خاص هيئة علماء فلسطين

    

أ: شرقي مصطفى

الملخص:

تعدُّ الملكية على مساحة الأرض الواقعة بين وادي الأردن والبحر الأبيض المتوسط، أصعب وأعقد الأمور في الصراع العربي- الفلسطيني الإسرائيلي. وقد أصبح الأمر يشغل بال العالم بأسره، قرناً ونيفًا من الزمن، كما سخرت المرجعيات الدينية والسياسية معًا، لتبرير الملكية على الأرض. إن الهدف من هذه الدراسة، هو إعطاء القارئ العربي لمحة قصيرة عن الجذور والمرجعيات اليهودية، فيما يتعلق بالأرض، مستندًا إلى العهد القديم والإسلام.

كلمات المفاتيح: الأرض الموعودة، الإسلام، العهد القديم.

Ownership over the land between the Jordan Valley and the Mediterranean Sea is the most difficult and complicated matters in the Arab-Palestinian-Israeli conflict. It has become a matter of concern for the entire world, over a century ago, and both religious and political references have been used to justify ownership on land. The aim of this study is to give the Arab reader a short overview of the Jewish roots and references, regarding the land, based on the Old Testament and Islam.

Key Words: The Promised Land, Islam, Old Testament.

مقدمة:

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم صلاة وتسليمًا يليقان بمقام أمير الأنبياء وإمام المرسلين، وبعد:

يتناول هذا البحث “الأرض الموعودة بين الإسلام والعهد القديم” عملية رصد فكري لتطور نظرة بني إسرائيل إلى الآخر من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية وكتابهم المقدس العهد القديم، مع سرد النصوص الدينية وتحليلها.

أولًا: أهمية الدراسة:

تتجلى أهمية هذه الدراسة في أنها تعمد إلى قراءة تلك النصوص الشرعية؛ وفق منهج علمي يتحلى بالموضوعية، وبالاستقلال الفكري المجرد في البحث عن الحقيقة حيال الموضوع المطروح؛ بغية البعد عن الوقوع في شرك الخلفية الفكرية.

ثانيًا: أهداف الدراسة:

استندت في بحثي على النصوص الشرعية التي تخص مجتمع بني إسرائيل؛ لأن كل جانب خاضع لنصوصه. وإنني أريد من عملي إبراز الصورة والشكل الحقيقي للأرض الموعودة.

ذلك لنعرف حجم الانهيار والانتكاسة التي أصابت عقول بني إسرائيل جراء التحريف، وحجم الكفر والضياع الذي يعيشه أهل الكتاب عامة وبني إسرائيل خاصة، ويحسبون أنهم يحسنون عملًا.

هذه دراستي إلى كل منصف، أما الذين أعطوا عقولهم إجازة مفتوحة، وحقنوا أعمارهم بالخرافات والأساطير حتى تكدست في نفوسهم وقلوبهم وأجسادهم؛ فسيعبرون كالعادة معرضين ساخرين ينظرون، ولكنهم لا يبصرون.

ثالثاً: الإشكال:

هذه الدراسة تجيب عن الأسئلة الآتية:

ماهي الأرض الموعودة؟

ماهي حدودها؟ وأوصافها؟

 وشروط استحقاقها؟

رابعًا: الخطة:

مقدمة: تعريف بالموضوع.

المبحث الأول: الأرض الموعودة في الإسلام.

المبحث الثاني: الأرض الموعودة في العهد القديم.

خاتمة: خلاصة.

خامسًا: المنهج المتبع: 

تنتهج الدراسة المنهج التحليلي التفسيري الرامي إلى تعميق رؤيتنا لمجتمع بني إسرائيل، حتى نعرفه في كل تركيبته، ومن ثم تزداد قدرتنا على تفسير الظاهرة والتنبؤ بتغيراتها وتداعياتها. فحاولت إعطاء تعريف للأرض الموعودة، بواسطة تحليل نصوص التوراة التي أثرت على عقيدة مجتمع بني إسرائيل وتفكيره. وقد عززت رؤيتي بالتوثيق، حيث رددت النصوص إلى مصادرها.

سادسًا: الدراسات السابقة:

إن مرحلة جمع المادة في هذا البحث؛ أخذت مني وقتًا أكثر من غيرها، إلا أنني لم أجد بحثًا حرًّا أو رسالة أكاديمية، تجيب عن الأسئلة التي طرحتها في هذا البحث. وهذا راجع إما لأنني لم أبحث جيدًا، أو عدم وجودها، أو هي موجودة ضمن بحوث تحمل عناوين غير العناوين التي بحثت عنها.

المبحث الأول: الأرض الموعودة في الإسلام:

لا يمكن القول؛ بأن عهد الله قائم على العنصرية، لأن الله ليس عنصريًّا. لم يكن الادعاء اليهودي بأرض الميعاد أو أرض إسرائيل بناء على وعد الله لإبراهيم ونسله عنصريًّا([1]). إذا كان هذا عنصريًّا؛ فإن اليهود الأوروبيين المتحولين لا يستحقون الأرض الموعودة. بما أن عهد الله هو جانب ديني؛ يسعى إلى العبادة والطاعة من عبيده، والجزاء في المقابل، فإن كونك إسرائيليًّا من نسل إبراهيم ليس هو الشرط الأساسي. هذا هو السياق الذي تم تسليط الضوء عليه في كل من القرآن والكتاب المقدس أنه من أجل تحقيق طاعة الله، يجب أيضًا الوفاء بعهد الله([2]).

ليس لليهود اليوم حق في فلسطين وأرض الميعاد بشكل عام. ومن ناحية أخرى، للمسلمين الحق الأكبر إذا اعتبرناه قائمًا على الوفاء بالعهد الإلهي؛ لأنه تم قطع العهد مع إبراهيم؛ في القرآن الكريم، لقوله تعالى: ﴿وإِذْ قال إِبْراهِيم ربِّ اجْعلْ هذا بلدا آمِنا وارْزقْ أهْله مِن الثّمراتِ منْ آمن مِنْهمْ بِاللّهِ والْيوْمِ الْآخِرِ قال ومنْ كفر فأمتِّعه قلِيلًا ثمّ أضْطرّه إِلى عذابِ النّارِ وبِئْس الْمصِير﴾ [سورة البقرة: 126]، نرى هذا عندما يرفض الله توسل إبراهيم بإدراج نسله في العهد بشكل عام. من هنا يتضح شيء واحد، وهو أن العهد يتطلب الوفاء بالإيمان وعبادة الله. ومن الواضح أنه في القرآن ينبذ الخطاة والكفار من عهد الله: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ سورة البقرة: 124، هنا يعطي القرآن الكريم شرطًا للوفاء بالعهد مقابل بركات الله، لكن الإسرائيليين رفضوا طاعة الله، وبالتالي كسروا العهد وحرمان بركات الله التي هي أرض الميعاد([3]).([4])

تعتبر أرض فلسطين جزءًا من الأرض الموعودة؛ ويمكن أن تنتمي أيضًا إلى شعب فلسطين؛ بسبب استمرار وجودهم وملكيتهم للأرض والممتلكات، ويسمح لك الله بالتأكيد بالدفاع عن ما لك حق. لكن الإسرائيليين واليهود اليوم وجودهم على فلسطين ليس مستمرًا. اليهود عوقبوا بالشتات مرات عديدة، فتم تدمير الإسرائيليين وتفرقهم، وكذلك تراثهم وبنيتهم ​​التاريخية. وهكذا انتهت إقامتهم حتى لا يستطيعوا الادعاء بأن فلسطين تنتمي للحكم اليهودي.

نقرأ قوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ﴾ سورة البقرة: 83، ذكر تبارك وتعالى بني إسرائيل بما أمرهم به من الأوامر، وأخذ ميثاقهم على ذلك، وأنهم تولوا عن ذلك كله، وأعرضوا قصدًا وعمدًا، وهم يعرفونه ويذكرونه، فأمرهم أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا. وبهذا أمر جميع خلقه، ولذلك خلقهم كما قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعبدونِ﴾ سورة الأنبياء: 25، وهذا هو أعلى الحقوق وأعظمها، وهو حق الله تعالى، أن يعبد وحده لا شريك له، ثم بعده حق المخلوقين، وآكدهم وأولاهم بذلك حق الوالدين، ولهذا يقرن الله تعالى بين حقه وحق الوالدين، كما قال تعالى: ﴿ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾ سورة لقمان: 14. ([5])

وجاء في سورة البقرة قوله تعالى: ﴿يَا بَنِي إِسْرائيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ﴾ سورة البقرة: 40، يا ذرية يعقوب اذكروا نعمي الكثيرة عليكم، واشكروا لي، وأتموا وصيتي لكم: بأن تؤمنوا بكتبي ورسلي جميعًا، وتعملوا بشرائعي. فإن فعلتم ذلك أتمم لكم ما وعدتكم به من الرحمة في الدنيا، والنجاة في الآخرة. وإيّاي -وحدي- فخافوني، واحذروا نقمتي إن نقضتم العهد، وكفرتم بي. المراد بإسرائيل: يعقوب عليه السلام، والخطاب مع فرق بني إسرائيل، الذين بالمدينة وما حولها، ويدخل فيهم من أتى من بعدهم، فأمرهم بأمر عام، فقال: “اذْكروا نِعْمتِي الّتِي أنْعمْت عليْكمْ” وهو يشمل سائر النعم التي سيذكر في هذه السورة بعضها، والمراد بذكرها بالقلب اعترافًا، وباللسان ثناء، وبالجوارح باستعمالها فيما يحبه ويرضيه. “وأوْفوا بِعهْدِي” وهو ما عهده إليهم من الإيمان به، وبرسله وإقامة شرعه. “أوفِ بِعهْدِكمْ” وهو المجازاة على ذلك. والمراد بذلك: ما ذكره الله في قوله: ﴿وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً لأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾ [المائدة : 12] إلى ثم أمرهم بالسبب الحامل لهم على الوفاء بعهده، وهو الرهبة منه تعالى، وخشيته وحده، فإن منْ خشِيه أوجبت له خشيته امتثال أمره واجتناب نهيه.([6])

الرفض:

بعد هذا الأمر لكم بهذه الأوامر الحسنة التي إذا نظر إليها البصير العاقل، عرف أن من إحسان الله على عباده أن أمرهم بها، وتفضل بها عليهم وأخذ المواثيق عليكم ﴿ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ﴾ سورة البقرة83، على وجه الإعراض؛ لأن المتولي قد يتولى، وله نية رجوع إلى ما تولى عنه، وهؤلاء ليس لهم رغبة ولا رجوع في هذه الأوامر، فنعوذ بالله من الخذلان. وقوله: “إِلّا قلِيلًا مِنْكمْ” هذا استثناء؛ لئلا يوهم أنهم تولوا كلهم، فأخبر أن قليلًا منهم، عصمهم الله وثبتهم.([7])

وتقرأ قوله عز وجل: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ سورة البقرة: 93، يعدد، الله تعالى، عليهم خطأهم ومخالفتهم للميثاق وعتوهم وإعراضهم عنه، حتى رفع الطور عليهم حتى قبلوه ثم خالفوه؛ ولهذا قال: “قالوا سمعنا وعصينا” فإنه خبر من الله – عن اليهود الذين أخذ ميثاقهم أن يعملوا بما في التوراة، وأن يطيعوا الله فيما يسمعون منها – أنهم قالوا حين قيل لهم ذلك: سمعنا قولك، وعصينا أمرك.([8])

وتقرأ قوله تعالى: “وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم” قال عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة: “وأشربوا في قلوبهم العجل” قال: أشربوا حبه، حتى خلص ذلك إلى قلوبهم. وكذا قال أبو العالية، والربيع بن أنس. وقال الإمام أحمد: حدثنا عصام بن خالد، حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم الغساني، عن خالد بن محمد الثقفي، عن بلال بن أبي الدرداء، عن أبي الدرداء، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “حبك الشيء يعمي ويصم”.([9])

ورواه أبو داود عن حيوة بن شريح عن بقية، عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم به وقال السدي: أخذ موسى، عليه السلام، العجل فذبحه ثم حرقه بالمبرد، ثم ذراه في البحر، فلم يبق بحر يجري يومئذ إلا وقع فيه شيء منه، ثم قال لهم موسى: اشربوا منه. فشربوا، فمن كان يحبه خرج على شاربيه الذهب. فذلك حين يقول الله تعالى: “وأشربوا في قلوبهم العجل”. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عبد الله بن رجاء، حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق، عن عمارة بن عبد وأبي عبد الرحمن السلمي، عن علي بن أبي طالب، قال: عمد موسى إلى العجل، فوضع عليه المبارد، فبرده بها، وهو على شاطئ نهر، فما شرب أحد من ذلك الماء ممن كان يعبد العجل إلا اصفر وجهه مثل الذهب([10]).

وقوله تعالى: ﴿فبِما نقْضِهِم مِّيثاقهمْ وكفْرِهِم بِآياتِ اللّهِ وقتْلِهِم الْأنبِياء بِغيْرِ حقٍّ وقوْلِهِمْ قلوبنا غلْف بلْ طبع اللّه عليْها بِكفْرِهِمْ فلا يؤْمِنون إِلّا قلِيل﴾ سورة النساء: 155، فهذه من الذنوب التي ارتكبوها، مما أوجب لعنتهم وطردهم وإبعادهم عن الهدى، وهو نقضهم المواثيق والعهود التي أخذت عليهم، وكفرهم بآيات الله؛ أي: حججه وبراهينه، والمعجزات التي شاهدوها على أيدي الأنبياء، عليهم السلام. قوله: “وقتلهم الأنبياء بغير حق”؛ وذلك لكثرة إجرامهم واجترائهم على أنبياء الله، فإنهم قتلوا جمًّا غفيرًا من الأنبياء بغير حق عليهم السلام.([11])

وقولهم: “قلوبنا غلف” قال ابن عباس، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وعكرمة، والسدي، وقتادة، وغير واحد؛ أي: في غطاء. وهذا كقول المشركين: ﴿ وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ﴾  سورة فصلت: 5. وقيل: معناه أنهم ادعوا أن قلوبهم غلف للعلم، أي: أوعية للعلم قد حوته وحصلته([12]). قال الله تعالى: ﴿بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ﴾ [النساء : 155] فعلى القول الأول كأنهم يعتذرون إليه بأن قلوبهم لا تعي ما يقول؛ لأنها في غلف وفي أكنة، بل هو مطبوع عليها بكفرهم، وعلى القول الثاني عكس عليهم ما ادعوه من كل وجه.([13])

رفض الإسرائيلي لدخول أرض الموعد:

يقول تعالى: ﴿ قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَداً مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ﴾ سورة المائدة: 24-26، وما أحسن ما أجاب به الصحابة، رضي الله عنهم يوم بدر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استشارهم في قتال النفير، الذين جاءوا لمنع العير الذي كان مع أبي سفيان فلما فات اقتناص العير، واقترب منهم النفير، وهم في جمع ما بين التسعمائة إلى الألف، في العدة والبيض واليلب، فتكلم أبو بكر رضي الله عنه، فأحسن ، ثم تكلم من تكلم من الصحابة من المهاجرين ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “أشيروا علي أيها المسلمون”. وقال ابن جرير: حدثنا بشر حدثنا يزيد حدثنا سعيد عن قتادة قال: ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه يوم الحديبية حين صد المشركون الهدي وحيل بينهم وبين مناسكهم: “إني ذاهب بالهدي فناحره عند البيت”. فقال له المقداد بن الأسود: أما والله لا نكون كالملأ من بني إسرائيل إذ قالوا لنبيهم: ” فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ” ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم مقاتلون، فلما سمعها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تتابعوا على ذلك([14]).

 ويقال: إنهم لما نكلوا على الجهاد وعزموا على الانصراف والرجوع إلى بلادهم، سجد موسى وهارون، عليهما السلام، قدام ملأ من بني إسرائيل إعظامًا لما هموا به، وشق يوشع بن نون، وكالب بن يوفنا ثيابهما، ولاما قومهما على ذلك، فيقال: إنهم رجموهما؛ وجرى أمر عظيم وخطر جليل. ولما دعا عليهم موسى عليه السلام، حين نكلوا عن الجهاد حكم الله عليهم بتحريم دخولها قدرا مدة أربعين سنة، فوقعوا في التيه يسيرون دائمًا لا يهتدون للخروج منه، وفيه كانت أمور عجيبة، وخوارق كثيرة، من تظليلهم بالغمام وإنزال المن والسلوى عليهم، ومن إخراج الماء الجاري من صخرة صماء تحمل معهم على دابة، فإذا ضربها موسى بعصاه انفجرت من ذلك الحجر اثنتا عشرة عينًا تجري لكل شعب عين، وغير ذلك من المعجزات التي أيد الله بها موسى بن عمران. وهناك أنزلت التوراة، وشرعت لهم الأحكام، وعملت قبة العهد، ويقال لها: قبة الزمان.([15])

وقد اختار ابن جرير أن قوله: “فإنها محرمة عليهم” هو العامل في أربعين سنة، وأنهم مكثوا لا يدخلونها أربعين سنة، وهم تائهون في البرية لا يهتدون لمقصد. قال: ثم خرجوا مع موسى عليه السلام، ففتح بهم بيت المقدس. ثم احتج على ذلك قال: بإجماع علماء أخبار الأولين أن عوج بن عنق قتله موسى عليه السلام، قال: فلو كان قتله إياه قبل التيه لما رهبت بنو إسرائيل من العماليق فدل على أنه كان بعد التيه. قال: وأجمعوا على أن بلعام بن باعورا أعان الجبارين بالدعاء على موسى قال: وما ذاك إلا بعد التيه؛ لأنهم كانوا قبل التيه لا يخافون من موسى وقومه. وأما تكليف الله بالقدس في الإسلام: لقوله تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ [الإسراء : 1].

المبحث الثاني: الأرض الموعودة في العهد القديم:

إن مفهوم الأرض الموعودة هو المبدأ الأساسي للصهيونية، التي يشير خطابها إلى أن اليهود الحديثين ينحدرون من الإسرائيليين ومن أهل ماكابوس، الذين يرثون من خلالهم الحق في إعادة بناء “وطنهم الوطني”([16]).

كشعب مميز لدى الرب، يرى بنو إسرائيل ضرورة وجود مكان مميز لهذا الشعب، وهذا المكان هو الوعد الذي قطعه الله مع بني إسرائيل لإبراهيم – عليه السلام -: “قطع الرب مع ابرام (إبراهيم) ميثاقًا قائلًا: لِنسْلِك أعطي هذه الأرض، من نهر مصر إلى النهر الكبير، نهر الفرات”([17]).

