلك على المماثلة، وهي متعذرة في حال مصادرة هذه الأموال. ومع ذلك يبقى للتعليلات وجه من المعنى إذا قلنا: إن العلاقة بين الطرفين قبل هذه السرايا كانت علاقة سلم أو مهادنة.

والذي أميل إليه هو تعليل هذه السرايا بالدوافع العسكرية والسياسية العامة بدل التعليل بالأسباب القضائية والمالية الخاصة، وهذه الأسباب لا تتناقض مع النصوص والمقاصد الشرعية، بل هي تطبيق لها، وأهمها: “تهديد طريق تجارة قريش، وعقد الموادعات، وإبراز القوة أمام اليهود”[121] وكلها تشي بأن القتال من أساسه وأصله مبني على التقدير والتدبير لا على الأمر والتكليف، سواء قلنا بتقدم النصوص المشرعة للقتال أو تأخرها عن هذه المرحلة؛ لأننا إذا قلنا بتقدمها يعترضنا سؤال تأخير الحرب عن النص وتوقفها في بعض الفترات، وإذا قلنا بتأخير تلك النصوص عن هذه السرايا يكون معنى ذلك أن القتال بالفعل سبق تشريع الحرب.

ثانيًا: غزوة بدر وما تلاها: سواء قلنا إن غزوة بدر كانت في مرحلة الدفاع أم في مرحلة الهجوم أم في غيرهما فمن المتفق عليه أن رسول الله r استشار الصحابة قبل الخروج[122]وبعده[123] ولو كان الغزو واجبًا شرعيًّا؛ لما كان محلًا للنقاش. ولم تظهر مسألة التقدير في الحرب في أي غزوة كما ظهرت في غزوة أحد؛ لأن النبي  لم يكن يرى الخروج لمواجهة الغزاة[124] “إلا أن رجالًا من المسلمين ممن كان فاته بدر قالوا: يا رسول الله اخرج بنا إلى أعدائنا”[125] فوافق رسول الله r على رأي الأغلبية المطالبة بالخروج. ولو كان الخروج لقتال هؤلاء الغزاة واجبًا شرعًا؛ لما رأى رسول الله r غيره، ولو كان البقاء واجبًا؛ لما وافق r على رأي المتحمسين للخروج من الصحابة.

ثالثًا: غزوة الخندق: وهي دفاعية بالأساس ظهر التدبير السياسي والعسكري من خلال هم النبي r بمصالحة بعض الأحزاب مصالحة فيها تنازلات كبيرة لصالح العدو[126]، وقبل أن يبرم ذلك الاتفاق “بعث إلى السعدين” فرفضا[127]؛ فظهر أن القتال والسلم والمصالحة خاضعة للتفاوض والتقدير حتى من النبي r، وهذا التقدير نفى عنه النبي r صفة الوحي الآمر الملزم، وجعله نظرًا في مصلحة الأنصار وأهل المدينة، ولما رأوا هم أنفسهم أن خيار المواجهة أصلح لهم رجع إليه.

ولم أجد غزوة من الغزوات ظهر فيها عكس ما بنيت عليه أطروحة هذا البحث غير غزوة بني قريظة، فإننا نجد من الأحاديث ما فيه دلالة واضحة على أن غزوهم كان أمرًا إلهيًّا موحى به إلى الرسول r بواسطة جبريل -عليه السلام-[128] لكن كل الدلائل تشير إلى أن نهاية الغزوة كان الحكم فيها حكمًا اجتهاديًّا موفقًا  لسعد بن معاذ t[129] وهو حكم أقرَّه الرسول r وأثنى عليه، ولكن غيره كان محتملًا وواردًا أن يكون ما دام سعد t مجتهداً موفقاً  لا نبياً معصومًا يوحى إليه.

ومع أن الغزوات تكون معللة في الغالب بأهداف عسكرية وسياسية، فإن غزوة خيبر من الاستثناءات النادرة التي ظهر فيها العامل الاقتصادي، فقد علل بعض العلماء سبب مصالحة أهل خيبر وعدم مواجهتهم مواجهة شاملة بأنه “لم يكن لرسول الله r ولا لأصحابه عمال يعملون في خيبر ولا يزرعونها[130] وهذا يؤيد ترجيح المصلحة الاقتصادية على العسكرية في بعض الأحيان؛ لكونها أرجح في ميزان المصلحة العامة.

