خاص هيئة علماء فلسطين

         

16/8/2024

د. محمود سعيد الشجراوي  /  قسم القدس في هيئة علماء فلسطين

بدأت هذه المعركة المباركة لتكشف أمنيات كثيرة جداً، وأماني أكثر، ولذلك ينبغي لكل مسلم أن يستعرض هذه المعركة في نفسه، وأن يبحث فيها نفسه عن مكانه ومقامه الذي أقامه الله تعالى فيه، فقد فضحت هذه المعركة كل أمانينا التي نرجو أن تتحقق دون عمل يليق بها، وفي التاريخ عبر كثيرة، فحين حشد الفاروق جيوش الشام وأرسل المدد لسيدنا أبو عبيدة نال هذا الفضل كثير من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكثير من التابعين وحُرمه آخرون، لم يكونوا في جيوش الفتح الأربعة التي كان قائدها العام أبو عبيدة عامر بن جراح رضي الله تعالى عنه وعلى راس باقي الجيوش عمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة ويزيد بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنهم جميعاً، لكن ما أن انتهت فتوح الشام حتى تمنى كثير من الصحابة والتابعين الذين لم يشاركوا او التابعين الذين لم يشاركوا في الفتوح أن ليتنا كنا معهم، والسؤال الآن: لو كنتَ أنت حياً في ذلك الوقت هل كنت ستكون في جيش أبو عبيده أم ستكون مؤازراً لصفريونيوس في حصاره داخل القدس، هذه واحدة.

وحين ضَعُفت الأمة وجاءت حروب الفرنجة ((الصليبيين)) جاءت الحملات الاولى يقودها أوربان الثاني في عام 1095 ثم جاءت الحمله التي كانت سبباً في احتلال القدس في عام  1099 م هذا الاحتلال الذي تم بعد مجزرة مروعة لم يعرف التاريخ مثلها حيث قتلوا  70,000  مسلم في ثمانية أيام، بمعنى أن الصليبيين أفنوا سكان مدينة القدس عن بكرة أبيها، وهنا السؤال الثاني: لو كنت أنت حياً في ذلك الوقت، هل كنت ستكون من سكان القدس المحاصَرين المسلمين الشهداء أم كنتَ ستكون في جيوش الصليبيين القتلة؟؟؟ وهذا سؤال مشروع لأنه نعم كان في جيوش الصليبيين بعض الخونة ممن كانوا يُسمُّون أنفسهم مسلمين، قاتلوا تحت الصليب وقتلوا المسلمين سكان مدينة القدس، ثم جاءت الثالثة جيش صلاح الدين الأيوبي الذي كان يمثل الأمة بأفارقته ومغاربته وأهل الشام وأهل مصر وأهل العراق وأهل كردستان وأهل نجد، قاتل في حطين ثم حاصر القدس وكان له شرف تحريرها بعد أن مُنع الأذان فيها 90 عاماً بعد أن لم يصلي بها مسلمٌ واحدٌ 90 عاماً، الآن الرابعة: تُرى في ذلك الوقت لو كنتَ حيًّا أو كنت بين الأحياء، هل كنتَ ستكونُ في جيش صلاح الدين الأيوبي الفاتح المحرِّر المبارك أم كنت ستكون مُحاصراً في القدس مع الصليبيين المحتلين القتلة الغاصبين؟؟؟

 واليوم فضحت ملحمة طوفان الأقصى كل المستور وهاهُم بعض أبناء جلدتنا أو ممن يزعمون أنهم ما زالوا  مسلمين يُناصرون القتلة، يؤازرون القتلة، يحمون القتلة، يصمتون عن القتل، يُمدُّون القتلة بأسباب الحياة، يمرُّ الغذاءُ والدواءُ والسلاحُ والفاكهةُ  لجيش الاحتلال من بلاد المسلمين الذين يزعم قادته أنهم مسلمون، ويحاصرون أهل الطوفان، يحاصرون أهل غزة، وأهل غزة من المسلمين ولا يجدوا من يغنيهم، أو يشبعهم، أو يرويهم، أو يصلحهم، أو يحميهم من ولاه أمور المسلمين، ولن أسألك الخامسة فلعل السؤال قد خطر ببالك.

 اليوم أين موقفك أنت أأنت مع المقاومة المحاصرة المقاتلة المجاهدة الشهيدة الجائعة العطشى الثكلى؟؟؟

 أم أنت في الصف الآخر؟؟؟

 ولا مكان لصامتٍ اليوم ولا مكان لمحايدٍ اليوم فان الحياد في وقت أزمات الأمة خيانةٌ وردَّةٌ.

 فانظر يا رحمك الله موضع أقدامك من هذه المعركة واحرص أن تجد جواباً صواباً تقدمه لرب الأرباب العليم الخبير حين يسألك وهو يعلم الإجابة.