خاص هيئة علماء فلسطين
202/8/2025
المفتي: لجنة الفتوى في هيئة علماء فلسطين

طلقني زوجي ولم أعلم بالطلاق إلا بعد عشرة أيام، فما هي مدة العدة الواجبة عليَّ؟ وما هي المحرَّمات في العدة؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.
فالعدة اسم لمدة تتربص فيها المرأة لمعرفة براءة رحمها، أو للتعبد أو لتفجعها على زوجها.
وهي واجبة على المطلقة المدخول بها؛ بنص كتاب الله عز وجل؛ حيث قال سبحانه {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} وقال سبحانه {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} وقال {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}
فعلم من ذلك أن عدة المطلقة تكون على أحوال:
أولها: إن كانت حاملاً فعدتها وضع الحمل، وهي التي يسميها الفقهاء (أمَّ العِدَد)
ثانيها: إن كانت حائلاً وهي من ذوات القرء فعدتها ثلاثة قروء، على اختلاف بين الفقهاء في ماهية القرء أهو الطهر أم الحيض، والراجح أنه الطهر.
ثالثها: إن كانت صغيرة لا تحيض أو كبيرة قد انقطع حيضها فعدتها ثلاثة أشهر قمرية
وأما إن طلقت قبل الدخول فلا عدة عليها؛ قال تعالى {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا}
ويبدأ حساب العدة من حين وقوع الطلاق، لا من حين العلم به؛ لأن سبب وجوب العدة هو الطلاق أو الوفاة، فيعتبر ابتداؤها من وقت وجود السبب، فإن لم تعلم بالطلاق أو الوفاة حتى مضت مدة العدة فقد انقضت مدتها. وهذا هو مذهب جمهور العلماء من الحنفية والشافعية والحنابلة رحمهم الله تعالى
وأما ما يحرم على المرأة المعتدة فإنه يتمثل في أمور:
أولها: اتفق الفقهاء على أن التصريح بخطبة معتدة الغير أو المواعدة بالنكاح حرام سواء أكانت العدة من طلاق رجعي أم بائن أم وفاة؛ لقوله تعالى {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا}
ثانيها: اتفقوا على أنه لا يجوز للأجنبي نكاح المعتدة أيا كانت عدتها من طلاق أو موت أو فسخ أو شبهة، وسواء أكان الطلاق رجعياً أم بائناً بينونة صغرى أو كبرى؛ وذلك لحفظ الأنساب وصونها من الاختلاط؛ ومراعاةً لحق الزوج الأول؛ استدلالاً بقوله تعالى {وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ}
ثالثها: ذهب الحنفية والشافعية إلى أن المطلقة الرجعية لا يجوز لها الخروج من مسكن العدة لا ليلا ولا نهارا؛ استدلالا بقوله تعالى {لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن} وأما المالكية والحنابلة فقالوا بجواز خروج المطلقة الرجعية نهاراً لقضاء حوائجها، وتلزم منزلها بالليل لأنه مظنة الفساد، وهو الراجح لحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: طُلِّقت خالتي ثلاثاً، فخرجت تجد نخلا لها، فلقيها رجل فنهاها، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت ذلك له، فقال لها: (اخرجي فجُدّي نخلك لعلك أن تصَّدَّقي منه أو تفعلي خيرا) رواه مسلم.