في اليهودية، يعرف إبراهيم باسم المؤسس أو البطريرك الأول، مما يعني أن الشعب اليهودي يسعى جاهدًا إلى الاقتداء به. وكان أول نبي يهودي، ولقد بعث برسالة الرب إلى الشعب. ومن خلال إبراهيم نشأت فكرة الأرض الموعودة، أو وطن للشعب اليهودي.([18])

وقد تلقى إبراهيم العهد الأول مع الله. ولد في مدينة أور (الواقعة في البلاد التي تسمى الآن العراق) في وقت كان فيه الأوثان عبادة شائعا. كتاب التكوين يقول إن الله تكلم إلى إبراهيم في رؤية، قائلًا: وقال الرّبّ لأبْرام: «اذْهبْ مِنْ أرْضِك ومِنْ عشِيرتِك ومِنْ بيْتِ أبِيك إِلى الأرْضِ الّتِي أرِيك([19]). فأجْعلك أمّة عظِيمة وأبارِكك وأعظِّم اسْمك، وتكون بركة. وأبارِك مبارِكِيك، ولاعِنك ألْعنه. وتتبارك فِيك جمِيع قبائِلِ الأرْضِ”. فذهب أبْرام كما قال له الرّبّ وذهب معه لوط. وكان أبْرام ابْن خمْسٍ وسبْعِين سنة لمّا خرج مِنْ حاران. فأخذ أبْرام ساراي امْرأته، ولوطًا ابْن أخِيهِ، وكلّ مقْتنياتِهِما الّتِي اقْتنيا والنّفوس الّتِي امْتلكا فِي حاران. وخرجوا لِيذْهبوا إِلى أرْضِ كنْعان. فأتوْا إِلى أرْضِ كنْعان. واجْتاز أبْرام فِي الأرْضِ إِلى مكانِ شكِيم إِلى بلّوطةِ مورة. وكان الْكنْعانِيّون حِينئِذٍ فِي الأرْضِ. وظهر الرّبّ لأبْرام وقال: “لِنسْلِك أعْطِي هذِهِ الأرْض”. فبنى هناك مذْبحًا لِلرّبِّ الّذِي ظهر له.([20])

الله أعطى إبراهيم تعليمات بمغادرة بيته والسفر إلى كنعان، أرض الميعاد، التي تعرف اليوم باسم إسرائيل. الله طلب من إبراهيم أن يتبع قواعده وأن يكون مثالًا جيدًا للآخرين. وفي المقابل، وعد الله بإعطاء إبراهيم وزوجته سارة الطفل الذي كانا يتوقان إليه، وبتسمية ذريتهما كأناسٍ يختارونه. ولقد اتفق إبراهيم على أنه وذريته سوف يطاعون ويبيدون بالله. فاليهود يعتقدون أن الله وإبراهيم دخلوا في العهد الذي وعد فيه الله العديد من الأحفاد، أمة مباركة وأرض موعودة.

يشير الكتاب المقدس مرارًا وتكرارًا إلى عرض الرب للأراضي الموعودة لإبراهيم وذريته. مع وعد الله إبراهيم وزوجته سارة العديد من النسل خلال الأجيال القادمة: “فلا يدْعى اسْمك بعْد أبْرام بلْ يكون اسْمك إِبْراهِيم، لأنِّي أجْعلك أبا لِجمْهورٍ مِن الأممِ. وأثْمِرك كثِيرًا جِدًّا، وأجْعلك أممًا، وملوك مِنْك يخْرجون. وأقِيم عهْدِي بيْنِي وبيْنك، وبيْن نسْلِك مِنْ بعْدِك فِي أجْيالِهِمْ، عهْدًا أبدِيًّا([21])، لأكون إِلهًا لك ولِنسْلِك مِنْ بعْدِك. وأعْطِي لك ولِنسْلِك مِنْ بعْدِك أرْض غرْبتِك، كلّ أرْضِ كنْعان ملْكًا أبدِيًّا. وأكون إِلههمْ”([22]).([23]) يعتقد اليوم العديد من اليهود أن الأرض المعروفة الآن بإسرائيل تنتمي إلى اليهود وفاء بعهد الرب مع إبراهيم لمنح الشعب اليهودي أرض موعودة. وقد أدى ذلك في كثير من الأحيان إلى نشوب صراع داخل الدين وخارجه. في عام 1948، وفي مواجهة معارضة الدول العربية في الشرق الأوسط، أنشئت دولة إسرائيل. ومنذ ذلك الحين كانت هناك نزاعات كثيرة بل وحتى حروب على الأرض.

من خلال العهد، لقد أصبح إبراهيم أول إنسان يرفض الآلهة الزائفة لصالح الرب الحقيقي الوحيد. اليهود يعتقدون أن العهد بين الله وإبراهيم يمتد إلى كل اليهود. لقد كانت بداية العلاقة بين الله والشعب اليهودي. إن العهد يحمل معه وعد أرض كنعان. ويعتقد بعض اليهود أن هذا الوعد لا يزال في غير أوانه.

وبالنسبة لبعض اليهود، فإن علاقتهم بدولة إسرائيل الحديثة تشكل جزءًا أساسيًّا من هويتهم الدينية وأساسيًّا لفهم اليهودية. بالنسبة لبعض اليهود، إن الارتباط بإسرائيل يشكل جزءًا من هويتها الثقافية والشخصية. إن أقلية ضئيلة للغاية من اليهود لا يرون أن أرض إسرائيل تشكل أهمية كبيرة في فهمهم لما يعنيه أن تكون يهودية. وهؤلاء اليهود يميلون إلى قضاء وقت أقل في ممارسة عقيدتهم الإيمانية. هناك بعض اليهود الذين يشعرون بأنه ما كان ينبغي أن تكون هناك محاولة لإقامة دولة إسرائيل قبل قدوم المسيا؛ لأن نفي اليهود من الأرض كان بمثابة عقاب من الله.([24])

فهذه الأرض في العقيدة اليهودية تعرف كـ”أرض إسرائيل” أو “أرض الميعاد”، وتردد التوراة، في أماكن عديدة، “الوعد الإلهي على أن الأرض (المساحة: الواقعة بين وادي الأردن والبحر الأبيض المتوسط) قد أعطيت لبني إسرائيل بوعد رباني”([25]). وقد أتت لفظة “أرض الميعاد” من هذا الوعد الإلهي، وكما ورد في قول الرب لسيدنا إبراهيم في: “وقال الرّبّ لأبرام: ارحلْ مِنْ أرضِك وعشيرتِك وبيتِ أبيك إلى الأرضِ التي أريك، فأجعلك أمّة عظيمة وأبارِكك وأعظِّم اسمك وتكون بركة، وأبارِك مبارِكيك وألعن لاعنيك، ويتبارك بِك جميع عشائِرِ الأرضِ، فرحل أبرام، كما قال له الرّبّ، وذهب معه لوط. وكان أبرام ابن خمْسٍ وسبْعين سنة لمّا خرج مِنْ حاران، وأخذ أبرام ساراي امْرأته ولوطًا ابن أخيهِ، وكل ما كان يمتلكه، هو ولوط، والعبيد الذين حصلا عليهِم في حاران. وخرجوا جميعًا قاصِدين أرض كنعان. فلمّا وصلوا إلى أرض كنعان، اجتاز أبرام في الأرضِ إلى بلّوطةِ مورة في شكيم، عِندما كان الكنعانيّون في الأرضِ”([26]). وتكرر الوعد في سفر التكوين، الإصحاح الخامس عشر، على النحو الآتي: “وبعد ذلِك تراءى الرّبّ لأبرام وقال له: “لا تخفْ يا أبرام. أنا ترس لك، وأجرك عِندي عظيم جدًّا، فقال أبرام: يا سيِّدي الرّبّ ما نفْع ما تعطيني وأنا سأموت عقيمًا، ووارث بيتي هو أليعازر الدِّمشقيّ!، وقال أبرام أيضًا: ما رزقْتني نسلًا، وربيب بيتي هو الذي يرثني،  فقال له الرّبّ: لا يرِثك أليعازر، بل منْ يخرج مِنْ صلبِك هو الذي يرِثك،  وقاده إلى خارج، وقال له: “انظرْ إلى السّماءِ وعد النّجوم إنْ قدِرْت أنْ تعدّها”. وقال له: “هكذا يكون نسلك، فآمن أبرام بالرّبِّ، فبرّره الرّبّ لإيمانِهِ. وقال له الرّبّ: أنا الرّبّ الذي أخرجك مِنْ أورِ الكلدانيِّين لأعطيك هذِهِ الأرض مِيراثًا لك”([27]).

إن سرّ عظمة الأرض لا في اتساع حدودها ولا في سلطان ملوكها لكن في كونها “مركز العبادة الإلهيّة زمانًا حتى يخرج القضيب الذي من أصل يسّى ويملك على قلوب البشريّة”([28]). يقول المرتل “الله معروف في يهوذا، اسمه عظيم في إسرائيل، كانت في ساليم مظلته، ومسكنه في صهيون”([29]).

