خاص هيئة علماء فلسطين

    

إعداد

د. محمّد همام ملحم

أ. أنس ممدوح الأنصاري

الملخّص

يهدف البحث إلى بيان الأحكام الشرعيّة لمقاطعة الكيان الصهيونيّ وشركاته والشركات الداعمة له، وشركات الدول الداعمة له، وذلك من خلال التأصيل الشرعيّ للمقاطعة الاقتصاديّة، وبيان علاقتها بجهاد الدفع، وقد انطلق البحث من كون المقاطعة إحدى مجالات النصرة، وكونها ضربًا من ضروب الجهاد بالمال، وخلص إلى بيان الأحكام العامّة للمقاطعة، والأحكام التفصيليّة لها باعتبار الجهات المقاطِعة.

المقدمة

الحمد لله الذي بعث رسوله بدين الحقّ، ليظهره على الدين كلّه، والصلاة والسلام على أفضل المرسلين سيدنا محمد الذي جاء رحمة للعالمين بالدعوة والجهاد المبين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد اقتضت حكمة الله في هذه المعمورة التدافع بين الحقّ والباطل، وأن يكون بينهما سجال طويل من الهزيمة والنصر.. والكرّ والفرّ.. والصبر واليأس.. ليظهر معادن الناس.. وتبلى أخبارهم.. حتى تمحص صفوف المؤمنين، ويُصطفى الشهداء، وتستدرج صفوف الكافرين، فإذا كان هذا جاء النصر، وحصلت الغلبة للمؤمنين، ولقد قدر لنا الحقّ وقضى أن نحيا في ظلال عقود استثنائية من تاريخ المسلمين.. عقود من الوهن واليأس بعد سقوط الخلافة الإسلامية في طورها العثماني، فقسّم العالم الإسلامي على طاولة الأعداء، وزُرع الكيان الصهيوني في بيت المقدس، وأعلنت دولته المزعومة حتى توغّل بأرتاله من الجولان إلى السويس، بيد أنّ من سنن الله في هذه الأمّة العظيمة وجود الطائفة المنصورة الثابتة على الحقّ، تلك العصبة التي تصلح ما أفسده الناس، وتعيد ما اندثر من الشريعة، وتجدّد ما انطمس من الديانة، ولم تغب هذه الطائفة عن بيت المقدس وأكنافه لحظة واحدة منذ تكالب الأعداء عليه، فناضلت ضد الاستعمار البريطاني، فكانت الثورات تلو الثورات، وكان منها ثورة الشيخ عز الدين القسام، ثمّ لمـّا حلّ الصهاينة مكان الإنجليز جاهدت العدو الصهيوني بكلّ الوسائل الممكنة ابتداء من الثورات المسلحة والعمليات الفدائية وكتائب الشيوخ، ومرورًا بثورة الحجارة إلى ثورة السكاكين، ثمّ العمليات الاستشهادية، ثمّ إطلاق الصواريخ، ثمّ إلى الجهاد الشامل باستخدام أنواع متعدّدة من الأسلحة التي تمّت صناعتها في مصانع العزّ والشموخ في غزّة العزة، ثمّ كلّل هذا الجهاد المستمر بالطوفان العظيم، طوفان الأقصى معلنًا مرحلة جديدة من تاريخ الجهاد في أمّة الإسلام. ومع بزوغ هذه المرحلة الجديدة أصبحت الخيارات الجذريّة أكثر واقعية من ذي قبل، ومن هذه الوسائل الفاعلة سلاح المقاطعة الاقتصادية.

مشكلة البحث:

يحاول هذا البحث الجواب على عدد من الأسئلة الهامّة:

ما مفهوم المقاطعة الاقتصاديّة؟ وما جدواها؟ وما الأدلة على مشروعيّتها؟ وما أهميّة تكاتف الأمّة للقيام بها؟ وما أحكام المقاطعة الاقتصاديّة مع الكيان الصهيوني وداعميه؟

أهداف البحث:

1-تأصيل شرعيّ ومفاهيميّ لموضوع المقاطعة الاقتصادية.

2- بيان أحكام المقاطعة الاقتصادية مع الكيان الصهيوني وشركاته والدول والشركات الداعمة له.

أسباب اختيار الموضوع:

الأوّل: مواكبة الحدث- طوفان الأقصى- بالتنظير والتأصيل الدقيق لما يخدمه.

الثاني: إثراء المكتبة ببعض الأبعاد الشرعيّة والاقتصاديّة لهذا الموضوع.

تقويم الدراسات السابقة:

وقفت على عدد من الدراسات السابقة المهمّة في هذا الحقل، ومن أهمّها ما يأتي:

  • المقاطعة الاقتصادية -حقيقتها وحكمها– دراسة فقهيّة للدكتور خالد بن عبد الله الشمراني.

وهي رسالة مختصرة، مكتنزة بالأفكار، عرّف فيها المقاطعة الاقتصادية، وحكم التعامل مع الكفّار اقتصاديًّا، وسرد نماذج تاريخية من صور المقاطعة الاقتصادية، وعدّ المقاطعة ضربًا من ضروب الجهاد العام، ثمّ دلّل على مشروعيّتها.

  • رؤية شرعيّة للشيخ هاني بن جبير المقاطعة الاقتصادية للشيخ هاني بن جبير.

وهي رسالة وجيزة، أشار فيها إلى أبحاث جديدة في حقل وسائل التعامل مع الكفّار، وأنواع بضائعهم، ودور سدّ الذرائع في مشروعيّة المقاطعة، وارتباط المقاطعة الاقتصاديّة بوليّ الأمر.

  • المقاطعة الاقتصادية تأصيلها الشرعي، واقعها والمأمول لها-عابد بن عبد الله السعدون.

وقد ركّز فيها الباحث على تخريج العلّة الشرعيّة للمقاطعة الاقتصاديّة، وضبط مسألة علاقة وليّ الأمر بها، وأحوال المسلمين، وتنزيل أحكام المقاطعة الاقتصادية عليها، وموقف المسلمين من الحصار الاقتصاديّ المفروض عليهم.

  • أحكام المعاملات الماليّة، نوّاف التكروري.

وهو كتاب تأسيسيّ في بابه، وهناك أبحاث كثيرة فيه لها علاقة ببحثنا، ومن هذا ما جاء في أمر القيود في الاستيراد والتصدير لديار الكفر، وأحكام الشركات بين أهل الدارين، وأحكام المعاملات التجارية غير المشروعة بين أهل الدارين، وأحكام عقود الأمانات بين أهل الدارين، ومما له علاقة بموضوعنا صيغ تطبيقية: المعاملات المالية بين المسلمين واليهود في فلسطين المغتصبة ومنه، حكم أموال اليهود داخل فلسطين، وحكم التعامل التجاري داخل فلسطين.

الإضافة العلميّة للبحث:

تميّزت هذه الرسالة عن غيرها من الرسائل والكتيّبات ببعض الإضافات العلميّة التفصيليّة والمركّزة، وأبرزها:

  1. ارتباط المقاطعة الاقتصادية بعقيدة الولاء والبراء، واعتبارها ضربًا من ضروب جهاد الدفع.
  2. تفصيل أحكام المعاملات المالية مع الكفّار غير الحربيّين، وحكم التعامل مع اليهود الصهاينة والشركات الداعمة لهم.
  3. أحوال المسلمين في المقاطعة الاقتصادية، ومن تقع عليه المقاطعة، وتحديد الجهات التي لم تقاطع، وحكم من لم يقم بالمقاطعة.
  4. أحكام المقاطعة الاقتصادية بحسب الجهة المقاطعة.

منهج البحث:

اعتمدنا في هذا البحث المنهج الوصفي التحليلي، ويتناول الآتي:

  • تغطية كلّ ما يتعلّق بموضوع المقاطعة لا سيّما مع اليهود.
  • الاحتجاج بالأدلّة الواضحة، وبيان وجوه الدلالة، وعلاقتها بمركز الموضوع.
  • عزو الآيات القرآنية، وتخريج الأحاديث والحكم عليها.
  • الاعتناء بذكر التعريفات والمفاهيم المتعلّقة بهذا الموضوع، وتلخيص ما فيها.
  • وضع خاتمة متضمّنة لأهمّ النتائج.

وفي هذا جاء البحث بتمهيد، وستّة مطالب، وخاتمة:

  • التمهيد – طوفان الأقصى وبثّ الروح في الأمّة، وإحياء فقه الجهاد فيها.
  • المطلب الأوّل: ضرورة النصرة ومجالاتها.
  • المطلب الثاني: مجالات المقاطعة عمومًا.
  • المطلب الثالث: مفهوم المقاطعة الاقتصادية ومجالاتها وأبعادها.
  • المطلب الرابع: أقسام الجهاد في سبيل الله، وموقع المقاطعة الاقتصادية منه.
  • المطلب الخامس: مشروعيّة المقاطعة الاقتصادية.
  • المطلب السادس: أحكام المعاملات الماليّة مع الكفار، والحربيّين، والصهاينة ومن ساندهم.
  • الخاتمة: حول الأحكام التفصيليّة للمقاطعة الاقتصاديّة باعتبار الجهات المقاطِعة.

 

 

التمهيد: طوفان الأقصى وبثّ الروح في الأمّة، وإحياء فقه الجهاد فيها.

منذ زراعة السرطان الخبيث الكيان الصهيونيّ في أرض فلسطين، وعالمنا يعاني شرهم وإفسادهم وقتلهم للآمنين، وقد تصاعد الإفساد الصهيوني في الفترة الأخيرة ابتداء من التدنيس المستمرّ للمسجد الأقصى، وإقامة الشعائر التلموديّة الباطلة من أجل تحقيق سيادتهم التامّة عليه تمهيدًا لهدمه وإقامة هيكلهم المزعوم مكانه، وتدنيسهم لعموم المقدّسات في فلسطين، ومرورًا بسجن الآلاف المؤلّفة من الرجال والأطفال والنساء من الفلسطينيين وغيرهم، والتنكيل بهم، وإطالة سجنهم وتكراره، وانتهاء بالقتل اليوميّ للفلسطينيين، وهدم بيوتهم، واجتياح المدن والمخيّمات، وغير ذلك من أنواع الإفساد وأشكاله، وهذا في الحقيقة لم يحدث مثله في تاريخ القضيّة.

وقد عاني العالم العربيّ حالة شديدة من الإخفاق خصوصًا بعد انتكاسة الربيع العربي، فقد عادت القبضة الأمنية على شعوب المنطقة، لتقتل الثوّار في الطرقات، وتعتقل المخلصين من تيار الصحوة الإسلاميّة، وتطفئ جذوة الأمل في التغيير، وهذا أدّى إلى تفشّي مشاعر اليأس والقنوط، بل ولّد لونًا من الغفلة في ردّة الفعل، وقد تلقف اليهود هذه الفرصة الاستثنائية؛ لتنفيذ أهدافهم الخبيثة في المنطقة العربية والإسلامية وفي القلب منها فلسطين، فسارعوا في عمليّة تهويد القدس، وسعوا لإغلاق ملفّ القضيّة الفلسطينيّة من خلال مشاريع التطبيع والتحالف مع الدول العربية والإسلاميّة حيث طبَّعت الكثير من الأنظمة العربيّة والإسلاميّة خلال السنوات الأخيرة، أضف على هذا تحرّكهم الحثيث للتطبيع مع دول أخرى، وربط دول المنطقة مع الكيان الصهيوني في مشروع اقتصاديّ يحقّق السيادة التامّة لهذا الكيان، مع السعي لإمضاء صفقة القرن واحتلال غزة وتهجير أهلها إلى صحراء سيناء، وتهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية ومناطق الـ48 إلى الأردن، وقد أدرك المجاهدون في غزة العزة خطورة الوضع، فأعدّوا العدّة لإيقاف مخططات هذا العدوّ الخبيث، فكانت معركة طوفان الأقصى تحقيقًا لسنن الله: ﴿فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ [ سورة البقرة: 251]. فمن سنن الله أنّه يدفع المؤمنين ليردّوا اعتداء الكافرين حتّى لا تفسد الأرض، والصهاينة أئمة الفساد وسدنة الشر.

وكان من فضل الله سبحانه وتعالى أن يتجاوز هذا الطوفان العظيم قضيّة إيقاف مخطّطات العدوّ إلى فتح الأمل أمام الأمّة من أجل استعادتها لسيادتها، هذا بالإضافة إلى بعث روح الجهاد من جديد، وظهور معادن الرجال الداعية للحقّ والمسوّقة له، فالثبات على الحقّ والتضحية في سبيل الله ومن أجله يجذب الآخرين له، بل يثير مشاعل النور في قلوب المستضعفين ليتحرّروا من ربقة الظلمة، ولا جرم أنّه حان الوقت لكي تتحرّك الأمّة دعمًا لطوفان الأقصى بكلّ الأدوات والوسائل الممكنة، فهذا هو الوقت المناسب لكي يتحرك المسلمون لنجدة قدسهم ومسرى نبيّهم، وهذا هو الوقت المناسب للخروج من اليأس والقنوط، فسبحان مالك الملك، يعزّ من يشاء ويذلّ من يشاء، وهو على كلّ شيء قدير.

المطلب الأوّل: ضرورة النصرة ومجالاتها.

الفرع الأوّل: ضرورة النصرة:

أنعم الله على هذه الأمّة الإسلامية بالتوحيد، التوحيد في كلّ ضروبها وأحوالها، وفي كلّ عبادتها واجتماعها، فربّها واحد.. ونبيّها واحد.. وقبلتها واحدة.. قال جلّ وعلا: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ﴾ [محمد: 19]. وأمّتها واحدة مرتبطة بالسابقين واللاحقين من المؤمنين.. قال جلّ وعلا: ﴿إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾ [الأنبياء: 92]. وأوصال هذه الوحدة العقائديّة مرتبطة بالوحدة العضويّة الاجتماعيّة التي تجعلهم كالجسد الواحد إذا اشتكى عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمّى، كما في الحديث: “مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى”([1])، فالوحدة العقائديّة تستلزم الوحدة العضويّة والاجتماعيّة.

وكذلك لا بدّ أن تصاحبهما الولاية بعضهم لبعض، قال الحقّ جلّ وعلا: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 71].

فهي ولاية في كلّ حال وفي كلّ أمر فيه طاعة لله عز وجل ولرسوله ﷺ، وإنّ تحقيقها مؤدٍّ لرحمة الله العزيز الحكيم، ويا لها من مكافأة لا تعدلها مكافأة، وقال الحق: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَّنَصَرُوا أُولَٰئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُم مِّن وَلَايَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّىٰ يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ * وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَّنَصَرُوا أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا ۚ لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾ [الأنفال: 72- 74]. فهذه الآيات الكريمات توجب التناصر والمولاة بين المؤمنين وبعضهم لبعض كما قال المفسّرون([2]) وهذا يشمل كلّ ما جاء في المولاة والتناصر، وكلّ ما جاء في البراءة من غيرهم وعدم موالاتهم، قال الكيا الهراسي: “وفي نفي الولاية، دليل على قطع الولاية بينهما في المال والنفس جميعًا”([3]).

الفرع الثاني: مجالات النصرة

يمكن تقسيم مجالات النصرة بتقسيم حاصر من حيث الوجود إلى جانبين:

  • النصرة من جانب الوجود: ويقصد به جانب وجود النصرة وجلبها وتحقيقها.
  • النصرة من جانب العدم: ويقصد بذلك درء كلّ ما يؤدّي إلى الخذلان وعدم النصرة.

وكلّ جانب من الجانبين ينقسم باعتبار الذات إلى ناحيتين:

  • الناحية المادّيّة: ويقصد بها كلّ ما له أثر حسّيّ، فيدخل فيها النصرة بالمال، والنصرة بالرجال، والنصرة بالمقاطعة الاقتصاديّة وعدم بيع البضائع والمواد.
  • الناحية المعنويّة: ويقصد بها ما له أثر لكنّه ليس حسّيًّا مادّيًّا، مثل: النصرة بالكلمة، والنصرة في الإعلام، والنصرة في كشف إجرام الصهاينة، والنصرة في كشف المتعاملين مع العدوّ الصهيوني والداعمين له وإساءة وجوههم.

