خاص هيئة علماء فلسطين

         

11/12/2024

لجنة الفتوى في هيئة علماء فلسطين

السؤال: نحتاج فتوى للشباب الذين يعملون في موانئ المغرب، أحد أصدقائي من التقنيين الذين يعملون في ميناء طنجة قال لي: إن بعض الشباب رفض العمل على السفينة nysted maersk التي تأخذ الأدوات الحربية اليوم من طنجة إلى حيفا، لكن كثيراً من الشباب الآخر يقول أنا لا دخل لي ولا أقوم إلا بعملي.

الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد..

فقد اتفق أهل العلم على أنه في حال وقوع العدوان من الكُفّار على المسلمين -كما هو الحال في اعتداء الصهاينة على فلسطين وشعبها ومباشرتهم القتل والإجرام بحق أهل غزة ولبنان- فإن الواجب الشرعي على المسلمين هو عون إخوانهم المسلمين ومشاركتهم جهادهم بالأنفس والأموال لردِّ العدوان، لا سيما إذا ظهر عجزُ المعتدَى عليهم عن ردِّ العدوان، فإن حال بينهم وبين نجدة إخوانهم بأنفسهم حائل وجب إمدادهم بأسباب القوة؛ لكي يتمكنوا من الدفاع عن أنفسهم وديارهم، فإن لم يفعلوا وجب عليهم مشاغلة عدوهم حتى يتمكنوا من نجدتهم، ومن يفعل ذلك فقد ناصر الحق وقام بالواجب المطلوب منه وكان من المجاهدين إن بذل في ذلك قصارى جهده؛ عملاً بقوله تعالى {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (الآية 16: سورة التغابن) وقول النبي صلى الله عليه وسلم (ما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم).

وأما ما عدا هؤلاء فهم صنفان:

الأول: صنف يرضى بالحياد ولا يمارس نصرة المسلمين، بل يكتفي بالتأييد والدعاء دون بذل وسعه في نصرتهم وهؤلاء هم الخاذلون للمسلمين الذين حذرهم الرسول الله صلى الله عليه بقوله: (ما من امرئ يخذل امرأً مسلماً في موطن يُنتقص فيه من عرضه، ويُنتهَك فيه من حرمته، إلا خذله الله تعالى في موطن يحب فيه نصرته، وما من أحد ينصر مسلماً في موطن يُنتقص فيه من عرضه، ويُنتهَك فيه من حرمته، إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته) رواه أحمد (16415) وأبو داود (4884) وهو حديث حسن.

الثاني: الذين يقفون إلى جانب العدو، ويمدونهم بأسباب القوة من سلاح وعتاد وربما رجال، أو يدعمونهم بالإعلام، أو يؤيدونهم ويشجعونهم، وهؤلاء خائنون وموالون للكفار وحكمهم يتردد بين الكفر إذا فعلوا ذلك حباً للكفار، أو اعتقاداً منهم في أولويتهم بحكم بلاد المسلمين، وبين الوقوع في كبائر الذنوب وموبقاتها إذا فعلوا ذلك رغبة في المال والمعاش أو خوفاً على أرزاقهم وأنفسهم وتزلفاً للكفار، أو الحكام طلباً لجاه، أو مال، أو غيره..

وإذا نظرنا في هذا الفعل الذي يسأل عنه المستفتي (العمل في السفن التي تنقل الإمداد والدعم للكيان الصهيوني) نجد أنه يقع في هذا الصنف وبالتالي يكون صاحبه في دائرة الخيانة للمجاهدين والمسلمين؛ ولا يخرج عن الكفر أو الوقوع في موبقات الذنوب وكبائرها.. حسب مقصده من هذا العمل وباعثه عليه، قال الإمام الونشريسي صاحب المعيار: “وأما مقتحمو نقيضه -أي الجهاد- بمعاونة أوليائهم على المسلمين؛ إمّا بالنّفوس وإمّا بالأموال فيصيرون حينئذ حربيّين مع المشركين، وحسبك من هذا مناقضةً وضلالًا” النوازل الكبرى “1/94-99.

