خاص هيئة علماء فلسطين
10/4/2025
د. عبد الله جاب الله
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، المبعوث رحمةً للعالمين، وحُجَّةَ الله تعالى على الخلق أجمعين، وعلى آله وصحبه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
إن من سنن الله تعالى أن من لم يدافع عن أرضه دُفِع عنها، ومن لم يُهاجم عدوَّه هاجمه عدوُّه، ومن سكت عن حقه أُخِذ منه، ومن سكت عن الحق ولم ينصره نطق غيره بالباطل وتجند لنصرته.
إنه لم يمضِ على الأمة زمنٌ تألبت فيه قوى الشر عليها مثل هذا الزمن؛ فكل دول الغرب، بقيادة أمريكا، وكثير من قادة بعض الدول العربية داعمون لباطل الصهاينة، ومؤيدون لجرائم الإبادة للفلسطينيين في غزة والضفة. لقد صاروا كلهم إلبًا على أهلنا وقومنا في فلسطين. فأين المسلمون؟! أما آن للمسلمين أن يوقنوا أن هؤلاء جميعًا يريدون اليوم إنهاء قضيتنا الفلسطينية، والقضاء على الفلسطينيين بالقتل، والحصار، والتطهير العرقي، والتهجير؟
إنهم مصممون على المُضيّ في حربهم الظالمة دون التفات إلى صيحات بعض العقلاء من أبناء شعوبهم، ودون نظر إلى ما ينص عليه ميثاق الأمم المتحدة، والقوانين الدولية وأعرافها، فهم يرون أنفسهم فوق تلك القوانين والمنظمات. لقد أصبح هؤلاء قوةً متحدةً لتحقيق أحلام الصهاينة في إقامة “إسرائيل الكبرى”، والتمكين للعلمانية والتغريب، وإخراج الإسلام من جميع مناحي الحياة.
وقد انخرط هؤلاء في حربهم الظالمة بكل ما يملكون من عتاد حربي، ومال، وإعلام، ودبلوماسية.
فهل نسكت عنهم ونكتفي بالتفرج على ما يفعلون على شاشات الفضائيات؟
وهل تبرأ ذممنا باللوم عليهم، على ما يُسرّون من عداوة للإسلام والعاملين له، وما يعلنون، وما يصنعون بأهلنا وقومنا في غزة والضفة وعموم فلسطين المحتلة؟
وهل ينفع لومنا، ولوم غيرنا، وسائر الشعوب والأمم في ردهم على جرائمهم، وإيقاف عدوانهم وظلمهم؟
لقد خبروا سرائرنا، وامتحنوا ضمائرنا، فوجدوها عورات خالية من الحراسة، وليست فيها مناعة، فحسموا أمرهم بإنهاء أمرنا ووجودنا في فلسطين. لذا نشاهد، منذ أكثر من سنة ونصف، غاراتهم على غزة، ثم الضفة، بكل ما عندهم من سلاح.
إن اللوم ينبغي أن نوجهه لأنفسنا، نلومها على التفريط في نصرة المقاومة في غزة، وأهلنا في الضفة، ونؤنبها على التخاذل في وجه قوة الأعداء التدميرية وجرائمهم الوحشية. ولابد من وضع نهاية لهذا التخاذل.
وقد أحسن علماؤنا في “لجنة الاجتهاد والفتوى بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين” في فتواهم الأخيرة، الصادرة بتاريخ: 28 رمضان 1446هـ = 28 مارس 2025م، والداعية إلى الجهاد بالسلاح ضد الاحتلال في فلسطين، ووجوب التدخل العسكري الفوري من الدول العربية والإسلامية، وإمداد المقاومة عسكريًا وماليًا وسياسيًا وحقوقيًا، وغيرها من الواجبات التي ينتصر بها الحق ويزهق بها الباطل.
كما أحسن العلماء في الندوة الصحفية التي عقدوها في إسطنبول بتاريخ 06 أبريل 2025، في كل ما دعوا إليه، ومنها دعوتهم للاعتصام أمام سفارات وقنصليات أمريكا في العالم، مع الخروج بالملايين إلى الشوارع والساحات تنديدًا بجرائم الصهاينة في غزة وفلسطين، ودعوة الأنظمة في العالم العربي الإسلامي للتدخل وتحمل مسؤولياتها في الدفاع عن غزة وفلسطين… إلخ.
إن هذا هو بعض الواجب المُلقى على عاتق الأمة، بحكوماتها، وسائر تنظيماتها، وجميع أفرادها، كلٌّ بما يستطيع، إذا أردنا ألا يضيع ما تبقى من فلسطين. وعليه أقول:
أيها المسلمون – وأنا واحد منكم – دافعوا عن أرضكم، أرض الإسلام، حتى لا تُؤخذ منكم ومن إسلامها، وهاجموا عدوكم الغاصب، فهو ماضٍ في مهاجمتكم وساعٍ في القضاء عليكم، ولا تسكتوا عن ما لكم من حقوق فتؤخذ منكم، وانصروا حقكم حتى يُزهق باطلهم، وتجاوبوا مع فتوى علمائكم وصيحات دعاتكم حتى لا تكونوا من الخاسرين.
الشيخ عبد الله جاب الله
الجزائر في: 08 شوال 1446هـ / 07-04-2025م