دراسة تأصيلية مقاصدية

د. محمد همام ملحم *

د. محمود نمر النفار *

الملخص

  تناولت هذه الورقة دراسة حقيقة التنسيق الأمني مع الاحتلال الصهيوني في ضوء صفقة القرن خصوصا والاتفاقيات التي سبقتها عموما مع التأصيل الشرعي لأحكامه، وتسليط الضوء على أهم مفاسده، مع تحديد مراتبها.

  وقد تعرضت الورقة إلى تصوير واقع التنسيق الأمني من خلال بيان مفهومه وتاريخه وأهم صوره، ثم بينت أهم أحكام التنسيق الأمني، وقد تم حصر مفاسد التنسيق الأمني الواردة في وثيقة الصفقة من خلال استعمال المنهج الاستقرائي، مع بيان مرتبة كل مفسدة منها بالاعتماد على أهم القواعد المقاصدية في تصنيف مراتب المفاسد والمصالح.

  وخلصت الورقة إلى أن التنسيق الأمني مع العدو الصهيوني ضرب من ضروب التجسس، وصورة من صور موالاة الكفار وأنه على مراتب، كما خلصت إلى أن معظم المفاسد التي يجلبها التنسيق الأمني هي مفاسد تهدم الضرورات العامة المرعية في الشريعة، وهو ما يحتم منع هذه المفاسد ومدافعة الأسباب التي تفضي إليها.

كلمات مفتاحية: التنسيق الأمني-مقاصد الشريعة- موالاة الأعداء-التجسس.

لتحميل ملف Word + pdf لهذه المقالة المحكمة: اضغط هنا

لتحميل ملف Word + pdf لكامل كتاب (ندوة صفقة القرن .. رؤية شرعية وقراءة استراتيجية): اضغط هنا

مقدمة:

   يمثل التنسيق الأمني مع الكيان الصهيوني أحد أهم معالم صفقة القرن كما طرحتها الإدارة الأمريكية في رؤيتها المعروفة باسم: “سلام من أجل الازدهار.. رؤية لتحسين حياة الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي”.

   وإذا كانت الخطة مكونة من جزئين فإن ما يتعلق بالأمن في الخطة يشغل معظم الجزء الأول، حيث خصص له الفصل السابع، كما ألحقت به ثلاثة ملاحق من أصل أربعة: الأول: اعتبارات الأمن، والثاني: معايير الأمن، والثالث: معايير نزع السلاح وترتيبات الأمن الأخرى.

ومقصد الوثيقة جلي جداً في التركيز على الجانب الأمني. ومن أقوال معدّي الخطة في ذلك:

  • قالوا في المدخل تحت عنوان حل الدولتين الواقعي: “هذه الرؤية مركزة على الأمن”.[1]
  • وذكروا بأن أهم قيد من القيود المتعلقة بالسيادة على المناطق الفلسطينية من أجل الوصول إلى حل واقعي هو: “الحفاظ على المسؤولية الأمنية الإسرائيلية”.[2]
  • وقالوا في القسم السابع المخصص للأمن: “إن الهدف من هذه الرؤية … مواجهة … التحديات الأمنية”، وبأن هذه الرؤية تدرس تسهيل التنسيق الأمني ​​الوثيق بين دولة إسرائيل والدول المجاورة لها.[3]
  • وورد في القسم السابع عشر المخصص للعلاقات العربية الإسرائيلية بيان الهدف من هذه الرؤية وهو أن تتعاون الدول العربية تعاوناً كاملاً مع دولة إسرائيل”.[4]
  • وقد بينوا أن أحد الأهداف المهمة للرؤية معاملة إسرائيل كجزء شرعي من المجتمع الدولي من قبل الجميع.[5]
  • وفي القسم الرابع خلال حديثهم عن الحدود قالوا بأنهم قاموا بتصميم خريطة مفاهيم من أجل إظهار جدوى إعادة رسم الحدود بما “يلبي المتطلبات الأمنية لدولة إسرائيل”.[6]

وتسلط هذه الورقة الضوء على حقيقة التنسيق الأمني الوارد في صفقة القرن، وفي الاتفاقيات والتفاهمات التي حصلت قبلها مع التطرق إلى بيان الحكم الشرعي لأهم أعمال التنسيق الأمني، ومن ثم بيان مفاسده ومراتبه من خلال ما ورد من نصوص في هذه الصفقة المشؤومة، علماً بأننا قمنا بكتابة هذه الورقة في أوج تبني الإدارة الأمريكية لهذه الصفقة المشؤومة، ويبدو أنها جُمدت مع رحيل تلك الإدارة ومجيئ إدارة أخرى، لكن الشيء الوحيد على الأقل الذي لن يتغير برحيل الإدارات الأمريكية وتغيرها هو مسألة التنسيق الأمني. ولهذا فدراسة مسألة التنسيق الأمني كما تعرضها هذه الصفقة المشؤومة مفيد حتى بعد تجميد صفقة القرن من جهة معرفة حقيقة التنسيق الأمني الذي يقوم الاحتلال بتنفيذه على الأرض داخل فلسطين، ومع السلطة الفلسطينية، ومع الدول المطبعة معه.

وقد تم تقسيم الورقة إلى مقدمة ومطلبين وخاتمة:

المطلب الأول: مفهوم التنسيق الأمني مع الكيان الصهيوني وتاريخه وصوره

المطلب الثاني:  التأصيل الشرعي لأحكام التنسيق الأمني وبيان لمفاسده ومراتبه من خلال وثيقة صفقة القرن

المطلب الأول: التنسيق الأمني مع الكيان الصهيوني حقيقته وخلفيته التاريخية:

   الفرع الأول: حقيقة التنسيق الأمني:

      المسألة الأولى: الأمن في اللغة والاصطلاح:

الأمن من (أمن)،  قال ابن فارس: “الهمزة والميم والنون أصلان متقاربان: أحدهما الأمانة التي هي ضد الخيانة، ومعناها سكون القلب، والآخر التصديق”.[7] والأمن ضد الخوف[8]،وهذا المعنى راجع إلى سكون القلب، ومنه قول الله تعالى: ﴿وَإِذَا جَاۤءَهُمۡ أَمۡرࣱ مِّنَ ٱلۡأَمۡنِ أَوِ ٱلۡخَوۡفِ أَذَاعُوا۟ بِهِ﴾ [النساء ٨٣]، وقوله تعالى: ﴿وَءَامَنَهُم مِّنۡ خَوۡفِۭ﴾ [قريش ٤]. والمراد بالخوف هنا: العدو[9]، والأمن منه هو أن “لا يتعرض لهم أحد بسوء”.[10]

وقد استعمل الفقهاء مفهومي الأمن والأمان للدلالة على حصول الأمن لغير المسلم مطلقاً مستدلين بقول الله تعالى: ﴿وَإِنۡ أَحَدࣱ مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ ٱسۡتَجَارَكَ فَأَجِرۡهُ حَتَّىٰ یَسۡمَعَ كَلَـٰمَ ٱللَّهِ ثُمَّ أَبۡلِغۡهُ مَأۡمَنَهُۥ﴾ [التوبة ٦]، والاستجارة: سؤال الأمان.[11]

والعقود التي تفيد الأمن عند الفقهاء ثلاثة: الأمان والجزية والهدنة، والفرق بينهم أن ما تعلق بمحصور من الحربيين فهو الأمان، وما تعلق بعدد غير محصور وانتهى إلى مدة فهو الهدنة، وما لا ينتهي إلى مدة وتعلق بعدد غير محصور فهو الجزية.[12]

وفي الدراسات الغربية المعاصرة عرّفت دائرة المعارف البريطانية الأمن بأنه: “حماية الأمة من خطر القهر على يد قوة أجنبية”[13]، وهذا التعريف التقليدي للأمن مرتبط بالقوة العسكرية، وقريب منه تعريف موسوعة السياسة للأمن بأنه: “تأمين سلامة الدول من أخطار خارجية وداخلية قد تؤدي بها إلى الوقوع تحت سيطرة أجنبية نتيجة ضغوط خارجية أو انهيار داخلي”.[14]

ونظراً لزيادة التهديدات واتساع دائرة المخاطر تطور مفهوم الأمن في الحقول المعرفية ذات الصلة بالسياسة والأمن والدفاع، فقد عرفه باري بوزان barry buzan بأنه: “العمل على التحرر من التهديد”[15]، وعرفه وزير الدفاع الأمريكي الأسبق روبرت مكنمارا Robert Strange McNamara بأنه: “التطور والتنمية سواء منها الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية في ظل حماية مضمونة”[16]، وعرفه هنري كيسنجر Henry Kissinger وزير الخارجية الأمريكي الأسبق: “أي تصرفات يسعى المجتمع عن طريقها إلى حفظ حقه في البقاء”.[17]

ولا يخفى أن مفهوم الأمن في التعريفات الأخيرة يتسع ليشمل كافة التدبيرات التي من شأنها حماية المصالح التي تبغيها الدول والمنظمات والفواعل السياسية ويقيها التهديدات الواقعة أو المتوقعة التي تتفاداها.

