خاص هيئة علماء فلسطين

         

20/8/2025

المفتي: لجنة الفتوى في هيئة علماء فلسطين

السؤال: أنا طالبة أدرس الطب، وفي الجامعة يلزمنا في بعض الأحيان تعقيم أيدينا حتى الكتف ‏ورأسنا وأقدامنا حتى ‏الركبة، وهذا يحصل بوجود جميع المتدرِّبين من ذكور وإناث، وأنا ‏محجبة ولا أستطيع عزل نفسي وقت ‏التعقيم فهل يجوز لي ذلك؟ وإن كان لا يجوز فماذا ‏أفعل؟ ‏

الجواب:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه ‏أجمعين، أما بعد. ‏

فلا بد أن نذكر السائلة أولاً بأن طلب علم الطب من أشرف المهامّ وأنبلِها؛ حتى ذهب ‏بعض العلماء إلى أن ‏علم الطب هو أشرف العلوم بعد علم الكتاب والسنة؛ فنقل ‏الذهبي في (سير أعلام النبلاء) عن الشافعي رحمه ‏الله تعالى أنه قال: لا أعلم علمًا بعد ‏الحلال والحرام، أنبل من الطب، إلا أن أهل الكتاب قد غلبونا عليه!! ‏وروى أبو حاتم ‏الرازي في (آداب الشافعي ومناقبه) عنه قوله: لا تسكنن بلدًا لا يكون فيه عالم يفتيك ‏عن ‏دينك، ولا طبيب ينبئك عن أمر بدنك‎!!‎

هذا وعلى الطالب المتخصص في العلوم الطبية أن يخلص نيته لله عز وجل؛ فينوي القيام ‏بفرض الكفاية في ‏تطبيب الناس؛ وأن يستحضر في ذلك طلب الثواب من الله في تنفيس ‏كربات الناس وتفريج همومهم وتخفيف ‏آلامهم، ونفعهم وإعانتهم والإحسان إليهم، وأن ‏ينال بذلك الأجر العظيم المنوَّه به في قوله تعالى {وَمَنْ أَحْيَاهَا ‏فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} ‏وعليه أن يلتزم الأحكام الشرعية والآداب المرعيَّة في طلبه للعلم وممارسته إياه ‏فيما بعد، ‏ومن ذلك: اجتناب الخلوة والاختلاط المذموم والاطلاع على العورات، وقد نص الفقهاء ‏رحمهم الله ‏تعالى على أن الضرورة تقدَّر بقدرها فلا يكشف من جسد المرأة أمام الرجل ‏ولا العكس إلا ما تقتضيه ‏ضرورة العلاج، فإذا كان يكفي في علاج الجرح مثلاً كشف ‏الفخذ، فلا يجوز كشفُ ما زاد عليه، وإذا كانت ‏الطبيبة أو الممرضة يمكنها القيام بالعمل ‏وحدها فلا يجوز لها أن تعرض المريضة لرجل، والعكس صحيح.‏

وعليه فإن المطلوب من هذه الطالبة المسلمة أن تحتاط لدينها وتبذل الأسباب التي تجتنب ‏بها كشف ما أمر ‏الله بستره أمام الرجال الأجانب، وعليها أن تجتهد مع زميلاتها في طلب ‏تخصيص مكان لهن يعقمن فيه ‏أيديهن وأقدامهن منفردات عن الرجال؛ أو يطلبن خروج ‏الرجال في تلك اللحظات، وأن تستفرغ وسعها مع ‏الإدارة في حصول هذا الأمر.‏

وإذا تعذر ذلك كله ولم تجد الطالبة مناصاً من حصول ذلك إلا أمام الرجال، فإنه يمكن ‏القول بالجواز فاعتبار ‏أن طلب علم الطب بالنسبة للنساء من فروض الكفايات ووجوب ‏ستر المرأة بدنها من باب سد الذريعة ‏المفضية للحرام وقد تقرر عند الفقهاء أن ما حرم ‏سدا للذريعة فإنه يباح عند الحاجة العامة فينبغي الاحتياط ‏في ذلك وعدم التهاون في ‏كشف ما أمر الله سبحانه بستره.‏

وها هنا لا بد من مخاطبة المسئولين عن ممارسة المهن الطبية بوجوب معالجة الأوضاع ‏الخاطئة، من ‏الاختلاط المشين بين الجنسين، وإدخال الرجال على النساء والنساء على ‏الرجال دونما ضرورة أو حاجة، ‏مع ما في ذلك من كشف العورات وذهاب الحياء ‏والحشمة، والله الموفق والمستعان.‏ ‏