 

وعند الجمع بين التقسيمين تتكوّن عندنا مجالات النصرة بشكل عامّ، وهي كما يأتي:

  • النصرة من حيث الوجود المادّيّ، وذلك من خلال النصرة بالمال وبالمواد العينيّة، والنصرة بالرجال وأصحاب الخبرات والكفاءات كالأطبّاء والمهندسين والعسكريّين وغيرهم ممّن يحتاج إليهم.
  • النصرة من حيث الوجود المعنويّ، وذلك من خلال النصرة بالكلمة والإعلام، وتوعية الأمّة ونخبها بواجباتها في النصرة والإمداد.
  • النصرة من حيث العدم المادّيّ، وذلك من خلال المقاطعة بكلّ أشكالها، ومنها المقاطعة الاقتصاديّة.
  • النصرة من حيث العدم المعنويّ، وذلك من خلال الترويج لثقافة المقاطعة بكلّ أشكالها، وبيان خطورة الخذلان.

فكما تبيّن فإنّ المقاطعة الاقتصاديّة نوع من النصرة من حيث العدم من الناحيتين المادّيّة والمعنويّة، حيث تدخل في الناحية المادّيّة باعتبار منع التعامل الاقتصاديّ مع الكيان المحتلّ وشركاته وشركات الدول الداعمة له والشركات الداعمة له في كل مكان، وفي ذلك تأثير مادّيّ ملموس حيث سيقلّ حجم التعامل مع هذه الشركات بيعًا وشراء وتعاملًا وسيقلّ عدد المتعاملين معها، وتدخل الناحية المعنويّة باعتبار ما يجب أن يترافق مع المقاطعة من إعلام وإعلان وإساءة لوجه المتعاملين مع الكيان الصهيونيّ وشركاته والشركات الداعمة له وفضحهم.

المطلب الثاني: مجالات المقاطعة عمومًا:

تأسيسًا على ما سبق ذكره حول المجالات الشموليّة للنصرة، وكون المقاطعة من مجالات النصرة، فإنّنا يمكن أن ننظر إلى المقاطعة بنظر شموليّ، حيث يمكن تصوّر أنواع عديدة من المقاطعة، وفيما يأتي بيان أهمّها:

  • المقاطعة السياسيّة
  • المقاطعة الاقتصاديّة
  • المقاطعة العلمية والتعليمية والثقافية
  • المقاطعة الصحية
  • المقاطعة الاجتماعية
  • المقاطعة الرياضية
  • المقاطعة الإعلامية
  • المقاطعة السلوكية

المطلب الثالث: مفهوم المقاطعة الاقتصادية، ومجالاتها، وأبعادها.

الفرع الأول: مفهوم المقاطعة الاقتصادية للكيان الصهيوني وداعميه

تعريف الاقتصاد في اللغة: الاقتصاد في اللغة يدلّ على: استقامة الطريق، وخلاف الإفراط، وهو ما بين الإسراف والتقتير([4])، والتوسّط في الأمور.

تعريف الاقتصاد في اصطلاح الاقتصاديين: عرّفه الدكتور أحمد فهمي: “العلم بالقوانين التي تنظّم الثروة من حيث إنتاجها واستبدالها وتوزيعها واستهلاكها وصيانتها على وجه يسدّ حاجة الشعب والدولة”([5]).

تعريف المقاطعة في اللغة:

المقاطعة في اللغة من الجذر قطع، وهو كما قال ابن فارس: “أصل صحيح واحد، يدل على صرمٍ وإبانة شيءٍ من شيءٍ”([6])، فمرجع المقاطعة إلى الهجر وعدم الاتّصال والخنق، وقطعت الصديق قطيعةً هجرته، وقطعته عن حقّه منعته، وبينهما رحم قطعاء إذ لم توصل([7]).

تعريف المقاطعة اصطلاحًا:

عرّف مصطلح المقاطعة في المعجم الوسيط بأنّه: “الامتناع عن معاملة الآخرين اقتصاديًّا أو اجتماعيًّا وفق نظام جماعي مرسوم”([8]).

تعريف المقاطعة الاقتصاديّة في اصطلاح الاقتصاديين:

عرفت المقاطعة الاقتصادية في الموسوعة الاقتصادية بأنّها: “سحب كلّ العلاقات، ورفض التفاوض في أيّ معاملات تجارية”([9]).

مفهوم المقاطعة الاقتصادية للكيان الصهيوني وداعميه:

المقاطعة الاقتصادية للكيان الصهيوني: هي إجراء فردي وجماعي بالامتناع عن أيّ تعامل تجاريّ مع الكيان الصهيوني وشركاته والشركات الداعمة له في أيّ مكان.

الفرع الثاني: أهميّة المقاطعة، والأمثلة التاريخيّة عليها:

تعدّ المقاطعة عمومًا في فحواها الاجتماعية فعلًا إنسانيًّا يقصد به: التأديب والضغط وفرض الإرادة على الآخر، ومن أهمّ مجالاتها: المقاطعة الاقتصادية، والتي تعدّ من أقوى أسلحة الضغط، فهي سلاح فعّال في مواجهة العدو الصهيوني وداعميه، وممّا يدلّ على أثر هذا السلاح أن رئيس وزراء الكيان الصهيوني أعاد ذكر اسم منظّمة “بي دي إس” (والتي تعني: مقاطعة، سحب استثمار، وعقوبات – وهي من التنظيمات الشعبيّة المنتشرة في العالم، والتي تعمل على المقاطعة الاقتصاديّة للكيان الصهيوني-) أكثر من 15 مرة في خطاب له في أمريكا، وقد استخدم النبي ﷺ سلاح الحرب الاقتصادية مع يهود بعد اعتداء اليهودي على المرأة المسلمة في سوق بني قينقاع حيث عاقبهم النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بالمقاطعة الاقتصاديّة ثم الحصار والإجلاء، فقد كان سوق بني قينقاع أكبر سوق في المدينة ولم يكن للمسلمين أيّ سوق فيها، فقام النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بإنشاء سوق إسلاميّة لأهل المدينة وجعلها في مكان مركزيّ بحيث تستقبل التجّار من خارج المدينة من الجهات كافّة في مكان واسع في طرف المدينة، فقد روي عن صالح بن كيسان قال: “ضرب رسول اللَّه ﷺ في موضع النبيط، فقال: هذا سوقكم، فأقبل كعب بن الأشرف، فدخلها، وقطع أطنابها([10])، فقال ﷺ لا جرم، لأنقلنها إلى موضع هو أغيظ له من هذا، فنقلها إلى موضع سوق المدينة، ثمّ قال: هذا سوقكم، لا يحجر، ولا يضرب عليه الخراج”([11]) ومن الملاحظ هنا ما قام به كعب بن الأشرف وهو من زعماء يهود بني النضير من قطع أطناب خيمة السوق، حيث أدرك أن هذا السوق سيكون له أثر بالغ على أسواق يهود في المدينة حيث كانت أسواقهم وبشكل خاصّ سوق قينقاع هي الأسواق الوحيدة في المدينة، فقام النبيّ ﷺ بنقلها إلى مكان أغيظ له من المكان الأوّل، ثمّ يلاحظ أيضًا أنّ سوق المدينة الإسلاميّ كان سوقاً مفتوحًا لا يحجر ولا تفرض فيه أيّ ضرائب على التجّار، بعكس أسواق يهود، ممّا أدّى إلى كساد تجارة اليهود في المدينة المنوّرة.

وجاء في تاريخ الأمم مثل هذه النوعيّة من المقاطعة، مثل ما جرى بعد الحرب العالمية الثانية (1939 – 1945م) إذ امتنع كثير من الناس في أوروبا من شراء البضائع المصنّعة في ألمانيا، بسبب احتلالها لبلادهم، ومثل ما دعا له المهاتما غاندي بمقاطعة البضائع الأجنبيّة بإحراقها علنًا في بومباي ضمن سلسلة من أعمال الاحتجاج ضد الاستعمار البريطاني للهند، ومن أمثلة المقاطعة الاقتصاديّة: أنّ معظم الدول العربية كانت تقاطع الكيان الصهيوني بسبب احتلاله لأرض فلسطين المسلمة لا سيّما ما قام به الملك فيصل من استخدام سلاح المقاطعة الاقتصادية بشكل مؤثّر، في أعقاب حرب 1967م وحرب 1973م، فبعد يومين من نشوب الحرب الأولى، أعلن حظر البترول السعوديّ عن بريطانيا والولايات المتّحدة، وعلى إثر نشوب حرب 1973م تزعّم حركة الحظر البتروليّ الذي شمل دول الخليج، فكان لهذا الحظر أثره في توجيه المعركة.

وقد كان للمقاطعة الاقتصادية للشركات الصهيونية أو الداعمة للصهاينة التي ابتدأت منذ ما بعد السابع من أكتوبر من العام 2024م بسبب الحرب على غزة أثر بالغ، فعلى سبيل المثال أعلنت شركة “ماكدونالدز” فشلها في تحقيق مبيعاتها المستهدفة لأوّل مرّة منذ 4 سنوات، وقد خسرت نحو 7 مليارات دولار من قيمتها في يوم واحد بعد إعلان مديرها المالي (إيان بوردن) عن استمرار تأثير المقاطعة في المنطقة العربية والعالم الإسلامي على المبيعات خلال العام الحالي[12]، وتواصل شركة (ستاربكس) الأمريكية على سبيل المثال، خسائرها مع تزايد مخاوف المستثمرين بشأن تباطؤ المبيعات، بعد تكبدها خسائر بأكثر من 12 مليار دولار خلال 20 يومًا فقط[13].

وبينت حملة (بي دي إس)، أنّ حملات المقاطعة وسحب الاستثمارات أدّت سابقًا إلى إقدام شركات كبرى مثل (فيوليا) (Veolia)، و(أورانج) (Orange)، و(سي آر إتش) (CRH)، على إنهاء تورّطها في المشاريع الصهيونية كلّيًّا، كما أدّت إلى سحب مجموعة واسعة من المستثمرين لاستثماراتهم من الشركات الصهيونية، وكذلك من الشركات العالمية المتواطئة[14]. ويتخوّف الاحتلال الصهيوني من توسّع حملات المقاطعة، حتى إنّ وزير الأمن العام والشؤون الاستراتيجيّة السابق (جلعاد أرادان) قال خلال كلمة ألقاها في مؤتمر لحزب اللكود عام 2017، إنّهم انتقلوا من “حالة الدفاع إلى الهجوم”[15]. فهذا كلّه يدلّ بشكل قطعيّ على كون سلاح المقاطعة من الأسلحة الفعّالة التي لها أثر بالغ على الكيان المحتل وداعميه.

الفرع الثالث: مجالات المقاطعة الاقتصادية:

للمقاطعة الاقتصادية مجالات متعدّدة تتوسّع بحسب موارد العدوّ وما يعتمد عليه، وما يخشى منه، ومن هذه المجالات:

  • الامتناع عن الشراء منهم ومن الشركات الداعمة لهم ومن شركات الدول المؤيّدة لهم، والبيع لهم ولهذه الشركات.
  • الامتناع عن التعامل الاقتصاديّ معهم عن طريق أيّ نوع من أنواع العقود ومع الشركات الداعمة لهم.
  • التحذير من التعامل معهم ومع شركاتهم ومع الشركات الداعمة لهم وشركات الدول الداعمة لهم، وبيان حرمة ذلك شرعًا مع ضرورة المقاطعة عقلًا والمصالح المترتّبة عليها للبلدان الإسلاميّة.
  • الحرب الإعلامية، والتقليل من شأن التجارة معهم وبيان مفاسدها العامّة والخاصّة.
  • إيجاد الأسواق المقاطعة للعدو الصهيوني وشركاته ولسلع الشركات الداعمة له.
  • إيجاد التجارة المستقلة البديلة، في المنتجات والبضائع والسلع والمواد.

المطلب الرابع: أقسام الجهاد في سبيل الله، وموقع المقاطعة الاقتصادية منه.

الفرع الأول: أقسام الجهاد في سبيل الله:

المسألة الأولى: أقسام الجهاد من حيث مجاله:

جهاد النفس والشيطان: وهو بذل الوسع لمخالفة الشهوات والشبهات والتخلّص من أمراض القلوب: ﴿وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ [العنكبوت: 6].

جهاد الحجّة والبيان: وذلك بالدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن عبد الله بن مسعود أنَّ رسول الله ﷺ قال: “مَا مِنْ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللهُ فِي أُمَّةٍ قَبْلِي إِلَّا كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ، وَأَصْحَابٌ يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ، ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ، وَيَفْعَلُونَ مَا لَا يُؤْمَرُونَ، فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الْإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ»([16])

الجهاد بالبدن: وهو القتال في سبيل الله، ويدخل فيه التحريض عليه، والإخبار بثغور العدوّ وإعداد العدّة.

الجهاد بالمال: بتمويل الجهاد، وإعداد الغزاة وآلة السلاح، وإمداد المجاهدين بكلّ ما يحتاجون إليه، والتكفّل بأسرهم، قال جلَّ وعلا: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ[الحجرات: 15]. وقد قدّم الجهاد بالمال على النفس في القرآن في معظم مواضعه؛ لأهمّيّته وضرورته، ولكنّه لا يرقى إلى مرتبة الجهاد بالنفس كما قال الإمام ابن قيّم الجوزيّة: “فإذا بذلوا محبوبهم في حبّه نقلهم إلى مرتبة أخرى أكمل منها، وهي بذل نفوسهم له، فهذا غاية الحبّ، فإنّ الإنسان لا شيء أحبّ إليه من نفسه، فإذا أحبّ شيئًا بذل له محبوبه من نفسه وماله”([17]).

ونحن في عصر استضعف فيه أهل الإسلام استضعافًا شديدًا، وحيل بين الأمّة وحماية دينها بالبدن بشكل كبير، بيد أنّ مجالات التعاون والتواصي واسعة كما قرأنا في تعريفات الفقهاء، فتجهيز الغزاة له أجر الغزو كما جاء في الحديث: “من جهّز غازيًا في سبيل الله فقد غزا”([18]) لذلك وجّهت الزكاة لإعانة هذه الفريضة الغائبة، بل ذهب عدد من العلماء إلى إعطاء الغازي الغنيّ من هذه الزكاة([19])، وقد تسابق الصحابة في المشاركة بالمال، مثل سيّدنا عثمان -رضي الله عنه- في تجهيز الهجرة وتجهيز جيش العسرة في تبوك، وكذا ذهب الصدّيق -رضي الله عنه- بكلّ ماله، وذهب الفاروق -رضي الله عنه- بنصف ماله، وكذلك كان سيّدنا عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- وكذلك عدد كبير من الأنصار.

المسألة الثانية: أقسام الجهاد في سبيل الله باعتبار حالته وواقعه:

ينقسم الجهاد في سبيل الله باعتبار حالته إلى قسمين:

1-جهاد دفع: وهو الجهاد بالبدن والمال وبكلّ وسيلة إذا دخل العدوّ أيّ جزء من ديار المسلمين أو همّ بدخوله.

2-جهاد طلب: وهو الجهاد بالبدن والمال والكلمة والحجّة وبكلّ وسيلة في حالة قصد جيش الإسلام ديار العدوّ من أجل كسر القيود والحواجز المانعة من نشر دعوة الله وتبليغها للناس، فهو الذي يُطلَب فيه العدوّ في أرضه، ويغزو المسلمون فيه الكفارَ في أرضهم، كما فعل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وفعَلَ الصحابة رضوان الله عليهم مِن بعده، والخلفاء المسلمون من بعدهم.