وهذا القدر كافٍ في بيان المراد بالأمن وتطور مفهومه. وننتقل إلى بيان مفهوم التنسيق.

      المسألة الثانية: التنسيق لغة واصطلاحاً:

  • مفهوم التنسيق لغةً:

التنسيق مشتق من الجذر (نسق). وقد بين الإمام ابن فارس أن معانيه ترجع إلى معنى واحد   وهو: التتابع فِي الشَّيْءِ.[18] وقال ابن منظور : “النَّسَقُ من كلّ شيء: ما كان على طريقة نظام واحد، عامٌّ فِي الأشياء”، ثم عرف التنسيق بأنه “التنظيم”.[19] ويمكن القول بأن تعريف التنسيق لغة بالتنظيم يتفق بشكل تام مع المعنى الاصطلاحي المتأخر للتنسيق.

  • مفهوم التنسيق اصطلاحاً:

ظهر مصطلح التنسيق بشكل مبدئي في حقل العلوم الإدارية ثم انتقل إلى الحقول الأخرى التي لها ارتباط بإدارة الأفراد أو المنظمات أو الأجهزة أو الدول أو المجالات الوظيفية المختلفة وذلك كالحقول السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية وغيرها.[20]

 ويمكن تعريف التنسيق من وجهة نظر إدراية بأنه: “تنظيم الجهود الجماعية بغرض توحيدها وتوجيهها نحو تحقيق هدف مشترك”.[21] وقد فرق دونل Donnel Koontz بين نوعين من التنسيق أحدهما سماه بالجيد والآخر بالممتاز،  فوصف التنسيق الجيد بأنه الذي يزيل المواقف الحرجة فور ظهورها،  ووصف التنسيق الممتاز بأنه الذي يتوقع حدوث المواقف الحرجة ويمنع ظهورها[22].[23]

      المسألة الثالثة: مفهوم التنسيق الأمني:

يمكننا أن نعرّف التنسيق الأمني من خلال الجمع بين تعريف الأمن والتنسيق بأنه تنظيم الجهود بين جهات عديدة قد تكون تابعة لدولة واحدة أو أكثر من دولة، وذلك من أجل تحقيق أهداف محددة متفق عليها متعلقة بتأمين سلامة الدولة أو الدول من الأخطار.[24]

وننتقل الآن إلى بيان المقصود بالتنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الصهيوني وهو مرادنا في هذه الورقة.

لم نجد -فيما اطلعنا عليه من مراجع- من عرّف التنسيق الأمني مع الاحتلال بشكل دقيق، فقد عرفه أحد الباحثين بأنه: “مجموعة من التفاهمات الموقعة مع الاحتلال الصهيوني، التي جاءت بناءً على اتفاقيات مبرمة معه، وما تبعها من بروتوكولات الترتيبات الأمنية، والتي تحدد شكل هذا التنسيق”.[25]  ويمكن أن نعرفه بتعريف أوجز وأدق بشكل مجرد دون النظر إلى الواقع وكيفية التطبيق بأن نقول هو: “قيام كل من الطرفين بجملة من الأعمال المنبثقة عن اتفاقيات وتفاهمات والتزامات تؤدي إلى حفظ أمن كل طرف”.[26]

أما إذا أردنا أن نصف حقيقة التنسيق الأمني مع الكيان الصهيوني من خلال النظر إلى التطبيق العملي له في الواقع فنقول: هو قيام السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية بالعمل على حماية مصالح الكيان الصهيوني الأمنية، والقضاء على أية مقاومة له وتجفيف تمويلها والتجسس على كل ما يساعد المقاومة.

   الفرع الثاني: الترتيبات الأمنية بين كل من منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية من جهة والكيان الصهيوني من جهة أخرى في الاتفاقيات قبيل طرح الصفقة:

هناك مجموعة من الاتفاقيات والتفاهمات الأمنية التي جرت بين الكيان المحتل وكل من منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية، وقد بدأت هذه الاتفاقيات باتفاقية أوسلو التي تأسست بموجبها السلطة الفلسطينية برئاسة ياسر عرفات آنذاك، وقد شغلت الترتيبات الأمنية المساحة الأكبر من نصوص  هذه الاتفاقيات والتفاهمات؛ وذلك لما لها من انعكاس مباشر على أعمال المقاومة في مناطق عمل السلطة -قطاع غزة وأريحا أولاً ثم الضفة الغربية فيما بعد- وقد ربطت هذه الاتفاقيات والتفاهمات التقدم في بنودها المختلفة بالتقدم في الملف الأمني حصراً.[27]

هذا وقد نصت اتفاقية أوسلو في البند الثامن على حق دولة الاحتلال في الاضطلاع بمسؤولية الدفاع ضد التهديدات الخارجية وحماية أمن الإسرائيليين، ونصت في البند العاشر على تشكيل لجنة ارتباط مشتركة من أجل التنسيق في القضايا ذات الاهتمام المشترك، ونصت على التنسيق الأمني المشترك مع بيان بعض تفاصيله في البروتوكولات الملحقة بالاتفاقية.[28]

وتم الاتفاق في اتفاقي القاهرة في 9 /2/1994 و 4/5/1994م على جملة من القضايا الأمنية منها إدارة الدوريات المشتركة والوحدات المتحركة المشتركة، بالإضافة إلى جملة من الترتيبات الأمنية على المعابر في غزة وأريحا[29].[30]

وفي اتفاقية واشنطن في 28/9/1995م تم النص على تشكيل لجان تنسيق وتعاون أمني مشتركة، منها لجنة تنسيق وتعاون مشتركة من أجل الأمن المتبادل سميت ب JSC، ولجنة أمن إقليمي مشتركة سميت ب PSCs، ومكاتب مشتركة للتنسيق في المناطق سميت ب DCOs.[31]

وقد اشترطت الاتفاقية التنسيق مع الجانب الصهيوني في الوظائف المنوطة بالشرطة الفلسطينية في المناطق المسماة “ب” -وهي تمثل 21% من مجمل المناطق المحتلة عام 1967م-، وأضافت إلى وظائفها: منع الأعمال التي تترتب عليها مضايقات وإيقاع عقوبات ومحاربة الإرهاب ومنع التحريض على أعمال العنف، وحظرت على السلطة ملاحقة عملاء الاحتلال وجواسيسه مع عدم الاضرار بمصالحهم، والأدهى والأمر أن السلطة لم تكتف بعدم ملاحقة عملاء الاحتلال بل وقامت بدمجهم في الأجهزة الأمنية لكي ترسخ التنسيق الأمني، ولكي يكمل هؤلاء الجواسيس دورهم من خلال أجهزة السلطة الرسمية.[32]

وفي مؤتمر شرم الشيخ في عام 1996م والذي جاء إثر عمليات للمقاومة الفلسطينية أكد المشاركون على دعم تنسيق الجهود لوقف أعمال الإرهاب على المستويات الثنائية والإقليمية والدولية، وبذل أقصى الجهد لتحديد مصادر تمويل حركات المقاومة والتعاون على إيقافها.[33]

وفي العام 1998م وقعت اتفاقية واي ريفر وتأسس بموجبها إطار ثلاثي يضم كلاً من السلطة الفلسطينية ودولة الاحتلال برئاسة مسؤولي وكالة المخابرات المركزية في الولايات المتحدة، ويهدف إلى التنسيق لاجتثاث الخلايا العسكرية الفلسطينية ومنع تهريب السلاح لها، وجمع المعلومات حول قادة المقاومة وكوادرها.[34]