والواقع أن تعاليم التوراة، لا يمكن أن تنفّذ كاملة إلا في الأرض المقدّسة. بل، وكما جاء في أحد أسفار التلمود، فإن السكنى في الأرض بمنزلة الإيمان: “لأن من يعيش داخل أرض يسرائيل يمكن اعتباره مؤمنًا، أما المقيم خارجها فهو إنسان لا إله له”([30]). بل قـد جـاء أن من يعيش خارج أرض الميعاد كمن يعبد الأصنام، وجاء أيضًا أن من يشري أربع أذرع في أرض إسرائيل يعش لا ريب إلى أبد الآبدين، ومن يعـش في أرض إسـرائيل يطهر من الذنوب، بل إن حديث من يسكنون في أرض إسـرائيل تـوراة في حد ذاته. وقد جاء في التوراة: “لا يقول ساكـن في الأرض أنا مرضْت. الشعب الساكن فيها مغفور الإثم”([31]).

وقد ارتبطت شعائر الديانة اليهودية بالأرض ارتباطًا كبيرًا، “فبعض الصلوات من أجل المطر والندى تتلى بما يتفق مع الفصول في أرض الميعاد، والشعائر الخاصة بالزراعة وبعض التحريمات الخاصة بعدم الخلط بين الأنواع المختلفة من النباتات والحيوانات لا تقام إلا في الأرض المقدّسة”([32]). وتدور صلوات عيد الفصح حول الخروج من مصر والدخول في الأرض، ويردد المحتفلون بالعيد الرغبة في التلاقي العام القادم في أورشليم، “وحتى الآن، يرسل بعض أعضاء الجماعات اليهودية في العالم في طلب شيء من تراب الأرض لينثر فوق قبورهم بعد موتهم”([33]).

حدود أرض الموعد:

كان في كلام الله لموسي بعد خروج بني إسرائيل من مصر: “واجعل حدودك من البحر الأحمر إلى بحر فلسطين ومن الأردن إلى نهر الأردن”([34]) بحيث لا تشكل أرض فلسطين، نقرأ في التوراة: “وكان لمّا أطْلق فِرْعوْن الشّعْب أنّ الله لمْ يهْدِهِمْ فِي طرِيقِ أرْضِ الْفلسْطِينِيِّين مع أنّها قرِيبة”([35]) وعاد وأكد هذه الحدود مرة ثانية “وأنها لا تشمل فلسطين”([36]) جاء في التوراة: “كلّم الرّبّ موسى قائِلًا: أوْصِ بنِي إِسْرائِيل وقلْ لهمْ: إِنّكمْ داخِلون إِلى أرْضِ كنْعان. هذِهِ هِي الأرْض الّتِي تقع لكمْ نصِيبًا. أرْض كنْعان بِتخومِها: تكون لكمْ ناحِية الْجنوبِ مِنْ برِّيّةِ صِين على جانِبِ أدوم، ويكون لكمْ تخْم الْجنوبِ مِنْ طرفِ بحْرِ الْمِلْحِ إِلى الشّرْقِ، ويدور لكم التّخْم مِنْ جنوبِ عقبةِ عقْرِبِّيم، ويعْبر إِلى صِين، وتكون مخارِجه مِنْ جنوبِ قادش برْنِيع، ويخْرج إِلى حصرِ أدّار، ويعْبر إِلى عصْمون.‏ ثمّ يدور التّخْم مِنْ عصْمون إِلى وادِي مِصْر، وتكون مخارِجه عِنْد الْبحْرِ. وأمّا تخْم الْغرْبِ فيكون الْبحْر الْكبِير لكمْ تخْمًا. هذا يكون لكمْ تخْم الْغرْبِ.‏ وهذا يكون لكمْ تخْم الشِّمالِ. مِن الْبحْرِ الْكبِيرِ ترْسمون لكمْ إِلى جبلِ هور.‏ ومِنْ جبلِ هور ترْسمون إِلى مدْخلِ حماة، وتكون مخارِج التّخْمِ إِلى صدد. ثمّ يخْرج التّخْم إِلى زِفْرون، وتكون مخارِجه عِنْد حصرِ عِينان. هذا يكون لكمْ تخْم الشِّمالِ.‏ وترْسمون لكمْ تخْمًا إِلى الشّرْقِ مِنْ حصرِ عِينان إِلى شفام.‏ وينْحدِر التّخْم مِنْ شفام إِلى ربْلة شرْقِيّ عيْنٍ. ثمّ ينْحدِر التّخْم ويمسّ جانِب بحْرِ كِنّارة إِلى الشّرْقِ”([37]). وضع لهم حدودًا وتحصينات طبيعيّة، “البحر الكبير (الأبيض المتوسط) في الغرب، وبحر الملح؛ أي: البحر الميت من نحو الشرق، وبريّة صين من الجنوب”([38]).

تعتبر هذه الحدود من الأرض، التي وعد الرب لإبراهيم، “أوسع الحدود التي نصت عليها التوراة، وتحدد هذه المساحة قطعة الأرض الممتدة تقريبًا من: غزة في الجنوب الغربي إلى نهر الفرات”([39]). يظهر في بعض نصوص التوراة أن “الأرض التي حددت في الميثاق- الوعد، صغيرة جدًّا”([40]). ففي سفر التكوين، اقتصرت حدود أرض الميعاد على منطقة الكنعانيين الذين عاش وتجول سيدنا إبراهيم في وسطهم، فذكر: “وأقيم عهدي الأبدي بيني وبينك، وبين نسلك من بعدك جيلًا بعد جيل، فأكون إلهًا لك ولنسلك من بعدك. وأهبك أنت وذريتك من بعدك جميع أرض كنعان التي نزلت فيها غريبًا ملكًا أبدياًّ وأكون لهم إلهًا”([41]).

   حرم عليهم الأراضي التي تمتد من “نهر الأردن إلى نهر الفرات؛ لأنها أرض بني عيسو شقيق يعقوب حفيد إبراهيم عليه السلام”([42])، وفيه: “لا تهْجِموا عليْهِمْ؛ لأنِّي لا أعْطِيكمْ مِنْ أرْضِهِمْ ولا ‍وطْأة قدم، لأنِّي لِعِيسو قدْ أعْطيْت جبل سِعِير مِيراثًا”([43]). وكذلك حرم عليهم “أراضي نسل النبي لوط شرق صحراء الأردن”([44])، جاء في التوراة: “وقال الله لهم لا أعطيكم في أرضهم ميراثًا”([45]).

وقد تضخّم الحديث عن الأرض وعن ارتباط اليهود بها فتحولت إلى فكرة لاهوتية، ونشأ ما يسمّى لاهوت الأرض المقدّسة. وكان من أهم المشكلات التي ناقشها لاهوت الأرض مشكلة حدودها، فقد جاء في التوراة أن الإله قـد قطع مع إبراهيم عهدًا قـائلًا: “لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات”([46]). ولكن في الإصحاح الرابع والثلاثين من سفر العدد توجد خريطة مغايرة حددت على أنها أرض كنعان بتخومها، وحددت التخوم بشكل يختلف عن خريطة سفر التكوين. وقد حل الحاخامات هذه المشكلة بأن “شبّهوا الأرض بجلد الإبل الذي ينكمش في حالة العطش والجوع، ويتمدد إذا شبع وارتوى. وهكذا الأرض المقدّسة، تنكمش إذا هجرها ساكنوها من اليهود”([47])، وتتمدد وتتسع إذا جاءها اليهود من بقاع الأرض.

وعد ملكية الأرض:

في الكتاب المقدس، حيازة أرض إسرائيل ترتبط بالسلوك الأخلاقي.([48]) وهو يشير إلى ضرورة التوصل إلى فهم واضح لأهمية إسرائيل في الكتاب المقدس يتلخص في أن القبائل كانت موحدة كأمة، على أساس ميثاق التوراة، قبل وصولها إلى الأرض. في الكتاب المقدس الأرض أقل كثيرًا ما تسمى أرض إسرائيل من اسمها على اسم كناني([49]) والشعوب الأخرى التي انتزعها الإسرائيليون.

المعنى المادي والمعنوي للأرض:

أرض إسرائيل تعدُّ أرض الميعاد، وينطوي احتيازها على مشكلة أخلاقية ودينية، وتنطبق عليها شروط أخلاقية. السكان السابقون في الأرض فقدوا حقهم فيها بسبب آثامهم، وسوف تستمر القبائل الإسرائيلية في الإقامة في الأرض فقط إذا كانت عادلة. ونتيجة للمشكلة والحالة المرتبطة باقتناء الأرض وحيازتها، وقد اكتسبت دورًا خاصًّا واتخذت طابعًا خاصًّا. وحتى باعتبارها الأساس الذي يقوم عليه الوجود المادي للأمة فإنها ترمز إلى مصير ديني. إنها الأرض المقدّسة، وفقط فيها سوف تحقق الأمة جدارتها بحيث إن الرب سيسكن في وسطها.

وعلى هذا فإن أرض إسرائيل هي الأرض التي وعدت بها كدولة وطنية، وهي الأساس الذي قامت عليه الدولة اقتصاديًّا، ولكنها في الوقت نفسه ترمز إلى المغزى الأخلاقي والديني العالمي للتوراة.

وصايا خاصة بالأرض:

من بين التعبيرات الرئيسية عن الشخصية المزدوجة للعلاقة بالأرض؛ الوصايا التي “تعتمد على الأرض”، أو أن هذه الوصية لا يمكن ملاحظتها إلا في الأرض: كـ”قوانين سنوات إجازة”، و”الخطايا وعروضات القساوسة”، و”قوانين الحصاد” التي ضمنت ترك الحصص للفقراء. هذه الوصايا تعتمد على الأرض ليس فقط في أنها تنطبق على الأمة عندما تكون الأمة في أراضيها، ولكن أيضًا؛ لأنها تطبيقات ملموسة للحالة الأخلاقية والدينية التي تعتمد عليها حيازة الأرض.