الفرع الثاني: موقع المقاطعة الاقتصاديّة من الجهاد بالمال:

إنّ الجهاد بالمال يسير في مَسلكين، المسلك الأوّل: داعم لصفّ الجهاد والمجاهدين، فكلّ ما يؤدّي إلى تقوية المجاهدين وتمكينهم من الناحية المادّيّة يدخل في هذا المسلك، والثاني: يتضمّن كلّ ما يؤدّي إلى إضعاف العدوّ ومحاصرته وتجفيف منابع تمويله، وذلك من خلال المقاطعة الاقتصاديّة للعدو المجرم ومنع دعمه ومقاطعة كلّ من يدعمه.

فالجهاد بالمال فيه دعم للمجاهدين ولجهازهم الاجتماعي العضوي والإداري والإعلامي. والمقاطعة الاقتصادية فيها قطع للموارد عن صفوف المحاربين، وفيها ضغط حقيقيّ على كلّ من يدعمهم أو يعينهم من أجل إيقاف دعمهم وإعانتهم لهم، فالامتناع الاقتصاديّ عمّا ينفعهم أو يعود بالنفع عليهم هو جهاد منع، كما أنّ الإنفاق جهاد دعم، فالله عزّ وجلّ أمرنا بالإنفاق في سبيل الله لتأييد أهل الحقّ، ومفهوم المخالفة للأمر بالجهاد بالمال، جهاد الكفّار المحاربين بمنع وصول المال والمدد لهم عن طريق مقاطعتهم ومقاطعة كلّ من يدعمهم، فالمقاطعة ما هي إلّا قطع لدابر الكافرين، قال الحقّ جلّ وعلا: ﴿وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ﴾ [الأنفال: 7].

وكما يقوم العدوّ المجرم والدول الداعمة له باتّباع كلّ السبل لتجفيف مصادر تمويل المجاهدين فإنّ من أوجب الواجبات على المسلمين أن يتّبعوا كلّ الأسباب لتجفيف مصادر تمويل العدوّ الصهيونيّ الذي يقتِّل النساء والأطفال والشيوخ، ويدمّر كلّ صور الحياة في غزّة العزّة وعموم فلسطين، وفي المقاطعة تحقيق لجملة من مقاصد الجهاد في سبيل الله من إرهاب العدوّ وإيهان كيده وإذلاله.

وبناء على ما سبق، فإنّ المقاطعة ضرب من ضروب الجهاد، وهي نوع من أنواع الجهاد بالمال في سبيل الله. وبالإضافة إلى كون المقاطعة من ضروب الجهاد بالمال ففيها تربية لأبناء الأمّة الإسلاميّة على التحرّر، وفيها استعادة للسيادة والسلطة لأمّة الإسلام،؛ لأنّه لا يقصد بالمقاطعة مجرّد الفعل السلبيّ بعدم التعامل بل لا بدّ أن يكون مع ذلك فعل إيجابيّ بإنشاء الأسواق الإسلاميّة والمنتجات الإسلاميّة البديلة، قال العلّامة الشيخ يوسف القرضاوي رحمه الله: “على أنّ في المقاطعة معاني أخرى غير المعنى الاقتصادي: أنّها تربية للأمّة من جديد على التحرّر من العبوديّة لأدوات الآخرين … وهي إعلان عن أخوّة الإسلام، ووحدة أمّته، وأنّنا لن نخون إخواننا الذين يقدّمون الضحايا كلّ يوم، بالإسهام في إرباح أعدائهم. وهي لون من المقاومة السلبيّة، يضاف إلى رصيد المقاومة الإيجابيّة، التي يقوم بها الإخوة في أرض النبوّات، أرض الرباط والجهاد. وإذا كان كلّ يهوديّ يعتبر نفسه مجنّدًا لنصرة الكيان الصهيونيّ بكلّ ما يقدر عليه، فإنّ كلّ مسلم في أنحاء الأرض مجنّد لتحرير الأقصى، ومساعدة أهله بكلّ ما يمكنه من نفس ومال. وأدناه مقاطعة بضائع الأعداء. وقد قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ﴾ [ سورة الأنفال: 73]»([20])

المطلب الخامس: مشروعيّة المقاطعة الاقتصادية

قضيّة التعامل الاقتصادي مع الصهاينة المحتلّين والمقاطعة الاقتصادية للكيان المحتلّ ولشركاته وللشركات الداعمة له من القضايا المستجدّة التي تحتاج اجتهادًا جديدًا بسبب ما يحيط بها من ظروف وأحوال مستجدّة، وذلك بعد بيان الأدلّة التي تدلّ على مشروعيّة المقاطعة عمومًا، وبيان أقوال الفقهاء حول أحكام مقاطعة العدوّ المحارب.

وقد دلّت الأدلّة من القرآن، والسنّة، والإجماع، وشرع من قبلنا، والاستصلاح، وسدّ الذرائع على مشروعيّة المقاطعة الاقتصاديّة:

أوّلًا: النصوص من الكتاب والسنّة:

أوّلًا: الأدلّة من كتاب الله تعالى:

من النصوص الدالّة على مشروعيّة المقاطعة الاقتصاديّة ما يأتي:

  • في قوله جل وعلا: ﴿إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [سورة الممتحنة: 9]. قال الشافعي: “وكانت الصّلة بالمال، والبرّ، والإقساط، ولين الكلام، والمراسلة: بحكم الله، غير ما نهوا عنه: من الولاية لمن نهوا عن ولايته: مع المظاهرة على المسلمين، وذلك: أنّه أباح برّ من لم يظاهر عليهم: من المشركين، والإقساط إليهم… (ثمّ) ذكر الذين ظاهروا عليهم، فنهاهم: عن ولايتهم. وكأنّ الولاية: غير البرّ والإقساط”([21]).

          وجه الاستدلال: قتال المسلمين وإخراجهم من ديارهم والمظاهرة عليهم يوجب البراء ممّن قاتلهم وأخرجهم، وقد فعل اليهود في غزة والقدس والضفّة أكثر من هذا، فمقاطعتهم اقتصاديًّا من البراء من الكافرين، والبر بالمؤمنين.

  • قوله تعالى: ﴿مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ﴾ [سورة الحشر: 5]. أخرج البخاريّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: “حَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَقَطَعَ، وَهِيَ البُوَيْرَةُ” فَنَزَلَتْ: ﴿مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ﴾”([22]).

         وجه الاستدلال: كان النخيل من موارد العدوّ التي تموّلهم وتقوّيهم، ولمّا رأوا النخل والعجوة منها وهي تقطع جزعوا جزعًا شديدًا، ومن شدّة هذا الأمر عليهم أرسلوا إلى النبيّ ﷺ يستنكرون هذا الفعل حيث روى الواقدي أنّه أرسل حُيَيّ إلى رسول الله ﷺ: “يا مُحمّد، إنّك كنت تنهَى عن الفساد، لِمَ تقطع النّخل؟”([23]) فبيّنت الآية الكريمة أنّه ليس فسادًا إنّما إصلاحًا من وجه درء الفساد الأكبر لهذا العدوّ الخائن الجبان وإلحاق الخزي به، وفي هذا قال فخر الدين الزيلعي: “ولأنَّ فِي ذَلك كلّه إلحاق الْغَيْظ بِهِم وَكَبتهم وَكَسر شوكتهم وَتَفْرِيقِ شَملهم فَيكون مَشْرُوعًا، وقد قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَلا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ﴾”([24]) وينطبق هذا على حكم المقاطعة، إذ فيها قطع لموارد العدو وما يقوّيهم، وإلحاق الغيظ بهم وكبتهم.

3) قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ۚ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ [التوبة: 73]. قال الإمام الزمخشريّ: “﴿واغلظ عَلَيْهِمْ.. ﴾ في الجهادين جميعًا، ولا تحابِهم”([25]).

وجه الاستدلال: أنّ الله تعالى أوجب على المؤمنين جهاد الكفّار إمّا وجوبًا عينيًّا أو كفائيًّا، ومن المعلوم أنّ في جهادهم استباحة لدمائهم وأموالهم، فإلحاق الضرر بهم عن طريق المقاطعة الاقتصاديّة مشروع من باب أولى([26]).

4) قوله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الْأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُوا عَن رَّسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [التوبة: 120].

وجه الاستدلال: في المقاطعة الاقتصادية نَيْلٌ من الكفّار وإغاظة لهم، وما كان كذلك فهو محبوب إلى الله تعالى.

ثانيًا: الأدلّة من السنّة النبويّة الشريفة:

1- أخرج البخاري -رحمه الله- في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: “بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي المَسْجِدِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: “مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟” فَقَالَ: عِنْدِي خَيْرٌ يَا مُحَمَّدُ، إِنْ تَقْتُلْنِي تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ المَالَ فَسَلْ مِنْهُ مَا شِئْتَ، فَتُرِكَ حَتَّى كَانَ الغَدُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: “مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟”، قَالَ: مَا قُلْتُ لَكَ: إِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، فَتَرَكَهُ حَتَّى كَانَ بَعْدَ الغَدِ، فَقَالَ: “مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟” فَقَالَ: عِنْدِي مَا قُلْتُ لَكَ، فَقَالَ: “أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ”، فَانْطَلَقَ إِلَى نَجْلٍ قَرِيبٍ مِنَ المَسْجِدِ، فَاغْتَسَلَ ثُمَّ دَخَلَ المَسْجِدَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، يَا مُحَمَّدُ، وَاللَّهِ مَا كَانَ عَلَى الأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ وَجْهِكَ، فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الوُجُوهِ إِلَيَّ، وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ دِينٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ دِينِكَ، فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيَّ، وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَبْغَضُ إِلَيَّ مِنْ بَلَدِكَ، فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ البِلاَدِ إِلَيَّ، وَإِنَّ خَيْلَكَ أَخَذَتْنِي وَأَنَا أُرِيدُ العُمْرَةَ، فَمَاذَا تَرَى؟ فَبَشَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ، فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ قَالَ لَهُ قَائِلٌ: صَبَوْتَ، قَالَ: لاَ، وَلَكِنْ أَسْلَمْتُ مَعَ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَلاَ وَاللَّهِ، لاَ يَأْتِيكُمْ مِنَ اليَمَامَةِ حَبَّةُ حِنْطَةٍ، حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ”([27]) وفي رواية عند البيهقي مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قال ثمامة لأهل مكة: “إنّي، والله، ما صبوت، ولكنّي أسلمت وصدقت محمّدًا، وآمنت به، وايم الذي نفس ثمامة بيده لا يأتيكم حبّة من اليمامة، وكانت ريف مكّة، ما بقيت حتّى يأذن فيها محمّد صلّى الله عليه وسلّم. وانصرف إلى بلده، ومنع الحمل إلى مكّة حتّى جهدت قريش، فكتبوا إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يسألونه بأرحامهم أن يكتب إلى ثمامة يخلي إليهم حمل الطعام، ففعل رسول الله ﷺ”([28]).

وجه الاستدلال: في قول ثمامة رضي الله عنه: “وَاللَّهِ، لاَ يَأْتِيكُمْ مِنَ اليَمَامَةِ حَبَّةُ حِنْطَةٍ، حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا النَّبِيُّ ﷺ” فقد أقسم ثمامة -رضي الله عنه- بأنّه سيمنع بيع الحربيّين الحنطة وغيرها، وهذا التهديد صورة من صور المقاطعة، قال ابن هبيرة في تعليقه على الحديث: “فيه.. جواز قطع المادة عن المشركين حتى يفيئوا إلى أمر الله”([29]) ولو كان هذا الفعل غير مشروع لما أقرّه النبيّ ﷺ عليه، ثمّ إنّ ثمامة -رضي الله عنه- جعل أمر المقاطعة وإنهاءها بيد النبيّ ﷺ، وفي أمر النبيّ ﷺ لثمامة بإنهاء المقاطعة بعد أن جهدت قريش وطلبت منه ﷺ إيقاف المقاطعة دلالة على ما هو أعلى من مجرّد الإقرار، فهو يدلّ على اتّفاق ثمامة -رضي الله عنه- مع النبيّ ﷺ وجعل الأمر إليه، ويدلّ أيضًا على أثر المقاطعة، وأنّ فيها إذلال للعدوّ حتّى يصل به الأمر إلى التوسّل من أجل إنهاء المقاطعة، ولا يصحّ الاحتجاج بطلب النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- من ثمامة إنهاء المقاطعة على عدم مشروعيّتها؛ لأنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلّم- لم يطلب من ثمامة إنهاء المقاطعة إلّا بعد أن تحقّق المقصود منها، ولأنّ ذلك حصل بعد توسّل قريش للنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، وهذا يدلّ على تنازلهم وضعفهم، وأنّ أمر اقتصادهم صار بيد الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- فتحًا وإغلاقًا.

2- ما جاء في سرايا النبي وغزواته ﷺ لاعتراض قوافل قريش التجاريّة، إذ بعث النبيّ ﷺ سعد بن أبي وقّاص فقال: “اخرج يا سعد حتّى تبلغ الخرّار؛ فإن عيرًا لقريش ستمرّ بك”([30])، وغزا بنفسه في غزوة الأبواء، وخرج في المهاجرين خاصّة يعترض عيرًا لقريش، وغزا أيضًا في غزوة بواط، وخرج ﷺ في مائتين من أصحابه يعترض عيرًا لقريش([31])، وخرج ﷺ لغزوة العشيرة بخميس ومائة من أصحابه وقيل في مائتين من المهاجرين، وخرجوا على ثلاثين بعيرًا يعتقبونها يعترضون عيرًا لقريش ذاهبة إلى الشام، وقد كان جاءه الخبر بفصولها من مكّة فيها أموال قريش([32])، وكان من أسباب غزوة بدر الكبرى طلبه ﷺ عير أبي سفيان التي كانت تحمل أموال قريش، فلمّا سمِع رسولُ اللهِ ﷺ بأبي سفيانَ مُقبِلًا من الشّامِ ندب المسلمين إليهم، وقال: “هذه عيرُ قريشٍ فيها أموالُهم، فاخرجوا إليها لعلَّ اللهَ أن يُنفلكموها”([33]).

وجه الاستدلال: ما فعله النبيّ ﷺ من قطع الطريق على تجارة المشركين، ومن السيطرة على قوافلهم ومنع وصولها لهم، يمثّل صورة متقدّمة من صور المقاطعة الاقتصادية.

3- إقرار النبي ﷺ لأبي بصير تكوين عصابة ممّن أسلموا من قريش واعتراضهم لأيّ بعير خارج من قريش إلى الشام، فكما في نصّ رواية البخاري رحمه الله: “فَجاءَ أبو بَصِيرٍ فَقالَ: يا نَبِيَّ اللَّهِ، قدْ -واللَّهِ- أوْفى اللَّهُ ذِمَّتَكَ؛ قدْ رَدَدْتَنِي إليهِم، ثُمَّ أنْجانِي اللَّهُ منهمْ، قالَ النَّبيُّ ﷺ: ويْلُ أُمِّهِ مِسْعَرَ حَرْبٍ! لو كانَ له أحَدٌ. فَلَمّا سَمِعَ ذلكَ عَرَفَ أنَّه سَيَرُدُّهُ إليهِم، فَخَرَجَ حتّى أتى سِيفَ البَحْرِ، قالَ: ويَنْفَلِتُ منهمْ أبو جَنْدَلِ بنُ سُهَيْلٍ، فَلَحِقَ بأَبِي بَصِيرٍ، فَجَعَلَ لا يَخْرُجُ مِن قُرَيْشٍ رَجُلٌ قدْ أسْلَمَ إلّا لَحِقَ بأَبِي بَصِيرٍ، حتّى اجْتَمعتْ منهمْ عِصابَةٌ، فَواللَّهِ ما يَسْمَعُونَ بِعِيرٍ خَرَجَتْ لِقُرَيْشٍ إلى الشَّأْمِ إلّا اعْتَرَضُوا لَها، فَقَتَلُوهُمْ وأَخَذُوا أمْوالَهُمْ”([34]).

