خاص هيئة علماء فلسطين

         

14/12/2024

لجنة الفتوى في هيئة علماء فلسطين

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن العلماء هم ورثة الأنبياء وهم أعلام الأمة ومرجعيتها ورأسها، وفي زماننا هذا الذي يدل فيه واقع الأمة الإسلامية اليوم على أنها في زمان شاغر عن حاكم ذي نجدة وكفاية ودراية في كثير من الدول العربية والإسلامية- إلا من رحم الله-  فإن العلماء هم ولاة الأمر حقيقة؛ وقد نقل الإمام الجويني عمن سبقه من العلماء قولهم: (إذا شَغَرَ الزَّمان عن الإمام وخَلا عن سلطان ذي نَجْدَة وَكِفاية ودِرايةٍ، فالأمور مَوْكُولة إلى العلماء) وذلك يوجب على العلماء الربانيين والمصلحين من رجالات الأمة ونُخَبها أن يقوموا بدورهم المنتظر منهم؛ وذلك بالمبادرة باستلام الراية وقيادة الشعوب وتنظيمها وتحشيدها وتوجيه طاقاتها وإمكاناتها لنصرة المسجد الأقصى ونصرة المجاهدين والمظلومين في غزة وعموم فلسطين.

وقد فهم علماء الأمة دورهم في أزمنة الضعف والهزيمة فاستلوا سيف المبادرة وكان لهم أبلغ الأثر في بعث الأمة من جديد، وحفظ التاريخ لأمثال العز بن عبد السلام ومحيي الدين النووي وابن تيمية مواقفهم التي شحذوا فيها همم الناس ووجَّهوهم للجهاد في سبيل الله؛ فكان النصر حليفهم أمام جيوش التتار والمغول والصليبين.

وفي ظل ما يتعرض له المسلمون على أرض فلسطين من عدوان ظلوم غشوم، مع تواطؤ الأنظمة العربية – إما ممالأة للعدو أو سكوتاً عنه – نذكر أهم الواجبات المنوطة بأعناق العلماء بالإضافة إلى واجب حمل أمانة قيادة الشعوب وتوجيهها لنصرة المسرى وأهل المسرى:

1- أن يبيِّنوا للأمة أن المعركة على المسجد الأقصى وبيت المقدس هي معركة الإسلام المركزية، لا يُقبل فيها الحياد، ولا يجوز للعالم أن يسكت وهو يرى المجازر الصهيونية المتتابعة التي ترتكب بحق أهلنا في غزة العزة وهو يرى عدوان الصهاينة على المسجد الأقصى وعلى أهلنا في عموم فلسطين، فقد أخرج ابن حبان في صحيحه وغيره عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا يَمنعنَّ أحدَكُم مخافةُ الناس أن يتكلم بحق إذا رآه أو عرفه”.  

————- 

2- يجب على كل عالم عامل أن يجاهد الصهاينة المعتدين ومن أمدَّهم وحالفهم بلسانه فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بجهاد المشركين باللسان، فقد أخرج الإمام أحمد في مسنده في الحديث الصحيح المروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “جاهدوا المشركين بألسنتكم، وأنفسكم، وأموالكم، وأيديكم ” والجهاد باللسان جامع للجهاد بالبيان والفتوى والجهاد الإعلامي ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي.

————- 

3- يجب على العلماء الصدعُ بكلمة الحق في وجه الحكام الذين يشاركون في حصار أهل غزة ويمنعون الناس عن نصرتهم؛ فقد أخرح الحاكم في مستدركه عن جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ورجل قال إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله».

————- 

4-  يجب على العلماء نصرة المجاهدين في فلسطين، ونصرة المستضعفين فيها وفي كل مكان، والعالم والفقيه الذي لا ينصر الطائفة المجاهدة في غزة وعموم فلسطين لا يستحق أن يُسَمَّى عالماً ولا فقيها، فأعظم الفقه في هذا الزمان وأولاه إنما هو فقه الجهاد والنصرة: فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن معاوية رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، ولا تزال عصابة من المسلمين، يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوأهم إلى يوم القيامة ” ففي هذا الحديث ربط بين الفقه في الدين ونصرة الطائفة المجاهدة الظاهرة على الحق، ولا يجوز للعالم العامل أن ينشغل ويشغل الناس بأمور يمكن تأجيلها، فالأصل أن يشتغل ويُشغل الناس بواجب الوقت، فالعمل من أجل إنقاذ مسلمي فلسطين المظلومين ورفع الحصار الظالم الجائر عنهم، وإيقاف جرائم الحرب المستمرة أولى من أي عمل آخر في هذه الأوقات.

