خاص هيئة علماء فلسطين
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى: {انفروا خفافاً وثقالاً وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون}، وقال تعالى: {والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون}
هذا بيان واضح ونداء صارخ للأمة لهبة صادقة وخطة مدروسة انتصاراً للدين وللمقدسات في الأرض المباركة فلسطين
الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد إمام المجاهدين وقائد الغر المحجلين وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين، أما بعد:
فيقول الحق سبحانه وتعالى: {إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون}
إن هيئة علماء فلسطين في الخارج وهي تتابع بقلق وغضب وألم الإجرام والعدوان الصهيوني على مقدسات الأمة الإسلامية في فلسطين بإعلان ضم المسجد الإبراهيمي في الخليل ومسجد بلال بن رباح رضي الله عنه في بيت لحم إلى قائمة التراث اليهودي ( المزيف), وما تلا ذلك من عدوان على المصلين في المسجد الأقصى المبارك واقتحام لساحاته والحفريات المتواصلة تحته والأعمال الإجرامية المستمرة والمتواصلة لتهويد المدينة المقدسة والاعتداء على أهلنا في فلسطين والقدس أثناء احتجاجاتهم على الاعتداءات الصهيونية والتصرفات الإجرامية, فإن الهيئة لتؤكد في هذا الصدد على ما يلي:
أولاً: إن مقدساتنا في فلسطين إنما هي حق لجميع المسلمين ولم تكن في يوم من الأيام يهودية ولن تكون بإذن الله تعالى، فمن أجل حمايتها تهون الأنفس وتبذل الأرواح وتنفق الأموال، وواجب الأمة الإسلامية النفير لحمايتها حتى آخر قطرة من دمائها، قال تعالى: {وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر}.
ثانياً: إننا ومن منطلق الرؤية الشرعية ندعو الدول العربية للتراجع الفوري عن قرارها بالموافقة على المفاوضات غير المباشرة مع العدو الصهيوني, إذ إن هذا القرار يقدم الذريعة للعدو للقيام بالمزيد من الاعتداءات على أهلنا ومقدساتنا، وقد ظهر ذلك جلياً برد الكيان الصهيوني على هذا القرار بضم المسجد الإبراهيمي ومسجد بلال بن رباح إلى تراثه الخرافي والإعلان عن بناء ألف وستمائة وحدة سكنية حول القدس، وإننا لنحملهم كامل مسؤوليتهم التاريخية ومسؤوليتهم أمام الله سبحانه وتعالى جبار السموات والأرض إذا فرطوا بشيء من مقدسات الأمة، وتراثها فالله تعالى يقول: {فلا تهنوا وتدعوا الى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم}.
ثالثاً: نطالب السلطة الفلسطينية بالتوقف فوراً عن كل أشكال التفاوض والتعامل مع الاحتلال الصهيوني مباشراً كان أم غير مباشر وتحمل المسؤولية تجاه المقدسات والشعب الفلسطيني وذلك بدعم صموده ومقاومته والتخلي عن مفاوضة عدوه، قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوماً غضب الله عليهم}
رابعاً: نطالب السلطة الفلسطينة أيضاً بإطلاق سراح المجاهدين من معتقلاتهم كي يتسنى لهم الانخراط في شرف الدفاع عن المقدسات ومقارعة العدو ونزع أمنه وتعطيل مخططاته والتوقف عن ملاحقة المجاهدين لنفس الغرض وإنهاء التنسيق الأمني مع المحتل الذي لا يرقب في أهلنا إلاّ ولا ذمة, فلا يقبل شرعا أن يقوم العدو بظلم الأهل ومصادرة الأراضي والحقوق وتهويد المقدسات وضمها إلى تراثه الزائف وتقوم السلطة بالتنسيق معه ومطاردة المجاهدين الذين يقضون مضجعه واعتقالهم.
