خاص هيئة علماء فلسطين

         

19/11/2024

إعداد: د. محمود مصطفى أبو محمود المدير التنفيذي لهيئة علماء فلسطين

بسم الله الرحمن الرحيم

للحصول على نسخة pdf :

https://drive.google.com/file/d/1hS_ukJNjdQesDcZZ8qMVT9ItKrC_R5Ky/view?usp=sharing

مقدمة:

إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعين به ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، ونصلي ونسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، وبعد:

موضوع أخلاقيات المعرفة من محاور نظرية المعرفة، ودراستها من الأهمية كونها تحمي المعرفة من التزييف والضلال، وتنأى بصاحبها عن التحريف والتبديل، وتجعله في موقف يثق الناس بمعرفته، فيقبلون عليه ينهلون من عطائه المعرفي، وهو بذلك يسير إلى ما يحب الله تعالى ويرضى، هاديه الحق وحاديه الحقيقة، كما أن فوضى المنازعات والمشاحنات الفلسفية والكلامية وأزمة القيم التي تعصف بالحضارة الإنسانية بشكل عام والغربية بشكل خاص تجعل الحديث عن أخلاقيات المعرفة من باب الفرض والإلزام لا من باب الترف والنافلة من القول.

ولا شك أن أخلاقيات المعرفة والبحث العلمي تدور في دائرة الممكن من الأفعال الإرادية التي يمكن أن يقوم بها المرء عن قصد واختيار، فلا يطلب من المرء إلا ما يطيق، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.

وقد وجدت أن الأستاذ الدكتور أحمد الدغشي حفظه الله تعالى قد أفرد لأخلاق المعرفة باباً في أطروحته “نظرية المعرفة في القرآن الكريم وتضميناتها التربوية”، فذكر خمسة عشر منها، وأصّل لها مشكوراً مأجوراً، وقد رأيت أن أقف عندها لهدفين، الأول منهما: إبراز هذه الأخلاق في بحث مستقل؛ لإخراجه لطلبة العلم ونشره للباحثين تعميماً للفائدة وتوعية بأخلاقيات المعرفة، والهدف الثاني: التوسع في تأصيلها، وقد استحسنت أن أضيف إليها خمسة أخرى رأيتها ضرورية ليكتمل بها صرح منظومة هذه الأخلاقيات، لتصبح عشرين منارة تكون صمام أمان لكل باحث ومتلقي، والله ولي التوفيق.

تعريفات:

قبل البدء ببيان هذه المنظومة الأخلاقية للمعرفة لا بد من إلقاء الضوء بإيجاز حول مفهوم المعرفة، ليكون توطئة ومدخلاً للحديث عنها، فأقول: المعرفة عند أهل اللغة: من العين والراء والفاء، وهما أصلان صحيحان، يدل أحدهما على تتابع الشيء متصلا ًبعضه ببعض، والآخر على السكون والطمأنينة. ومنه الْمَعْرِفَة وَالْعِرْفَان. تقول: عَرَفَ فُلَانٌ فُلَانًا عِرْفَانًا وَمَعْرِفَةً. وَهَذَا أَمْرٌ مَعْرُوف([1]). أما المعرفة في الاصطلاح: فهي عملية إدراك للأشياء على حقيقتها([2]). وجاء في المعجم الفلسفي ” المعرفة لها معنيان أساسيان، والباقي مضامين لهما:

المعنى الأول: الفعل العقلي الذي يتم به حصول صورة الشيء في الذهن.

المعنى الثاني: الفعل العقلي الذي يتم به النفوذ إلى جوهر الموضوع، لتفهم حقيقته بحيث تكون المعرفة بالشيء خالية من كل غموض، ومحيطةً موضوعياً بكل ما هو موجود للشيء في الواقع.”([3])

وينسجم التعريف الاصطلاحي مع اللغوي؛ فإدراك المعرفة يتأتى مع مرور الزمن شيئاً فشيئاً، وبتكرارها وتتابعها تصير في الذهن معروفة واضحة، ومتصلة مع ما قبلها وما بعدها من معارف وخبرات.

ولم يبتعد الاستخدام القرآني عن المدلول اللغوي لمصطلح المعرفة، بيد أنه زِيد فيه معنى التفكّر والتدبر كما في قوله تعالى: {تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ} [سورة المائدة: 83]. وقوله تعالى: {يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُون} [سورة النحل: 83]. قال الراغب: إن معنى المعرفة في الآيتين: “إدراك الشي بتفكر وتدبر لأثره”([4]).

ومن باب الاستطراد وملح العلم أذكر ما نبَّه عليه ابن القيم -رحمه الله- من فرق بين المعرفة والعلم في الاستعمال القرآني، وأن هذا الفرق يشمل اللفظ والمعنى، فقال: ” أما اللفظ: ففعل المعرفة يقع على مفعول واحد، تقول: عرفت الدار، وعرفت زيداً، قال تعالى: {فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُون} [يوسف:58]، وفعل العلم يقتضي مفعولين، كقوله تعالى: {إِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ} [سورة الممتحنة: 10]، وإن وقع على مفعول واحد، كان بمعنى المعرفة، كقوله: {وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ}[سورة الأنفال:60]. وأما الفرق المعنوي فمن وجوه: أحدها: أن المعرفة تتعلق بذات الشيء، والعلم يتعلق بأحواله، فتقول: عرفت أباك، وعلمته صالحاً عالماً، ولذلك جاء الأمر في القرآن بالعلم دون المعرفة، كقوله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ} [سورة محمد: 19]، وقوله: {اعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيم} [سورة المائدة: 98]. الثاني: أن المعرفة في الغالب تكون لما غاب عن القلب بعد إدراكه، فإذا أدركه قيل: عرفه… فالمعرفة: تشبه الذكر للشيء، وهو حضور ما كان غائباً عن الذكر، ولهذا كان ضدّ المعرفة الإنكار، وضدّ العلم الجهل، قال تعالى: {يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُون} [سورة النحل: 83]، ويقال: عرف الحق فأقر به، وعرفه فأنكره([5]).

          أما الأخلاق: فمفردها خُلُق: وهي مجموعة صفات نفسية وأعمالٍ للإنسان توصف بالحُسْن أو القُبْح ([6]). ومصطلح أخلاقيات يطلق على مكارم الأخلاق والحميد منها، وعُرّفت بأنها: “المعايير المثالية لمهنة من المهن تتبناه جماعة مهنية أو مؤسسة لتوجيه أعضائها لتحمل مسؤولياتهم المهنية([7]).

وإن البحث العلمي صار مهنة وله رجاله الذين يعملون في مضماره، لذا ينبغي أن تراعى فيه معايير أخلاقية وقانونية تضبطه وتجعله في مساره الصحيح، وعليه فالتعريف الإجرائي لأخلاقيات المعرفة الذي نقدمه: أنها مجموعة المعايير الأخلاقية والسلوكية والقانونية التي ينبغي على المتعامل مع المعرفة أن يتبناها ويعمل بها لضمان مصداقية البحث العلمي ونزاهته وتحقيق أهدافه. وقد تعمدت ذكر “المعايير القانونية” في التعريف رجاء أن يصل الأمر في الدول العربية والإسلامية مرحلة تسنّ فيها قوانين تعاقب كل من ينتهك أخلاقيات المعرفة أو البحث العلمي.([8])

أما عن مصدر هذه المعايير ومن أين تستقى، فإن الفلسفة الإسلامية المستندة إلى الوحي هي أساسها، وهي لا تتنكر لما يتعارف عليه أهل هذا الاختصاص مما لا يخالف الوحي أو العقل ويسير بالتعامل مع المعرفة إلى درجة الإحسان المنشودة.

أخلاقيات المعرفة والبحث العلمي

1. الإخلاص في الهدف والدافع

يرتبط الإخلاص بالصدق، فهو طريق تطابق القول مع الفعل. وبه يكون قول المرء وفعله وحتى مشاعره ومعتقداته ورغباته بعيدة عن الرياء أو النفاق.

والإخلاص لله مطلوب في كل الاعمال والأقوال الصالحة حتى لا يخسر الانسان سعيه، قال تعالى {وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا} [ الفرقان: 83]، ويتأكد الإخلاص في أجل الأمور كطلب العلم وتعليمه، فهو إن طلبه رياء وسمعة شابه النقص وعدم التمام ولزمه الذم في الآخرة، وباء بخسران الأجر والثواب. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من تعلَّمَ عِلمًا يبتغى – يعني به وجهَ اللهِ – لا يتعلَّمُه إلا ليُصيبَ به عَرَضًا من الدنيا لم يجد عَرْفَ الجنةِ يومَ القيامةِ – يعني ريحَها”([9]).

      فمنطلق طلب العلم وغايته هو انتفاع المتعلم منه ونفع غيره، لما فيه خير الدنيا والآخرة، طاعة لله تعالى وقياماً بالواجب العيني في طلب العلم، كما بيّن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: “طلَبُ العِلْمِ فَريضةٌ على كلِّ مُسلِمٍ”([10]).

2- النهي عن الاختلاف العقدي

يظهر البعض تمسك بما عنده ويرفض ما عند غيره، لكن المنهج العلمي يحتم تحكيم العقل في الحوار والمجادلة بالتي هي أحسن، فيعرض المرء بضاعته ويسمع غيره دونما إكراه؛ في سعي نحو الحقيقة. وقد حفلت سورة آل عمران بخطاب رباني موضوعي موجّه لأهل الكتاب، فيه دعوات لمجادلة أهل الكتاب بالتي هي أحسن، وفي ذلك تعليم للمسلمين كيف يعرضوا حجتهم ويقدموا دينهم للناس.

ولأن مآل كل اختلاف إلى ضعف وهوان وعذاب، كما قال تعالى: {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيم}[آل عمران: 105]، وقال تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}[الأنفال: 46] اقتضى ذلك التحذير من الفرقة والاختلاف العقدي، فقال صلى الله عليه وسلم: “افترقَتِ اليهودُ على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقةً، وتفرَّقت النَّصارى على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقةً، وتَفتَرِقُ أمَّتي على ثلاث وسبعين فرقةً”([11]). وإنه من العجيب أن يختلف أتباع الدين الواحد فيحدث بينهم تناحر ونزاع وفرقة وقطيعة.