————- 

5- يجب على العلماء حشدُ طاقات الناس وجهودهم في نصرة المقاومة ونصرة المسجد الأقصى ونصرة المستضعفين في فلسطين خاصة وفي كل مكان وتعليم الناس فقه النصرة، كلٌّ بما يستطيع، من إنفاق في سبيل الله، وجهاد بالكلمة واللسان، وعلى وسائل الإعلام والمنصات الإلكترونية ووسائل التواصل، وإغاثة الناس، وبيان أن هذه النصرة إنما هي نصرة لله عز وجل ولدينه ومسرى نبيه وأمة نبيه صلى الله عليه وسلم، أخرج الإمام ملسلم في صحيحه عن أبى مسعود الأنصاري رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي أُبْدِعَ بِي ( انقطعت) لموت راحلتي) فاحْمِلْنِي، قَالَ: (لَا أَجِدُ وَلَكن ائتِ فُلاناً فَلَعَلَّهُ أن يَحْمِلك) فأتاهُ فَحَمَله فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبَرَهُ فَقَالَ: (مَنْ دلَّ عَلى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْر فَاعِلِه)  فما أعظم أجر العالم الذي يدل الناس على الخير!!

————- 

6- يجب على علماء الإسلام حثُّ شباب الأمة على الإعداد للجهاد والاستعداد له، وبثُّ روح الجهاد والاستشهاد في الأمة لكي تكون لهم شراكة حقيقية في جيش التحرير للأقصى وعموم فلسطين؛ فإن واجب الوقت يملي على علمائنا أن يكتبوا في فضائل الجهاد ويحثوا الناس عليه، وأن يصنفوا في فضائل مدن الإسلام كالقدس ورجالها وعلمائها، مما يكون له أثر كبير – إن شاء الله – في تعليم الناس وحثِّهم على الجهاد والبذل والعطاء ونصرة المظلومين؛ اقتداء بمن فعل ذلك من قبل كالإمام الحافظ ثقة الدين ابن عساكر وابنه أبو القاسم ابن عساكر والإمام ابن النحاس رحمة الله عليهم أجمعين

————- 

7-يجب على علماء الإسلام ودعاته تقدُّمُ الصفوف، ففي تقدُّم الصفوف تصديق للقول بالعمل، ويجب عليهم القرب من الناس والاختلاط بهم، وتثبيتهم، والحياة معهم وبينهم، وهذا بفضل الله عز وجل ما يقوم به علماء غزة وفلسطين عموما، فهم قريبون من الناس يعيشون بينهم، ليس بينهم وبين الناس حجاب، ينفقون أوقاتهم بالليل والنهار في تعليم الناس ونشر الخير بينهم، مما كان له أبلغ الأثر في تثبيت أهل فلسطين وعونهم على الصبر فيما نزل بهم من بلاء.

————- 

8- ومن واجب العلماء بث فقه الائتلاف وأدب الاختلاف والحديث عن وحدة المسلمين والتحذير من الفرقة، لأن ثمة جهات عميلة للصهاينة والغرب تحاول أن تزرع الشقاق والنزاع بين المسلمين، وأن تشغلهم بالتعصب العقدي والمذهبي، مدعومة في ذلك بمال كثير لتحقيق هدف أعداء الإسلام.

————- 

9- ومن واجب العلماء الرد على الشبهات المتعلقة بالمجاهدين في فلسطين وعملهم وبيان القضايا العقدية المتعلقة بالجهاد عموما وفي فلسطين خصوصا.

————- 

10- ينبغي للعلماء الإكثار من الدعاء والقنوت في المساجد بأن ينصر الله المجاهدين في فلسطين، وأن يُحَرِّر المسجد الأقصى من دنس الصهاينة المعتدين؛ فمن أهم فوائد الدعاء – غير استجلاب النصر – الإبقاء على قضية فلسطين حاضرة في أذهان عامة الناس.

هذا والله تعالى أعلم.

لجنة الفتوى في هيئة علماء فلسطين

13/ 2/ 1446ه

17/ 8/ 2024م