رابعًا: ومن مسلمات التاريخ أن سبب غزوة فتح مكة غير المباشر، “أن قريشًا نقضوا العهد الذي وقع بالحديبية”[131] وأما سببها المباشر فهو استنصار عمر بن سالم رسول الله r، ولولا ذلك لما قال رسول الله r له: “نصرت يا عمرو ابن سالم.”[132] ولا شك أن العهد الذي بين المسلمين والمشركين كان اتفاقًا مبنيًّا على التقدير والمصالح العاجلة والآجلة، وقرار إنهائه كذلك مبني على تقدير تلك المصالح، ولم يقتصر هذا التقدير على بدء المعركة وقرار الغزو، بل ظل مستمرًّا حتى في سيرها على أرض الميدان.[133] ولم يتوقف تقدير المصالح ولا تحديد الزمان على فتح مكة، فقد “أقام النبي r بمكة عام الفتح نصف شهر لم يزد على ذلك حتى جاءت هوازن وثقيف فنزلوا بحنين وهم يومئذ عامدون يريدون قتال النبي r”[134]، وقداختلف القول في تحديد سبب غزوة تبوك إلى آراء[135]: فقيل: إنه وصلت أخبار بأن الروم ومستنصرة العرب يجمعون لغزو النبي r فأراد أن يغزوهم قبل أن يغروه. وقيل إن السبب المباشر هو الثأر لجعفر بن أبي طالب. وذهب ابن كثير وتبعه آخرون إلى أنها استجابة طبيعية لفريضة الجهاد.[136] وعلى كل فالتعليل بالوجوب لا ينافي التقدير الذي قلنا به، وأما التعليل الأول والثاني فهما برهانان على صدق فرضية هذا البحث.

ومع عقد رسول الله r لواء جيش أسامة لم يجد الصحابة حرجًا في مناقشة إنفاذه من عدمه، ولو كانت تلك التولية والتوجيه من رسول الله rحكمًا شرعيًّا ملزمًا لما تبادل فيه الصحابة الآراء.[137] وليست حروب الردة بالضرورة أمرًا شرعيًّا بدليل نقاش الصحابة موضوع قتال أهل الردة وعدمه واختلافهم في ذلك[138]؛ لعدم ورود نص فيه.[139]

الخاتمة

لا داعي لتشتيت ذهن القارئ الكريم ولا لتعداد أفكار هذه البحث المتنوعة وخلاصاته بل سأكتفي بخلاصة ومسألة وواحدة أراها هي خلاصة خلاصة هذا البحث المتواضع، وهي أن إعلان الحرب في الإسلام خارج عن دائرة الطلب التكليفي، وأن هذا الأمر موكول إلى من له الصلاحية بناء على النظر في المصالح والتقدير العسكري والتدبير السياسي. وبإمكاننا أن نقول بناء على هذه القاعدة أن الله تعالى ورسوله الكريم لم يعلنوا الحرب على أحد بشكل أبدي مفتوح، ولم يطلبوا قتال عدو معين في وقت معين في مكان معين، وإنما ترك صاحب الشرع أمر ذلك كله لصاحب الحق بناء على اجتهاده واجتهاد غيره من أهل الاختصاص. والدليل على هذه الخلاصة أمور.

أولها: تصنيف قضية إعلان الحرب شرعًا ضمن تصرفات النبي r بالإمامة، وهذا يجعلها خارجة عن أحكام الطلب العامة، ويجعلها أمرًا منوطًا بالإمام أو من ينوب عنه من الجهات التي يرجع لها إعلان الحرب في كل دولة.

ثانيها: أن سيرة رسول الله r العسكرية تدل بما لا يدع مجالًا للشك أن الغزو وإعلان الحرب على الأعداء في عهده r كان يتم بالتشاور والنظر في المصالح والمفاسد، ولم يكن أمرًا تكليفيًّا طلبيًّا على الإطلاق.

ثالثها: أن جمهور الفقهاء وإن كانوا يقولون بأن الجهاد على العموم وإعلان الحرب على الخصوص مطلوبان طلبًا تكليفيًّا، فإنهم يكادون يتفقون على أن الموادعة والمهادنة والمسالمة من صلاحيات أولي الأمر وأهل الاختصاص بناء على اجتهادهم ونظرهم في المصالح والمفاسد، فكيف يكون الشيء مطلوبًا ونقيضه مخيرًا فيه؟ أعتقد أن هذا من المستحيلات العقلية، كما يستحيل أن نلزم شخصًا ما بالحركة ونخيره في السكون!