ومن هنا يدرك طالب المعرفة المسلم مسؤوليته، فيحتاط لسؤاله ومسار بحثه، وينتبه لوصية الرسول صلى الله عليه وسلم: «دعوني ما تركتكم، إنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم»([12]). كما أنه يتمسك بما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم من الاعتصام بحبل الله، حين قال في خطبة حجة الوداع: « وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ، كِتَابُ اللهِ»([13]).

إن الدعوة إلى تجاوز الاختلاف العقدي والاجتماع إلى كلمة سواء كفيلة بتوحيد البشرية على الخضوع لخالقها وباريها، والإيمان والتقدير لجهود جميع الأنبياء والرسل في هذا الإطار؛ فليست البشرية بانتظار نبي جديد؛ بل هي بانتظار حوار ومجادلة بالتي أحسن؛ تؤدي إلى لـمِّ شملها على مائدة الوحي الخالد وعقيدة التوحيد التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم وجميع الرسل الكرام من قبله.

إن المسلم يخاطب الناس جميعاً من كل ملًة ونحلة، يدعوهم إلى الدين الحق، إلى عبادة خالق السماوات والأرض ويقدم القرآن الكريم معجزة الإسلام الخالدة حكماً بين الناس وشاهداً على ذلك، قال تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَاب}[ص: 29]، وإن مشاعر الرحمة في قلب المسلم تجعله يدعو لمن خالفه بالعقيدة بالهداية، وتلزمه أن يقدم المعارف والأدلة بالحكمة والموعظة الحسنة، ويجادل من يرى خيراً في جداله، ويقدم القدوة الحسنة في أخلاقه وسلوكه، لتكون دليلاً على صدق ما يحمله من فكر وعقيدة.

إن التواصل البشري الذي نجح فيه المسلمون الأوائل ساهم في نشر الإسلام وتوحيد ملايين البشر على عقيدة الإسلام، وها هي أندونيسا أكبر دولة إسلامية في عصرنا شاهد على ذلك.

3. تكريم الإنسان

فقد كرّم الله بني آدم، وجعلهم خلفاء الأرض، فقال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا}[الإسراء: 70]، فكان وسيبقى ضرورة احترام إنسانية البشر أحياء وأمواتاً، وسيراعى ذلك ليكون أساساً في البحث العلمي، والذي هدفه بالأصل هو الرقي بالبشرية وإسعادها وتخليصها من المعاناة والفقر والمرض والجهل.

أما امتهان البشرية بدواعي البحث العلمي فلا يجوز، كما لا يصح أن تكون أعضاؤه سلعة للبيع سواء أكان حياً أم ميتاً. وإن كان في الأبحاث الطبية والاجتماعية حاجة وضرورة فتقدر الضرورات بقدرها ممن يوثق بعلمه وأمانته. مع مراعاة الحفاظ على حياة الناس، وتقليل نسبة المخاطر الناجمة إلى حدها الأدنى بعد أخذ موافقتهم. لذلك قد يلجأ الباحثون في المجال الطبي لعقد التجارب الأولية على بعض الحيوانات، لعدم تصورهم مدى الضرر الناجم عن هذه التجارب. فإن غلب على ظنهم سلامة البحث وحاجة البشر إليه، نقلوا تجريبه على بعض المتطوعين من الناس.

ولا يمنع التشريع الإسلامي التبرع بالأعضاء البشرية هكذا بإطلاق وقد تناول مجمع الفقه الإسلامي، التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، في قراره رقم (26) موضوع “انتفاع الإنسان بأعضاء جسم إنسان آخر، حياً  كان أو ميتا”. وينص القرار على([14]):

أولا: يجوز نقل العضو من مكان من جسم الإنسان إلى مكان آخر من جسمه، مع مراعاة التأكد من أن النفع المتوقع من هذه العملية أرجح من الضرر المترتب عليها، وبشرط أن يكون ذلك لإيجاد عضو مفقود أو لإعادة شكله أو وظيفته المعهود له، أو لإصلاح عيب أو إزالة دمامة تسبب للشخص أذى نفسياً أو عضوياً.

ثانيا: يجوز نقل العضو من جسم إنسان إلى جسم إنسان آخر، إن كان هذا العضو يتجدد تلقائياً، كالدم والجلد، ويراعى في ذلك اشتراط كون الباذل كامل الأهلية، وتحقق الشروط الشرعية المعتبر.

ثالثا: تجوز الاستفادة من جزء من العضو الذي استؤصل من الجسم لعلة مرضية لشخص آخر، كأخذ قرنية العين لإنسان ما عند استئصال العين لعلة مرضية.

رابعاً: يحرم نقل عضو تتوقف عليه الحياة كالقلب من إنسان حي إلى إنسان آخر.

خامساً: يحرم نقل عضو من إنسان حيّ يعطل زواله وظيفة أساسية في حياته وإن لم تتوقف سلامة أصل الحياة عليها كنقل قرنية العين كلتيهما، أما إن كان النقل يعطل جزءا من وظيفة أساسية فهو محل بحث ونظر كما يأتي في الفقرة الثامنة.

سادساً: يجوز نقل عضو من ميت إلى حيً تتوقف حياته على ذلك العضو، أو تتوقف سلامة وظيفة أساسية فيه على ذلك. بشرط أن يأذن الميت قبل موته أو ورثته بعد موته، أو بشرط موافقة ولي أمر المسلمين إن كان المتوفى مجهول الهوية أو لا ورثة له.

سابعاً: وينبغي ملاحظة: أن الاتفاق على جواز نقل العضو في الحالات التي تم بيانها، مشروط بأن لا يتم ذلك بواسطة بيع العضو. إذ لا يجوز إخضاع أعضاء الإنسان للبيع بحال ما. أما بذل المال من المستفيد، ابتغاء الحصول على العضو المطلوب عند الضرورة أو مكافأة وتكريماً، فمحل اجتهاد ونظر.

ثامناً: كل ما عدا الحالات والصور المذكورة، مما يدخل في أصل الموضوع، فهو محل بحث ونظر، ويجب طرحه للدراسة والبحث في دورة قادمة، على ضوء المعطيات الطبية والأحكام الشرعية.

4- الغاية لا تبرر الوسيلة: ([15])

       عند اسقراء  المعارف والخبرات، وعند تجريبها، وفي طرق تقديمها وعرضها، ينبغي مراعاة سلامة ومشروعية الأدوات المستخدمة في البحث العلمي، فالغاية لا تبرر الوسيلة، ولا يصح أن تنتهك الحريات أو أن يعتدي على الخصوصيات، بل لا بد من الاستئذان في ما يستحق ويلزم، قال تعالى: {وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون} [البقرة: 189]، فالفلاح متحقق في طريق العلم إن دخل إلى المعرفة من أبوابها المشروعة، أما أن تؤخذ بالتجسس والسرقة فهذا مما ترفضه الفلسفة الإسلامية وتسنّ القوانين لمعاقبة فاعله.

      وما ذكرناه يستحق أن يندرج أيضا تحت ما تعارف عليه المختصون بـ (احترام حقوق الملكة الفكرية)([16]). ونظراً لهذه الانتهاكات والقرصنة المعرفية وغيرها؛ فقد صدرت بعض التشريعات الدولية التي تساهم بضبط عملية نقل واستخدام المعرفة وقد بحث الفقهاء المعاصرون هذه النازلة بتوسع وإسهاب([17])

5. التحذير من اتباع الهوى

  الهوى ما تحبه النفس وتشتهيه. وحقيقته “النزول على حكم العاطفة من غير تحكيم العقل أو رجوع إلى الشرع أو تقدير لعاقبة”([18])، وقد يوافق الحق وقد يخالفه. والتحذير مستمر من اتباع الهوى إن كان مخالفاً للحق، قال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ وَاق}[الرعد:37]، وعليه فينبغي على العالم أن يكون متجرداً للحق فلا ينطق عن هوى نفسه، ولا يقول قولاً يرضي به هوى غيره، أويتزلف ويبيع دينه بعرض زائل، وقد جاء النهي صريحاً في النهي عن طاعة من اتبع هواه وكان أمره فرطاً: قال تعالى: {وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا}[الكهف: 28]. والهوى غرض والغرض مرض يعمي البصيرة ويحرف المسار. وفي الآية إشارة إلى أن عمارة القلب بذكر الله تعالى كفيلة بكبح جماح هوى النفس وردّها إلى الحق وقبولها به. وعليه فحري بطالب المعرفة وناقلها به أن يعتني بتزكية نفسه، فالهوى يعد عائقاً أمام الموضوعية التي يتطلبها طريق العلم ومنهج التفكير العلمي([19]). وقد اقتضى التنويه حتى في معرفة الوحي أنها منزهة عن الهوى، حتى لو كان هوى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال تعالى: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى*ِ إنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى}[النجم: 3-4]. يقول ابن تيمية رحمه الله: ” فنزهه عن الضلال والغواية-في بداية سورة النجم- اللذين هما الجهل والظلم، فالضالُّ هو الذي لا يعلم الحق، والغاوي الذي يتبع هواه. وأخبر أنه ما ينطق عن هوى النفس، بل هو وحي أوحاه الله إليه فوصفه بالعلم ونزهه عن الهوى.”([20])

إذاً الهوى يودي بصاحبه في هاوية الضلال، يقول تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللهِ} [القصص: 50]” فهو من أَضَلِّ الناس، حيث عُرِض عليه الهدى، والصراطُ المستقيم، الموصل إلى الله وإلى دار كرامته، فلم يلتفت إليه ولم يُقبل عليه، ودعاه هواه إلى سلوك الطرق الموصلة إلى الهلاك والشقاء، فاتبعه وترك الهدى، فهل أحد أضل ممن هذا وصفه؟ ولكن ظلمه وعدوانه، وعدم محبته للحق، هو الذي أوجب له أن يبقى على ضلاله ولا يهديه اللّه، فلهذا قال: {إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}([21]).

