27/2/2024

د. عمر حماد  عضو هيئة علماء فلسطين

هنيئا للشهداء ما ينتظرهم من الأجر العظيم عند الله

عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللهِ، فَقَدْ غَزَا، وَمَنْ خَلَفَهُ فِي أَهْلِهِ بِخَيْرٍ، فَقَدْ غَزَا» رواه البخاري ومسلم.

الشرح والتعليق

1-    يدل الحديث على فضل التعاون مع المجاهدين في سبيل الله.

2-    قوله (من جهز غازيًا في سبيل الله) جهزه بمعنى أنه هيأ له ما يحتاج إليه من سلاح، ومركوب، وطعام، ونفقة.

3-    قوله (ومن خلف غازيًا في أهله بخير فقد غزا) بمعنى أنه يقوم على شؤونهم، ويرعاهم، ويدفع عنهم الحاجة، ويصونهم كما يصون أهله، ولا يتخونهم.

4-    يستفاد من الحديث: أن أجر من جهز نفسه في سبيل الله وغزا  مضاعف، فإذا كان من جهز غازيا يكون له كأجره، فكذا إذا قام المسلم بذلك بنفسه؛ فإنه يكون أجره مضاعفًا، أجر الغزو، وأجر النفقة في سبيل الله، وإعداد ما يتجهز به، وهكذا لو أنه ترك  لأهله ما يحتاجون إليه، بحيث لا يحتاجون إلى أحد بعده، فإن أجره يكون مضاعفًا، بهذا الاعتبار، هكذا فهم بعض أهل العلم، وهذا له وجه ظاهر من النظر، والله تعالى أعلم.

5-    قوله ﷺ: (من جهز غازيًا في سبيل الله؛ فقد غزا) إنما كان كذلك؛ لأنه متسبب في هذا الغزو؛ لأنه لو لم يحصل له ذلك، أعني الغازي؛ فإنه يتعطل، وهكذا لو لم يجد من يعول أهله، ويحفظهم بعده، حتى صار يتخوف عليهم من الحاجة، أو غير ذلك من المخاوف فإن ذلك يعوقه عن الغزو، فإذا قام أحد بذلك نيابة عنه؛ فإنه يكون متسببًا في غزوه، ومن كان بهذه المثابة؛ فله كأجر من قام بهذا العمل، لا ينقص من أجورهم شيء، وقد جاء في بعضها ما هو صريح بأن له كأجره، مثل أجر هذا الإنسان الغازي، وهذا المراد بقوله ﷺ: فقد غزا.

6-    روى الإمام مسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، (أَنَّ فَتًى مِنْ أَسْلَمَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أُرِيدُ الْغَزْوَ وَلَيْسَ مَعِي مَا أَتَجَهَّزُ، قَالَ: «ائْتِ فُلَانًا، فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ تَجَهَّزَ، فَمَرِضَ»، فَأَتَاهُ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ، وَيَقُولُ: أَعْطِنِي الَّذِي تَجَهَّزْتَ بِهِ، قَالَ: يَا فُلَانَةُ، أَعْطِيهِ الَّذِي تَجَهَّزْتُ بِهِ، وَلَا تَحْبِسِي عَنْهُ شَيْئًا، فَوَاللهِ، لَا تَحْبِسِي مِنْهُ شَيْئًا، فَيُبَارَكَ لَكِ فِيهِ)

 ﻭفي هذا ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻣﻦ ﺟﻬﺰ ﺍﻟﻐﺎﺯﻱ، ﻭﺃﻋﻄﺎﻩ ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻟﻐﺰﻭﻩ، ﻓﺈﻧﻪ ﻛﺎﻟﺬﻱ ﻳﻐﺰﻭ، ﻭﺃﻥ ﻣﻦ ﺧﻠﻒ ﺍﻟﻐﺎﺯﻱ ﻓﻲ ﺃﻫﻠﻪ ﻓﻠﻪ ﻣﺜﻞ ﺃﺟﺮﻩ، ﻭﻳﺪﻝ ﻟﻬﺬﺍ ﺃﻳﻀًﺎ ﻗﻀﻴﺔ ﺑﻨﻲ ﻟﺤﻴﺎﻥ؛ ﺣﻴﺚ إﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ – صلى الله عليه وسلم  – ﺃﻣﺮﻫﻢ ﺃﻥ ﻳﺨﺮﺝ ﻣﻨﻬﻢ ﻭﺍﺣﺪ، ﻭﻳﺒﻘﻰ ﻭﺍﺣﺪ ﻳﺨﻠﻒ ﺍﻟﻐﺎﺯﻱ ﻓﻲ ﺃﻫﻠﻪ، ﻭﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﻧﺼﻒ ﺃﺟﺮﻩ؛ لأﻥ ﺍﻟﻨﺼﻒ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻟﻠﻐﺎﺯﻱ.

7-    وأختم كلامي بالدعوة إلى أن نحصل الأجر والثواب كما ورد في الحديث لننال شرف الجهاد في سبيل الله.

والله أعلم.

والحمد لله رب العالمين

مع تحيات د. عمر حماد

الجمعة 1/12/2023م

الموافق 17/جمادى الأولى/1445هـ