رابعها: أن نصوص الوحي الواردة في موضوع الجهاد، على كثرتها، سواء كانت آيات أو أحاديث، فإنها ليس فيها ما يدل على فرض الجهاد أو القتال في جميع الأحوال ولا في حالة معينة في هذا العصر، وأغلب تلك النصوص يتردد بين ثلاثة أنواع؛ فمنها ما هو في باب الفضائل ورفع الروح المعنوية للمؤمنين، وهذا لا علاقة له بالأمر بالقتال، بل هو من الإعداد والتحضير المسبق الذي نصر به المسلمون على مر التاريخ، ومنها ما هو تحريض وتشجيع على البسالة في الميدان والثبات عند البأس، وهذا النوع من النصوص أيضًا لا يتحدث عن أصل الحرب ولا عن إعلانها من البداية، وإنما يتحدث عما هو مطلوب وممنوع خلال سير المعركة وما ينبغي وما لا ينبغي في ميدان القتال، ومنها ما هو أمر بالقتال على العموم أو بقتال عدو معين لكن المقصود به الحديث عن حروب قائمة معلنة أصلًا حسب الإجراءات الاجتهادية، وليس في ذلك أمر بقتال الجميع للجميع، ولا أمر بقتال ذلك العدو المحدد إلى يوم القيامة. وأما ما لا يقبل هذه الاحتمالات من النصوص فإنه يظل أمرًا بالجهاد أو بالقتال لكن دون تحديد المحل ولا المكان ولا الزمان، وأقصى ما تتضمنه أن نقول: إن فيها طلبًا وتشجيعًا على الجهاد والقتال ترك الله تعالى ورسوله r النظر في تحديد مناطه وزمانه ومكانه لأهل الاختصاص.

ولو لم يكن لهذا البحث من الثمرات سوى هز أركان واحدة من أخطر شبهات هذا العصر لكفته، بل يمكن أن نقول: هدمه أركان الشبهة التي تعلق بها واغتر بها كثيرون ممن رفعوا راية الجهاد -بمعنى القتال- من غير أهلها في غير محلها، ألا وهي كون الجهاد -بهذا المعنى المذكور- واجبًا مؤكدًا، أو فريضة غائبة، أو فرض عين، أو فرض كفاية، في كل الأزمان، أو في جميع الأحوال، وضد جميع الناس. وقد أثبت البحث بالدليل أن الجهاد -بهذا المعنى- ليس حكمه أيًّا مما سبق حتى ولو ادعى مدعون الإجماع على خلاف ذلك.

