الأستاذ الدكتور سامي العريان*
لتحميل ملف Word + pdf لهذه المقالة المحكمة:
لتحميل ملف Word + pdf لكامل كتاب (ندوة صفقة القرن .. رؤية شرعية وقراءة استراتيجية):
https://drive.google.com/drive/folders/1r2-BGQF0Y5IXWzFDRP3goka9jrfh_rW9?usp=sharing
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ستكون كلمتي في هذا المؤتمر الهام حول أسس الصراع مع الحركة الصهيونية، والاستراتيجيات التي يمكن أن تنهي هذا الصراع.
كما أحبُ أن أنوه إلى أن كلماتِ الإخوة جميعاً كلماتٌ مميزة، وكلمتي ستكون حول أصل هذا الصراع، وكيف يمكن التعامل معه من ناحيةٍ استراتيجيةٍ ومستقبلية.
بداية لا بد أن نحدّد أصلَ الصراعِ تاريخياً. وجد نوعان من اليهود في التاريخ: يهودُ العالم الإسلامي، ويهودُ العالمِ المسيحي. بالنسبة إلى واقع يهود العالم الإسلامي -كما ذكرت الموسوعة اليهودية Encyclopedia Jewish- فقد كان ذلك العصر هو العصر الذهبيَ لليهود، فلم يكن هناك اضطهادٌ ديني؛ أي لم يكنِ اليهودُ مضطهدين في العالم الإسلاميّ، في حين أنهم كانوا مضطهدين مذلولين في العالم المسيحي، يعيشون عيشة بائسة، تحت القيود والأغلالِ والسخطِ والظلم في المجتمعات الأوروبيةِ. طبعاً هناك تاريخ طويل جداً في هذا الصدد لا يسعفنا الوقت لحصره، ولكن نتيجة لذلك وحتى بعد عصور التنوير وبعد انعتاقهم في مجتمعاتهم مع بروز العلمانية والدولة القومية الحديثة كان هناك ما زال اضطهاد ضدهم في أوروبا أدى إلى نشوء الحركة الصهيونية.
مشكلة الحركةِ الصهيونيةِ أنها حركة سياسية نشأت في القرن التاسع عشر، وكان هدفها الرئيس هو تجميعُ يهود العالم في أرض فلسطين من خلال تفريغها من سكانها الأصليين الفلسطينيين، واستيطانها بكافة السبل والوسائل والإمكانات، وإحلال اليهود مكان الشعبِ الفلسطينيِ. إذن هي حركةٌ عنصريةٌ استيطانيةٌ إحلالية استعمارية عدوانية فاشية في وسائلها وفي مآلاتها، حولتِ اليهوديةَ كديانة وثقافة إلى قومية وجماعة إثنية معتدية ظالمة، وإلى مخلب ترتكب فيه الفظائع والمجازر والقتل والنفي والتشريد والاستلاب والإيذاء والمؤامرات والتطهير العرقي خلال المائة سنة الأخيرة.
إذن النقطة الأولى التي أريد أن أركزَ عليها أنّ معركتنا في فلسطين ليست مع اليهودِ أو اليهودية كدينٍ وعقيدة، إنما هي ضدَ الحركةِ الصهيونية التي حولتِ اليهوديةَ وأعادت تعريفَها كجماعةٍ إثنية، ونحن بالطبع نرفض ذلك التعريف.
العلاقة بين اليهودية والإسلام هي علاقة ثُبتت في القرآن والسنة وفي حياة الرسولِ ﷺ. اليهودُ هم أهل كتاب ولهم على ذلك العهدُ والأمانُ إذا صانوا ذلك العهدَ والأمانَ. لكن قد يكون هناك صراع معهم إذا حصلت منهم خياناتٌ أو اعتداء. وفي هذا نرجع إلى آيات سورة الممتحنة في قوله تعالى: ﴿لَّا یَنۡهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِینَ لَمۡ یُقَـٰتِلُوكُمۡ فِی ٱلدِّینِ وَلَمۡ یُخۡرِجُوكُم مِّن دِیَـٰرِكُمۡ أَن تَبَرُّوهُمۡ وَتُقۡسِطُوۤا۟ إِلَیۡهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ یُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِینَ * إِنَّمَا یَنۡهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِینَ قَـٰتَلُوكُمۡ فِی ٱلدِّینِ وَأَخۡرَجُوكُم مِّن دِیَـٰرِكُمۡ وَظَـٰهَرُوا۟ عَلَىٰۤ إِخۡرَاجِكُمۡ أَن تَوَلَّوۡهُمۡۚ وَمَن یَتَوَلَّهُمۡ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ﴾ [الممتحنة ٨-9] إذن هذه هي طبيعة العلاقة مع أي مجموعة أو كيان، فمعركتنا معهم ليست لكي نحولهم إلى مسلمين، وليست لأنهم اعتقدوا اليهودية، والمسألةُ الشرعيةُ في هذه واضحةٌ جداً فقد أقر الإسلام منذ البداية اليهود كأهل ذمة في المجتمع الإسلامي وكانوا يمارسون شعائرهم بكل حرية. معركتُنا الحقيقية هي مع الحركةِ الصهيونية المعتديةِ العنصرية الإحلالية الاستعمارية.