ويندرج تحت هذا المعلم المنير -التجرد من الهوى- وجوب قبول الحقّ أيا كان مصدره وقائله، ونبذ التعصب، فالمسلم في سياق العلم والبحث والمعرفة يتجرد من كل نظرة ضيقة تقيس الحق أو توزن الحقيقة بلون أو ثقافة أو توجه فكري، وهذا من الإنصاف، فالمسلم يقبل الحق من أي وعاء خرج، ويقبل الحكمة أيا كان قائلها ومصدرها؛ وفي الحديث المشهور عن أبي هريرة رضي الله عنه: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: “الْكَلِمَةُ الْحِكْمَةُ ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ فَحَيْثُ وَجَدَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا”([22])، وها هو الصحابي معاذ بن جبل رضي الله عنه يؤكد هذا الأمر بقوله: “اقبلوا الحق من كل من جاء به، وإن كان كافراً، أو فاجراً، واحذروا زيغة الحكيم، قالوا: كيف نعلم أن الكافر يقول الحق؟ قال: على الحقّ نور” ([23])، وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: “من أتاك بحقٍّ فاقبل منه وإن كان بعيداً بغيضاً، ومن أتاك بالباطل فاردده وإن كان قريباً حبيباً”([24])، ويؤكد الأستاذ محمد المدّرسي هذا الأمر بقوله: “يتعصب الإنسان لكل فكرة تُكسبه نفعاً أو تدفع عنه ضراً، ويتلون بها حسب الظروف، وينغلق دون غيرها حتى ليعمى بصره”([25]).

6. التزام الموضوعية

الموضوعية: “هي الحياديّة وعدم التحيُّز”([26]) وتتجلى في تقبل المعرفة من الآخر وفي تقديمها خالصة غير متأثرة بأحكام مسبقة، فهي ضرورة لمصداقية البحث العلمي وخاصة عند تقييم المعرفة أو إصدار الأحكام والتي قد تخالف ما نعتقده أحياناً.

والموضوعية تنسجم مع العدل والقسط كما قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}[النساء: 135]. يقول ابن القيم رحمه الله: “فأمر سبحانه بالقيام بالقسط وهو العدل في هذه الآية، وهذا أمر بالقيام به في حق كل أحد عدوًا كان أو وليًا وأحق ما قام له العبد بقصد الأقوال والآراء والمذاهب”([27]).لأجل ذلك يبتعد الباحث عن التعميم عند إصدار الأحكام، ففي التعميم مغالطة تضاد الموضوعية وتلغيها.

7. التحذير من الاستعلاء العنصري

          فهذا كبر وتعال يملأ النفوس، ويجعل المرء يرفض المعرفة من الآخر أو يمنعها عنه أو يحتكرها لا لسبب إلا أنه ليس من قبيلته أو جنسه أو من لونه أو دينه أو حزبه أو من مكانته الاجتماعية، أو غير ذلك من هذه الأسباب التي يميّز بها الناس أنفسهم عن غيرهم، قال تعالى يصف أهل مكة وسبب رفضهم الإيمان بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم: {وَقَالُوا لَوْلاَ نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيم}[الزخرف: 31].

وينعكس هذا الاستعلاء العنصري في تقديم المعرفة أو احتكارها في صور سلوكية مقيتة كما هو الحال مع اليهود والنصارى الذين يستبيحون أموال الناس بحجة الاستعلاء العنصري، قال تعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُون}[آل عمران: 75]، لقد وصل بهم الاستعلاء العنصري حداً أن زعموا أنهم أبناء الله وأحباؤه. وأنه ليس عليهم في الأميين سبيل، كما أخبر الله عنهم وفنّد زعمهم، {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِير}[المائدة: 18].

وقد أدى الاستعلاء المعرفي إلى ظواهر مرضية على الصعيد المعرفي العالمي منها: احتكار المعرفة من قبل الدول الكبرى، ومنها توجيه مسار المعرفة لصالح تلك الدول الاستعمارية([28])، ومن آثار هذا الاستعلاء والاستكبار تكريس الجهل والفقر في الدول النامية والفقيرة وجعلها مختبرات لأبحاث الدول الغالبة المستكبرة.

8. النهي عن المعرفة الظنية

المعرفة الظنية تخمين وترجيح بلا دليل ولا سلطان، وهي تحتمل الصواب وتحتمل الخطأ، وهي بهذا ليست كافية ولا صالحة ليبنى عليها أحكام أو مواقف، فكل معرفة من طريق الظن ليست بشيء وليس لها وزن، قال الله تعالى: {وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنًّا إَنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُون}[يونس: 36]، وعليه فلا بد من سبر أغوار الحقيقة، وأن يتم تقديم معرفة علمية نوعية مستندة إلى الأدلة والبراهين بعيدا عن السطحية أو الظن أو التخمين.

ويجدر بالذكر أن في قوله تعالى {اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}[الحجرات: 12]، ملمح أن في بعض الظن أو قليله حق، ولكن يبقى هذا الظن المجهول العواقب محتاجاً إلى خطوات من البحث والتقصي والتجربة للوصول إلى اليقين السلبي أو اليقين الإيجابي.

وعليه فيمكن أن يتصور أن يكون لغلبة الظن دور فاعل في توجيه مسار البحث وصياغة فرضياته المحتملة؛ خاصة إن كان يصحبها شواهد عدة، وهذه الفرضيات ستحتاج حتماً إلى نظر ودراسة واختبار ليصل الباحث بعدها إلى نتيجة يقينية سلبية أو إيجابية([29]).

9. التحذير من تزييف المعرفة

يجب تحذير كل من يتصدى لتقديم المعرفة من ممارسة التدليس والتلاعب المتعمد في شكل المعرفة وحجمها وطريقة تقديمها بقصد التمويه والتلبيس على الناس، بأن يظهر أدلة ويخفي أخرى، ويبالغ في مسائل ويسفّه أخرى، ويتلاعب في توجيه الأدلة وليّ أعناق النصوص لتخدم فكراً مصلحياً نفعياً أو هوى متبعاً. إنه بذلك يلبس الباطل بالحق فيظنه الناس حقاً، أو يلبس الحق بالباطل فيظنه الناس باطلاً، وهي مهارة وخدع يحترفها المنافقون عبيد الشهوات وعلماء السلاطين وأهل الأهواء من كل دين. قال تعالى: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُون}[آل عمران: 71]، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “أَخْوَفُ مَا أَخَافُ عَلىَ أُمَّتِي كُلُّ مُنَافِقٍ عَلِيمِ اللِّسَانِ”([30]). فهو بارع في التلبيس والإيهام ويستعين على ذلك بسمت ومنطق وفصاحة ومكانة رفع إليها زوراً وبهتاناً، قال تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ}[المنافقون:4].

وقال رسول صلى الله عليه وسلم محذراً من تزييف الأدلة: “إنَّما أنا بَشَرٌ وإنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إلَيَّ، ولَعَلَّ بَعْضَكُمْ أنْ يَكونَ ألْحَنَ بحُجَّتِهِ مِن بَعْضٍ، فأقْضِي علَى نَحْوِ ما أسْمَعُ، فمَن قَضَيْتُ له مِن حَقِّ أخِيهِ شيئًا، فلا يَأْخُذْهُ فإنَّما أقْطَعُ له قِطْعَةً مِنَ النَّار”([31]).

إن أمانة تقديم العلم والمعرفة على حقيقتها نقية مجردة، لها ضريبة لا يقدر على دفعها سوى الربانيون، أما من باع دينه بعرض من الدنيا فيسجد لنفسه طريقة مغايرة لقراءة الأدلة، وسيبحث عن الأقوال الشاذة لدعم منطقه وفهمه؛ إنه بذلك يخون رسالة العلم ويرتكب جرماً أخلاقيا مضاعفاً([32])، أولا لأنه عرف الحق وكتمه، وثانياً لأنه زيّف المعرفة وضلّل غيره.

10. التحذير من كتمان المعرفة

حذّر الله تعالى العالِم من كتم علمه، فقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُون}[البقرة: 159]، إن تصور أن يكون العلماء ملعونين تصور رهيب، فأي عقوبة شديدة هذه، يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون، وما ذلك إلا لأنهم خانوا العهد الذي أخذ عليهم بأن يبنونه للناس ولا يكتمونه، يقول سيد قطب: “ولقد كان أهل الكتاب يعرفون مما بين أيديهم من الكتاب مدى ما في رسالة محمد صلى الله عليه وسلم من حق، ومدى ما في الأوامر التي يبلغها من صدق، ومع هذا يكتمون هذا الذي بينه الله لهم في الكتاب فهم وأمثالهم في أي زمان، ممن يكتمون الحق الذي أنزله الله، لسبب من أسباب الكتمان الكثيرة، ممن يراهم الناس في شتى الأزمنة وشتى الأمكنة، يسكتون عن الحق وهم يعرفونه، ويكتمون الأقوال التي تقرره وهم على يقين منها، ويجتنبون آيات في كتاب الله لا يبرزونها بل يسكتون عنها ويخفونها لينحوا الحقيقة التي تحملها هذه الآيات ويخفوها بعيداً عن سمع الناس وحسهم، لغرض من أغراض هذه الدنيا.. الأمر الذي نشهده في مواقف كثيرة، وبصدد حقائق من حقائق هذا الدين كثيرة {أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون}[البقرة:159]. كأنما تحولوا إلى ملعنة، ينصب عليها اللعن من كل مصدر، ويتوجه إليها – بعد الله – من كل لاعن”([33]) قال تعالى: {وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُون}[آل عمران: 187]. وقد حذر النبي محمد صلى الله عليه وسلم من كتمان المعرفة، فقال: “مَن كتمَ علمًا ألجمَهُ اللَّهُ يومَ القيامةِ بلجامٍ من نارٍ”([34]). وأمر النبي صلى الله عليه وسلم: بنقل العلم وتبليغه للناس فقال: “بلغوا عني ولو آية”([35]).