قائمة المصادر والمراجع

  1. ابن فارس، مقاييس اللغة، ت: عبد السلام هارون، ط. دار الفكر، دون رقم للطبعة، 1979
  2. ابن قيم الجوزية، زاد المعاد في هدي خير العباد، ت: شعيب وعبد القادر الأرنؤوط، ط. مؤسسة الرسالة، ط. 27، سنة 1994
  3. ابن حجر، أحمد بن علي، فتح الباري شرح صحيح البخاري، ط. دار أبي حيان، ط1، سنة 1996
  4. ابن كثير،  إسماعيل بن عمر، الفصول في سيرة الرسول، ت: محمد الخطراوي ومحيي الدين مستو، ط. مؤسسة علوم القرآن، دمشق، ط.3، سنة 1403هـ
  5. ابن هشام، السيرة النبوية، ت: مصطفى السقا وآخرين، ط. دار إحياء التراث العربي، دون رقم للطبعة، دون تاريخ
  6. أبو بكر ابن أبي شيبة، المغازي، تحقيق: عبد العزيز العمري، ط. دار إشبيليا، الرياض، السعودية، ط1، سنة 1999
  7. أبو الحسن الندوي، السيرة النبوية، ط. دار الشروق، ط. 8، سنة 1989
  8. أبو عمر بن عبد البر، الدرر في اختصار المغازي والسير، ت: شوقي ضيف، ط. دار المعارف، دون رقم للطبعة، دون تاريخ
  9. إحسان الهندي، الحرب والسلام في دولة الإسلام، دمشق، ط. دار النمير، ط1، 1993
  10. الراغب الأصفهاني، معجم مفردات القرآن، ت: يوسف البقاعي، ط. دار الفكر، دون رقم للطبعة، بيروت، 2010
  11. أكرم ضياء العمري، السيرة النبوية الصحيحة، ط. مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة، دون رقم للطبعة، دون تاريخ
  12. الطاهر بن عاشور، مقاصد الشريعة، ت: محمد الحبيب الخوجة، ط. وزارة الأوقاف، قطر، 2004
  13. القرافي، الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام، تحقيق: عبد الفتاح أبو غدة، ط. مكتب المطبوعات الإسلامية، حلب، ودار البشائر، بيروت، ط2، 1995
  14. القرافي، الفروق، القرافي، ت: عبد الحميد هنداوي، ط. المكتبة العصرية، بيروت، 2011
  15. القرافي، الذخيرة، ت: محمد حجي وآخرين، ط. دار الغرب الإسلامي، 3، تونس، دون تاريخ
  16. الواقدي، المغازي، ت: مارستن جونس، ط. عالم الكتب، ط. 3، سنة 1984
  17. سليمان الكلاعي، الاكتفاء في معازي رسول الله r والثلاثة الخلفاء، ت: مصطفى عبد الواحد، ط. الخانجي، القاهرة، دون رقم للطبعة، 1970
  18. سليمان الخراشي، نظرات في كتاب السلم والحرب في الإسلام للدكتور مصطفى السباعي، متاح دون صورة صفحة الغلاف على موقع السلفية دون كوم
  19. صلاح الخالدي، تهذيب مشارع الأشواق إلى مصارع العشاق في فضائل الجهاد لأحمد بن إبراهيم النحاس الدمشقي، ط. دار العلوم للنشر والتوزيع، متاح على موقع: الدرر دوت نت
  20. عبد الله صالح العلي، الحرب في الشريعة الإسلامية والقانون الدولي العام، رسالة دكتوراه، جامعة أم القرى، 1405-1406هـ غير مطبوع
  21. عبد الله الأنصاري، فقه أبي بكر t سياسة الحكم والجهاد والقضاء، رسالة ماجستير، جامعة أم القرى، 1993م غير مطبوع
  22. عبد الله إبراهيم زيد الكيلاني، نشأة الدولة الحديثة وأثرها على مفهوم الجهاد-مقارنات ومقاربات، الدليل الإلكتروني للقانون العربي
  23. عبد الرحمن الطريقي، مسائل الإمام أحمد في الجهاد رواية أبي بكر المروذي، مجلة جامعة أم القرى لعلوم الشريعة واللغة العربية وآدابها، ج17 ع33 ربيع الأول 1426هـ
  24. عبد العزيز الحميدي، السيرة النبوية، ط. دار الدعوة، دون رقم للطبعة، 2005
  25. عبد الرحمن بن حبيش، كتاب الغزوات، ت: أحمد غنيم، مطبعة حسان، القاهرة، ط.1، سنة 1983
  26. محمد خير هيكل، الجهاد والقتال في السياسة الشرعية، ط. دار البيارق-دار ابن حزم، دون رقم للطبعة، دون تاريخ
  27. محمد الأمين بن محمد الجكني، السيرة النبوية في فتح الباري، الكويت ط. سعد عبد العزيز الراشد، دون رقم للطبعة، دون تاريخ
  28. محمد الغزالي، جهاد الدعوة بين عجز الداخل وكيد الخارج، ط. نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، دون رقم للطبعة، 2005
  29. محمد علي الصلابي، السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث، موقع دعوة إنفو
  30. محمد أبو شهبة، السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة، ط. دار القلم، دمشق، ط.2، 1992
  31. محمد متولي الشعراوي، الجهاد في الإسلام، ط. مكتبة التراث الإسلامي، القاهرة، ط.1، 1998
  32. محمود شلتوت، القرآن والقتال، ط. دار الكتاب العربي، القاهرة، دون رقم للطبعة، 1951
  33. محمد بن بكر آل عابد، حديث القرآن الكريم عن غزوات الرسول r، ط. دار الغرب الإسلامي، ط1، بيروت، لبنان، دون تاريخ
  34. محمد الغزالي، فقه السيرة، ط. دار الشروق، دون رقم للطبعة، دون تاريخ
  35. محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، المغازي، ت: سهيل زكار، ط. دار الفكر، دمشق، دون رقم للطبعة، 1981
  36. مصطفى السباعي، السيرة النبوية دروس وعبر، ط. المكتب الإسلامي، دمشق-بيروت، دون رقم للطبعة، دون تاريخ
  37. مهدي رزق الله، السيرة في دور المصادر الأصلية، ط. مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، ط.1، سنة 1992
  38. موسى ابن عقبة، المغازي، جمع وتحقيق: محمد أبو مالك، ط. جامعة ابن زهر، أكادير، المغرب، ط1، 1994

