24/2/2024

د. عمر حماد  عضو هيئة علماء فلسطين

ثواب من رمى بسهم في سبيل الله

عَنْ شُرَحْبِيلِ بْنِ السِّمْطِ (تابعي) قَالَ: يَا عَمْرو بْن عَبَسَةَ (صحابي) حَدِّثْنَا حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ فِيهِ نِسْيَانٌ وَلَا تنْقُصُ، فَقَالَ عمرو رضي الله عنه: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَلَغَ الْعَدُوَّ أَخْطَأَ أَوْ أَصَابَ كَانَ كَعِدْلِ رَقَبَةٍ، وَمَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مَسْلَمَةً كَانَ فِدَاءُ كُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ، وَمَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي سَبِيلِ اللهِ كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ». رواه النسائي في السنن الكبرى.

وفي رواية: عَنْه قَالَ: حَاصَرْنَا مَعَ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِصْنَ الطَّائِفِ فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ بَلَغَ بِسَهْمٍ فَلَهُ دَرَجَةٌ فِي الْجَنَّةِ قَالَ فَبَلَغْتُ يَوْمَئِذٍ سِتَّةَ عَشَرَ سَهْمًا فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَهُوَ عِدْلُ مُحَرَّرٍ وَمَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَيُّمَا رَجُلٍ مُسْلِمٍ أَعْتَقَ رَجُلًا مُسْلِمًا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَاعِلٌ وَفَاءَ كُلِّ عَظْمٍ مِنْ عِظَامِهِ عَظْمًا مِنْ عِظَامِ مُحَرَّرِهِ مِنْ النَّارِ وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ أَعْتَقَتْ امْرَأَةً مُسْلِمَةً فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَاعِلٌ وَفَاءَ كُلِّ عَظْمٍ مِنْ عِظَامِهَا عَظْمًا مِنْ عِظَامِ مُحَرَّرِهَا مِنْ النَّارِ. رواه أحمد في المسند، وإسناده على شرط مسلم كما قال الشيخ شعيب الأرناؤوط.

الشرح والتعليق

1-    يدل الحديث على فضل الجهاد في سبيل الله، وفضل الرمي وأهميته.

2-    الرمي في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كان بالسهام والرماح، أما في زماننا الحاضر فيشمل الرمي بالسهام والضرب بالرصاص بالبندقية والرشاش، والقذائف والهاون والمدفعية والصواريخ، فكلها فيها رمي للأعداء.

3-    قوله (كَانَ كَعِدْلِ رَقَبَةٍ) العِدل: المثل، أي له من الأجر مثل أجر من أعتق عبدا وحرره من العبودية، وهذا معنى (عِدل محرر) التي وردت في الرواية الثانية.

4-    قَوْلُهُ: (فَبَلَغَ الْعَدُوَّ أَخْطَأَ أَوْ أَصَابَ) وفي رواية (بَلَغَ الْعَدُوَّ أَوْ لَمْ يَبْلُغْ) قال الشوكاني في نيل الأوطار: فِيه دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَجْرَ يَحْصُلُ لِمَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِمُجَرَّدِ الرَّمْيِ سَوَاءٌ أَصَابَ بِذَلِكَ السَّهْمِ أَوْ لَمْ يُصِبْ، وَسَوَاءٌ بَلَغَ إلَى جَيْشِ الْعَدُوِّ أَوْ لَمْ يَبْلُغْ، مِنَّ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ عَلَى عِبَادِهِ لِجَلَالَةِ هَذِهِ الْقُرْبَةِ الْعَظِيمَةِ الشَّأْنِ الَّتِي هِيَ لِأَصْلِ الْإِسْلَامِ أَعْظَمُ أُسٍّ وَبُنْيَانٍ.

5-    قوله (مَن بَلَغ بسَهمٍ في سبيلِ اللهِ عزَّ وجلَّ فلَه درَجةٌ في الجنة)، أي: مَن بلَغَ سَهمُه العَدُوَّ، وأثَّر فيه بالجِرَاحِ وما شابَهَ، فله بذلِكَ درَجةٌ ومَنزِلةٌ في الجنَّةِ.

6-    قوله (فَبَلَغْتُ يَوْمَئِذٍ سِتَّةَ عَشَرَ سَهْمًا) أي أنه رمى العدو وأصاب منهم ستة عشر شخصا، وهؤلاء قد تكون إصاباتهم طفيفة أو خطيرة، وقد يموت بسبب هذا السهم الذي أصابه.

7-    هنيئا لمن يرمي المحتلين الصهاينة بما أعده من سلاح هذا الأجر العظيم، فبمجرد الرمي نال الثواب العظيم عند الله تعالى، بغض النظر أَوَصَل الصاروخ هدفه، أم سقط في أرض فارغة، أم اعترضته القبة الحديدية وأسقطته.

والله أعلم.

والحمد لله رب العالمين

مع تحيات د. عمر حماد

الجمعة 10/11/2023م

الموافق 26/ربيع الثاني/1445هـ