وجه الاستدلال: إقراره ﷺ لصحابته بأخذ مال الحربيّين وقتلهم، انتصارًا للديانة، وضبطًا للسياسة، وهذا فيه الإفادة بقطع المعاملات التجارية وترسيخ للمقاطعة الاقتصادية.

ثالثًا: الإجماع:

اتّفق علماء الأئمّة الأربعة على عدم بيع ما يتقوّى به العدوّ على المسلمين، ونقل النوويّ الإجماع في مسألة بيع السلاح للحربيّين، فقال: “وَأَمَّا بَيْعُ السِّلَاحِ لِأَهْلِ الْحَرْبِ فَحَرَامٌ بِالْإِجْمَاعِ”([35]).

 رابعًا: شرع من قبلنا:

قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَّكُم مِّنْ أَبِيكُمْ ۚ أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنزِلِينَ * فَإِن لَّمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلَا كَيْلَ لَكُمْ عِندِي وَلَا تَقْرَبُونِ﴾ [يوسف: 59-60]. قال النسفي: “أي فإن لم تأتوني به تحرموا ولا تقربوا فهو داخل في حكم الجزاء”([36]).

وجه الاستدلال: هذا كلام نبي الله يوسف عليه السلام، ويدخل ضمن شرع من قبلنا، والجمهور على قبوله ما لم يخالف شرعنا، وهذا يدلّ على مشروعيّة منع الكيل لتحقيق مصلحة المسلمين ودرء مفسدة عدوان العدوّ عليهم، فكيف إذا كان هذا العدو مغتصبًا لأقدس مقدّساتهم مع سفكه لدماء الأطفال والنساء والشيوخ وعموم الفلسطينيين.

خامسًا: الاستصلاح والمقاطعة الاقتصادية:

قضيّة المقاطعة تدور حول التعامل الاقتصادي مع العدوّ بيعًا وشراء وغير ذلك من أنواع العقود، ومآل هذا التعامل من المصالح والمفاسد، وعند النظر في مآلات التعامل الاقتصادي مع العدوّ المجرم يتبيّن لنا أنّ هذا التعامل يقوّي العدو ويمكّنه من مواصلة العدوان، بل قد يكون فيه دعم عسكريّ لهذا العدوّ المجرم، وفي هذا مفسدة كبيرة واضحة مخلّة بالضروريّ العامّ من حفظ الدين والنفس والمال، والمصلحة في ذلك إن كانت هنالك مصلحة وهي ليست من المصالح المعتبرة أو المرسلة في النظر الشرعيّ بل هي مصلحة ملغاة متوهّمة، فهي مصلحة خاصّة بفئة قليلة من التجّار والمستهلكين، ولا تعدو مرتبة التحسينيّ من حفظ المال إذا سلّمنا جدلًا باعتبارها.

سادسًا: سدّ الذرائع والمقاطعة الاقتصادية:

ربط العلماء، وبشكل خاصّ علماء المالكيّة، قضية التعامل الاقتصاديّ مع الكفّار بمآل المعاملة وأثرها على الإسلام والمسلمين بحيث لا تؤدّي إلى ظهور الكافرين على المؤمنين أو تقويتهم أو تمكينهم، فمنعوا بيع النصارى ممّا له علاقة بالإعانة على شيء من دينهم، ومن مثال هذا بيعهم اللحوم والأدم والثياب فيما يستخدمونه في أعيادهم؛ لأنّه من التعظيم لشركهم وعونهم على كفرهم، قال ابن الحاج: “لا يحلّ للمسلمين أن يبيعوا للنصارى شيئًا من مصلحة عيدهم، لا لحمًا ولا إدامًا ولا ثوبًا، ولا يعارون دابّة، ولا يعانون على شيء من دينهم؛ لأنّ ذلك من التعظيم لشركهم وعونهم على كفرهم، وينبغي للسلاطين أن ينهوا المسلمين عن ذلك، وهو قول مالك وغيره لم أعلم أحدًا اختلف في ذلك([37])، وقد استدلّوا بسدّ الذرائع أيضًا في تحريم بيع الحربيّين ما يتقوّون به من سلاح وطعام وسلع: قال الإمام الحطّاب: “يحرّم بيع الحربيّين آلة الحرب من سلاح أو كراع أو سروج أو غيرها ممّا يتقوّون به في الحرب من نحاس، وخرثي… وآلة السفر وماعونه… وأمّا بيع الطعام فقال ابن يونس عن ابن حبيب يجوز في الهدنة، وأمّا في غير الهدنة فلا قاله ابن الماجشون”([38]) ثمّ قال بعد أن أورد صورًا أخرى من صور المحرّمات: “والمذهب في هذا سدّ الذرائع”([39]).

هذا، وإذا نظرنا في قضيّة التعامل الاقتصاديّ مع الصهاينة المحتلّين وشركاتهم والشركات الداعمة لهم، فسنجد أنّ تحريم التعامل معهم أولى ممّا أورده الفقهاء من صور التحريم سدًّا للذريعة، فالتعامل معهم يفضي إلى تمكينهم وتقويتهم وتطويل أمد الحرب على المسلمين المستضعفين في غزة وفي عموم فلسطين، ويفضي إلى صبر المجتمع الصهيونيّ وتحمّله وهو مجتمع مترف لا يحتمل انقطاع المؤن والغذاء والموادّ المختلفة أو تضاعف أسعارها، وهذا فيه عون على الفساد في الأرض وما ينجم عن هذا من تدمير العمران وقتل العباد ونشر الفساد في الأرض، فالتعامل معهم يؤدّي إلى مفسدة عظيمة في الدين والنفس والمال، وهو مفضٍ إلى الحرام والفساد، وقد قال ابن تيميّة رحمه الله: “الذرائع إذا كانت تفضي إلى المحرّم غالبًا فإنّه يحرمها مطلقا”([40]). وقال ابن القيّم رحمه الله: “إذا حَرَّمَ الربُّ تعالى شيئًا وله طرق ووسائل تُفْضِي إليه فإنّه يحرّمها ويمنع منها، تحقيقًا لتحريمه، وتثبيتًا له، ومنعًا أن يقرب حِمَاه، ولو أباح الوسائل والذرائع المُفْضِية إليه لكان ذلك نقضًا للتحريم، وإغراءً للنفوس به”([41]).

المطلب السادس: أحكام المعاملات الماليّة مع الكفّار

الفرع الأوّل: حكم التعامل الاقتصادي مع الكفار غير الحربيّين:

اتّفقت المذاهب الأربعة على جواز المعاملات الماليّة مع الكفار غير الحربيّين، واتّفقوا على مقاطعتهم في أنواع التعامل إذا كانوا حربيّين([42]) قال النووي رحمه الله: “وقد أجمع المسلمون على جواز معاملة أهل الذمّة وغيرهم من الكفّار إذا لم يتحقّق تحريم ما معه، لكن لا يجوز للمسلم أن يبيع أهل الحرب سلاحًا، ولا ما يستعينون به في إقامة دينهم، ولا بيع مصحف، ولا العبد المسلم لكافر مطلقًا، والله أعلم»([43]).

ومن الأدلّة على ذلك ما يأتي:

قوله جلّ وعلا: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: 275]. وقد ثبت تعامل النبيّ ﷺ وأصحابه مع يهود المدينة حينما كانوا من أهل العهد، وشملت المعاملة كلّ مضامين العلاقة التجارية، من بيع وشراء، ورهن. وقد تعامل النبي ﷺ مع آحاد المشركين في الشراء، فقد أخرج البخاري في صحيحه عن عبد الرحمن بن أبي بكرٍ رضي الله عنهما قال: “كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ مُشْرِكٌ مُشْعَانٌّ طَوِيلٌ بِغَنَمٍ يَسُوقُهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: “بَيْعًا أَمْ عَطِيَّةً؟ – أَوْ قَالَ: – أَمْ هِبَةً “، قَالَ: لاَ، بَلْ بَيْعٌ، فَاشْتَرَى مِنْهُ شَاةً”([44])،

ووجه الاستدلال: أحلّ الله عزّ وجلّ البيع وهذا حكم عامّ يحتمل التخصيص. ووقوع البيع بين النبيّ ﷺ وبين المشرك دليل على إباحة التعامل إلّا أن تكون هنالك مفسدة مترتّبة عليه، وفي هذا قال ابن بطّال رحمه الله: “الشراء والبيع من الكفّار كلّهم جائز إلّا أنّ أهل الحرب لا يباع منهم ما يستعينون به على إهلاك المسلمين من العدّة والسلاح، ولا ما يقوون به عليهم”([45])، ولا يصحّ الاستدلال بتعامل النبيّ ﷺ مع هذا المشرك في إباحة التعامل مع الكفّار الحربيّين المعتدين، وذلك لأنّ هذ المشرك من مشركي العرب وهؤلاء وإن كانوا كفّارًا حربيّين إلّا أنّهم لم يحتلّوا جزءًا من ديار الإسلام، فلا يقاس التعامل معهم على التعامل مع الكفّار الحربيّين المحتلّين.

الفرع الثاني: حكم التعامل الاقتصاديّ مع الكفّار الحربيّين:

الحربيّون هم غير المسلمين الذين لم يدخلوا في عقد الذمّة ولا يتمتّعون بأمان المسلمين وعهدهم([46])، وقد انعقد الإجماع على حرمة التعامل مع الكفّار الحربيّين فيما يتقوّون به على المسلمين، وبشكل خاصّ فيما يستخدم في السلاح والعدّة وحمل الجند([47])، وتفصيل الأقوال في الآتي:

  • المذهب الحنفي:

يرى الحنفيّة بأنّ التعامل الاقتصاديّ مع الحربيّين مكروه، وهو محرّم إذا كان في ذلك تقوية لهم على المسلمين بأيّ شيء يتقوّون به، والتحريم عندهم في ذلك سواء في حالتي الحرب والموادعة، قال الإمام المرغيناني: “ولا ينبغي أن يباع السلاح من أهل الحرب، ولا يجهز إليهم؛ لأنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- نهى عن بيع السلاح من أهل الحرب وحمله إليهم؛ ولأنّ فيه تقويتهم على قتال المسلمين، فيمنع من ذلك، وكذا الكراع لما بيّنّا، وكذا الحديد؛ لأنّه أصل السلاح، وكذا بعد الموادعة؛ لأنّها على شرف النقض”([48]).

  • المذهب المالكيّ:

ذهب المالكيّة إلى حرمة بيع الحربيّين آلة الحرب وكلّ ما يتقوّون به أو يستخدمونه في الحرب، وذهبوا إلى حرمة التعامل الاقتصاديّ مع الحربيّين إذا لم تكن هنالك هدنة سدًا للذريعة([49])، وأباحوا التعامل الاقتصاديّ معهم في الأطعمة في حالة الهدنة، قال الإمام الحطّاب: “يحرم بيع الحربيّين آلة الحرب من سلاح أو كراع أو سروج أو غيرها ممّا يتقوّون به في الحرب من نحاس، وخرثي… وآلة السفر وماعونه… وأمّا بيع الطعام فقال ابن يونس عن ابن حبيب يجوز في الهدنة، وأمّا في غير الهدنة فلا قاله ابن الماجشون” وعن سحنون أنّه “قال: قلت لابن القاسم: هل كان مالك يكره أن يتجر الرجل إلى أرض الحرب؟ قال: نعم، كان يكرهه مالك كراهية شديدة، ويقول: لا يخرج إلى بلادهم حيث تجري أحكام الشرك عليه، قلت لابن القاسم: أرأيت أهل الحرب هل يباعون شيئًا من الأشياء كلّها، كراعًا أو عروضًا أو سلاحًا أو سروجًا أو نحاسًا أو غير ذلك في قول مالك؟ قال: قال مالك: أمّا كلّ ما هو قوّة على أهل الإسلام ممّا يتقوّون به في حروبهم من كراع أو سلاح أو خرثي أو شيئًا ممّا يعلم أنّه قوّة في الحرب من نحاس أو غيره فإنّهم لا يباعون ذلك”([50]).

  • المذهب الشافعي:

ذهب الشافعيّة إلى تحريم بيع السلاح وآلة الحرب لأهل الحرب، وتحريم التعامل معهم بكلّ ما يستعينون به على إقامة دينهم، أو يستعينون به على قتال المسلمين والظهور عليهم، وذهبوا إلى إباحة التعامل معهم في غير عدّة الحرب وغير ما يتقوّون به على المسلمين، قال النوويّ رحمه الله: “وأمّا بيع السلاح لأهل الحرب فحرام بالإجماع، ولو باعهم إيّاه لم ينعقد البيع على المذهب الصحيح، وبه قطع جماهير الأصحاب في الطريقتين… واحتجّوا للمذهب بأنّهم يعدّون السلاح لقتالنا، فالتسليم إليهم معصية، فيصير بائعًا ما يعجز عن تسليمه شرعا فلا ينعقد”([51])، وقال الخطيب الشربيني رحمه الله: “ولا يصحّ شراء الحربيّ سلاحًا، كسيف ورمح أو غيره من عدّة الحرب كدرع وترس…؛ لأنّه يستعين بذلك على قتالنا بخلاف الذمّيّ في دارنا، فإنّه في قبضتنا، وبخلاف عدّة غير الحرب”([52]).

  • المذهب الحنبلي:

ذهب الحنابلة في المذهب إلى تحريم بيع السلاح باعتبار المآل، فكلّ ما يقصد به الحرام حرام، قال ابن قدامة رحمه الله: “الحكم في كلّ ما يقصد به الحرام، كبيع السلاح لأهل الحرب.. حرام، والعقد باطل”([53]).

الفرع الثالث: حكم التعامل الاقتصاديّ مع اليهود الصهاينة:

قبل بيان حكم التعامل الاقتصاديّ مع الصهاينة المحتلّين، لا بدّ من إيراد حكم الجهاد إذا احتلّ العدوّ الكافر جزءًا من ديار الإسلام؛ لأنّ حكم المقاطعة تابع لهذا الأصل ومنبثق عنه.