http://www.aldorar.net/2015/07/tahzieb-book-mshari3-alashwaq-pdf.html

https://en.oxforddictionaries.com/definition/jihad

http://www.larousse.fr/encyclopedie/rechercher?q=djihad&t=

http://www.alsalafway.com/cms/book.php?action=book&id=1573

http://waqfeya.com/book.php?bid=6797

لتحميل جميع أعداد (مجلة المرقاة المحكمة) بنسخة Word + pdf :

https://drive.google.com/drive/folders/1ZDoZNZFySzrdmILoMtn-pZ0no9Lbh7VU?usp=sharing


[1] ابن فارس- مقاييس اللغة، ت: عبد السلام هارون، لبنان، دار الفكر، دون رقم للطبعة، 1979، مادة (ج ه د)

[2] انظر: الراغب الأصفهاني- معجم مفردات القرآن، ت: يوسف البقاعي، بيروت، دار الفكر، دون رقم للطبعة، 2010، مادة (جهد)

[3] ابن قيم الجوزية- زاد المعاد، ت: شعيب وعبد القادر الأرناؤوط، لبنان، مؤسسة الرسالة، ط. 27، سنة 1994، ج3، ص 11.

[4] ابن حجر العسقلاني- فتح الباري، دار أبي حيان، ط1، سنة 1996، ج7، ص 343.

[5] انظر: إحسان الهندي- الحرب والسلام في دولة الإسلام، دمشق، دار النمير، ط1، 1993، ص 127.

[6] محمد خير هيكل- الجهاد والقتال في السياسة الشرعية، دار البيارق-دار ابن حزم، دون رقم للطبعة ودون تاريخ، ص 40.

[7] محمد الأمين بن محمد الجكني- السيرة النبوية في فتح الباري، الكويت، ط. سعد عبد العزيز الراشد، دون رقم للطبعة ودون تاريخ، ج2، ص 127.

[8] أكرم ضياء العمري- السيرة النبوية الصحيحة، المدينة المنورة، مكتبة العلوم والحكم، ط6، سنة 1994، ج1، ص 337.

[9] https://en.oxforddictionaries.com/definition/jihad

[10] http://www.larousse.fr/encyclopedie/rechercher?q=djihad&t=

[11]  القرافي- الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام، تحقيق: عبد الفتاح أبو غدة، حلب، ط. مكتب المطبوعات الإسلامية، ودار البشائر، بيروت، ط2، 1995، ص 109.

[12] المرجع السابق، ص 99.

[13] المرجع نفسه، ص 99.

[14] المرجع نفسه، ص 99.

[15]  المرجع نفسه، ص 108.

[16] انظر الشيخ الطاهر بن عاشور- مقاصد الشريعة، ت: محمد الحبيب الخوجة، قطر، ط. وزارة الأوقاف، دون رقم للطبعة، 2004، ص 148 وما تلاها.

[17] القرافي- الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام، م س، ص 109.

[18] القرافي- الفروق، ت: عبد الحميد هنداوي، بيروت، ط. المكتبة العصرية، دون رقم للطبعة، 2011، ج1، 221و222.

[19] القرافي- الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام، م س، ص 109.

[20]  المرجع السابق ، ص 109.

[21]  المرجع نفسه، م س، ص 109، القرافي، الذخيرة، ت: محمد حجي وآخرين، تونس، ط. دار الغرب الإسلامي، ط3، دون تاريخ، ج9، ص 160.

[22] سليمان الكلاعي- الاكتفاء في معازي رسول الله r والثلاثة الخلفاء، ت: مصطفى عبد الواحد، القاهرة، ط. الخانجي، دون رقم للطبعة، 1970، ج1، ص 428.

[23] إحسان الهندي- الحرب والسلام في دولة الإسلام، م س، ص 132.

[24] الفتاوى لابن تيمية- نقلا عن سليمان الخراشي- نظرات في كتاب السلم والحرب في الإسلام للدكتور مصطفى السباعي، متاح دون صورة صفحة الغلاف على موقع السلفية دون كوم، ص 64.

[25] محمد الغزالي- جهاد الدعوة بين عجز الداخل وكيد الخارج، مصر، ط. نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، دون رقم للطبعة، 2005، ص 69.