وعليه فإنه لا يجوز للمسلم أن يعمل في تحميل السفن التي تحمل السلاح أو العتاد أو المؤن لعدو المسلمين، ولا يجوز له تفريغها أو خدمة العاملين فيها، أو خدمة الموقع التي ترسو بها تلك السفن، أو شد حبالها أو إرخائها لتقف أو تنطلق، أو تزويدها بالوقود أو مسح زجاجها ليرى قائدُها ما أمامه، أو غير ذلك، فكل هذا من المشاركة في إعانة المعتدين وهو من التعاون على الإثم والعدوان والله تعالى يقول { وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (الآية 2: سورة المائدة).

وكل دعم يتقوَّى به العدو، أو يساعد في اعتباره كياناً طبيعياً، أو يُصَبُّ في التطبيع مع هذا العدو ومن على شاكلته فهو محرَّم لا يجوز للمسلم المشاركة فيه ولا خدمته ولا العمل في أي من الأبواب التي تساند شيئاً من هذه الأعمال كلها.

والواجب على الموظفين في الموانئ في بلاد المسلمين التي تمارس مثل هذا الإمداد والدعم للكيان الصهيوني هو أحد أمرين لا يقبل دونهما:

الخيار الأول وهو الأصل: أن يجاهد ويعمل على تعطيل مسيرة هذه السفن الداعمة للكيان الصهيوني بما أوتي من قوة وما أمكنه من سبيل إلى تحقيق ذلك ولو بالتضحية والفداء، وذلك بالعمل على إحراق هذه المواد المحمولة للكيان أو إتلافها سراً أو علناً مباشرة أو بحيلة، أو يفسدها بما أمكنه، وأن يرتب لذلك بكل وسعه إن علم باباً لذلك، وبهذا يكون من المجاهدين المدافعين عن الحق، وهذا الخيار هو خيار المشاركة في الجهاد وفي هذا لا تراعى عهود بلاده مع هذا الكيان ولا قيمة لها، فهي مواثيق باطلة من أصلها، ولو سلَّمنا انعقادها فقد نقضها العدو بما مارس من قتل وإجرام وانتهاك للحرمات.

الخيار الثاني: وهو الذي لا يُقبل دونه أن يترك هذا العمل، ويعلن رفضه للقيام بأي مهمة أو عمل في خدمة هذه الأعمال التطبيعية، بل الداعمة للكيان الصهيوني، ولا يصدُّه عن ذلك حرص على معاش أو نحوه؛ لأن راتبه إنما يكون على حساب التفريط في دماء إخوانه ونصرة أعدائه، ولا شك في حرمة أي كسب على هذا الوجه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (من أكل بمسلم أكلة أطعمه الله بها أكلة من نار جهنم يوم القيامة، ومن أقام بمسلم مقام سمعة أقامه الله يوم القيامة مقام سمعة ورياء، ومن اكتسى بمسلم ثوباً كساه الله ثوباً من النار يوم القيامة) أخرجه البخاري في الأدب المفرد، والحاكم من حديث المستورد بن شداد رضي الله عنه، وصححه ووافقه الذهبي.

وخلاصة القول في هذه المسألة:

إن على المسلم أن يمارس ما يستطيع من ألوان الجهاد في سبيل إعاقة دعم الكيان الصهيوني ما وجد إلى ذلك سبيلاً ولو بتحريض مجتمعه.

فإن عجز أو جبن عن ذلك فلا أقل من موقف سلبي وهو الحد الأدنى ويتمثل بالامتناع عن المشاركة بهذه الأعمال ولو فقد وظيفته فإن الله سيعوضه خيراً، ولا يجوز للمسلم من أجل معاش أن يدعم قتل اخوانه ويساهم في ذلك بأي وجه، والله تعالى أعلم.

لجنة الفتوى في هيئة علماء فلسطين

25/ جمادى الأولى/ 1446 الموافق 27/ 11/ 2024

In the Name of Allah, the Most Gracious, the Most Merciful

What is the ruling on working in a port where enemy warships dock?

(We need a fatwa for young men working in Moroccan ports.) A friend of mine, a technician at the Tangier port, told me that some young workers refused to work on the ship Nysted Maersk, which is transporting military supplies today from Tangier to Haifa. However, many other young workers said, “This has nothing to do with me; I’m just doing my job.”

Answer: Praise be to Allah, the Lord of the Worlds, and peace and blessings be upon the most noble of messengers, our master Muhammad, his family, and all his companions.