ونظمت الاتفاقية إعادة انتشار قوات الاحتلال في الضفة الغربية، مع نقل مساحات محدودة للسيطرة الأمنية الفلسطينية مقابل مجموعة من التدابير الأمنية الواجب اتخاذها في مجالات “التصدي للإرهاب، واعتبار المنظمات الإرهابية خارجة عن القانون، ومنع الأسلحة غير الشرعية، ومنع التحريض، وتقديم لائحة باسم أفراد الشرطة للجانب الإسرائيلي، واعتقال ثلاثين مشبوهاً أمنياً حددتهم إسرائيل”.[35]

وفي عام 1999م شددت مذكرة شرم الشيخ على ضرورة وفاء السلطة بالتزاماتها الأمنية المنصوص عليها في الاتفاقيات السابقة في مجالات “جمع الأسلحة غير المشروعة، وإلقاء القبض على المشبوهين أمنياً، وتقديم تقارير دورية بهذا الخصوص، ومواصلة التنسيق الأمني”.[36]

وفي عام 2002م إثر انتفاضة الأقصى طرحت الإدارة الأمريكية خطة خارطة الطريق التي تبنتها اللجنة الرباعية، ونصت الخطة على ضرورة التعاون الأمني، وبذل كل جهد لاعتقال وعرقلة كافة أعمال حركات المقاومة، كما دعت إلى إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وتدريبها، وتأهيلها بما يضمن “مواجهة جميع الأفراد الضالعين في الإرهاب، والقضاء على بناهم التحتية الإرهابية”.[37]

وفي لقاء العقبة الذي جمع رئيسي وزارء السلطة ودولة الاحتلال آنذاك محمود عباس وأرييل شارون بتاريخ 4/6/2003م تعهد عباس بتنفيذ خارطة الطريق، والعمل على وضع حد للانتفاضة المسلحة.[38]

وبعد وفاة عرفات وانتخاب عباس رئيساً للسلطة الفلسطينية، وفي آذار 2005م جرى اتفاق بين عباس وشارون وإدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن على تشكيل فريق تنسيق أمني أمريكي بين الاحتلال والسلطة. وقاد الفريق الأمني الجنرال الأمريكي كيث دايتون وتركزت مهمته على تدريب الأجهزة الأمنية الفلسطينية بما يضمن حماية أمن إسرائيل.

وبعد الحسم العسكري في قطاع غزة تركز عمل دايتون في الضفة الغربية. وصرح دايتون في عدد من محاضراته بأن مهمته تنحصر في “وضع حد لكل أشكال العنف والإرهاب وتعليم قادة وأفراد الأجهزة الأمنية على “حفظ النظام والعيش بأمن وسلام مع إسرائيل وليس قتالها”.[39]

   الفرع الثالث: التنسيق والترتيبات الأمنية مع الكيان الصهيوني كما تعرضها صفقة القرن:

   تتأسس صفقة القرن وتتمحور حول أمن الكيان الصهيوني بشكل فج وسافر، والخلفية الأمنية التي كُتبت بموجبها الصفقة هي خلفية صهيونية لا تراعي سوى الاحتياجات والطموحات الصهيونية.

وبحسب الذين صاغوا الصفقة فإن الجزء الأمني منها قد تمت صياغته بالاستناد إلى الفهم الأفضل للمتطلبات الأمنية للمشروع الصهيوني “كما قدمتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة للولايات المتحدة”[40]، كما تصرح الوثيقة بأن “أمن إسرائيل محمي بموجب هذه الاتفاقية”[41]، وتنص على “مراعاة الاعتبارات الأمنية لدولة إسرائيل”.[42]

ولا عجب في ذلك فإن “من مصلحة الولايات المتحدة الإستراتيجية الحاسمة أن تظل دولة إسرائيل قوية وآمنة”[43]، و” لا يمكن للولايات المتحدة أن تطلب من أي دولة، ناهيك عن دولة إسرائيل، الحليف الوثيق، تقديم تنازلات من شأنها أن تؤدي إلى تفاقم الوضع الأمني ​​المحفوف بالمخاطر بالفعل”[44]، كما يقول كاتبو الصفقة!

 وتتجاوز ترتيبات الأمن في فلسطين المحتلة كالاستيطان وضم الأغوار حيث تهدف إلى أمرين:

الأول: هندسة الأمن في فلسطين بشكل يجعل من يجعل منها دولة وهمية منزوعة السلاح بالكامل وظيفتها حماية أمن المشروع الصهيوني ومكافحة العمل المقاوم بشتى أنواعه، وسيادته على البر والبحر والجو بدعوى أنها حيوية لأمن الكيان الصهيوني.

الثاني: هندسة الأمن الإقليمي بشكل يجعل الهيمنة والسيادة الأمنية المطلقة للمشروع الصهيوني عبر بناء منظمة للأمن والتعاون في الشرق الأوسط على غرار منظمة الأمن والتعاون في أوروبا تدمج دولة الاحتلال في المنطقة بشكل علني، وتضمن أمن المشروع الصهيوني وتمكينه من تحديد الأصدقاء والأعداء وبناء التحالفات، واتخاذ كافة الترتيبات التي تلبي احتياجاته الأمنية الحيوية، والعمل على دمج الاحتلال في المحيط الإقليمي.[45]

وهناك الكثير من الأبعاد والترتيبات الأمنية التي تعالجها الصفقة والتي تفرقت على القسم السابع والملاحق في نهاية الشق السياسي من الخطة ففي القسم السابع تشير إلى العناصر التالية:[46]

  1. تمكين الكيان الصهيوني من مواجهة التحديات الأمنية، وتحميل السلطة الفلسطينية أكبر قدر من مسؤوليتها تجاه الأمن الصهيوني.
  2. تسهيل التنسيق الأمني وتوثيقه بين مصر والأردن والسلطة والكيان الصهيوني.
  3. احتفاظ دولة الاحتلال بالمسؤولية الأمنية الغالبة داخل فلسطين وفق المبدأ الآتي: “كلما قامت دولة فلسطين بعمل المزيد قل ما يتعين على دولة إسرائيل القيام به”.
  4. تعظيم القدرة الأمنية للسلطة الفلسطينية من أجل منع الإرهاب.
  5. نزع سلاح غزة بالكامل وبقاؤها في المستقبل بلا سلاح وبلا جيش، فيما يقتصر دور قوى الأمن الداخلي على منع الهجمات الإرهابية والعمل مع إسرائيل لمكافحة الإرهاب.
  6. ربط الحصول على المصالح الوهمية التي تمنحها الخطة للفلسطينيين بالتقديرات والقرارات الإسرائيلية التي تقوم ب “تحديد ما إذا كانت دولة فلسطين قادرة على الوفاء بالمعايير الأمنية”، وفي حال فشلت “ستزداد البصمة الأمنية لدولة إسرائيل في كل أو أجزاء من دولة فلسطين نتيجة لتصميم دولة إسرائيل لاحتياجاتها الأمنية الموسعة والوقت اللازم لمعالجتها”.
  7. دخول مصر والأردن والسلطة الفلسطينية وإسرائيل في تعاون دائم وشامل لمنع المنظمات الإرهابية من الحصول على قاعدة لعملياتها، ومكافحة جميع أشكال النشاط العسكري والإرهابي.
  8. تشكيل لجنة أمنية إقليمية تكون مهمتها مراجعة السياسات ومكافحة الإرهاب وتشتمل على ممثلين أمنيين من مصر والأردن والسلطة الفلسطينية وإسرائيل بالإضافة إلى ممثلين عن السعودية والإمارات والولايات المتحدة.
  9. احتفاظ إسرائيل بمحطة واحدة على الأقل للإنذار المبكر داخل دولة فلسطين وضمان وصول القوات الإسرائيلية إليها دون انقطاع، وكذلك اعتمادها على المعدات الجوية في الأغراض الأمنية مثل المناطيد والطائرات بدون طيار وما شابهها.
  10. خضوع تقسيم المناطق المتاخمة للحدود للمسؤولية الأمنية الطاغية لدولة إسرائيل.