السؤال هو: من هو الصهيونيُ؟ الصهيونيُ ببساطة شديدة: هو كلُّ إنسانٍ يؤمن أو يقرُ بحق اليهودِ أو المعتدين من اليهود كجماعة عرقية إثنية في أي جزء من أرض فلسطين على حساب حقوق الشعب الفلسطيني. هذا الصهيوني قد يكون يهودياً وقد يكون مسيحياً وقد يدّعي الإسلام، وقد يكون وثنياً وقد يكون هندوسياً وقد يكون ملحداً. إذن كل من يعتقد بحقٍ لليهود، أو حق للمعتدي في أرض فلسطين فهو صهيونيٌّ وفق هذا المفهوم الذي حددته الحركة الصهيوينة ذاتها. لذلك؛ فالذين يؤمنون مثلاً بحل الدولتين، أو الذين يؤمنون بحق اليهود في جزء من أرض فلسطين، هم صهاينةٌ، ولكن بدرجة أقل من الذين يؤمنون بأن فلسطينَ كل فلسطين التاريخية هي للصهاينة. فهؤلاء جميعاً مؤمنون بشكل أو بآخر بالمشروع الصهيوني.
وكما أن الكفرَ نوعان، فالصهيونية أيضاً نوعان: هناك كفرٌ بالاعتقاد وآخرُ بالعمل، والصهيونية كذلك؛ هناك صهيونية بالاعتقاد وأخرى بالعمل. أي أن تكون صهيونياً بحكم الأمر الواقع. فكل من يدعو إلى الاعتراف أو يقر بحق الكيان الصهيوني في أي جزء من فلسطين هو صهيوني بطبيعة الحال بدرجة أو أخرى، ولا يحق لأي إنسانٍ أن يغضب لوصفه بالصهيوني إذا أقر بحقٍ أنه مؤمن بهذا التعريف، أو أقر به على أنه أمر واقع، كلا الحالتين اختيار. أجل أيها السادة، الصهيونية كما الكفر اختيار، وليست صفة لازمة، فكما أن الإنسان لا يولد كافراً، وإنما يختار أن يكون كافراً، كذلك فلا أحد يولد صهيونياً وإنما يختار ذلك إما لاعتقادٍ أو ممالأةٍ أو ضعفٍ أو مصلحةٍ أو جهلٍ. سمِّه كما شئت، كله سيان. هذه النقطة الأولى.
أما النقطة الثانية التي أريد أن أركز عليها فهي مسألة استراتيجية. لماذا قضية فلسطين قضية مركزية؟ السبب الرئيس ليس بسبب معاناة الشعب الفلسطيني مع الاحتلال، فمعاناة الشعب الفلسطيني ليست أكثر من معاناة شعوب أخرى. فلو أخذنا معاناة الشعب الأفغاني أو الشعب السوري في السنوات الأخيرة على سبيل المثال فقد تكون معاناتهم أكبر. ولكن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للأمةِ الإسلاميةِ لطبيعة العدو الذي لديه وظيفة مركزية، حيث إن الغرض الرئيس من زرع الكيان الصهيوني في قلبِ الأمة الإسلامية هو الإبقاء عليها ضعيفةً منقسمة مجزأة ممزقة متنازعة، تتنازعُها المصالح الضيقة وتفرقها الصراعاتُ المذهبية والطائفية والإثنية والفئوية، لأنه بذلك وحده تحيا إسرائيل وتحقق هيمنَتها على المنطقة، لتبقى الأمة الإسلامية فقيرة ومتخلفة تعاني من التجزئة والتبعية والتغريبِ. وكلما زادت هذه المشاكل، تمكنت إسرائيل أكثر وفرضت هيمنَتها. إسرائيل هي المؤشر وهي الضامن لبقاء الأمةِ الاسلامية في ذيلِ الأمم. إذن فلسطين تصبح هي الميزانُ والبوصلة والمسطرةُ التي يمكن من خلالها تحديد تقدمِ الأمةِ أو تأخرها. الاستبدادُ وغياب الديمقراطية في مجتمعاتِنا يضمن بقاء إسرائيلَ. التخلفُ والضعفُ والتجزئة والاحترابُ الداخليُ يضمن بقاءَ إسرائيل. إثارة النزاعاتِ المذهبية والدينية والإثنية واللغوية والفئوية لتقسيم المقسم وتجزئة المجزأ يضمن بقاءَ إسرائيل. تصعيدُ قياداتٍ ونخبٍ تؤمن بوجود إسرائيل وبقائها، وتحاربُ من يحاربها يضمن بقاء إسرائيل. الإبقاء على هذه الأمة ضعيفةً ومهلهلة ومشغولة ببعضها يضمن بقاء إسرائيل، ويعطيها القوة لفرض هيمنتها على المنطقة. كل محاولة للتوحيد ستواجَه لأنها خطرٌ على إسرائيل، كل محاولة للتقدم العلمي والحضاري ستُحارب، وكل ثورة على الاستبدادِ ستضرَب، وكل تجربة لبناء نموذج حضاري أو ديمقراطي ستُحاصر لأنها تهدد وجود وأمن إسرائيل.