The scholars unanimously agree that, in the case of aggression by non-believers against Muslims—such as the Zionist aggression against Palestine and its people, and their acts of murder and crimes against the people of Gaza and Lebanon—it is a religious obligation upon Muslims to support their brothers in Islam and join their struggle with their lives and wealth to repel the aggression, especially when the victims are incapable of defending themselves. If Muslims are prevented from physically assisting their brothers, they must provide the means of strength necessary for self-defense. Should they fail to do so, they must at least engage the enemy elsewhere to enable their brothers to defend themselves. Whoever fulfills this obligation has supported the truth, fulfilled their duty, and is considered among the fighters in the cause of Allah, provided they exert their utmost effort, in accordance with Allah’s command:

“So fear Allah as much as you are able” (Quran, 64:16)

And the Prophet Muhammad’s (peace be upon him) words:

“When I command you to do something, do as much of it as you are able.”

As for those who do not engage in this obligation, they fall into two categories:

  1. The Neutral: Those who choose neutrality, neither supporting Muslims nor engaging in their defense, but merely offering verbal support or prayers without exerting effort in aiding them. These individuals are betrayers of their fellow Muslims. The Prophet (peace be upon him) warned:

“Whoever lets down a Muslim in a situation where his honor is violated or his sanctity is attacked, Allah will let him down in a place where he would love His help. But whoever helps a Muslim in a situation where his honor is violated or his sanctity is attacked, Allah will help him in a place where he loves His help.”
(Ahmad 16415, Abu Dawood 4884, classified as Hasan).

  1. The Collaborators with the Enemy: Those who provide the enemy with means of strength, such as weapons, equipment, or even manpower, or who support them through media, endorsements, or encouragement. Such individuals are traitors who align themselves with disbelievers. Their actions range from disbelief (if motivated by love for the disbelievers or a belief in their superiority) to major sins (if driven by worldly desires, fear for their livelihood, or pandering to rulers for status or wealth).

Regarding the specific case in question—working on ships transporting supplies to the Zionist entity—this act clearly falls into the category of betrayal. Depending on the worker’s intention and motivation, it could constitute disbelief or a grave sin. Imam Al-Wansharisi stated in Al-Mi’yar:

“As for those who act contrary to jihad by aiding their allies against Muslims, whether with their lives or wealth, they become combatants alongside the disbelievers. This contradiction suffices as a grave deviation.” (Al-Nawazil Al-Kubra, 1/94-99).

Conclusion:
It is not permissible for a Muslim to work in loading ships carrying weapons, equipment, or supplies for the enemies of Muslims, nor to unload these ships, serve their crews, or assist in any operation related to these ships—be it securing their docking, refueling, or any other service. This constitutes cooperation in sin and aggression, which Allah explicitly forbids:

“And cooperate in righteousness and piety, but do not cooperate in sin and aggression. And fear Allah; indeed, Allah is severe in penalty.” (Quran, 5:2)

Any form of support that strengthens the enemy, legitimizes its existence, or facilitates normalization with it is strictly forbidden. Muslims must avoid any direct or indirect involvement in such activities.

For port workers in Muslim countries engaged in such support for the Zionist entity, there are two obligatory choices:

  1. The Ideal Choice: Engage in resistance and work to disrupt the operations of these ships in any feasible way, even at personal risk. This could involve damaging the materials being transported, either overtly or covertly, and making every effort to impede these activities. This is considered a form of jihad. In this case, treaties between the worker’s country and the enemy hold no value, as they are inherently invalid.
  2. The Minimum Obligation: Refuse to participate in these activities and declare an objection to any involvement in such operations, even at the cost of one’s job. Financial concerns should not outweigh the sanctity of Muslim blood or the duty to oppose the oppressors. Earnings derived from such work are tainted with sin. The Prophet (peace be upon him) said:

“Whoever eats at the expense of a Muslim, Allah will feed him a bite of the Fire of Hell. Whoever wears at the expense of a Muslim, Allah will clothe him with a garment of Fire on the Day of Resurrection.”
(Bukhari, Adab Al-Mufrad; Hakim, authenticated by Al-Dhahabi).

In summary, Muslims must strive to disrupt any form of support for the Zionist entity. At the very least, they must refrain from participating in these activities, even if it means losing their jobs, trusting that Allah will provide a better alternative.

Allah knows best.

The Fatwa Committee of the Palestinian Scholars Association
25 Jumada Al-Awwal 1446 AH / November 27, 2024