[26] عبد الله صالح العلي- الحرب في الشريعة الإسلامية والقانون الدولي العام، رسالة دكتوراه، جامعة أم القرى، غير مطبوع، 1405-1406هـ ص 197 وما تلاها.

[27] محمد علي الصلابي- السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث، موقع دعوة إنفو، ص 459-460.

[28] أكرم ضياء العمري- السيرة النبوية الصحيحة، م س، ج1، ص 338.

[29] مهدي رزق الله- السيرة في دور المصادر الأصلية، ط. مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، ط.1، سنة 1992، ص 326.

[30] مصطفى السباعي- السيرة النبوية دروس وعبر، دمشق-بيروت، ط. المكتب الإسلامي، دون رقم للطبعة ودون تاريخ، ص 113.

[31] أكرم ضياء العمري- السيرة النبوية الصحيحة، م س، ج1، ص 337.

[32] المرجع السابق، ج1، ص 337.

[33] محمد أبو شهبة – السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة، دمشق، ط. دار القلم، 1992، ط.2، ج2، ص 73-74.

[34] ابن كثير- الفصول في سيرة الرسول، ت: محمد الخطراوي ومحيي الدين مستو، دمشق، ط. مؤسسة علوم القرآن، ط.3، سنة 1403هـ ص 121.

[35] ابن قيم الجوزية- زاد المعاد، م س، ج3، ص 70-71.

[36] محمد أبو شهبة- السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة، م س، ج2، ص 75.

[37] أبو الحسن الندوي- السيرة النبوية، ط. دار الشروق، ط. 8، سنة 1989، ص 209.

[38] مهدي رزق الله- السيرة في دور المصادر الأصلية، م س، ص 325.

[39] سليمان الكلاعي- الاكتفاء في معازي رسول الله r والثلاثة الخلفاء، م س، ج1، ص 429.

[40] ابن حجر- فتح الباري، م س، ج7، ص 343.

[41] المرجع السابق، ج7، ص 399.

[42] المرجع نفسه، ج7، ص 399.

[43] المرجع نفسه، ج7، ص 399.

[44] ابن حجر- فتح الباري، م س، ج7، ص 399.

[45] صلاح الخالدي- تهذيب مشارع الأشواق إلى مصارع العشاق في فضائل الجهاد لأحمد بن إبراهيم النحاس الدمشقي، ط. دار العلوم للنشر والتوزيع، متاح على موقع: الدرر دوت نت، ص 28.

[46] أكرم ضياء العمري- السيرة النبوية الصحيحة، م س، ج1، ص 339.

[47] سليمان الخراشي- نظرات في كتاب السلم والحرب، م س، ص 32.

[48] المرجع السابق، ص 21.

[49] عبد الله صالح العلي- الحرب في الشريعة الإسلامية والقانون الدولي العام، م س، ص 216 وما تلاها.

[50] حسن أيوب- فقه الجهاد في الإسلام، ط. دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، دون رقم للطبعة ودون تاريخ، ص 41.

[51] سليمان الخراشي- نظرات في كتاب السلم والحرب، م س، ص 54-55.

[52] أبو الوليد محمد بن رشد- بداية المجتهد، تحقيق عبد الرزاق المهدي، لبنان، ط. دار الكتاب العربي، دون رقم للطبعة، 2006، ص 298.

[53] صلاح الخالدي- تهذيب مشارع الأشواق، م س، ص 28.

[54] عبد الله الأنصاري- فقه أبي بكر t سياسة الحكم والجهاد والقضاء، رسالة ماجستير، جامعة أم القرى، غير مطبوع، 1993، ص 83.

[55] المرجع السابق، ص 83.

[56] المرجع نفسه، ص 84.

[57] محمد أبو شهبة- السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة، م س، ج2، ص 82.

[58] صلاح الخالدي- تهذيب مشارع الأشواق، م س، ص 28.

[59] ابن حجر- فتح الباري، م س، ج7، ص 399.

[60] صلاح الخالدي– تهذيب مشارع الأشواق، م س، ص 28.

[61] ابن حجر- فتح الباري، م س، ج7، ص 399.

[62] ابن قيم الجوزية- زاد المعاد، م س، ج3، ص 12.

[63] ابن قيم الجوزية- زاد المعاد، م س، ج3، ص 72.

[64] ابن حجر- فتح الباري، م س، ج7، ص 399.

[65] انظر: ابن حجر- فتح الباري، م س، ج7، ص 398.

