خاص هيئة علماء فلسطين

         

28/9/2024

هذه ندوة من ندوات (مؤتمر العلماء والطوفان، التأصيل والفتاوى والدور المطلوب) الذي شاركت هيئة علماء فلسطين في تنظيمه في إسطنبول، وهنا تفاصيل المؤتمرhttps://palscholars.org/?p=20315

—————

الكاتب: أ. م. د. خضر الياس جلو  /  مركز جذور للبحوث والدراسات

      تعد العلاقة بين العلماء المسلمين والسلطة برموزها ومسمياتها علاقة قديمة قدم ظهور الاسلام. فقد حث القرآن الكريم ومن نزول أول سورة على احترام العلم والعلماء كقوله: تعالى: (( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ )) ، وقوله تعالى: (( ‏‏يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ )) وتأكيدا لهذه المكانة قوله تعالى: (( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الألْبَابِ )) وقد بلغت هذه المكانة حد الخشية كما جاء في الآية الكريمة: (( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ )). 

      وقد وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية الكثير من المفردات ذات الدلالات والمعاني العميقة ، بحق العلم وأهله بل إن الشريعة الاسلامية اشترطت على رأس النظام السياسي أو كل من يوكل اليه امر من أمور المسلمين صفة العلم ، لكي يكون مؤهلاً لقيادة لامة ، الأمر الذي جعل هذه الفئة متميزة المكانة في المجتمع والدولة. وعليه فإن العلاقة بين العالم والحاكم ، علاقة وثيقة ، لأن السلطة ضمن المنظور الإسلامي تنظر إلى العلماء على أنهم حماة الشريعة ، لذا يجب على الخليفة والسلطان والأمير احترامهم وإكرامهم لكونهم ” يحفظون قواعد الشرع ” ويحرسونه ويذبون عنه ويقاتلون من يعاندهم لذا كان لزاماً عليهم أن يرفعوا من طبقاتهم على مقاديرهم من العلوم والتبحر.

     ولعل دراسة هذه العلاقة خلال العصور العباسية الطويلة وعلى المديين الزمني والمكاني بعد أمراً فيه من الصعوبة شئ كثير. فضلاً عن ذلك فإن بعض الدراسات قد عالجت جانباً من تلك العلاقة خلال العصور العباسية الأولى واستكمالاً لذلك جاء هذا الدراسة لتسلط الضوء على علاقة العلماء مع السلطة في العصور العباسية المتأخرة وتحديداً عصر الحروب الصليبية الممتدة عبر الحقبة ما بين ( 490690هـ/1096-1291م ).

     وعصر كعصر الحروب الصليبية ، بتناقضاته السياسية يجعل الحكم على طبيعة هذه العلاقة ، ومن ثم تقويمها أمراً معقداً لكونها تسير وفق إيقاع غير متوازن يتجاذبها المد تارة والجزر تارة أخرى . الأمر الذي يثير المزيد من التساؤلات حول كنه هذه العلاقة ! وكيف كانت ؟ وهل هي إيجابية ؟ أم سلبية ؟ أم وسطاً بين هذه أو تلك؟.

    ثمة تداخل يجعل من الصعوبة بمكان تكوين رأي حاسم عن تلك العلاقة ، كونها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالظرف الزمكاني للأحداث ، وهي أشبه ما تكون بالبارومتر صعوداً وهبوطاً تبعاً لسخونة الأحداث ومدى استجابة الحكام المسلمين لها… فأحياناً تكون ودية يسودها التعاون والتفاهم . واحياناً أخرى متوترة تصل حد العداء المعلن. نظراً لخيبة أمل العلماء بحكامهم والطريقة التي تعاملوا بها مع الغزو الصليبي. وان لم تكن لتستفزهم فحسب وانما تستفز المجتمع الإسلامي بفئاته وشرائحه الاجتماعية المختلفة ، وبغية تسليط المزيد من الضوء على هذه العلاقة ، تمت دراستها ضمن ثلاثة مباحث رئيسية تناول المبحث الأول علاقة علماء الشام ومصر مع الخلافة العباسية والسلطنة السلجوقية والفاطميين. بينما تناول المبحث الثاني العلاقة مع الأمراء والحكام في الإقليمين المذكورين ، والمبحث الثالث شبهات عن دور اليهود في الحروب الصليبية.