خاص هيئة علماء فلسطين

         

بسم الله الرحمن الرحيم

‏”إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ ‏يُغْلَبُونَ ۗ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ * لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ ‏عَلَىٰ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ” الأنفال: 36-37‏

الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسانٍ ‏إلى يوم الدّين، وبعد:‏

فإنَّ هيئة علماء فلسطين في الخارج تتابع مع عموم أبناء أمتنا الإسلاميّة مجريات الحرب ‏الاقتصاديّة المعلَنة ضدّ الشقيقة تركيا، فبعدَ أن فشلت مساعي المجرمين بالانقلاب العسكريّ ‏ها هم يحاولون اليوم زعزعة أمن تركيا والتأثير على قرارها من خلال محاولات الانقلاب ‏الاقتصاديّ، وأمام هذه الحرب الشعواء على تركيا وسيادتها واستقلالها ومكانتها فإنّ الهيئة تؤكّد ‏على الآتي:‏

أوّلًا: لقد أفصحت أمريكا ومعها كثيرٌ من دول الغرب والعديد من عملائها من الحكّام الأذناب ‏عن حقدهم على تركيا التي تمثّل اليوم معقد أمل المسلمين بعد الله تعالى، وقد أُطلِقت من ‏التصريحات والإجراءات وفُرضت من العقوبات والقرارات ما لا يدعُ مجالًا لشكّ عاقلٍ بأنّ ‏المستهدفَ ليس تركيا وحدها بل ما تمثّله في العالم الإسلاميّ، فواجبُ الأمة اليوم أن لا تتخذ ‏هؤلاء المجرمين الحاقدين بطانةً لها، قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ ‏لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ۚ قَدْ بَيَّنَّا ‏لَكُمُ الْآيَاتِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ * هَا أَنتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا ‏لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ ۚ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ‏الصُّدُورِ” آل عمران: 118-119‏

ثانيًا: تشيدُ الهيئة بالموقف التركيّ الرّافض للإذعان، والثّابت في وجه العاصفة، والمعتمد على الله ‏تعالى، المتمثّل في قول الرئيس رجب طيّب أردوغان: لهم دولاراتهم ولنا الله، وتؤكّد بأنّ الأمّة كلّها ‏وأحرار العالم الرافضين للهيمنة الأمريكيّة يقفون اليوم مع تركيا بكلّ قلوبهم وقوّتهم وإمكاناتهم.‏

ثالثًا: تدعو الهيئة شعوب الأمّة إلى التحرّك العاجل لمناصرة تركيا الشقيقة في مواجهة الهيمنة ‏الأمريكيّة، ولئن كانت الشّعوب لا تملكُ التدخل العاجل المباشر في الحروب العسكريّة فهي اليوم ‏قادرةٌ على التحرّك لدعم الاقتصاد التركي بكلّ الأسباب التي تجعله يصمد في هذه المعركة، وهنا ‏تؤكّد الهيئة بأنّه يجب وجوبًا شرعيًّا على كلّ مسلمٍ قادرٍ على دعم الاقتصاد التركي ولو باليسير أن ‏يهبّ لفعل ذلك، بناءً على ما يحدّده اهل التخصص من إجراءات، وإنَّ هذا من صور النّفير ‏الواجبة، قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى ‏الْأَرْضِ ۚ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ ۚ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ” التوبة:38‏

رابعًا: تؤكّد الهيئة بأنّه يجب على المتخصصين في علوم الاقتصاد والسّياسة بيان الأوجه المجدية في ‏دعم الاقتصاد والليرة التركيّة في مواجهة الهيمنة الأمريكيّة، وأن يضعوا بين أيدي عموم المسلمين ‏الإجراءات التي يمكنهم فعلها في مختلف مواقعهم وعلى اختلاف إمكاناتهم السياسية ‏والاقتصاديّة، فإنَّ هذا وقت الحاجة إلى البيان، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، وهم في ‏هذه المعركة من أهل الذّكر المقصودين بقوله تعالى: “فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ” ‏النّحل:44‏

خامسًا: تدعو الهيئة جميع دول العالم الإسلاميّ للانخراط في هذه المعركة التي يمكن أن تكون ‏معركة تحرّرٍ من الهيمنة الأمريكيّة على الاقتصاد العالمي، ولئن لم يتحرّك الحكّام لدينهم وأخوّتهم ‏فليتحرّكوا لمصالح بلدانهم وشعوبهم.‏

سادسًا: تدعو الهيئة مؤسسات العلماء في مختلف بلاد العالم الإسلامي إلى عقد لقاءات يجتمع ‏فيها أهل الخبرة والتخصص في الاقتصاد والسياسة والشرع للخروج بآليّات عمليّة لمناصرة تركيا ‏الشّقيقة، وقد عزمت الهيئة على عقد لقاء عاجل يضم ثلّةً من المتخصصين في السياسة ‏والاقتصاد والشريعة لبحث آليات مواجهة الحرب الاقتصاديّة على تركيا.‏

سابعًا: تؤكّد الهيئة بأنَّ هذه المعركة هي جولةٌ من جولات المعركة المستمرّة بين الحقّ والباطل، وإنَّ ‏العاقبة فيها للحقّ وأهله، وأنَّ الباطل زاهق لا محالة، فطوبى لمن كان في ركب الحقّ من الحكام ‏والشعوب، والخزي والعار لمن قبل على نفسه أن يكون في ركب الباطل، قال تعالى: “بَلْ نَقْذِفُ ‏بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ۚ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ” الأنبياء: 18‏

والحمد لله رب العالمين

                                                                                                                                                                      هيئة علماء فلسطين في الخارج

                                                                                                         2/ذو الحجة/1439هـ

                                                                                                             13/8/2018م