وإذا كنا نراقب ما يحدث في أوطاننا ونعي أن ما ذكرته صحيح، فلا بد عندها من مواجهة هذا الخطر المستمر، إسرائيل، ليس بالتفاوض معها، وليس بالتفاوض على كيفية بقائها في هذه المنطقة، وإنما بطريقة تفكيك هذا الكيان، الهدف الاستراتيجيُ للأمة الإسلامية.
الذين يريدون أن يروا هذه الأمة متقدمةً، تصعد وتتوحد وتحقق أهدافَها الحضاريةَ لا بد أن يفكروا ويتبنوا ويبدأوا بهذا الهدف الاستراتيجي. الهدف الاستراتيجي أيها الإخوة ليس في حل دولة أو دولتين، الخطر الاستراتيجي الذي ارتكبته النخبُ الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية وبقية القيادات الفلسطينية هي أنها قبلت بهذا المبدأ منذ عام 1974، وبالنقاط العشر، ثم ازداد التورط بعد اعتراف 1988 وبعد مسار أوسلو بحل الدولتين.
القضية الأصلية هي أن هناك مشكلة يهودية لم تستطع أن تستوعبها أو تحلها أوروبا العنصرية والكولونيالية، فصدرت لنا هذه المشكلة لحل مشكلاتها على حسابنا، ولتجزئة هذه الأمة، ولاستمرار تبعيتها لها. إذن الحل الوحيد لا يكون إلا بتفكيك هذا الكيان.
وهنا تأتي مركزية القضية الفلسطينية بمعنى أنها ليست من ناحية كونها قضية إنسانية أو سياسية أو من أي ناحية أخرى، إنما هي من ناحية مستقبلِ هذه الأمة ودورها وبقائها.
الآن إذا كان الهدف هو تفكيك هذا الكيان، فالسؤال كيف يمكن ذلك؟ هذا الكيان يعتمد على محددات استراتيجيةٍ، أي على نقاط قوة ونقاط ضعف كأي مشروع بشري، وكلما استمرت وتوطدت هذه المحددات التي تقويه يبقى، أو بالتعبير القرآني من خلال (حبل من الناس). إذا أردنا أن نتعامل مع هذه الظاهرة الإسرائيلية لا بد من تحديد هذه المحددات. ولقد كتبت سابقا إلى أن هناك 12 محدداً لأسباب وجود وبقاء واستمرار المشروع الصهيوني.
إذا استطعنا أن نحدد هذه المحددات أو المقومات وإذا اتفقنا عليها، لا بد عندئذ من وضع ورسم تكتيكاتٍ واستراتيجيات لإضعافِها. المسألة هنا أن معظم العاملين في القضية الفلسطينية رموا بهذا الثقل على الشعب الفلسطيني في حين أنها قضية الأمة وتمس مستقبلها. والشعب الفلسطيني رغم صموده ونضاله وجهاده وكل التضحيات التي قدمها لا يستطيع وحده أن يضعف أو يتعامل مع هذه المقومات وهذه المحددات الاستراتيجية. بمعنى أنه لا بد من إيجاد وتوفير كل طاقات هذه الأمة وإمكاناتها للتعامل مع هذه المسألة بل أيضاً توفير الطاقات الكامنة من خارج نطاق الأمة الإسلامية. كل حركات التحرر العالمية لا بد أن تكون جزءاً من هذا الصراع، لأنه صراع ببعد عالمي. فإسرائيل تمثل المفاهيم الاستعمارية الظالمة والرأسمالية الجشعة المستغلة التي تريد أن تسيطر على هذا العالم وأن تستغله لصالح قلة أصبحت معروفة للجميع.
