خاص هيئة علماء فلسطين
12/11/2025

عن جابر بن عبد الله – رضي الله عنه – قال: ( غزونا مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – غزوة قبل نجد، فأدركنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في واد كثير العضاه (شجر فيه شوك)، فنزل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – تحت شجرة فعلق سيفه بغصن من أغصانها، قال: وتفرق الناس في الوادي يستظلون بالشجر، قال: فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: إن رجلا أتاني وأنا نائم، فأخذ السيف، فاستيقظت وهو قائم على رأسي، فلم أشعر إلا والسيف صلتا في يده، فقال لي: من يمنعك مني؟، قال: قلت: الله، ثم قال في الثانية: من يمنعك مني؟، قال: قلت: الله، فشام السيف (رده في غمده) فها هو ذا جالس، ثم لم يعرض له رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ولم يعاقبه وجلس ) رواه البخاري .
وفي رواية الإمام أحمد أن الرجل ( قام على رأس رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالسيف فقال: من يمنعك مني؟ فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: الله عز وجل .. فسقط السيف من يده فأخذه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: من يمنعك مني؟، فقال الأعرابي: كن كخير آخذ، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: أتشهد أن لا إله إلا الله؟، قال: لا، ولكني أعاهدك أن لا أقاتلك، ولا أكون مع قوم يقاتلونك، فخلى سبيله، فذهب إلى أصحابه، فقال: قد جئتكم من عند خير الناس )
أيها الأحبة في الله،
حديثنا اليوم عن كلمة لو علمت الخليقة معناها حق العلم، لذابت القلوب شوقًا إليها وخشيةً منها… إنها “الله”.
اسم إذا ذكرته خشع القلب، وإذا نُطق به سكنت النفس، وإذا توكلت عليه انشرح الصدر، وإذا التجأت إليه وجدت الأمان. قال تعالى: ﴿اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ [البقرة: 255]
هو الأول فليس قبله شيء، والآخر فليس بعده شيء، والظاهر فليس فوقه شيء، والباطن فليس دونه شيء.
يا عباد الله،
كل جمال في الكون من جماله، وكل كمال من كماله، وكل قوة من قدرته، وكل علم من علمه، وكل رحمة من رحمته.
🔹 الثقة بالله:
قال بعض السلف: “من وثق بالله كفاه، ومن توكل عليه أغناه، ومن عرفه أحبه.”
وقال تعالى: ﴿وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ [الطلاق: 3]
العاقل يعلم أنه لا رزق إلا من الله، كما قال العز بن عبد السلام رحمه الله: “علمناه أكّالًا، وما علمناه رزّاقًا.”
🔹 رجال العقيدة المرتبطون بالله: هؤلاء الذين رخصت عندهم الدنيا، لأنهم عرفوا الله.
رجال العقيدة المرتبطون بالله .. يرخص لديهم كل عزيز إذا كان الله غايتهم.
قال ابن القيم رحمه الله: “من وجد الله فماذا فقد؟ ومن فقد الله فماذا وجد؟”
🔹 احذروا من رمية الله: قال تعالى: ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَى﴾ [الأنفال: 17]
تأمل هذه الآية يا أخي: ليس في الكون حركة ولا سكون إلا بإذنه.
ولذلك قال عثمان بن عفان رضي الله عنه لما حاصروه في بيته ورموا عليه الحجار لماذا ترمونني .. قالوا نحن ما رميناك إنما الذي يرميك هو الله .. قال كذبتم ، “لو رماني الله ما أخطأني وأنتم تخطؤن.”
فاحذر أن تكون في مرمى غضب الله، فإن رمية الله لا تخطئ.
الله في قلوب المجاهدين والصابرين
وانظروا –عباد الله– إلى أهل غزة، أرض الصبر والثبات، لولا الله ما بقي منهم أحد تحت هذا البلاء الذي لا يطاق،
ولكن الله معهم، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ﴾ [النحل: 128]
ومن يراقب مشاهد القذائف المنهالة ولا يرى إلا النار والدخان، ثم يرى الأطفال يُنتشلون أحياء، والبيوت تقوم من تحت الركام بالإيمان، يعلم يقينًا أن يد الله فوق أيديهم، وأنه لو أن الله رماهم ما أخطأهم، ولو أن الله نجاهم ما ضيعهم.
فحقًّا، إن الله معنا كما قالها الصدّيق في الغار: ﴿إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾ [التوبة: 40]
حب الله وقربه: قال تعالى: ﴿فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾ [المائدة: 54]
يا من تبحث عن السعادة، لن تجدها إلا إذا أحببت الله. من أحب الله، أحب كل ما يقرب إليه، وأبغض كل ما يبعد عنه.
أيها المؤمنون،
اجعلوا بينكم وبين الله صلة لا تنقطع، تذكروا دائمًا قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأنعام: 162]
عباد الله، إذا ضاقت بك الأرض بما رحبت، فقل: الله
إذا خذلك الناس، فقل: الله
إذا رأيت الباطل يرتفع، فقل: الله أكبر
فهو وحده القادر أن يبدل الخوف أمنًا، والهم فرحًا، والضعف قوة.
غزة مثال على الثقة بالله، غزة اليوم تقول لنا بلسان حالها: لو أن لنا بكم قوة، ولكن ولينا الله، حسبنا الله ونعم الوكيل.
هم يعلمون أن النصر لا يأتي من كثرة العتاد، بل من عظمة الاعتماد، قال تعالى: ﴿كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ [البقرة: 249]
فاصبروا واثبتوا، فإن الله لا يخذل من كان معه.
إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما