20/10/2023
الحمد لله ناصر المجاهدين، ومذل الصهاينة المعتدين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على إمام المجاهدين وعلى صحابته الفاتحين وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد:
فإن من واجب علماء الأمة عند حدوث النوازل العظيمة والأحداث الكبيرة والملاحم الفاصلة أن يكونوا حاضرين في البيان والتبليغ لا يخشون في الله لومة لائم، قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا﴾ [الأحزاب: 39].
وإن أرض فلسطين المباركة وغزة العزة تسطر اليوم أعظم ملاحم البطولة والفداء والدفاع عن المسرى والأسرى في معركة ” طوفان الأقصى” ومواكبة لهذا الحدث العظيم وهذه المعركة الفاصلة، فإن علماء الأمة الإسلامية يصدرون فتواهم الواضحة والصريحة تبيانًا للحكم الشرعي كما يلي:
أولًا: إن ما يقوم به المجاهدون في سبيل الله تعالى في معركة طوفان الأقصى هو أعظم أعمال الإسلام في هذا العصر، وهو جهاد مبرور لدفع العدوان والذود عن الدين والمقدسات والحرمات، قال تعالى: ﴿فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾ [الأنفال: 57].
ثانيًا: مع اندلاع هذه المعركة التي أعلن عنها أهل الاختصاص الذين هم أهل الذكر في مجالهم، وبينوا بجلاء الحاجة الماسة إلى انخراط الأمة في المعركة بكل تفاصيلها، وانتقال المرحلة إلى مرحلة الجهاد المباشر مع العدو الصهيوني، فإن الواجب الشرعي على كل مسلم بالغ عاقل أن ينفر استجابة لهذا الاستنفار، قال عز وجل: ﴿انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾، وقال صلى الله عليه وسلم: « وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ، فَانْفِرُوا» أخرجه البخاري. ويجب على كل مسلم أن يجد بابًا وطريقًا لتلبية النفير بنفسه وماله وكلمته وموقفه.
وإن هذا الواجب يختلف باختلاف البقاع والمواقع والتخصصات. وكل من يقصّر عن بذل وسعه يخشى عليه أن يدخل تحت حكم التولي يوم الزحف؛ وهو من السبع الموبقات ومن أكبر الكبائر، قال ربنا عز وجل: ﴿وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَىٰ فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ [سورة الأنفال: 16]. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ؟ فذكر منهن: التَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ» أخرجه البخاري
ثالثًا: إن من أوجب الواجبات على كل مسلم أن يسهم في دعم المقاومة بماله في سبيل الله؛ فقد قرن الله عز وجل بين الجهاد بالمال والجهاد في النفس وقدّمه عليه، قال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾ [سورة الحجرات :15].
رابعاً: إننا نؤكد على حرمة التطبيع مع العدو الصهيوني بأي شكل من الأشكال، وأن أي تطبيع مع هذا العدو المغتصب باطل شرعًا ولا تترتب عليه أية آثار أو التزامات.
هذا والله تعالى أعلم
وصلى الله وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين
23 ربيع الأول 1445 هــ
الموافق 8 أكتوبر 2023م