والفكرة الكامنة وراء هذه الوصايا هي أن الأمة ليست المالك المطلق لأراضيها، فالأرض هي أرض الرب، الذي خلقها، ويجعل الرب الأرض متاحة للناس حتى يتسنى لهم أن يعيشوا هناك على نحو عادل، من دون أن يصبح أفراد أو جماعات قوية سيدة الأرض، وفقًا لكل شيء الأرض مقدسة بامتلاك أخلاقية لها.

بالإضافة إلى هذه الوصايا، هناك وصايا طقوسية خاصة بأرض إسرائيل والقدس. قد يعبد الله بجلب التضحيات فقط إلى المعبد، وهو الرمز الذي يسكن الله بين شعبه. الله يخيم على شعبه في أرضه وهو زعيمهم، لذلك، عندما يكون المعبد مدمرًا والأمة ليست في أرضه، لا يمكن أن يعبد الله بالكامل، ولا يمكن أن يكون هناك ملوك يهود.

ونتيجة لذلك، تم تشكيل موقف حصري متعصب؛ يتمثل في وجود مملكة يهودية شرعية أمر غير ممكن إلا في أرض إسرائيل، وحين يكون المعبد موجودًا في القدس، وحين يكون هناك فقط يصبح من الممكن أن تعيش حياة يهودية كاملة الإدراك بما يتفق مع التوراة.

شروط استحقاق الأرض:

إن الشروط التي وضعها الله لبني إسرائيل لكي يسمح لهم بالاستقرار في أرض الميعاد، “قد خالفوها كلها فكانت النتيجة أن رفضهم الله، ولعنهم، وحكم عليهم بالطرد من هذه الأراضي”([50]) وإليك بعض هذه العهود ونقدهم إياها :

1. كان أول عهد هو “الختان فترك اليهود كلهم الختان”([51])، نقرأ في التوراة: “لأنّ بنِي إِسْرائِيل ساروا أرْبعِين سنة فِي الْقفْرِ حتّى فنِي جمِيع الشّعْبِ، رِجال الْحرْبِ الْخارِجِين مِنْ مِصْر، الّذِين لمْ يسْمعوا لِقوْلِ الرّبِّ، الّذِين حلف الرّبّ لهمْ أنّه لا يرِيهِمِ الأرْض الّتِي حلف الرّبّ لآبائِهِمْ أنْ يعْطِينا إِيّاها، الأرْض الّتِي تفِيض لبنًا وعسلًا”([52]).

2. ثاني عهد لإبراهيم أن “يحفظوا طريق الرب، واشترط عليهم في الوصايا العشر لموسى ألا يعبدوا الأصنام”([53]) – فامتلأت أرضهم أوثانًا، نقرأ في التوراة: “وامْتلأتْ أرْضهمْ أوْثانًا. يسْجدون لِعملِ أيْدِيهِمْ لِما صنعتْه أصابِعهمْ.‏ وينْخفِض الإِنْسان، وينْطرِح الرّجل، فلا تغْفِرْ لهمْ”([54]).

3. ولم يسمعوا لشريعة الله ولم يسلكوا في الطريق، نقرأ: “منْ دفع يعْقوب إِلى السّلبِ وإِسْرائِيل إِلى النّاهِبِين؟ أليْس الرّبّ الّذِي أخْطأْنا إِليْهِ ولمْ يشاءوا أنْ يسْلكوا فِي طرقِهِ ولمْ يسْمعوا لِشرِيعتِهِ.‏ فسكب عليْهِ حموّ غضبِهِ وشِدّة الْحرْبِ، فأوْقدتْه مِنْ كلِّ ناحِيةٍ ولمْ يعْرِفْ، وأحْرقتْه ولمْ يضعْ فِي قلْبِهِ”([55]).‏

4. ثم أمرهم الله ألا يقطعوا عهودًا مع الشعوب الكافرة([56]) فقاموا في الحال وزنوا مع نساء شعب موآب وسجدوا لأصنامهم، “وأقام إِسْرائِيل فِي شِطِّيم، وابْتدأ الشّعْب يزْنون مع بناتِ موآب. فدعوْن الشّعْب إِلى ذبائِحِ آلِهتِهِنّ، فأكل الشّعْب وسجدوا لآلِهتِهِنّ.‏ وتعلّق إِسْرائِيل بِبعْلِ فغور. فحمِي غضب الرّبِّ على إِسْرائِيل”([57]).  

5. ثم أخذ الله عليهم عهدًا: “ملْعون الإِنْسان الّذِي يصْنع تِمْثالًا منْحوتًا أوْ مسْبوكًا، رِجْسًا لدى الرّبِّ عمل يديْ نحّاتٍ، ويضعه فِي الْخفاءِ. ويجِيب جمِيع الشّعْبِ ويقولون: آمِين.‏ ملْعون منْ يسْتخِفّ بِأبِيهِ أوْ أمِّهِ. ويقول جمِيع الشّعْبِ: آمِين.‏ ملْعون منْ ينْقل تخْم صاحِبِهِ. ويقول جمِيع الشّعْبِ: آمِين. ملْعون منْ يضِلّ الأعْمى عنِ الطّرِيقِ. ويقول جمِيع الشّعْبِ: آمِين.‏ ملْعون منْ يعوِّج حقّ الْغرِيبِ والْيتِيمِ والأرْملةِ. ويقول جمِيع الشّعْبِ: آمِين.‏ ملْعون منْ يضْطجع مع امْرأةِ أبِيهِ، لأنّه يكْشِف ذيْل أبِيهِ. ويقول جمِيع الشّعْبِ: آمِين.‏ ملْعون منْ يضْطجع مع بهِيمةٍ مّا. ويقول جمِيع الشّعْبِ: آمِين. ملْعون منْ يضْطجِع مع أخْتِهِ بِنْتِ أبِيهِ أوْ بِنْتِ أمِّهِ. ويقول جمِيع الشّعْبِ: آمِين. ملْعون منْ يضْطجع مع حماتِهِ. ويقول جمِيع الشّعْبِ: آمِين. ملْعون منْ يقْتل قرِيبه فِي الْخفاءِ. ويقول جمِيع الشّعْبِ: آمِين.‏ ملْعون منْ يأْخذ رشْوة لِكيْ يقْتل نفْس دمٍ برِيءٍ. ويقول جمِيع الشّعْبِ: آمِين”([58]). فعلوا كل هذا “فقال السّيِّد: لأنّ هذا الشّعْب قدِ اقْترب إِليّ بِفمِهِ وأكْرمنِي بِشفتيْهِ، وأمّا قلْبه فأبْعده عنِّي، وصارتْ مخافتهمْ مِنِّي وصِيّة النّاسِ معلّمة”([59]). كل هذه العهود وهذه الترانيم، وشعب بني إسرائيل لايهمه أبدًا سوى اتباع هواه.

6. ثم أخذ الله عليهم “العهد على يد هوشع بن نون أن ينفذوا كل ما في توراة موسى لكي يعطيهم الأرض”([60]) التي قال عنها لموسى، جاء في التوراة: “إِنّما كنْ متشدِّدًا، وتشجّعْ جِدًّا لِكيْ تتحفّظ لِلْعملِ حسب كلِّ الشّرِيعةِ الّتِي أمرك بِها موسى عبْدِي. لا تمِلْ عنْها يمِينًا ولا شِمالًا لِكيْ تفْلِح حيْثما تذْهب. لا يبْرحْ سِفْر هذِهِ الشّرِيعةِ مِنْ فمِك، بلْ تلْهج فِيهِ نهارًا وليْلًا؛ لِكيْ تتحفّظ لِلْعملِ حسب كلِّ ما هو مكْتوب فِيهِ؛ لأنّك حِينئِذٍ تصْلح طرِيقك وحِينئِذٍ تفْلِح. ‏أما أمرْتك؟ تشدد وتشجّعْ! لا ترْهبْ ولا ترْتعِبْ؛ لأنّ الرّبّ إِلهك معك حيْثما تذْهب”([61]). وما لبثوا إلا أن قاموا بالعصيان نقرأ: “وفعل بنو إِسْرائِيل الشّرّ فِي عيْنيِ الرّبِّ وعبدوا الْبعْلِيم.‏ وتركوا الرّبّ إِله آبائِهِمِ الّذِي أخْرجهمْ مِنْ أرْضِ مِصْر، وساروا وراء آلِهةٍ أخْرى مِنْ آلِهةِ الشّعوبِ الّذِين حوْلهمْ، وسجدوا لها وأغاظوا الرّبّ.‏ تركوا الرّبّ وعبدوا الْبعْل وعشْتاروث.‏ فحمِي غضب الرّبِّ على إِسْرائِيل، فدفعهمْ بِأيْدِي ناهِبِين نهبوهمْ، وباعهمْ بِيدِ أعْدائِهِمْ حوْلهمْ، ولمْ يقْدِروا بعْد على الْوقوفِ أمام أعْدائِهِمْ.‏ حيْثما خرجوا كانتْ يد الرّبِّ عليْهِمْ لِلشّرِّ، كما تكلّم الرّبّ وكما أقْسم الرّبّ لهمْ”([62]).