المسألة الأولى: حكم جهاد الصهاينة المحتلّين بالنفس والمال وبكلّ السبل والوسائل:

أجمع علماء الإسلام على أنّ العدوّ إذا احتلّ شبرًا من بلاد الإسلام أو نزل بأيّ أرض من أراضي المسلمين، فإنّ الجهاد يسمّى في هذه الحالة بالنفير العامّ، ويصبح فرض عين على أهل هذه البلد وعلى من قرب منهم، وإذا عجزوا عن دفع هذا العدوّ فإنّ الفرض العينيّ يعمّ الأقرب فالأقرب من بلاد الإسلام، فبلاد الإسلام كلّها بمنزلة البلدة الواحدة، وإذا لم تتحقّق بهم الكفاية أو تخاذلوا فعندها يصير الجهاد فرض عين على كلّ بلاد الإسلام وعلى كلّ مسلم في الأرض، قال الإمام الماوردي في بيان حكم الجهاد في حالة احتلال العدوّ جزءًا من بلاد الإسلام: “أن يدخل العدوّ بلاد الإسلام ويطأها، فيتعيّن فرض قتاله على أهل البلاد التي وطئها ودخلها، فإن لم يكن بأهلها قدرة على دفعه تعيّن فرض القتال على كافّة المسلمين حتّى ينكشف العدوّ عنهم إلى بلاده”([54])، وقال الكمال ابن الهمام الحنفيّ: “فإن كان بأن هجموا -أيّ الكفار- على بلدة من بلاد المسلمين فيصير من فروض الأعيان.. فيجب على جميع أهل تلك البلدة النفر، وكذا من يقرب منهم إن لم يكن بأهلها كفاية، وكذا من يقرب ممّن يقرب إن لم يكن بمن يقرب كفاية أو تكاسلوا أو عصوا، وهكذا إلى أن يجب على جميع أهل الإسلام شرقًا وغربًا”([55]) وقال الإمام القرطبي: “إذا تعيّن الجهاد بغلبة العدوّ على قطر من الأقطار، أو بحلوله بالعقر، فإذا كان ذلك وجب على جميع أهل تلك الدار أن ينفروا ويخرجوا إليه خفافًا وثقالًا، شبابًا وشيوخًا، كلّ على قدر طاقته، من كان له أب بغير إذنه ومن لا أب له، ولا يتخلّف أحد يقدر على الخروج من مقلّ أو مكثر. فإن عجز أهل تلك البلدة عن القيام بعدوّهم كان على من قاربهم وجاورهم أن يخرجوا على حسب ما لزم أهل تلك البلدة، حتّى يعلموا أنّ فيهم طاقة على القيام بهم ومدافعتهم. وكذلك كلّ من علم بضعفهم عن عدوّهم وعلم أنّه يدركهم ويمكنه غياثهم لزمه أيضًا الخروج إليهم، فالمسلمون كلّهم يد على من سواهم”([56])، وقال الإمام الخرقي: “وواجب على الناس إذا جاء العدوّ أن ينفروا المقلّ منهم والمكثر”([57]) فهذه هي أقوال العلماء، وقد لبّى المجاهدون في غزّة أمر الله سبحانه بالجهاد؛ دفعًا للعدوّ المحتلّ الذي احتلّ المقدّسات، وسفك الدّماء، واستحلّ الحرمات، وأسر الآلاف المؤلّفة من الرجال والنساء والأطفال، فأعدّوا له عدّته ففاجؤوا العدوّ، ودخلوا عليه الباب، وخلطوا عليه كلّ حساباته، لكنّ العدوّ الجبان استعان بالدول العظمى فأمدّوه بجسر جوّيّ متواصل من أحدث الأسلحة والمعدّات الحربيّة مع مساعدة شاملة في الجوانب الاستخباراتية واللوجستية والاستشارية، فاجتمع عليهم مع الكيان الصهيوني حلف عالميّ من الدول العظمى، ولا يمكنهم إيقاف هذا العدوان الوحشيّ، ولا إيقاف ما ترتّب عليه من دمار شامل، وإبادة للمدنيّين العزّل من الأطفال والنساء والعجزة، ولأجل ذلك كلّه، ولأجل اغتصاب هذا العدوّ المجرم لفلسطين منذ أكثر من 75 سنة، فإنّ الجهاد يتحوّل إلى فرض عين في دفعهم على دول الطوق أوّلًا، وحال هذه الدول لا يخفى على ذي عينين، فمنها دول مطبّعة ولا تزال حكوماتها مصرّة على التطبيع مع الكيان المسخ وعلى الاتّفاقيّات الذليلة معه، ومنها دول منشغلة بأحوالها، ففرضيّة الجهاد لا بدّ أن تنتقل إلى من بعدهم، وإذا لم يتمكّن المسلم من الجهاد بنفسه فالفرض المتعيّن عليه أن يجاهد بماله وأن يجاهد بكلّ الوسائل الممكنة، ومنها الجهاد بمقاطعة العدوّ وشركاته والشركات الداعمة له، فالجهاد بالمال تابع لحكم الجهاد، فإذا صار الجهاد متعيّنًا فالجهاد بالمال متعيّن، والمقاطعة الاقتصاديّة جزء من الجهاد بالمال وتأخذ حكمه، فالمقاطعة من الفرض المتعيّن على كلّ مسلم.

قال شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله: “ومن عجز عن الجهاد ببدنه وقدر على الجهاد بماله وجب عليه الجهاد بماله”([58])، وقد ذكر روايتين عن الإمام أحمد، إحداهما يفهم منها أنّ الجهاد بالمال فرض كفاية والأخرى وهي الأصح أنّه فرض عينيّ”([59])، ثمّ قال: “فأمّا إذا هجم العدوّ فلا يبقى للخلاف وجه، فإنّ دفع ضررهم عن الدين والنفس والحرمة واجب إجماعًا”([60]).

المسألة الثانية: نوع النهي الشرعيّ المتعلّق بالمقاطعة الاقتصادية:

قسم علماء الأصول المنهي عنه من حيث متعلقه إلى قسمين رئيسين، وهما:

  • المنهيّ عنه لذاته، ويفهم من كلام الحنفيّة أنّهم يقسمونه إلى قسمين، قال الإمام البزدوي: “النهي المطلق نوعان: نهي عن الأفعال الحسّيّة، مثل: الزنا والقتل وشرب الخمر، ونهي عن التصرّفات الشرعيّة، مثل: الصوم والصلاة والبيع والإجارة وما أشبه ذلك، فالنهي عن الأفعال الحسّيّة دلالة على كونها قبيحة في أنفسها لمعنى في أعيانها بلا خلاف إلّا إذا قام الدليل على خلافه، وأمّا النهي المطلق عن التصرّفات الشرعيّة فيقتضي قبحًا لمعنى في غير المنهيّ عنه لكن متّصلًا به”([61]).
  • المنهيّ عنه لغيره، وينقسم عند التحقيق إلى قسمين([62])، وهما:

أ-المنهيّ عنه لغيره لوصف ملازم للفعل غير منفكّ عنه. وذلك كالنهي عن الصلاة في الأوقات المنهي عنها وفي الأماكن المنهي عنها، وكالنهي عن صيام يومي الفطر والنحر.

ب-المنهيّ عنه لغيره لوصف منفكّ عنه مجاور له، وذلك كالبيع وقت النداء لصلاة الجمعة.

وبناء على هذه التقسيمات فإنّ ما تقتضيه المنهيّات من تحريم أو كراهة يمكن تقسيمها إلى ما يأتي بحسب أقوال العلماء في أقسام المنهي عنه من حيث متعلّقه، فتنقسم كلّ من المحرّمات والمكروهات إلى قسمين عند الجمهور، كما يأتي:

  • تنقسم المحرّمات إلى: محرّمات لذاتها، ومحرّمات لغيرها.
  • تنقسم المكروهات إلى: مكروهات لذاتها، ومكروهات لغيرها.

ولهذه التقسيمات أثر على قاعدتين رئيستين من قواعد باب النهي، وهما: قاعدة: هل يقتضي النهي التحريم أم الكراهة؟ وقاعدة: هل يقتضي النهي البطلان أو الفساد أو لا يقتضي أيًّا منهما؟([63])، وقد وقع اختلاف بين الأصوليّين في أثر تقسيمات المنهيّات على القاعدتين السابقتين وفيما يأتي بيان مختصر لأقوالهم دون تفصيل:

1-إذا كان النهي متعلّقًا بذات المنهيّ عنه فإنّ حكمه يكون حرامًا وباطلًا بالاتّفاق إذا لم تكن هنالك قرينة صارفة له.

2-إذا كان النهي متعلّقًا بوصف لازم غير منفكّ فإنّ حكمه يكون حرامًا لذاته عند الجمهور، وحرامًا لغيره عند الحنفيّة، ويكون باطلًا في العبادات باتّفاق، ويكون باطلًا في غير العبادات أيضًا عند الجمهور، وفاسدًا عند الحنفيّة. والذي يترجّح لدينا عدّه حرامًا لذاته وباطلًا.

3-إذا كان النهي متعلّقًا بوصف مجاور منفكّ فالعلماء مختلفون في حكمه التكليفيّ، فهنالك من يجعله مكروهًا، وهنالك من يجعله مكروهًا تحريمًا، وهنالك من يقول إنّه حرام. وكذلك هنالك اختلاف في حكمه الوضعيّ من حيث ترتّب الأثر عليه، فمنهم من يقول هو صحيح، ومنهم من يقول هو باطل. والذي يترجّح لدينا اعتباره صحيحًا من جهة ترتّب الأثر عليه لكنّه حرام لغيره من جهة النهي عنه، وقد يصرف إلى الكراهة في حالة وجود قرائن صارفة.

المسألة الثالثة: مَن تقع عليه المقاطعة؟ وما هي ضوابط تحديد الجهات التي تقاطع؟

تعد مسألة تحديد الجهات التي تجب مقاطعها وضوابط تحديدها من المسائل التي تحتاج نوعًا من الدقّة، ويمكن تقسيم الجهات المقاطعة إلى أنواع بحسب أولويّة مقاطعتها كما يأتي:

1- مقاطعة الكيان الصهيونيّ والشركات الحكومية الصهيونية والشركات والمنتجات المتعلقة بالمستوطنات والمنتجات الناتجة عن أيّ عمل استثماري صهيوني والشركات الصهيونية عمومًا.

2- مقاطعة الشركات الصهيونية العالميّة، وهي الشركات العالميّة المملوكة للصهاينة والمسجّلة خارج الكيان الصهيونيّ.

3- مقاطعة الشركات والمتاجر العالميّة التي تدعم الكيان الصهيونيّ.

4- مقاطعة الشركات المحلّيّة في الدول الإسلاميّة، والتي تمثّل فروعًا أو لديها اعتماد من شركات صهيونيّة أو شركة عالميّة داعمة للكيان الصهيوني.

5- مقاطعة شركات الدول الداعمة للصهاينة إلّا الشركات التي تعلن بأنّها لا تدعم الكيان الصهيونيّ، والتي تعلن عدم الرضا بسياسة دولها الداعمة للكيان الصهيونيّ.

ولكي يكون للمقاطعة أثر واضح فلا بدّ من القيام بحملات إعلاميّة تستهدف فيها المنتجات الصهيونية في كلّ مكان والشركات والمتاجر الكبرى الصهيونية أو التي تدعم الكيان الصهيوني، ويتمّ توسيع دائرة المقاطعة حتّى تشمل كلّ من سبق ذكرهم، وينبغي أن تشتمل هذه الحملات الشركات التابعة للدول الكبرى الداعمة للاحتلال الصهيوني وعلى رأسها أمريكا، فأمريكا هي في حقيقتها راعية الكيان الصهيوني، ولولا دعمها لهذا الكيان المسخ لما تمكّن هذا الإجرام والعدوان، وقد آن الأوان لأمّتنا الإسلاميّة أن تقول كما قال الشيخ العلّامة يوسف القرضاوي رحمه الله: “لا لأمريكا. ولبضائعها التي غزت أسواقنا، حتّى أصبحنا نأكل ونشرب ونلبس ونركب ممّا تصنع أمريكا. إنّ الأمّة الإسلاميّة التي تبلغ اليوم مليارًا وثلث المليار([64]) من المسلمين في أنحاء العالم يستطيعون أن يوجعوا أمريكا وشركائها بمقاطعتها. وهذا ما يفرضه عليهم دينهم وشرع ربّهم، فكلّ من اشترى البضائع الصهيونيّة والأمريكيّة من المسلمين، فقد ارتكب حرامًا، واقترف إثمًا مبينًا، وباء بالوزر عند الله، والخزي عند الناس. إنّ المقاطعة سلاح فعّال من أسلحة الحرب قديمًا وحديثًا، وقد استخدمه المشركون في محاربة النبيّ- صلّى الله عليه وسلّم- وأصحابه، فآذاهم إيذاءً بليغًا.. وهو سلاح في أيدي الشعوب والجماهير وحدها، لا تستطيع الحكومات أن تفرض على الناس أن يشتروا بضاعةً من مصدر معيّن. فلنستخدم هذا السلاح لمقاومة أعداء ديننا وأمّتنا، حتّى يشعروا بأنّنا أحياء، وأنّ هذه الأمّة لم تمت، ولن تموت بإذن الله”([65]).

المسألة الرابعة: أحكام مقاطعة الكيان الصهيوني وشركاته والشركات الداعمة له:

سبق وأن قلنا بأنّ هذه المسألة بكلّ ما يحيط بها من ظروف وأحوال ووقائع من المسائل المستجدّة، فلا يمكن اعتماد الأقوال التفصيليّة للفقهاء في حكم مقاطعة الكفار الحربيّين فيها، وإنّما يمكن الاعتماد على العلّة التي ربطوا بها الأحكام والضابط الذي قيّدوها به، فقد أجمعوا على حرمة التعامل مع الكافر الحربيّ في أيّ شيء يقوّيه، ولم يكن الفقهاء حينئذ يتصوّرون أنّ الطعام أو الخضراوات والفواكه يمكن أن تكون ممّا يتقوّى به العدوّ، وقد تغيّر الحال في هذا الزمن فصار أيّ نوع من أنواع التعامل الاقتصاديّ فيه تقوية للعدوّ؛ لأنّ اقتصاد الدول لا ينظر له بشكل جزئيّ فحسب، بل لا بدّ فيه من النظر الكلّيّ أيضًا، ولأنّ أيّ نوع من أنواع التعامل الاقتصاديّ له أثر في الاقتصاد الكلّيّ، وبالتّالي ينبني عليه تقوية المحتلّين وتمكينهم، وقد انتبه لذلك عدد من الفقهاء المتبحّرين المتأخّرين فأفتوا بالتحريم التامّ لأيّ نوع من أنواع التعامل حتّى ولو كان في الطعام، وكان من أهمّ هذه الفتاوى فتوى كبير علماء المالكيّة في الأزهر في ذلك الوقت الشيخ عليش في حكم إمداد الجيش الفرنسيّ المحتل للجزائر بالطعام واللحوم والحيوانات من قبل ملك المغرب بعد حصاره من قبل المجاهدين الجزائريّين، وذلك بعد أن استفتاه بذلك الأمير الشيخ عبد القادر الجزائريّ فقال في استفتائه: سلطان المغرب فعل بنا الأفعال التي تقوّي حزب الكافر على الإسلام، وتضعفنا وأضرّ بنا الضرر الكثير… فأوّل ما فعل بنا أنّنا لمـّا كنّا حاصرنا الكافر في جميع ثغوره نحوًا من ثلاث سنين، وقطعنا عليه السبل، ومادّة البرّ من الحبّ والحيوان وغيرهما، تضييقًا عليه، وتضعيفًا له، خصوصًا من جهة الحيوان؛ لأنّ قانون عسكره أنّهم إذا لم يأكلوا اللحم يومين، أو ثلاثة يفرّون عن طاغيتهم ولا يقاتلون ولا يلامون حتّى بلغت قيمة الثور عندهم مائة ريـال دورو([66])، فإذا بالسلطان المذكور أمدّهم وهم في الضيق الشديد بألوف من البقر وغيرها”، فأفتى الشيخ عليش رحمه الله، فقال: “نعم يحرم على السلطان المذكور أصلح الله أحواله جميع ذلك الذي ذكرتم حرمة معلومة من الدين بالضرورة لا يشكّ فيها من في قلبه مثقال ذرة من الإيمان”، وقال: “والنصوص التي ذكرتم صحيحة صريحة لا تقبل التأويل والمهادنة التي أوقعها فاسدة منقوصة.. وبيع البقر وسائر الحيوان والطعام والعروض وكلّ ما ينتفعون به في النازلة المذكورة حرام قطعًا إجماعًا ضرورة، لا يشكّ فيه مسلم، سواء في حال حصر المسلمين إيّاهم وفي حال عدمه إذ قتالهم فرض عين على كلّ من فيه قدرة عليه، ولو من النساء والصبيان من أهل تلك البلاد ومن قرب منها”([67]).

