خاص هيئة علماء فلسطين

         

الحمد لله ربّ العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين؛ وبعد:

فبعد قرابة أربعين يومًا من الحرب الإجراميّة على غزّة العزة وعشرات المجازر المروعة بحق أبناء شعبنا يقتحم العدو الصهيوني بدباباته ومجنزراته وطائراته مجمع الشفاء الطبي بعد أن قصفه على مدار الأيام الماضية، وقد أمعن العدو الصهيونيّ في حربه الإجرامية باستهداف المستشفيات ابتداء من مجزرة المستشفى المعمداني الأهلي مرورًا باقتحامه وقصفه عدة مستشفيات وصولًا إلى الاقتحام الإجراميّ لمجمع الشفاء الطبي.

وإننا في هيئة علماء فلسطين أمام هذه الحرب الإجراميّة المستمرة واقتحام مجمع الشفاء الطبي نؤكد الآتي:

أولًا: لقد غدا من نافلة القول: إن العدو الصهيوني وأمريكا التي تسانده دولٌ إرهابيّة مجرمة، ولكن أين هي الدول العربيّة الإسلاميّة من هذا الإجرام الذي يملأ الشاشات؟! ولئن كان العدو الصهيونيّ يمارس إجرامه المباشر بحق أبناء شعبنا فإننا نعلنها بكل وضوح: إنّ الصمت على هذه الجريمة من الدول العربيّة والإسلامية شراكة في الجريمة، وإغلاق معبر رفح في وجه أبناء شعبنا ومنع وصول المساعدات جريمة، واستمرار التطبيع والعلاقات مع هذا العدو المجرم شراكة في الجريمة

ثانيًا: من الواضح الجلي أن العدو الصهيوني يُعِدُّ مجمع الشفاء الطبي ليكون مسرحًا لرواية صهيونيّة مفتراة بحق أبناء شعبنا ومجاهدينا على غرار ما فعله في مستشفى الرنتيسي، فكل هذا التعتيم خلال اقتحامٍ مرَّ عليه أكثر من عشر ساعات وتفجير مستودعات الأدوية والأجهزة الطبية يؤكد أن العدو يجهز ليطلع علينا برواية تظهره بصورة المنتصر بعد أن خاب سعيه وبطلت مزاعمه، وهذا يوجب على أبناء أمتنا فضح هذا الباطل الصهيوني ورد روايات العدو وأكاذيبه بحق شعبنا ومجاهدينا الأبطال.

ثالثًا: لو أننا قلبنا الصورة قليلًا وكانت مقاومتنا ومجاهدونا هم الذين يحاصرون ويقصفون ويقتحمون مستشفى صهيونياً على مدار أسابيع _ومقاومتنا أرقى وأعظم من أن تمارس هذا الفعل الإجرامي_ ولكن لو تخيلنا قلب المشهد فهل ستسكت الدول العربيّة والإسلاميّة؟ وهل سيصيبها الخرس كما هو حاصل اليوم؟!

إنّ هذا الصمت العربيّ والإسلامي على هذه الجريمة البشعة يتجاوز الخذلان إلى المشاركة الضمنيّة بالصمت على المجزرة المستمرة.

رابعًا: إن هذا الاستهداف الممنهج للمستشفيات وارتكاب المجازر المروعة بحق المدنيين لهو دليل على إفلاس العدو الصهيوني وفشله بل هزيمته الموجعة تحت ضربات المجاهدين الأبطال، ولذا فإن مثل هذه الجرائم لا تفت في عضد أبناء شعبنا وأمتنا بل تزيده يقيناً بالنصر بإذن الله تعالى وإصرارًا على تحقيقه بجعل هذا العدو يزداد جنوناً ورعباً وفقداناً لتوازنه.

خامسًا: إننا إذ نحيي الشعوب الحرة التي خرجت بالملايين في العواصم الأوروبيّة والأمريكيّة ضد العدوان الصهيوني على غزة فإننا ندعو شعوبنا العربيّة والإسلاميّة ألاَّ تبرح الساحات ولا تغادر الميادين وأن تحاصر بزحفها السفارات والقنصليات الصهيونيّة والأمريكيّة حتى تتحرك الأنظمة العربية والإسلامية لوقف المجزرة المستمرة بحق أبناء شعبنا.

حيا الله أبناء شعبنا الصابر الثابت المحتسب في غزة العزة الذي يضرب أروع صور البذل والثبات والتضحية، وحيا الله سواعد مجاهدينا الأبطال التي تذيق العدو الموت الزؤام ويشفي الله بها صدور قوم مؤمنين، وإنّ النصر مع الصبر والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون

هيئة علماء فلسطين

1/جمادى الأولى/1445هـ

15/نوفمبر/2023م