ماذا يجري فعلًا في القدس والمحتلة؟؟؟
كتبه د. محمود سعيد الشجراوي
تسابقت أذرع الاحتلال الصهيوني في ماراثون تهويد مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى المُبارك منذ اليوم الأول لاحتلال المدينة المقدسة، فمنذ صباح يوم الأربعاء 7/6/1967 م بدأت أذرع الاحتلال ((جيش، شرطة، مستوطنون)) نعم مستوطنون فهم ذراع من أذرع الأخطبوط الصهيوني الاحتلالي لتنفيذ مخططاته الاحتلالية في القدس المحتلة بداية بهدم حارة المغاربة أيام 13،12،11/6/1967 م حتى اليوم
لكن الأعوام الأخيرة كانت أشدَّ الأعوام وأكثرها إيلامًا لمحبي القدس والمسجد الأقصى المُبارك، التي أنجزَ بها الاحتلال خطوات كثيرة يمكن اعتبارها إنجازات كبيرة على طريق تنفيذ مخططه في تهويد عين المسجد الأقصى المُبارك، فمن سحب صلاحيات الأوقاف الإسلامية من ترميم السور الجنوبي للمسجد الأقصى المُبارك مرورًا بتركيب منظومة صوتية موازية لمنظومة المسجد الأقصى المُبارك الصوتية إلى مضاعفة أعداد المقتحمين عشرات المرات، إلى تثيبت اقتحام المسجد الأقصى المُبارك في كل يوم عدا يومي الجمعة والسبت، إلى الدعوات المحمومة لتنفيذ الاقتحام الكبير يوم 28 رمضان ومسيرة الأعلام في وقت يعلم به الاحتلال أن رمضان والعشر الأواخر منه شيءٌ مختلفٌ في المسجد الأقصى المُبارك وأنَّه أي الاحتلال أصرَّ على مساواة المقدَّس الإسلامي الأصيل بالمقدَّس التوراتي الدخيل، ورغم فشله في ذلك إلا أنَّه أصرَّ أن ينفذ اقتحامًا كبيرة ومسيرة أعلام باهتة تعويضًا لها، ولعلَّ الفترة المحمومة الأخيرة منذ شهر مايو الماضي حتى اليوم كانت الأشدَّ فعلًا، ويمكننا إذا لاحظنا كيف قسَّم الاحتلال أهدافه وكيف حوَّل أنظار الدنيا -كل الدنيا- إليه وإلى ما يفعله على الأرض فنجد أنَّه اشتغل على محاور خطة واضحة أركانها:
- إتمام طوق حصار المستوطنات بتفريغ حي الشيخ جرَّاح وإحلال مستوطنين فيه بدل أهله المقدسيين، فثارت قضية حي الشيخ جرَّاح من جديد بعد أن نفَّذ الاحتلال خطوته الأولى في 2009 ولولا الجهد الكبير والصمود المذهل لأهل الحي والدعم الإعلامي من خارج الحي بل ومن خارج القدس وفلسطين لعل الاحتلال كان سينفذ مخططه في احتلال حي الشيخ جرَّاح بصمت وهدوء كما تمَّ له ذلك في كثير من مراحل احتلال القدس وتهويدها.
- الضغط الشديد في تفريغ ستة أحياء من سلوان -الخاصرة الجنوبية للقدس المحتلة- وتجريف أراضيها، وتسليم عشرات من أهلها قرارات الهدم وقرارات إيقاف البناء، وتنفيذ عمليات الهدم فعلًا بالمنشآت السكنية والتجارية بمتوسط بيت أو منشأة كل يوم.
- تكثيف عمليات اقتحام المسجد الأقصى المُبارك ومضاعفة أعداد المقتحمين من 20-25 مقتحم يوميًا إلى ما يزيد عن 100- 150 مقتحم يوميًا، بل ونجح الاحتلال في حشد 5600 مقتحم للمسجد الأقصى المُبارك في أسبوع واحد (عيد العُرش) وهو رقم خيالي كان لا يصل عدد المقتحمين للمسجد الأقصى المُبارك في عام كامل إلى هذا الرقم.