المطلب الثاني: التأصيل الشرعي وبيان مفاسد التنسيق الأمني ومراتبها في ضوء صفقة القرن:

   الفرع الأول: التصوير الشرعي لواقع التنسيق الأمني:

مما هو مقرر عند الأصوليين والفقهاء أن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، وقد بين الإمام ابن قيم الجوزية أنه لا يمكن للمفتي والحاكم أن يفتيا إلا بنوعين من الفهم: أحدهما: فهم الواقع والفقه فيه، وثانيهما: فهم الواجب في الواقع وهو الحكم الشرعي فيه.[47] ولهذا لا بد قبل أن نبدأ ببيان حكم التنسيق الأمني أن نتصور واقعه بشكل دقيق، فنقول وبالله التوفيق:

انطلاقاً من مجموع ما سبق بيانه حول أعمال التنسيق الأمني فإن التنسيق الأمني تجتمع فيه مجموعة من المحرمات الكبيرة التي تكفي أي واحدة منها لتحريم هذا العمل وتجريمه، ومن أهم هذه المحرمات والفواحش:[48]

  1. الولاء لأعداء الله عز وجل ومناصرتهم في عدوانهم. وهذا الجرم تتفاوت درجته من فرد إلى آخر من أفراد الأجهزة الأمنية، فمنهم الذي جنده المحتل ليعمل في التجسس لصالحه اعتقاداً وولاءً لهم وهذا في أعلى مراتب الخيانة، ومنهم من يعمل في هذه الأجهزة الأمنية وهدفه الانتقام من بعض الفئات كالمقاومة، فهو ينصر المحتل على أبناء جلدته من المقاومة،  ومنهم من يعمل في الأجهزة الأمنية في مجال من المجالات التي لا تدخل في دائرة التجسس والتعرض للمقاومين وتقديم معلومات حولهم من أجل لقمة العيش مع عدم اعتقاده موالاة العدو وعدم رضاه بما تقوم به هذه الأجهزة.[49]
  2. التجسس لصالح العدو الصهيوني على الفلسطينيين، وخصوصاً المقاومين منهم من خلال الأجهزة الأمنية عموماً، ومن خلال أفرادها، وتزويد الاحتلال بمعلومات المقاومين والمطلوبين له، وقد ينبني على ذلك تصفية المطلوبين أو اعتقالهم.

وهنالك موبقات أخرى عظيمة تترتب على التنسيق الأمني منها قتل المقاومين الفلسطينيين إما عمداً أو خطأ، ومنها الاعتراف بالكيان الصهيوني وامتلاكه لمعظم أرض فلسطين وغيرها من الموبقات..

   الفرع الثاني: التأصيل الشرعي لحكم العاملين في التنسيق الأمني مع الاحتلال:

سوف نقتصر على بيان حكم موالاة العدو الصهيوني والتجسس لصالحه لأنهما يمثلان الأساس الذي ترجع إليه جميع موبقات التنسيق الأمني مع الاحتلال:

  1. مسألة موالاة العدو الصهيوني ونصرته :

                وردت نصوص كثيرة تبين عظم جريمة موالاة أعداء الإسلام من يهود ونصارى ومشركين وسوف أقتصر على ذكر بعض هذه النصوص الشريفة التي تربط بين موالاة يهود ونصارى بالنفاق وتجعل موالاة يهود على وجه الخصوص من أهم علامات النفاق، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ﴾ [المائدة ٥٢].

                فقد بينت الآيات الكريمات أن الذين في قلوبهم مرض -وهم المنافقون- كانوا يسارعون في التنسيق مع يهود ومعاونتهم ونقل الأخبار لهم،  وقد بين علماء التفسير حجةَ المنافقين في المسارعة في معاونة يهود ومصانعتهم والتنسيق معهم وذلك عند تفسيرهم لقوله تعالى: ﴿یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ﴾، فقالوا: “الدائرة التي كان يخشاها المنافقون هي الهزيمة أو الدبرة أو القحط أو الحوادث المخوفة أو عدم الحصول على الميرة والقرض منهم عند الحاجة”.[50] وهذه هي سياسة المنافقين في كل زمان ومكان، أنهم يعتمدون على الولاء لليهود والنصارى وغيرهم من المشركين من أجل تأمين مستقبلهم إذا دارت عليهم الدوائر، وهو حال الذين يتولون التنسيق الأمني مع الاحتلال الصهيوني وما وصلوا إليه من المسارعة إلى إرضاء عدوهم والقيام بدور الحارس الأمين له مع التنكيل بالمؤمنين وملاحقة المقاومين والمطلوبين للعدو وسجنهم وتعذيبهم وتقديم كل ما يطلبه العدو من معلومات حول أبناء شعبهم؛ وذلك كله من أجل الحصول على رواتب زهيدة لموظفي الأجهزة الأمنية. 

وهنا يتساءل الناظر هل هنالك فرق بين مبررات المنافقين الأوائل للتنسيق الأمني مع يهود، والتي كانت تدور حول تأمين المستقبل في ظنهم، والخوف من أن تصيبهم دائرة؛ فتكون لهم يد عند يهود، وبين مبررات مسؤولي السلطة والأجهزة الأمنية التي لا تخرج في بدايتها عن وعود بسلطة وهمية، وفي نهايتها عن مجرد مصالح مادية تقتصر على رواتب الأجهزة الأمنية ومسؤولي سلطة التنسيق الأمني ونحوها؟

                أما الحكم الشرعي فيمن يعمل في التنسيق الأمني مع العدو الصهيوني من خلال حكم موالاة أعداء الله تعالى، فنقول بأن الحكم يختلف بحسب اختلاف اعتقاد العاملين في هذا المجال وأحوالهم، فالتنسيق الأمني ما هو إلا صورة من صور موالاة الكفار التي يتراوح الحكم فيها بين الكفر المخرج من الملة إذا كان تجسسه حباً في انتصار الكفار وعلو شوكتهم على المسلمين وكرهاً للمسلمين ولدينهم، وبين الكبيرة من كبائر الذنوب إذا كان لغرض شخصي أو دنيوي كالحصول على راتب أو جاه، وتختلف مرتبة هذه الكبيرة بحسب عمل هذا الموظف الأمني في التنسيق الأمني ومآلاته وبحسب نيته، فإذا ترتب على تنسيقه قتلُ مقاوم أو أكثر أو جرحهم أو استهداف لمنزل عائلة آمنة أو أسْر لمقاوم أو تعطيل لعمل جهادي مقاوم أو كشف لأنفاق المقاومين وأماكنهم، فهذا العمل يعد من أكبر الكبائر، وأما إذا لم يترتب على تنسيقه أي ضرر فهو أقل مرتبة مما سبق. أما الذين يقومون بالتنسيق المدني كالتنسيق من أجل نقل مريض للعلاج أو تسهيل خروج طالب للدراسة، فهذا قد يصل إلى الإباحة في حالات الاضطرار والحاجة الماسة.[51]

  • التجسس لصالح العدو الصهيوني:

                وردت عدة نصوص في كتاب الله عز وجل وسنة نبيه الكريم ﷺ في بيان حكم جريمة التجسس على المسلمين لصالح العدو المحارب لهم، فقد بين الشارع الحكيم بأن المنافقين كانوا جواسيس على المسلمين لليهود، وأن عموم يهود كانوا جواسيس على المسلمين أيضاً لفئة خاصة من يهود، وهم يهود خيبر وعدد من رؤساء يهود عموماً،  فقد قال الله عز وجل: ﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلرَّسُولُ لَا یَحۡزُنكَ ٱلَّذِینَ یُسَـٰرِعُونَ فِی ٱلۡكُفۡرِ مِنَ ٱلَّذِینَ قَالُوۤا۟ ءَامَنَّا بِأَفۡوَا⁠هِهِمۡ وَلَمۡ تُؤۡمِن قُلُوبُهُمۡۛ وَمِنَ ٱلَّذِینَ هَادُوا۟ سَمَّـٰعُونَ لِلۡكَذِبِ سَمَّـٰعُونَ لِقَوۡمٍ ءَاخَرِینَ لَمۡ یَأۡتُوكَۖ یُحَرِّفُونَ ٱلۡكَلِمَ مِنۢ بَعۡدِ مَوَاضِعِهِ…﴾ [المائدة ٤١]. قال الإمام السمعاني في تفسير قوله سبحانه: ﴿سَمَّـٰعُونَ لِقَوۡمٍ ءَاخَرِینَ لَمۡ یَأۡتُوكَۖ﴾ “أَي: جواسيس لقوم آخَرين لم يأتوك، وهم أهل خَيْبَر، يصف الْمُنَافِقين وَالْيَهُود، وَأما المُنَافِقُونَ: كَانُوا جواسيس الْيَهُود، وَأما الْيَهُود كَانُوا جواسيس لأهل خَيْبَر، وسُئِلَ سُفْيَان الثوري: هَل فِي الْقُرْآن للجاسوس ذكر؟ فقال: (بلَى) وَقَرَأَ هَذِه الْآيَة”.[52]

                ففي هذه الآية الكريمة ربط دقيق بين المنافقين والتجسس لصالح يهود وكأننا نتكلم عن منافقي هذا الزمان، وخصوصاً منافقي التنسيق الأمني الذين يتجسسون على المقاومين من أبناء الشعب الفلسطيني لصالح الكيان الصهيوني، وقد امتد تجسسهم إلى التجسس على المسلمين في دول مختلفة لصالح هذا الكيان الغاصب.

