حوار العلامة د. عبد الملك السعدي مع موقع (الهيئة نت)

    

31/10/2023

في حوار خاص مع (الهيئة نت).. العلامة الشيخ الدكتور عبد الملك السعدي: على الأمة كلها أن تستفرغ وسعها لنصرة غزة.. وردع العدوان الصهيوني هو واجب على كل مسلم

-يجب ألا يُترك أهل غزة وحدهم في ميدان المنازلة والمواجهة

– لم يقل عالم معتبر قديمًا أو حديثًا بإباحة القعود عن مواجهة الكفار حين يستبيحون دماء المسلمين ويسبون ذراريهم ويفتكون بهم قتلاً وتشريدًا ويحتلون أراضيهم

-مقاصد المقاطعة الاقتصادية للشركات الداعمة للعدو تحقق مقاصد الجهاد

-على زعماء الدول الإسلامية ملوكًا ورؤساء الوقوف مع أهل غزة وإمدادهم بالسلاح والعتاد وأشكال الدعم كلها، وإن لم يحصل منهم ذلك فهم مسؤولون ومحاسبون أمام الله تعالى

– جهاد القول والمال والقلب والسعي بالمعروف وعمل الخير لا يقل أهمية عن الجهاد بالنفس؛ مادام يؤدي الغاية في تحقيق النكاية بالعدو وإغاظته والتغليظ عليه أو تحصيل النفع للمسلمين وزيادة قوتهم وتعزيز وحدتهم

◻️◻️◻️

الهيئة نت| أكّد كبير علماء العراق فضيلة الشيخ الدكتور (عبد الملك بن عبد الرحمن السعدي): أن على الأمة كلّها أن تستفرغ وسعها نصرة لغزة وأهلها بكل الوسائل والسبل الممكنة، وألا يُكتفى ببيانات الشجب والاستنكار والإدانة، وأن على زعماء الدول الإسلامية ملوكًا ورؤساء الوقوف معهم وإمدادهم بالسلاح والعتاد وأشكال الدعم كلها، وإن لم يحصل منهم ذلك فهم مسؤولون ومحاسبون أمام الله تعالى.

وبيّن العلامة السعدي في حوار خاص أجراه معه موقع (الهيئة نت): أنه إذا اعتدى الكافر على بلاد المسلمين أو على أموالهم مثل ما يحصل الآن من الصهاينة باحتلال أرض فلسطين، وكما يحصل الآن من هجوم همجي على (غزة) وسفك دماء أهلها ظلمًا وعدوانًا وقتل الأطفال والنساء وتخريب الديار؛ فحكم هذا النوع من الجهاد هو فرض عين على القادرين من أهل البلد؛ حتى يتحقق الاكتفاء بإخراج العدو من بلاد المسلمين، أو صدّه عنها، فإن لم يكن في أهل البلد كفاية كما هو الحال الآن فيجب على القادرين من الأمة القتال معهم ونصرتهم حتى تتحقق الكفاية.

وشدد الشيخ على أن أي عالم معتبر -قديمًا أو حديثًا- لم يقل بإباحة القعود عن مواجهة الأعداء حين يستبيحون دماء المسلمين ويسبون ذراريهم ويفتكون بهم قتلاً وتشريدًا ويحتلون أراضيهم؛ لذلك يجب عدم ترك أهل غزة وحدهم في ميدان المنازلة والمواجهة.

وفيما يأتي نص الحوار:

الهيئة نت: ما هو التوصيف الشرعي لحال الصراع مع الاحتلال الصهيوني؟ وماذا يترتب على المسلمين -أفرادًا وجماعات- بموجب هذا الوصف؟

الجواب: الجهاد نوعان:

1- جهاد القلم واللسان؛ وذلك لنشر عدالة الإسلام في العالم؛ ولأجل إنقاذهم من الكفر إلى الإيمان، ومن الضلالة إلى الهدى، فإن لم ينفع ذلك فيكون جهاد السيف؛ وذلك لمصلحة البشرية: كالجراح حينما لا ينفع الدواء يضطر إلى العملية الجراحية.

وهذا الجهاد فرض كفاية إذا قام به البعض سقط الإثم عن المسلمين، وإن ترك فالكل آثمون. قال تعالى: ((وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ۚ فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)) الأنفال (39).

وقال تعالى: ((انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ)) التوبة (41).

٢. جهاد الدفاع والتحرير، وذلك فيما ذا اعتدى الكافر على بلاد المسلمين أو على أموالهم مثل ما يحصل الآن من الصهاينة باحتلال أرض فلسطين، وكما يحصل الآن من هجوم همجي على غزة وسفك دماء أهلها ظلمًا وعدوانًا وقتل الأطفال والنساء وتخريب الديار؛ فحكم هذا النوع من الجهاد هو فرض عين على القادرين من أهل البلد حتى يتحقق الاكتفاء بإخراج العدو من بلاد المسلمين، أو صدّه عنها، فإن لم يكن في أهل البلد كفاية كما هو الحال الآن فيجب على القادرين من الأمة القتال معهم ونصرتهم حتى تتحقق الكفاية. وهذا لا خلاف فيه بين العلماء، ولم يقل عالم معتبر قديمًا أو حديثًا بإباحة القعود عن مواجهة الكفار حين يستبيحون دماء المسلمين  ويسبون ذراريهم ويفتكون بهم قتلًا وتشريدًا ويحتلون أراضيهم. فلا يجب ترك أهل غزة وحدهم في ميدان المنازلة والمواجهة؛ بل على الأمة كلها أن تستفرغ وسعها نصرة لهم بكل الوسائل والسبل الممكنة، ولا يُكتفى ببيانات الشجب والاستنكار والإدانة، وأنه على زعماء الدول الإسلامية ملوكًا ورؤساء الوقوف معهم وإمدادهم بالسلاح والعتاد وأشكال الدعم كلها. وإن لم يحصل منهم ذلك فهم مسؤولون محاسبون أمام الله تعالى.