وعليه فينبغي تقديم المعرفة والحذر من كتمها أو إخفائها، مع مراعاة ألا تقدم لمن قد يتضرر بسببها، بل يخاطب الناس على قدر عقولهم، وفي البخاري عن علي رضي الله عنه موقوفاً “حدّثوا الناس بما يعرفون. أتحبون أن يكذب الله ورسوله”([36]). وفي مسلم عن ابن مسعود: “ما أنت بمحدث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان فتنة لبعضهم”([37])، وأخرج البخاري إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “يا معاذ بن جبل قال: لبيك يا رسول الله وسعديك قال: يا معاذ. قال: لبيك يا رسول الله وسعديك (ثلاثاً) قال: ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله من قلبه إلا حرمه الله على النار. قال: يا رسول الله: أفلا أخبر به الناس فيستبشرون؟ قال: إذن يتكلوا”. وكأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رأى أنه ليس كل الناس يحسن معهم الإبلاغ بذلك المعنى المهم لئلا يحملهم على القعود عن العمل بفهم خاطئ، ولكنه قد اختص به بعض أصحابه الذين تحمل عقولهم القدرة على ذاك الفهم والاستيعاب وتقدير المراد من الخطاب.

11. التحذير من الانتقائية المعرفية

الانتقائية مذمومة وهي مزاجية مقيتة في التعامل مع المعرفة، لا سيما عند اليقين بصحة مصدرها ودقة محتوها، كحال القرآن الكريم، فبأي منطق يؤمن ببعض ويكفر ببعض، كيف يجوز المرء تفصيل أحكام الدين وفق المصالح والأهواء، وقد ذمّ الله تعالى من يفعل ذلك، فقال سبحانه: {ثُمَّ أَنتُمْ هؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُون}[البقرة: 85].

وحذّر سبحانه وتعالى من انتهاج هذا النهج في التعامل مع القرآن الكريم، فقال سبحانه: {كَمَا أَنزَلْنَا عَلَى المُقْتَسِمِين* الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِين}[الحجر: 90-91]. فهم ” لَمْ يَأْخُذُوهُ بِجُمْلَتِهِ وَيُفَسِّرُوا بَعْضَهُ بِبَعْضٍ…، بَلْ نَظَرُوا فِي كُلِّ جُمْلَةٍ عَلَى حِدَّتِهَا”([38])، قال ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} [الحجر: 91] قَالَ: «الَّذِينَ آمَنُوا بِبَعْضٍ، وَكَفَرُوا بِبَعْضٍ»([39]).

وفي المقابل جاء الثناء على المؤمنين كونهم يؤمنون بكل ما أنزل الله من كتب وأنبياء دون تفريق بينهم بالإيمان، فقال تعالى: {هَاأَنتُمْ أُوْلاء تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ}[آل عمران: 119].

إن التعامل بشمولية وموضوعية مع الوحي والرسل من أركان الإيمان ودليل سلامته وصحته، قال تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِير}[البقرة: 285]. ويعتبر التفريق بالإيمان من أبرز مظاهر الكفر التي عني القرآن الكريم بالتحذير منها، فقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللّهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا}[النساء: 150].

وعليه فاجتزاء الكلام، والنظرة الجزئية للأمور، والحديث في الأمور قبل الإحاطة بها، مظاهر ينبغي تجنبها لطالب العلم وناشره، وهذا ينسجم مع الموضوعية واحترام المعرفة([40]).

12. اقتران العلم بالعمل([41])

فثمرة العلم نشره والعمل به، كما أن ارتباطه بالعمل يضفي مصداقية على مقدم المعرفة، فيقبل الناس على علمه، أما مخالفة القول للعمل فهو خلق مذموم، ورد النهي عنه في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُون* كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُون}[الصف: 2-3]، وقد جاء النعي والنكير شديدين على من يمارس مثل هذا الفصام النكد فقال تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ۚ بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (5)}[الجمعة: 5 ]. قال ابن القيم رحمه الله “فقراءته بغير تدبر ولا تفهم ولا اتباع ولا تحكيم له وعمل بموجبه، كحمار على ظهره زاملة أسفار لا يدري ما فيها، وحظه منها حملها على ظهره ليس إلا؛ فحظه من كتاب الله كحظ هذا الحمار من الكتب التي على ظهره؛ فهذا المثل وإن كان قد ضرب لليهود فهو متناول من حيث المعنى لمن حمل القرآن فترك العمل به، ولم يؤد حقه، ولم يرعه حق رعايته”([42]).

وقد تكرر اقتران الإيمان بالعمل في القرآن الكريم عشرات المرات([43]) نحو قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُولَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون}[البقرة: 82]، في توجيه إلى أن استقرار الإيمان في القلب ينبغي أن يترجم في واقع الحياة.

وقد امتدح الله عباده الصالحون الذين يقولون الحق ويعملون به، فقال سبحانه: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِين}[فصلت: 33].

وإن اقتران العلم بالعمل هو الذي يصنع القدوات ويحافظ على بقاء رمزيتها واحترامها، “فمبدأ اقتران القول بالعمل جزء لا يتجزأ من فلسفة التربية الإسلامية، وأسلوب القدوة يمثل أسلوباً هاماً ومؤثراً من أساليب التربية الإسلامية، يعكس واقعية الأفكار النظرية إلى مجال التطبيق الذي يمكن محاكاته من قبل المتعلمين”([44]).

وقد أكد القرآن أهمية القدوة من خلال القصص القرآني التي كان في طريقة عرضها صانعة للقدوات، قال الله تعالى: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}[الأحزاب:21]. وقال تعالى عن إبراهيم: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ}[الممتحنة: 4]، وقال أيضاً:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيد}[الممتحنة: 6].

ومن هنا تأتي أهمية أن تعتني مناهج التربية الإسلامية بتسليط الضوء على القدوات الصالحة في هذه الأمة، وأن تتقصد صناعة القدوات، فهذا الحاجة له ماسة وله أثر كبير في توجيه الأجيال وتربية النشء([45]).

وقد فصل الإمام الشاطبي في هذه الصناعة التي تندرج ضمن فروض الكفاية، والتي تتعلق بها مصالح الأمة، وذكر ما يجب على أولياء الأمور والقائمين على التعليم ومراكز التوجيه من رعاية تلك المواهب وصناعة القدوات، ليكونوا بعد ذلك أداة نفع ونهضة للأمة، فكان من جملة ما قاله: ” ويتعين على الناظرين فيهم الالتفات إلى تلك الجهات؛ فيراعونهم بحسبها ويراعونها إلى أن تخرج في أيديهم على الصراط المستقيم، ويعينونهم على القيام بها، ويحرضونهم على الدوام فيها؛ حتى يبرز كل واحد فيما غلب عليه ومال إليه من تلك الخطط، ثم يخلى بينهم وبين أهلها، فيعاملونهم بما يليق بهم ليكونوا من أهلها، إذا صارت لهم كالأوصاف الفطرية، والمدركات الضرورية؛ فعند ذلك يحصل الانتفاع، وتظهر نتيجة تلك التربية وبذلك تستقيم أحوال الدنيا وأعمال الآخرة”([46]).

ويقول ابن مسكويه: “والشريعة هي التي تقوّم الأحداث، وتعوّدهم الأفعال المرضيّة، وتعدُّ نفوسهم لقبول الحكمة، وطلب الفضائل والبلوغ إلى السعادة الإنسية، بالفكر الصحيح والقياس المستقيم”([47]).

13. التواضع في البحث

لا يجتمع العلم مع الكبر، فالعلم يدفع إلى التواضع، ومبعث ذلك أنه كلما ازداد المرء علما كلما ازداد إدراكاً أن علمه بالنسبه إلى ما جهله كقطرة من بحر، وهذا التواضع دافع لتقبل المعرفة ممن هو أقل مرتبة في العلم، أو من هو أصغر في العمر أو كان دوناً في الشرف أو المكانة، وقد ذكر القرآن أمثلة لتعلم الإنسان الأول من غراب، فقال تعالى: {فَبَعَثَ اللّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ قَالَ يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِين}[المائدة: 3].

وقد بين القرآن أن الكبر سبب الضلال ورفض الحق، قال تعالى: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً} [الأعراف: 146]، يقول السعدي: “سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ أي: عن الاعتبار في الآيات الأفقية والنفسية، والفهم لآيات الكتاب الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أي: يتكبرون على عباد اللّه وعلى الحق، وعلى من جاء به، فمن كان بهذه الصفة، حرمه اللّه خيرا كثيرا وخذله، ولم يفقه من آيات اللّه ما ينتفع به، بل ربما انقلبت عليه الحقائق، واستحسن القبيح”([48]).

كما حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الكبر مبيناً أنه يصدّ عن معرفة الحق، فقال: “الكبر بطر الحق وغمط الناس”([49])، أي أنّ حقيقة الكبر تتجسّد في عدم قبول الحق إذا ظهر واحتقار الناس وما يصدر عنهم من حق وفضل، وجاء في الحديث أيضاً: “ثلاث مهلكات: شحٌّ مطاع وهوى متّبع وإعجاب المرء بنفسه” وفي رواية: “وإعجاب كل ذي رأي برأيه”([50])، وقد أكد علماء النفس هذه الحقيقة، فيقول (شاونيني): “إن العنصر الأصيل للتناقضات هو التكبر، فإنّ مشاهدات الشخص المتكبر خاطئة، ومن الخطورة بمكان أن تفاجئه بالحقيقة رأساً وبدون مقدمات”([51]).