وفي هذه الآية أيضاً دلالة على أن اليهود لا يكتفون بتجسس هؤلاء العملاء، بل لهم أساليب أخرى وأجهزة وجيش من الجواسيس من بني جلدتهم، ينشرونهم في كل مكان من أجل خدمة مصالح كيانهم.

أما بالنسبة لحكم الجاسوس المسلم لصالح العدو الحربي، فقد اتفق علماء الإسلام على كون تجسس المسلم على المسلمين لصالح الكفار الحربيين من أكبر الكبائر، لكنهم اختلفوا في عقوبته، فبعضهم ألحقه بالعقوبة الواردة في حد الحرابة، وبعضهم ألحقه بالعقوبات المتعلقة بالقتل أو الصلب فيه فقط دون غيرها من العقوبات، وبعضهم اقتصر على عقوبات تعزيرية من باب الحبس أو الجلد أو الجمع بين الجلد والحبس، وبعضهم أضاف النفي إلى ذلك، وبعضهم فرّق بين من كان له عذر ولم يتكرر منه التجسس ومن كان معتاداً على ذلك أو تكرر منه، وبعضهم فرّق في الحكم عليه من خلال مآل التجسس، فإذا انبنى عليه قَتْلٌ قُتلْ، وإذا لم يترتب على ذلك شيء يعزّر ولا يقتل.

                ونقول بأنه من الممكن الجمع بين معظم هذه الأقوال في حكم موظفي التنسيق الأمني وذلك من خلال النظر إلى اعتقاد كلّ منهم ودوره، وإلى مآلات تنسيقهم وطبيعة عملهم في التنسيق وهل هو تنسيق أمني تجسسي محض أم هو تنسيق مدني محض.[53]

   الفرع الثالث: مفاسد التنسيق الأمني مع الاحتلال الصهيوني ومراتبها:

اقتصر الباحثان في حصر مفاسد التنسيق الأمني على أهم المفاسد الواردة في وثيقة صفقة القرن الرسمية، وذلك من أجل بيان مدى خطورة هذه الصفقة على أمن الدولة الفلسطينية خصوصاً وعلى الأمن الإقليمي وأمن الأمة الإسلامية عموماً، بل ويتعدى خطرها النواحي الأمنية ليصل إلى استلاب سيادة ما تسميه الوثيقة بدولة فلسطين بشكل طاغٍ[54] وقاهر وسيادة دول الإقليم وسيادة الدول الإسلامية عموماً. ومن الغريب تكرر ذكر مصطلح الطاغي في الصفقة وخصوصاً في المجال الأمني كثيراً، وفي ذلك اعتراف بالطغيان والظلم والعدوان؛ لأن الكثير من الدول العربية والإسلامية للأسف رضيت بظلم الصهاينة وطغيانهم.

وفيما يلي بيان لأهم مفاسد التنسيق الأمني، وسنلحق كل مفسدة بمرتبتها من خلال تطبيق أهم قواعد مراتب المفاسد[55]، وقد استخرجنا أكثر من ثلاثين مفسدة عظمى من وثيقة الصفقة المترجمة،  ثم قمنا بتصنيفها وجمعها في إحدى عشرة مجموعة:

  1. الهيكلة الأمنية الإقليمية المبنية على التعاون الاستراتيجي بين دول المنطقة والكيان الصهيوني:[56]

                هذه من المفاسد العظيمة التي نُص عليها في ثنايا الصفقة، وهي تقتضي هيمنة الكيان الصهيوني أمنياً على الإقليم عموماً، بل وتتعدى تلك الهيمنة الإقليمَ إذا استحضرنا بعض النقاط الواردة في الصفقة والتي تتمثل في تشكيل تحالف استراتيجي بين الكيان الصهيوني ودول الشرق الأوسط من أجل الوقوف في وجه التهديد الإيراني، وهذا يعني تغييراً في ثوابت الأمة في تحديد العدو وفي تحديد الحلفاء، ومن المفاسد التابعة لهذه المفسدة التي وردت في وثيقة الصفقة الآثمة ما يلي:

  • تشكيل منظمة الأمن والتعاون في الشرق الأوسط على غرار النموذج المستخدم من قبل منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.[57] وهذا يقتضي ملاحقة المقاومة ومن يدعمها بالمال ومن يساندها عموماً في الشرق الأوسط، وبالتالي سيكون العلماء والمفكرون والتجار والمستثمرون وعموم الحالة الشعبية الحاضنة للمقاومة من المستهدفين.
  • تحقيق الأمن الإقليمي للكيان الصهيوني من خلال تشكيل لجان تنسيق أمنية مشتركة على مستوى الإقليم. وهذه الهيمنة الأمنية الصهيونية على الإقليم تحقق السيطرة التامة والسيادة المطلقة للكيان الصهيوني على الإقليم عموماً.[58] 

                وهذه المفسدة وما تبعها من مفاسد: (مفسدة مخلة بالضروري العام من حفظ الدين والنفس).

  • مفسدة السيطرة الأمنية على المحيط الخارجي للكيان الصهيوني وذلك يعني السيطرة الحقيقية على أجزاء من دول الطوق:

                مرتبة هذه المفسدة: (مفسدة مخلة بالضروري العام من حفظ النفس).

  • مفسدة السيطرة الحقيقية والهيمنة الأمنية الشاملة للكيان الصهيوني على دولة فلسطين:

                وقد وردت بنودٌ تؤكد هذه المفسدة أو تحققها من جوانبَ مختلفة، ومن ذلك:

  • السيادة الأمنية الكاملة على الأراضي الفلسطينية، وربط الاتفاقية عموماً بالوفاء بالمعايير الأمنية.
  • السيطرة الأمنية للكيان الصهيوني على الأجواء الفلسطينية بشكل كامل وعلى المناطق المتاخمة للحدود، وعلى المياه الإقليمية لدولة فلسطين، وعلى الطرق إلى دولة فلسطين، واحتفاظ الكيان الصهيوني بمحطات إنذار مبكر داخل دولة فلسطين، وضمان وصول الأمن الصهيوني إليها دون انقطاع.

                وهذه المفسدة: (مفسدة مخلة بالضروري العام من حفظ الدين والنفس والمال).

  • جعلُ وظيفةِ السلطة بأجهزتها المختلفة وأنظمتها وقوانينها وعلى رأسها الأجهزة الأمنية أداةً لتحقيق أهداف الاحتلال الصهيوني والحفاظ على أمنه واستقراره:

                وقد وردت مجموعة من البنود التي تمثل مفاسد تابعة أو مؤكدة لهذه المفسدة العظيمة منها:

  • احتفاظ دولة الاحتلال بالمسؤولية الأمنية الغالبة داخل فلسطين[59] وفق المبدأ الآتي: “كلما قامت دولة فلسطين بعمل المزيد قل ما يتعين على الكيان الصهيوني القيام به”[60] وهذا يعني بأن الدولة الفلسطينية ليست إلا أداةً لتحقيق أمن الاحتلال الصهيوني.
  • إسهام أجهزة الأمن الصهيونية في بناء قدرات قوى أمن السلطة الفلسطينية في مجال منع المقاومة ومكافحة الإرهاب على حد زعمهم![61]
  • تعظيم القدرة الأمنية للسلطة الفلسطينية من أجل منع الإرهاب.[62]
  • اعتبار مكافحة الإرهاب أحد أهم مهام قوى الأمن في دولة فلسطين وأهم نظام في نظامها العام.[63]
  • تنفيذ السلطة معايير الأمن للكيان الصهيوني واتخاذ كافة الترتيبات التي تلبي الاحتياجات الأمنية للكيان الصهيوني.[64]
  • وضع نظام قانوني لمكافحة المقاومة (الإرهاب) في دولة فلسطين.[65]
  • ووصل بهم الصلف والغرور إلى الاشتراط على السلطة أن تعمل بحسن نية في الأمور الأمنية.[66] وهذا الشرط يقتضي أن يكون الدور الأمني لأجهزة السلطة في خدمة الاحتلال والمحافظة على أمنه مبنياً على تغيير جذري في العقيدة الأمنية لدى السلطة الفلسطينية وأجهزتها وعموم الشعب الفلسطيني وعلى تغييرٍ للعقائد والقيم والمبادئ والأصول الشرعية وقلبٍ للمفاهيم بحيث تتحول الخيانة للدين ولأهله إلى حسن نية.