الهيئة نت: كيف تقيّمون دور علماء المسلمين في الأزمات التي تعيشها الأمة؟ وما الذي يتوجب عليهم القيام به في ظل العدوان الذي يتعرّض له أهلنا في غزة؟

الجواب: النهي عن المنكر باليد: هو واجب الحكام، وباللسان: هو واجب العلماء؛ باللسانين لسان القلم ولسان النطق، لذا يجب على علماء الأمة أن يقوموا بما يستطيعونه من جهود وحملات إعلامية من خلال منابر الجمعة، ومن منصات الوعظ والمحاضرات، وغيرها؛ وكشف أبعاد هذا العدوان الغاشم على غزة.

الهيئة نت: هل يطرأ اختلاف في تطبيق الأحكام الشرعية أثناء النوازل التي تصيب المسلمين؛ ولا سيما إذا كان هناك تحقيق مصلحة أو دفع مفسدة ؟ وما هو الضابط في ذلك، مثلاً: هل يجوز تقديم إيتاء زكاة المال الذي بلغ النصاب قبل حلول الحول؟

الجواب: الإسلام وضع قواعد وضوابط لدفع المفسدة صالحة لكل زمان، مثل: (لا ضرر ولا ضرار)، ومثل: (الضرورات تبيح المحظورات)، وفي المسائل الخلافية يجب الإفتاء بالرأي الذي فيه مصلحة للمسلمين –ماعدا الأمور التعبدية-. وبما أن أصناف من تدفع لهم الزكاة ثمانية كما -نص القرآن الكريم– ومنها: صنف في سبيل الله؛ فيجب دفع الزكاة للمجاهدين المدافعين عن غزة، والإفتاء بجواز تعجيل الزكاة عن يوم الحول ولو منع ذلك بعض الفقهاء.

الهيئة نت: ما قول فضيلة الشيخ في المقاطعة الاقتصادية للشركات الداعمة للعدوان الصهيوني على غزة؟

الجواب: إذا كان معنى الجهاد بمفهومه العام المبالغة في بذل الوسع واستفراغ الممكن في كل شؤون الحياة ومتطلباتها السياسية والاقتصادية والإعلامية دون الاقتصار على القتال في سوح الوغى والجهاد بالنفس وبذل المهج والأرواح -وإن كان أقصى غاية الجود كما قيل-؛ فإن جهاد القول والمال والقلب والسعي بالمعروف وعمل الخير لا يقل أهمية عن ذلك البتة مادام يؤدي الغاية في تحقيق النكاية بالعدو وإغاظته والتغليظ عليه، أو تحصيل النفع للمسلمين وزيادة قوتهم وتعزيز وحدتهم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل). رواه مسلم.

فمقاصد المقاطعة الاقتصادية تحقق بلا شك مقاصد الجهاد، قال تعالى: ((ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلَا يَطَـُٔونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ ٱلْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُم بِهِۦ عَمَلٌ صَٰلِحٌ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ)) التوبة (120). فأي عمل مهما كان وصفه أو توصيفه يغلب على الظن أنه يضر بمصالح العدو الكافر ويحقق النكاية به ويغيظه؛ هو جهاد فعلي وإن كان تركًا؛ فالترك عند أهل التحقيق من الأصوليين يُعد فعلًا، وبخاصة إذا أحسن المسلمون استعماله من ناحية جعله أداة تضر بمصالح الأعداء وتزيد من الضغط عليهم لإزالة ظلمهم ودفع باطلهم وإيقاف عدوانهم وبغيهم على المسلمين، على ألا يترتب على ذلك مفسدة أعظم.

ومن هنا فإنه يجب على المسلمين أفرادًا وشعوبًا وحكومات تفعيل المقاطعة الاقتصادية بالمعنى الذي ذكرناه ما استطعنا إليها سبيلًا، كل حسب وسعه وقدرته، وإنَّ فعل المخالف حرام شرعًا بل هو من قبيل موالاة الكفار ومظاهرتهم على إخوانهم المسلمين.

الهيئة نت: ما توجيه فضيلتكم للمجاهدين العاملين في الميدان؟ وللناشطين في السياسة والإعلام؟ ولعامة المسلمين الذين لا يجددون سبيلاً لنصرة المسجد الأقصى وغزة وعموم فلسطين سوى الدعاء والمؤازرة عن بعد؟

الجواب: ردع العدوان الصهيوني على غزة، بل احتلالهم أرض فلسطين وهيمنتهم على أولى القبلتين وثالث الحرم هو واجب على كل مسلم، أما عامة أفراد المسلمين ممن يرغبون المشاركة في استعادة بيت المقدس وتحرير أراضي فلسطين ونصرة أهلنا في غزة ويمنعون من قبل ولاة الأمور؛ فهم معذورون ومثابون على نيتهم الحسنة، فإن منعوا من مقاومتهم فلا يتركوا وسائل الدعم والمعاونة الأخرى، ولا يقصروا في الدعاء الصادق لنصرتهم والقنوت في الصلوات الخمس، والله ولي التوفيق.

نقلاً عن: الهيئة نت

https://amsi-iq.net/?p=58444

قد يعجبك أيضاً