[66] البخاري 2825 انظر: ابن حجر- فتح الباري، م س، ج7، ص 399.

[67] إحسان الهندي- الحرب والسلام في دولة الإسلام، م س، ص 131.

[68] أبو الوليد محمد بن رشد- بداية المجتهد، م س، ص 298.

[69] عبد الله إبراهيم زيد الكيلاني- نشأة الدولة الحديثة وأثرها على مفهوم الجهاد-مقارنات ومقاربات، الدليل الإلكتروني للقانون العربي، ص 21.

[70] سليمان الخراشي- نظرات في كتاب السلم والحرب، م س، ص 25.

[71] عبد الله صالح العلي- الحرب في الشريعة الإسلامية والقانون الدولي العام، م س، ص 218.

[72] سليمان الخراشي- نظرات في كتاب السلم والحرب، م س، ص 25.

[73] المرجع السابق، ص 67.

[74] عبد الله إبراهيم زيد الكيلاني- نشأة الدولة الحديثة وأثرها على مفهوم الجهاد، م س، ص 19.

[75] عبد الله إبراهيم زيد الكيلاني- نشأة الدولة الحديثة وأثرها على مفهوم الجهاد، م س، ص 14.

[76] المرجع السابق، ص 21.

[77] المرجع نفسه، ص 21.

[78] محمد الغزالي– جهاد الدعوة بين عجز الداخل وكيد الخارج، م س، ص 70.

[79] المرجع السابق، ص 71.

[80] عبد الله صالح العلي- الحرب في الشريعة الإسلامية والقانون الدولي العام، م س، ص 1012.

[81] انظر: إحسان الهندي- الحرب والسلام في دولة الإسلام، م س، ص 155

[82] محمد متولي الشعراوي- الجهاد في الإسلام، القاهرة، ط. مكتبة التراث الإسلامي، ط.1، 1998، ص 158.

[83] محمد متولي الشعراوي- الجهاد في الإسلام، م س، ص 182.

[84] انظر: مصطفى السباعي- السيرة النبوية دروس وعبر، م س، ص 114-115.

[85] عبد الله إبراهيم زيد الكيلاني- نشأة الدولة الحديثة وأثرها على مفهوم الجهاد، م س، ص 23.

[86] محمود شلتوت- القرآن والقتال، القاهرة، ط. دار الكتاب العربي، دون رقم للطبعة، 1951 ص 63.

[87] محمد الغزالي- جهاد الدعوة بين عجز الداخل وكيد الخارج، م س، ص 60

[88] إحسان الهندي- الحرب والسلام في دولة الإسلام، م س، ص 126.

[89] انظر: محمد خير هيكل- الجهاد والقتال في السياسة الشرعية، م س، ص 821-816.

[90] سليمان الخراشي- نظرات في كتاب السلم والحرب، م س، ص 29.

[91] صلاح الخالدي- تهذيب مشارع الأشواق، م س، ص 23.

[92] ابن حجر- فتح الباري، م س، ج7، ص 752

[93] المرجع السابق، ج7، ص 778

[94] المرجع نفسه ، م س، ج7، ص 779

[95] المرجع نفسه ، ج7، ص 779

[96] المرجع نفسه ، ج7، ص 779

[97] المرجع نفسه، ج7، ص 790

[98] عبد الرحمن الطريقي- مسائل الإمام أحمد في الجهاد رواية أبي بكر المروذي، مجلة جامعة أم القرى لعلوم الشريعة واللغة العربية وآدابها، ج17 ع33 ربيع الأول 1426هـ ص 31

[99] سليمان الخراشي- نظرات في كتاب السلم والحرب، م س، ص 63 نقلا عن محاضرة لابن باز لم يحددها المؤلف

[100] عبد الله إبراهيم زيد الكيلاني- نشأة الدولة الحديثة وأثرها على مفهوم الجهاد، م س، ص 17

[101] الطاهر بن عاشور- مقاصد الشريعة، م س، ج 3، ص 168.

[102] محمود شلتوت- القرآن والقتال، م س، ص 27 وما تلاها.

[103] محمد بن بكر آل عابد- حديث القرآن الكريم عن غزوات الرسول r، ط. دار الغرب الإسلامي، بيروت، لبنان، ط1، دون تاريخ، ج1، ص 43.

[104] محمد الغزالي، فقه السيرة، ط. دار الشروق، دون رقم للطبعة ودون تاريخ، ص 159.