وبعد ذكر هذه السابقة التاريخية التي تمثّل واقعة مشابهة نوعًا ما لمسألتنا، والتي يتّضح فيها أنّ العلّامة الشيخ عليش رحمه الله بنى القول بتحريم بيع الفرنسيّين أيّ شيء ينتفعون به سواء أكان طعامًا أو عروضًا أو أيّ نوع من أنواع السلع تحريمًا قطعيًّا على حكم الجهاد، وبهذا يتّضح كون المقاطعة تابعة للجهاد وحكمه، فإذا كان الجهاد فرض عين تصير المقاطعة فرض عين، وبناء عليه، وانطلاقًا من وجوب نصرة المسلمين المجاهدين في فلسطين، وتأسيسًا على قاعدة ما لا يتمّ الواجب إلّا به فهو واجب، حيث إنّ كلّ ما فيه إضعاف لهذا العدوّ فهو واجب شرعيّ، وتخريجًا على إجماع العلماء على تحريم التعامل مع العدوّ الحربيّ بأيّ شيء يقوّيه، فإنّ حكم التعامل مع الصهاينة المحتلّين وشركاتهم والشركات الداعمة لهم حرام قطعًا، وأنّ هذه الحرمة من الحرام لذاته، وهو معلوم من الدين بالضرورة، وأنّ الذي يتعامل مع الكيان الصهيونيّ أو مع شركاته فهو مرتكب لكبيرة عظيمة من الكبائر، وأنّ الذي يتعامل مع الكيان المحتلّ وشركاته، وهو موالٍ له، ويحبّ انتصاره على المسلمين في غزّة وعموم فلسطين فهذا مرتّد خارج عن الملّة، أمّا حكم التعامل مع الشركات الأجنبيّة الداعمة للاحتلال والشركات الحاصلة على ترخيصها في الدول الإسلاميّة فحكم التعامل معها من الحرام لغيره، وذلك لأنّ أصل التعامل مع الشركات مباح لكنّه يحرم بسبب دعمها للكيان الصهيونيّ، ولو كان هذا الدعم معنويًّا فقط، وكذلك الحال بالنسبة لشركات الدول الداعمة للكيان المحتلّ والتي لم تنأ بنفسها عن تصرّفات دولها، فالتعامل معها محرّم لغيره، وذلك من أجل الضغط على تلك الدول الداعمة للاحتلال.

وبناء على هذه الأحكام، وبناء على قواعد الرخص المتعلّقة بالضرورات والحاجات العامّة، وهي قاعدتا: الضرورات تبيح المحظورات بشرط عدم نقصانها عنها([68])، وما حرّم سدًّا للذريعة والمحرّم لغيره يباح للحاجة العامّة([69])، ومع الأخذ بعين الاعتبار الضوابط والمعايير المتعلّقة بهما، والتي لا بدّ من مراعاتها عند إجراء الموازنات في أحوال الترخّص، فإنّه يمكن التفصيل في حكم بعض الصور كما يأتي:

1-إذا كانت هنالك ضرورة في شراء سلعة كالدواء مثلًا من شركة من الشركات الأجنبيّة غير الصهيونيّة الداعمة للاحتلال أو من شركة من شركات الدول الداعمة للاحتلال ولم يكن لها بديل، فإنّه يباح شراؤها بقدر الضرورة، ولا يباح شراء ما يزيد عن الحاجة، ولا شراء ما هو للتحسين والتكميل.

2-إذا كانت هنالك حاجة عامّة لأهل بلد عمومًا أو لفئة كبيرة من فئات المجتمع، مثل: فئة أصحاب المصانع أو شركات صيانة السيارات وتصليحها مثلًا في شراء سلعة معيّنة من شركة من الشركات الأجنبيّة الداعمة للاحتلال أو من شركات الدول الداعمة للاحتلال، فإنّ هذا الشراء الأصل فيه الحرمة لكن يترخّص فيه للحاجة العامّة.

الخاتمة:

سنفرد خاتمة البحث ببيان أحكام المقاطعة الاقتصاديّة بحسب الجهة المقاطِعة، وأحكام من يتعامل مع الاحتلال الصهيوني وشركاته والشركات الداعمة له؛ لأنّ ذلك يمثّل خلاصة أحكام البحث وأهمّ نتائجه، ونبدأ ببيان أحكام المقاطعة الاقتصاديّة بحسب الجهة المقاطِعة:

1-حكم المقاطعة الاقتصاديّة للاحتلال من قبل الدول الإسلامية: يجب على كلّ دولة من الدول الإسلاميّة مقاطعة الكيان الصهيونيّ المحتلّ، ويحرم على حكّام هذه الدول والمسؤولين فيها التعامل مع الاحتلال بأيّ شكل من أشكال التعامل سواء أكان اقتصاديًا أو سياسيًا أو علميًا أو رياضيًا أو غيرها من صور التعامل، ويجب على أهل الحكم في كلّ دولة تتعامل مع هذا العدوّ المجرم أو بينها وبينه اتفاقيّات معيّنة أو بينها وبينه أيّ نوع من أنواع التطبيع أن تقطع هذه العلاقات وأن توقفها، وذلك في الأصل؛ لكونه احتلّ أرضًا إسلاميّة، فكيف إذا كانت هذه الأرض تحتوي على المسجد الأقصى؟ وكيف إذا قام بعد احتلاله بالمجازر المتتالية حتّى وصل به الأمر إلى مستوى الإبادة الجماعيّة للشعب الفلسطيني بعد طوفان الأقصى؟

وكلّ من لا يقاطع هذا العدوّ المجرم ولا يقطع العلاقات معه فهو مرتكب لكبيرة عظيمة، وهو خائن لله ورسوله -صلّى الله عليه وسلّم ومسراه وللمسلمين، وإذا كان سبب القيام بالعلاقة مع الكيان الصهيونيّ يرجع إلى موالاة هذا العدّة وحبّ انتصاره على المسلمين في فلسطين ولبغض المسلمين الفلسطينيين فإنّ ذلك مخرج من الملّة.

ويجب على الشعوب المسلمة الضغط على الحكومات المطبّعة مع الاحتلال أو التي تمدّه بأيّ نوع من السلع والبضائع بكلّ الوسائل والسبل، ويجب على الشعوب قطع طرق إمداد العدوّ الصهيونيّ بالسلع والمواد الغذائيّة ولو أدّى ذلك إلى اعتقال بعضهم أو دفعهم لغرامات أو وقوع بعض المشاقّ عليهم، فهذا من الجهاد الواجب، وأيّ دولة تحتجّ بتحقيق بعض المصالح من هذه العلاقة، أو درء بعض المفاسد فهي مصالح ومفاسد موهومة ملغاة لا اعتبار لها في الشرع ولا تساوي شيئًا أمام المفاسد العظمى التي يمثّلها هذا الاحتلال المجرم وأمام المصالح العظمى في جهاده ومقاطعته وعدم التعامل معه، وإنّ الاحتجاج بوجود مصالح في التطبيع مع الاحتلال وفي التعامل الاقتصاديّ معه أو الخوف من مفاسد في حال قطع العلاقات معه ومنها الاقتصادية ما هو إلّا تكرار لحجّة المنافقين الأوائل الذين أنزل الله سبحانه فيهم قوله سبحانه: ﴿فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ۚ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ﴾ [المائدة: 52].

قال الإمام الواحديّ في تفسيره: والدائرة التي تخشى كالهزيمة والدبرة والقحط والحوادث المخوّفة، وقال عبد الله بن مسلم: نخشى أن يدور الدهر علينا بمكروه فلا يميروننا، وقال قتادة: قالوا: نخشى أن ينقطع الذي بيننا من الميرة والقرض، فقد كانت حججهم الباطلة كلّها مرتبطة بالخوف من فقدان بعض المصالح الدنيويّة الزائلة أو الخوف من مفاسد موهومة، وكلّ من يحتجّ بأيّة حجج من هذا القبيل فإنّه متّبع لحجّة المنافقين ومتّصف بصفتهم، ونحن نؤمن بحتميّة نصر الله لعباده المجاهدين، وعندها لا عزاء للمتخاذلين والمطبّعين.

أمّا تعامل الدول مع الشركات الأجنبية الداعمة للاحتلال وشركات الدول الداعمة للاحتلال فهذا التعامل ينبغي أن يوزن بموازنة دقيقة من أجل النظر هل الحاجة إليه ضروريّة لا غنى عنها ولا بديل عنها أو الحاجة إليه من الحاجيّ العامّ الذي يؤدّي في حالة المقاطعة إلى وقوع المجتمع في مشقّة وحرج شديدين مع عدم وجود البديل المناسب؟ ففي هاتين الحالتين يباح التعامل مع هذه الشركات من قبل الدول الإسلاميّة، أمّا في غير ذلك وذلك إذا كان التعامل مع هذه الشركات في الأمور الكمالية والتحسينية فهذا التعامل محرّم شرعًا.

2-حكم المقاطعة من قبل الشركات والتجّار: يجب على كلّ شركة أو تاجر من تجّار المسلمين أن يقاطع هذا العدوّ المجرم وشركاته والشركات الداعمة له وشركات الدول الداعمة له، ويجب عليهم البحث عن البدائل، وإن لم تكن موجودة أو مناسبة فيجب عليهم أن يبذلوا جهدهم من أجل إيجاد البديل المناسب، ويباح لهم التعامل مع الشركات الأجنبيّة الداعمة للاحتلال أو شركات الدول الداعمة للاحتلال فيما يدخل في الضروريّ أو الحاجيّ العامّ دون غيره، أمّا الشركات الصهيونيّة فلا يباح لهم التعامل معها بأيّ شكل من الأشكال.

3-حكم المقاطعة من قبل الأفراد من المسلمين في البلاد الإسلامية وفي البلاد التي لا تدعم الكيان الصهيوني: يجب على المسلمين في البلاد الإسلامية وفي الدول التي لا تدعم الكيان الصهيوني مقاطعة الكيان الصهيوني وشركاته والشركات الداعمة له وشركات الدول الداعمة له بشكل عامّ، وإذا كان هنالك ضرورة أو حاجّة عامّة للتعامل من ناحية شراء بعض المنتجات فهذا الأمر مباح بقدر الضرورة أو الحاجة مع الشركات غير الصهيونيّة، أمّا الشركات الصهيونية فلا يباح التعامل معها بشكل عامّ.

4-حكم المقاطعة من قبل الأفراد في الدول الداعمة للكيان الصهيوني: يجب على المسلمين الذين يقطنون في الدول الداعمة للاحتلال أن يقاطعوا الاحتلال الصهيوني وشركاته بشكل عامّ، ويجب عليهم مقاطعة الشركات الداعمة للاحتلال الصهيونيّ في دولهم أو خارجها والتي ثبت بالدليل القطعيّ وقوفها مع الاحتلال، وبشكل خاصّ في حربه الأخيرة على قطاع غزّة، أمّا الشركات التي لم يثبت دليل على دعمها المباشر للاحتلال فهذه ممّا يباح التعامل معها، وإذا كانت هنالك ضرورة أو حاجة عامّة للتعامل مع الشركات غير الصهيونيّة الداعمة للاحتلال فيباح التعامل معها بقدر الضرورة أو الحاجة.

5-حكم المقاطعة من قبل أهل الضفة الغربيّة: يجب على المسلمين من الفلسطينيّين في الضفة الغربيّة مقاطعة شركات الكيان الصهيوني ومنتجاته بشكل عامّ إلّا في حالة الضرورة مع عدم وجود البديل ولو كانت جودته أقلّ، أمّا تزويد الاحتلال بالبضائع والموادّ والسلع من قبل الشركات الفلسطينيّة في الضفّة الغربيّة أو من قبل المزارعين الفلسطينيّين فالأصل في ذلك كلّه الحرمة.

6-حكم المقاطعة من قبل أهل الداخل الفلسطينيّ المحتلّ: يجب على المسلمين من أهل الداخل الفلسطينيّ في مناطق ال 48 الذين يعيشون تحت سلطة الاحتلال بشكل مباشر أن يبحثوا عن المنتجات الفلسطينيّة أو المنتجات الأجنبيّة المستوردة من خارج دولة الاحتلال، فإذا لم يجدوا فيباح لهم شراء سلع الشركات الصهيونية.

7-بالنسبة للعمّال الذين يعملون في الشركات الصهيونية في البلاد الإسلامية وفي الدول الغربية عمومًا فهؤلاء يجب عليهم البحث عن أعمال بديلة، ولا يباح لهم البقاء في أعمالهم إذا وجدوا البديل ولو كان براتب أقل.

8-بالنسبة للعمال الذين يعملون في الشركات الداعمة للصهاينة في البلاد الإسلامية والدول الغربيّة، فهؤلاء يجب عليهم أيضًا أن يبحثوا عن البديل ولا يباح لهم البقاء في أعمالهم إذا وجدوا البديل ولو كان براتب أقلّ، علمًا بأنّه لا بدّ من النظر في ظروف كلّ حالة من أجل بيان الفتوى الخاصّة بها، وذلك من خلال النظر في الواقع والحال والموازنة بين المصالح الشرعيّة والمفاسد المتوقّعة.

أحكام من لا يمتنع عن التعامل مع الاحتلال الصهيوني وشركاته والشراكات الداعمة له:

تأسيسًا على ما سبق بيانه في التفريق في الحكم بين حالة التعامل مع الاحتلال الصهيوني وشركاته والشركات الصهيونية العالميّة، وبين التعامل مع الشركات الأجنبية العالمية والشركات المحلّيّة الداعمة للاحتلال أو التي تتعامل معه حيث بيّنّا أنّ الحكم في الحالة الأولى حرام لذاته، والمرتكب له مرتكب لكبيرة من الكبائر، وفي الحالة الثانية من الحرام لغيره، والمرتكب له مرتكب لصغيرة من الصغائر لكن تتحوّل إلى كبيرة بالإصرار أو الإكثار أو الاستمرار. ولهذا فإنّنا سنقسم حالات التعامل مع الاحتلال الصهيونيّ وشركاته وداعميه وشركات الدول الداعمة له إلى قسمين، وهما:

أ- الذين يتعاملون مع الاحتلال وشركاته بأيّ نوع من العقود سواء في البيع والشراء والإجارة والشركة وغيرها، وهم من المسلمين الذين لا يقعون تحت الاحتلال الصهيوني، فهؤلاء يمكن تقسيمهم كما يأتي:

1- أن يكونوا ممّن لا يهتمّون بالحكم الشرعيّ ولا يفرّقون بين الحرام وغيره، فهؤلاء إمّا أن يكون الواحد منهم ملحدًا أو علمانيًّا وبالتّالي فهو غير مسلم، وإمّا أن يكون مواليًا للاحتلال يحبّ تقويتهم فهذا خارج من الملّة أيضًا، وإمّا أن يكون مسلمًا اسمًا ويعتقد كونه من المسلمين لكنّه لا يلتزم بأحكام الشرع فهذا أقلّ أحواله أنّه مرتكب لكبائر عظيمة في الدين وخائن لله ورسوله والمسلمين.

2-  أن يدّعي الواحد منهم جهله بالحكم الشرعيّ في المسألة أو اتّباعه لبعض علماء السلاطين الذين يبيحون هذه المعاملات، فهؤلاء لا يعذرون بجهلهم؛ لأنّ المسألة من المعلوم من الدين بالضّرورة، وهم في هذه الحال مرتكبون لكبيرة عظيمة؛ لأنّ حكم التعامل مع المحتل المعتدي المجرم الذي قتل مئات الآلاف من الفلسطينيّين وغيرهم من المسلمين منذ احتلاله لفلسطين إلى الآن حرام لذاته، وهم خائنون لله ولرسوله وللمسلمين.

3- أن يدّعي الواحد منهم وجود ضرورة لهذا التعامل أو حاجة أو مصلحة كبيرة أو إكراه أو تهديد من سلطة مع علمه بحرمة التعامل، فهذا يقال له بأنّ ادعاء الاضطرار متوهّم وغير صحيح مهما كان المبّرر لذلك، فالبدائل متوفّرة، وبالتّالي فالذي يتعامل مع الاحتلال بهذه الحجّة آثم شرعًا ومرتكب لكبيرة عظيمة من الكبائر، وأما الحاجة والمصلحة فلا يباح لأجلها المحرّم لذاته، وأمّا حالة الإكراه فالواجب في حقّ المكرَه هنا أن لا يستجيب للإكراه وإذا استجاب له فهو آثم إثمًا عظيمًا.

4- أن يكون المتعامل مع الشركات أو المنتجات الصهيونية جاهلًا بكونها صهيونيّة بسبب كون هذه المنتجات والسلع موجودة في السوق المحلّيّ وهو يشتري منها دون بحث وتحرٍّ، فهذا يجب عليه شرعًا أن يتحرّى ويبحث كما يتحرّى في حالة الخمر والخنزير، وهو آثم لتقصيره في البحث والتحرّي مع قدرته على ذلك.

