أ. د. عبد الجبار سعيد

تاريخ 18/2/2023‏

الحديث عن دور العلماء الدعاة في تحرير بيت المقدس حديث ذات أهمية يسلط الضوء على فئةٍ من ‏الأمة إصطفاها الله عزوجل لاداء مهمة عظيمة مهمة العلم   وأيضا مقام الجهاد وقد سماها الله نفيراً

نستحضر أولا أنَّ الله أعطى المكانة المميزة للعلماء { ‏‏يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ‏دَرَجَاتٍ }  { قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ }     لا يستوي ‏من يعلم ومن لا يعلم ومن يعلم وهو الحجة وهو المرجع بكل شيءٍ وهذا معنى  {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ ‏إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ }  العاِلمُ مفضل بما يحمل من العلم وبانتسابه إلى العلم الشريف وإلى هذه المنزلة ‏المباركة

والداعية أثنا  عليه الله تعالى  بقوله {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ ‏الْمُسْلِمِينَ}  فكيف  بمن  جمع بين العلم والدعوة معا  وإذا أضفنا إلى ذلك الجهاد في سبيل الله  فكان ‏ذلك رفعة فوق رفعة  ذلك بأن مقام الشهداء تمناه  رسول الله صلى الله عليه وسلم (والَّذي نفسُ محمَّدٍ ‏بيدِهِ لودِدتُ أن أغزوَ في سبيلِ اللَّهِ فأُقتَلَ ثمَّ أغزوَ فأقتَلَ ثمَّ أغزوَ فأقتَلَ)  وبالتالي مقام الجهاد إذا ‏إجتمع من العلم والدعوة فلا رفعة أعلى من هذه الرفعة

أراشيف  محاكم القدس وهي تتضمن أراشيف علمية كبيرة  تستكشفوا مدى الدور الذي  أحدثه ‏العلماء في زيارتهم إلى بيت المقدس وتأثيرهم بالبنية الفكرية  وفي بناء الامة وتحصينها وبالتالي  ‏دورهم في الحروب وفي التحرير وجهود  هؤلاء العلماء خاصة الإمام الغزالي  ‏

ندرس التاريخ  ليضيئ  لنا واقعنا ونستشرف مستقبلنا من خلاله على أمل أن يهدينا الطريق وكما ‏يرى  كثير من الناس دورات التاريخ تعيد نفسها ‏

اليوم الامة  تتعرض لحروب من أصناف شتى ومن أعداء لا حصر لهم ومكرهم مستمر  بالليل ‏والنهار  وجل ما  يجري من مؤامرات على الامة  في الحقيقة جوهره الحفاظ  على بيت المقدس  ‏وفلسطين تحت  عباءة الاحتلال   يعني الحفاظ على ما يسمى دولة إسرائيل ‏

إذا أردنا  أن  نتصف بالعبودية لله  تعالى والعالم  الذي يريد أن يتصدى لفساد بني إسرائيل ‏والداعية الذي يريد  أن يتصدى لفساد بني إسرائيل  ينبغي  أن يحرص  أن يكون قدوة لامته بالمقام ‏الأول وأن يُعلِّم الناس بفعله قبل قوله

فهم الواقع فهما جيدا  وتحديد  البوصلة  والاولويات  أمرا في غاية الأهمية من غير المعقول أن ‏نجد  بعض علمائنا  يعيش منفصلا  عن الواقع بحجة عدم حب السياسة  أو الانصراف الى ما يعتقد  ‏إنه أولى من مقام الجهاد في سبيل الله حتى لو كان الدعوة الى الله ‏

في ظل  إحتلال  بيت المقدس وفلسطين  البوصلة في كل الأحوال يجب أن تكون فلسطين  وبيت ‏المقدس ولا ينبغي  أن نحيد عن هذا  قيد أنملة  وهذا لا يتعارض أن يهتم  العلماء والدعاة  في ‏بلادهم في همومهم لا يتعارض الانشغال بالهم المحلي مع الانشغال بهم تحرير فلسطين وبيت ‏المقدس

‏ العالم والداعية يخرج  من اطار الحزب الضيق  الى اطار الامة كلها بل الى اطار المقاومة حتى ‏من غير المسلمين ومن غير العرب حتى من المخلصين والاحرار  من شعوب العالم ‏

‏ الداعية والعالم الذي  يدرك أولوياته عليه ان يوظف كل الطاقات لخدمةهذه القضية المباركة بعيدا ‏عن النظرات الحزبية الضيقة ‏

نحن  عندما نثبت مواطنا مقدسيا واحدا في بيت المقدس نحن نثبت حارسا  من حراس  الأقصى ، ‏نحن  عندما نثبت  طالب  علما في بيت المقدس نحن نثبت حارسا من حراس الاقصى

لمتابعة المحاضرة على الرابط  ‏

https://www.youtube.com/watch?v=-bSrJ4Q0x18