خاص هيئة علماء فلسطين

         

5/4/2024

د. عمر حماد  عضو هيئة علماء فلسطين

معاملة الأسرى 1

عن سهل بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَقْبَلَ بِالْأُسَارَى حَتَّى إِذَا كَانَ بِعِرْقِ الظُّبْيَةِ أَمَرَ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الْأَقْلَحِ أَنْ يَضْرِبَ عُنُقَ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، فَجَعَلَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ يَقُولُ: يَا وَيْلَاهُ، عَلَامَ أُقْتَلُ مِنْ بَيْنِ هَؤُلَاءِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” بِعَدَاوَتِكَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ “. فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ مَنُّكَ أَفْضَلُ، فَاجْعَلْنِي كَرَجُلٍ مِنْ قَوْمِي إِنْ قَتَلْتَهُمْ قَتَلْتَنِي، وَإِنْ مَنَنْتَ عَلَيْهِمْ مَنَنْتَ عَلَيَّ، وَإِنْ أَخَذْتَ مِنْهُمُ الْفِدَاءَ كُنْتُ كَأَحَدِهِمْ، يَا مُحَمَّدُ مَنْ لِلصِّبْيَةِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” النَّارُ، يَا عَاصِمُ بْنَ ثَابِتٍ، قَدِّمْهُ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ “. فَقَدَّمَهُ فَضَرَبَ عُنُقَهُ “رواه البيهقي في السنن الكبرى، والطبراني في الكبير ورجاله ثقات.

 

 

الشرح والتعليق

1-    في هذا الحديث دليل على جواز قتل الأسرى،

2-    كانت معاملة النبي صلى الله عليه وسلم للأسرى تحفها الرحمة، والعدل، والحزم، والأهداف الدعوية؛ ولذلك تعددت أساليبه، وتنوعت طرق تعامله عليه الصلاة والسلام، فهناك من قتله، وبعضهم قبل فيهم الفداء، والبعض الآخر منَّ عليهم، وآخرون اشترط عليهم تعليم عشرة من أبناء المسلمين مقابل المن عليهم.

3-    قوله (عِرْق الظُّبْيَة) هو مكان يبعد عن المدينة مسافة ثمان وستين كيلو مترا، وعن بئر الروحاء ثلاثة كيلومترات ونصف، وفيه آثار مسجد صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم.

4-    الحزم مع مجرمي الحرب ورؤوس الفتنة من أمثال عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث مطلوب، فقد كانا من أكبر دعاة الحرب ضد الإسلام، والمتربصين بالمسلمين الدوائر، فبقاؤهما يعد مصدر خطر كبير على الإسلام، ولا سيما في تلك الظروف الحاسمة التي تمر بها الدعوة الإسلامية، فلو أطلق سراحهما لما تورعا على سلوك أي طريق فيه كيد للإسلام وأهله، فقتْلهما في هذا الظرف ضرورة تقتضيها المصلحة العامة لدعوة الإسلام الفتية؛ ولذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتلهما عندما وصل إلى الصفراء (عرق الظبية).

5-    قوله (لِعَدَاوَتِك لِلّهِ وَلِرَسُولِهِ) فقد كان ابن أبي معيط شديد العداوة لله ولرسوله، وقام بتهديد النبيِّ صلى الله عليه وسلم بالقتل إذا خرج من الحرم، وقد ورد في بعض الروايات أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بعد أن قتله عاصم: (بِئْسَ الرّجُلُ كُنْت وَاَللهِ مَا عَلِمْت، كَافِرًا بِاَللهِ وَبِرَسُولِهِ وَبِكِتَابِهِ، مُؤْذِيًا لِنَبِيّهِ، فَأَحْمَدُ اللهَ الّذِي هُوَ قَتَلَك وَأَقَرّ عَيْنِي مِنْك) رواه الواقدي في المغازي.

6-    وذكر ابن إسحاق تفصيلا لما كان يفعله ابن أبي معيط: فعن الشعبي قال : لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل عقبة ، قال : أتقتلني يا محمد من بين قريش ؟ قال : نعم ! أتدرون ما صنع هذا بي؟ جاء وأنا ساجد خلف المقام فوضع رجله على عنقي وغمزها ، فما رفعها حتى ظننت أن عيني ستندران ، وجاء مرة أخرى بسلى شاة فألقاه على رأسي وأنا ساجد ، فجاءت فاطمة فغسلته عن رأسي أهـ.

 

نسأل الله تعالى أن يرزقنا الشهادة، وأن يبلغنا منازل الشهداء

والله أعلم.

والحمد لله رب العالمين

مع تحيات د. عمر حماد

الجمعة 5/4/2024م

الموافق 25/رمضان/1445هـ