   ومرتبة هذه المفاسد العظيمة تصل إلى: (الإخلال بالضروري البعضي من حفظ الدين والنفس والعقل).

  • مفسدة نزع سلاح الدولة الفلسطينية عموماً بالكامل وبقائها كذلك بشكل دائم[67] حيث نص بند خاص على هذه المفسدة العظيمة والتي تعني ضمنياً تعطيل فريضة الجهاد في سبيل الله، والقضاء على أي أمل في استعادة فلسطين السليبة، بالإضافة إلى ضمان التفوق العسكري في الإقليم عموماً للكيان الصهيوني.

                ومرتبة هذه المفسدة : (مفسدة مخلة بالضروري العام من حفظ الكليات الخمس عموماً).

  • ومن المفاسد العظيمة المتعلقة بغزة العزة سيطرة جهة مقبولة لدى الكيان الصهيوني على قطاع غزة، ويترتب على هذه المفسدة مجموعة من المفاسد التي نصت عليها الاتفاقية والتي منها: نزع سلاح غزة بالكامل وبقاؤها في المستقبل بلا سلاح وبلا جيش.[68]

                وهذه المفسدة: (مفسدة مخلة بالضروري العام من حفظ الكليات الخمس عموماً).

  • الهيمنة الحصرية للكيان الصهيوني على أمن المسجد الأقصى ومدينة القدس خاصة، حيث تنص الصفقة على الهيمنة الحصرية للقوات الأمنية الصهيونية في مدينة القدس تحت السيادة الصهيونية، نظراً لكون القدس من أكثر المناطق حساسية في العالم.

                ومرتبة هذه المفسدة: (مخلة بالضروري العام من حفظ الدين).

  • منع دولة فلسطين من أية حقوق أمنية، ومن أي انضمام إلى أية منظمة دولية في كل ما من شأنه محاسبة دولة الاحتلال أو معارضة التزام دولة فلسطين بنزع السلاح، ومن أية ملاحقة لأي مواطن صهيوني أمام أي نظام قانوني عالمي أو في أي دولة من الدول.

   ومرتبة هذه المفسدة: (مخلة بالضروري البعضي من حفظ النفس والمال).

  • التغيير الجذري للقيم والمفاهيم والمبادئ الأمنية الإسلامية في فلسطين وفي الإقليم وفي الأمة الإسلامية عموماً، واستبدالها بقيم ومفاهيم ومبادئ أمنية تخدم الكيان الصهيوني وتحقق أهدافه، بالإضافة إلى تغيير الأنظمة والقوانين الأمنية لكي تكون متفقة مع رؤية الكيان الصهيوني الأمنية، حيث ورد في الصفقة الإشارة صراحة إلى هذا التغيير ومن ذلك تغيير مفهوم مقاومة الاحتلال إلى الإرهاب، وتسمية المقاومين بالإرهابيين. كما ورد بند خاص بتغيير الأنظمة الأمنية، وبند آخر متعلق بتغيير القوانين المتعلقة بالأمن.

   وهذه المفسدة: (مخلة بالضروري العام من حفظ الدين والعقل).

  1. مفسدة تهديد أمن أفراد المقاومة وعائلاتهم والداعمين لهم والمناصرين لهم: فقد نصت الاتفاقية على محاربة المقاومين الذين وصفتهم بالإرهابيين، ونصت على المعايير الأمنية التي يجب على الدولة الفلسطينية الالتزام بها، ومنها سجن المقاومين (الإرهابيين)، والاكتشاف المبكر لأية نية للمقاومة، وهذا يقتضي امتلاء السجون بالمقاومين وعموم الناس من غيرهم.

   وهذه المفسدة: (مخلة بالضروري البعضي لحفظ النفس والمال).

  1. مفسدة تحقيق الاعتراف بدولة إسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي.

   وهذه مفسدة عظيمة جداً وهي من أخطر المفاسد على الإطلاق[69]، وهي: (مخلة بالضروري العام المتعلق بالدين).

خاتمة:

                الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:

                فقد قام الباحثان في هذه الورقة بتجلية مدى خطورة التنسيق الأمني على الأمن الفلسطيني والعربي والإسلامي، وبيان عظم مفاسده مع تأصيل موجز للأحكام الشرعية المتعلقة بالعاملِين في مجال التنسيق الأمني.

                ويرجو الباحثان أن تفتح هذه الورقة أفقاً للباحثين الراغبين في تناول الأحكام الأمنية للقضية الفلسطينية من منظور مقاصد الشريعة. وفيما يلي بيان أهم النتائج والتوصيات:

أولاً: أهم النتائج:

  • على المستوى الأمني:
  • يمثل التنسيق الأمني أحد أهم معالم صفقة القرن التي طرحتها الإدارة الأمريكية.
  • يتعدى خطر الصفقة النواحي الأمنية ليصل إلى استلاب سيادة ما تسميه الوثيقة بدولة فلسطين بشكل طاغٍ -بتعبير واضعي الصفقة- وسيادة دول الإقليم والدول الإسلامية عموماً.
  • ترنو الصفقة إلى تشكيل تحالف استراتيجي بين الكيان الصهيوني ودول الشرق الأوسط من أجل الوقوف في وجه تهديد بعض مكونات الأمة، وفرض الهيمنة الصهيونية على المنطقة. وهذا يعني تغييراً في ثوابت الأمة في تحديد العدو، وفي تحديد الحلفاء.
  • تشتمل الصفقة على ما يربو على ثلاثين مفسدة عظمى من المفاسد الأمنية تتتنوع بين مفاسد تفضي إلى الهيكلة الأمنية الإقليمية المبنية على التعاون الاستراتيجي بين دول المنطقة والكيان الصهيوني، وأخرى تفضي إلى السيطرة الأمنية للكيان الصهيوني على فلسطين ومحيطها الخارجي المعبر عنه بدول الطوق.
  • على المستوى الشرعي:
  • تجتمع في التنسيق الأمني مجموعة من المحرمات الكبيرة التي تكفي أي واحدة منها لتحريم هذا العمل وتجريمه؛ كالولاء لأعداء الله ومناصرتهم في عدوانهم، والتجسس لصالحهم، وإيقاع الضرر بالمجاهدين إن قتلاً أو جرحاً أو أسراً، وغير ذلك من الموبقات..
  • يختلف الحكم الشرعي فيمن يعمل في التنسيق الأمني مع العدو الصهيوني بحسب اختلاف اعتقاد العاملين في هذا المجال وأحوالهم، ويتراوح الحكم فيها بين الكفر المخرج من الملة إذا كان تجسسه حباً في انتصار الكفار وعلو شوكتهم على المسلمين وكرهاً للمسلمين ولدينهم، وبين الكبيرة من كبائر الذنوب إذا كان لغرض شخصي أو دنيوي كالحصول على راتب أو جاه، وتختلف مرتبة هذه الكبيرة بحسب عمل هذا الموظف الأمني في التنسيق الأمني ومآلاته وبحسب نيته، فإذا ترتب على تنسيقه قتل مقاوم أو أكثر أو جرحهم أو استهداف لمنزل عائلة آمنة أو أسر لمقاوم أو تعطيل لعمل جهادي مقاوم أو كشف لأنفاق المقاومين وأماكنهم فهذا العمل يعد من أكبر الكبائر، وأما إذا لم يترتب على تنسيقه أي ضرر  فهو أقل مرتبة مما سبق، أو قام بالتنسيق المدني كأن ينسق من أجل نقل مريض للعلاج أو تسهيل خروج طالب للدراسة فهذا قد يصل إلى الإباحة في حالات الاضطرار.
  • اتفق علماء الإسلام على كون تجسس المسلم على المسلمين لصالح الكفار الحربيين من أكبر الكبائر، لكنهم اختلفوا في عقوبته، فبعضهم ألحقه بالعقوبة الواردة في حد الحرابة، وبعضهم ألحقه بالعقوبات المتعلقة بالقتل أو الصلب فيه فقط دون غيرها من العقوبات، وبعضهم اقتصر على عقوبات تعزيرية من باب الحبس أو الجلد أو الجمع بين الجلد والحبس، وبعضهم أضاف النفي إلى ذلك، وبعضهم فرّق بين من كان له عذر ولم يتكرر منه التجسس ومن كان معتاداً على ذلك أو تكرر منه، وبعضهم فرّق في الحكم عليه من خلال مآل التجسس.
  • معظم المفاسد التي يجلبها التنسيق الأمني هي مفاسد تهدم الضرورات العامة المرعية في الشريعة بشكل عام، وكليّ حفظ الدين بشكل خاص.
  • 9-     تحتم هذه المفاسد الخطيرة الواردة في الصفقة بذل كل جهد من أجل العمل على إفشال هذه الصفقة المحرمة، والأخذ على يد الموافقين عليها، ومنع من يدعون إليها رغباً أو رهباً، وتثبيت الرافضين لها، وإن هذا فريضة من فرائض الشريعة، وواجب من واجبات الملة.