5- أن يكون المتعامل مع منتجات الاحتلال ممّن يطلب الجودة في السلع بغضّ النطر عن كونها سلعًا من الاحتلال وشركاته أم لا، فهذا أيضًا آثم إثمًا عظيمًا ومرتكب لكبيرة عظيمة.

6- أن يكون المتعامل ممّن يستعينون بالخبراء الصهاينة أو يحصل منهم على الموادّ الخامّ أو يوظّف منهم من يعمل لديه من أجل تحقيق أرباح أو إنتاج سلع منافسة، فهذا المتعامل إذا كان يستعين بأيّ صهيونيّ يهوديّ مجرم ينتمي إلى دولة الاحتلال أو يدعمها وهو يحبّه ويواليه فهو خارج من الملّة، أمّا إن كان المتعامل يستعين بهم لخبرتهم مع عدم ولائه لهم وبغضه لهم وحرصه على التخلّص من العلاقة معهم عندما يتمكّن من ذلك فهذا مرتكب لكبيرة عظيمة؛ لأنّه غير مضطر للتّعامل معهم.

ب- الذين يتعاملون مع الشركات الأجنبيّة أو المحلّيّة الداعمة للاحتلال الصهيوني اليهودي أو مع شركات الدول الداعمة للاحتلال وهو ليس من أهل تلك الدول:

فهؤلاء يشتركون مع أصحاب القسم الأوّل في الحكم الأوّل، لكنّ أحكامهم تختلف في الحالات من الثانية إلى الخامسة كما يأتي:

1-أن يدّعي الواحد منهم جهله بالحكم الشرعيّ في المسألة أو اتّباعه لبعض علماء السلاطين الذين يبيحون هذه المعاملات، فهؤلاء لا يعذرون بجهلهم، وهم في هذه الحال مرتكبون لصغيرة من الصغائر؛ لأنّ حكم التعامل حرام لغيره، وقد قرّر العلماء بأنّ الصغيرة تنحصر في الحرام لغيره، لكنّ الصغيرة تتحوّل إلى كبيرة لأسباب عديدة منها الإصرار والتكرار.

2-أن يدّعي الواحد منهم وجود ضرورة لهذا التعامل أو حاجة أو مصلحة كبيرة مع علمه بحرمة التعامل، فإذا كانت هنالك ضرورة حقيقيّة للتعامل ولم يكن هنالك بديل فيرخّص لهم التعامل معهم، أمّا الحاجة والمصلحة فلا يباح لأجلهما المحرّم لغيره إلّا إذا كانتا عامّتين تشمل جميع الناس أو جميع من في البلد على الأقلّ.

3-أن يكون المتعامل مع الشركات الداعمة للاحتلال أو منتجاتها جاهلًا بكونها داعمة للاحتلال بسبب كون هذه المنتجات والسلع موجودة في السوق المحلّي وهو يشتري منها دون بحث وتحرٍّ، فهذا يجب عليه شرعًا أن يتحرّى ويبحث، وهو آثم ومرتكب لصغيرة من الصغائر؛ لتقصيره في البحث والتحرّي مع قدرته على ذلك.

4-أن يكون المتعامل مع الشركات الداعمة للاحتلال أو منتجاتها ممّن يطلب الجودة في السلع بغضّ النظر عن كونها سلعًا تدعم الاحتلال أم لا، فهذا أيضًا آثم ومرتكب لصغيرة من الصغائر إلّا إذا استمرّ وأصرّ.

 

 

 

قائمة المراجع والمصادر

القرآن الكريم

  • إبراهيم مصطفى وأحمد الزيات وآخرون، المعجم الوسيط، الناشر: دار الدعوة.
  • ابن الحاج، محمد بن محمد، المدخل، الناشر: دار التراث.
  • ابن العربي، محمد بن عبد الله، أحكام القرآن، راجع أصوله وخرج أحاديثه وعلَّق عليه: محمد عبد القادر عطا، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان الطبعة: الثالثة، 1424 هـ – 2003 م.
  • ابن امير حاج، محمد بن محمد، التقرير والتحبير، الناشر: دار الكتب العلمية، الطبعة: الثانية، 1403هـ – 1983م.
  • ابن بطال، علي بن خلف، شرح صحيح البخاري لابن بطال، تحقيق: أبو تميم ياسر بن إبراهيم. دار النشر: مكتبة الرشد – السعودية، الرياض، الطبعة: الثانية، 1423هـ – 2003م.
  • ابن تيمية، أحمد بن تيمية، مجموع الفتاوى، جمع وترتيب: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم رحمه الله، وساعده: ابنه محمد وفقه الله، الناشر: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف – المدينة المنورة – السعودية، عام النشر: ١٤٢٥ هـ – ٢٠٠٤ م.
  • ابن رشد، محمد بن أحمد، البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة، تحقيق: د محمد حجي وآخرون. دار الغرب الإسلامي، بيروت – لبنان، الطبعة: الثانية، 1408 هـ – 1988.
  • ابن رشد، محمد بن أحمد، المقدمات الممهدات، دار الغرب الإسلامي، الطبعة: الأولى، 1408 هـ – 1988 م.
  • ابن عابدين، محمد أمين، رد المحتار على الدر المختار -حاشية ابن عابدين- الناشر: دار الفكر-بيروت، الطبعة: الثانية، 1412هـ – 1992م.
  • ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، تحقيق: عبد السلام محمد هارون. الناشر: دار الفكر، عام النشر: 1399هـ – 1979م.
  • ابن قدامة، عبد الله بن أحمد، المغني، تحقيق: عبد الله بن عبد المحسن التركي- عبد الفتاح محمد الحلو. دار عالم الكتب/ الرياض.
  • ابن قيم الجوزية، بدائع الفوائد، دار الكتاب العربي- بيروت.
  • ابن قيم الجوزية، محمد بن أبي بكر، زاد المعاد في هدي خير العباد، الناشر: مؤسسة الرسالة، بيروت – مكتبة المنار الإسلامية، الكويت الطبعة: السابعة والعشرون، 1415هـ /1994م.
  • ابن مفلح، محمد بن مفلح، كتاب الفروع ومعه تصحيح الفروع لعلاء الدين علي بن سليمان المرداوي، تحقيق: عبد الله بن عبد المحسن التركي. الناشر: مؤسسة الرسالة، الطبعة: الأولى 1424 هـ – 2003 مـ.
  • ابن منظور، لسان العرب، تحقيق: عبد الله علي الكبير، محمد أحمد حسب الله، هاشم محمد الشاذلي. دار النشر: دار المعارف، البلد: القاهرة.
  • ابن هبيرة، الإفصاح عن معاني الصحاح، تحقيق: فؤاد عبد المنعم أحمد، الناشر: دار الوطن، سنة النشر: 1417ه، عدد المجلدات: 8.
  • ابن هشام، عبد الملك، سيرة ابن هشام، تحقيق: مصطفى السقا وإبراهيم الأبياري وعبد الحفيظ الشلبي، الناشر: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر، الطبعة: الثانية، 1375هـ – 1955م.
  • ابن همام، كمال الدين، فتح القدير، دار الفكر.
  • أبو داود، سليمان بن الأشعث، سنن أبي داود، تحقيق: شعَيب الأرناؤوط – محَمَّد كامِل قره بللي، الناشر: دار الرسالة العالمية، الطبعة: الأولى، 1430 هـ – 2009 م.
  • أبو زرعة، أحمد بن عبد الرحيم، تحرير الفتاوى على «التنبيه» و«المنهاج» و«الحاوي» المسمى (النكت على المختصرات الثلاث)، تحقيق: عبد الرحمن فهمي محمد الزواوي، الناشر: دار المنهاج للنشر والتوزيع، جدة – المملكة العربية السعودية، الطبعة: الأولى، 1432 هـ – 2011م.
  • أبو يوسف، يعقوب بن إبراهيم، الخراج، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، الناشر: المكتبة الأزهرية للتراث، سعد حسن محمد.
  • أحمد فهمي أبو سنة، علم الاقتصاد الإسلامي- ضرورة قائمة، وحقيقة واقعة، مجلة المجمع الفقهي، العدد (13) نقلا عن عابد بن عبد الله السعدون، المقاطعة الاقتصادية- تأصيلها الشرعي، واقعها والمأمول لها، دار التابعين.
  • البخاري، محمد بن إسماعيل، الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه = صحيح البخاري، تحقيق: محمد زهير بن ناصر الناصر، الناشر: دار طوق النجاة، الطبعة: الأولى، 1422هـ.
  • البزدوي، علي بن محمد، أصول البزدوي -كنز الوصول الى معرفة الأصول، الناشر: مطبعة جاويد بريس – كراتشي.
  • البغوي، أبو محمد الحسين بن مسعود، معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي، تحقيق: عبد الرزاق المهدي، الناشر: دار إحياء التراث العربي -بيروت، الطبعة: الأولى، 1420 هـ.
  • البقاعي، نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، الناشر: دار الكتاب الإسلامي، القاهرة.
  • البيهقي، أبو بكر أحمد بن الحسين، السنن الكبرى وفي ذيله الجوهر النقي، الناشر: مجلس دائرة المعارف النظامية الكائنة في الهند ببلدة حيدر آباد، الطبعة: الطبعة: الأولى ـ 1344 هـ.
  • البيهقي، أحمد بن الحسين، أحكام القرآن للشافعي – الناشر: مكتبة الخانجي – القاهرة، الطبعة: الثانية، 1414 هـ – 1994 م
  • الجويني، عبد الملك، نهاية المطلب في دراية المذهب، تحقيق: عبد العظيم محمود الدّيب، الناشر: دار المنهاج، الطبعة: الأولى، 1428هـ-2007م.
  • حسين عمر، الموسوعة الاقتصادية، دار الفكر، الطبعة الرابعة.
  • الحطاب، محمد بن محمد، مواهب الجليل في شرح مختصر خليل، الناشر: دار الفكر، الطبعة: الثالثة، 1412هـ – 1992م.
  • الخرقي، عمر بن الحسين، متن الخرقي على مذهب أبي عبد الله أحمد بن حنبل الشيباني، الناشر: دار الصحابة للتراث، الطبعة: 1413هـ-1993م.
  • الخطيب الشربيني، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، الناشر: دار الكتب العلمية.
  • الدردير، أحمد بن محمد، الشرح الصغير على أقرب المسالك إلى مذهب الإمام مالك -ومعه حاشية الصاوي- تحقيق: مصطفى كمال وصفي، دار المعارف.
  • الراغب الأصفهاني، الحسين بن محمد، المفردات في غريب القرآن، تحقيق: صفوان عدنان الداودي، الناشر: دار القلم، الدار الشامية – دمشق بيروت الطبعة: الأولى – 1412 هـ.
  • الزركشي، محمد بن عبد الله، البحر المحيط في أصول الفقه، الناشر: دار الكتبي، الطبعة: الأولى، 1414هـ – 1994م.
  • الزمخشري، محمود بن عمرو، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، الناشر: دار الكتاب العربي – بيروت، الطبعة: الثالثة – 1407 هـ.
  • الزيلعي، عثمان بن علي، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق ومعه حاشية الشِّلْبِيِّ، شهاب الدين أحمد بن محمد، الناشر: المطبعة الكبرى الأميرية – بولاق، القاهرة، الطبعة: الأولى، 1313 هـ.
  • السبكي، تقي الدين، الإبهاج في شرح المنهاج، (منهاج الوصول إلي علم الأصول للقاضي البيضاوي المتوفي سنه 785هـ)، الناشر: دار الكتب العلمية -بيروت، عام النشر: 1416هـ – 1995 م.
  • السرخسي، محمد بن أحمد، المبسوط، الناشر: دار المعرفة – بيروت.
  • الشاشي، أحمد بن محمد، أصول الشاشي، الناشر: دار الكتاب العربي – بيروت.
  • الشمراني، خالد عبد الرحمن، المقاطعة الاقتصادية تأصيلها الشرعي واقعها والمأمول لها، دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى- 1426 ه.
  • الصنعاني، محمد بن إسماعيل، سبل السلام، الناشر: دار الحديث.
  • الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الأوسط، تحقيق: طارق بن عوض الله بن محمد، عبد المحسن بن إبراهيم الحسيني. الناشر: دار الحرمين – القاهرة.
  • الطبري، محمد بن جرير، تفسير الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن، تحقيق: أحمد محمد شاكر، الناشر: مؤسسة الرسالة، الطبعة: الأولى، 1420 هـ – 2000 م.
  • المرغيناني، علي بن أبي بكر بن عبد الجليل الفرغاني، الهداية في شرح بداية المبتدي، المحقق: طلال يوسف، الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت – لبنان.
  • العلائي، صلاح الدين، تحقيق المراد في أن النهي يقتضي الفساد، المحقق: د. إبراهيم محمد السلفيتي، الناشر: دار الكتب الثقافية – الكويت.
  • الفتاوى الهندية، لجنة علماء برئاسة نظام الدين البلخي، الناشر: دار الفكر، الطبعة: الثانية، 1310 هـ.
  • الفيروز آبادي، بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز، تحقيق: محمد علي النجار، الناشر: المجلس الأعلى للشئون الإسلامية – لجنة إحياء التراث الإسلامي، القاهرة.
  • الفيروز آبادي، محمد بن يعقوب، القاموس المحيط، تحقيق: مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة بإشراف: محمد نعيم العرقسُوسي. الناشر: مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت – لبنان، الطبعة: الثامنة، 1426 هـ – 2005 م.
  • الفيومي، أحمد بن محمد، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، الناشر: المكتبة العلمية – بيروت.
  • القاضي عياض، عياض بن موسى، شرح صحيح مسلم للقاضي عياض المسمى إكمال المعلم بفوائد مسلم، تحقيق: يحيي بن إسماعيل، الناشر: دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع، مصر، الطبعة: الأولى، 1419 هـ – 1998 م.
  • القرطبي، محمد بن أحمد، الجامع لأحكام القرآن (تفسير القرطبي)، الناشر: دار عالم الكتب، سنة النشر: 1423 – 2003.
  • الكاساني، علاء الدين، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، دار الكتب العلمية، الطبعة: الثانية، 1406هـ – 1986م.
  • الكيا الهراسي، علي بن محمد، أحكام القرآن، تحقيق: موسى محمد علي وعزة عبد عطية، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة: الثانية، 1405 هـ.
  • مالك بن أنس، المدونة برواية سحنون عن ابن القاسم، تحقيق: عامر الجزار- عبد الله المنشاوي. دار الحديث.
  • الماوردي، علي بن محمد، كتاب الحاوي الكبير، الناشر: دار الفكر ـ بيروت.
  • مسلم، مسلم بن الحجاج، المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله ﷺ، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي. الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت.
  • مصطفى بن سعد، مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى، الناشر: المكتب الإسلامي، الطبعة: الثانية، 1415هـ – 1994م.
  • المقريزي، أحمد بن علي، إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال والأموال والحفدة والمتاع، تحقيق: محمد عبد الحميد النميسي، الناشر: دار الكتب العلمية – بيروت، الطبعة: الأولى، 1420 هـ – 1999 م.
  • المناوي، عبد الرؤوف، فيض القدير شرح الجامع الصغير، الناشر: المكتبة التجارية الكبرى – مصر، الطبعة: الأولى، 1356ه.
  • الموسوعة الفقهية الكويتية، الناشر: وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية – الكويت، (1404 – 1427 هـ).
  • النسفي، عبد الله بن أحمد، تفسير النسفي (مدارك التنزيل وحقائق التأويل)، حققه وخرج أحاديثه: يوسف علي بديوي، راجعه وقدم له: محيي الدين ديب مستو، الناشر: دار الكلم الطيب، بيروت، الطبعة: الأولى، 1419 هـ – 1998م.
  • ابن القيم، محمد بن أبي بكر، إعلام الموقعين عن رب العالمين، قدم له وعلق عليه وخرج أحاديثه وآثاره: أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان، شارك في التخريج: أبو عمر أحمد عبد الله أحمد، الناشر: دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع، المملكة العربية السعودية، الطبعة: الأولى، 1423 هـ.
  • النووي، يحيي بن شرف، المجموع شرح المهذب، الناشر: دار الفكر.
  • النووي، يحيي بن شرف، المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت، الطبعة: الثانية، 1392م.
  • الهيثمي، نور الدين علي، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، تحقيق: حسام الدين القدسي، الناشر: مكتبة القدسي، عام النشر: 1414 هـ، 1994م.
  • الواقدي، محمد بن عمر بن واقد السهمي، المغازي، تحقيق: مارسدن جونس، الناشر: دار الأعلمي – بيروت، الطبعة: الثالثة – 1409ه/1989م.
  • يوسف القرضاوي، فقه الجهاد- دراسة مقارنة لأحكامه وفلسفته في ضوء القرآن والسنة، مكتبة وهبة.
  • عليش، محمد بن أحمد، فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك، جمعها ونسقها وفهرسها: علي بن نايف الشحود.