إن التواضع خلق كريم يستقل الإنسان به ما وصل إليه من معرفة، ويرى أن طريق العلم طويل، قال تعالى: {وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلا} [الإسراء: 85]، مما يشكل دافعاً للاستزادة والاستمرار بالتعلم، قال تعالى: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيم} [يوسف: 76]، ولن ينس طالب المعرفة أن موسى عليه السلام على شرف مكانته رحل في طلب العلم وتحمّل المشاق في سبيل ذلك إلى من هو دونه مكانة وفضلا ليشكل بذلك درساً خالداً يتذاكره أولوا العلم في التواضع وهضم النفس.  

14. تجنب الغرور والعندية

الاغترار بما وصل إليه المرء من مكانة وعلم وشرف يــنسيه نفسه، فيستعلي ويتكبر ويعاند ويرفض الحق حتى لو كان أبلجاً، بل يصل به الأمر للخروج من دائرة الإيمان إلى دائرة الكفر، كما في قصة الرجلين في سورة الكهف، قال تعالى: {وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا*وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا}[الكهف: 35-36].

ويظهر ذلك جليًا بما رواه ابن إسحاق عن أم المؤمنين صفية ~ أنها قالت: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، ونزل قباء، في بني عمرو بن عوف، غدا عليه أبي، حيي بن أخطب، وعمي أبو ياسر بن أخطب، مغلسين. قالت: فلم يرجعا حتى كانا مع غروب الشمس. قالت: فأتيا كالين كسلانين ساقطين يمشيان الهوينى. قالت: فهششت إليهما كما كنت أصنع، فو الله ما التفت إلي واحد منهما، مع ما بهما من الغم. قالت: وسمعت عمي أبا ياسر، وهو يقول لأبي حيي بن أخطب: أهو هو؟ قال: نعم والله، قال: أتعرفه وتثبته؟ قال: نعم، قال: فما في نفسك منه؟ قال: عداوته والله ما بقيت ([52]).

وفي قصة إسلام عبدالله بن سلام رض الله عنه ما يبين عناد اليهود، حيث قال: يا رسول الله إن اليهود قوم بهت، إن علموا بإسلامي قبل أن تسألهم بهتوني عندك، فجاءت اليهود ودخل عبد الله البيت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أي رجل فيكم عبد الله بن سلام» قالوا أعلمنا، وابن أعلمنا، وأخيرنا، وابن أخيرنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أفرأيتم إن أسلم عبد الله» قالوا: أعاذه الله من ذلك، فخرج عبد الله إليهم فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، فقالوا: شرنا، وابن شرنا، ووقعوا فيه([53]).

وفي قصة قارون الذي أنسته خزائن الأموال فضل الله عليه، فرد وعظ الواعظين متعالياً مغترا، {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلاَ يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُون}[القصص: 78]، “إن العندية المعرفية تشكل حجاباً كثيفا يحول بين الإنسان المغرور بمعرفته وبين إدراك أهمية الانتفاع بالتشريع الذي ينظم علاقاته المختلفة، ويحرمه من بركة النماء العلمي الموصول بمواهب المعرفة، ويجعله عرضة لرياح أخطائه المدمرة لمقوماته الإنسانية”([54]).

15. اتباع المنهج العلمي

التزام المنهج العلمي يلزم أن تستقى المعرفة من مصادرها الصحيحة، سواء أكانت خبراً صادقاً، أو حسّاً أو مشاهدة أو تجربة، أو مما قد يتوصل إليه العقل بالتحليل والتركيب والاجتهاد المبني على أسس سليمة، كما بيّن الله تعالى فقال: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولا}[الإسراء:36]، “وفي ذلك نهي عن الخوض فيما لم تتمكن طرائق المعرفة الحسية والعقلية من الوقوف عنده”([55]). يقول الطاهر بن عاشور: “وهذا أدب خُلقي عظيم، وهو أيضاً إصلاح عقلي جليل يعلم الأمة التفرقة بين مراتب الخواطر العقلية بحيث لا يختلط عندها المعلوم والمظنون والموهوم”([56]).

كما أن توجيه السؤال لصاحب الاختصاص منهج علمي أوصى القرآن الكريم به، فقال تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43]. وعن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع أصواتاً، فقال: «ما هذا الصوت؟» قالوا: النخل يأبرونه، فقال: «لو لم يفعلوا لصلح»، فلم يؤبروا عامئذ، فصار شيصاً، فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «إن كان شيئاً من أمر دنياكم، فشأنكم به، وإن كان شيئاً من أمر دينكم، فإليَّ»([57]). يقول الشعراوي معلقاً على الحديث: “… يأتي هذا مِمَّنْ؟ من محمد بن عبد الله نبي الله ورسوله، الذي يحرص على أن تأتي كل قضاياه صادقة صائبة، وما كان منه إلا أن قال: أنتم أعلم بشئون دنياكم، ليضع بذلك أُسْوة لعلماء الدين ألاَّ يضعوا أنوفهم في قضايا الماديات”.

كما أنه المنهج العلمي يحّذر من التسرع في الحكم على الظواهر والأحداث، بل لا بد من التحقق من مضمون المعارف ومن سلامة نسبتها إلى صاحبها، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: 6].

16. تقديم المعرفة مقرونة بالدليل أو التعليل

فمعيار التعامل مع المعرفة بقبولها أو ردّها هو مدى اقترانها بدليل أو اصطحابها بتعليل يوضح خلفياتها وأبعادها والحِكم من ورائها. وقد تميز بعض علماء الفقه في ذلك، فكانوا لا يقدمون لطلابهم حكماً في مسألة إلا أتبعوه مقروناً بالدليل من كتاب أو سنة أو غيرها من الأدلة المعتبرة، ثم ينتقلون إلى بيان عللها وحِكمها وربطها بواقع الحال لتكتمل الصورة المعرفية، وترتاح النفس ويطمئن القلب.

إن اتباع هذا المنهج يرفع من قدرة المستمع على نقد الحكم وتفسيره وتعليله لغيره، ويعطي مصداقية لمنهجية العالم في الوصول إلى الحكم في المسألة، وممن تميز بذلك ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية رحمهما الله.

ومنهج التعليل وبيان الحِكم منهج واضح في آيات القرآن الكريم، فالصيام قيل فيه ” لعلكم تتقون” وفي القصاص حياة، وفي الزكاة تطهير ونماء… الخ. يقول ابن القيم يوضح هذا الأصل المتين في منهجية القران الكريم: “يذكر الشارع العلل والأوصاف المؤثرة، والمعاني المعتبرة في الأحكام القدرية والشرعية والجزائية؛ ليدل بذلك على تعلق الحكم بها أين وجدت، واحتضانها لأحكامها وعدم تخلفها عنها إلا لمانع يعارض اقتضاءها، ويوجب تخلف أثرها عنها”([58]).

17. التزام الأمانة العلمية

ونعني بها استخدام الباحث جهود من سبقه، والاقتباس منها، ودمجها في بحثه مع الإشارة إلى مرجعها الأصلي بحيث تكون عبارة عن مراجع استخدمها الباحث استخداماَ سليماَ دون نسبتها لنفسه. ومن مظاهرها المحافظة على الملكية الفكرية في التأليف وغيره، والدقة في ذكر أقوال الآخرين ونقل النصوص والأقوال كما هي، بعيداً عن الانتهاب أو السرقة وما يكون من أشكال التزوير، أو التحريف، فإن كل ذلك خيانة للأمانة، قال الله ¸: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}]الأنفال:27[، ويستفاد من الآية تحريم الخيانة مطلقاً.

والأمانة العلمية تندرج لدى الباحث المسلم تحت المفهوم العام للأمانة التي حملها الإنسان ليرفع الظلم والجهل عن نفسه حيث أمر الله تعالى المؤمنين بأداء الأمانة فقال سبحانه: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} ]النساء: 58 [، والأمانة العلمية تحتم على الباحث الشفافية وإظهار النتائج والحقائق كما هي دون تلاعب أو تحوير خدمة لأفراد أو جماعات أو دول، كما أن اختلاق نتائج لا تستند إلى التجارب البحثية لتوافق معتقداً أو فكراً هو من الخيانة وانتفاء الأمانة العلمية، و قد يكون وضع “ميثاق عالمي”، لأخلاقيات التعامل مع المعرفة والأمانة العلمية لضرورة الالتزام بها على كل من المستوى العام، ومستوى البحث العلمي، أمر يتسق تماماً مع نداء الآية الكريمة السابقة، ويندرج تحت هذه القيمة الأخلاقية ما يسمى احترام حقوق الملكية الفكرية.

18. النهي عن افتراء المعرفة

إنه لمن العجيب أن يتجرأ البشر فيفتروا على ربهم الكذب، وينسبوا له البنات سبحانه، بل صادروا حقه سبحانه بالتشريع، فأحلوا ما حرّم، وحرّموا ما أحلّ، فقال لهم الله تعالى ناهياً محذراً: {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذَا حَلاَلٌ وَهذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُون}[النحل: 116].

إن أي معرفة تقدم بلا سلطان ولا برهان ردّ على صاحبها، وأي زيادة في الدين ردّ، وأي محاولة للعبث والنقص ردّ، فقد روت أم المؤمنين أم عبدالله عائشة ~ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه، فهو ردٌّ”([59]). وهذا الحديث يعتبر من قواعد الدين الإسلامي.

إن ظاهرة ردّ الأحكام الشرعية الثابتة لا سيما القطعي والمحكم منها بحجة التجديد والتطوير ومواكبة العصر ردّ على صاحبها، وإن الاعتداء على نصوص الوحي ومحاولة النيل منها، افتراء على الله وكفر به([60]). وإن المتأثرين بالحداثة الغربية المادية والعلمانية المقيتة قد تجرأوا على الله ودينه فقالوا إن هذا الدين وأحكامه من الماضي، وهم بذلك يسحبون ضعاف الدين وقليلي العلم وعديمي الانتماء إلى مربع الكفر والعلمانية والمادية التي لا تقدر للوحي مكانته العظمى التي كانت وعلى مرّ العصور سببا في إنقاذ البشرية ورقيها وسعادتها.