  وأخبرهم النبي حزقيال أن الله رفض أن يرث اليهود الأرض التي وعد الله إبراهيم عليه السلام بها “هكذا قال السّيِّد الرّبّ: حيّ أنا، إِنّ الّذِين فِي الْخِربِ يسْقطون بِالسّيْفِ، والّذِي هو على وجْهِ الْحقْلِ أبْذِله لِلْوحْشِ مأْكلًا، والّذِين فِي الْحصونِ وفِي الْمغايِرِ يموتون بِالْوباء.‏ فأجْعل الأرْض خرِبة مقْفِرة، وتبْطل كِبْرِياء عِزّتِها، وتخْرب جِبال إِسْرائِيل بِلا عابِرٍ.‏ فيعْلمون أنِّي أنا الرّبّ حِين أجْعل الأرْض خرِبة مقْفِرة على كلِّ رجاساتِهِمِ الّتِي فعلوها”([63]). 

7. ولما جاء المسيح عيسى بن مريم كان “اليهود يعيشون في أورشليم وبعض القرى المحيطة بها فقط وكانوا تحت الاحتلال الروماني وباقي الأرض سكنتها شعوب أخرى”([64])،  وحكم الله عليهم على لسان المسيح “يا أورشلِيم، يا أورشلِيم! يا قاتِلة الأنْبِياءِ وراجِمة الْمرْسلِين إِليْها، كمْ مرّةٍ أردْت أنْ أجْمع أوْلادكِ كما تجْمع الدّجاجة فِراخها تحْت جناحيْها، ولمْ ترِيدوا هوذا بيْتكمْ يتْرك لكمْ خرابًا! والْحقّ أقول لكمْ: إِنّكمْ لا تروْننِي حتّى يأْتِي وقْت تقولون فِيهِ: مبارك الآتِي بِاسْمِ الرّبِّ”([65])، لكن من هو هذا الآتي باسم الرب.

هذه النصوص ما يقرؤها إنسان غير متعصب إلا تبين له ظلم بني إسرائيل لأهل فلسطين وغيرهم. ومن التوراة نقول بأن بني إسرائيل لن يعمروا الأرض التي وعدهم ربهم؛ لأنهم ما لبثوا إلا وعاثوا في الأرض فسادًا.

صفاتها:

وجود حدود للأرض إنما يشير إلى وضع شروط معينة للداخلين إلى أورشليم العليا، فهي وإن كانت “متسعة يمكن أن تضم كل البشريّة”([66]) لكنه لا يدخل فيها شيء دنس أو نجس، جاء في التوراة: “ولنْ يدْخلها شيْء دنِس ولا ما يصْنع رجِسًا وكذِبًا، إِّلاّ الْمكْتوبِين فِي سِفْرِ حياةِ الْخروفِ”([67]). “إنها كنيسة مجيدة لا دنس فيها”([68]). لهذا كانت الوصيّة مشددة للغاية: “لا تدنِّسوا الأرْض الّتِي أنْتمْ فِيها، لأنّ الدّم يدنِّس الأرْض. وعنِ الأرْضِ لا يكفّر لأجْلِ الدّمِ الّذِي سفِك فِيها، إِلاّ بِدمِ سافِكِهِ. ولا تنجِّسوا الأرْض الّتِي أنْتمْ مقِيمون فِيها الّتِي أنا ساكِن فِي وسطِها. إِنِّي أنا الرّبّ ساكِن فِي وسطِ بنِي إِسْرائِيل”([69]). وفي سفر إرميا يوبخهم الرب قائلًا: “وأعاقِب أوّلًا إِثْمهمْ وخطِيّتهمْ ضِعْفيْنِ؛ لأنّهمْ دنّسوا أرْضِي، وبِجثثِ مكْرهاتِهِمْ ورجاساتِهِمْ قدْ ملأوا مِيراثِي”([70]). هذه الحدود هي في الحقيقة شروط بالنسبة لغير اليهودي، إنها أرض الرب ومسكنه، من يدخل بدنس إليها فهو يواجه مملكة الله وأرضه.

مستحقي الأرض:

يقول “اليهود والمسيحيون إن بيت المقدس وأرض فلسطين هي الأرض التي وعد الله بها اليهود”([71])، وحدودها تمتد من نهر الفرات إلى نهر النيل. وقد ورد في التوراة صورة واضحة وصريحة عن إرث الأرض لنسل سيدنا إبراهيم “وأقيم عهدي الأبدي بيني وبينك، وبين نسلك من بعدك جيلًا بعد جيل، فأكون إلهًا لك ولنسلك من بعدك .وأهبك أنت وذريتك من بعدك جميع أرض كنعان التي نزلت فيها غريبًا ملكًا أبديًّا وأكون لهم إلهًا”([72]) في هذا السياق  هل أبناء سيدنا إبراهيم من أمِّنا هاجر وقطوره خارج الشرع، وقد ورد ذكرهم في التوراة. ذكر في التوراة أن ذرية إبراهيم، لم تستطع التمتع بالوعد في الأرض عدة قرون؛ لأنهم “نزلوا إلى أرض مصر خلال المجاعة الفظيعة التي اجتاحت البلاد في عهد سيدنا يعقوب، وبقي بنو إسرائيل في مصر حتى بعد نهاية فترة المجاعة والقحل، وفي النهاية دخلوا في العبودية”([73]) حسب النصوص التوراتية، ولم يستطع بنو إسرائيل الرجوع إلا بعد أربعة قرون، بعدما حررهم الله من عبودية الفراعنة، من خلال نبي الله موسى عليه السلام، الذي أخرجهم من أرض مصر وقادهم إلى حدود أرض كنعان من “جهة الشرق، قرب وادي الأردن”([74]).

 وقد أكمل مسيرة القيادة لبني إسرائيل، من بعد موسى عليه السلام، “يوشع بن- نون، الذي قام بغزو مساحة محددة من الأرض المذكورة من الشعوب التي سكنت البلاد”([75]). وفي هذه الفترة تقريبًا، تغيرت تسمية الأرض في التوراة، من أرض كنعان إلى أرض إسرائيل.

ذكر في التوراة بشكل واضح، وبدون تحديد، أن ذرية سيدنا إبراهيم سترث الأرض، كما ورد زواج سيدنا إبراهيم من سارة وولادة سيدنا إسحق وزواجه من أمنا هاجر وولادة الابن إسماعيل وزواجه من امرأة ثالثة كان اسمها قطورة: “وعاد إبراهيم فأخذ زوجة اسمها قطورة، فولدت له زِمران ويقشان ومدان ومِديان ويِشباق وشوحا. وولد يقشان شبا وددان، وبنو ددان هم أشّوريم ولطوشيم ولأمِّيم، وبنو مديان هم عيفة وعِفر وحنوك وأبيداع وألْدعة. جميع هؤلاءِ بنو قطورة. ووهب إبراهيم لإسحق جميع ما يملِكه، وأمّا بنو سراريهِ فأعطاهم عطايا وصرفهم، وهو بعد حيّ، عنْ إسحق ابنهِ إلى أرضِ المشرِقِ”([76])، هنا يكمن الإشكال فيمن له الحق بالإرث، وسيدنا إسماعيل عليه السلام من بين ذرية سيدنا إبراهيم، وبالتالي هل العرب أيضًا لهم الحق في أرض فلسطين بنص التوراة؟

ترتكز النظرة التوراتية في أساسها، على أن الأرض _حقيقة _ ملك إلهي، وليست ملكًا لشعب واحد معين. وبحسب سفر يشوع، لم ينجح بنو إسرائيل في غزو الأرض؛ لأن الله أراد ذلك :”وأنتم رأيتم جميع ما فعل الرّبّ إلهكم بِكلِّ تِلك الأممِ مِنْ أجلِكم؛ لأنّ الرّبّ إلهكم هو المحارِب عنكم. انظروا. قسمت لكم أرض الأممِ الباقيةِ حِصصًا لأسباطِكم بِالقرعةِ، هذا فضلًا عنْ أراضي الأممِ الذين أبدتهم، مِن الأردنِّ شرقًا إلى البحرِ المتوسطِ غربًا. والرّبّ إلهكم هو الذي يهزِمهم ويطردهم مِنْ أمامِكم، وتملِكون أرضهم كما قال لكم الرّبّ إلهكم. فتشدّدوا في أنْ تحفظوا جميع ما هو مكتوب في كتابِ شريعةِ موسى وتعملوا بهِ ولا تحيدوا عنه يمينًا ولا شمالًا. ولا تختلِطوا بهذِهِ الأممِ الباقيةِ معكم، لا تذكروا اسم آلِهتِهِم ولا تحلِفوا بِها ولا تعبدوها ولا تسجدوا لها، بل بالرّبِّ إلهِكم تتمسّكون كما فعلتم إلى هذا اليومِ. والرّبّ إلهكم طرد مِنْ أمامِكم أممًا عظيمة قويّة ولم يصمدْ أمامكم أحد إلى هذا اليومِ”([77]). إن الله هو المالك للعالم بأسره يهب أجزاءه لمن يشاء، وهو الذي وهب أرض كنعان إلى سيدنا إبراهيم وإلى نسله من بعده بشرط الطاعة وعدم الشرك بالله، فيمكن أن ينتج عن عدم طاعة الله سحب الوعود الإلهية، وبالتالي فإن ذلك قد يتسبب في هلاك إسرائيل وحتى في عدم دخولهم للأرض.

