7/9/2024
فتوى صادرة عن لجنة الفتوى في هيئة علماء فلسطين
السؤال:
ثمة مجموعة من المجاهدين مطاردون من الصهاينة؛ فهل لهم عذر في التخلف عن صلاة الجمعة والجماعة؛ لئلا يدل عليهم العملاء فيقعوا في الأسر أو يقع بهم الأذى من العدو؟
خلاصة الفتوى: من أعذار التخلف عن الجماعة المطر الغزير، والريح العاتية، والبرد القارص والحر الشديد، والوحل الشديد، والظلمة الشديدة، والمرض الشاق، والخوف من عدو إنسي أو حيوان مفترس، وحضور الطعام مع الجوع، ومدافعة الأخبثين، وأكل ذي رائحة كريهة.
الجواب:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.
فلا خلاف بين أهل العلم في أن صلاة الجمعة فرض عين على المكلفين من الرجال المقيمين القادرين على الإتيان بها وأما صلاة الجماعة فلا خلاف بينهم أنها أفضل من صلاة الفذ لمن قدر عليها لقول النبي صلى الله عليه وسلم (صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في سوقه وبيته بضعاً وعشرين درجة)
وقد ذكر أهل العلم أعذاراً يباح معها التخلف عن الجمعة والجماعة، ومن ذلك:
أ – الْمَطَرُ الشَّدِيدُ الَّذِي يَشُقُّ مَعَهُ الْخُرُوجُ لِلْجَمَاعَةِ، وَاَلَّذِي يَحْمِل النَّاسَ عَلَى تَغْطِيَةِ رُؤوسِهِمْ.
ب – الرِّيحُ الشَّدِيدَةُ لَيْلاً لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَشَقَّةِ.
ج – الْبَرْدُ الشَّدِيدُ لَيْلاً أَوْ نَهَارًا، وَكَذَلِكَ الْحَرُّ الشَّدِيدُ. وَالْمُرَادُ الْبَرْدُ أَوِ الْحَرُّ الَّذِي يَخْرُجُ عَمَّا أَلِفَهُ النَّاسُ أَوْ أَلِفَهُ أَصْحَابُ الْمَنَاطِقِ الْحَارَّةِ أَوِ الْبَارِدَةِ.
د – الْوَحْل الشَّدِيدُ الَّذِي يَتَأَذَّى بِهِ الإِنْسَانُ فِي نَفْسِهِ وَثِيَابِهِ، وَلَا يُؤْمَنُ مَعَهُ التَّلَوُّثُ.
هـ – الظُّلْمَةُ الشَّدِيدَةُ، وَالْمُرَادُ بِهَا كَوْنُ الإِنْسَانِ لَا يُبْصِرُ طَرِيقَهُ إِلَى الْمَسْجِدِ.
و – الْمَرَضُ الَّذِي يَشُقُّ مَعَهُ الإِتْيَانُ إِلَى الْمَسْجِدِ لِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ.
ز – الْخَوْفُ؛ لسواء كان خوفا على النفس أم المال أو الأهل ومن ذلك أَنْ يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ سُلْطَانًا يَأْخُذُهُ، أَوْ عَدُوًّا أَوْ لِصًّا أَوْ حيوانا مفترسا أَوْ سَيْلاً أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يُؤْذِيهِ فِي نَفْسِهِ، وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ أَنْ يَخَافَ غَرِيمًا لَهُ يُلَازِمُهُ، وَلَا شَيْءَ مَعَهُ يُوَفِّيَهُ.
ح – حُضُورُ طَعَامٍ تَشْتَاقُهُ نَفْسُهُ وَتُنَازِعُهُ إِلَيْهِ.
ط – مُدَافَعَةُ أَحَدِ الأَخْبَثَيْنِ – وَمِثْلُهُمَا الرِّيحُ – لأَنَّ الْقِيَامَ إِلَى الصَّلَاةِ مَعَ مُدَافَعَةِ أَحَدِ الأَخْبَثَيْنِ يُبْعِدُهُ عَنِ الْخُشُوعِ فِيهَا وَيَكُونُ مَشْغُولاً عَنْهَا
ي – أكل ذي رائحة كريهة كبصل وثوم وكراث وفجل؛ إن تَعَذَّرَ زَوَال رَائِحَتِهِ، حَتَّى لَا يَتَأَذَّى بِهِ النَّاسُ وَالْمَلَائِكَةُ؛ وَالْمُرَادُ أَكْل هَذِهِ الأَشْيَاءِ نِيئَةً، وَيَدْخُل فِي ذَلِكَ مَنْ كَانَتْ حِرْفَتُهُ لَهَا رَائِحَةٌ مُؤْذِيَةٌ، ومثل ذَلِكَ مَنْ كَانَ بِهِ مَرَضٌ يَتَأَذَّى بِهِ النَّاسُ، أو تنقل به العدوى.
ك – العري: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَا يَسْتُرُ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فَإِنَّهُ يُبَاحُ لَهُ التَّخَلُّفُ عَنِ الْجَمَاعَةِ. وَهَذَا إِذَا كَانَ مِنْ عَادَةِ أَمْثَالِهِ الْخُرُوجُ بِمِثْل ذَلِكَ، قَال الشَّافِعِيَّةُ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ: الأَلْيَقُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ: أَنَّهُ إِنْ وَجَدَ مَا يَلِيقُ بِأَمْثَالِهِ خَرَجَ لِلْجَمَاعَةِ، وَإِلَاّ فَلَا
ل - الْعَمَى إن لم يكن له قائد.
م - إِرَادَةُ السَّفَرِ: مَنْ تَأَهَّبَ لِسَفَرٍ مُبَاحٍ مَعَ رُفْقَةٍ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الْجَمَاعَةُ، وَكَانَ يَخْشَى إِنْ حَضَرَ الْجَمَاعَةَ أَنْ تَفُوتَهُ الْقَافِلَةُ.
ن – غَلَبَةُ النُّعَاسِ وَالنَّوْمِ: فَمَنْ غَلَبَهُ النُّعَاسُ وَالنَّوْمُ إِنِ انْتَظَرَ الْجَمَاعَةَ صَلَّى وَحْدَهُ.
وعليه فلا حرج على هؤلاء المجاهدين – أيدهم الله – في التخلف عن الجمعة والجماعة في المسجد؛ وإن أمكنهم إقامة جماعة في غير المسجد فبها؛ وإلا فإن لهم الأجر كاملاً إن شاء الله؛ لأن من اعتاد عملاً صالحاً ثم حيل بينه وبين ذلك العمل بسبب خارج عن طاقته فله الأجر؛ قال تعالى {ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفوراً رحيما} وقال النبي صلى الله عليه وسلم (إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل مقيماً صحيحا) رواه البخاري.
هذا ولا يجوز لمن غلب على ظنه أنه مرصود من العدو أو مطارد أن يعرض نفسه فضلا عن غيره للأذى خاصة وأن الجهاد بحاجة لهذه الطاقات كلها.
والعلم عند الله تعالى