خامساً: ندعو كل الفصائل الفلسطينية خاصة فتح وحماس الى نبذ خلافاتهم وتوحيد صفوفهم أمام غطرسة العدو الصهيوني ومشروعه التوسعي وعدوانه الذي لا يفرق فيه بين فصيل وآخر والتوحد على خيار المقاومة والجهاد انتصاراً للمسجد الاقصى المبارك ولكل المقدسات ووضع خطة موحدة لمواجهة هذا العدوان الصهيوني الذي لا يجدي معه إلا لغة الجهاد والمقاومة
قال تعالى: {قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين}
سادساً: نحذر أمتنا من أن الخطر الذي يتهدد المسجد الأقصى لا ينحصر في هدمه بل إن تقسيمه مرحلة من مراحل العدوان عليه بل هو أقرب إلى الواقع في عمليات الاجتياح والعدوان هذه الأيام كما كان تقسيم المسجد الإبراهيمي من قبل تمهيداً للاستيلاء عليه بالكامل في خطة متدرجة خبيثة, ولا أدل على ذلك من أن العدو الصهيوني يعد لبناء كنسه الأعلى (كنيس الخراب) على بعد أمتار من المسجد الاقصى المبارك، وإن من معتقدات اليهود فيه أن يتبعه مباشرة إقامة هيكلهم المزعوم مكان المسجد الأقصى وسوف يحضر تدشينه في السادس عشر من هذا الشهر قيادات دينة وسياسية احتفالاً بقرب ظهور هيكلهم المزعوم كما يعتقدون.
سابعاً: ندعو منظمة المؤتمر الإسلامي إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لنصرة المقدسات على أرض فلسطين، ونذكرها بأنها ما أنشئت أصلاً إلاّ رداً على العدوان الصهيوني على المسجد الأقصى بإحراقه عام 1969 ، فما قيمة وجودها إذا وقع عليه العدوان دون أن يكون لها موقف واضح وحركة فاعلة في التصدي والدفاع عنه؟
ثامناً: نوجه رسالة صدق وغيرة إلى القمة العربية التي ستنعقد في السابع والعشرين من هذا الشهر بأن يكون المسجد الأقصى والمقدسات في فلسطين وحصار غزة وقضية فلسطين أول البنود على جدول أعمالها, ونذكر القادة العرب بأن شعوبهم تتطلع منهم الى غضبة لله, ووقفة جادة يرضى عنها ربنا تبارك وتعالى ثم يسجلها لهم التاريخ بشرف، ونذكرهم بقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: ( المسلم أخو المسلم لا يسلمه ولا يظلمه ولا يخذله ) فلا أقل من أن يخرج مؤتمرهم هذا بقرار واضح حازم يشمل كسر الحصار عن غزة الصابرة المجاهدة واتخاذ قرار مصالحة عادلة بين الفصائل الفلسطينية لا سيما بين فتح وحماس على وجه يحفظ مشروع الجهاد والمقاومة.
تاسعاً: نحيي أبناء شعبنا الصابر الصامد في الداخل ونذكرهم بأنهم قد فجروا انتفاضة المساجد عام 1987م انتصاراً لدماء إخوانهم التي سفكت ظلماً وعدواناً وفجروا انتفاضة الأقصى انتصاراً لدينهم وحرمة المسجد الأقصى المبارك عند اقتحامه من رئيس الوزراء الصهيوني (المسخ) آرئيل شارون، وإننا نتطلع اليهم اليوم وندعوهم لتفجير انتفاضة المقدسات انتصاراً للمسجد الأقصى والمسجد الإبراهيمي ومسجد بلال وغيرها من المقدسات التي ينتهكها العدو الصهيوني صباح مساء وثأراً وانتقاماً لدماء الشهداء ومعانات الأسرى خلف القضبان.
عاشراً: لا يفوتنا أن نحيي أبناء شعبنا الفلسطيني في الأراضي المحتلة عام 1948 على جهدهم وجهادهم في تثبيت هوية المسجد الأقصى المبارك والدفاع عنه، وندعوهم إلى مزيد من شد الرحال إليه والمرابطة فيه والعمل على إحباط محاولات الصهاينة المعتدين في اقتحامه وتدنيسه وانتهاك حرمته.
الحادي عشر: نعلن تضامننا مع شيخ الأقصى الشيخ المرابط رائد صلاح في وجه المؤامرة التي تستهدفه وقرار الاعتقال الجائر الظالم بحقه, ونعتبر هذا الاعتقال جزءاً من المؤامرة على القدس والمسجد الأقصى بالحيلولة دون وصول الشيخ إليه والدفاع عنه وقيادة أهلنا لحمايته.