الخلاصة أن أي عمل متعلقٍ بمستقبل الصراعِ عليه أن يضع في حسبانه أمران:
الأول: أن الشعب الفلسطيني هو رأس الحربة في هذا الصراع بمعنى أنه لا بد أن يبقى على أرضه، لأنه إذا طرد من أرضه كما تريد صفقة القرن أو غيرها من الصفقات المشبوهة لن يكون هناك شيء للصراع عليه. إذن الإبقاء على صمود الشعب الفلسطيني على أرضه هو من أهم وأَولى القضايا والأهداف.
الثاني: هو الاشتباك الكامل والمستمر مع الحركة الصهيونية في العالم سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وإعلامياً وقانونياً وإنسانياً وحقوقياً وأكاديمياً وعلى المستويات كافة، ومقاومة التطبيع جزء من هذا الاشتباك الذي لا بد أن تحشد له طاقات الأمة كلها.
باختصار شديد لا بد من إدراك ما يلي:
– إن هذا الصراع هو الذي سيحدد مستقبل هذه الأمة ولا يمكن أن يوضع في ذيل التحديات.
– لا يمكن أن يترك هذا الصراع للشعب الفلسطيني وحده، صحيح هو رأس الحربة في هذا الصراع ولكنه لا يستطيع وحده أن يحسم الصراع.
– أن يكون هدفنا هو تفكيك هذا الكيان وهذا يعني تحديد نقاط القوة والضعف ويتم التعامل مع المحددات التي ذكرتها في موضع آخر (حيث إن بعض هذه المحددات تحتاج إلى حركات وتجمعات وبعضها يحتاج إلى حكومات وشعوب، وبعضها إلى تحالفات ويتم التعامل معها وفق تكتيكات محددة لإضعاف هذا الكيان، وإنهاكه حيث إن هذا الكيان بداخله نقاط ضعف كبيرة وكثيرة، مثل العلماني ضد الديني، يهود شرقيين ويهود غربيين، الفقراء والأغنياء، إلخ…) وفي وقت ما ستأتي اللحظة التاريخية التي ستتغير فيها موازين القوى وينهار هذا الكيان.
ولا يقتصر الأمر هنا على تقوية حركات المقاومة كحماس أو الجهاد أو إنهاء الانقسام الفلسطيني، هذه نقاط مهمة، ولكن وحدها لن تحل الصراع، بل هي بمثابة تعامل مع الأطراف في حين أنه لا بد من التعامل في هذه القضية مع جوهر الصراع وإلى نقله إلى مستواه الفعلي.
كما يجب أن ندرك أنه عندما تفكك إسرائيل سننقذ وقتها اليهود من هذه الحال الذي وضعتهم فيه الحركة الصهيونية.
ليست القضية كما يقول البعض أننا نريد أن نبيد اليهود، فلا خوف على يهودي يحتفل بطقوسه الدينية ويمارسها بشكل طبيعي. المهم ألا يكون ذلك على حساب الحقوق، فهدفنا هو أن نضرب المعتديَ وأن ننهي هذه الحركة ونفككها ونعيد اليهود كأبناء دين سماوي يمكن أن يتعايشوا مع المسلمين وغيرهم. إن لم تستطع أوروبا أن تستوعب يهودها لعنصريتها وحقدها التاريخي والديني، فنحن نقول للعالم أننا نستطيع أن نستوعبهم كما استوعبنا اليهود بعد الأندلس، فعندما اضطهدوا بعد سقوطها ذهبوا إلى العالم الإسلامي وعاشوا في كنفه. ليس عندنا مشكلة مع اليهودي إذا لم يكن معتدياً، مشكلتنا هي مع المعتدي. فالذي يخدم مصالح الصهيونية ممن يدعي الإسلام أشد خطراً من اليهودي الذي لا يدعم الصهيونية، لا بد أن نضع هذه المسألة نصب أعيننا، إننا نتحدث عن الاعتداء ونتحدث عن حل المشكلة من جذورها حتى نعيد الحقوق كاملة. ولذا نقول إنه إن لم تستطع أوروبا أن تستوعب يهودها فنحن نستوعب غير الصهيوني منهم وغير المعتدي على نطاق العالم الإسلامي، فبدل أن يقال سنوزع الفلسطينيين على العالم الإسلامي نحن نقول لهم: إن لم يستطيعوا أن يستوعبوا اليهود غير المعتدين فيمكنهم أن يأتوا ويعيشوا داخل العالم الإسلامي ولكن ليس على حساب الشعب الفلسطيني والمقدسات.
* البروفيسور سامي العريان مدير مركز دراسات الإسلام والشؤون العالمية CIGA بجامعة صباح الدين زعيم في إسطنبول.