19. عدم التسرع في إصدار الأحكام

وحيث إن الإنسان خلق من عجل، وأن العجلة تغلب على طبعه، فقد جاء التحذير منها، فقال تعالى: {خُلِقَ الإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلاَ تَسْتَعْجِلُون}[الأنبياء: 37]. ومن العجلة المذمومة ما أدت إلى التسرع في إصدار الأحكام، دون إفساح المجال للعقل أن يتثبت، فقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِين}[الحجرات: 6]، إن تأمل سبب نزول هذه الآية يجعلنا ندرك مدى فداحة التسرع في إصدار الأحكام على الفرد والمجتمع والدولة.

وقد تكرر التحذير من سرعة نقل المعرفة قبل التثبت منها، في قصة الإفك، فقال تعالى: {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيم}[النور: 15]، فالإشارة لسرعة نقل الخير دون التثبت، عبّر القرآن بالقول أنهم كانوا يتلقون الخبر بألسنتهم وليس بآذانهم. ومن هنا فأخلاقيات البحث العلمي تحارب الإشاعة، وترفض أن يقع الظلم على المرء زوراً وبهتاناً، فديننا يمدح الأناة ويرفض الانسياق نحو الظنون والأوهام والنميمة والمكيدة التي يصنعها شياطين الجن والإنس.

ومن العجلة المذمومة تقديم الأبحاث العلمية وغيره العلمية قبل نضجها أو استكمال أدواتها، ومنها العجلة في حرق المراحل الدراسية على حساب النضج المعرفي، كما أن من العجلة البغيضة أيضاً استباق النتائج قبل البحث، كما هو معروف في لغة المنطق والفلسفة بالاستدلال الدائري([61]) أو المصادرة على المطلوب([62]).

20. التعاون المعرفي

بناء المعرفة عملية تشاركية، يصعب على المرء في الغالب القيام بها وحيداً، فهي تحتاج الى طالب ومعلم وزملاء ومجتمع وبيئة، فالتفكر الجماعي والتذاكر يؤدي لانقداح المعرفة في العقل، كما يساعد فيذلك السؤال والجواب والحوار والنقاش والمراجعة والعصف الذهني، قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيد}[سبأ: 46].

ومما تـــــــزكو به المعرفة والعلم تدارسه ومشاركته مع الآخرين وهي من مقاصد الشرع الشريف كما في قوله تعالى {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ}[المائدة:2]، يقول ابن القيم في تفسير هذه الآية “وقد اشتملت هذه الآية على جميع مصالح العباد في معاشهم ومعادهم فيما بينهم بعضهم بعضاً وفيما بينهم وبين ربهم..”([63])، ومن المعلوم أن نشر العلم ومشاركة المعرفة من مصالح الدنيا التي يقوم بها صرح الحضارة الإنسانية جمعاء.

ومن آثار تلك المشاركة نمو المعرفة وانتشارها وتولد معارف جديدة والمساهمة في محو الجهل والتخلف بكل أنواعه ومحو آثاره في كل ميدان، ولذلك كان التعاون المعرفي باباً من أبواب الخير الذي صوّب الشرع إليه أنظار المسلمين وجعله من ميراث النبوة، “وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم”([64])، قال ابن المبارك رحمه الله: ” لا أعلم بعد النبوة درجة أفضل من بثّ العلم”([65]).

قال ابن القيم رحمه الله: “الجود بالعلم وبذله من أعلى مراتب الجود، والجود به أفضل من الجود بالمال لأن العلم أشرف من المال”([66]). لأجل ذلك قام المسلمون بنشر أنوار العلم والحق والمعرفة في كل أنحاء المعمورة وشاركوها الأمم وسطعت أنوار علومهم وشمس حضارتهم على الأمم والحضارات الأخرى واستقبلوا طلاب العلم في جامعاتهم وسطروا أرقى معاني التعاون المعرفي.

الخاتمة:

في ختام الحديث عن بعض أخلاقيات المعرفة أقول مطمئناً إن الإسلام بشرائعه وأحكامه وأخلاقه التي جاءت تنظم حياة البشرية في كل مسارب الحياة بما يضمن سعادتها في الدارين قد أصلّت بوضوح لأخلاقيات المعرفة، ووضعت لنا منظومة من القيم الضابطة التي تحرسها من التزييف والانحراف.

كما أحبّ أن أشير إلى أنّ الحكمة في عرض الحقائق والمعارف أمر في غاية الأهمية لتقبل النفوس والعقول على قبولها والانصياع لمقتضياتها، فإن العنف والقسوة يحفز النفوس على رفض الحق ومعاندة الحقيقة وإلى هذا يشير الشاطبي بقوله: “وأكثر الجهالات إنما رسخت في قلوب العوام بتعصب جهلة أهل الحقّ، أظهروا الحقّ في معرض التحدي والإدلال، ونظروا إلى ضعفاء الخصوم بعين التحقير والازدراء، فثارت من بواطنهم دواعي المعاندة والمخالفة، ورسخت في قلوبهم الاعتقادات الباطلة، وتعذّر على العلماء المتلطفين محوها مع ظهور فسادها”([67]).

وفي الختام أوصي الباحث والعالم بنبذ الخرافات والأوهام والاستناد الى الدليل، وأن يرجع عن الخطأ العلمي، وأن يقدر إنجاز غيره في المجال المعرفي، وأن يتجنب الطعن والسّب، وأن يتحلى بالشجاعة في قول الحق والانحياز إلى أتباعه والتضحية في سبيل ذلك كما فعل سحرة فرعون، وأن يسعي إلى عولمة المعرفة الإسلامية، والإفادة من آليات الآخر المعرفية دون قيمه وأخلاقه، وتعزيز الإنفاق على البحث العلم.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

المراجع:

القرآن الكريم

  1. ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم (ت: 728هـ) مجموع الفتاوى، المحقق: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم، الناشر: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المدينة النبوية، المملكة العربية السعودية، 1416هـ/1995م
  2. ابن حبان، محمد بن حبان (ت: 354 ه)، الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان، ترتيب: الأمير علاء الدين الفارسي، حققه وخرّج أحاديثه وعلق عليه: شعيب الأرنؤوط، الناشر: مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1408ه-1988م
  3. ابن عاشور، الطاهر (ت: 1393 ه)، التحرير والتنوير «تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد»، الدار التونسية للنشر، تونس، 1984م
  4. ابن فارس، احمد بن زكريا (ت: 395 ه)، معجم مقاييس اللغة، المحقق: عبد السلام هارون، دار الفكر،1399هـ
  5. ابن قيم الجوزية، بدائع التفسير، جمع الشيخ: يسري السيد ، انظر الاقتباس من الباحث القرآني https://furqan.co/
  6. ابن قيم الجوزية، محمد بن أبي بكر (ت: 751 ه)، الرسالة التبوكية = زاد المهاجر إلى ربه، المحقق: محمد جميل، مكتبة المدني – جدة
  7. ابن قيم الجوزية، محمد بن أبي بكر (المتوفى: 751هـ)، مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين، المحقق: محمد المعتصم بالله البغدادي، الناشر: دار الكتاب العربي – بيروت، ط3، 1416 هـ – 1996م، (3/316) وما بعدها  
  8. ابن ماجة، محمد بن يزيد، (ت: 273 ه)، سنن ابن ماجة، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء الكتب العربية.
  9. ابن هشام، عبد الملك (ت213 ه)، السيرة النبوية، تحقيق: مصطفى السقا وإبراهيم الأبياري وعبد الحفيظ الشلبي، الناشر: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر، ط2، 1375ه-1955م
  10. أبو داود، الأشعث بن إسحاق (ت: 275 ه)، سنن أبي داود، المحقق: شعَيب الأرنؤوط، محَمَّد كامِل قره بللي، الناشر: دار الرسالة العالمية، ط1، 1430ه- 2009م
  11. أبو داود، سليمان بن الأشعث (ت: 275هـ)، سنن أبي داود، المحقق: شعَيب الأرنؤوط – محَمَّد كامِل قره بللي، دار الرسالة العالمية، ط1، 1430 هـ – 2009م
  12. أحمد مختار (ت: 1424ه) بمساعدة فريق عمل، معجم اللغة العربية المعاصرة، الناشر: عالم الكتب، ط:1، 1429ه
  13. البخاري، محمد بن إسماعيل (256هـ)، صحيح البخاري، المحقق: محمد زهير، الناشر: دار طوق النجاة، ط1، 1422ه
  14. بن مسكويه، أبو علي أحمد بن محمد بن يعقوب (تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق)
  15. البيهقي، أحمد بن الحسين (المتوفى: 458هـ)، شعب الإيمان، حققه وراجع نصوصه وخرج أحاديثه: عبد العلي حامد، الناشر: مكتبة الرشد للنشر والتوزيع بالرياض بالتعاون مع الدار السلفية ببومباي بالهند، ط: 1، 1423 هـ – 2003 م
  16. تفسير ابن القيم – الباحث القرآني https://furqan.co/4/135
  17. جامع السنة وشروحها http://www.hadithportal.
  18. جمال الدين أبو الحجاج يوسف المزي، تهذيب الكمال
  19. الحاكم، محمد بن عبد الله النيسابوري (ت: 405 ه) المستدرك على الصحيحين، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، الناشر: دار الكتب العلمية – بيروت، ط1، 1411 – 1990
  20. حللي، عبد الرحمن “اقتران الإيمان بالعمل الصالح في القرآن الكريم ودلالاته الحضارية”، وهو بحث منشور في مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية – المجلد 27 -العدد الثالث-2011
  21. الدغشي، محمد أحمد، نظرية المعرفة في القرآن الكريم وتضميناتها، ط1، مركز الكتاب الأكاديمي، عمّان، 2016م
  22. الرازي، فخر الدين محمد بن عمر، مفاتيح الغيب – 20 / 90 دار الفكر ط 1981
  23. الراغب الأصفهاني، الحسين بن محمد (ت: 502 هـ)، المفردات في غريب القرآن، المحقق: محمد سيد كيلاني، الناشر: دار المعرفة، لبنان
  24. رضا، محمد رشيد (ت: 1354 ç)، تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار)، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1990م
  25. السعدي، عبد الرحمن بن ناصر، (ت: 1376هـ)، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، المحقق: عبد الرحمن بن معلا اللويحق، الناشر: مؤسسة الرسالة، ط1، 1420هـ -2000 م
  26. سيد قطب، في ظلال القرآن، مكتبة الشروق، مصر، بيروت، ط 17، 1412هـ
  27. سيد نوح، آفات على الطريق، المكتبة الذهبية الشاملة
  28. الشاطبي، إبراهيم بن موسى، (ت: 790 هـ) الاعتصام، دار النشر: المكتبة التجارية الكبرى – مصر
  29. الشاطبي، إبراهيم بن موسى، (ت: 790هـ)، الموافقات في أصول الفقه، المحقق: مشهور حسن، الناشر: دار ابن عفان، ط 1، 1417هـ
  30. صليبا، جمال (ت: 1976 م)، المعجم الفلسفي (بالألفاظ العربية والفرنسية والإنكليزية واللاتينية)، الناشر: الشركة العالمية للكتاب – بيروت، 1414 هـ – 1994م
  31. الطبراني، سليمان بن أحمد (المتوفى: 360 ç)، المعجم الكبير، تحقيق: فريق من الباحثين بإشراف وعناية: د/ سعد بن عبد الله الحميد ود/ خالد بن عبد الرحمن الجريسي، ط1، 1427ه- 2006م
  32. الطبراني، سليمان بن أحمد (ت: 360 ه)، المعجم الكبير، ط1، 1427هـ- 2006م
  33. الطبري، محمد بن جرير (المتوفى: 310 ه)، تفسير الطبري= جامع البيان عن تأويل آي القرآن، تحقيق: عبد الله عبد المحسن، دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان، ط1، 2001م، (14/ 129)
  34. عفانة، حسام الدين، نظراتٌ شرعيةٌ في مصطلح تجديد الخطاب الديني“ رابط المادة:  https://ar.islamway.net/fatwa/56987
  35. مجمع الفقه الإسلامي، قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي،  http://hz.turathalanbiaa.com/public/3709.pdf
  36. المدرسي، محمد تقي، المنطق الإسلامي (أصوله ومناهجه)، http://www.alresali.org/media/lib/books/1283103382.pdf
  37. مسلم بن الحجاج (ت: 261 ه)، صحيح مسلم، المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت
  38. المقاصد عند ابن العربي، للدكتور عبد العظيم مجيب
  39. موقع معرفة، التصفح في 23/4/2020م https://www.marefa.org/%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82
  40. موقع معرفة، التصفح في 23/4/2020م، https: //www. marefa. org/%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82
  41. الميانشي، عمر عبد المجيد، “ما لا يسع المحدث جهله”، حققها وقدم لها علي حسن علي، الوكالة العربية للتوزيع، الزرقاء -الأردن. ناصر بن محمد الغامدي بحث: “حماية الملكية الفكرية في الفقه الإسلامي.
  42. https://www.wipo.int/about-ip/ar/ ).
  43. https://ar.wikipedia.org/wiki )