استعادة الأرض:

كان الوعد بامتلاك الأرض وعدًا مشروطًا. تعين على بني إسرائيل مواصلة الطاعة لكي يواصلوا امتلاك الأرض، نقرأ: “إذا ترك بنو إسرائيل عهد الرب ومضوا وعبدوا آلهة أخرى، سيستأصلهم الرب من الأرض ويطرحهم في أرض أخرى”([78])، تقول نبوءة إرميا: “بسبب معصية بني إسرائيل، أرسل الرب نبوخذ نصر الذي جلاهم إلى بابل واستعبدهم مدة سبعين عامًا وجعل أرضهم خربة”([79]).

ومع ذلك، وعد الله بإعادتهم إلى الأرض بعد انقضاء مدة السبي. نقرأ: “إذا رجع بنو إسرائيل إلى حفظ وصايا الرب التي أمر بها موسى، أرجعهم الرب من الأسر؛ ليسكنوا أرض كنعان. تتطلب هذه الطاعة حفظ الفرائض “المكتوبة في سفر الشريعة”([80]). تقول نبوءة إرميا بوعد الرب بإرجاعهم إلى الأرض عند انقضاء سبعين عامًا في بابل، نقرأ: “هكذا قال ربّ الْجنودِ إِله إِسْرائِيل لِكلِّ السّبْيِ الّذِي سبيْته مِنْ أورشلِيم إِلى بابِل:‏ اِبْنوا بيوتًا واسْكنوا، واغْرِسوا جنّاتٍ وكلوا ثمرها.‏ خذوا نِساء ولِدوا بنِين وبناتٍ وخذوا لِبنِيكمْ نِساءً وأعْطوا بناتِكمْ لِرِجال فيلِدْن بنِين وبناتٍ، واكْثروا هناك ولا تقِلّوا. واطْلبوا سلام الْمدِينةِ الّتِي سبيْتكمْ إِليْها، وصلّوا لأجْلِها إِلى الرّبِّ، لأنّه بِسلامِها يكون لكمْ سلام”([81]).

يتمتع الكتاب بسلطةفريدة داخل الكنيست والكنيسة، فالتوراة مرسلة من السماء، وبما أنها تشتمل على المطالب التي فرضها الرب على شعبه، فالحرص على التقيد بشرائعها هو أسمى الواجبات الدينية. إن تقوى بني إسرائيل كانت موجهة في الأساس نحو الطاعة المتحمسة والمتفانية للتوراة في كل تفاصيلها، ووفق هذا التفسير، وجب قبول التوراة كاملة.

خلاصة:

من خلال ما سبق، يمكننا القول: إن بني إسرائيل بسبب العصيان حرموا إلى الأبد أرض الميعاد، وإنهم ليسوا مواطنين؛ بل أجانب في أراضي الآخرين. بما أن المسلمين قد أوفوا بالعهد مع الله، وبما أن الأقصى هو مكان الله المختار، فإن ذلك يعني ببساطة أن المسلمين يستحقون فلسطين على أنها من نسل روحي لإبراهيم؛ لأن إبراهيم كان مسلمًا لقوله تعالى: “ما كان إِبْراهِيم يهودِيًّا ولا نصْرانِيّصا ولٰكِن كان حنِيفًا مّسْلِمًا وما كان مِن الْمشْرِكِين”([82]). ليس هذا فقط ولكن جميع أنبياء إسرائيل كانوا مسلمين لقوله تعالى: “أمْ كنتمْ شهداء إِذْ حضر يعْقوب الْموْت إِذْ قال لِبنِيهِ ما تعْبدون مِن بعْدِي قالوا نعْبد إِلٰهك وإِلٰه آبائِك إِبْراهِيم وإِسْماعِيل وإِسْحاق إِلٰهًا واحِدًا ونحْن له مسْلِمون”([83])؛ و”وقال موسىٰ يا قوْمِ إِن كنتمْ آمنتم بِاللّهِ فعليْهِ توكّلوا إِن كنتم مّسْلِمِين”([84]).

كان المسلمون حماة اليهود في أحلك أوقات اليهودية، عندما واجهوا الاضطهاد في أوروبا المسيحية. ومن المؤكد أن الشعب الذي تعرض للاضطهاد يستحق أرضًا للبقاء في سلام وحكم ذاتي، لكن يجب أن يطلب ذلك من مضطهديهم الموجودين في أوروبا فقط. يجب أن يحصل اليهود على أرض في أوروبا.

القرآن لم يذكر إسرائيل أبدًا بل ذكر بني إسرائيل، لذا فإن فكرة دولة إسرائيل لا أصل لها، مع العلم أن فلسطين أقدم من إسرائيل التوراتية، وذلك من خلال التوراة نفسها. فمملكة داود كانت موجودة لمدة 200 عام فقط، لكن فلسطين كانت موجودة منذ آلاف السنين.

كانت الأرض الموعودة لنسل إبراهيم مشروطة بتنفيذ العهد مع الله وفقًا لكل من الكتاب المقدس والقرآن، وأيضًا وفقًا لكل من الكتاب المقدس والقرآن، فإنهم لم يفوا بنو إسرائيل بالعهد، لذلك لقد لعن الله هؤلاء الإسرائيليين في كل من الكتاب المقدس والقرآن.

أظهر المسلمون، بصفتهم أصحاب القدس وفلسطين، عبر التاريخ التسامح والتعايش السلمي مع الأديان الأخرى على عكس اليهود الصهاينة. جعل المسلمون فلسطين ملاذًا لليهود المضطهدين الذين فروا من الاستبداد المسيحي من أوروبا المسيحية. هذا التسامح الإسلامي هو السبب أن ضم الله العباد الصالحين فقط في عهده مع إبراهيم. فالعنصريون والخدام الخطية الجشعون ليسوا في عهد الله بسبب طبيعتهم غير المرغوبة وعنفهم.  

لائحة المصادر والمراجع:

  1. القرآن الكريم.
  2. تفسير القرآن العظيم لابن كثير، دار المعرفة، بيـروت، لبنـان، 1980، بـدون طبعة، ج1.
  3. عبـد الـرحمن بـن محمـد الرازي ابن أبي حاتم، تفسير القرآن العظيم مسند عن رسول االله والصحابة والتابعين، تحقيق أسعـد محمـد الطيـب، دار الفكـر، لطباعـة والنـشر، 2003م، بدون طبعة جميع الحقوق محفوظة.
  4. أصفهاني، معجم مفردات ألفاظ القرآن (دار الكتاب العربي)، تحقيق نديم مرعشلي، 1392 هـ.
  5. د. أمين بن عبدالله الشقاوي (26-4-2012)، “صفات اليهود”، شبكة الألوكة.
  6. التفسير التطبيقي للكتاب المقدس، ماستر ميديا، القاهرة، بدون ط وسنة.
  7. التلمود البابلي، مجلد 1، ط1، 2011.
  8. جورج بوست، قاموس الكتاب المقدس، بيروت، 1894، مجلد2.
  9. د.يوسف عيد، موسوعة الاديان السماوية والوضعية، ط1، 1995.
  10. دار الكتاب المقدس، الكتاب المقدس، ط2، بيروت، 1995.
  11. الدكتور عبد الوهاب المسيري، موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، بدون ط، بدون س، ج4.
  12. رشاد عبد الله الشامي، الشخصية اليهودية الإسرائيلية والروح العدوانية، عالم المعرفة، 1986.
  13. روجيه جارودي، الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية، تقديم محمد حسنين هيكل، ط1، 1998.
  14. تاريخ يوسيفوس اليهودي، المطبعة العلمية ليوسف ابراهيم، بيروت، بدون س وط.
  15. الأب مايكل برير، الكتاب المقدس والاستعمار الاستيطاني، ترجمة أحمد الجمل – وزياد منى، ط2، 2004.
  16. الأصولية اليهودية في إسرائيل ،إيان لوستيك، ترجمة: حسيني زينة، مؤسسة الدراسات الفلسطينية ،1991.
  17. باربارا توخمان، الكتاب المقدس والسيف، ترجمة د. منى عثمان – ومحمد طه، ط1، 2004، ج2.
  18. التفسير الحديث للكتاب المقدس “سفر التكوين”، ديريك كندر، ت القس بخيت متى، ط1، دار الثقافة، القاهرة، 1995.
  19. حامد عيدان حمد، التناقض في التوراة، ط1، 2007.
  20. د.أحمد ربيع أحمد، أرض الميعاد بين الحقيقة والمغالطة، بدون ط وبدون س.
  21. د.حسن ظاظا، الفكر الديني الإسرائيلي، معهد البحوث والدراسات الفلسطينية، 1971.
  22. د.شريف حامد سالم، المصدر اليهوي في التوراة، ط1، 2011.
  23. د.نصر الله أبو طالب، اندحار من بعد اصطفاء، ط2، 2007.
  24. دكتور سعيد مراد، المدخل في تاريخ الأديان، الناشر: عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، بدون ط، بدون س.
  25. طوماس طومسون، التاريخ القديم للشعب الإسرائيلي، ترجمة صالح علي سوادح، ط1، 1995.
  26. علي خليل، اليهودية بين النظرية والتطبيق، 1997.
  27. موسوعة المصطلحات الدينية اليهودية، رشاد الشامي، المكتب المصري لتوزيع المطبوعات، القاهرة، 2002.
  28. يوتاكسيل، التوراة كتاب مقدس أم جمع من الأساطير؟ ترجمة د حسان ميخائيل إسحق، بدون ط، بدون س.

([1]) د. أمين بن عبدالله الشقاوي (26-4-2012)، صفات اليهود، شبكة الألوكة، بتصرّف.

([2]) أحمد شوقي، من ضلالات اليهود في العقيدة، الإسلام سؤال وجواب، 21-10-2000، بتصرّف.

