خاص هيئة علماء فلسطين

         

 ✍ الدكتور عبد الله المَشوخي

هذه رسالة تعبر عن إحساسي وتقديري واحترامي لأبناء جيلي وأقصد به جيل أبناء نكبة فلسطين عام 1948م .

 هذا الجيل الذي ولد بعد النكبة وعاش في الشتات …في الخيام… في المخيمات… في الغربة… في المهجر…. عانى معاناة شديدة لا يعلم مداها إلا الله.

 جيل وجد نفسه يعيش داخل أسرة كبيرة لا بيت يكفي لإيوائهم ولا عمل يسد رمقهم.

جيل تلقى مساعدات من الأمم المتحدة لا تكاد تسد فاقتهم ورغم ذلك… رغم المعاناة… رغم البرد القارص في الشتاء ولهيب الحر الشديد في الصيف ….رغم الافتقار لأبسط قواعد العيش تعلم بعضهم في الخيام وآخرون في مدارس تبعد عن بيته عدة كيلومترات لتلقي العلم المصاحب بعقاب شديد أو إن صح التعبير بعذاب السعير إذا قصر في مسألة علمية أو تجاوز النظام بخطأ يسير.

 كافح هذا الجيل وتجاوز كافة العقبات ليحقق رحلة الأمل رحلة الطموح رحلة البحث عن مخرج لحياة أفضل .

سافر إلى عديد من الدول للعمل فيها رغم شظفها ولهيب صحرائها وفقدانها لأغلب مقومات الحياة سوى تأمين العمل.

 هاجر بعضهم الآخر إلى الغرب رغم اختلاف الدين والعادات والتقاليد واللغة كل ذلك للبحث عن عمل يسد حاجة أسرته ويؤمن لهم حياة كريمة.

 هذا الجيل اجتهد وعمل وكافح وبذل كل ما يملك للقريب والبعيد ولكي يجني شيئا من ثمرة غربته اشترى بعضهم قطعة أرض ليبني عليها بيتا يأويه، وآخر فكر في عمل مشروع صغير يحفظ ماء وجهه .

هذا الجيل الذي جاهد من أجل حياة كريمة ليعف نفسه وذويه من العوز والفقر والحاجة لم يكتف بذلك بل حرص على توفير حياة كريمة لأولاده من عيشة هنية وتعليم عال وبذل كل ما يملك لإسعادهم ورفاهيتهم فأمن لهم المسكن والزواج وكأن حال لسانه يقول:

 لن أدع أولادي يعانون كما عانيت.

 هو جيل بالمختصر المفيد: (ورث الفقر بسبب النكبة وورث الغنى لأولاده).

 فيا ليت أبناء هذا الجيل يدركون ويقدرون معاناة آبائهم الذين كانوا بمثابة شمعة تحترق لتضيء للآخرين.

وبالرغم من كل ما سبق فلم ينس هذا الجيل أرضه ووطنه ومقدساته والظلم الذي لحق بآبائه وأجداده والمؤامرات الدولية التي كانت وما زالت تهدف إلى تصفية قضيته والقضاء على حلم العودة.

 فبالرغم من كل ما سبق ظهر في هذا الجيل رجال حملوا السلاح وجاهدوا وقارعوا العدو فمنهم من قضى نحبه ومنهم من سجن ومنهم من ينتظر لتستمر راية الجهاد خفاقة مرفوعة شامخة لمن بعدهم على أمل أن يتحقق النصر على أيديهم وما ذلك على الله ببعيد.