الثاني عشر: نوجه التحية لأهلنا من أبناء مدينة القدس ونحيي ثباتهم وصمودهم أمام الهجمة الصهيونية الرامية إلى اقتلاعهم من ديارهم ومدينتهم المقدسة لتفريغها من أهلها الحقيقيين وجلب قطعان المستوطنين إليها, كما ونحيي دفاعهم عن الأقصى واعتكافهم ورباطهم فيه, وندعو الأمة إلى دعمهم بكل وسائل الدعم المادية والمعنوية التي تساعدهم على الثبات وتمكنهم من الاستمرار في جهادهم حتى يأذن الله بالفرج.
ونحيي أيضاً أهلنا في مدينة خليل الرحمن ومدينة بيت لحم مهد سيدنا المسيح عليهم السلام على ثباتهم وتصديهم للمحتل قال تعالى: {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم للقدير}
الثالث عشر: إن هيئة علماء فلسطين في الخارج وهي تصدر هذا البيان بصدد ما يجري في فلسطين لا يفوتها أن تندد بالعدوان الأمريكي على أهلنا في العراق الحبيب وأفغانستان، وتدعو الأمة لتظافر جهودها في دعم المجاهدين في هذين البلدين الحبيبين وفي كل مواقع الدفاع عن حرمات المسلمين وحقوقهم ومدافعة الغاصبين المعتدين.
أما أنتم يا أبناء أمتنا العظيمة في مشارق الأرض ومغاربها فإننا ندعوكم الى:
1- اعتبار يوم الجمعة القادم 26 ربيع الأول الموافق الثاني عشر من آذار ( مارس) يوماً للقدس والمقدسات, للأقصى والمسجد الإبراهيمي ومسجد بلال, يوماً للتضامن مع أهلنا في فلسطين في مواجة صلف العدو الصهيوني وإجرامه.
2- ندعو العلماء والخطباء أفراداً وهيئات ( وعلى رأسها الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وجبهة علماء الأزهر وهيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية وكل هيئات العلماء وروابطهم في العالم الإسلامي بما لهم من مكانة وتأثير في أبناء هذه الأمة بأن يصدروا الفتاوى والتوجهيات ويخاطبوا الحكام والمسؤولين بتحمل كل مسؤولياتهم تجاه ما يجري في الأرض المباركة، وأن يحثوا الدعاة والخطباء لجعل أحاديثهم وخطبهم حول ما يجري في فلسطين، وأن يوجهوا إلى القنوت والدعاء في الصلوات وغيرها نصرة لأهل فلسطين وغيرهم من المظلومين في العراق وأفغانستان وغيرها من بقاع العالم.
3- ندعو جماهير أمتنا العربية والإسلامية في العواصم والمدن إلى الخروج في مظاهرات سلمية حاشدة تنديداً بالإجرام الصهيوني وأن تطالب المسؤولين والحكام بمواقف عملية في مواجهة تهويد المقدسات في فلسطين.
4- ندعو تجار الأمة وأغنياءها بل وفقراءها كلاً من موقعه وبقدر طاقته إلى مضاعفة الدعم المادي لأهلنا في فلسطين عامة وفي القدس خاصة تثبيتاً لهم في رباطهم وعوناً لهم على ثباتهم وصمودهم باعتبار ذلك واجباً شرعياً على المسلم تجاه أخيه المسلم.
قال صلى الله عليه وسلم: ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر)
5- وإدراكاً منا لأهمية وسائل الإعلام وعظم دورها في تحريك الجماهير وإبراز القضايا وممارسة الضغط فإننا ندعو وسائل الإعلام بأشكالها كافة إلى تبني قضية المسجد الأقصى المبارك والمسجد الإبراهيمي والمقدسات على أرض فلسطين وجعلها محوراً أساسياً في برامجها ونشراتها وتقاريرها وتصليت الضوء على التهديدات الصهيونية لهذه المقدسات واقتحام الجماعات المتطرفة لساحات الأقصى وإحياء القدس والاعتداء على أهلنا هناك الذي يتكرر كل يوم والتنبيه المستمر على كل هذه المؤامرات والمخططات التي يحكيها العدو يوماً بعد يوم.
وفي الختام نوجه التحية إلى أسرانا البواسل في سجون الاحتلال وإلى جرحانا الميامين ونحيي الثابتين المرابطين المجاهدين رغم الجدران والحصار على أرض غزة الإباء وضفة الصمود وعلى كل ثرى فلسطين، ونردد في أسماع الأمة كلها نداء الحق جل شأنه: {يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثقالتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل}
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
هيئة علماء فلسطين في الخارج
الخميس 25 ربيع الأول 1431هـ
الموافق 11 آذار ( مارس) 2010م