فهرس المحتويات

مقدمة: 2

تعريفات: 2

1. الإخلاص في الهدف والدافع 5

2. تكريم الإنسان. 7

3- الغاية لا تبرر الوسيلة: 8

4- النهي عن الاختلاف العقدي. 5

5. التحذير من اتباع الهوى. 9

6. التزام الموضوعية 11

7. التحذير من الاستعلاء العنصري. 11

8. النهي عن المعرفة الظنية 12

11. التحذير من الانتقائية المعرفية 15

12. اقتران العلم بالعمل. 17

13. التواضع في البحث.. 19

14. تجنب الغرور والعندية 20

15. المنهج العلمي. 21

16. تقديم المعرفة مقرونة بالدليل أو التعليل. 22

17. التزام الأمانة العلمية 22

18. النهي عن افتراء المعرفة 23

19. عدم التسرع في إصدار الأحكام 24

20. التعاون المعرفي. 25

الخاتمة: 26

المراجع: 27


([1]) ابن فارس، أحمد بن زكريا (ت: 395 هـ)، معجم مقاييس اللغة، المحقق: عبد السلام هارون، دار الفكر،1399 هـ، ج4، ص281

([2]) الدغشي، محمد أحمد، نظرية المعرفة في القرآن الكريم وتضميناتها، ط1، مركز الكتاب الأكاديمي، عمّان، 2016م، ص80

([3]) صليبا، جمال (ت: 1976م)، المعجم الفلسفي (بالألفاظ العربية والفرنسية والإنكليزية واللاتينية)، الناشر: الشركة العالمية للكتاب – بيروت، 1414هـ – 1994م، 2/392

([4]) الراغب الأصفهاني، حسين بن محمد (ت: 502هـ)، المفردات في غريب القرآن، المحقق: محمد سيد كيلاني، دار المعرفة، لبنان، ص 33

([5]) بتصرف، ابن قيم الجوزية، محمد بن أبي بكر (ت: 751هـ)، مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين، المحقق: محمد المعتصم بالله البغدادي، الناشر: دار الكتاب العربي – بيروت، ط3، 1416 هـ – 1996م، (3/316) وما بعدها  

([6]) أحمد مختار (المتوفى: 1424 هـ) بمساعدة فريق عمل، معجم اللغة العربية المعاصرة، مطبعة عالم الكتب 2008، ج1، ص688

([7]) موقع معرفة، التصفح في 23/4/2020م https://www.marefa.org/%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82

([8]) توصية من نتائج المناقشات في مساق “حلقة متقدمة في البحث العلمي” مع أ. د عماد الدين الرشيد في مايو 2020م

([9]) محمد بن يزيد القزويني، (ت: 273 ه)، سنن ابن ماجة، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، الناشر: دار إحياء الكتب العربية، باب فضل العلماء، (1/ ص18)

([10]) المستدرك على الصحيحين للحاكم (ط التأصيل) (1/ 371)

([11]) أبو داود، الأشعث بن إسحاق (ت: 275 هـ)، سنن أبي داود، المحقق: شعَيب الأرنؤوط، محَمَّد كامِل قره بللي، الناشر: دار الرسالة العالمية، ط1، 1430 هـ- 2009م، (7/ 5)

([12]) صحيح البخاري، مرجع سابق (9/ 94)

([13]) صحيح مسلم، مرجع سابق (2/ 890)

([14]) انظر مجمع الفقه الإسلامي، قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي، http://hz.turathalanbiaa.com/public/3709.pdf

([15]) ( الغاية تبرر الوسيلة ) هو مبدأ نفعي وأول من قال به نيكولو دي برناردو دي ماكيافيلّي الفيلسوف والسياسي الإيطالي والذي تم تلقيبه بــ “أبو النظريات السياسية الحديثة” التي تُدعى بالميكافيلية والتي يُقصد بها “النفع السياسي”، ثم أصبح يتم استخدامها للدلالة على الشر .(https://ar.wikipedia.org/wiki ) و من حيث النظر الشرعي في تقييم هذه المقولة ، يقول د محمد عياش الكبيسي في حسابه على الفيس بوك بتاريخ 27-رجب -1435:  ( إن قواعدنا الشرعية معروفة، وهي أشمل وأدق من هذه المقولة التي جاءت كردة فعل على مقولة اليهود، ويكفي لبيان خللها (الضرورات تبيح المحظورات) ونحوها من القواعد الشرعية الثابتة..فالنفي المطلق باطل كالإثبات المطلق، والصحيح أن الأمر مناط بوزن الغاية ووزن الوسيلة، فالغاية قد تبرر الوسيلة وقد لا تبررها، والعبرة بقواعد الشرع الثابتة وأحكامه الصحيحة …وهذه المقولة ليست قاعدة ثابتة ولا حكماً صحيحاً مطرداً).

([16]) يشير مصطلح الملكية الفكرية إلى إبداعات العقل من اختراعات ومصنفات أدبية وفنية وتصاميم وشعارات وأسماء وصور مستخدمة في التجارة. والملكية الفكرية محمية قانونا بحقوق منها مثلاً: البراءات وحق المؤلف والعلامات التجارية التي تمكّن الأشخاص من كسب الاعتراف أو فائدة مالية من ابتكارهم أو اختراعهم. ويرمي نظام الملكية الفكرية، من خلال إرساء توازن سليم بين مصالح المبتكرين ومصالح الجمهور العام، إلى إتاحة بيئة تساعد على ازدهار الإبداع والابتكار. (https://www.wipo.int/about-ip/ar/ ).