([3]) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، دار المعرفة، بيـروت، لبنـان، 1980، بـدون طبعة، ص123.

([4]) راغب أصفهاني، معجم مفردات ألفاظ القرآن (دار الكتاب العربي)، تحقيق نديم مرعشلي، 1392 هـ.ق، ص 544، بتصرف.

([5]) الشيخ أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي، مجمع البيان، دار المعرفة، بيروت ج1-2 ص 240.

([6]) عبـد الـرحمن بـن محمـد الرازي ابن أبي حاتم، تفسير القرآن العظيم مسند عن رسول االله والصحابة والتابعين، تحقيق أسعـد محمـد الطيـب، دار الفكـر، لطباعـة والنـشر، 2003م، بدون طبعة جميع الحقوق محفوظة، ص55.

([7]) الإمام السعدي، تفسير القرآن الكريم، مؤسسة الرسالة، ط الأولى، 1996م، ص100.

([8]) الشيخ إسماعيل البروسي، روح البيان في تفسير القرآن، ضبطه وصححه وخرج آياته عبـد اللطيف عبد الرحمن، دار الكتب العلمية، بيروت، ط الأولى، 2003م، ص65.

([9]) نفس المصدر السابق.

([10]) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، دار المعرفة، بيـروت، لبنـان، 1980، بـدون طبعة، ج1، ص124.

([11]) راغب أصفهاني، معجم مفردات ألفاظ القرآن (دار الكتاب العربي)، تحقيق نديم مرعشلي، 1392 هـ.ق، ص 545.

([12]) رواه الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس.

([13]) نفس المصدر السابق.

([14]) عبـد الـرحمن بـن محمـد الرازي ابن أبي حاتم، تفسير القرآن العظيم مسند عن رسول االله والصحابة والتابعين، تحقيق أسعـد محمـد الطيـب، دار الفكـر، لطباعـة والنـشر، 2003م، بدون طبعة جميع الحقوق محفوظة، ص85.

([15]) د. أمين بن عبدالله الشقاوي (26-4-2012)، صفات اليهود، شبكة الألوكة.

([16]) نفس المصدر السابق، ص15. وأنطونيوس الأنطوني، تاريخ اليهود، شركة الطبع المصرية، ط1، 2006، ص11، بتصرف.

([17]) سفر التكوين  18:15.

([18])  https://www.bbc.co.uk/bitesize/guides/zfwr97h/revision/1

([19])  وقال ٱلرّبّ لأبْرام لما ذكر عشيرة أبرام أبان بهذه الدعوة أن أبرام دون غيره من تلك العشيرة هو وارث البكورية وأنه منه يولد المخلص الذي وعدت به حواء (سفر التكوين، 3: 15). أرْضِك هذا برهان على أن أبرام وأباه لم يكونا حديثي الإقامة بأور الكلدانيين بل إن نسل سام كان مستوليًا على كل تلك البلاد كما تحقق للباحثين في هذه الآيام.

([20])   سفر التكوين  12: 1-5.

([21])   عهد الختان: أي إثبات العهد بسر الختان: وبيْن نسْلِك مِنْ بعْدِك إن العهد الإبراهيمي يتضمن نسل الوالد معه. وإن كانت الإشارة أولًا إلى المسيح نسل إبراهيم فيشير أيضًا إلى أولاد المؤمنين غلاطية، 3: 9. وليام مارش، السّنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم، مجمع الكنائس في بيروت، 1973، ص150.

([22])  كان الله يعقد اتفاقية أو عقدًا بينه وبين إبراهيم. وكانت الشروط بسيطة جدًّا. فكان على إبراهيم أن يؤمن بالله وأن يطيعه. أما الله فسيعطيه نسلًا وممتلكات وقوة وثروة. ومعظم الاتفاقات التي نعقدها مع الآخرين عبارة عن تبادل تجاري، فنحن نعطي شيئًا، ونأخذ في مقابله شيئًا يعادله قيمة. ولكن عندما نعقد اتفاقًا لنكون جزءًا من عائلة الله، فإن بركات هذا العقد تفوق بما لا يقاس، ما علينا أن نعطيه أو نتخلى عنه.

([23])  سفر التكوين  17: 6-7-8.

([24])  bitesize. (s.d.). Récupéré sur

https://www.bbc.co.uk/bitesize/guides/zf3yb82/revision/6.

([25])  روجيه جارودي، الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية، تقديم محمد حسنين هيكل، ط1، 1998، ص41.

([26])  سفر التكوين  12: 1-6.

([27])  سفر التكوين  15: 4-9.

([28])  حامد عيدان حمد، التناقض في التوراة، ط1، 2007،  ص167.

([29])  سفر المزمور  76: 1.

([30])  التلمود البابلي، مجلد 1، ط1، 2011، ص25.

([31])  سفر أشعياء  33: 24.

([32])الدكتور عبد الوهاب المسيري، موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، بدون ط، بدون س، ج4، ص124.

([33])  نفس المصدر السابق.

([34])  سقر الخروج 23 : 31.

([35])  سقر الخروج 13 : 17.

([36])  الفكر الديني الإسرائيلي، د.حسن ظاظا، معهد البحوث والدراسات الفلسطينية، 1971، ص105.

([37])  سفر العدد 34 : 1-12.

([38])  د.أحمد ربيع أحمد، أرض الميعاد بين الحقيقة والمغالطة، بدون ط وبدون س، ص434.

([39])  طوماس طومسون، التاريخ القديم للشعب الإسرائيلي، ترجمة صالح علي سوادح، ط1، 1995، ص100.

([40])  حامد عيدان حمد، التناقض في التوراة، ط1، 2007،  ص169.

([41])  سفر التكوين، 17: 6.

([42])  د.أحمد ربيع أحمد، أرض الميعاد بين الحقيقة والمغالطة، بدون ط وبدون س، ص435.

([43])  سفر تثنية، 2: 5.

([44])  اليهودية بين النظرية والتطبيق، علي خليل، 1997، ص141.

([45])  سفر التثنية 2 : 9.

([46])  سفر التكوين،15: 18.

([47])  التوراة كتاب مقدس أم جمع من الأساطير؟، يوتاكسيل، ترجمة د حسان ميخائيل إسحق، بدون ط، بدون  س، ص119.

([48]) https://www.myjewishlearning.com/article/the-promise-of-the-promised-land/

([49])  اسم عبري اختصار لـ “كننيا” أي من ثبته يهوه، وهو لاوي اشترك في تطهير الشعب الراجع من السبي تحت إرشاد عزرا. سفر نحميا 4: 9. أو من ثبته يهوه، وهو رئيس للاويين في ملك داود وهو من اليصهاريين وقد عين هو وبنوه، رؤساء للعمل الخارجي على الشعب، عرفاء وقضاة. سفر أخبار الأيام الأول  26: 29، ولأجل حمل تابوت العهد. سفر أخبار الأيام الأول 15: 22 -27.

([50])   د.يوسف عيد، موسوعة الأديان السماوية والوضعية، ط1، 1995، ص91.

([51])   نفس المصدر السابق، ص92.

([52])   سفر يوشع 5 : 5.

([53])   د.أحمد ربيع أحمد، أرض الميعاد بين الحقيقة والمغالطة، بدون ط وبدون س، ص436.

([54])   سفر أشعياء 2 : 8.

([55])   سفر أشعياء  42 : 24.

([56])   سفر الخروج 23 : 32.

([57])   سفر العدد   25: 1.

([58])   سفر تثنية   27 : 31.

([59])   أشعياء   29 : 13.

([60])   باربارا توخمان، الكتاب المقدس والسيف، ترجمة د. منى عثمان – ومحمد طه، ط1، 2004، ج2، ص113.

([61])  سفر يوشع  1 : 7.

([62])  سفر قضاة  2: 12-15.

([63])  حزقيال  33 : 23.

([64])  الأب مايكل برير، الكتاب المقدس والاستعمار الاستيطاني، ترجمة أحمد الجمل – وزياد منى، ط2، 2004،  ص60.

([65])  إنجيل لوقا  13 : 35.

([66])  د.أحمد ربيع أحمد، أرض الميعاد بين الحقيقة والمغالطة، بدون ط وبدون س، ص437.

([67])  الرؤيا  21: 27.

([68])  أفسيس  25: 7.

([69])  سفر العدد  35: 33-34.

([70])  سفر أرميا  16: 18.

([71])  د.شريف حامد سالم، المصدر اليهوي في التوراة، ط1، 2011، 213.

([72])  سفر التكوين  27: 5-10.

([73])  د.نصر الله أبو طالب، اندحار من بعد اصطفاء، ط2، 2007، ص111.

([74])  الأب مايكل برير، الكتاب المقدس والاستعمار الاستيطاني، ترجمة أحمد الجمل – وزياد منى، ط2، 2004،  ص64.

([75])  باربارا توخمان، الكتاب المقدس والسيف، ترجمة د. منى عثمان – ومحمد طه، ط1، 2004، ج2، ص116.

([76])  سفر التكوين  25: 1-6.

([77])  سفر يشوع  23: 4-10.

([78])  سفر التثنية  29: 25ـ 28.

([79])  سفر إرميا  25: 8 ـ 11.

([80])  سفر التثنية  30: 1 -10.

([81])  سفر  إرميا  29: 10.

([82]) – سورة آل عمران: 67.

([83]) – سورة المائدة: 133.

([84]) – سورة يونس: 84.