[105] أبو عمر بن عبد البر- الدرر في اختصار المغازي والسير، ت: شوقي ضيف، ط. دار المعارف، دون رقم للطبعة ودون تاريخ، ص 95.

[106] محمد خير هيكل- الجهاد والقتال في السياسة الشرعية، م س، ص 506 وما تلاها.

[107] سليمان الكلاعي- الاكتفاء في معازي رسول الله r والثلاثة الخلفاء، م س، ج2، ص 3.

[108] أكرم ضياء العمري- السيرة النبوية الصحيحة، م س، ج1، ص 343.

[109] محمد خير هيكل- الجهاد والقتال في السياسة الشرعية، م س، ص 506 وما تلاها.

[110] ابن كثير- الفصول في سيرة الرسول، ت: محمد الخطراوي ومحيي الدين مستو، دمشق، ط. مؤسسة علوم القرآن، ط.3، سنة 1403هـ ص 121.

[111] ابن كثير- الفصول في سيرة الرسول، م س، ص 121.

[112] أكرم ضياء العمري- السيرة النبوية الصحيحة، م س، ج1، ص 341.

[113] محمد خير هيكل- الجهاد والقتال في السياسة الشرعية، م س، ص 815.

[114] محمد خير هيكل- الجهاد والقتال في السياسة الشرعية، م س، ص 515 وما تلاها.

[115] انظر: محمد أبو شهبة- السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة، م س، ج2، ص 87-90.

[116] ابن قيم الجوزية- زاد المعاد، م س، ج3، ص 71.

[117] محمد الأمين بن محمد الجكني- السيرة النبوية في فتح الباري، م س، ج2، ص 123.

[118] عبد العزيز الحميدي- السيرة النبوية، ط. دار الدعوة، دون رقم للطبعة، 2005، ص 406.

[119] محمد أبو شهبة- السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة، م س، ج2، ص67.

[120] المرجع السابق، ج2، ص67.

[121] انظر: أكرم ضياء العمري- السيرة النبوية الصحيحة، م س، ج1، ص 345.

[122] ابن هشام- السيرة النبوية، ت: مصطفى السقا وآخرين، ط. دار إحياء التراث العربي، دون رقم للطبعة ودون تاريخ، ج 1، ص 606 – 607.

[123] أسباب النزول للسيوطي، عن: محمد بن بكر آل عابد- حديث القرآن الكريم عن غزوات الرسول r، م س، ج1، ص 56.

[124] محمد بن مسلم بن شهاب الزهري- المغازي، ت: سهيل زكار، ط. دار الفكر، دمشق، دون رقم للطبعة، 1981، ص 76.

[125] محمد بن بكر آل عابد- حديث القرآن الكريم عن غزوات الرسول r، م س، ج1، ص 153.

[126] محمد بن مسلم بن شهاب الزهري- المغازي، م س، ص 79.

[127] محمد بن بكر آل عابد- حديث القرآن الكريم عن غزوات الرسول r، م س، ج2 ص 421.

[128] البخاري، 2813 انظر ابن حجر- فتح الباري، م س، ج7، ص 387.

[129] موسى ابن عقبة- المغازي، جمع وتحقيق: محمد أبو مالك، أكادير، المغرب، ط. جامعة ابن زهر، ط1، 1994، ص 225-226.

[130] محمد بن مسلم بن شهاب الزهري- المغازي، م س، ص 84.

[131] محمد الأمين بن محمد الجكني- السيرة النبوية في فتح الباري، م س، ج3، ص 87.

[132] ابن هشام، عن محمد بن بكر آل عابد- حديث القرآن الكريم عن غزوات الرسول r، م س، ج2 ص 559.

[133] المرجع السابق، ج2 ص 561.

[134] المرجع نفسه، ج2 ص 587.

[135] المرجع نفسه، ج2 ص 607-609.

[136]  الدر المنثور للسيوطي، عن محمد بن بكر آل عابد – حديث القرآن الكريم عن غزوات الرسول r، م س، ج2 ص 617.

[137] الواقدي- المغازي، ت: مارستن جونس، ط. عالم الكتب، ط. 3، سنة 1984، ج3، ص 1121.

[138] انظر: عبد الرحمن بن حبيش- كتاب الغزوات، ت: أحمد غنيم، مطبعة حسان، القاهرة، ط.1، سنة 1983، ص 17-18.

[139] ابن حبيش- كتاب الغزوات، م س، ص 22.