([17]) د. ناصر بن محمد الغامدي بحث: ” حماية الملكية الفكرية في الفقه الإسلامي يقول في مقدمته :”  وعُقدت في هذا المجال مؤتمرات وندوات، تطرَّقت إلى موضوع الملكية، وموقعه من حقوق الإنسان؛ من أبرزها: المؤتمر الأول لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، في شهر شوال سنة (1383 هـ)، والذي عُني بموضوع الملكية في الشريعة الإسلامية، وأسهم فيه علماء أجلاء، وفقهاء كبار، بمؤلفات علميَّة جليلة، خدمت الساحة العلمية في موضوع الملكية والجوانب المتعلِّقة بها، مثل الشيخ: علي الخفيف، في كتابه: (الملكية في الشريعة الإسلامية)، وبحثه بعنوان: (الملكية الفردية وتحديدها في الإسلام)، والشيخ: محمد علي السايس، ببحثه: (ملكية الأفراد للأرض ومنافعها في الإسلام)، والشيخ الدكتور: محمد عبد الله العربي، ببحثه: (الملكية الخاصة وحدودها في الإسلام)، والشيخ: أبو الأعلى المودودي، في كتابه: (مسألة ملكية الأرض في الإسلام) إلى غير ذلك من الدراسات المفردة التي تناولت موضوع الملكية في الإسلام، مع مقارنته بالقوانين الغربية، وبيان ميزة الشريعة الإسلامية عليها، ممَّا يُبيِّن أهميَّة هذا الموضوع، خصوصاً في بيان موقف الإسلام ونظرته إلى الملكية الخاصة، في مقابل النظرة الفردية (الرأسمالية)، والنظرة الاشتراكية للملكيَّة، وما في هذين النظامين من مآسٍ ومشكلات، وتفريطٍ وإفراطٍ، وغلوٍّ وجفاءٍ، سلم منه النظام الاقتصاديُّ الإسلامي في نظرته إلى الملك” انظر في موقع المسلم:  http://almoslim.net/node/275713

([18]) سيد نوح، آفات على الطريق، المكتبة الذهبية الشاملة، 2 /33

([19]) الدغشي، ص 100

([20]) ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم (ت: 728هـ) مجموع الفتاوى، المحقق: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم، الناشر: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المدينة النبوية، المملكة العربية السعودية، 1416هـ/1995م، (3/384 )

([21]) السعدي، عبد الرحمن بن ناصر، (ت: 1376هـ)، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، المحقق: عبد الرحمن بن معلا اللويحق، الناشر: مؤسسة الرسالة، ط1، 1420هـ -2000م، (1/617)

*وأنصح بالاطلاع على بحث بعنوان ” هوى النفس: دراسة قرآنية موضوعية ” للباحث محسن الخالدي – جامعة النجاح – نابلس فلسطين

([22]) ابن ماجة في سننه برقم (4159)، وضعفه الألباني

([23]) رواه أبو داود في سننه – كتاب السنة، برقم 4611

([24]) انظر جامع السنة وشروحها http://www.hadithportal

([25]) د. محمد تقي المدرسي، المنطق الإسلامي (أصوله ومناهجه) ص: 192

([26]) أحمد مختار (ت: 1424 هـ) بمساعدة فريق عمل، معجم اللغة العربية المعاصرة، الناشر: عالم الكتب، ط:1، 1429ه- 2008م، (3/ 2458)

([27]) تفسير ابن القيم – الباحث القرآني https://furqan.co/4/135

([28]) الدغشي، ص 100

([29]) فائدة: الاكتفاء في الحكم بغلبة الظن فيه تفصيل ” اعلم أن الشرع قد أقام غالب الظن مقام العلم، وأمر بالعمل به، وصار الاقتصار على غالب الظن وإجراء الحكم عليه واجبا، وذلك نحو ما تعبدنا به من قبول شهادة العدول، وتحري القبلة، وتقويم المستهلكات، وأروش الجنايات التي لم يرد بمقاديرها توقيف. وللظن حالتان: حالة تقوى وترجح بوجه من وجوه الأدلة، فيجوز الحكم بها، وأكثر أحكام الشرعية مبنية على غلبة الظن كما سلف. الحالة الثانية: أن يقع في النفس شيء من غير دلالة، فلا يكون ذلك أولى من ضده، فهذا هو الشك، فلا يجوز الحكم به. هذا هو الذي تقرر في الأصول، كما حرره غير واحد. وحكم أئمة الحديث على الرواة والأخبار هو من جملة الأحكام الشرعية التي مبناها غالبا على غلبة الظن. انظر رسالة: “ما لا يسع المحدث جهله” للإمام: “عمر عبد المجيد الميانشي”.

([30]) الطبراني، سليمان بن أحمد (ت: 360 هـ)، المعجم الكبير، ط1، 1427 هـ – 2006 م، (18 /227)

([31])محمد بن إسماعيل، البخاري، صحيح البخاري، المحقق: محمد زهير ، الناشر: دار طوق النجاة، ط1، 1422 هـ ،(9/69)

([32]) الدغشي، مرجع سابق، ص 100

([33]) سيد قطب، في ظلال القرآن، 1 / 120

([34]) ابن حبان، محمد بن حبان (ت: 354 هـ)، الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان، ترتيب: الأمير علاء الدين الفارسي، حققه وخرّج أحاديثه وعلق عليه: شعيب الأرنؤوط، الناشر: مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1408 هـ – 1988م، (1/ 298)

([35]) صحيح البخاري، مرجع سابق، (4/ 170)

([36]) صحيح البخاري: كتاب العلم (127): باب من خص بالعلم قوما دون قوم كراهية لا يفهموا

([37]) رواه مسلم في مقدمة صحيحه

([38]) رضا، محمد رشيد (ت: 1354 هـ)، تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار)، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1990م، (5/ 122)

([39]) محمد بن جرير (المتوفى: 310 هـ)، تفسير الطبري= جامع البيان عن تأويل آي القرآن، تحقيق: عبد الله عبد المحسن، دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان، ط1، 2001م، (14/ 129)

([40]) الدغشي، مرجع سابق، ص 100

([41]) انظر للاستزادة بحث “اقتران الإيمان بالعمل الصالح في القرآن الكريم ودلالاته الحضارية”، د. عبد الرحمن حللي، وهو بحث منشور في مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية – المجلد 27 -العدد الثالث-2011

([42]) ابن قيم الجوزية، بدائع التفسير، جمع الشيخ / يسري السيد محمد، انظر الاقتباس من الباحث القرآني https://furqan.co/

([43]) يقول د. عبد الرحمن حللي في بحثه السابق ص: 22 ” وقد اقترنت جـذور الأفعال الثلاثة (آمن وعمل وصلح) 88 مرة، ما يحمل دلالة مؤكدة علـى ارتبـاط الإيمـان بالعمـل الموصوف بالصالح، وقد اقترن العمل الصالح في هذا التركيب “الذين آمنوا وعملوا الـصالحات” 51 مرة ” …وبتتبعها نلحظ أن الحديث عمن جمع بين الإيمان والعمل الصالح هو حديث عن النموذج الـذي يبحـث عنـه الإنسان في الدنيا والآخرة…وتمثل ثنائية الإيمان والعمل الصالح في القرآن نمطاً من موارد عرض السنن القرآنية للنهضة وشروطها..” بتصرف. قلت: والوعد بالاستخلاف والتمكين في الأرض إنما جاء وعدا لمن استكمل عرى الايمان بالعمل الصالح قال تعالى: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ” النور 55

([44]) الدغشي، مرجع سابق، ص 107

([45]) استوعب الشيخ عبد الفتاح أبو غدة هذا المعنى في كتابه (الرسول المعلم وأساليبه في التعليم)

([46]) الشاطبي، إبراهيم بن موسى، (ت: 790هـ)، الموافقات في أصول الفقه، المحقق: مشهور حسن، الناشر: دار ابن عفان، ط 1، 1417هـ/ 1997م، 1/ 286

([47]) بن مسكويه، أبو علي أحمد بن محمد بن يعقوب (تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق)، ص: 45

([48]) تفسير السعدي، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان

([49]) رواه مسلم، كتاب الإيمان، باب تحريم الكبر وبيانه، برقم (91)

([50]) البيهقي، أحمد بن الحسين (المتوفى: 458هـ)، شعب الإيمان، حققه وراجع نصوصه وخرج أحاديثه: عبد العلي حامد برقم (745)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع برقم (3045)

([51]) د. محمد تقي المدرسي المنطق الإسلامي (أصوله ومناهجه) ص: 267

([52]) ابن هشام، عبد الملك (ت 213 هـ)، السيرة النبوية، تحقيق: مصطفى السقا وإبراهيم الأبياري وعبد الحفيظ الشلبي، الناشر: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر، ط2، 1375 هـ – 1955م، (1/ 519)

([53]) صحيح البخاري، مرجع سابق، (4/ 132)

([54]) الدغشي، مرجع سابق، ص110

([55]) الدغشي، مرجع سابق، ص 107

([56]) ابن عاشور، الطاهر (ت: 1393 هـ)، التحرير والتنوير «تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد»، الدار التونسية للنشر، تونس، 1984هـ، 15 / 101

([57]) سنن ابن ماجه، مرجع سابق، (2/ 825)، وصححه الألباني. (شيصاً) الشيص التمر الذي لا يشتد نواه

([58]) المقاصد عند ابن العربي، للدكتور عبد العظيم مجيب، ص 226

([59]) مسلم بن الحجاج (ت: 261 هـ)، صحيح مسلم، المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، (3/ 1343)

([60]) انظر بحث مفصل بعنوان ” نظراتٌ شرعيةٌ في مصطلح “تجديد الخطاب الديني” للدكتور حسام الدين عفانة رابط المادة:  https://ar.islamway.net/fatwa/56987،  ومثله بحث بعنوان “تجديد الخطاب الديني.. تعريف وضوابط ” للدكتور كمال المصري https://archive.islamonline.net/24275

([61]) “الاستدلال الدائري” يعرف أيضًا باسم المنطق الدائري هو مغالطة منطقية يبدأ فيها الاستدلال بما يحاول استنتاجه.

([62]) “المصادرة على المطلوب” هي التسليمُ بالمسألة المطلوب البرهنةُ عليها من أجل البرهنة عليها! وذلك بأن تفترض صحة القضية التي تريد البرهنة عليها وتضعها بشكل صريح أو ضمني في إحدى مقدمات الاستدلال، وأنت بذلك تجعل النتيجة مقدمةً وتجعل المشكلةَ حلًّا وتجعل الدعوى دليلًا!

([63]) ابن قيم الجوزية، محمد بن أبي بكر (ت: 751 هـ)، الرسالة التبوكية = زاد المهاجر إلى ربه، المحقق: محمد جميل، مكتبة المدني، جدة، ج1/ ص6

([64]) رواه أبو داود برقم 3641

([65]) جمال الدين أبو الحجاج يوسف المزي، تهذيب الكمال 16 / 20

([66]) ابن القيم، مدارج السالكين مرجع سابق 2 / 281

([67]) الشاطبي، إبراهيم بن موسى، (ت: 790 هـ) الاعتصام، دار النشر: المكتبة التجارية الكبرى – مصر، 2 / 230