ثانياً: أهم التوصيات:

يوصي الباحثان بمزيد من الدراسات التي تتناول نوازل القضية الفلسطينية وبشكل خاص فيما يتعلق بالبعد الأمني، كما يوصيان بضرورة إعمال منهج الاجتهاد المقاصدي في دراسة هذه النوازل.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

قائمة المصادر والمراجع

أولا: الكتب:

  1. ابحيص، حسن، أداء الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية، بحث منشور ضمن كتاب السلطة الوطنية الفلسطينية دراسات في التجربة والأداء 1994-2013م، تحرير الدكتور محسن صالح، من إصدارات مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات-بيروت، 2015م.
  2. ابحيص، حسن، ووائل سعد، التطورات الأمنية في السلطة الفلسطينية 2006-2007، مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، سلسلة: ملف الأمن في السلطة الفلسطينية، سنة الطبع 2008م.
  3. ابن جزيء، محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله، الكلبي الغرناطي،  التسهيل لعلوم التنزيل، تحقيق: د. عبد الله الخالدي، شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم – بيروت.
  4. ابن فارس، مقاييس اللغة، تحقيق: عبد السلام هارون، دار الفكر، 1979م.
  5. ابن قيم الجوزية، إعلام الموقعين عن رب العالمين، دار الكتب العلمية، بيروت.
  6. ابن منظور، لسان العرب، دار صادر، بيروت، ط3، 1414ه.
  7. أبو الخير، كمال حمدي، أصول الإدارة العلمية، مكتبة عين شمس، القاهرة، 1974م.
  8. الأنصاري، زكريا بن محمد بن أحمد بن زكريا، فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب، دار الفكر للطباعة والنشر، 1994م.
  9. الجوهري، إسماعيل بن حماد الجوهري الفارابي، تاج اللغة وصحاح العربية، تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار، دار العلم للملايين – بيروت، ط4، 1987م.
  10. السمرقندي، أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي، بحر العلوم، تحقيق: د. محمود مطرجي، دار الفكر – بيروت.
  11. السمعاني، أبو المظفر، منصور بن محمد بن عبد الجبار ابن أحمد المروزى، تفسير القرآن، تحقيق: ياسر بن إبراهيم وغنيم بن عباس بن غنيم، دار الوطن، الرياض – السعودية، 1997م.
  12. الشنواني، صلاح، التنظيم والإدارة: قطاع الأعمال، مؤسسة شباب الجامعة، الإسكندرية، 1987م.
  13. عبد الحفيظ، علاء، الأمن القومي: المفهوم والأبعاد، بحث نشره المعهد المصري للسياسات ضمن سلسلة الدراسات السياسية بتاريخ 11 مارس 2020م.
  14. كيالي، عبد الوهاب، ومجموعة من الباحثين، موسوعة السياسة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، دار الهدى.
  15. الماتريدي، محمد بن محمد بن محمود، أبو منصور،  تفسير الماتريدي – تأويلات أهل السنة- تحقيق: د. مجدي باسلوم، دار الكتب العلمية – بيروت، لبنان، 2005م.
  16. محمود، خالد وليد، آفاق الأمن الإسرائيلي الواقع والمستقبل، مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2007م.
  17. مقبل، إبراهيم، وخالد زين الدين، ورائد غباين، سياسات مقترحة لتطبيق قرارات وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال، ورقة تحليل سياسات نشرها المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية – مسارات.
  18. ملحم، محمد همام،  بحث التأصيل الشرعي للتنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الصهيوني، مخطوط.
  19. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ القواعد المقاصدية في تصنيف الأولويات وتطبيقاتها في القضية الفلسطينية، دار النداء- اسطنبول، 2019م.
  20. النسفي، عمر بن محمد بن أحمد بن إسماعيل، طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية، دار القلم، بيروت، ط1، 1406ه.
  21. الواحدي، أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، التفسير البسيط، عمادة البحث العلمي – جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ط1، 1430م.
  22. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، تحقيق: صفوان عدنان داوودي، دار القلم , الدار الشامية – دمشق، بيروت، ط1، 1415ه.
  23. وثيقة “سلام من أجل الازدهار” رؤية لتحسين حياة الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، ترجمة: د. نايف جراد.

ثانياً: المواقع الإلكترونية:

  • اتفاقية قطاع غزة ومنطقة أريحا – ملحق 1 (بروتوكول بشأن الترتيبات الأمنية)، https://ar.wikisource.org/wiki
  • موقع الشارع السياسي بتاريخ 21 فبراير 2020م دراسة :الأبعاد الأمنية في صفقة القرن.. قراءة في مستقبل غزة والمقاومة.
  • على الرابط الآتي:  https://cutt.us/fYeTX
  • موقع طريق الإسلام    https://ar.islamway.net/article
  • موقع موسوعة أحداث فلسطين، https://pal-encyclopedia.org.
  • موقع الموسوعة الفلسطينية، https://www.palestinapedia.net
  • موقع وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية(وفا)   https://info.wafa.ps/ar   

* أستاذ أصول الفقه ومقاصد الشريعة والسياسة الشرعية المشارك، عضو هيئة علماء فلسطين، والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ورئيس مركز معراج للبحوث والدراسات.

** دكتوراه أصول الفقه ومقاصد الشريعة والسياسة الشرعية، عضو هيئة علماء فلسطين، والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ونائب رئيس مركز معراج للبحوث والدراسات سابقاً.

[1] وثيقة “سلام من أجل الازدهار” رؤية لتحسين حياة الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، ترجمة د. نايف جراد، صـ10

[2] المرجع السابق، صـ9

[3] المرجع السابق، صـ33

[4] المرجع السابق، صـ57

[5] المرجع السابق، صـ58

[6] المرجع السابق، صـ19

[7] ابن فارس، مقاييس اللغة، تحقيق عبد السلام هارون، دار الفكر، 1979م، 1/ 133

[8] الجوهري، تاج اللغة وصحاح العربية، 5/ 2071، ابن منظور، لسان العرب، دار صادر، بيروت، ط3، 1414ه، 13/ 21

[9] الماتريدي، تفسير الماتريدي، تأويلات أهل السنة، 10/ 621

[10] ابن جزي، التسهيل لعلوم التنزيل، 2/ 515

[11] النسفي: طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية، صـ 32

[12] زكريا الأنصاري، فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب، 2/ 215

[13] خالد وليد محمود، آفاق الأمن الإسرائيلي الواقع والمستقبل، صـ 35

[14] عبد الوهاب كيالي، موسوعة السياسة، 1/331

[15] Barry Buzan, People, States and Fear (London: Wheatsheaf Books, LTD, 1983), PP 6-10 نقلاً عن: خالد وليد محمود، آفاق الأمن الإسرائيلي الواقع والمستقبل، صـ 34-37

[16] McNamara, The Essence of Security (New York: Harper Press, 1966), p149 نقلاً عن: علاء عبد الحفيظ، الأمن القومي.. المفهوم والأبعاد، صـ6، بحث نشره المعهد المصري للسياسات ضمن سلسله الدراسات السياسية بتاريخ 11 مارس 2020م.