 

([1]) مسلم، مسلم بن الحجاج، المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله ﷺ، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي. الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت. ج4/ ص1999، رقم الحديث: 2586.

([2]) انظر: الطبري، محمد بن جرير،  تفسير الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن، تحقيق: أحمد محمد شاكر، الناشر: مؤسسة الرسالة، الطبعة: الأولى، 1420 هـ – 2000 م، ج6/ص327. قال الجصاص: “أوجب عليهم التناصر والمولاة” (سورة الأنفال ) قال ابن العربي: “قطع الله الولاية بين الكفار والمؤمنين فجعل المؤمنين بعضهم أولياء بعض، وجعل الكافرين بعضهم أولياء بعض، وجعل المنافقين بعضهم أولياء بعض، يتناصرون بدينهم، ويتعاملون باعتقادهم” انظر: ابن العربي، محمد بن عبد الله،  أحكام القرآن، راجع أصوله وخرج أحاديثه وعلَّق عليه: محمد عبد القادر عطا، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان الطبعة: الثالثة، 1424 هـ – 2003 م، ج2/ص441.

([3])  الكيا الهراسي، علي بن محمد، أحكام القرآن، تحقيق: موسى محمد علي وعزة عبد عطية، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة: الثانية، 1405 هـ، ج2/ ص285.

([4]) ابن منظور، لسان العرب، تحقيق: عبد الله علي الكبير، محمد أحمد حسب الله، هاشم محمد الشاذلي. دار النشر: دار المعارف، البلد: القاهرة. ج5/ ص 3642.

([5]) أحمد فهمي أبو سنة، علم الاقتصاد الإسلامي- ضرورة قائمة، وحقيقة واقعة، مجلّة المجمع الفقهي، العدد (13) نقلًا عن عابد بن عبد الله السعدون، المقاطعة الاقتصادية- تأصيلها الشرعي، واقعها والمأمول لها، دار التابعين، ص(23-25)

([6]) ابن فارس، مقاييس اللغة، ج5/ ص101.

([7]) انظر: الفيروزآبادي، محمد بن يعقوب، القاموس المحيط، تحقيق: مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة بإشراف: محمد نعيم العرقسُوسي. الناشر: مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت – لبنان، الطبعة: الثامنة، 1426هـ – 2005م، باب العين/ فصل القاف، ج1/ ص753-ص754. انظر: ابن منظور، لسان العرب، مادة قطع، ج5/ ص3674. انظر: الفيومي، أحمد بن محمد، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، الناشر: المكتبة العلمية – بيروت، كتاب القاف/ القاف مع الطاء وما يثلهما، مادة قطع، ج2/ص508.

([8]) مجمع اللغة العربية بالقاهرة (إبراهيم مصطفى / أحمد الزيات / حامد عبد القادر / محمد النجار)، المعجم الوسيط، الناشر: دار الدعوة، مادة قطع، ج2/ص 746.

([9])حسين عمر، الموسوعة الاقتصادية، دار الفكر، الطبعة الرابعة، ص455، نقلًا عن: الشمراني، خالد عبد الرحمن، المقاطعة الاقتصادية تأصيلها الشرعي واقعها والمأمول لها، الطبعة الأولى- 1426 ه، دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع، ص 23.

([10]) الطُّنُبُ: طُنُبُ الْخِيَامِ، وَهِيَ حِبَالُهَا الَّتِي تُشَدُّ بِهَا. انظر مقاييس اللغة لابن فارس، 3/ 426.

([11]) انظر: المقريزي، أحمد بن علي، إمتاع الأسماع بما للنبيّ من الأحوال والأموال والحفدة والمتاع، تحقيق: محمد عبد الحميد النميسي، الناشر: دار الكتب العلمية – بيروت، الطبعة: الأولى، 1420 هـ – 1999 م، إمتاع ج9/ ص362.

[12] مقال بعنوان: ماكدونالدز تخسر 7 مليارات دولار متأثّرة بالمقاطعة لأجل غزة، منشور في: https://www.aljazeera.net/ebusiness

[13] مقال: تأثير حملات المقاطعة.. ستاربكس تخسر 12 مليار دولار خلال 20 يومًا، منشور في موقع: https://www.alaraby.com/news

[14] المصدر السابق

[15] مقال: حملات المقاطعة ضد إسرائيل.. كيف تمنع قتل طفل فلسطيني؟ منشور في موقع: https://www.alaraby.com/news

([16]) مسلم، صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان كون النهي عن المنكر وأنّ الإيمان يزيد وينقص وأنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان، ج1/ص69، رقم الحديث: 50.

([17]) ابن قيّم الجوزيّة، بدائع الفوائد، دار الكتاب العربي- بيروت، ج 1/78.

([18]) البخاري، صحيح البخاري، باب فضل من جهّز غازيًا أو خلفه بخير، ج4/ص27. رقم الحديث: 2843.

([19]) قال الصنعانيّ في شرح حديث: “لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ إلَّا لِخَمْسَةٍ: لِعَامِلٍ عَلَيْهَا أَوْ رَجُلٍ اشْتَرَاهَا بِمَالِهِ أَوْ غَارِمٍ أَوْ غَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مِسْكِينٍ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ مِنْهَا فَأَهْدَى لِغَنِيٍّ مِنْهَا” إلى أنّ الغازي يحلّ له أن يتجهّز من الزّكاة وإن كان غنيًّا؛ لأنّه ساع في سبيل الله. انظر: الصنعاني، محمّد بن إسماعيل، سبل السلام، الناشر: دار الحديث، كتاب الزكاة، باب قسمة الصدقات: من تجوز له الزكاة من الأغنياء، ج1/ ص550.

([20]) المصدر: https://www.al-qaradawi.net/node/3579

([21])  البيهقي، أحمد بن الحسين، أحكام القرآن للشافعي – الناشر: مكتبة الخانجي – القاهرة، الطبعة: الثانية، 1414 هـ – 1994 م، ج2/ ص193.

([22]) البخاري، صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب حديث بني النضير، ومخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم في دية الرجلين، وما أرادوا من الغدر برسول الله صلى الله عليه وسلم، ج5/ ص 88. رقم الحديث: 4031.

([23]) الواقدي، محمد بن عمر بن واقد السهمي، المغازي، تحقيق: ماردن جونس، الناشر: دار الأعلم – بيروت، الطبعة: الثالثة – 1409ه/1989م.ج1/ ص373.

([24]) الزيلعي، عثمان بن علي، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق ومعه حاشية الشِّلْبِيِّ، شهاب الدين أحمد بن محمد، الناشر: المطبعة الكبرى الأميرية – بولاق، القاهرة، الطبعة: الأولى، 1313 هـ، ج3/ ص244.

([25]) الزمخشري، محمود بن عمرو، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، الناشر: دار الكتاب العربي – بيروت، الطبعة: الثالثة – 1407 هـ، ج2/ ص290.

([26]) انظر: الشمراني، خالد عبد الرحمن، المقاطعة الاقتصادية تأصيلها الشرعي واقعها والمأمول لها، الطبعة الأولى- 1426 ه، دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع، ص 69.

([27]) البخاري، صحيح البخاري، ج5/ ص170، رقم الحديث: 4372.

([28])  البيهقي، السنن الكبرى للبيهقي، الطبعة الهندية، حديث رقم 18095، ج9/ 66.

([29]) ابن هبيرة، الإفصاح عن معاني الصحاح، 6/ 283.

([30]) الواقدي، محمد بن عمر بن واقد السهمي، المغازي، تحقيق: مارسدن جونس. الناشر: دار الأعلمي – بيروت، الطبعة: الثالثة – 1409/1989.ج1/ ص11.

([31])ابن قيم الجوزية، محمد بن أبي بكر، زاد المعاد في هدي خير العباد، الناشر: مؤسسة الرسالة، بيروت – مكتبة المنار الإسلامية، الكويت، الطبعة: السابعة والعشرون , 1415هـ /1994م، زاد المعاد، ج 3/ ص 148.

([32]) ابن قيم الجوزية، زاد المعاد، مؤسسة الرسالة، ج3/ ص149.

([33])  انظر: ابن هشام، عبد الملك، سيرة ابن هشام، تحقيق: مصطفى السقا وإبراهيم الأبياري وعبد الحفيظ الشلبي، الناشر: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر، الطبعة: الثانية، 1375هـ – 1955، ج1/ ص607. وانظر: البغوي، أبو محمد الحسين بن مسعود، معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي، تحقيق: عبد الرزاق المهدي، الناشر: دار إحياء التراث العربي -بيروت، وقال الشيخ عبد الرزاق المهدي: ولبعضه شواهد في الصحيح. الطبعة: الأولى، 1420 هـ ج2/ص270.

([34]) البخاري، صحيح البخاري، كتاب الشروط/ باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب، ج3/ ص 193. رقم الحديث: 2731.

([35]) النووي، يحيي بن شرف، المجموع شرح المهذب، الناشر: دار الفكر، ج9/ ص354.

([36]) النسفي، عبد الله بن أحمد، تفسير النسفي (مدارك التنزيل وحقائق التأويل)، حققه وخرج أحاديثه: يوسف علي بديوي، راجعه وقدم له: محيي الدين ديب مستو، الناشر: دار الكلم الطيب، بيروت، الطبعة: الأولى، 1419 هـ – 1998 م، ج2/ ص121.

([37]) ابن الحاج، محمّد بن محمد، المدخل، الناشر: دار التراث، ج2/ ص48.

([38]) الحطاب، مواهب الجليل في شرح مختصر خليل، ج4/ 254.

([39]) المرجع السابق.

( [40])انظر: ابن تيمية، الفتاوى الكبرى، ج 6/ 173.

([41]) ابن القيم، محمد بن أبي بكر، إعلام الموقعين عن رب العالمين، قدم له وعلق عليه وخرج أحاديثه وآثاره: أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان، شارك في التخريج: أبو عمر أحمد عبد الله أحمد، الناشر: دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع، المملكة العربية السعودية، الطبعة: الأولى، 1423 هـ، ج4/ص553.

([42]) انظر: السرخسي، المبسوط، دار المعرفة، ج10/ ص 88- 89. انظر: مالك، المدونة، كتاب التجارة في أرض العدو، ج4/ 275. انظر: الخطيب الشربيني، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، الناشر: دار الكتب العلمية، ج2/ 338. انظر: ابن قدامة، عبد الله بن أحمد، المغني، تحقيق: عبد الله بن عبد المحسن التركي- عبد الفتاح محمد الحلو. دار عالم الكتب/ الرياض، ج6/ ص 319.

([43]) النووي، المنهاج، كتاب البيوع، باب جواز بيع الحيوان بالحيوان من جنسه متفاضلا، ج11/ ص40.

([44]) البخاري، صحيح البخاري، كتاب البيوع، باب الشراء والبيع مع المشركين وأهل الحرب، ج3/ ص80. رقم الحديث: 2216.

([45]) ابن بطّال، عليّ بن خلف، شرح صحيح البخاري لابن بطّال، تحقيق: أبو تميم ياسر بن إبراهيم. دار النشر: مكتبة الرشد – السعودية، الرياض، الطبعة: الثانية، 1423هـ – 2003م. ج6/ ص338.

([46])  الموسوعة الفقهية الكويتية، الناشر: وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية – الكويت، الطبعة: (من 1404- 1427هـ).

([47]) انظر: السرخسي، المبسوط، ج10/ ص 88- 89. انظر: مالك، المدونة، كتاب التجارة في أرض العدو، ج4/ 275. انظر: مغني المحتاج، ج2/ 338. انظر: ابن قدامة، عبد الله بن أحمد، المغني، ج6/ ص 319.

([48]) المرغيناني، علي بن أبي بكر بن عبد الجليل الفرغاني، الهداية في شرح بداية المبتدي، المحقق: طلال يوسف، الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت – لبنان، ج2/ص382.

([49])  انظر: ابن بطال، علي بن خلف، شرح صحيح البخاري لابن بطال، ج6/ ص338. انظر: ابن رشد، محمد ابن أحمد، البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة، تحقيق: د محمد حجي وآخرون. دار الغرب الإسلامي، بيروت – لبنان، الطبعة: الثانية، 1408 هـ – 1988 م ج18/ 614. انظر: الدردير، أحمد بن محمد، الشرح الصغير على أقرب المسالك إلى مذهب الإمام مالك -ومعه حاشية الصاوي- تحقيق: مصطفى كمال وصفي، دار المعارف، ج2/ 288-289.

([50]) مالك، المدونة، كتاب التجارة في أرض العدو، ج4/ 275.

([51]) النووي، يحيي بن شرف، المجموع شرح المهذب، الناشر: دار الفكر، ج9/ ص354.

([52]) الشربيني، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، ج2/ 338.

([53])  ابن قدامة، المغني، ج6/ ص 319.

([54]) الماوردي، الحاوي الكبير، 14/ 310

([55]) ابن الهمام، كمال الدين، فتح القدير، الناشر: دار الفكر، ج5/ص439.

([56])  القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، دار عالم الكتب، 8/ 151.

([57])  الخرقي، متن الخرقي على مذهب أبي عبد الله أحمد بن حنبل الشيباني، دار الصحابة، 138.

([58]) ابن تيمية، الفتاوى الكبرى، 5/ 537.

([59]) المرجع السابق.

([60]) المرجع السابق.

([61]) البزدوي، علي بن محمد، أصول البزدوي -كنز الوصول الى معرفة الأصول، مطبعة جاويد بريس، كراتشي، ص50.

([62]) انظر: ابن أمير حاج، التقرير والتحبير، 1/391-392، العلائي، تحقيق المراد، ج1/ ص94-97، وانظر: الزركشي، البحر المحيط، 3/ 380- 383.

([63]) انظر الأقوال في: الشاشي، أصول الشاشي، ص 165، والسبكي، الإبهاج في شرح المنهاج، طبعة دبي، 4/ 1154، والعلائي، تحقيق المراد في أن النهي يقتضي الفساد، 1/ 89- وما بعدها، والزركشي، البحر المحيط، 3/ 380- 383.

([64]) قاربت على المليارين.

([65]) سبق ذكره.

([66])  هذه إحدى العملات التي كانت تستعمل إبّان الاستعمار الفرنسيّ للجزائر، وكانت تسمّى في الأغلب ريـال بودجو، وهي من الفضّة.

([67]) عليش، محمد بن أحمد، فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك، ج1/ص382.

([68])  السبكي، الأشباه والنظائر، دارا لكتب العلمية، 1992م، 1/ 45. الشاطبي، الموافقات، دار المعرفة، 4/ 146. الزركشي، المنثور في القواعد الفقهية، 2/ 317.

([69]) ابن قيّم الجوزيّة، إعلام الموقّعين 3/ 408، القرافي، أنوار البروق في أنواء الفروق، دار الكتب العلمية، 2/62، القرافي، شرح تنقيح الفصول، شركة الطباعة الفنية المتحدة، تحقيق: طه سعد، ط1، 1973م، ص449، المقري، القواعد 2/394.