- تنفيذ كل الطقوس الدينية الممكنة في المسجد الأقصى المُبارك باعتباره (الهيكل) أو باعتبار إقامة الهيكل شعائريًا، فصارت الصلوات الصامتة مشرعنة بقرار محكمة وصارت شرطة الاحتلال تعتقل من يتعرض لأي منفذ لهذه الطقوس بالاعتقال وصار السجود الملحمي وتنفيذ صلوات البركات وغيرها حتى نفخ البوق غير الموثق تمَّ فعلًا هذا العام في داخل المسجد الأقصى المُبارك، ولعل ضعف مواقف الأوقاف الإسلامية في القدس وغياب دور حقيقي للأوقاف الأردنية شجَّع الاحتلال على سرعة تنفيذ مخططاته التهويدية.
- ما زال الاحتلال يستهدف الرموز المقدسية بالاعتقال أحيانًا وبالإبعاد عن القدس المحتلة والمسجد الأقصى المُبارك أحيانًا أخرى، وبتقييد الحركة والحبس والمنزلي أحيانًا أخرى، وما يزال الاحتلال يستهدف منطقة باب العمود ويضيق على المقدسيين فيها، بالشرطة أحيانًا وبالسماح للمستوطنين باستفزازهم أحيانًا أخرى، وصارت (سميرة) سيارة المياه العادمة أداة الاحتلال الأكثر أذى للمقدسيين في كل القدس المحتلة وفي منطقة باب العمود بشكل خاص، ولعل صاحب فكرة استخدام سيارة المياه العادمة شيطان من شياطين الإنس لما فيها من أذى في الرائحة أولًا، والتشكيك بالطهارة ثانيًا، وبما تتطلبه من تنظيف للمكان والملابس، خصوصًا ويستخدم الاحتلال فيها موادًا كيماوية تظل رائحتها ساعات طويلة أو أيامًا حتى.
- استهداف الاحتلال لمقبرة اليوسفية وما جرى فيها من أمور مؤلمة يندى لها جبين كل مؤمن، فمن تجريف لبعض قبورها، لإظهار عظام وبقايا موتانا، لطمر بعض القبور بالتراب الزراعي الذي أحضرته آليات الاحتلال، لتركيب سور حديدي وبوابات للجزء المستهدف منها، ثم فرشها بالعشب الأخضر الطبيعي لإظهارها بمظهر الحدائق، تم كل هذا في مقابرنا تحت سمع وبصر الدنيا بعربها وعجمها ولم نسمع همسًا، وتُرك المقدسيون لِتُرابط الأمهات بجوار قبور أبنائها ويُرابط الرجال قرب قبور آبائهم، وتم بالفعل اقتطاع خمسة دونمات من أرض مقبرة اليوسفية وأعلن الاحتلال عن افتتاحها الأسبوع القادم، ليأتي المستوطنون يتنزهون ويرقصون فوت رفات موتانا وجثث شهدائنا.
- ويوم أمس يظهر حاخام مأفون ((يعقوب هيمن)) في صورةٍ خلفيتها قبة الصخرة المشرفة يدعو للبحث عن مقاول متخصص بهدم المنشآت لتقديم مقترح لكيفية إزالة ونقل قبة الصخرة- قلب المسجد الأقصى- إلى خارج المسجد الأقصى المُبارك، لبناء ما يسمى “المعبد الثالث” مكانها، الأمر الذي يمكن اعتباره بداية مرحلة جديدة تهدد فعلًا أبنية المسجد الأقصى المُبارك بالهدم أو النقل أم التدمير.
ألا إنَّ معركة القدس حمي وطيسها، وهنيئًا لمن كان له فيها سهمٌ ودورٌ في تثبيت أهلها، ودعم صمودهم، ومدِّهم بكل ما من شأنه ثباتهم في أرض بيت المقدس ورباطهم في المسجد الأقصى المُبارك، حمايةً للمقدسات نيابة عن الأمة الإسلامية، فواجب الأمة في نصرتهم ومدِّهم بالعون بدءً بالدعاء وانتهاءً بالمدد المالي ثم بالرجال إذا حانت ساعة التحرير القادم بتحقيق وعد الله تعالى؛ ويسألونك متى هو قل عسى أن يكون قريبًا، المهم أن يكون لنا دور في ذلك النصر وتنفيذ ذلك الوعد.