[17] Henry Kissinger, Nuclear Weapons and Foreign Policy (London: Wild Field and Nicholson, 1969), p46. نقلاً عن: علاء عبد الحفيظ، الأمن القومي.. المفهوم والأبعاد، صـ6، بحث نشره المعهد المصري للسياسات ضمن سلسلة الدراسات السياسية بتاريخ 11 مارس 2020م.

[18] ابن فارس، مقاييس اللغة، 5/420

[19] ابن منظور، لسان العرب، 10/ 352- 353

[20] ملحم، محمد همام،  بحث التأصيل الشرعي للتنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الصهيوني، مخطوط

[21] صلاح الشنواني، التنظيم والإدارة، قطاع الأعمال،  مؤسسة شباب الجامعة، الإسكندرية، 1987م، صـ63

[22] بتصرف: نقلا عن كمال حمدي أبو الخير، أصول الإدارة العلمية، مكتبة عين شمس، القاهرة، 1974، صـ204

[23] ملحم،  محمد همام، بحث التأصيل الشرعي للتنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الصهيوني، مخطوط

[24] انظر المرجع السابق

[25] إبراهيم مقبل، خالد زين الدين، رائد غباين، سياسات مقترحة لتطبيق قرارات وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال، صـ6، ورقة تحليل سياسات نشرها المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية – مسارات، باختصار وتصرف يسير

[26] ملحم، بحث التأصيل الشرعي للتنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الصهيوني، مخطوط

[27] بتصرف: حسن ابحيص، أداء الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية، صـ447، بحث منشور ضمن كتاب السلطة الوطنية الفلسطينية دراسات في التجربة والأداء، 1994-2013م، تحرير الدكتور محسن صالح، من إصدارات مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات-بيروت، 2015م.

[28] بتصرف: موقع موسوعة أحداث فلسطين،  https://pal-encyclopedia.org

[29] أوسلو والاتفاقيات الفلسطينية الإسرائيلية، موقع الموسوعة الفلسطينية، https://www.palestinapedia.net

[30] اتفاقية قطاع غزة ومنطقة أريحا – ملحق 1 (بروتوكول بشأن الترتيبات الأمنية)، https://ar.wikisource.org/wiki

[31] موقع وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية(وفا)، https://info.wafa.ps/ar

[32] المرجع السابق

[33] حسن ابحيص ووائل سعد، التطورات الأمنية في السلطة الفلسطينية، 2006-2007م، صـ9

[34] المرجع السابق

[35] المرجع السابق

[36] المرجع السابق

[37] المرجع السابق

[38] المرجع السابق

[39] انظر: مقال للشيخ حامد العلي بعنوان الجنرال أبو حنيك، دايتون والأربعين حرامي، موقع    https://ar.islamway.net/article

[40] انظر: صفقة القرن صـ66، الملحق A2 ، اعتبارات الأمن، فقرة: مشكلة القوى الدولية

[41] انظر: المرجع السابق صـ33، القسم السابع: الأمن

[42] انظر: المرجع السابق صـ44، القسم الثاني عشر، فقرة: إسرائيل

[43] انظر: المرجع السابق صـ68، الملحق A2 ، اعتبارات الأمن، فقرة: مشكلة القوى الدولية

[44] انظر: المرجع السابق صـ15، القسم الثاني، فقرة: أسبقية الأمن

[45] دراسة بعنوان: الأبعاد الأمنية في صفقة القرن.. قراءة في مستقبل غزة والمقاومة، نشرها موقع الشارع السياسي بتاريخ 21 فبراير 2020م، انظر الرابط المختصر: https://cutt.us/8mTTH

[46] انظر: المرجع السابق صـ33، القسم السابع: الأمن

[47] ابن قيم الجوزية، إعلام الموقعين عن رب العالمين، دار الكتب العلمية، بيروت، 1/ 69

[48] انظر التفصيل في بيان هذه المحرمات وتأصيلها وبيان أحكامها الشرعية في: ملحم، بحث التأصيل الشرعي للتنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الصهيوني، مخطوط.

[49] وإن كنت لا أتصور وجود هذا الصنف من أفراد الأجهزة في هذا الوقت، وذلك لأنهم أعادوا بناء عقيدة أفراد الأجهزة الأمنية وفق خطة الجنرال الأمريكي دايتون ومن تبعه.

[50] الواحدي، التفسير البسيط، 7/420، والوجيز في تفسير الكتاب العزيز، صـ323، والسمرقندي، بحر العلوم، 1/ 397

[51] انظر بتفصيل موسع: ملحم، بحث التأصيل الشرعي للتنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الصهيوني، مخطوط

[52] السمعاني، تفسير القرآن ، 2/ 38

[53] انظر بيان مفصل لأقوال العلماء وأدلتهم مع مناقشتها في: ملحم، بحث التأصيل الشرعي للتنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الصهيوني، مخطوط

[54] ورد النص التالي في ص 36 من ترجمة الصفقة : “تقسيم المناطق وتخطيط دولة فلسطين في المناطق المتاخمة للحدود بين دولة إسرائيل ودولة فلسطين، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر، الحدود بين القدس (لإسرائيل) والقدس (لفلسطين) ستخضع لمسؤولية أمنية طاغية لدولة إسرائيل”.

[55] سيتم الاعتماد في بيان المفاسد ومراتبها على طريقة: ملحم، محمد همام،  كتاب القواعد المقاصدية في تصنيف الأولويات وتطبيقاتها في القضية الفلسطينية، دار النداء، اسطنبول، 2019م

[56] انظر: وثيقة “سلام من أجل الازدهار” (صفقة القرن)، ترجمة د. نايف جراد، صـ59

[57] انظر: المرجع السابق، صـ59

[58] ورد في ص 35 ترجمة الصفقة: “توصي الولايات المتحدة بتشكيل لجنة أمنية إقليمية. تكون مهمة اللجنة مراجعة السياسات والتنسيق الإقليميين لمكافحة الإرهاب. من الناحية المثالية سوف تشمل اللجنة ممثلين أمنيين من الولايات المتحدة ودولة إسرائيل ودولة فلسطين والمملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة”.

[59] ورد في ص33 ترجمة صفقة القرن ما يلي:” ستحافظ دولة إسرائيل على المسؤولية الأمنية الغالبة لدولة فلسطين”.

[60] المرجع السابق، صـ33

[61] ورد في ترجمة صفقة القرن ص33: “ستعمل دولة إسرائيل على زيادة التعاون المشترك مع قوى أمن السلطة الفلسطينية للمساعدة في بناء قدراتها على منع الإرهاب”.

[62] المرجع السابق، صـ33

[63] المرجع السابق، صـ33

[64] المرجع السابق، صـ34

[65] ورد في ص69 من ترجمة الصفقة : “ستقيم دولة فلسطين نظامًا قانونيًا يواجه الإرهاب ويحافظ عليه بوضوح، بما في ذلك عن طريق: أ-وضع وإنفاذ قوانين تحظر جميع الأنشطة الإرهابية والمنظمات الإرهابية وتحظر كل التحريض على الإرهاب، وكذلك تمويل هذا النشاط والمنظمات العاملة به. ب- مقاضاة المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في النشاط الإرهابي وإصدار الأحكام عليهم بشكل مناسب. ج- إنهاء جميع المدفوعات التي تكافئ الإرهاب، بشكل مباشر أو غير مباشر، لأولئك المتورطين في نشاط إرهابي أو أسرهم”.

[66] ورد في ص36 من ترجمة الصفقة : “سيعمل الطرفان معًا، بحسن نية في الأمور الأمنية، لحماية الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء”.

[67] ورد في ص33 من ترجمة الصفقة: “تكون دولة فلسطين منزوعة السلاح بالكامل وتظل كذلك”.

[68] ورد النص على ذلك في أكثر من موضع في الصفقة ومن ذلك في ص18: ” لن يُتوقع من دولة إسرائيل أن تنفذ التزاماتها بموجب اتفاق السلام الإسرائيلي الفلسطيني إلا إذا كانت السلطة الفلسطينية، أو هيئة أخرى مقبولة لدى إسرائيل، تسيطر بالكامل على غزة، والإرهاب. المنظمات في غزة منزوعة السلاح، وغزة منزوعة السلاح بالكامل”.

[69] المرجع السابق، صـ14